الأحد، 5 أغسطس 2012

الاسماء المحرمة و المكروهة

الاسماء المحرمة و المكروهة



لا شك أن مسألة الأسماء من المسائل المهمة في حياة الناس ، إذ أن الاسم عنوان المسمى ودليل عليه وضرورة للتفاهم معه ومنه وإليه ، وهو للمسمى زينة ووعاء وشعار يُدعى به في الآخرة والأولى ، وتنويه بالدين ، وإشعار بأنه من أهل هذا الدين ، وهو في طبائع الناس له اعتباراته ودلالاته ، فهو كالثوب ، إن قَصُر شان ، وإن طال شان .

والأصل في الأسماء الإباحة والجواز ، غير أن هناك بعض المحاذير الشرعية التي ينبغي اجتنابها عند اختيار الأسماء منها.

أولاً : الاسماء المحرمة :

عن أبي هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك.. زاد بن أبي شيبة في رواية "لا مالك إلا الله عز وجل" .

وعن أبي هريرة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "أغْيظ الرجل على الله يوم القيامة، وأخبثه وأغيظه عليه، رجل كان يسمى بملك الأملاك. لا ملك إلا الله" .

وجاء في سنن أبي داود والنسائي وغيرهما عن أبي شريح هانئ الحارثي الصحابي رضي الله عنه: "أنه لما وفد إلى رسول الله مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم فدعاه رسول الله فقال: إن الله هو الحكم، وإليه الحكم فلم تكنى أبا الحكم؟ فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ما أحسن هذا. فمالك من الولد؟ قال: لي شريح، ومسلم، وعبدالله، قال: فمن أكْبَرُهُمُ؟ قلت: شريح: قال: فأنت أبو شريح" .

فإذا كان الاسم يقتضي تعظيماً أو تفخيماً فلا ينبغي التسمية به، لأن الله تعالى يقول: (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) [النجم: 32] وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تسمية الغلام رباحاً أو نجيحاً، ففي صحيح مسلم عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ولا تسم غلامك يساراً ولا رباحاً ولا نجيحاً ولا أفلحاً فإنك تقول: أثَمَّ هو؟ فلا يكون فيقول: لا". وكذلك الاسم برة، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فعن زينب بنت أبي سلمة أنها سميت برة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم، فقالوا بم نسميها؟ قال: سموها زينب " رواه مسلم.

ونلخص قواعد الاسماء المحرمة في النقاط التالية

1- التسمي بأسماء الله تعالى أو صفة من صفاته. فالله هو الأحد الصمد الذي لا كفؤ له ولا شريك معه أو نظير له، وله وحده الأسماء الحسنى سبحانه وتعالى علواً عظيماً، ومثال ذلك: اسم "شاهان شاه" أي: ملك الملوك، و "سلطان السلاطين"، و"قاضي القضاة"، و"سيد الكل"، فإن ذلك ليس لأحد غير الله، ولا يرضاه الله تعالى (وكذلك الأسماء التي تدل على العظمة المطلقة أو الفخامة فالعظمة لله وحده).

2- الأسماء المعبدة لغير الله كقول بعض الجاهلين:

عبدالرسول

عبد النبي

عبد الكعبة

عبدالامير

عبدالرضا

عبدالحسين

عبداللاة

عبدالعزى

عبد شمس

عبدقيس

عبد مناف

فإن العبودية قولاً وعملاً واعتقاداً كلها تكون لله، وما سوى ذلك شرك شرك والعياذ بالله .

قال الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : كان اسمي عبد عمرو - وفي رواية عبد الكعبة - ، فلما أسلمت سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن . رواه الحاكم 3/306 ووافقه الذهبي .

3- التسمي بـ : "سيد الناس"، و "سيد ولد آدم"، وليس ذلك إلا لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – خاصة، كما قال: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر" (رواه البخاري ومسلم، وأخرجه مسلم، وأبو داود) .

4- الأسماء المتشائمة أو الدالة على الشؤم (لأن التفاؤل من الإيمان، ولأن البلاء موكل بالمنطق) .

5- أسماء القبح والسخرية وأسماء التحقير والإهانة والمعاني الرديئة أو السخيفة. لأن الله تعالى نهى أن يسخر قوم من قوم، ولا داعي لتعريض الأبناء للسخرية أو الإهانة أو النقص، كما أن الله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال، وطيب يحب الطيب، وهو سبحانه يأمر الآباء ويوجب عليهم تحسين أسماء أبنائهم .

6- الأسماء الخشنة. والأسماء صعبة النطق .

7- أسماء الكفار والأجانب من المشركين .

8- أسماء الجبابرة والفراعنة .

9- أسماء الشياطين والعياذ بالله منهم مثل:

خنزب

الولهان

الأعور

الأجدع شيصبان

ميطرون

شمهروس

10- أسماء جهنم والعياذ بالله منها .

11- الأسماء: رباح، ويسار، وأفلح، ونجيح، ونافع، وبرة، وتقية، لأحاديث تقدم ذكرها، وربما انطبق ذلك على بعض الأسماء في الوقت الحاضر مثل: إيمان، هدى، تقوى، الخ .

12- الأسماء الدالة على معصية الله أو السخط من قدره وحكمه والعياذ بالله .

13- أسماء يوم القيامة (كالقارعة، القيامة، الساعة، الصاخة، الطامة، الخ) .

14- أسماء الحيوانات النجسة والمنبوذة والحشرات الضارة:

الخنزير

القرد

الضفدع

الحمار

الكلب

كانوا يتسمون بهذه الاسمين الأخيرين في الجاهلية، أما في الإسلام فإنه لا يليق التسمي بذلك – وكذلك الحشرات:

الذباب

الخنفساء

الجعلان

البعوضة

15- الأسماء الأجنبية عن معانيها التي لا تعلُّق لها بها أو المناقضة لها، كمن يسمي ابنه أبيض وهو أسود أو العكس، أو من يسمي ابنته شقراء وهي سمراء، وغير ذلك .

ثانيا ً : الاسماء المكروهه:

وهي التي لا يُستحسن التسمية بها ، و أحد العلل تكمن في الخوف أن لا يكون للمسمى نصيب من اسمه : كأن يُسمي " مؤمناً ويكون في كبره كافراً وهكذا ، فعلى الآباء والأمهات أن يحسنوا التسمية، ويضعوا في الحُسبان ذلك، ويجب عليهم أن يُنشئوا الطفل على الأوصاف التي يقتضيها اسمه، فإن كان اسمه " محمداً " عوده منذ صغره على فعل المحامد، وبذل العطاء للناس ليكون محمداً حقيقة.

بالاضافة الى ما تقدم ، فالأسماء المكروهة فيمكن تصنيفها على ما يلي :

1- تكره التسمية بما تنفر منه القلوب ، لمعانيها ، أو ألفاظها ، أو لأحدهما ، لما تثيره من سخرية وإحراج لأصحابها وتأثير عليهم فضلاً عن مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء .

2- يكره التسمي بأسماء فيها معان رخوة شهوانية وهذا في تسمية البنات كثير ، كفاتن ومغناج .

3- يكره تعمد التسمي بأسماء الفساق المجّان من الممثلين والمطربين وعُمار خشبات المسارح باللهو الباطل .

ومن ظواهر فراغ بعض النفوس من عزة الإيمان أنهم إذا رأو مسرحية فيها نسوة خليعات سارعوا متهافتين إلى تسمية مواليدهم عليها ، ومن رأى سجلات المواليد التي تزامن العرض ، شاهد مصداقية ذلك فإلى الله الشكوى .

4- ويكره التسمية بأسماء فيها معان تدل على الإثم والمعصية .

5- وتكره التسمية بأسماء الفراعنة والجبابرة .

6- و التسمية بالأسماء الأعجمية المولدة للكافرين الخاصة بهم .

والمسلم المطمئن بدينه يبتعد عنها وينفر منها ولا يحوم حولها ، وقد عظمت الفتنة بها في زماننا ، فيلتقط اسم الكافر من أوربا وأمريكا ، وهذا من أشد مواطن الإثم وأسباب الخذلان . وهذا التقليد للكافرين في التسمي بأسمائهم ، إن كان عن مجرد هوى وبلادة ذهن ، فهو معصية كبيرة وإثم ، وإن كان عن اعتقاد أفضليتها على أسماء المسلمين ، فهذا على خطر عظيم يزلزل أصل الإيمان ، وفي كلتا الحالتين تجب المبادرة إلى التوبة منها ، وتغييرها شرط في التوبة منها .

وبعض المسلمين يسمي ابنته في هذه الأيام ليندا ونانسي وديانا وغيرها وإلى الله المشتكى .

7- وتكره التسمية بكل اسم مضاف من اسم أو مصدر أو صفة مُشبّهة مضاف إلى لفظ ( الدين ) ولفظ ( الإسلام ) مما يحمل معنى التزكية للمسمى مثل : نور الدين ، ضياء الدين ، سيف الإسلام ، نور الإسلام .. وقد يكون المسمى بخلاف ذلك إذا كبُر فيكون وبالا على أهل الإسلام ومن أعداء الدين واسمه ناصر الدين وذلك لعظيم منزلة هذين اللفظين ( الدين ) و ( الإسلام ) ، فالإضافة إليهما على وجه التسمية فيها دعوى فجة تطل على الكذب ، ولهذا نص بعض العلماء على التحريم ، والأكثر على الكراهة ، لأن منها ما يوهم معاني غير صحيحة مما لا يجوز إطلاقه .

وقد يكون الاسم من هذه الأسماء منهياً عنه من جهتين ؛ مثل : شهاب الدين ؛ فإن الشهاب الشعلة من النار ، ثم إضافة ذلك إلى الدين ، وقد بلغ الحال في بعضهم التسمية بنحو : ذهب الدين ، ماس الدين . بل أن بعضهم سمى : جهنم ، ركعتين ، ساجد ، راكع ، ذاكر .

وكان النووي رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بمحيي الدين ، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بتقي الدين ، ويقول : ( ولكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر ) .

8- وكره جماعة من العلماء التسمي بأسماء الملائكة عليهم السلام . أما تسمية النساء بأسماء الملائكة ، فظاهره الحرمة ، لأن فيها مضاهاة للمشركين في جعلهم الملائكة بنات الله ، تعالى الله عن قولهم .

9- وكره جماعة من العلماء التسمية بأسماء سور القرآن الكريم ، مثل : طه ، يس ، حم .. ، ( وأما ما يذكره العوام أن يس وطه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ، فغير صحيح ) .

10- الأسماء التي تحمل تزكية مثل : تقي و عابد ... ينظر تحفة المودود لابن القيم وتسمية المولود : بكر أبو زيد .

أما اسم أبرار فلا يوجد فيه نهياً وإن كان قوله صلى الله عليه وسلم: (الله أعلم بأهل البر منكم) يجعل في النفس منه شيئاً. وقد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أسماء بعض زوجاته رضي الله عنهن، كزينب بنت جحش وجويرية بنت الحارث المصطلقية، وكان اسم كل واحدة منهمن برة، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم. وبهذا يعلم أن هذه الأسماء ينبغي تجنبها. وأما تسمية خلود فالظاهر جواز ذلك لأن الخلود في ذاته نسبي، وهو هنا التفاؤل بطول البقاء، والكلمة نفسها تدل على عدة معان، منها الميل إلى الشيء والسكون إليه. فلا نرى حرجاً في التسمية به. وكذلك اسم نائلة فإن فيه معنى التفاؤل بنيل المطلوب ، مثل اسم صالح ومعاذ ونحوهما ، فلا حرج فيه إن شاء الله . وننبه إلى أن من حقوق الولد على والديه أن يُسَمَّى باسم حسن.

و الاسلم : الابتعاد عن اسماء فيها اختلاف و شك في جواز التسمية بها أو لا.

والله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق