غرائب وطرائف الأسماء للهروب من "عين الحسود"
**أشهرها عرقوش وخيشة وأبو شوال
**"بخاطرها"
أستاذة جامعة تغير أسمها بسبب سخرية الطلبة منها
**اب يسمى ابنته " كل عام " لانها ولدت يوم
رأس السنة.
** رجل يسمى ابناءه الاربعة ببيت شعر للمتنبى.
أعتقد المصريون
منذ زمن بعيد في قوة الأسماء وقدرتها علي منع الحسد ودرء العين – ويذكر التاريخ
فترات معينة مرت بها مصر انتشرت خلالها الأمراض التي أدت لارتفاع معدلات الوفاة
بين الأطفال، لذا اعتقد البسطاء الجهلاء أن السبب هو الحسد، ومن هنا لجأوا إلى
اختيار أسماء غريبة لأبنائهم وكانت هذه الأسماء قبيحة في كثير من الأحيان لتصرف عن
الوليد الجديد عين الحسد، ومنها أسماء مثل "أبو شوال"،
"خيشة"، "مدمس"، "بليه"، اعتقادا بأن هذه الأسماء
تمنح أطفالهم صك الحياة .. والغريب في الأمر أن معظم أصحاب هذه الأسماء كتبت لهم
الحياة! وثمة أسماء أخري كان السبب وراءها عوامل أخري أكثر غرابة مثل خلاف الأب
والأم حول اختيار اسم وليدهما أو تأثر الأب ببيت شعر قديم للمتنبي.
يقول د. سميح
شعلان عميد المعهد العالي للفنون الشعبية بأكاديمية الفنون أن المصريين القدماء
كانوا يخشون من الحسد لذلك لجأوا إلى اختيار أسماء غريبة ظنا منهم أنها قد تقي
أبناءهم من الحسد مثل "عرقوش" و"العقرب" ولفترة قريبة كان
يفعل الآباء أشياء غريبة كأن يركب الطفل علي حمار بطريقة مقلوبة ووضع تاج من الريش
علي رأسه لمنع الحسد.
واستمر
المصريون علي هذا النهج بتسمية مواليدهم بأسماء غريبة مثل أبو شوال وشحاته ومشحوت
وأبو خيشة دون وعي بأن اختيار مثل هذه الأسماء قد تتسبب ف مشاكل لأولادهم في
الكبر.
ويضيف: هناك
معتقد لدي عدد كبير من الأسر أن اختيار مثل هذه الأسماء قد يحمي طفله من الموت
خاصة إذا كان الأب قد مات له عدة أطفال في السابق مما يجعل له اعتقادا بأنه في حال
تسمية ابنه بهذا الاسم سيعيش فترة أطول، وأحيانا تقوم الأمهات ببعض العادات غير
الشائعة لوقاية أبنائهن من شر الحسد أو الموت كأن تقوم الأم باختيار ملابس بنات
للابن الولد ظنا منها بأنها تحميه من شر الموت أو الحسد.
ولعل اختيار
مثل هذه الأسماء القبيحة قد أثر علي سلوكيات هؤلاء الأطفال خاصة مع تزايد الشعور
لديهم بمدي قبح أسمائهم وأنها منبوذة بين زملائهم في المدرسة لأنهم عادة يواجهون
تعليقات سخيفة من قبل زملائهم وأساتذتهم في المدرسة مما يؤثر علي شخصية هذا الطفل
ويولد لديه اضطرابات سلوكية تؤثر علي شخصيته وفي أحيان أخري يشعر الطفل بحالة من
الإحباط الشديد.
بينما يقص د.
المحمدي عطية مدير عام قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة بجامعة القاهرة سابقا
حكايته مع اختيار اسمه موضحا أن والده كان يعاني من وفاة أخوته كلهم الواحد تلو
الآخر لذلك قرر أن يذهب إلى أحد أولياء الله الصالحين في أحد المساجد وطلب منه
تسمية أبنه باسم المحمدي حفاظا عليه من الموت وبالتالي فإن هذا الفكر كان سائدا في
الماضي بين غالبية الناس نظرا لانتشار الجهل في الماضي بين الناس وانتشار العادات
التقليدية.
ويضيف: فكرة
الحسد لم تتوقف بعد ولكنها مازالت دارجة، ولم تقتصر العملية علي اختيار الأسماء
فقط بل امتد الأمر لبعض العادات الغريبة مثل أن يقوم أب بربط أبنه الذي تأخر في
المشي بحبل وعقب خروج أول طفل من المسجد يقوم بفك رجل طفله حتي يتسني له المشي
فيما بعد.
