أسماء أيام الأسبوع
دراسة لغوية
إعداد الدكتور
عبدالله بن حمد الدايل
الأستاذ المشارك بقسم اللغة العربية بكلية المعلمين في الرياض
ملخص البحث:
- أن
أسماء أيام الأسبوع في الجاهلية: شيار للسبت وأول للأحد , وأهون أو أهْوَد
أو أوْهَد للاثنين, وجبار للثلاثاء ,ودبار للأربعاء , ومؤنس للخميس,
وعروبة أو حربة للجمعة, وهذه الأسماء أميتت بظهور الإسلام وغلبة التسميات
الإسلامية الجديدة على التسميات السابقة.
- أن
ترتيب هذه الأيام مختلف فيه فبينما تجعل التوراة أول أيام الأسبوع الأحد
وآخرها السبت , يجعل المسلمون أولها السبت وآخرها الجمعة, في حين أن
النصارى يجعلون أولها الاثنين وآخرها الأحد – ولم يرد في القرآن من هذه
الأيام سوى الجمعة والسبت.
- عند
تسمية الأيام من الأحد إلى الخميس بنقلها عن أسماء الأعداد فإن اللغة
تراعي في الأبنية الجديدة أن تكون مختلفة عن الأبنية الدالة على مجرد
الأعداد, وهو نوع من استثمار القيم الخلافية تراعيه اللغة وقد لفتنا
اللغويون القدامى إلى هذا العدول عن أسماء الأعداد في تسمية أيام الأسبوع
تمييزاً لها وهو ما يبدو عندهم أمراً واضحاً .
- وردت صور من النطق لأيام الثلاثاء والأربعاء والجمعة , تسمى عند القدماء عادة باللغات وتسمى في الدرس الحديث (Allomorphes)
: الثُّلاثاء والثَّلاثَاء , والثلثاء , والأربِعَاء , والأربَعَاء ,
والأرْبُعاء, والإِرْبِعاء, والإِرْبَعَاء , والجُمْعَة , والجُمُعَة ,
الجمُعَة , الجُمِعَة .
- الأرجح
أن أسماء أيام الأسبوع تٌُصغر كسائر الأسماء , وينسب إليها كذلك , كما
أنها تثنى وتجمع, ويرجح بعض النحويين إبقاءها مفردة وقصر التثنية والجمع
على لفظ "يوم" المضاف إليها ويكون جمعها جمع تكسير, وبعضهم أجاز فيها الجمع
بالألف والتاء.
- أن أسماء أيام الأسبوع أعلام منقولة عن أسماء الأعداد ما عدا" الجُمُة"
و" السبت " لاعتبارات دينية واجتماعية وثقافية تخصها. و"أل" الداخلة عليها تعد زائدة بمنزلة "أل" في " العبَّاس " ونحوه.
و" السبت " لاعتبارات دينية واجتماعية وثقافية تخصها. و"أل" الداخلة عليها تعد زائدة بمنزلة "أل" في " العبَّاس " ونحوه.
ولا يعتريها التنكير إلا إذا ثُنيت, أو جمعت , أو جردت من "أل" أو عطف عليها مثلها في مثل قولهم: يوم السبتِ وسبتٌ آخر.
- أن
أسماء السبتِ والأحدِ والاثنينِ والخميسِ مذكرة في الأصل أما الثلاثاء
والأربعاء والجُمُعةُ فمؤنثة بحسب اللفظ ويجوز التذكير مراعاة لمعنى اليوم.
- أن
السبت يدل على الراحة والسكون أو الانقطاع عن العمل, والجمعة يدل على تضام
الشيء والاجتماع أو الجمع, في حين أن أسماء الأيام الأخرى تدل على العدد
ومعانٍ أخرى.
المقدمة:
الحمد
لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف المرسلين, سيدنا محمد صلى
الله عليه وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وسلم تسليماً
كثيراً, وبعد ...
فإن
تأمل أسماء أيام الأسبوع , أعني هذه الأسماء المتداولة بين الناس اليوم,
واتحاد عدتها عند سائر طوائف البشر في كونها سبعة أيام, والتفكير في
أسمائها ,وتغيرها في العربية عبر الزمن, وورود بعضها من دون بعض في القرآن
الكريم بالإضافة إلى ما يتصل بها من أحكام صوتية وصرفية ودلالية كل أولئك
يستدعي كثيراً من الأسئلة التي لا يمكن الإجابة عنها إلا عن طريق البحث
اللغوي, بالإضافة إلى بعض الأفكار أو المعارف غير اللغوية .
ومن
هنا ارتأيت أن يكون عنوان هذا البحث: أسماء أيام الأسبوع: دراسة لغوية,
وهو يهدف كما بينت إلى الإجابة عن الأسئلة التي يستدعيها التأمل اللغوي
لهذه الأسماء , وهناك أسئلة تمس بعض الجوانب غير اللغوية المتصلة بهذه
الأسماء , وقد رأيت لتحقيق هدف البحث أن يتم تقسيمه على النحو التالي بعد
هذه المقدمة:
1- تمهيد:
يتم فيه تناول ما يتصل بهذه الأسماء من معلومات أو معارف غير لغوية قد
يكون لها صلة قليلة أو كثيرة ببعض الجوانب اللغوية لا سيما الجانب الدلالي
وقد لا يكون لها صلة, أو لا تبدو الصلة واضحة تماماً.
2- المبحث
الأول: الدرس الصوتي والصرفي ,ويتناول هذا المبحث ما يتصل بالبنية
وأحكامها وما يتصل بالجانب الصوتي, وقد رأيت أن أضم الجانب الصوتي إلى
الجانب الصرفي جرياً على عمل القدماء من ناحية, ومن ناحية أخرى أكثر أهمية؛
لأن الجانب الصوتي لا يستحق أن يفرد بمبحث مستقل.
3- المبحث
الثاني: المستوى النحوي أو الدرس النحوي, ويشمل جميع ما يتصل بجوانب هذا
الدرس وقضاياه المتمثلة فيما يدخل في الفصائل النحوية كالعدد (الإفراد
والتثنية والجمع ) ,والجنس (التذكير والتأنيث ), والتعريف والتذكير , وما
يتصل بالإعراب وكذلك ما يتصل بقضايا نحوية أخرى.
4- المبحث الثالث: المستوى الدلالي وندخل فيه الجانب المعجمي لطبيعة الصلة الوثيقة بين المعجم والدلالة.
5- الخاتمة: ويتم فيها استخلاص أهم النتائج التي توصل إليها البحث. وفيها محاولة لأن تكون محققة للأهداف التي تم ذكرها في المقدمة.
الخاتمة
من خلال البحث في أسماء أيام الأسبوع نستخلص مجموعة مهمة من النتائج:
1- كانت لأيام الأسبوع أسماء في الجاهلية أميتت بظهور الإسلام , وغلبة التسميات الجديدة الإسلامية على التسميات السابقة.
2- أسماء
أيام الأسبوع من الألفاظ السامية المشتركة وهي أعلام منقولة عن أسماء
الأعداد ما عدا"الجُمُعَةَ" و " السَّبْتَ " لاعتبارات دينية واجتماعية
وثقافية تخصهما.
3- عند
تسمية الأيام من الأحد إلى الخميس بنقلها عن أسماء الأعداد فإن اللغة
تراعي في الأبنية الجديدة أن تكون مختلفة عن الأبنية الدالة على مجرد
الأعداد , وهو نوع من استثمار القيم الخلافية تراعيه اللغة, وقد لفتنا
اللغويون القدماء إلى هذا العدول عن أسماء الأعداد في تسمية أيام الأسبوع
تمييزاً لها وهو ما يبدو عندهم أمراً واضحاً .
4- وردت صور من النطق لأيام الثلاثاء والأربعاء والجمعة تسمى عند القدماء عادة باللغات , وتسمى في الدرس الحديث (Allomorphes)
, ونرى أن أكثر هذه الصور وروداً كان ليوم " الجُمُعَة " وتفسير ذلك يُعزى
إلى كثرة الاستعمال , لأن كثرة الاستعمال تستصحب كثرة التغيير في أبنية
الكلمات وهيئاتها لا سيما ما نسميه بالحركات وحروف المد (Vowels) , وهو أمر متفق مع ما ليوم الجُمُعةِ من خصائص وفضائل صارت له في ظل الشرع الإسلامي.
5- الأرجح
أن أسماء أيام الأسبوع تُصَغرُ كسائر الأسماء, وينسب إليها كذلك , كما
أنها تثنى وتجمع ويرجح بعض النحويين إبقاءها مفردة وقصر التثنية والجمع على
لفظ (يوم) المضاف إليها.ويكون جمعها جمع تكسير, وبعضهم أجاز فيها الجمع
بالألف والتاء.
6- أسماء
"السَّبْتِ" و " الأحَدِ" و"الاثْنينِ" و"الخَمِيسِ " مذكرة و "الثَّلاثاء
" و " الأرْبِعَاء " و" الجُمُعَة " مؤنثة بحسب اللفظ , ويجوز في "
الثلاثاء" و"الأربعاء " و" الجمعة " التأنيث كما قلنا بحسب اللفظ , كما
يجوز التذكير مراعاة لمعنى اليوم.
7- لا
خلاف في أن همزة لفظ (الاثنين ) همزة وصل في دلالة اللفظ على العدد, أو في
استعماله علماً بالنقل على اليوم المعروف, يؤكد ذلك وروده في المعاجم
اللغوية بوصل الهمزة. مما يجعلني أجزم بأن همزته وصل على الرغم من كونه
علماً.
8- أسماء
أيام الأسبوع أعلام معرفة بالعلمية, ومن هنا فإن (أل) الداخلة عليها تعد
زائدة بمنزلة (أل) في (العباس) و(الضحاك ) و( النجم ) و(الدبران) , ولا
يعتريها التذكير إلا إذا ثنيت أو جمعت وجردت من (أل) , أو عطف عليها مثلها
في مثل قولهم:يوم السبتِ وسبتٌ آخر.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- التوراة .
- إبراهيم مصطفى وآخرون :
· المعجم الوسيط , إسطنبول – تركية , دار الدعوة , 1406هـ/1986م.
- الأزهري: أبو منصور محمد بن أحمد ت (370هـ):
· تهذيب اللغة, تحقيق عبدالعظيم محمود , ومحمد على النجار , القاهرة, الدار المصرية للتأليف والترجمة , مطابع سجل العرب , (د.ت) .
- الإسنوي: جمال الدين ت (772هـ):
· الكوكب
الدري فيما يتخرج على الأصول النحوية من الفروع الفقهية , تحقيق محمد حسن
عواد , الأردن , دار عمار , مطبعة جمعية المطابع التعاونية, ط1, 1405هـ/
1980م.
- الأشموني: أبو الحسن نور الدين علي بن محمد ت (900هـ) :
· شرح
الأشموني على ألفية ابن مالك المسمى منهج السالك إلى ألفية ابن مالك,
تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد , مصر, مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده
, ط2, 1358هـ/ 1939م.
- الأعشى بن النباش:
· شعره, بتحقيق صلاح كزارة , مجلة جامعة تشرين للدراسات والبحوث العلمية, اللاذقية , المجلد الخامس, العدد الثالث , 1401هـ/ 1981م.
- الألوسي: أبو الفضل شهاب الدين السيد محمود ت(1270هـ):
· روح المعاني , بيروت , دار إحياء التراث العربي (طبعة مصورة عن طبعة إدارة الطباعة المنيرية ) , القاهرة , ط4, 1405هـ/ 1985م.
- الألوسي : محمود شكري:
· بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب, تحقيق محمد بهجة الأثري, بيروت , دار الكتب العلمية, ط2, (د.ت) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق