مدونة تهتم باللسانيات التداولية التفاعلية الاجتماعية تحاول ان ترسم طريقا مميزا في معالجة الاشكالات المعرفية المطروحة في هذا النسق العلمي بالمناقشة والرصد والتحليل والمتابعة
الأحد، 3 يوليو 2011
مُقَدِّمةٌ في تَجَاوزِ عَتَبةِ الجُمْلةِ : "الاتِّجاهُ إلى النَّصِ في الدِّراساتِ اللُغويّة"
مُقَدِّمةٌ في
تَجَاوزِ عَتَبةِ الجُمْلةِ :
"الاتِّجاهُ إلى النَّصِ في الدِّراساتِ اللُغويّة"
Introduction: Surpassing Sentence border An
Tendency to the text in the linguistic studies""
د. جمعان عبدالكريم
جامعة الباحة – قسم اللغة العربية
Dr. jumaan Abdulkareem
Al-Baha university – Arabic Department
----------------------------------------------------------------------------------
ملخّص
يحاول هذا البحث أن يوضح كيف انتقلت الدراسات اللغوية إلى ما فوق الجملة ، عندما بلغ البحث في الجملة مدى كبيراً مما أدى إلى توقف أو إلى تكرار لكثير من الجهود العلمية أو حتى انحراف علم اللغة عن اللغة كما عبر عن ذلك تيرنيس موور وكريستين كارلنغ في إطار نحو الجملة سواء أكان ذلك في اللغة العربية أم في اللغات الأخرى[1] ، وقد ردف إلى ذلك تنبه اللغويين المحدثين إلى أننا نتكلم في الحقيقة بنصوص لا بجمل .
عمد البحث لتوضيح صور الانتقال من الجملة إلى ما فوقها إلى استقراء أنماط تجاوز عتبة الجملة في النظرية اللغوية العربية القديمة ، وإن لم يكن ذلك في ضوء تشكل نظري لنظرية نصية موحَّدة ومحددة المعالم .
ولأن التشكل التنظيري المستقل لتجاوز عتبة الجملة في إطار علم لغة النص هو بحث جديد لا يتجاوز الأربعة العقود الأخيرة من القرن العشرين ، فقد أشار البحث إشارة مقتضبة إلى البدايات الأولى لهذا العلم في الغرب ، وعرَّج البحث بعد ذلك إلى تتبع كيفية تجاوز عتبة الجملة في الدراسات اللغوية الحديثة من خلال ذكر أهم الاتجاهات النظرية والتطبيقية في علم لغة النص في الغرب ؛ لينتقل بعد ذلك إلى بيان بعض من أهم الدراسات النصية العربية المعاصرة التي تأثرت بها أو حاولت الإسهام في التنظير لهذا العلم الجديد مستفيدة من النظريات النصية الحديثة ومن الجهود اللغوية لتجاوز الجملة عند قدماء اللغويين العرب.
ABSTRACTE
This study tries to explain : how did the linguistic studies move upward the sentence? , when doing a lot of research on the sentence . That resulted in stopping or repeating many of the scientific efforts or even deviating the linguistics from the language. As expressed by Terness moor and Christin Karling in the sentence grammar whether in Arabic language or in the other languages. The modernizer linguistics hare recognized that we speak about reality with texts, not sentence.
The research undertook to explain the forms of transition from the sentence upward to induce patterns to surpass the sentence border in the ancient Arabic linguistics theory although it may not be in atheoretical form to unified and a defined theory.
Because of the independent theorizing formulation to surpass the sentences border in the text. Linguistic is a new research since the last four decades in the twentieth century .
The research has referred a concise indication to the beginnings of this science in the west.
Later the research has stopped over at tracing how to surpss the sentences border in the modern linguistic studies through stating the most important theoretical and practical tendencies in the text linguistic in the west , then moved to showing some of the most important modern Arabic text studies the were affected by them or tried to participate in theorizing in this new science based on the modern text theories and the linguistic efforts to surpass the sentences to the Arab ancient linguistics.
-1-
تجاوزُ النَّظريَّةِ الُلغويّةِ العربيّةِ عتبةَ الجُملةِ
حقاً أن تجاوز عتبة الجملة في التراث العربي بدأ متخللاً في ثنايا دراسة نحو الجملة . يقول محمد الشاوش عن عمل النحاة العرب :" والمرء لا يشعر وهو يطلع على ما وضعوا بأنه تجاه نظريتين بنيت الواحدة منهما للجملة والأخرى للنص ، بل هي النظرية الواحدة بما فيها من قواعد خاصة بكل مجال ، وقواعد عامة مشتركة بين المجالين ، فلا فرق إلا بحسب ما يقتضيه الفرق بين الوحدات التي تجري فيها تلك القواعد والأحكام ..."[2] ، ولكن الاهتمام بالنص اتخذ بعداً بينيّاً في العلوم الإسلامية المختلفة منذ بداية نشأتها ، وإن لم يكن هنالك تصور تنظيري محدد للتعامل مع علم خاص بما فوق الجملة ، ولأهمية هذا الأمر البالغة ؛ فسيعرض البحث أمثلة متنوعة لتجاوز القدماء لعتبة الجملة في بعض دراساتهم المهمة الموزّعة بين أكثر من مجال معرفي .
فقد قام القدماء بجهود كبيرة ذات منزع نصي ، ولكنها كانت متفرقة بين أكثر من علم وأكثر من عصر ، غير أنه من الواجب في هذا المقام الإشارة إلى طَرَفٍ من أهم تلك الجهود .
وفي البداية تحسن الإشارة إلى موقف القدماء من النظرة الشمولية [ للنص= الكلام ] ، وإن كانوا لم يفهموا هذا المصطلح كفهم المعاصرين له ، ومن أهم الإشارات في هذا المجال تنبه ( الإمام الشافعي 150-294هـ ) مؤسس علم الأصول إلى أهمية النظرة الكلية[ للنص= الكلام] للوصول إلى معانيه الحقيقية ، ودلالاته الصحيحة ، فهو يقول : " إنما خاطب الله بكتابه العرب بلسانها ، على ما تعرف من معانيها ، وكان مما تعرف من معانيها اتساع لسانها ، وأن فطرته أن يخاطب بالشيء منه عاماً ظاهراً يُراد به العام الظاهر ، ويُستغنى بأول هذا منه عن آخره . وعاماً ظاهراً يراد به العام ويدخله الخاص ، فيُستدل على هذا ببعض ماخوطب به فيه . وعاماً ظاهراً يراد به الخاص . وظاهراً يُعرف في سياقه ، أنه يراد به غير ظاهره . فكل هذا موجود علمه في أول الكلام أو وسطه أو آخره .
وتبتدئ الشيء من كلامها يبين أول لفظها فيه عن آخره . وتبتدئ الشيء يبين آخر لفظها عن أوله "[3]
وواضح أن الشافعي لم يتنبه إلى أهمية النظرة الكلية [ للنص= الكلام ] فقط ، وإنما أشار كذلك إلى أهمية السياق الذي قد يغيّر المعنى كلياً .
وعند النظر إلى النص بوصفه : مجموعة دلالات خالصة ناتجة عن دلالات مركبة متعالقة
إذ النص يشكِّل مسألة دلالية في الأساس[4]، يكون الشافعي مؤسساً لعلم الأصول ، ولعلم [ النص = الكلام ] إن صح هذا التعبير على سبيل التجوز ، وتتابع بعد الشافعي كتب الأصول ، وتتعد نظراتها إلى مسائله بتعدد المذاهب الفقهية ، ولكنها متفرعة عن أصول الشافعي ؛ لذلك فإن محمد مفتاح يعلّق على نصٍ (للشاطبي 790هـ) ، يكاد يكون شرحاً لنص الشافعي السابق ، فيقول : " يلحُّ هذا القول على مفهوم العلاقة بين مفاهيم النص ، وجمله ، وفقراته وعلى الدور الذي يمنح للمفهوم ضمن بنية كلية "[5]
ولا يمكن بناء على هذا القول : إن البلاغة هي السابقة التاريخية ، لعلم النص في التراث العربي كما يذهب صلاح فضل ، الذي ينقل نصاً لـ( فاندايك ) ويعلّق عليه كالمُقرِّ له[6]، وكما يذهب الفقي[7] ، الذي ينقله دون تعليق ،كما لا يمكن أيضاً الاتفاقُ تمام الاتفاق مع محمد الشاوش في طريقة منظوره إلى تأسس نحو النص في النظرية النحوية العربية [8]، لإهماله الانطلاق من علم أصول الفقه الذي يُعدّ بحق ٍ السابقة التاريخية لكل تنظير في علم اللغة النصي ، في النظرية النحوية العربية الموسعة ، مع النظر بعين الأهمية إلى جهود علماء النحو والبلاغة المنصبة في إطار النص .
إن كتب أصول الفقه تمثل المرجع الأول في التراث العربي لمقاربة مفهوم [ الكلام ـ اللفظ ـ الخطاب ـ القول = النص ] ، وينبغي لكل باحث في نظرية النص إن بهدف التأصيل ، أو بهدف البحث إيلاء هذا المرجع مكانه اللائق به ، فنظريات أصول الفقه هي التي استعمل المفسرون والفقهاء قواعدها في تفسير النصوص ، والتعامل الدلالي معها .
ولإيضاح جوانب من الجهد النصي عند القدماء لتجاوز عتبة الجملة ، سيقف البحث عند بعض كتب القدماء ، متخذاً منها عيِّنة لغيرها من الكتب ، ففي أصول الفقه تم اختيار ( المستصفى من علم الأصول ) للإمام الغزالي ، وفي علوم القران تم اختيار ( البرهان في علوم القران ) للزركشي ، وفي البلاغة تم اختيار (دلائل الإعجاز) للجرجاني ، وفي النحو تم اختيار (مغني اللبيب ) لابن هشام الأنصاري .
- أصول الفقه : ( المستصفى من علم الأصول ) للغزالي .