ولا يتوقف
اختيار الآباء لأسماء أبنائهم عند هذا الحد فثمة مفارقات عجيبة وحكايات لأشخاص
عانوا كثيرا مع أسمائهم الغريبة ولجأ بعضهم إلى القضاء لتغيير أسمائهم هذه
واستبدالها بأخرى والبعض يلجأ إلى مصلحة الأحوال المدنية لنفس السبب مثل أستاذة
جامعية تدعي (بخاطرها) وجدت أن هذا الاسم يقلل من احترامها أمام طلابها ويجعلها في
موضع سخرية منهم، كذلك لجأ أحد أولياء الأمور إلى تغيير اسم ابنه
"مبروك" تلميذ بالمرحلة الابتدائية خصوصا بعد عرض فيلم بطولة الفنان
محمود المليجي أدي فيه دور نصاب اسمه الشيخ مبروك مما جعل الطفل مثار للسخرية من
جانب زملائه في المدرسة، ومن هنا لم يجد الأب حلا سوي تغيير اسم ابنه إلى أسم آخر.
ويحكي
الدكتور خالد أبو ليلة مدرس الأدب الشعبي بكلية الآداب جامعة القاهرة قصة مع
الأسماء الغريبة عندما كان يجري دراسة الماجستير عن مدي تأثر مجتمع الصعيد بالسيرة
الهلالية في أعرافهم وقوانينهم وتقاليدهم فاكتشف أيضا أن الناس قد تأثرت بشكل كبير
بأسماء وشخصيات بالسيرة الهلالية فوجد أشخاصا كثيرين يحملون نفس الأسماء التي
تضمنتها السيرة الهلالية إعجابا منهم بالشخصيات الموجودة بها فيقول وجدت أسماء مثل
الجازية وهي الشخصية الأولي في السيرة الهلالية وأخري أطلقت علي أبنائها الثلاثة
أسماء "يحي ومرعي ويونس" وهي الشخصيات الرئيسية الثلاثة في الرواية
الأدبية، ومما أثار أيضا انتباهي نحو انتشار أنواع غريبة من الأسماء في قري الصعيد
أنني وجدت أيضا فتاة يطلق عليها "كل عام" وعندما سألت عن السبب أخبروني
بأن السبب وراء هذه التسمية أنها ولدت في رأس السنة.
كما وجدت
آباء يطلقون علي أبنائهم أسماء مرتبطة ببطولات شعبية مثل أبو زيد وخليفة وعنترة
وأيضا الأسماء المرتبطة بالمجتمعات الدينية فمثلا عند الشيعيين كثير منهم يسمون
علي وجعفر وقد يكون الإسم مرتبطا بالفترة الزمنية التي ولد فيها المولود فيسمي
فجرا أو عيد وشروق أو رمضان أو شعبان ويمكن أن يكون هناك أسباب سياسية وراء الاسم
فقد شاع في الفترة الناصرية إطلاق إسم "جمال عبد الناصر" علي إسم الولد
كإسم مركب يحمله فقط إسم المولود لدرجة أنني قد قابلت بعض العرب الذين أطلقوا علي
أبنائهم هذا الإسم كإسم مركب.. لذلك لو نظرنا إلى السبب وراء الإسم سنجد أيضا سببا
أو مجموعة أسباب قد تكون دينية أو سياسية أو اجتماعية أو مرتبطة بأبطال شعبيين
ويرغب الآباء في اقتداء أبنائهم بصفات هذه الشخصيات الهامة وقد يكون السبب اسريا مثل
إصرار أحد الآباء علي اختيار اسم معين بينما يرغب الطرف الآخر في اختيار اسم آخر
ويحاول كل طرف فرض سيطرته لاختيار الاسم الذي يري فيه امتدادا لأصل عائلته ..
ولذلك أرى أنه لابد من التدقيق في اختيار أسماء الأبناء كما أوصانا الرسول الكريم
ويراعي ألا يسبب له أى أضرر نفسية أو اجتماعية قد يدفع ثمنها الآباء أنفسهم عندما
يكبر أبناؤهم.
وفي دراسة
حديثة أعدتها د. انشراح الشال أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة تؤكد فيها أن اسم محمد
يعد أكثر الأسماء شهرة والأوسع انتشارا في العالم وقد جاء في موسوعة جينس للأرقام
القياسية أنه عام 2006 حقق إسم محمد علي مستوي العالم أعلي معدل للتسمية من بين
البشر حيث بلغ عدد الذين يحملون هذا الإسم 70 مليون شخص ليصبح الأكثر انتشارا.
وأضافت
الموسوعة أن أرقام مكتب الإحصاء الوطني في أحدث تقاريره كشف أنه خلال عام 2006
أيضا حمل "4255" مولودا ذكرا إسم محمد بالمقارنة بـ 3386 مولودا حمل إسم
جورج، و3755 مولودا بإسم جوزيف وذلك في بريطانيا – وأضافت د . انشراح أن صحيفة
ديلي تلجراف البريطانية ذكرت أن إسم محمد حل في المرتبة 22 علي لائحة أكثر الأسماء
الدارجة للأطفال الذكور في بريطانيا – حل إسم محمد أيضا علي لائحة الأسماء الخمسين
الأكثر رواجا إلى جانب أسماء نوح واوسكار ولوكاس بالنسبة لبريطانيا.
وتحت عنوان
أسماء المصريين ( الأصول والدلالات والتغير الاجتماعي ) أجرت الدكتورة سامية
الساعاتي أستاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس دراستها التي تناولت أسماء المصريين
والتغييرات الاجتماعية التي تؤثر في كل فترة علي اختيار الأسماء والتي أكدت أن
التسمية مهما كانت لها منطق معين يعبر بصورة مختزلة عن المجتمع وعن القيم الشائعة
فيه فشيوع الأسماء الدينية بصفة خاصة في الثقافة المصرية يدلل علي قيمة التدين في
هذا المجتمع ومن هذا المنطلق يمكن القول بأن التحليل في الأسماء يمكن أن يقودنا
إلى استقراء خصائص تعد من أبرز الخصائص القومية للثقافة المصرية حيث تتشابه
الأسماء وعادات التسمية في ثقافتنا المصرية الحالية وبخاصة الثقافة الريفية مع
الأسماء وعادات التسمية التي كانت شائعة في الثقافة الفرعونية في مصر القديمة إلى
حد كبير مما يؤكد تمسك المصريين بعامة والفلاحين بخاصة بجزء كبير من عادات
المصريين القدماء وتقاليدهم ..وهكذا كما تعد الأسماء دلالة اجتماعية علي التغير
الاجتماعي والتغيرات التي تحدث بالنسبة لأسماء الأشخاص في أي مجتمع هي واحدة من
مؤشرات التغير الاجتماعي ومقاييسه فقديما كان من السهل أن يطلقوا اسم ملكة أو
برنسيسة وغيرها من الأسماء اللقبية التي لم تعد موجودة بعد، لما طرأ علي المجتمع
من تغيير اجتماعي كما تعرضت الأسماء المذمومة التي تكشف عن الخوف من الحسد إلى
تغيير فلم تعد تستخدم بكثرة خلال الفترة الأخيرة مثل خيشة وشحات فأتذكر أنه كانت
هناك فتاة أطلقت عليها والدتها إسم "مسألش" لأن والدها لم يسأل عنها
طوال فترة حملها وولادتها وقامت بتغيير اسمها.. كما أن الأسماء يمكن أن تتبع
الموضة فهناك ما يسمي موضة الأسماء التي تشبه انتشار أي موضة فهي تنتشر بين
الطبقات العليا إلى الدنيا ومن الحضر إلى الريف فكانت هناك أسماء مثل فريدة
وأماني، فالفلاحون لم يعرفوها إلا من خلال الإعلام، وأحيانا تنتقل أسماء معينة من
الريف إلى الحضر وهم من تشبعوا بالأسماء المتحضرة فيلجأون إلى الأسماء الريفية
كنوع من التجديد والتغيير مثل هنادي.
وبالنسبة
للأسماء الدينية الأكثر شيوعا فقد أسفرت الدراسة التي أجريت علي مدار أربع سنوات
أن اسم محمد واحمد ومصطفي وياسين وطه وكامل أكثر الأسماء شيوعا بين المصريين من
أسماء آل البيت ثم أسماء الصحابة ثم أسماء الأنبياء ثم أسماء أولياء الله الصالحين
وأهمها السيد البدوي وإبراهيم الدسوقي وعبد الرحيم القناوي، وهناك الأسماء القومية
وهي تعني الأسماء المنتسبة إلى قوميات معينة كالأسماء العربية والتركية والفارسية
والأوروبية وهناك علاقة بين هذه الأسماء والتاريخ المصري فهي تأثرت بعلاقات مصر
بتلك القوميات علي مر العصور سواء كانت علاقات ناشئة عن الفتح أو الغزو أو علاقات
سببها الانفتاح والعلاقات المتبادلة .. فنجد اسم سوزان وجيهان هي أسماء فارسية
وأخذناها عندما تزوجت الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق من شاه إيران فأصبح هناك
علاقات فأخذناها من أسمائهم مثل لتشنر ونانسي وساندرا وسونيا وجين وجوزيف.
كما أن هناك
أسماء تركية مثل أنور وجودت وأخري عربية مثل هشام وعزة وبثينة وهيثم ورضوى..
وتحكي
د.سامية عن بعض غرائب الأسماء التي واجهتها خلال دراستها أن هناك أبا قد أطلق علي
أبنائه الأربعة أسماء " حزم ونائل وعفاف واحترام" حبا منه في بيت شعر
للمتنبي الذي يقول "ألا في سبيل المجد ما أنا فاعل .. عفاف واحترام وحزم
ونائل".
وهناك فتاة
اسمها "عايدة جين" لأن والدها مصري وأراد أن يطلق عليها أسم عايدة
ووالدتها أجنبية وأصرت علي تسميتها جين ولأن كلا الطرفين متمسك بالإسم الذي اختاره
فقررا دمج الإسمين في إسم واحد.
بقلم / هبة
بيومي ، مني إمام
المصدر /
مجلة آخر ساعة
30 يونيو
2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق