الازدواج اللـــغوي في الجــزائر وانعكــاساته الاجتماعيـــة
بقلم:الأستاذ خالد هدنـــة*
التحليل اللسانيّ للغة يمكن أن يحصل على أكثر من وجه، ويتحدد ذلك وفقا لمنطلق الدراسة و الهدف المرجو منها.إذ تمكن الدراسة اللسانية للغة باعتيارها نسقا رمزيا مستقلة تمام الاستقلال عن متكلّميها أو النّاطقين بها.و بجانب ذلك يمكن أن توجّه الدراسة اللسانية إلى شبكة الروابط التي تجمع اللغة و المجتمع.
هذه الروابط التي تزداد تعقيدا كلما انتقل المتكلّم من حالة التفرد اللغوي إلى حالة التعدد فتزداد الحاجة إلى الاهتمام بالوضع الأول(التفرد اللغوي) لأنّه يمثل الوضعية الاكثر طبيعية بحكم أنّها تستجيب من غيرها لفطرة الإنسان باعتبر سهولة التواصل بلغة واحدة ذلك أنّ في اكتساب لغتين تستعملان في نفس الوظيفة بذل لجهد إضافي و مخلفة للفطرة.
و الوضع اللغوي بالجزائر يكتسي طابع التعدد، وغدا له الأثر الكبير في بناء التفاوتات وفي دعمها. والمؤكد أننا في حاجة ماسة إلى جهود في التخطيط اللغوي لتنظيم هذا التعدد وضبط توزيعه من أجل التحكم في نتائجه غير أن هناك فرقا بين ما يمكن أن يمثل سياسة أو تخطيطا لغويا، وهو ما يسير وفق ما تعبر عنه القوانين، وبين ما يُفرَض من وقائع لغوية، كما هو الحال في بعض المجالات، كالإعلام والتعليم مثلا.
وقد ساهم هذا التعدد في بروز تحاليل كثيرة، غير أن صوت الباحث اللساني خافت، وتعلو عليه أصوات أخرى سياسية ومهنية قطاعية. فما موقع الباحث اللساني من هذا النقاش؟ وما حدود مسؤوليته العلمية؟
لماذا لا ينشغل اللساني بالوضعية اللغوية وبمسألة الازدواج الحاصل في حياة الناس، وينشغل عوض هذا بالمشاكل النظرية والصورية للغة؟ لماذا تكاد تكون “الآراء والاجتهادات اللغوية” حكرا على السياسيين والإعلاميين و”المناضلين الثقافيين” ويغيب عنها اللسانيون؟
نحاول من خلال بحثنا تقديم دراسة مختصرة للغة في نسقها الاجتماعي متجلية في إيضاح مجموع الروابط بين اللغة و المجتمع حيث يستأثر التعدد اللغوي النصيب الأوفر منه
مقدّمة عن الإزدواج اللّغوي
العالم متعدد اللغات فالنّاس في مواجهة لغات متعدّدة إنّهم يلاقون لغات أخرى غير اللغة الأولى لديهم كلّ يوم يفهمونها أو لا يفهمونها، يحبّونها أو لا يحبّونها تلك حقيقة واقعة.
هذا التعدّد ليس وضعا خاصّا كما يتصوّره البعض ببلاد دون أخرى ، أو هو ميزة لبلدان العالم الثّالث ، أو النّامية ، إنّه قدر مشترك وإن ظهر بأشكال متفاوتة ، أو مختلفة .
نشير إلى أنّه لم يظهر مصطلح الإزدواج اللّغوي (diglossie) في اللّسانيات إلاّ في عام 1959 حين استخدمه اللّساني الأمريكي شارل فرغيسون (charles ferguson) هذالمصطلح المأخوذ من الأغريقية[1] .
تقيم الازدواجية التّي يتحدّث عنها فرغيسون مقابلة بين ضربين من ضروب اللغة ترفع منزلة أحدهما فيعتبر المعيار و يكتب به الأدب المعترف به و لكن لا تتحدّث به إلاّ الأقلّيّة ، وتُحطّ منزلة الآخر ، ولكن تتحدّث به الأكثرية .