يهتم علم أصول الفقه بمعرفة كيفية استحصال أحكام الأدلة الشرعية من النصوص ، ومعرفة وجوه دلالتها على الأحكام من حيث الجملة ، لا من حيث التفصيل[9] ، وقد كان للأصوليين " باع في توضيح طرق الاستنباط خصوصاً ما يتعلق بالقواعد اللغوية .. كما تناولوا البحث في الألفاظ ودلالتها "[10] ، وقد انقسم البحث الأصولي بعد الشافعي إلى طريقتين " إحداهما طريقة نظرية ، تقوم على تحقيق القواعد تحقيقاً منطقياً ، وإقرار مايؤيده البرهان النقلي والعقلي منها ، دون تأثر بفروع مذهب من المذاهب ... وقد ظهر هذا الاتجاه عند الشافعية ، والمالكية ، والحنابلة ، والشيعة الإمامية ، والزيدية ، والإباضية . ولقد كان فريق كبير من هؤلاء من علماء الكلام ، فسميت طريقة المتكلمين .
والثانية ـ طريقة تقوم على محاولة ضبط فروع أئمة الحنفية بقواعد جديدة تعتبر هي الأصول ، ثم رد تلك الفروع إليها..."[11]
وينتمي الإمام الغزالي إلى الطريقة الأولى ، بيد أن البحث سيشير إلى كلتا الطريقتين ؛ لإيضاح أن الأصوليين هم من الأوائل الذين حاولوا [تصنيف الدلالات الخالصة للنصوص ] ، ويسميها الأصوليون الإفادة المستقلة، أو غير المستقلة للفظ المركب المفيد ، أو أقسام اللفظ باعتبار الوضوح وعدمه .
يقول الغزالي : " اعلم أن المركب من الاسم والفعل والحرف تركيباً مفيداً ينقسم إلى مستقل بالإفادة من كل وجه ، وإلى مالا يستقل بالإفادة إلا بقرينة ، وإلى ما يستقل بالإفادة من وجه دون وجه "[12] ويسمي القسم الأول ( النص ) ، ويجعله ضربين ضرب هو نص بلفظه ونظمه ، وضرب هو نص بفحواه ومفهومه ، ويسمي القسم الثاني مجملاً أو مبهماً ، ويسمي القسم الثالث ظاهراً ، ثم يتحدّث عن أنواع القرائن في المجمل الذي يتطرق إليه الاحتمال ، ولا يعرف إلا بقرينة لفظية ، أو دليل عقلي ،أو قرائن أحوال من إشارات ، ورموز ، وحركات ، وسوابق ، ولواحق ، لاتدخل تحت الحصر والتخمين يختص بإدراكها المشاهد[13] ، وفي هذا إشارة واضحة إلى أهمية السياق الخارجي في فهم النصوص .
و قد تنبه الأصوليون إلى ما يطلق عليه اليوم ( التداولية )[14] ، وهي منظور مهم جداً في النص لارتباط النص بالاستعمال ، ولا يقف الأمر عند هذا الحد ؛ إذ نجد الغزالي يشترط في مفهوم ( الخطاب ) لديه اقترانه بالإفهام ، فيقول : " إنما يسمى خطاباً إذا فهمه المخاطب "[15] ، ويعود الغزالي مرة أخرى إلى إيضاح مفهوم النص عند الأصوليين ؛ فيقول : " إن اللفظ الدال الذي ليس بمجمل إما أن يكون نصاً وإما أن يكون ظاهراً ، والنص هو الذي لا يحتمل التأويل ، والظاهر هو الذي يحتمله ... وبقي عليك الآن أن تعرف الاختلاف في إطلاق لفظ النص ... فنقول : النص اسم مشترك يطلق في تعارف العلماء على ثلاثة أوجه : الأول ما أطلقه الشافعي رحمه الله فإنه سمى الظاهر نصاً ... الثاني : وهو الأشهر ما لايتطرق إليه احتمال أصلاً لا على قرب ولا على بعد ، الثالث : التعبير بالنص عما لا يتطرق إليه احتمال مقبول يعضده دليل ، أما الاحتمال الذي لايعضده دليل فلا يخرج اللفظ عن كونه نصاً... والثاني أوجه ، وأشهر ، وعن الاشتباه بالظاهر أبعد ".[16]
ويتطرق الغزالي كذلك إلى العام والخاص ، ويجعل العموم والخصوص من عوارض الألفاظ لا من عوارض المعاني ، ويذكر صيغ العموم ... ويفصِّل في الاستثناء من الجمل المتعاقبة ، كما يفصِّل في الشرط ، ويفصِّل في الأدلة التي يخصص بها العموم ومنها المفهوم بالفحوى ... كما يخصِّص باباً (فيما يُقتَبس من الألفاظ لا من حيث صيغتها ، بل من حيث فحواها وإشارتها ) ويجعل منها : الاقتضاء وهو الذي لا يدل عليه اللفظ ولا يكون منطوقاً به ، ولكن يكون من ضرورة اللفظ ، ويجعل منها إشارة اللفظ لا من اللفظ ، ويقصد به ما يتبع اللفظ من غير تجريد قصد إليه [ وهنا مدخل للتناص ... ] ، ويجعل منها أيضاً فهم غير المنطوق به من المنطوق به بدلالة سياق الكلام ومقصوده [ وهذا له علاقة بالسياق الداخلي للنص ] ، و يجعل منها المفهوم أو دليل الخطاب[17]... وهذه كلها مباحث مهمة لها علاقة بالنص في روابطه ، وعلاقاته الدلالية ، وسياقه ، وفهمه .
- علوم القران : ( البرهان في علوم القران ) للزركشي .
تمُثّلُ علوم القران امتداداً لعلم أصول الفقه ، وفي علوم القران كثير من المباحث التي تصب في الاتجاه النصي [18]؛ إذ منطلقها الأساس هو التعامل مع نص القران الكريم ،وسوف تُكشف بعض الإشارات النصية المهمة في علوم القران من خلال كتاب البرهان في علوم القران للزركشي ، فمن الإشارات القيِّمة للزركشي في هذا المجال : حديثه عن أهمية معرفة أسباب النزول وأنه مهم للوقوف على المعنى[19] ، ومعرفة الدافع أو السبب في إنتاج نص ما ، ليس مهماً فقط لفهم المعنى ، بل هو مهم أيضاً لكشف الاستراتجية المتبعة في النص ، ومن الإشارات المهمة لدى الزركشي ، ولها علاقة بالتماسك النصي ، حديثه عن معرفة المناسبات بين الآيات ، وذكره عن الشيخ أبي الحسن الشهراباني أن " أول من أظهر ببغداد علم المناسبة ولم نكن سمعناه من غيره هو: الشيخ الإمام أبو بكر النيسابوري (توفي 324هـ ) ، وكان غزير العلم في الشريعة والأدب ، وكان يقول على الكرسي إذا قرئ عليه الآية : لم جُعلت هذه الآية إلى جنب هذه ؟ وما الحكمة في جعل هذه السورة إلى جنب هذه السورة ،وكان يزري على علماء بغداد لعدم علمهم بالمناسبة "[20]
و يخصُّ الزركشي أنواعَ ارتباط الآي ببعضها بحديث مستقلٍّ ، فذكر أن الارتباط بين الآيات قد يظهر لتعلق الكلام بعضه ببعض ، وعدم تمامه ، أو يظهر الارتباط إذا كانت الآية الثانية للأولى على جهة التأكيد والتفسير ، أو الاعتراض والتشديد ، وقد يخفى الارتباط ، فيظهر أن كل جملة مستقلة عن الأخرى ، فعندئذٍ ، إما أن تعطف إحداهما على الأخرى بجهة جامعة ... وفائدة العطف جعلهما كالنظيرين والشريكين ، وقد تأتي الجملة معطوفة على ما قبلها ويشكل وجه الارتباط فتحتاج إلى شرح ...
وقد لا يكون هناك عطف ، فلابد من دعامة تؤذن باتصال الكلام ، وهي قرائن معنوية مؤذنة بالربط ... منها التنظير ( إلحاق النظير بالنظير ) ، والمضادة ، والاستطراد ، وذكر أن العطف بين الجمل مزج لفظي ، أما إلحاق الجملة الجملة من غير عطف فهو مزج معنوي تنزل بها الثانية من الأولى منزلة جزئها الثاني ...[21]
وعرض الزركشي لأهمية إعراب القران ،وعلاقة ذلك ببيان المعنى ، ومعرفة أغراض المتكلمين[22] ، كما تعرَّض للوقف والابتداء وهو مهم لبيان المعنى ، ويُؤمَن الاحتراز به عن الوقوع في المشكلات ، ويقصد بالمشكلات تلك التي تنشأ من وصل القراءة الشفهية في غير موضع الوصل ، وقد ذكر الزركشي عدد من المصنفات المستقلة في الوقف والابتداء ؛ دلالة على أهميته [23]، ولا شك أن مسألة الوقف ومواضعه في تحليل النص الشفهي من الأهمية بمكان ، بل هي عامل ضروري في تماسك النص الشفهي ...
- البلاغة : ( دلائل الإعجاز ) للجرجاني .
في البلاغة العربية القديمة بحوث كثيرة ذات اتجاه نصي [24]، ولعل من أهمها مبحث الوصل والفصل ، ومن ذلك أيضاً صحة التقسيم وهو تقسيم الكلام قسمة مستوية تحتوي على جميع أنواعه ، وصحة التفسير ،وهو أن يورد معاني فيحتاج إلى شرح أحوالها...[25] ومنها العكس وهو أن تعكس الكلام" فتجعل في الجزء الأخير منه ما جعلته في الجزء الأول "[26]، والعكس بهذا المفهوم استراتيجية يستعملها كثير من المتحدثين ؛ لتعطيهم وقفة عقلية لصياغة الجملة التالية ، ومنها الرجوع وهو" أن يذكر الشيء ثم يرجع عنه كقول القائل : ليس معك من العقل شيء ، بلى بمقدار ما يوجب الحجة عليك..."[27]
والرجوع إضافة إلى علاقته بالتماسك الدلالي ، هو استراتيجية حجاجية ،ومما له علاقة بالتماسك الدلالي الاستطراد " وهو أن يأخذ المتكلم في معنى فبينا يمر فيه يأخذ في معنى آخر ، وقد جعل الأول سبباً إليه ..."[28] ، ومن تلك المباحث أيضاً: جمع المؤتلف والمختلف ...، والتوشيح ، وشرحه أبو هلال العسكري بأنه ماكان مبتدأ الكلام فيه ينبئ عن مقطعه وأوله يخبر عن آخره ...[29] ، وغير ذلك من المباحث...، ولكن مبحث الوصل والفصل له ارتباط وثيق بمصطلح التماسك ، وقد تميز عبد القاهر الجرجاني في تناوله لهذا المبحث في إطار نظرية النظم ؛ ولذلك فهو يقول في أهمية الوصل والفصل " اعلم أنه ما من علم من علوم البلاغة أنت تقول فيه : إنه خفي غامض ، ودقيق صعب ، إلا وعلم هذا الباب أغمض وأخفى وأدق وأصعب ".[30]
وينظر عبد القاهر الجرجاني إلى الوصل والفصل من خلال ( العطف ) ، أو عدمه ، كما ينظر عبدالقاهر الجرجاني إلى عطف جملة على جملة أخرى معتمداً على مقولة المحل الإعرابي ؛ لذلك فعطف الجمل عنده على ضربين : "
" أحدهما : أن يكون للمعطوف عليها موضع من الإعراب ، وإذا كانت كذلك كان حكمها حكم المفرد ... فإذا قلت : ( مررت برجلٍ خُلُقه حَسَن ، وخَلْقه قبيح ) كنت قد أشركت الجملة الثانية في حكم الأولى ، وذلك الحكم كونها في موضع جَرٍّ بأنها صفة للنكرة ، ونظائر ذلك تكثر ، والأمر فيها يسهل .
والذي يشكل أمره هو الضرب الثاني : وذلك أن تعطف على الجملة العارية الموضع الإعراب جملة أخرى ، كقولك : ( زيد قائم وعمرو قاعد ) ( والعلم حسن والجهل قبيح) ... لا سبيل لنا إلى أن ندعي أن (الواو) أشركت الثانية في إعرابٍ قد وجب للأولى بوجه من الوجوه ".[31]
وبناء على ذلك فإن عبدالقاهر الجرجاني يذهب إلى أنه يجب مراعاة أشياء أخرى ، وتلك الأشياء ترجع إلى المعاني ؛ بحيث تكون جهة جامعة في مثل هذه الحالة .[32]
وفي الفصل بين الجمل يرى عبدالقاهر الجرجاني أنه يكون في الجملة المؤكدة للتي قبلها ، وكذلك حينما تختلف جهة الكلام من الحكاية إلى الخبر والعكس ... ويذهب بعد ذلك إلى التفصيل في مواضع الفصل تفصيلاً دقيقاً يسنده بآيات من القران الكريم وأبيات من الشعر العربي[33]
ويرى الفقي أن مصطلح التماسك مرادف لمصطلح التعليق عند عبد القاهر[34]، وهذا قد لا يكون صحيحاً على إطلاقه ، ولا يساعد عليه النص المقتبس من الجرجاني عند الفقي ، ثم إن مصطلح التماسك مصطلح غربي في مفهومه ، ولا يمكن أن يطابق تمام المطابقة أي مصطلح عربي المفهوم ، والأولى بالصواب عدُّ مصطلح (النظم) أو (الضم) عند عبدالقاهر أقرب إلى مصطلح التماسك في المفهوم من مصطلح التعليق .
ولأجل ذلك فإن نظرية النظم لدى عبدالقاهر الجرجاني من أهم النظريات في الجهد اللغوي العربي عند القدماء ، وقد تناولها اللسانيون ، والنقاد ، والبلاغيون ، والمفكرون بالدرس ...، ولكن من المهم أن يعرف في هذا المقام أن عبدالقاهر الجرجاني يقيم نظريته في ( النظم ) على النحو ؛ إذ يقول : " ما أظن بك أيها القارئ لكتابنا إن كنت وفيّته حقّه من النظر ، وتدبّرته حقّ التدبر ، إلا أنك قد علمت علماً أبى أن يكون للشك فيه نصيب ، وللتوقف نحوك مذهب أن ليس النظم شيئاً إلا توخي معاني النحو وأحكامه ووجوهه وفروقه فيما بين معاني الكلم ..."[35]
وإذا كان عبد القاهر قد أقام علم النظم على دراسة التبعيات القواعدية من حيث علاقتها بالمفاهيم ـ كما تقول إلهام أبوغزالة وعلي خليل حمد ـ فإنهما قد أشارا بمزيد من الإكبار لمباحث متعددة عند عبد القاهر لها علاقة بالنظرية النصية التي يعملان عليها.[36]
- النحو : ( مغني اللبيب ) لابن هشام الأنصاري .
لو تتبع باحثٌ أشكالَ تجاوز عتبة الجملة ، فإنه سيجد كثيراً من مباحث نحو الجملة في النظرية العربية تطرقت إلى أوضاع تركيبية تتعلق بما فوق الجملة[37] إلا أن النظرة (قطرب) إلى العلامة الإعرابية كمجرد وسيلة للربط بين الكلام[38] ولا يكون من دور حينئذ لعلامات الإعراب في تحديد المعنى النحوي تعد في الحقيقة أول نظرة تتجاوز منطق إعراب الجملة بطرح بديل نظري قد يتجاوز عتبة الجملة نفسها ، ولكن هذه المحاولة القطربية لم يقيض لها النمو .
أما المعالجة التي تجاوزت عتبة الجملة في إطار نظرية الإعراب في اللـغة العربية ، فهي مقولة ( إعراب الجمل) . وفي الحق أن للإعراب في اللغة العربية وفي نحوها قيمة كبيرة ، وكتاب مغني اللبيب من أهم الكتب التي عالجت المشكل الإعرابي ، وبخاصة مقولة ( إعراب الجمل ) ، وغير صحيح ما يذهب إليه البعض من كون الإعراب مجرد قرينة عادية من جملة من القرائن التي يتضح بها المعنى ، إذ الإعراب في اللغة العربية يشكل مكِّوناً رئيساً فيها ، وله علاقة بتفاصيل وتشعبات لها أهمية في إدراك المعنى ، وغير ذلك .
ولا يذهبنَّ البعضُ إلى قلة عدم الحمل الوظيفي للإعراب في اللغة العربية المعاصرة ؛ ليدلل على لا أهميته ، فالإعراب ليس هو الحركات الثلاث ، بل هو أكبر من ذلك إن له علاقة بتركيب الكلام وترتيبه ، وبتركيب الجمل ؛ لتكّون نصا معرباً يصب في النهاية في دلالات نصية خالصة ، والمعاني النحوية على أهميتها في الكلام ـ كما أشار عبد القاهر الجرجاني ـ في نظريته للنظم ليست مستقلة تمام الاستقلال عن المعاني الدلالية فبينهما نوع صلة ، تستلزم فهم المعنى الدلالي ؛ ليتشكل في ضوئه المعنى النحوي ، فأنت لا يمكن أن تعرب كلمة دون فهم معناها حتى إن كان فهماً خاطئاً ، أو غير مستقيم في العقل ، وقد نبَّه إلى ذلك ابن هشام في الباب الذي عنونه بقوله : في ذكر الجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها ، وذكر أول جهة وهي مراعاة ظاهر الصناعة الإعرابية ، وعدم مراعاة المعنى ، ومثَّل على ذلك بعدة أمثلة منها أنه قال : " سألني أبوحيان _ وقد عرض اجتماعنا ـ علام عطف ( بحقّلد ) من قول زهير :
تقيُّ نقيُّ لم يكثّر غنيمةً بنهكة ذي قربى ولا بحقَّلدِ
فقلت حتى أعرف ما الحقلد ؟ فنظرناه فإذا هو سيئ الخلق ، فقلت : هو معطوف على شيء متوهم إذ المعنى ليس بمكثر غنيمة ، فاستعظم ذلك ."[39] ، وربما أتت العبارة المشهورة : ( الإعراب فرع عن المعنى ) ، من هذا المنطلق ، ومن ضرورة فهم المعنى الدلالي التركيبي ...
وإعراب الجمل كان عبارة عن إشارات متفرقة في كتب النحو هنا أو هناك[40] ، وكان يكثر إعراب الجمل في كتب تفسير القران وإعرابه ، وأشهر من تناول إعراب الجمل هو ابن هشام الأنصاري حيث خَصَّص لذلك باباً كبيراً من كتابه مغني اللبيب ، إذ يعد هذا الباب بحثاً مكتملاً عن نحو ما فوق الجملة أو نحو النص ، وقد بيّن في بداية الباب تعريف الجملة ، وأقسامها ، ثم انتقل إلى مسألة الإعراب ، فقسم الجمل إلى جمل لا محل لها من الإعراب ، وجمل لها محل من الإعراب ، وقد بدأ بالجمل التي لا محل لها من الإعراب ؛ لأنها أصل في بابها . أما الجمل التي أُعرِبت ؛ فلأنها يمكن أن تحلَّ محل المفرد ، هذا هو المعيار في إعراب الجمل ...
أما الجمل التي لا محل لها من الإعراب عند ابن هشام فهي كالتالي : 1- الابتدائية أو المستأنفة 2- المعترضة 3- التفسيرية 4- المجاب بها القسم 5- الواقعة جواباً لشرط غير جازم أو جازم ولم تقترن بالفاء أو إذا الفجائية 6- الواقعة صلة لاسم أو حرف 7- التابعة لما لا محل له[41] .
والجمل التي لها محل من الإعراب هي الآتي : 1- الواقعة خبراً 2- الواقعة حالاً 3- الواقعة مفعولاً 4- المضاف إليها 5- الواقعة بعد الفاء أو إذا جواباً لشرط جازم
6- التابعة لمفرد 7- التابعة لجملة لها محل 8- المستثناة 9- المسند إليها .[42]
وبعد ، إن الاستعراض الآنف الذكر لبعض جهود القدماء في تجاوز عتبة الجملة ، يؤكد أمرين : الأول منهما هو تميّز تلك الجهود بالأصالة والنظرة العلمية الدقيقة ، وإن كان ينقص مثل تلك الجهود لمُّ شتاتها في نظرية نصية كان لها أن تظهر لولا الجمود الذي ران على العقل العربي فترة طويلة وخصوصاً العقل اللغوي .
والأمر الآخر : أن تلك الجهود جزء لا يتجزأ من مكون النظرية اللغوية العربية الواسعة ، بل إن تلك الجهود لتمثل جزءاً من النظرية المعرفية العربية ليس في المستطاع الاستغناء عن ما تمثله من قاعدة صلبة للتطور العقلي وللتطور المعرفي العربي ، وعلى ذلك فلا يمكن إهمالها ألبتة ، أو التقليل من شأنها ، أو حتى إنكار المكِّون النصي اللساني في الجهد المعرفي والحضاري العربي .
-2-
تَجَاوزُ عَتَبةِ الجُمّلةِ في علمِ الُلغة النَّصيِّ في العَصَرِ الحَديث .
لن يُقدَّم من خلال هذا العنوان مدخل لعلم لغة النص ، فالكتب في هذا المجال متعددة ، ولكن طبيعة هذا البحث تقتضي الوقوف قليلاً عند البدايات الأولى لظهور علم لغة النص في الغرب ؛ إذ يعدُّ علم لغة النص من أحدث فروع علوم اللغة الحديثة ، وقد نشأ هذا العلم كنهاية طبيعية لوجوب البحث عن أفق نظري يتجاوز الجملة ، بعد أن كانت جُلُّ الدراسات اللغوية لاتكاد تتعداها ويذكر Malcom Coulthard تحت عنوان ( المحاولات المبكرة لتحليل الخطاب ) إنه : " في الفترة الممتدة إلى أواخر الستينيات كانت هناك محاولتان منفردتان لدراسة تراكيب ما فوق الجملة . إحداهما قام بها هاريس (1952 ) ، والأخرى قام بها ميتشل Mitchell ( 1957) ، وعلى الرغم من عنوان مقالة هاريس الواعد ( تحليل الخطاب ) ، إلا أنها كانت مخيبة للآمال ؛ لأن العمل وفقاً لتقاليد البولومفيدية أنتج طرقاً شكلية لتحليل الحديث أو الكتابة ..."[43]
في حين أن بعضاً من الباحثين يشير إلى أن الأمريكية(I.Nye ) قد تكون أول من أنجزت عملاً يمثل إرهاصاً حقيقاً لعلم اللغة النصي في إطروحتها للدكتوراه عام( 1912م) .[44] ، ومن أبرز الداعين إلى إقامة نحو النص والذي بدأ معه الجهد النظري لإنشاء اللسانيات النصية الهولندي فان ديك "Van Dijk " الذي سعى إلى " إقامة تصور متكامل حول " نحو النص "منذ (1972م ) حيث ظهر كتابه " بعض مظاهر أنحاء النص" "Some Aspects of Text Grammar " ، وظل كذلك حتى (1977م ) مع كتابه " النص و السياق " " Text and Con text " ، وحتى كتاباته الأخيرة . حيث بدأ ينطلق من تحليل " سيكو لساني " للخطاب توقفت القواعد واللسانيات التقليدية غالباً عند حدود وصف الجمل بمصطلحات المكونات والنص رابطاً بين الدلالة والتداولية ." [45]
ولكن لسانيات النص تجاوزت الإطار اللغوي للتداخل مع علوم أخرى ؛ ليصبح علم لغة النص علماً بين معرفي ، فعلى سبيل المثال يمكن للمرء أن يجد اهتماماً بنحو النص عند تودوروف على الرغم من المنطلقات الأدبية التي يشتغل بها [46]
وقد رسّخ تون أ فانديك مفهوم بينية علم النص ، أو علم اللغة النصي في كتابه " علم النص مدخل متداخل الاختصاصات "[47]
ومع استمرار البحث لوضع قواعد محددة لما فوق الجملة اتضح لفريق من العلماء كان من بينهم تون أ فانديك اجتمعوا لهذا الغرض في إحدى الجامعات الألمانية أن "الفرق بين علم قواعد الجملة ، وعلم قواعد النص أكبر شأناً مما كان يعتقد قبلا .."[48]
ومن الطبيعي أن تتعدد مناحي النظر للنص ، وتتعد اتجاهات الدارسين لمقاربته ، ولأجل ذلك فمن اللازم الوقوف عند أبرز الاتجاهات في علم اللغة النص في العصر الحديث ، واعتماد البحث هنا هو على تقسيم تلك الاتجاهات وفقاً لما تعتمده تلك البحوث في مقاربة النص من أدوات البحث اللغوي ومناهجه المختلفة .
وينبغي التنبه في البداية أنه كثيراً ما يُوجَدُ في الاتجاه الواحد في علم اللغة النصي تأثيرات لمدارس ونظريات مختلفة ، فتجتمع أحياناً التأثيرات الدلالية ، والتداولية ،مع بعض مقولات النحو التحويلي عند ( تشومسكي ) التي اسُتثمرت على المستوى النصي[49]... ولذلك فسوف يتم تصنيف بعض النظريات النصية على أساسٍ من التأثير السائد فيها كما سيتم الاكتفاء بالإشارة إلى بعض من أهم النظريات في كل اتجاه .
الاتجاه اللغوي النحوي .
لعل أول عمل يمكن إدراجه في هذا الاتجاه ـ على الرغم من كونه يمثل البدايات الأولى ـ هو عمل اللغوي زليج هاريس الذي أرسى دعائم المنهج التوزيعي ، ثم حاول تطبيقه بعد ذلك على الخطاب " ، وتعد فكرتا التوزيع / التصنيف (distribution) والاستبدال / المعاقبة (substitution) ، هما أساس تحليل الجملة لديه ...ويبدأ التحليل [لديه] بالتجزئة ، حيث تقسم الجمل التي يمكن ورودها في لغة ما ـ على المستوى النحوي ـ إلى مجموعة من الوحدات المتميزة وفقاً للسياق الذي ترد فيه كل منها ، يطلق عليها وحدات التقسيم الكلامية : ( الأسماء ، الأفعال ، الصفات ، الحروف ...) ، وتتسم كل وحدة منها بالثبات ، إذ يلزم ورودها في الجملة حين تتوفر شروط وجودها من جهة السياق . وتتمثل العلاقات الأفقية في تلك العلاقات القائمة بين الوحدات النحوية ، والعلاقات الرأسية في تعاقب أبنية / أشكال مختلفة داخل وحدة نحوية بعينها : (قائمة الأفعال ،وقائمة الصفات ، وقائمة الأسماء )[50].... أما أوّل بحث نصيِّ موسّع ، مع تركيزه على إيجاد نظرية خاصة بالنص ، فقد كان البحث الذي قدمه هارفج (1968م) حيث يرى أن آلية الاستبدال من خلال سلاسل الإضمار هي التي يتم من خلالها ترابط النص.[51]
ومن الإسهامات المهمة ذات المنطلقات النحوية تجزئة النص ، أو التجزئة النحوية للنص عند H .Weinrich ، الذي يرى قصور منهج تحليل الجملة ، ويطرح بديلاً له منهج تجزئة النص ، حيث يركِّزُ فيه على أفعال النص ، أو حتى الأسماء الواردة في النص لتنظيم تجزئة النص ـ فيما لو أراد باحث الانطلاق من الأسماء ـ فإذا ما تم الاعتماد على أفعال النص ؛ فسيتصل بها في إطار النظرية ظواهر نصية كثيرة تتصل بالفعل ،كما أنه يراعي النحو وعلاماته ،ويعدُّها ركناً مهماً في التحليل كما أنه في تحلليه يستبدل الأفعال في النص بأرقام تشير إلى تتابعها ، ويقسم الأفعال في نظريته إلى أفعال بسيطة ومركبة من خلال وجهات نظر متباينة تتركز على المعلومات النحوية ، التي تتعالق معها... ويصوغ تحليله على هيئة جدول فيه رموز خاصة بورود الفعل والموقع الذي يشغله ، ورموز أخرى تتعلق بالمعلومة النحوية التي اعتمد تشكيلها من خلال النظام الثنائي ...[52]
الاتجاه الدلالي .
تعد نظرية جانوس . س . بيتوفي JanosS.Petofi بنية النص/ بنية العالم (TeSWEST) من أشهر النظريات في هذا المجال ، وقد استثمر بيتوفي مفهوم البنية العميقة في إطار الدلالة التوليدية ، مع قلب المقولة حيث يكون بناء القاعدة تمثيلا للمعنى ، والصيغة النحوية يصبح توليدها ثانوياً ؛ ومن خلال ذلك يتكوّن ما يُسمّى بالبنية العميقة للنص[53] ، " ويحاول بيتوفي أن يحقق توازناً معقداً بين عالم واقعي فعلي يطلق عليه بنية العالم Weltstruktur ، وعلم إبداعي تحقق في بنية النص Textstruktur ، ويرى في إطار ذلك التّصور أنّه لا يكفي في تحليل هذا العمل الإبداعي ( النص ) الكشف عن العلاقات الداخلية التي تمتدُّ داخل النص ، وتظهر في معاني النص الأساسية ومعاني أبنيته فحسب ، بل يجب أن يتسع ذلك التحليل ، ليضم تلك المعاني الخارجية للنص ، تلك المعاني التي يحيل إليها النص ، وهي ما يطلق عليه المعاني الإضافية أو الإشارية أو الإحالية أو التداولية ، وغيرها"[54]
ومن هنا فقد تعددت محاولات بيتوفي في وصف النص وتحليله محاولاً الوصول إلى نظرية كلية للنص تعالج كل جوانبه ، وقد تعقّد نموذجه النصي ليضم قواعد من المنطق ، وأسس فلسفية ومعرفية وتداولية عميقة ، وعلاوة على هذا ، فقد طرح استناداً إلى مفاهيمه الأساسية في نماذجه ، أو محاولاته السابقة نموذجاً تتم فيه عملية الوصف النحوي الدلالي من خلال عمليتين ، هما عملية تأليف النص أو تكوينه ، وعملية تحليل النص أوتفكيكه ، وتحدث في أثناء عملية التفكيك عدة إمكانات تُقَّدم في خطوات منفردة ...[55]
ومن أبرز الإسهامات النصية التي يمكن أن تُسلك في الاتجاه الدلالي[56] على الرغم من تعدد الجوانب النحوية ، والتداولية ، والإدراكية فيها إسهامات ( فاندايك ) , وهو في تحليله النصي ينظر إلى العبارات النصية بوصفها (سلسلة من الجمل ) ، ويسمّيها ( التتابع ) ، وهناك تتابع مقبول ، وآخر غير مقبول ... وهو يرى أن المميزات الأكثر وسماً للنصوص تأخذ مكاناً بشكل رئيس على المستوى الدلالي ، والمستوى التداولي ، ولكن التتابعات الجملية توصف بشكل رئيس بمصطلحات ( العلاقات الدلالية ) بين الجمل ؛ ولكي يقيم تمييزاً بين العلاقات الواسمة لـ(ظواهر السطح) ، والعلاقات الدلالية ؛ فإنه تحدث عن العلاقات بين القضايا ، وأصبح النظر إلى النص وكأنه مركَّب قاضوي ، ومن الأفكار المهمة التي أتى بها (فاندايك ) فكرته عن البنية الكبرى ، أي التعبير الواسع النطاق عن محتوى النص ، وتربط جمل النص البنية الكبرى بالقضايا المعبر عنها بما يسمى الضوابط الكبرى وهي : الحذف ...، والاختيار...، والتعميم ...، والتركيب أو الإدماج ... ، وقد اقترح أيضاً ما يُسمّى ( البنى العليا ) التي لها علاقة بشكل النصوص ، وما يمكن أن يميز نصاً عن آخر بخلاف (البنى الكبرى ) التي لها علاقة أكبر بمضمون النص ، ولم يكتف بذلك ، بل أضاف إلى تحليله عوامل أسلوبية وبلاغية ، وسياقيه تداولية مع التركيز على نظرية أفعال الكلام ،كما اهتم بالسياق الإدراكي وفهم النص ...[57]
ومن الأعمال الأخرى في هذا المجال الدلالي إسهامات ( إيغور ملتشوك ) ، الذي يرى أن الانتقال بين المعنى والنص هو العملية الكبرى في النموذج اللغوي ... ويتصور ملتشوك تمثيلاً للمعنى له نحوه الخاص ، أي أن له وصليَّة غير ظاهرة في التنظيم القواعدي في سطح النص من خلال شبكة من العلاقات...[58]
الاتجاه التداولي .
تجلّى من خلال ما سبق اعتماد عدد من التحليلات النصية ذات المنطلقات النحوية أو الدلالية على جوانب دلالية ، ولكن هناك إسهامات نصية أكثر تركيزاً على الاتجاه التداولي .
" فقد أصبح يشار منذ السبعينات دائماً إلى ضرورة تناول عوامل توظيف النصوص وشروط ذلك التوظيف أيضاً في الدراسة النصية ، حيث لا يمكن على ما يبدو استنباط (المعنى الاتصالى) للنصوص من أبنية النص بمفردها"[59]، ولكن النص يظل هو المنطلق الأساس من خلال ربطه بسياق الموقف الاتصالي في إطار ما يُسمّى بنماذج السياق ، كنموذج النص النظري لدي ( إيزنبرج 1976م ) ، الذي يعتمد فيه على قواعد النص مع احتوائه على عوامل السياق ، وخصوصاً محاولة فهم الوظيفة الاتصالية للنص ، وتحديدها تحديداً دقيقاً...[60]
ويمكن عدُّ إسهام ( ج . ب . بروان ) و ( ج . يول ) في تحليلهما للخطاب في إطار نماذج السياق فهما يعرفان النص أنه : " التسجيل الكلامي لحدث تواصلي "[61] ، وهما ينطلقان في تحليلهما للسياق من الوظيفة التعاملية المتمثلة في نقل المعلومات ، والوظيفة التفاعلية بين المتخاطبين ؛ إذ إن أغلب الاتصال اللغوي يرمي إلى التفاعل وإقامة العلاقات أكثر من نقل المعلومات ...، وقد بحثا أهمية الموضوع في الخطاب...كما بحثا التماسك ، والإحالة ، وغير ذلك ، مع التركيز على أهمية السياق في كل ما سبق[62]
تلك كانت بعض نماذج السياق العامة ، أما إذا كان الانطلاق من بعض العوامل السياقية في النص فإن النماذج التي يمكن أن تصنف في هذا المجال هي النماذج القائمة على نظرية الحدث ، والأفعال الكلامية ، ونماذج الممارسة ، وعلى شهرة نظرية الحدث والأفعال الكلامية لأوستن (Austin) ، وسيرل(Serale ) ، وما حدث فيها من تطوير بعدهما في التداولية المعاصرة ، إلا أنها لم تطبق إلا على جمل مفردة ، وقد تم اختبارها في بعض جوانب نصية ذات اتجاهات مختلفة ... ومن أبرز تلك النماذج نموذج موتش (Motsch 1986) ، الذي جعل فيه مفهوم حدث ( الإنجاز النظري ) وحدة القاعدة في تكوين النص ... والإنجاز النظري هو الفعل الكلامي الثاني الذي يشير إلى ما ينبغي أن يعمل بالقول ، وما ينبغي أن يحدث كما تشير نظرية الحدث والأفعال الكلامية ...[63]
الاتجاه الإدراكي الإجرائي .
ظهر هذا الاتجاه بدافع من كثرة الرجوع إلى علم النفس الإدراكي لإيضاح عدد من القضايا اللغوية ، إذ أفادت اللسانيات النصية من علم النفس الإدراكي في شرح كيفية إنتاج النصوص ، وكيفية فهمها ...
ونماذج النص الإجرائية يجب " أن تراعي كمية كبيرة من العمليات النفسانية عند نشأة النص ومعاجلته ، وبذلك تثبت بأي الطرق ينظم صانع الحدث بواسطة مجموعة محددة من مضامين الوعي والإجراءات الأنواع المختلفة من الممارسات ( خاصة بالطبع اللمارسات اللغوية ـ الاتصالية )."[64]
ويصلح للتمثيل على هذا الاتجاه النموذج الذي قدمه دي بوجراند (De Beaugrande) ودريسلر (Dressler) 1981م ، إذ يريان أن المعايير التي ينبغي أن تعتمد في دراسة النص هي أربعة عوامل ": لغوي ، ونفسي ، واجتماعي ، وذهني (معالجة الإنسان للمعطيات ) ، والمعايير التي لا غنى عنها لتوافر صفة النصية ، في تشكلية لغوية ما ، هي :
1- التضام : Cohesion وهو يشتمل على الإجراءات المستعملة في توفير الترابط بين عناصر ظاهر النص ...
2- التقارن : Coherence وهو يشتمل على الإجراءات المستعملة في إثارة عناصر المعرفة ، من مفاهيم وعلاقات ، منها علاقات منطقية كالسببية ، ومنها معرفة كيفية تنظيم الحوادث ، ومنها أيضاً محاولة توفير الاستمرارية في الخبرة البشرية .
3- القصدية : Intentionality أي قصدية المنتج توفير التضام والتقارن في النص وأن يكّون أداة لخطة موجهة لهدف .
4- التقبلية : Acceptability أي تقبلية المستقبل للنص باعتباره متضاماً متقارناً ذا نفع للمستقبل وذا صلة به .
5- الموقفية : Situationality وهي تشتمل على العوامل التي تجعل النص ذا صلة بموقف حالي ،أو بموقف قابل للاسترجاع .
6- الإعلامية : Informativity وهي تشتمل على عامل الجدة ( اللايقين النسبي لوقائع النص بالمقارنة مع الوقائع الأخرى المحتملة الحدوث .
7- التناص : Intertextuality وهي تتضمن العلاقات بين نص ما ونصوص أخرى ذات صلة ، تم التعرف إليها في خبرات سابقة ...[65]
ويعلِّق دي بوجراند على هذه المعايير ، فيقول : " من هذه المعايير السبعة معياران تبدو لهما صلة وثيقة بالنص : (التضام والتقارن ) ، واثنان نفسيان بصورة واضحة ( رعاية الموقف والتناص ) , أما المعيار الأخير (الإعلامية ) ، فهو بحسب التقدير .ولكن يظهر من النظرة الفاحصة أنه لا يمكن لواحد من هذه المعايير أن يُفهَم دون التفكير في العوامل الأربعة جميعاً : اللغة ، والعقل ، والمجتمع ، والإجراء Processing ."[66]
وهنالك اتجاهات أخرى في التحليل النصي كالاتجاه السيميائي كما يتمثل عند جان كلود جيرو(Jean Claude Giroud ) ،ولوي بانييه (Louis Panier)[67] ، وكالاتجاه البلاغي ؛ إذ تظهر جوانب منه في تحليل تون أ فاندايك ، ولكنه يتمثل كمنطلق رئيس عند أوليفي روبول (Olivier Reboul)[68] ، وعند هنريش بليث ، على الرغم من الروافد السيميائية ،والدلالية ، والتداولية التي يدعم بها نموذجه في تحليل النص...[69]
وأخيراً ، فإنِّه حينما يذهب تون أ فانديك إلى أن علم لغة النص يجب أن يكون علماً متداخل الاختصاصات فهو لاشك محق في ذلك ؛ لأن الجانب الاستعمالي ، الذي هو جزء من نصية النص يجعل النص رهيناً في مقاربته بعلوم متنوعة من علوم التاريخ والأدب والإنثربوجيا ، والفلسفة والمنطق وعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم القانون والاقتصاد والسياسية ...[70]
وبناء على ذلك فإن مناهج تناول النصوص تتعدد بتعدد تلك التداخلات في النص ، وذلك إن كان في جانب منه يمثِّل غنى للنظرية النصية اللسانية ، بيد أنه في الجانب الآخر قد يشكِّل نوعاً من التشتت ، ونوعاً من التخبط المنهجي ما بين مناهج وصفية ، ومناهج بنيوية ، وأخرى وظيفية أو غير ذلك من الطرق المنهجية التي حاول البحث أن يردها إلى اتجاهات قد يستوعب الاتجاه الواحد منها أكثر من منهج بحثي ، ولكنها جميعاً تقارب النص في إطار لغته ، وهذا ما قد ينقذها من التفلت بعيداً عن النص .
أما أصلح اتجاه لمقاربة النص ، فذلك مما يختلف باختلاف نوع النص ، واختلاف الحيِّز الاستعمالي له ، مضافاً إلى ذلك التفاوت العلمي عند الباحثين ، وتفاوت القدرة على التعامل التنظيري والتطبيقي من باحث إلى آخر .
- أهمُّ الدِّراساتِ النَّصية التي تَجَاوزتْ عَتَبة الجُمْلةِ في اللغة العَربيّة في العصرِ الحاضِر .
كان ما سبق مجرد إشارات إلى أبرز الاتجاهات في مسيرة تطور لسانيات النص ، أو علم اللغة النصي في الغرب ، وهي لا تعكس أبداً ما في تلك المسيرة من نضج وتطور وتعقّد ...، فالبحث في هذا المجال يحتاج ، إلى دراسات كبيرة ، وعمل مستقل .
ومما لا بد منه في هذا المقام الإشارة إلى بعض أهم اتجاهات لسانيات النص في البحوث ، التي تناولت اللغة العربية ، والحقيقة أنَّ عدد البحوث العربية ذات التخصص الدقيق في هذا المجال قليلة جداً ، فهي تُعدُّ على الأصابع ...[71]
وتعدُّ دراسة محمد خطابي (1991م ) من أوائل الدراسات العربية في المجال التطبيقي في لسانيات النص ، وقد تأثرت الدراسة بمنظور اللسانيات الوصفية من خلال اتجاه م .أ ك . هاليدي ورقية حسن المسمّى الاتساق في اللغة الإنجليزية (Cohesion in English) ، ومزج هذا المنظور في تطبيقه ، بما استخلصه من التراث العربي من البلاغة والنقد الأدبي ، والتفسير ، ومع إن اتجاه م . أ . ك . هاليدي ورقية الحسن في كتابهما يمكن أن يُعد ضمن الاتجاه اللغوي النحوي ، إلا أن محمد خطابي درس جوانب دلالية ، وأخرى تداولية . وأفاد من بعض اقتراحات ( فانديك ) و( ج . ب . بروان ) و( ج يول ) ذات الصلة بموضوع التماسك ، كما أنه استثمر في دراسته تلك الجوانب مضيفاً عليها جوانب دلالية ، وأسلوبية ، وبلاغية من خلال معطيات التراث العربية[72]
وهو يبدو بهذا البحث ذا منهج نصي ينزع إلى الشمولية من خلال الانطلاق من الموضوع المطروح للدرس ، وليس من منهج أو اتجاه بعينه ، وهذه إحدى سمات المنهج النصي المتعدد المشارب ...
واتبع طريق محمد خطابي (مصطفى صلاح قطب 1996م ) ، ولم يصرح باتباعه نهج نصي محدّد ، بل إنه تناول التماسك النصي في إطار ثلاثة مناهج بحثية عامة هي المنهج الوصفي ، والإحصائي ، والتاريخي ، مع الانطلاق من منظور ( أ . م . ك . هاليدي , ورقيّة حسن ) ، والتنبيه على أن القدماء قد مارسوا التعامل مع النص وإن غاب عنهم تعريفه.[73]
كما سلك الطريق نفسها ( صبحي إبراهيم الفقي 2000م) ، مع ملاحظة أن التأثير الأوضح كان ل( أ . م . ك . هاليدي , ورقية حسن ) ، عليهم جميعاً [74] كما تابعهم أيضاً ( مصطفى النحاس 2001م ) ، وقد كان مقلّداً في دراسته الموجزة لمحمد خطابي ليس إلا.[75]
ومن الدراسات ذات التأثر الجلي بالدراسات الغربية تطبيقات نظرية ( دي بوجراند ووولفجانج دريسلر ) في اللغة العربية ، التي قام بها ( إلهام أبو غزالة وعلي خليل حمد 1999م ) ، وقد اتفق الباحثون الأربعة أن يكون العمل جهداً مشتركاً لهم جميعاً[76]
وبهذا العمل يتكوَّن اتجاهٌ إدراكيٌ إجرائيٌ أصيلٌ ( الاشتراك في إنجاز النظرية ، وليس ترجمتها أو التأثر بها فقط) في البحث النصي في اللغة العربية .
ومن البحوث المهمة المؤسسة في اللغة العربية للسانيات النصية ما قدمّه (الأزهر الزناد 1993م ) في ما يكون به الملفوظ نصاً ، وقد اعتمد في بحثه على رصد الروابط التركيبية ، والإحالية ، والزمانية ، معتمداً في الأخيرة على لوكاشيو (Lo Cascio) ، الذي يعمل في إطار النحو التوليدي ، وفي إطار نظرية العاملية والرابطية[77] ، أو ما يسمى بنظرية الربط العاملي ، وبالإمكان عد نموذج الزناد نموذجاً خاصاً به ، في إطار الاتجاه اللغوي النحوي في علم اللغة النصي .
ومن النماذج التي يمكن اعتبارها ضمن النماذج النحوية الدلالية المنطلقة من مفاهيم التراث العربي نموذج (عمر أبوخرمة 2004م ) ، ويقوم نموذجه على تحديد بنيان النص من خلال رصد العلاقة بين الفقرة والفقرة في سورة البقرة ،وإيضاح أبعاد العلاقة الدلالية والنحوية بطريقة تؤدي إلى تشكل النص[78] .
ومن الأعمال ذات الاتجاه النحوي المعتمد على النظرية النحوية العربية القديمة ما قدمه ( حسني عبد الجليل يوسف 1997م ) في استثماره مقولة إعراب الجمل في النحو العربي لتأسيس إعراب النص إذ أوضح أن النظريات الغربية قد لفتت نظره إلى إعراب الجمل في النحو العربي وكون المعربين وبخاصة معربي القران الكريم كانوا أقرب إلى نحو النص[79] .
وقد أكد في بحثه على عدم اعتماده على أي من البحوث الغربية في نظرته إلى إعراب النص .
ويأتي بعد ذلك العمل الضخم لـ ( محمد الشاوش 2001م ) ؛ ليطرح مفهوم نحو النص في النظرية النحوية العربية بما فيها من تركيب ، ودلالة ، وسياق ، واستعمال ، ومقام ، ونص رافضاً فكرة المسار الخطي التطوري في العلوم الإنسانية ؛ وبناء على ذلك يمكن مقارنة النظرية النحوية العربية بمختلف النظريات النحوية واللسانية ، من غير أن يكون هناك تسلّط لفكرة ما يُسمّى ( تراثاً قديماً ) ، ليرصد من خلال ذلك الجهد الكبير الذي قدّمته النظرية العربية في تأسيس نحو النص ( اللفظ ، القول ، الكلام ، الخطاب ) ... ، وأنه إذا كان هناك من مسوِّغ لانتقال النظرية اللسانية الغربية من نحو الجملة إلى نحو النص ، فإن هذا المسوغ لا يمكن قسر النظرية النحوية العربية عليه ؛ إذ نحو النص متضمن في أثنائها [80].
وهذه النظرة بالطبع لا تدعو إلى التوقف عند المحصول العربي السابق دون إعادة نظر ، أو تمحيص ، أو إضافة ، أو تنظير ، أو إفادة من معطيات البحث في العالم الحديث ، ولكن ينبغي أن يكون الانطلاق الأوليُّ من خلال النظرية النحوية العربية الموسعة- إن اختار باحث ما- الإفادة من معطياتها .
وعلى ذلك ينبغي أن يُفرَّق بين تلك البحوث التي تبني تلفيقاً أو أمشاجاً مختلطة منطلقة في بداياتها من نظريات حديثة محاولة تصيّد بعض ما جاء في النظرية النحوية العربية ، ووصله بتلك النظريات الحديثة ، كما ينبغي التنبه إلى وقوعها في خطأ فكري منهجي ، ولذلك فإن التوجه العلمي المحمود في هذا الخصوص هو الانطلاق من خلال النظرية النحوية العربية الموسعة التي لا تقتصر على كتب النحو واللغة القديمة فقط ، مع عدم الاستنكاف من الإفادة من المعطيات اللسانية الحديثة في البحث ، والفحص ، والمقارنة ، والعمل على إيجاد آفاق نظرية وتطبيقية عربية جديدة في إطار علم لغة النص .
وفي النهاية يمكن القولُ : إن تجاوز حدود الجملة في الدراسات اللغوية قد بدأت منه شذرات متفرقة في الدراسات اللغوية عموماً ، ولكن من منطلق نحو الجملة ، أي من داخل الجملة إلى ما قد يتعلق بها خارجها ، لكن الاتجاه إلى ما بعد الجملة في الدراسات اللغوية العربية من خلال منظور النظرية اللغوية الموسعة التي لا تقتصر على جهود اللغويين والنحويين فحسب ، مثّل أحسن تمثيل نظرة متطورة لتجاوز أفق الجملة ، إما بالانطلاق من خارج حدود الجملة إلى داخل حدود الجملة ، أو بالنظر إلى داخل الجملة وخارج الجملة كمسارين يكمل بعضهما بعضاً لمقاربة النص .
وكادت النظرية العربية أن تستقلًّ بالنظر إلى خارج حدود الجملة كوحدة لغوية مستقلة ينبغي أن تكون هي محور الدرس اللغوي ، وما يقوم عليه من دروس أخرى ، وإن ظل نحو الجملة هو المسيطر على جل اتجاهات الدراسين اللغويين العرب القدماء ... ،
والذي يلفت النظر حقاً هو توزع مجال النظر إلى النص عند القدماء على أكثر من مجال معرفي كحاله في الدراسات اللغوية المعاصرة التي تأسست فيها نظرية مستقلة بعلم النص ، وصار ذلك العلم علماً بين معرفي تتنازعه عدة مناهج بحثية ، ويتوزع على عدد من الاتجاهات العلمية والنظرية ، وبلغ في إطار النظريات اللغوية التي تنشأ الآن في الغرب شأواً كبيراً مع حداثة نشأته .
[1] يمكن الاطلاع على :
- تيرينس مورو وكريستسن كارلنغ : فهم اللغة نحو علم لغة لما بعد مرحلة تشومسكي ، ترجمة د. حامد حسين الحجاج ، ود . سلمان داود الواسطي ، وزارة الثقافة والإعلام ، بغداد 1998م ، ص ص 9 -29 .
[2] محمد الشاوش : أصول تحليل الخطاب في النظرية النحوية العربية (تأسيس نحو النص) ، سلسلة اللسانيات ، المجلد 14، جامعة منوبة ، تونس ،والمؤسسة العربية للتوزيع ، بيروت ، ط الأولى ، 121هـ/2001م ، ج 2، ص 1267
[3] محمد بن إدريس الشافعي : الرسالة ، تحقيق أحمد محمد شاكر، بدون بيانات ، ص 51-52 .
[4] انظر : تون أ. فان دايك : النص : بنى ووظائف (مدخل أولي إلى علم النص ) ، ترجمة منذر عياشي ضمن كتاب العلاماتية وعلم النص ، مرجع سابق ، ص 145 ، ص ص 153 – 154 .
[5] محمد مفتاح : مجهول البيان ، دار توبقال ، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى ،1990 ، ص 99 .
[6] صلاح فضل : بلاغة الخطاب وعلم النص ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، صفر 1413هـ/أغسطس 1992م ، ص 252 -253 . ونص النص عن ( فان دايك ) كالاتي : " إن البلاغة هي السابقة التاريخية لعلم النص ، إذا نحن أخذنا في الاعتبار توجهها العام المتمثل في وصف النصوص وتحديد وظائفها المتعددة . لكننا نؤثر مصطلح علم النص ، لأن كلمة البلاغة ترتبط حالياً بأشكال أسلوبية خاصة ..."
[7] صبحي إبراهيم الفقي : علم اللغة النصي بين النظرية والتطبيق ( دراسة تطبيقية على السور المكية) ، دار قباء ، القاهرة ، الطبعة الأولى، 1421هـ /2000م ، الجزء الأول ، ص 83 .
[8] انظر : محمد الشاوش : أصول تحليل الخطاب في النظرية النحوية العربية (تأسيس نحو النص) ، مرجع سابق ، ج1، ص ص 15- 16 . وج2 ، ص ص 1274 -1290 .
[9] أبوحامد محمد بن محمد الغزالي : المستصفى من علم الأصول ، المطبعة الأميرية ، القاهرة ، الطبعة الأولى ، 1322هـ ، تصوير مؤسسة الرسالة ، الجزء الأول ، ص 5 .
[10] السيد أحمد عبدالغفار : التصور اللغوي عند الأصوليين ، مكتبات عكاظ ، جدة ، الطبعة الأولى 1401هـ/1981م ، ص 36 .
[11] محمد أديب صالح : تفسير النصوص في الفقه الإسلامي (دراسة مقارنة ) ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، الطبعة الثانية ، 1972م/1392هـ ، ص ص 98-99 .
[12] أبوحامد الغزالي : المستصفى من علم الأصول ، مرجع سابق ، الجزء الأول ، ص 334 .
[13] انظر : المرجع السابق ، الجزء الأول ، ص ص 336 -340 .
[14] للاستزادة في علاقة التداولية بما أنتجه علماء الأصول ، وتميز علماء الأصول في تصنيف الخبر والإنشاء واتفاقهم مع التداولية المعاصرة في تقسيماتها للفعل الكلامي إلى أربعة أقسام خلافا لأوستن وسيرل اللذين نجد للفعل الكلامي عندهما ثلاثة أقسام ، انظر:
- مسعودصحرواي : التداولية عند العلماء العرب " دراسة تداولية لظاهرة الأفعال الكلامية في التراث اللساني العربي " ، دار الطليعة ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 2005م ، ص ص 129-172 .
[15] المرجع السابق ، الجزء الأول ، ص 375 .
[16] المرجع السابق ، الجزء الأول ، ص ص 384 -386 .
[17] انظر : المرجع السابق ، الجزء الثاني ،ص ص 32-35 ، ص ص 98-105، ص ص 163_ 204.
[18] للاطلاع على المزيد في هذا الشأن يمكن النظر في :
- أشرف عبدالبديع عبدالكريم : الدرس النحوي النصي في كتب إعجاز القرآن الكريم ، دار فرحة ، المنيا ، 2003م .
[19] بدر الدين محمد بن عبدالله الزركشي : البرهان في علوم القران ، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا ، دار الفكر ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 1408هـ / 1988م ، الجزء الأول ، ص 45.
[20] المرجع السابق ، الجزء الأول ، ص 62- 63 .
[21] المرجع السابق ، الجزء الأول ، ص ص 66 -81 .
[22] المرجع السابق : الجزء الأول ، ص ص 377- 386 .
[23] المرجع السابق : الجزء الأول ، ص ص 415 _ 436 .
[24] للاطلاع على المزيد يمكن النظر في :
- محمد العبد : حبك النص " منظورات من التراث العربي " ، مجلة الدراسات اللغوية ، مج الثالث ، ع الثالث ، رجب ورمضان 1422هـ / أكتوبر وديسمبر 2001 ، ص ص 138-220 .
[25] انظر : أباهلال الحسن بن عبد الله العسكري : كتاب الصناعتين الكتابة والشعر ، تحقيق الدكتور مفيد قميحة ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، الطبعة الثانية ، 1409هـ / 1989م ، ص ص 375 – 382.
[26] المرجع السابق : ص 411 .
[27] المرجع السابق : ص 443 .
[28] المرجع السابق : ص 443 .
[29] المرجع السابق : ص 452 ، وص 425 . وغير ذلك من المحسنات اللفظية ، والمعنوية التي جعلها القدماء كالحلية الزائدة مع أن لها دوراً مهماً في التماسك اللفظي والدلالي للنص .
[30] عبدالقاهر الجرجاني : دلائل الإعجاز في علم المعاني ، تحقيق : الإمام محمد عبده ومحمد محمود التركزي الشنقيطي ، دار المعرفة ، بيروت ، الطبعة الأولى 1415هـ/1994م ، ص 158 .
[31] المرجع السابق : ص 153 .
[32] انظر المرجع السابق : ص ص 153- 154 .
[33] انظر المرجع السابق : ص ص 155-156 .
[34] صبحي إبراهيم الفقي : علم اللغة النصي بين النظرية والتطبيق ، مرجع سابق ، الجزء الأول ، ص 78 .
ويذهب د. محمد حماسة عبداللطيف إلى أن مصطلح التعليق عند عبدالقاهر الجرجاني له علاقة بالحالة الإعرابية ؛ إذ الحالة الإعرابية هي نتيجة للتعليق . وهذا الأمر قد يصب في النهاية إلى نظرية إعرابية نصية ، انظر :
- محمد حماسة عبداللطيف : العلامة الإعرابية في الجملة بين القديم والحديث ، دار الفكر ، بدون بيانات ، ص 271.
ويمكن النظر إلى تميز الاتجاه النصي عند الجرجاني في المقارنة لتي عقدها د. محمد الشاوش بين الجرجاني وبين عمل H. weil الذي أشار إليه Dressler ، انظر :
ـ محمد الشاوش : أصول تحليل الخطاب في النظرية النحوية العربية (تأسيس نحو النص) ، مرجع سابق ، ج1 ، ص ص 75-76 .
[35] عبدالقاهر الجرجاني : دلائل الإعجاز ، مرجع سابق ، ص ص 335- 336 .
[36] نظر : إلهام أبو غزالة وعلي خليل حمد : مدخل إلى علم لغة النص ( تطبيقات لنظرية روبرت ديبوجراند وولفجانج دريسلر ) ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ،الطبعة الثانية ، 1999م ، ص 18 .
[37] من ذلك العطف ، والحذف ، والصلة ، والشرط ، وبعض مباحث التوابع ...، والإضافة إلى الجمل ...إلخ
[38] في الحقيقة يمكن عد هذه النظرية المختلفة التي نًقلت عن قطرب أول نظرة يمكن أن تزلزل عرش إعراب الجملة وتكون ممهدة للانتقال إلى نوع من الإعراب النصي القائم على الحالة النحوية أو المعنى النحوي ، وللاطلاع على رأي قطرب ، وما أحدث من تأثيرات عند بعض اللغويين المعاصرين ، انظر:
- أبو القاسم الزجاجي : الإيضاح في علل النحو ، تحقيق د. مازن المبارك ، در النفائس ، دمشق ، الطبعة الرابعة ،1402هـ /1982م ، ص ص 70-71 .
- محمد حماسة عبداللطيف : العلامة الإعرابية في الجملة بين القديم والحديث ، مرجع سابق ، ص ص 264-274 .
[39] جمال الدين ابن هشام الأنصاري : مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ، تحقيق مازن المبارك ، ومحمد علي حمه الله ، دار الفكر ، بيروت ، الطبعة الخامسة ، 1979م ، ص ص 684 – 685 .
[40] لتفصيل أكثر في البدايات الأولى للاهتمام بإعراب الجمل ، انظر :
- إبراهيم صالح الحندود : الجمل المختلف في إعرابها ، مجلة الدراسات اللغوية ، المجلد السادس ، ع الأول ،( المحرم وربيع الأول 1425هـ / إبريل ويونية 2004م) ، ص 21 .
[41] انظر المرجع السابق : ص 500 . وانظر في الصفحة نفسها الهامش رقم (1) .
[42] المرجع السابق : ص 536 ، الهامش رقم ( 3 ) .
[43] انظر :
ـ Malcolm Coulthard : An Introduction Discourse Anaiysis, Longman , London & New York,''1985''p3.
[44] انظر : سعيد حسن بحيري : علم لغة النص ( المفاهيم والاتجاهات ) ، الشركة المصرية العالمية للنشر ( لونجمان ) ، القاهرة ، الطبعة الأولى ، 1997م ، ص 18 .
[45] سعيد يقطين : انفتاح النص الروائي ( النص ـ السياق ) ، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى ، 1989م ، ص 14 ، وللنظر في كيفية انتقال نظرية علم لغة النص إلى اللغة العربية يمكن الاطلاع على :
ـ جمعان عبدالكريم : التأريخ الصحيح للسانيات النص في اللغة العربية ، منتدى اللسانيات ، على الرابط : http://www.lissaniat.net/viewtopic.php
[46] انظر : جان ماري سشايفر : النص ، ضمن كتاب العلاماتية وعلم النص ترجمة منذر عياشي ،المركز الثقافي العربي ،الطبعة الأولى ،2004م ، ص 122.
[47] ترجم هذا الكتاب إلى العربية وعلق عليه الأستاذ الدكتور سعيد حسن بحيري ، وصدرت طبعته الثانية عن دار القاهرة في 2005م
[48] إلهام أبو غزالة ، وعلي خليل حمد : مدخل إلى علم لغة النص ( تطبيقات لنظرية روبرت ديبوجراند وولفجانج دريسلر ) ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، الطبعة الثانية ، 1999م ، ص49 .
[49] سعيد حسن بحيري : علم لغة النص ( المفاهيم والاتجاهات ) ، مرجع سابق ، ص 86 .
[50] المرجع السابق ، ص 19. نقلاً عن.ff. Harris,Z. ; Methods in Structural Linguistics ,p.22
[51] انظر :
ـ إلهام أبو غزالة ، وعلي خليل حمد : مدخل إلى علم لغة النص ( تطبيقات لنظرية روبرت ديبوجراند وولفجانج دريسلر ) ، مرجع سابق ، ص 47.
_ فولفجانج هاينه من ، وديتر فيهفيجر : مدخل إلى علم اللغة النصي ،ترجمة الدكتور فالح بن شبيب العجمي ، جامعة الملك سعود ، الرياض ، الطبعة الأولى ،1419هـ /1999م ، ص 27-28.
[52] انظر : سعيد حسن بحيري : علم لغة النص ( المفاهيم والاتجاهات ) ، مرجع سابق ، ص ص 191- 217.
[53] فولفجانج هاينه من ، وديتر فيفيجر : مدخل إلى علم اللغة النصي ،ترجمة الدكتور فالح بن شبيب ، مرجع سابق ، 43.
[54] سعيد حسن بحيري : علم لغة النص ( المفاهيم والاتجاهات) ، مرجع سابق ، ص 257 ، وقد نقل جزء من هذا الاقتباس عن نبيلة إبراهيم : فن القص بين النظرية والتطبيق ، القاهرة ، مكتبة غريب ، 1992م ، ص 55 .
[55] للاستزادة والتفصيل يمكن الرجوع إلى :
_ المرجع السابق ، ص ص 256-286.
ـ جانوس .س . بيتوفي : اللغو وسيلة مكتوبة : النص ، ضمن الموسوعة اللغوية ، تحرير ن .ي . كولنج ، ترجمة الدكتور محيي الدين حميدي ، والدكتور عبدالله الحميدان ، مرجع سابق ص ص 207- 240 . حيث قام بيتوفي بتحليل جزء من قصة ( أليس في بلاد العجائب ) للويس كارول .
[56] على الرغم من أن تون أ فانديك يذهب إلى وجوب اقتران الدلالية والتداولية لمقاربة أفضل للخطاب أي أنه يمكن أن يسلك في اتجاه ( دلالي – تداولي ) أو( اتجاه تكاملي) يشمل بعض معطيات علم النفس الإداركي ، وبعض معطيات علم الاجتماع ، والإيدلوجيا وبعض المعطيات البلاغية ، ألا أن التصنيف هنا جاء كنوع من اضطرارات عملية التصنيف ، إضافة إلى الاعتماد على انطلاق تون أ فانديك من كون النص في مكونه الأساس عبارة عن بينة دلالية كبرى أو بتعبير هاليدي ورقية حسن وحدة دلالية ، ويمكن النظر إلى جعل النص مسألة دلالية عند فانديك في :
- تون أ. فان دايك : النص : بنى ووظائف (مدخل أولي إلى علم النص ) ، ترجمة منذر عياشي ضمن كتاب العلاماتية وعلم النص ، مرجع سابق ، ص 145 ، ص ص 153 – 154 .
كما يمكن الاطلاع على اهتمام تون أ فانديك بالتداولية في :
- تون أ فانديك : النص والسياق استقصاء البحث في الخطاب الدلالي والتداولي ، ترجمة عبدالقادر قنيني ، أقريقيا الشرق ، الدار البيضاء – بيروت ، 2000م ، ص 14 .
ويمكن الاطلاع على آخر ما وقف عليه تون أ فانديك في مقارباته للنص في :
http://www.discourses.org ". Teun A. van Dijk: From Text Grammar to Critical Discourse Analysis A brief academic autobiography , Vesion 2.0 August 2004 ,p1
". Teun A. van Dijk: Principles of Critical Discourse Analysis ,pp1-2 http://www.discourses.org
[57] انظر :
ـ تون أ. فان دايك : النص : بنى ووظائف (مدخل أولي إلى علم النص ) ، ترجمة منذر عياشي ضمن كتاب العلاماتية وعلم النص ، مرجع سابق، ص ص 137-191.
ـ تون أ . فان دايك : علم النص مدخل متداخل الاختصاصات ، ترجمة وتعليق دكتور سعيد حسن بحيري، دار القاهرة للكتاب ، القاهرة ، الطبعة الأولى ،2001م ، ص 73، ص 209.
[58] إلهام أبو غزالة ، وعلي خليل حمد : مدخل إلى علم لغة النص ( تطبيقات لنظرية روبرت ديبوجراند وولفجانج دريسلر ) ، مرجع سابق ، ص 52- 53 .
[59] فولفجانج هاينه من ، وديتر فيهفيجر : مدخل إلى علم اللغة النصي ،ترجمة الدكتور فالح بن شبيب العجمي ، مرجع سابق ، ص 57.
[60] انظر : المرجع السا بق ، ص 57-58.
[61] ج . ب. بروان ، و ج . يول : تحليل الخطاب ، ترجمة وتعليق الدكتور محمد لطفي الزليطني ، والدكتور منير التريكي ، جامعة الملك سعود ، الرياض ،1418هـ /1997م ، ص 227. وينبغى أن يشار إلى أن فولفجانج هاينه من ، وديتر فيهفيجر قد صنفا نموذج ج . ب. بروان ، و ج . يول ضمن النماذج الذهنية ، ولكن اعتمادهما الشديد على السياق جعل الباحث يعدهما في الاتجاه السياقي . انظر : فولفجانج هاينه من ، وديتر فيهفجر : مدخل إلى علم اللغة النصي ،ترجمة الدكتور فالح بن شبيب العجمي ، مرجع سابق ، ص 87.
[62] المرجع السابق ، ص ص2 -3 وانظر بقية فصول الكتاب .
[63] انظر : فولجانج هاينه من ، وديتر فيهفجر : مدخل إلى علم اللغة النصي ، ترجمة د. فالح بن شبيب العجمي ، مرجع سابق ، ص 56 ، وص ص 62-66 . مع ملاحظة تصرفي واختصاري في النقل من المرجع المذكور .
[64] المرجع السابق ، ص 81.
[65] إلهام أبو غزالة ، وعلي خليل حمد : مدخل إلى علم لغة النص ( تطبيقات لنظرية روبرت ديبوجراند وولفجانج دريسلر ) ، مرجع سابق ، ص 11-12.
[66] روبرت دي بوجراند : النص والخطاب والإجراء ، ترجمة الدكتور تمام حسان ، عالم الكتب ، القاهرة ، الطبعة الأولى ، 1418هـ /1998م ، ص 106.
[67] جان كلود جيرو ، ولوي بنييه : السيميائية نظرية لتحليل الخطاب ، ترجمة الدكتور رشيد مالك ، ضمن كتاب السيميائية أصولها وقواعدها ، مرجع سابق ، ص ص 105-125.
[68] إوليفي روبول ، لغة التربية ( تحليل الخطاب البيداغوجي ) ، ترجمة عمر أوكان ، الدار البيضاء ، أفريقياء الشرق ، 2002م ، ص 21-22.
[69] هنريش بليث : البلاغة والأسلوبية ( نحو نموذج سيميائي لتحليل النص )، ترجمة وتعليق الدكتور محمد العمري ، منشورات دراسات سال ، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى ، 1989م ، ص 10-11.
[70] انظر : تون أ فانديك : علم النص " مدخل متداخل الاختصاصات " ، ترجمة وتعليق الدكتور سعيدحسن بحيري ، القاهرة ، دار القاهرة ، الطبعة الثانية ، 2005 ، ص ص 14 – 34 .
[71] قارن ذلك بما لحظه محمد الشاوش من غزارة الإنتاج المعرفي في لسانيات في فرنسا ما بين عامي 1978م و1990م ، إذ بلغ عدد البحوث في العام الواحد ما بين 94 إلى 298 .
ـ محمد الشاوش : أصول تحليل الخطاب في النظرية النحوية العربية (تأسيس نحو النص) ، مرجع سابق ، ج1 ، ص ص76-77 .
[72] محمد خطابي : لسانيات النص ( مدخل إلى انسجام الخطاب ) ، المركز الثقافي العربي ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 1991م ، ص 6-7 ، وص 209-211 .
[73] مصطفى صلاح قطب : دراسة لغوية لصور التماسك النصي في لغتي الجاحظ والزيات ، رسالة دكتوراه غير منشورة ، جامعة القاهرة ، كلية دار العلوم ، 1417هـ / 1996م ، ص 5-6 ، وص 205 .
[74] صبحي إبرهيم الفقي : علم اللغة النصي بين النظرية والتطبيق ( دراسة تطبيقة على السور المكية ) ،مرجع سابق ، الجزء الأول ، 116-118 . وقد انتقد الدكتورُ عمرُ أبو خرمة دراسةَ الفقي الذي طبق مفهوم هاليدي ورقية حسن على النص القرآني معتبراً أن دراسته قد وصلت إلى قراءة أسلوبية للنص ،وفق مفهوم الأسلوبية الإحصائية ومع المآخذ المعروفة عليها ، وذهب إلى أن التسليم بمنظور هاليدي ورقية حسن ، ونتائج دراسة الفقي يؤدي إلى أن مفهوم علم اللغة النصي يساوي تماماً مفهوم الأسلوبئية الأحصائية وهذا خلاف واقع العلمين .
انظر : عمر أبو خرمة : نحو النص ( نقد النظرية وبناء أخرى ) ، عالم الكتب الحديث ، الأردن ، الطبعة الأولى1425هـ /2004م ، ص 84-85 .
[75] مصطفى النحاس : نحو النص في ضوء التحليل اللساني للخطاب ، ذات السلاسل ، الكويت ، الطبعة الأولى ،1422هـ / 2001م ، ص ص 58- 83.
[76] إلهام أبو غزالة ، وعلي خليل حمد : مدخل إلى علم لغة النص ( تطبيقات لنظرية روبرت ديبوجراند وولفجانج دريسلر ) ، مرجع سابق ، 7-8 .
[77] الأزهر الزناد : نسيج النص ( بحث في ما يكون به الملفوظ نصاً ) ، المركز الثقافي العربي ، بيروت – الدار البيضاء ، الطبعة الأولى ، 1993م ، ص 72.
[78] على الرغم من تماسك النموذج الذي يطرحه عمر أبوخرمة ، إلا أنه يذكر معياراً غريباً للنص عنده يتمثل في وجوب صدور النص ، والخطاب عن حكيم ، و لا يُعلم على وجه التحديد ما المقصود بالحكيم ، وعلى أي معيار يمكن قياس درجة الحكمة ؟
انظر :عمر أبو خرمة : نحو النص ( نقد النظرية وبناء أخرى ) ، مرجع سابق ، ص 31 ، هامش رقم 2 .
[79] حسني عبد الجليل يوسف : إعراب النص (في إعراب الجمل التي لا محل لها من الإعراب ) ، دار الآفاق العربية ، القاهرة ، 1997م ، ص 14-15 .
[80] محمد الشاوش : أصول تحليل الخطاب في النظرية النحوية العربية (تأسيس نحو النص ) ، مرجع سابق ، الجزء الأول ص ص 13- 21، والجزء الثاني ص ص 1261-1352 .
بارك الله فيكم
ردحذفبارك الله فيكم
ردحذف