هذه الثّنائية اللّغوية التي تحدّث عنها فرغيسون كانت أساسا لمقترحات قدّمها لساني أمريكي آخر هو جوشوا فيشمان (joshua fishman) استنتج من خلالها أن الإزدواجية قد تشمل ثلاثة أضرب أو أكثر من ضروب اللغة ،وأن الثنائية اللغوية متعلّقة بالفرد ( bilinguisme) أو الواحد و الثنائية اللغوية الإجتماعية نسميها إزدواجيّة لغوية (diglossie)[2] على أي حال فالازداجية اللغوية في بحثنا تعنى بأكثر من لغتين.
الوضع اللّغوي بالمغرب العربي الجزائر أنموذجا
نؤكّد على فكرة أنّ الازدواجية اللّغويّة وفق المقاربة اللّسانية الاجتماعية ( علاقات وظيفية و اجتماعية بين لغات مختلفة )مستعملين اللغة الفرنسية ككاشف على ذلك.
بالنّظر في الأوضاع اللغوية بالمغرب العربي ( الجزائر، المغرب، تونس ) يتبيّن أنّ حدود الدّولة السّياسية و حدود الوطن لا تطابق حدود اللّغة فلئن كانت العربية هي اللّغة الرّسمية لهذه الدّول الثلاث فإنّها تتعايش مع لغات أخرى الفرنسية و الأمازيغيّة في كلّ من الجزائر و المغرب ، و الفرنسية في تونس.
أمّا إذا تحدّثنا عن الجزائر فاللغة الرّسمية فيها هي العربية التي لا تتطابق مع اللغة الأمّ ( اللّغة التي يكتسبها الطّفل في البيت ) و المتمثّلة في الدّارجة، ثمّ الفرنسية الموروثة عن الاستعمار و التي ظلّت لفترة طويلة اللّغة الرسمية للبلاد ثمّ أصبحت أجنبية بعد سياسة التّعريب، هذه الفرنسية التي هي حكر على الطبقة المترفة و المثقّفة و على مستوى السّلطة و المسؤولين المثقّفين و هي مظهر من مظاهر الرّفاهية و الرّقي عند من يتكّلمون بها.
هذه اللغة التي عاشت على الدّوام صراعا استئصاليا مع اللغة العربية ، فلا تنتشر إحداهما في قطاع حيويّ كالتّعليم و الإدارة إلاّ وسخّرت الأخرى ما توفّر لديها من وسائل الغلبة لطردها و احتلال موقعها وبناء على التّلاحم الموجود بين اللغة و الثّقافة فإنّ منشأ الصّراع يقوم بين (إسلام) و (نصرانية).[3]
اللهجـات البـربـريـة
هي اللهجات الأكثر قدما، بما أنها سابقة عـن حضور الإسلام (وعن العربية) في المغرب العربي. حقلها الذي كان في السابق يمتد إلى مجموع المغرب العربي تقلص مع إدخال وتطور اللهجات العربية (التي لا يوجد تفاهم متبادل بين الاثنتين). وقد تلاشت هذه اللهجات عمليا في تونس (حوالي 1% من الناطقين بها). وحافظت على وجودها بشكل واسع في المغرب (حيث يقدر عدد الناطقين بها بحوالي 40%). وفي الجزائر يقدر عدد الناطقين بها، اعتمادا على إحصائيات قديمة، بحوالي 25%. وأهم مجموعات اللهجات في الجزائر: هي القبائل (القبائل الكبرى والقبائل الصغرى)، والشاوية (المتكلم بها في الأوراس)، المزابية (يتكلم بها في مزاب)، وفي الصحراء (هوغار). وهذه الجهات عموما هي مناطق جبلية (القبائل، الأوراس) أو مغلقة (مزاب)، أفلتت من التعرض لاستيطان سكان عرب أو ناطقين باللغة العربية. ومع ذلك فاللهجات البربرية (القبائلية بالخصوص) هاجرت بدورها إلى المدن الكبرى، مثل الجزائر العاصمة.
بخصوص دينامية اللغات البربرية، لنقل إن هذه اللغات كانت في تراجع مستمر أمام توسع اللهجات العربية. ووجهة الحركة تكون دائما واحدة: المناطق التي يفقدها الناطقون بالبربرية لصالح الناطقين بالعربية تظل على هذا الوضع بشكل نهائي، أي حركة في الاتجاه المعاكس لا تلاحَظ. فعدد من المناطق التي وصفها إثنولوجيون ولسانيون في بداية القرن الحالي هي اليوم ناطقة كليا بالعربية.
للغة البربرية حروف هجائية خاصة، هي التيفناغ[4]، لم تنتشر أبدا بشكل جيد و لا يوجد عملٌ وفير مكتوب بهذه الحروف. والنصوص البربرية التي دُوِّنَت تمَّ تدوينها إما بحروف عربية (عن طريق إدخال بعض التعديلات) أو بحروف لاتينية، مستعملة في النقول الكتابية علامات اصطلاحية
كانت توجد في الجامعة شعبة للبربرية بمدينة الجزائر طوال فترة الاحتلال، لكن تمَّ حذفها مع الاستقلال. وقد أعيد فتحها سنة 1988 في تيزي أوزو. وبالإضافة إلى هذه توجد اليوم شعبة أخرى للدراسات البربرية في مدينة بجاية.
ومن الثوابت التي لا يجوز إنكارها أن هذه اللّغات الثّلاث القبائلية ، الشّاوية ، المزابية مختلفة فيما بينها إلاّ بعض الكلمات المتشابهة ممّا يضطر المتواصلون بهذه اللغات الثّلاث إلى استعمال لغة رابعة أو بواسطة ترجمان.
أمّا العربية الفصحى أو المعاصرة و إن كانت اللغة الرّسمية إلاّ أنّها لا تشكّل في الواقع الهيمنة الكلّية على ألسنة الناس فهي لغة دين، ولغة توحيد العالم العربي، لغة تستخدم في الكتابة بصورة أساسية، في المواعظ و الدروس كما كان عليه حال اللاتينية في عدد من بلدان أوربا في العصور الوسطى.
اللغة و الانتماء اللغوي
أن تتحدّث بلغة، وأن تفضّل استخدام هذا الشّكل دون الآخر، فهو شيء يتجاوز مجرّد الاستخدام لأداة من أدوات التواصل و خاصة حين تكون قادرا على الاختيار بين عدد من اللغات، فإنّ لاختيارك دلالة كما أنّ لمحتوى الرّسالة دلالة في الوقت نفسه.
حين يتحدّث النّاس في بلد إفريقي سواء في الجزائر أو غيرها كان هذا البلد تحت الاستعمار الفرنسي باللغة الفرنسية مع أن لهم لغة أما واحدة فذلك يوحي أنهم يريدون مراعاة نموذج غربي و إظهار التفوق الدراسي و أنهم من حملة الشهادات وعدم التكلم بالفرنسية رغم القدرة عليها يوحي ذلك إلى رفض استعمال لغة الاستعمار و إظهار الانتماء.
فاللغة مظهر من مظاهر صقل شخصية الإنسان ومستودع تفكيره و إطار إبداعه ومن لا لغة له لا تفكير له ومن فضّل لغة على لغة فإنه فضّل فكرا على فكر وثقافة على ثقافة ، فنتيجة للاستعمار الفرنسي الذي كانت له اليد الطولى في مسخ هوية الشعب الجزائري وحربه الضروس ضد اللغة العربية بأساليب شتى كمنع العربية من دخول أقسام الدراسة و فرض الفرنسية كلغة رسمية و لغة للتعليم وحصر العربية في المسجد و الزوايا فقط ثم الانفتاح الذي حصل للمجتمع الجزائري و الصلة الكبيرة بفرنسا وما نجم عن ذلك من استيراد الخبرات والأفكار و المعلومات ، ثم العدد الكبير من الجالية الجزائرية التي تعيش في فرنسا كل هذا ترك اللغة الفرنسية قرينة للغة العربية في جميع ميادين الحياة.
ثم هناك عامل آخر هو ذلك التهويل للغة الفرنسية وخاصة بعد جعلها لغة العلم فبعد تنصيب لجنة الإصلاح التربوي خرجت اللجنة بانطباع مفاده أن سبب تأخر التعليم وعدم مسايرته للركب في الجزائر هو جعل العربية لغة العلم وعليه فلا بد من اعتماد الفرنسية في العلوم الكونية خاصة ، ثم جربت الفرنسية كلغة ثانية في المراحل الأولى من التعليم الابتدائي (السنة الثانية) حيث لم يتجاوز الطفل سن الثامنة ثم عدل عن هذا القرار و أخرت إلى السنة الثالثة وذلك لعدم نجاح التجربة و الأمر منطقي لكون الطفل لم يتمكن من البديهيات الأولى في لغته من نطق الحروف سليمة و تركيب جمل بسيطة صحيحة فيزيد جهده في تحمل أعباء لغة أخرى لم يسمعها في بيته فتتضاءل المعاناة ويحصل الملل و النفور من اللغتين.
إن هذا الازدواج لم ينتج لنا إلا جيلا ضعيفا مهزولا على مستوى اللغتين ، فالطالب اليوم في الثانوية و الجامعة لا يمكنه الحديث باسترسال باللغة العربية أما الفرنسية فهي غائبة عن لسانه و يده إلا كلمات ألفها وسمعها و الأغلب ممن يستعملونها لا يحسنون كتابتها.
لقد أصبحت العربية خليطا من الألفاظ العامية و الفرنسية على جميع المستويات :
المستوى الاجتماعي: وهو أكثر المستويات تمثيلا لهذا الخلط من اللغة و الازدواج ، تسمع مثلا : ركبت الطاكسي (سيارة أجرة) و ذهبت إلى كلينيك (العيادة) من أجل كونترول (فحص)
و الأمثلة كثيرة لايمكن حصرها في مثل هذه المداخلة.
هذه الظاهرة متفشّية و متغلغلة في المجتمع بمختلف فئاته و طبقاته ، فالخلط بين العربية و الفرنسية في مختلف مجالات التّعبير دون أن يتقن الكثيرون منهم اللغة الفرنسية.
إنّ أخشى ما يخشى هو ما يحصل إن طال أمد هذا الوضع من تشويش لغة النّاشئة و تقديم صورة منحطّة عن لغتهم العربية فيحملهم ذلك على ازدرائها و الزّهد فيها و هو الشيء الذي ظهرت بوادره في إنتاج جيل ضعيف في اللغة العربية لا يقدر أن يبدع و لا أن يفكّر بها.
هذا الوضع الذي قد يؤدي مستقبلا إلى مسخ اللغة و البعد بها عن الأصل أو تحويلها إلى لغة هامشيّة فاقدة الهويّة، معرّضة للانزواء و الانكماش[5]
الفركفونية كعامل لمحاصرة العربية
الفرنكفونية (francophonie) مصطلح استعمله (أونيزيم ريكلو) onesime reclus عالم الجيولوجيا أثناء تصنيفه لسكان العلم انطلاقا من اللغة التي يستخدمونها يقول
Nous acceptons comme francophones tous ceux qui sont ou sembles destins ou a devenir participants de notre langue[6]
و تشكل الفرنكفونية في الجزائر جامعا للمنتمين إليها لدفع مخاطر التعريب ثمّ أخذت هذه الفكرة شكلا سياسيا من خلال إنشاء منظّمات فرنسية أو دولية.
الحركة البربرية و الوقوف في وجه العربية
الحركة البربرية حركة مناصرة للغة الفرنسية لأنها ولدت في كنف الاستعمار الفرنسي منذ الاحتلال عام 1830 ثمّ تطوّرت في إطار الثقافة الفرنسية لذلك كان من الطّبيعي أن تتحالف مع الفرنكفونية.
بخلاف الأمازيغية التي تطوّرت في إطار الثّقافة الإسلامية و لغتها العربية منذ عهد طارق بن زياد وعهد المرابطين و الموحدّين إلى اليوم، وقد كتب الأستاذ محمد الأوراغي في هذه المسألة فصلا مهمّا لمن شاء أن يطّلع عليه في مؤلّفه الموسوم بـ: التعدّد اللغوي انعكاساته على النسيج الاجتماعي.
حقاً، إن الوضع اللغوي في المغرب العربي بعامة، وفي الجزائر بخاصة، ليس على ما يرام، ولكنه ليس من السوء على النحو الذي يتصوره بعض الناس. إنّ الفرنكوفونية لم تستطع أن تسجل في المغرب العربي إلا انتصارات هزيلة، ولو انتصرت حقاً لاستطاعت أن تمحو اللغة العربية من هذه الأقطار محواً كاملاً وقد اتيح لها أن تستعمرها لفترات متفاوتة الطول أطولها ما مكثته في الجزائر التي هيمنت عليها مائة واثنين وثلاثين عاماً، وذلك كما مكنت هذه الفرنكوفونية للغتها تمكيناً تاماً في بعض الأقطار الافريقية التي اتخذت من اللغة الفرنسية لغة رسمية لها بدون حياء، مما سيحكم عليها بالتبعية الثقافية، والتخلف الأبدي، فعلى الرغم من الجهود المضنية التي بذلها الفرنسيون، ولا يزالون يبذلونها سراً وعلانية، لفرض لغتهم على أقطار المغرب العربي فإن اللغة العربية لا تزال هي اللغة الرسمية فيها. ولعل الذي أفسد على الاستعمار الفرنسي أمره، وخيب خطته، أن الإسلام مجسداً خصوصاً في القرآن الكريم الذي ظل الناس يحفظونه ويحاولون فهم نصه في الأرياف والبوادي خصوصاً هو الذي حال دون تحقيق مبتغاهم، مما جعل أقطار المغرب تحافظ على شخصيتها العربية الإسلامية إلى حد بعيد… ولولا القرآن، في رأينا نحن على الأقل، لأصبحت العربية في هذه الأقطار في خبر كان…
لكن ذلك، لا يعني أن الاستعمار الفرنسي فشل فشلاً مطلقاً في مشروعه اللغوي الذي ظل يرمي من روائه إلى ترسيخ المشروع الحضاري الغربي برمته، ذلك بأن اللغة هي البوابة الحقيقية للدخول إلى أي حضارة أو ثقافة أجنبية…
ولقد أتيح للاستعمار الفرنسي تحقيق كثير من ذلك بعد أن نالت تلك الأقطار استقلالها، حيث كان الوطنيون في بلاد المغرب، أيام المقاومة، يحاولون رفض اللغة والثقافة الفرنسيتين، لكن هذه السيرة انزاحت من طريق الفرنسيين بمجرد أن حصلت هذه الأقطار على استقلالها، فأمسى الناس في بلاد المغرب يدرسون الفرنسية ويتنافسون في اتقانها للتمكين للثقافة الفرنسية من حيث يشعرون طوراً، ومن حيث لا شعرون أطواراً أخرى، وبالمجان، وتحت تأثير الحب الأعمي[7]
آثار الازدواج اللغوي
إنّه من البديهي على دولة تحكم بلدا معنيا بظاهرة الازدواج اللغويفتغفل عن هذه الوضعية اللّسانية أو تتغافل عنها ذلك أنّ التعدد اللغوي من أهمّ العوامل بعد التعدد العقدي المؤدّي غلى التّفكك الاجتماعي يشهد على ذلك الحرب التي فجّرت الجمهوريّة اليوغسلافية سنة 1992 إلى دويلات مستقلّة تقوم على أساس ديني أو عرقي وليس ببعيد عنّا أحداث بلادنا خلال سنة 2001 بفعل الحركة البربرية التي طالبت بالحكم الذّاتي لمنطقة القبائل، متاعب إسبانيا مع الباسك ، و تركيا و العراق مع الأكراد.
1 تهوين الروابط الاجتماعية
اللغة هي منطق الأمة و الحافظ لثقافتها و هويّتها و هي التي تدّخر في كلماتها أخلاق أهلها و عاداتهم و نشاطهم الفكري و الأدبي إنّ كلّ كلمة من كلمات اللغة هي لحم الوطن و البشر و دمهما و روحهما، وهي بعد ذلك تؤثّر في السلوك الإنساني للمجتمع، و تؤثّر في الذّهن و العقل و الشّعور[8].
فإذا وجد مجتمع في وضعية ازدواج لغوي فلا يكون أفراده في الغالب عل قلب واحد لأن وضعيّة التّفكيك تحلّ محلّ وضعية التّآلف
2 الازدواج اللغوي مكلّف اقتصاديا
حيث يتطلب اعتمادا ماليا كبيرا لتلقين اللغة الأجنبية بجانب اللغة الوطنية من إعداد المؤطّرين و البرامج و الكتب هذا في المراحل الأولى فقط فما بالك بالمراحل التّعليمية الأخرى ولو أن ذلك أنفق في سبيل تمكين المتعلّمين من لغتهم الأولى ولو في بدايات تعليمهم لتحقّقت نتائج أفضل.
3 الإصابة بالعسر اللغوي
فلا يتمكّن الفرد من الاسترسال في الكلام، ويحصل له اضطراب و قطع للجمل و الانتقال من كلام إلى آخر قبل إتمام الأول، و المبالغة في الحشو ، و التوقّف المخل بالكلام في انتظار الألفاظ المناسبة الشيء الذي يمكن ملاحظته من خلال استجوابات صحفية، و حوارات حتى في الأوساط الجامعيّة.
و الآثار المترتبة عن هذا الازواج كثيرة ذكرت اهمّها في رأيي والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
* كلية الآداب و العلوم الاجتماعية،جامعة فرحات عباس، سطيف- الجزائر
الهوامش
1 لويس جان كالفي، حرب اللغات،ترجمة حسن حمزة،المنظّمة العربية للتّرجمة،ط1،2008،ص:78
2المصدر نفسه،ص:82
3 محمد الأوراغي، التعدد اللغوي انعكاساته على النّسيج الاجتماعي،منشورات كلّية الآداب،ط1،ص:76
4يمكن تحليلها إلى (تِفِ) الدال على معنى الوجود المضاف إلى ضمير المتكلّمين (نغ) وبالتالي يصبح المعنى ( وجودنا)
5أحمد محمد المعتوق، نظرية اللغة الثالثة،المركز الثقافي العربي،الدار البيضاء،المغرب،ط1،2005،ص:22
Onesime reclus1880,France,algerie et ces colonies,hachette,paris 6
7من حوار قامت به جريدة الرياض مع الاستاذ عبد المالك مرتاض
8مقدّمة الصحاح:9
قائمة المصادر
أحمد محمد المعتوق، نظرية اللغة الثالثة،المركز الثقافي العربي،الدارالبيضاء، المغرب،ط1،2005
عبد السلام المسدي، العربية و الإعراب،مركز النشر الجامعي،تونس 2003
عبد القادر الفاسي الفهري،حوار اللغة،إعداد حافيظ العلوي، منشورات زاوية، الرباط ، ط1،2007
لويس جان كالفي، حرب اللغات،ترجمة حسن حمزة،المنظّمة العربية للتّرجمة،ط1،2008
محمد الأوراغي، التعدد اللغوي انعكاساته على النّسيج الاجتماعي،منشورات كلّية الآداب،ط1
نادر سراج ، حوار اللغات مدخلا إلى تبسيط المفاهيم اللسانية الوظيفية: أندريه مارتينه و هنرييت فالتير،دار الكتاب الجديد المتحدة،ط1،2007
Onesime reclus1880,France,algerie et ces colonies,hachette,paris
[1] لويس جان كالفي، حرب اللغات،ترجمة حسن حمزة،المنظّمة العربية للتّرجمة،ط1،2008،ص:78
[2] المصدر نفسه،ص:82
[3] محمد الأوراغي، التعدد اللغوي انعكاساته على النّسيج الاجتماعي،منشورات كلّية الآداب،ط1،ص:76
[4] يمكن تحليلها إلى (تِفِ) الدال على معنى الوجود المضاف إلى ضمير المتكلّمين (نغ) وبالتالي يصبح المعنى ( وجودنا)
[5] أحمد محمد المعتوق، نظرية اللغة الثالثة،المركز الثقافي العربي،الدار البيضاء،المغرب،ط1،2005،ص:22
[6] Onesime reclus1880,France,algerie et ces colonies,hachette,paris
[7] من حوار قامت به جريدة الرياض مع الاستاذ عبد المالك مرتاض
[8] مقدّمة الصحاح:9
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق