41
تدبير
الاختلاف بين الخطاب اللغوي العربي القديم
والخطاب اللساني الحديث
اللسانيات
الوظيفية نموذجا
الدكتور
حافظ إسماعيلي علوي
كلية
الآداب والعلوم الإنسانية/أكادير
ملخص
العرض:
إذا
كانت الثقافة العربية الحديثة قد اتجهت
نحو اللسانيات، فإن الفكر اللغوي العربي
ظل حاضرا بقوة، يشكل طرفا في السجال/الحوار
الدائر بين القديم والحديث، وقد كان ذلك
مثار نقاشات حادة تجاوزت في الكثير من
الأحيان حدود الاختلاف العلمي، وتحولت
من لسانيات إلى تلاسن.
غايتنا
من هذه المداخلة الكشف عن وجود إمكانية
للتأليف بين القديم والحديث إذا توافرت
الشروط العلمية المطلوبة، وهو ما سنسعى
إلى إبراز بعض تجلياته من خلال تناول
اتجاه من اتجاهات البحث اللساني الحديث
في الثقافة العربية الحديثة ينحو هذا
المنحى، ونعني بذلك تحديدا اللسانيات
الوظيفية،
هذا الاتجاه الذي نعتبره نموذجا للقراءة
التفاعلية بين التراث اللغوي العربي
واللسانيات، فالمنهجية التي يقترحها
رواد اللسانيات الوظيفية تنزع إلى الجمع
بين اللسانيات الحديثة والتراث اللغوي
العربية:
نحوا
وبلاغة وأصولا وتفسيرا...بهدف
تلافي
منزلق القطيعة والإسقاط.
ومن
هنا سنحاول أن نعرض لأهم خصوصيات الاتجاه
الوظيفي ولأهم تجليات التقريب وتدبير
الاختلاف بين التراث اللغوي العربي
واللسانيات.
الكلمات
الدالة:
اللسانيات-
الخطاب
-
تدبير
الاختلاف-
الخطاب
اللغوي العربي-
الخطاب
اللساني
keywords
Linguistics-
reconciliation- traditional grammar- modern linguistics
Abstract
Modern
Arabic culture witnesses an increasing interest in linguistics. This
explains its strong presence in the controversy taking place between
traditional and modern trends in the cultural milieu. In fact, modern
linguistic thought caused hot debates which most of the time go
beyond the limits of scientific disagreement to personal quarrels.
Our objective in this
presentation is to reveal that reconciliation between traditional
grammar and modern linguistics is not far fetched. The enterprise is
worthwhile and plausible especially if the required scientific
conditions are available. We claim that the functional school of
linguistics provides a valuable opportunity to achieve such
reconciliation.
Actually,
Functionalism is a typical linguistic approach which ensures an
interactive and comparative study between the Arabic linguistic
heritage and modern linguistics. It also paves the way to avoid
discontinuity and digression in such kind of investigation. In this
respect, we will try to present the most important characteristics of
the functional approach and to consider how the approximation between
Arabic traditional grammar and modern linguistics manifest in this
school of linguistics.
تدبير
الاختلاف بين الخطاب اللغوي العربي القديم
والخطاب اللساني الحديث
-اللسانيات
الوظيفية نموذجا-
د.حافظ
إسماعيلي علوي
توطئة:
لقد
لاحظ روبنز(1)
Robins
أن
معظم السمات التي تميز التاريخ المعاصر
في الغرب، قد نشأت في عصر النهضة، واستمرت
دون انقطاع حتى الوقت الراهن.
وأن
الكثير من تلك السمات كان له تأثير مباشر
في الاتجاهات التي اتخذتها الدراسات
اللغوية فيما بعد.
والواقع
أن ما لاحظه روبنز فيما يتعلق بعصر النهضة
في الغرب، يمكن أن نلاحظه من جهتنا بالنسبة
إلى عصر النهضة العربية وما صاحبه من ردود
فعل كان للجانب اللغوي حظه الوافر منها.
فقد
ظلت أسئلة النهضة العربية حاضرة بشكل جلي
في الفكر اللساني العربي.
ويمكن
أن نميز في هذا السياق بين ثلاثة اتجاهات
أساسية: اتجاه
تراثي (تقليدي)،
واتجاه طفري(حداثي)،
واتجاه توفيقي.
أولا:
الاتجاه
التراثي:
يمثل
هذا الاتجاه طائفة من الباحثين المتشبثين
بالتراث اللغوي العربي، أضربت عن الثقافة
الوافدة ورأت فيها خيالا غريبا عن المجتمع
العربي الإسلامي أفرزته عقائد ينبذها كل
مسلم غيور على دينه ولغته، فانغلقت هذه
الطائفة في التراث، وحاولت إحياءه والدفاع
عنه بكل ما أوتيت من قوة.
وقد
أصبح هذا الاتجاه يشكل اتجاها قائم الذات
في البحث اللساني العربي يعرف بـ"لسانيات
التراث".
يتخذ
هذا الصنف من الكتابة اللسانية «التراث
اللغوي العربي القديم في شموليته موضوعا
لدراساته المتنوعة.
أما
المنهج الذي يصدر عنه أصحاب هذه الكتابة
فهو ما يعرف عادة بمنهج القراءة أو إعادة
القراءة.
ومن
غايات لسانيات التراث وأهدافها قراءة
التصورات اللغوية القديمة وتأويلها وفق
ما وصل إليه البحث اللساني الحديث والتوفيق
بين نتائج الفكر اللغوي القديم والنظريات
اللسانية الحديثة، وبالتالي إخراجها في
حلة جديدة تبين قيمتها التاريخية
والحضارية»(1).
وهذا
يعني أن قراءة التراث اللغوي العربي في
هذا الاتجاه تتنزل منزلة ذات بعد حضاري
يقوم على أساس استرداد هذا التراث لبريقه
بحمله على المنظور الجديد في محاولة جادة
لتأسيس الحاضر والمستقبل على أصول الماضي،
وتأصيل البحث اللساني المعاصر في الظاهرة
اللغوية العربية، أو بعبارة أخرى البحث
في أصول الفكر العربي وإقامة "لجينالوجيا"
هذا
الفكر.
وبهذا
المعنى وحده يبرز الاهتمام بالتراث، وبه
يصبح التراث معاصرا لنا(1).
ويسوغ
هذا التقريب وهذه المماثلة بين مبادئ
التراث اللغوي العربي ومبادئ اللسانيات،
في نظر لسانيي التراث، مجموعة من الدوافع
يمكن أن نجملها فيما يلي:
أولا:
السبق
التاريخي والحضاري:
إن
الحضارة العربية حضارة لغة وبيان، ولذلك
»اتسمت
قبل كل شيء بالمقوم اللفظي، حتى كاد تاريخ
العربي يتطابق وتاريخ اللفظ في أمته، ولم
تكن معجزة الرسول إليهم إلا من جنس حضارتهم
في خصوصيتها النوعية، وهذا ما استقر لدى
المفكرين منهم منذ مطلع نهضتهم»(2).
لهذا
السبب كان من الطبيعي، في نظر لسانيي
التراث، أن يهتدي العرب إلى أدق تفاصيل
اللسانيات، فالناظر في مسيرة البحث اللغوي
عموما يجد نفسه »أمام
شريط ممتد يحوي سلسلة من المشاهد، يكاد
يشده فيها المشهد الأخير، فيحاول استعادته
في حركة بطيئة يتكشف خلالها أن هذا المشهد
ما هو إلا تكثيف لما سبقه من مشاهد، وتبلور
لما سبقه من جهود، وكأنما الأمر فيه أصبح
بمثابة قضية منطقية لها مقدماتها التي
تتبعها بالنتيجة مترتبة عليها«(1).
استنادا
إلى هذا السبق التاريخي والحضاري عقد
عبد السلام المسدي مقارنة بين التراث
اللغوي العربي واللسانيات؛ إذ لاحظ أن
»العرب
بحكم مميزات حضارتهم وبحكم اندراج نصهم
الديني في صلب هذه المميزات قد أفضى بهم
النظر لا إلى درس شمولي كوني للغة فحسب،
بل قادهم النظر إلى الكشف عن كثير من
أسرار الظاهرة اللسانية مما لم تهتد إليه
البشرية إلا مؤخرا، بفضل ازدهار علوم
اللسان في مطلع القرن العشرين«(2).
ثانيا:
العامل
الديني:
وقد
كان لـه بالغ الأثر في توجيه اللغويين
العرب، فقد اهتدوا إلى أدق تفاصيل اللسانيات
»وهم
يرسون قواعد لغتهم، ويضعون قوانينها، من
خلال العمل اللغوي الجاد الذي قام به فحول
علمائهم لخدمة كتاب الله العزيز.
وقد
استطاعوا -بدأبهم
على البحث والدرس-
أن
يقيموا الدعائم الوطيدة لـ(علم
اللغة»(3).
ثالثا:
إلى
جانب العاملين السابقين تستمد لسانيات
التراث مشروعية المقارنة التي تقيمها
بين اللسانيات والتراث اللغوي العربي من
اللسانيات نفسها؛ إذ لم يكن بمقدور
اللسانيات أن تبلغ ما بلغته من درجات
التقدم لو لم تعتمد منطلقات تراثية، فقد
جاء كتاب"الألسنية
الديكارتية"
ليكون
مثالا حيا على اهتمام العلماء اللغويين
المحدثين بضرورة العودة إلى التراث
اللغوي، من أجل إظهار مواضع التقارب بين
بعض جوانبه المهملة، وبين المفاهيم
اللغوية الحديثة.
لقد
استطاع تشومسكي (N.Chomsky)
في
هذا الكتاب أن يقف على عديد من العناصر؛
التي تمثل التقاء واتفاقا؛ بين معطيات
نظريته التوليدية التحويلية وبين القواعد
التي أرساها "ديكارت"
فيما
يعرف باسم قواعد بورت رويال(1).
ويذهب
ميشال
زكريا
إلى رأي مماثل حين يقول:
»من
الأعمال التي ارتدت إلى التراث اللغوي
لإظهار التقارب بين بعض جوانبه المهملة،
وبين المفاهيم الألسنية كتاب "الألسنية
الديكارتية"
ففي
هذا الكتاب أظهر تشومسكي التقارب الممكن
ملاحظته بين بعض عناصر نظريته، وبين بعض
آراء المذهب الديكارتي المعروف باسم
"قواعد
بور رويال"»(2).
ويظهر
أن الربط بين القديم والحديث لا يقتصر
على تشومسكي وحده، بل يشمل لسانيين آخرين
»ربطوا
بين الفكر اللغوي القديم، ونظريات البحث
اللغوي الحديث والذين أرخوا له، من منطلق
اهتمامهم بهذا الجانب، نذكر كلا من لوروا
(M.Leorry)
وليبتشي
(G.C.Lepschy)،
وكذلك جورج مونان (G.Mounin)
وكريستيفا
(
J.Kristeva)
وروبنز(R.M.Robins)»(1).
ولم
يكن اهتمام الغربيين منحصرا في تراثهم
فحسب، بل شمل أيضا التراث اللغوي الإنساني
بما فيه التراث اللغوي العربي، فالعديد
»من
العلماء الغربيين قد أولوا تراثنا العربي
اهتماما واعتبارا، وجاءت جل أعمالهم من
العمق والتحليل والدراسة بالقدر الذي
يجعلنا نؤكد أنهم استطاعوا الإجابة عن
كثير من القضايا والمشاكل اللغوية، في
لغتنا العربية، مكنهم من الوصول إلى هذه
الإجابات، إحاطتهم الواسعة باللغات
السامية الأخرى، ومن ثم جاءت دراساتهم
في الربط بين التراث اللغوي العربي القديم،
ونظريات البحث اللغوي الحديث، فقد جاءت
هذه الدراسات على نحو من الدقة»(2).
إن
مكانة الأبحاث اللسانية، من هذا المنظور،
متأتية من اعتمادها التراث اللغوي عموما
والعربي منه خصوصا منطلقا في البحث، فقد
كانت »
بحوث
العرب (...)
الأساس
الذي بنى عليه الغربيون مستحدثاتهم في
مختلف الدراسات اللغوية، وهي -إن
نسبت إلى علماء الغرب-
في
مظهرها الحالي-
فإن
الناظر في جوهرها، يلمح فيها الأصل العربي،
الذي نمت وتفرعت من جذوره والفضل -كما
يقولون-
لمن
بدأ الطريق الشاق»(1).
إن
الرجوع إلى تراثنا اللغوي يكشف -بما
لا يدع مجالا للشك في نظر لسانيي التراث-
»أن
كتب فقه اللغة العربية من تراثنا اللغوي،
حقا تبعث على الإعجاب والإكبار، إذ يظهر
في شيء غير قليل من قضاياها سبق بعض علماء
القدامى لأحدث النظريات اللغوية في العصر
الحديث بألف عام أو يزيد (...)
ففي
هذه الكتب وغيرها علم كثير، ونظريات لغوية
تقف شامخة أمام بعض ما وصل إليه العلماء
في عصر التكنولوجيا الحديثة والعقول
الإلكترونية»(2).
فالقراءة
التي تقدمها لسانيات التراث لا تخرج عن
الرغبة في مواكبة مقتضيات الحداثة، وبذلك
فهي موقف حضاري غايته إبراز مظاهر المعاصرة
في التراث اللغوي العربي، ثم تحقيق التواصل
بالنسبة إلى العرب بين الماضي والحاضر(3)،
وتتبدى
هذه الرغبة من خلال أنواع القراءة التي
تندرج ضمن هذا الاتجاه:
أ.
القراءة
الشمولية:
ب.
القراءة
القطاعية:
تركز
على»قطاع
معين من التراث اللغوي، كأن يتناول المستوى
النحوي أو الصرفي أو الدلالي باعتبارها
مستويات تحليل تشكل في حد ذاتها "نظرية"
محددة
المعالم تقوم على مبادئ منهجية خاصة
بها»(2).
ج.
قراءة
النموذج الواحد:
تتجه
القراءة هنا إلى دراسة »شخصية
لغوية عربية قديمة يدرس فكرها اللغوي،
وطريقة تصورها، وكيفية تناولها لقضايا
اللغة العربية في مجال من مجالات البحث
اللغوي»(3).
تتغيا
القراءات السابقة »إبراز
قيمة التراث العربي وإعطائه المكانة التي
يستحقها ضمن الفكر اللساني الحديث.
وتتفق
لسانيات التراث حول هذا المنطلق، لكنها
تختلف بعد ذلك في ما تنتهي إليه من نتائج
أو على الأصح فيما تهدف إليه من وراء
"قراءة
التراث اللغوي"»(4)،
كما يلاحظ أن جل »
الكتابات
المندرجة في إطار لسانيات التراث لا تقدم
أي تصور للمنهج المتبع في القراءة، بل
لكل باحث طريقته وأدواته التي يسير عليها
في قراءته للتراث اللغوي العربي القديم
في ضوء اللسانيات الحديثة»(1).
ثانيا:الاتجاه
الطفري
(الحداثي):
يعرض
أصحاب هذا الاتجاه عن القديم جملة وتفصيلا،
ويولون وجوههم شطر اللسانيات الحديثة،
هذا النوع من القراءة نجده عند اللسانيين
الوصفيين وبعض اللسانيين التوليديين:
1:
الوصفيون
والنحو العربي:
بدأت
الإرهاصات الأولى لظهور علم اللغة الوصفي،
كما هو معروف، في بداية القرن العشرين،
بعدما عرفت أفكار سوسير انتشارا واسعا
في أوربا.
وقد
تركزت عناية الوصفيين على
نقد وتجاوز
المنهج التاريخي، وتحويل
مسار الدراسات اللغوية
نحو دراسة
اللغة على أساس »شكلي
أو صوري؛ ينظر إلى الصور اللفظية المختلفة
التي تعرضها لغة من اللغات، ثم يصنفها
على أسس معينة ثم يصف العلاقات الناشئة
بين الكلمات في"الجملة"
وصفا
موضوعيا«(2).
وبذلك
تكون "الدراسة
الوصفية"
أساس
كل بحث لدراسة اللغة على أساس علمي بحسب
الوصفيين.
لقد
كان منطلق الوصفيين في الغرب نابعا من
قناعة أساس مفادها أن دراسة اللغة على
أساس"المنهج
الوصفي"
يفرض
بالضرورة تجاوز مبادئ "النحو
التقليدي"
ونقائصه
وإزالة بعض
التقاليد
التي رسخها في الأبحاث اللغوية بسبب
منطلقاته المنطقية والفلسفية كما تتمثل
في أعمال اليونان والرومان.
ويفسر
الوصفيون جوانب النقص تلك بتأثر النحو
بالمنطق الأرسطي واهتمامه بالتعليل،
والتقدير،
والتأويل...
وهي
جوانب بعيدة كليا عن الدراسة اللغوية.
وما
إن عرف الاتجاه الوصفي طريقه إلى الثقافة
العربية حتى انبهر العديد من اللغويين
العرب بالإنجازات التي حققتها الوصفية
في الغرب، فكان ذلك دافعا لتطبيق هذا
المنهج على اللغة العربية، ويمكن أن نميز
في هذا التطبيق بين مرحلتين:
»أولا:
حاول
بعض اللغويين العرب أول الأمر التعريف
بالمبادئ والأفكار اللسانية الجديدة على
نحو ما نجد عند إبراهيم أنيس والسعران،
وتمام حسان وغيرهم من كبار اللسانيين
العرب المحدثين الذين ألفوا أيضا للتعريف
باللسانيات.
ثانيا:
قام
لسانيون آخرون بالدفاع عن الفكر اللساني
الحديث (علم
اللغة)
مبينين
إيجابياته نظريا ومنهجيا مقارنين بينه
وبين الفكر اللغوي العربي القديم«(1).
وسيرا
على نهج الوصفيين الغربيين في نقدهم للنحو
التقليدي والكشف عن جوانب النقص فيه، وجد
الوصفيون العرب
في
ما صح من نقد الأوربيين لتراثهم النحوي
ينسحب على التراث النحوي العربي، كما صح
عندهم أن التراث النحوي العربي تضمن
العيوب نفسها التي تضمنها التفكير النحوي
الأوربي القديم.
ولم
يتخذ هذا المنطلق في عمل الوصفيين العرب
شكل الافتراض، بل كان حاضرا لديهم حضور
البديهة، فكان بذلك منطلق كل دراساتهم.
فما
هي أهم جوانب النقد التي ركز عليها الوصفيون
العرب في نقدهم للتراث اللغوي العربي؟
وما هي المقترحات التي ارتضوها بديلا؟
اعتمد
الوصفيون العرب في نقدهم للتراث النحوي
العربي، كما أشرنا، المنطلقات
والأسس
النظرية التي اعتمدها الوصفيون الغربيون
في نقدهم للنحو التقليدي، ومن أهم ما
عابوا به هذا النحو(1):
أ-
أن
النحو العربي قد تأثر بالمنطق الأرسطي
منذ مراحله الأولى، وأن هذا التأثر صار
طاغيا في القرون المتأخرة، وقد أدى ذلك
إلى أن يكون النحو العربي"صوريا"
وليس"واقعيا"،
ومن ثم اهتم بالتعليل والتقدير والتأويل،
ولم يركز درسه على الاستعمال اللغوي"كما
هو"...
ب-
أن
النحو العربي لم يقعد للعربية كما يتحدثها
أصحابها، وإنما لعربية مخصوصة تتمثل في
مستوى معين من الكلام هو الأغلب-شعر
أو أمثال أو نص قرآني، أي أنه لم يوسع درسه
ليشمل اللغة التي يستعملها الناس في شؤون
الحياة، وإنما قصره على اللغة الأدبية(...)،
وقصر الدرس على هذا المستوى من اللغة أفضى
به
إلى
وضع قواعد العربية على أساس من النصوص
المختارة، مما أبعدهم عن الاستعمال الشائع
في هذه اللغة، ولم يكن مناص من أن يواجهوا
نصوصا من هذا المستوى الأدبي تخالف ما
وضعوه من قواعد، فاضطروا إلى اللجوء إلى
التأويل والتقدير
واعتساف
التفسير...
ج-
أن
النحو العربي، مع تحديده لمستوى اللغة
التي يقعد لها، حدد أيضا بيئة مكانية
وزمانية
لهذه اللغة، إذ لم يسمح بالتقعيد إلا على
اللغة المستعملة في بوادي نجد، والحجاز،
وتهامة،
ومن قبائل مخصوصة لم تتأثر بحياة الحضر
أو الاتصال ببيئات لغوية أخرى...
- أن النحو العربي لم يميز حدودا واضحة لـ"مستويات التحليل اللغوي"، إنما اختلطت في هذه المستويات اختلاطا شديدا (...).
إن
هذه الجوانب من نقد الوصفيين للنحو العربي
تكشف عن تأثر واضح بنقد الوصفيين الغربيين
للنحو التقليدي؛ فقد تركزت عناية الوصفية
الغربية على نقد النحو التقليدي بهدف
تجاوزه لما يشوبه من شوائب منطقية وفلسفية،
وفي ذلك دعوة صريحة إلى تبني المنهج
الوصفي.
وهو
النهج الذي سلكه الوصفيون العرب الذين
دعوا إلى تبني هذا المنهج واتخاذه بديلا
عن النحو العربي؛
لأن«فائدة
كتب اللغة العربية التقليدية محدودة (و)
لأن
آراء الفلاسفة وعلماء الكلام والمنطق
تشوبها، ولأنه مضى على وضعها زمن طويل
أحل فيها السقم والعقم.
فتقدم
العلوم عامة والعلوم الألسنية خاصة أتاح
للباحثين فرصة اتباع طرق علمية جديدة
لوضع الكتب والمؤلفات القيمة ومن أهم هذه
الظروف في عصرنا الحاضر البنيانية»(1)،
كما أن صلة النحو العربي
«بغيره
من أنحاء الأمم الأخرى يطمئن إلى أن هذا
النحو قد تأثر بالروح الهلينية المسيطرة
على المناطق التي نشأ ونما فيها، وإن
تأثره بالمنطق اليوناني قد قوي في بعض
النحاة حتى أبعدهم عن النحو في تقدير
أبناء زمنهم أنفسهم»(2).
إن
الهفوات التي طبعت النحو التقليدي دفعت
الوصفيين إلى البحث عن أسس جديدة، وجدوها
في المنهج الوصفي، وهذا ما ذهب إليه تمام
حسان الذي رأى أن »الدراسات
اللغوية الحديثة تجعل اللغة موضوعا للوصف،
وتستخدم الموضوعية التامة لهذا الوصف»(3).
فالعلم
العصري استثمر البنيانية في مختلف الحقول،
حتى أنها أدخلت في العلوم اللسانية وأحرزت
نتائج ملموسة وقد آن للدراسات اللغوية
أن تعتمد البنيانية كعنصر تجديد سيكتب
له البقاء والنجاح المستمر(1).
ويذهب
بعض الوصفيين إلى حد اعتبار
القرن العشرين
عصر البنيوية، ولذلك يحق تسميته »في
تاريخ علم اللغة القرن الوصفي (Descriptive)
لأنه
لا
يعنى
بالناحية التطورية التاريخية، ولا يعنى
بالناحية البسيكولوجية، بل تتركز الجهود
في وصف اللغة وصفا علميا دقيقا سواء كان
ذلك من جهة الصوت (Phonology)
أم
من جهة الشكل (Morphology)
أم
من جهة التركيب (Syntax)،
وتمثل مدرسة لندن، قسم الفونيتيك وعلم
اللغة، هذا الاتجاه أحسن تمثيل«(2).
وبذلك
تبقى أي نهضة منشودة في مجال الدراسات
اللغوية العربية، بحسب الوصفين، رهينة
بتطبيق المنهج الوصفي على اللغة العربية؛
لأنها
«من
أشد اللغات حاجة إلى هذا الوصف الجديد؛
إذ إن نحوها يرجع اليوم إلى ما ينيف عن
اثني عشر قرنا
ولم
يكد يعرف تغيرا جوهريا منذ نشأته»(3).لكل
هذه الاعتبارات ارتضى الوصفيون العرب
المنهج الوصفي بديلا عن النحو العربي.
2-
التوليديون
العرب ونقد التراث اللغوي:
يمكن
أن نميز في الكتابة التوليدية العربية
في علاقتها بالتراث اللغوي العربي بين
موقفين متناقضين:
1.2.
موقف
يسعى إلى التوفيق بين مبادئ الدرس التوليدي
وفرضياته، ومعطيات النحو العربي، وهو
الموقف الذي يتبناه مازن الوعر في كتاباته،
التي يؤكد فيها على أهمية وضرورة انفتاح
البحث اللساني العربي على البحوث اللغوية
التراثية، إن هو أراد أن يتجاوز كل
المجادلات العقيمة التي تعوق تقدمه، ومن
ذلك الصراع بين القديم والحديث.
يقول
الوعر مشددا على أهمية هذه المسألة:
«إن
أية نظرية لسانية عربية حديثة، تطمح لأن
تكون علمية فاعلة ومتفاعلة في حقل التكوين
اللساني المعاصر، لا بد لها من أن تتجاوز
المشكلات والمجادلات الزائفة التي تعوق
البحث اللساني في الثقافة العربية
المعاصرة، تلك المشكلات الناتجة عن الصراع
الذي مازال مستمرا بين أنصار القديم
وأنصار الحديث، بين أنصار القديم المتعلق
بالبحوث اللغوية العربية التي وضعها
العرب القدماء، وبين أنصار الحديث المتعلق
بالبحوث اللسانية الغربية التي وضعها
علماء الغرب المحدثون، وأسسوا من خلالها
علما قائما برأسه دعوه علم اللسانيات»(1).
وعلى
هذا الأساس فإن أي إغفال أو إهمال للنظرية
اللغوية القديمة بمناهجها المختلفة سيؤدي
إلى نقص وعدم كفاية في النظرية اللغوية
الحديثة.
إن
التوفيق بين القديم والحديث لا يعني الجهل
بالمنطلقات الفلسفية والعلمية للسانيات،
والمنطلقات الإنسانية للتراث اللغوي
العربي، فالوعر يقر بهذه الاختلافات،
ولكنه يدرك في الآن نفسه أن النظرية لا
تكتمل وتتبلور إلا من خلال مناهجها
المتعددة(2).
2.2.
في
مقابل هذا التوجه، نجد توجها آخر يرى
أصحابه أن معطيات التراث النحوي العربي
ناقصة، ولا تصلح لوصف اللغة العربية
الحالية، وهذا موقف عبد القادر الفاسي
الفهري الذي لاحظ أن:
«مواجهة
الفكر اللغوي القديم بالفكر اللساني
المعاصر يؤدي إلى نوع من اللاتاريخانية...إذ
يضطرنا إلى الحكم على فكر نشأ في ظروف
معرفية وتكنولوجية معينة بمقاييس عصر
وصل فيه العلم والتكنولوجيا إلى نتائج
لم يعد ممكنا معها أن نأخذ بتحاليل القدماء
برمتها، بل يمكن فقط أن نستأنس بها وأن
نأخذ بعض الجزئيات فيها أو بعض الخطوط
العامة»(1).
ويفسر
الفهري موقفه هذا بكون الآلة الواصفة
الموجودة عند القدماء ليس لها أي امتياز
في وصف العربية، بل هي غير لائقة في كثير
من الأحوال(2).
إن
التراث في نظر الفاسي الفهري إما معطيات
اللغة الموصوفة وإما مفاهيم وصفية أو
أصول وتأملات، ولذلك فإنه على العكس من
الفكرة الشائعة التي مفادها أن هذا التراث
يزودنا بكل ما نحن في حاجة إليه، ينبغي
أن نتوقع غياب المعطيات الأكثر دلالة
بالنسبة إلى افتراضاتنا، أو تشويهها أو
إنكار بعض النحاة لها، أو اختلافها اختلاف
مراحل تاريخ اللغة…إلخ.
على
أن هذا لا يعني فساد كل المعطيات والتعميمات
التي نعثر عليها(3).
يمكن
أن ندرج أيضا ضمن هذا التوجه ميشال زكريا
الذي عبر بشكل صريح عن عدم صلاحية الدراسات
النحوية لدراسة اللغة، بحيث يرى أن
النظريات اللسانية يمكن أن تشكل بديلا
عن النحو العربي.
يقول:
«لا
نفع، بعد الآن، في أن نردد، بصورة متواصلة
الدراسات التي قامت بها الأجيال السابقة
والمفاهيم التي تبنوها في المجالات
اللغوية، وإن أضفينا عليها بعض التعديلات
السطحية من حيث الشكل والعرض.
فهذه
الدراسات وإن دلت على المجهود الذي قام
به اللغويون في مجال دراسة اللغة، وإن
كانت تساعدنا على فهم بعض القضايا اللغوية،
لم تعد تفي، في الحقيقة، في مجال تحليل
اللغة.
ففي
هذا المجال تكون النظريات الألسنية
العلمية الحديثة، في نظرنا، التقنية
المتطورة التي تتسلح بها لسبر قضايا اللغة
وتفسيرها وتوضيحها»(1).
إن
ما يدعو إلى تجاوز التراث اللغوي العربي
من منظور هذا التوجه هو أن القضايا اللغوية
التي يتناولها لم تعد تفي بالحاجة، وأن
معطيات اللغة العربية الحالية، ليست هي
المعطيات التي وصفها النحاة، لأن تحليلاتهم
تجعل المعطيات الأكثر دلالة بالنسبة إلى
افتراضات التوليديين غائبة، أو تشوهها
أو تنكرها، وأن البديل هو اللسانيات
الحديثة وكل توظيف لمعطيات النحو القديم
في نحو اللغة الحالية، سيؤدي إلى خلط بين
نسقين مختلفين(2).
ثالثا.الاتجاه
التوفيقي:
يتميز
أصحاب هذا النوع من القراءة بالاعتدال
والوسطية ومحاولة تدبير الاختلاف بين
التراث اللغوي العربي واللسانيات الحديثة،
تدبير يقوم على اعتراف واضح بالقيمة
المعرفية للتراث اللغوي العربي وللنظريات
اللسانية الحديثة في الوقت نفسه.
وأبرز
من يمثل هذا الاتجاه في الثقافة العربية
الدكتور أحمد المتوكل الذي نحا منحى
وظيفيا في تفكيره اللساني، ولذلك سنعتمده
نموذجا للكشف عن تجليات تدبير الاختلاف
بين الخطاب اللغوي العربي والخطاب اللساني
الحديث.
اللسانيات
الوظيفية:
الأصول
والامتداد:
ترجع
أصول هذا الاتجاه إلى جملة من الأبحاث
اللسانية الحديثة كمدرسة براغ، وأعمال
اللسانيين التشيكيين المعروفة بالوجهة
الوظيفية للجملة، والمدرسة النسقية
(لندن).
وقد
شكلت اللسانيات الوظيفية أحد أشكال
التطورات المتلاحقة التي عرفتها المدرسة
البنيوية ممثلة بالأب الروحي سوسير الذي
ركز على وظيفة اللغة باعتبارها وسيلة من
وسائل الاتصال، إن لم تكن أهمها على
الإطلاق، وهو الجانب الذي أولاه أتباع
سوسير أهمية خاصة من خلال دراساتهم للغة
والبحث عن الوظائف التي تؤديها عناصرها
وأدواتها التعبيرية.
غير
أن أبرز الدراسات والتطورات التي عرفها
هذا الاتجاه، شكلتها حلقة براغ بفضل أعمال
تروبوتسكوي، ومارتيني، وجاكوبسون...وغيرهم،
فكانت مفاهيم وبحوث هذه المدرسة منطلقا
لبحوث ودراسات أخرى أثمرت مفاهيم هذا
الاتجاه ومن أبرز من سار على هذا النهج
دانس وبوفودا وفيرباس وسكال...
وغيرهم
الذين عرفوا بوجهتهم الوظيفية للجملة،
وأكدوا على مفهوم مركزي يتمثل فيما أسموه
بـ ديناميكية
التواصل.
بينما
اتجه مالينوفسكي وجون فورث وهاليداي
اتجاها آخر تميز بالاستقلال عن مدرسة
براغ، والانخراط فيما أصبح يعرف بالمدرسة
النسقية التي شيد صرحها فورث، الذي تميزت
آراؤه بالاستقلالية عن البنيوية الأمريكية
الأوربية على حد سواء، بكونها تعتبر اللغة
ظاهرة بشرية، إنها أهم سلوك في نشاط
الإنسان، وبالتالي فإن كل نظرة تعتمد
تحليل هذه اللغة إلى مستويات جزئية صرفية
وتركيبية ودلالية مستقلة–كما يفعل
البنيويون الأمريكيون– يفقد اللغة طابعها
الخاص بها.
وتبعا
لذلك، دعا فورث وأتباعه إلى دراسة اللغة
في بعدها الثقافي والاجتماعي والنفسي
مطورا بذلك مفهوم سياق الحال الذي وضعه
مالينوفسكي، أي دراسة اللغة في الإطار
الذي يقتضيه التواصل من معطيات مادية
ومعنوية، وبالرجوع إلى ما تحيل إليه اللغة
من قواسم ثقافية واجتماعية مشتركة بين
المتكلم والسامع تجعل عملة التواصل اللغوي
اليومي ناجحة(1)
.
وقد
سعى هاليداي إلى تعميق أطروحات فورث،
والذهاب بها إلى نهاياتها الممكنة من
خلال تركيب جملة من الأفكار اللغوية
وإعادة صياغتها في شكل متماسك، وهي أفكار
مستوحاة من »
الأبحاث
الإثنوغرافية، ومن سوسير ويلمسليف
وماتيزوس، ومدرسة براغ ومالينوفسكي وفورث
وبواس وسابير وورف ومن أفكار المعاصرين
أمثال لايبوف وبرنشتين وبازل«(2).
وقد
كانت البداية الفعلية لتعرف الثقافة
العربية على اللسانيات على يد بعض اللسانيين
العرب الذين درسوا في الجامعات الغربية،
وبصفة خاصة الجامعات البريطانية.لقد
كان من الطبيعي أن يتأثر اللسانيون العرب
بالآراء الوظيفية التي قعد لها اللساني
الإنجليزي فورث(Firth)
مؤسس
المدرسة النسقية.
ظهرت
ملامح هذا التأثير واضحة عند تمام حسان
الذي وظف ما يعرف عند فورث بسياق
الحال"Context
of situation"
وأطلق
عليه"المقام"وجعل
السياق اللغوي موازيا، وأطلق عليه"المقال"(3).
إلى
جانب اهتمام أتباع فورث ومريديه من
اللسانيين العرب باللسانيات الوظيفية
ظهرت ملامح التأثر بالاتجاه الوظيفي عند
لسانيين آخرين في إطار لسانيات التراث؛
وتجلى ذلك في البحث عن أوجه للتماثل بين
المنهج الوظيفي وبعض الأصول اللغوية
العربية(1)،
كما نشط الاهتمام بوظيفة براغ ترجمة
وتعريفا بشكل خاص في تونس.
غير
أن كل تلك المحاولات لم تثمر اتجاها وظيفيا
عربيا يحمل مقومات اتجاه وظيفي عربي(2).
للاعتبارات
السابقة فإن الوظيفية التي سنتحدث عنها
هنا هي الوظيفية التي عرفت عند اللساني
الهولندي سيمون ديك، والتي شكلت اتجاها
قائم الذات في البحث اللساني العالمي كان
للثقافة العربية حظها الأوفى منه بفضل
جهود الدكتور أحمد المتوكل الذي وجد في
النحو الوظيفي إطارا نظريا مناسبا للاشتغال
يقول:»يعتبر
النحو الوظيفي(Functional
Grammar)،
الذي اقترحه سيمون ديك في السنوات الأخيرة،
في نظرنا، النظرية الوظيفية التداولية
الأكثر استجابة لشروط التنظير من جهة
ولمقتضيات"النمذجة"
للظواهر
اللغوية من جهة أخرى، كما يمتاز النحو
الوظيفي على غيره من النظريات التداولية
بنوعية مصادره.
فهو
محاولة لصهر بعض مقترحات نظريات لغوية:
(النحو
العلاقي (Relational
Grammar)،
نحو الأحوال (Case
Grammar)
الوظيفية(Functionalism)،
ونظريات فلسفية:(نظرية
الأفعال اللغويـة (Speech
Actes theory)
أثبتت
قيمتها في نموذج صوري مصوغ حسب مقتضيات
النمذجة في التنظير اللساني الحديث«(1).
ويلاحظ
المتتبع لكتابات المتوكل منذ 1982
إلى
يومنا هذا، أنه يهدف إلى تأسيس"نحو
وظيفي للغة العربية"؛
نحو بإمكانه رصد كل القضايا المتعلقة
بهذه اللغة، أو لنقل بتعبير أكثر دقة
القيام بمشروع للسانيات اللغة العربية
في كل مستوياتها.
يقول
المتوكل عن أهداف هذا المشروع:
»حاولنا
جهدنا، في هذه المجموعة من الدراسات أن
نشارف هدفين اثنين:
إغناء
لسانيات اللغة العربية بتقديم أوصاف
وظيفية لظواهر نعدها مركزية بالنسبة
لدلاليات وتركيبيات وتداوليات هذه اللغة
وتطعيم النحو الوظيفي، كلما مست الحاجة
إلى ذلك بمفاهيم يقتضيها الوصف الكافي
لهذه الظاهرة أو تلك»(1).
فإذا
تقصينا مؤلفات أحمد المتوكل منذ بداية
الثمانينيات، وحاولنا البحث في إشكالية
إبستيمولوجية الانتقال في الفكر المتوكلي،
أي البحث في الظروف التي تمت فيها صياغة
مفاهيمه وتصوراته، سنجد أنه في البداية
حاول وضع لبنة أولى لإعادة قراءة التراث
العربي القديم (التليد)،
ومن ثم إبراز أصالة هذا التراث مع تبني
فكرة إمكانية استغلاله وترجمته، في نماذج
حديثة لا رفضه تماما، أي أن المشروع كان
الهدف منه »درء
التعارض بين لسانيات الأداة ولسانيات
التراث»(2).
كما
أن المتابعة لكتابة أحمد المتوكل تجعلنا
نكتشف أن هذا المشروع ليست غايته دراسة
اللغة العربية دراسة وظيفية فقط، بل يهدف
أيضا إلى محاولة تدعيم وتطعيم النحو
الوظيفي بمجموعة من المعطيات الواردة في
اللغويات العربية التليدة، وإضافة ما
يمكن إضافته من آليات وتقنيات تحليل تساهم
في تطور هذا النموذج، وكل هذا يجعل من هذا
المشروع مشروعا معتدا به، ليس بالنسبة
إلى اللسانيات الوظيفية العربية فقط، بل
إلى النظريات اللسانية الوظيفية بوجه
عام.
فما
هي أهم تجليات تدبير الاختلاف عند أحمد
المتوكل؟
تكشف
كتابات المتوكل عن وعي عميق بطبيعة
القراءات السابقة(القراءة
التراثية والقراءة الحداثية)
والمنزلقات
التي تقع فيها، ويظهر ذلك في المنهجية
التي يقترحها لقراءة التراث، يقول:
«المنطلق
في المنهجية التي نقترحها لقراءة التراث
اللغوي العربي هو أن المفاهيم المعتمدة
في"علوم
اللغة العربية"تنزع
إلى التوحد وإن تعددت هذه العلوم وإلى
تشكيل إطار نظري يخلف الدراسات النحوية
والبلاغية والأصولية والتفسيرية على حد
سواء.وتطمح
هذه المنهجية إلى تمكين قارئ التراث من
تلافي منزلقين:
منزلق"القطيعة"
ومنزلق"الإسقاط"»(1).
فهو
بذلك يعي حقيقة التحول والتطور الذي عرفته
اللسانيات الحديثة، غير أن ذلك لا يعتبر
سببا لخلق قطيعة مع التراث اللغوي
العربي(والتراث
اللغوي الإنساني عامة)؛
إن مفهوم"القطيعة"في
نظره يصدق على الفصل المعرفي التام بين
فكرين ما من حيث المنطلقات
والأهداف والمنهج.
من
أمثلة ذلك ما نجده حاصلا بين الفكر العلمي
من جهة والفكر
السحري أو الأسطوري
من جهة ثانية؛ وبذلك فهو يفند الزعوم التي
روجت لبعض الأفكار المماثلة في الحقل
اللغوي، وخصوصا في بعض أدبيات اللسانيات
البنيوية، والتي استندت على فكرة أن
اللسانيات الحديثة علم جديد يباين مباينة
القطيعة المعرفية ما سبقه من دراسات نحوية
تقليدية من ضمنها الفكر اللغوي العربي
القديم.
لقد
ساعد في رواج مثل هذه الفكرة في نظر المتوكل
أمران متلازمان:
- إحساس لسانيي تلك الحقبة بأنهم آتون، تبعا لدي سوسير، بالجديد الجاب لما قبله؛
- رد "هجمة"أنصار القديم النافين لجدة اللسانيات واعتبارها لا تعدو أن تكون"بديلا مصطلحيا"للدرس اللغوي القديم ذي الكفاية الثابتة على مدى العصور.
لكن
فكرة القطيعة هذه لم تلبث أن فندتها دراسات
ابستمولوجية لسانية(شومسكي)
(1966)،
كورودا (1972)
وسيميائية
(كريماس
(1966)
بينت
بالملموس أن اللسانيات الحديثة ليست حقبة
من حقب تطور فكر لغوي واحد بدأ حين بدأ
الإنسان يفكر في اللغة وسيمتد امتداد
التفكير في اللغة(1).
استنادا
إلى أطروحة التطور في مقابل أطروحة
القطيعة، اقترح المتوكل قراءة للفكر
اللغوي العربي القديم في مراحل ثلاث:
- أولا: استخلص من مختلف"علوم اللغة العربية" أهم مقومات التنظير العربي القديم للدلالة؛
- ثانيا: حدد معالم منهجية عامة لمقارنة النظرية الدلالية العربية القديمة بالنظريات اللسانية الحديثة خاصة منها النظريات الموجهة تداوليا مثل"نظرية الأفعال اللغوية"في ما يسمى"فلسفة اللغة العادية"ونموذج "الفرضية الإنجازية"في النظرية التوليدية التحويلية ومختلف النظريات الوظيفية بالتركيز على نظرية النحو الوظيفي؛
- ثالثا: حاول استكشاف إمكانات عقد حوار معرفي بين النظرية الدلالية العربية المستخلصة والنظريات التي قورنت بها حيث بين على الخصوص مدى الاستثمار المتاح للنتاج اللغوي العربي القديم في التنظير اللساني الحديث بوجه عام(1).
على
أساس هذه الاقتراحات يقدم المتوكل قراءة
جديدة تعي حقيقة الاختلافات بين التراث
اللغوي العربي واللسانيات الحديثة، وتسعى
إلى إقامة حوار علمي بناء على أسس
ابستمولوجية تسقط كل إسقاط.
إن
الإسقاط الذي يتحدث عنه المتوكل هو قراءة
نظرية ما من خلال نظرية أخرى.
ويمكن
تصنيف الإسقاط بالنظر إلى ثلاثة وسائط
أساسية:
نوعه
ودرجاته واتجاهه، ويصنف الإسقاط من حيث
نوعه إلى إسقاطين:
"إسقاط
وجود"،
و"إسقاط
تقويم":
- أما إسقاط التقويم فأن تنتقد نظرية ما سلبا أو إيجابا انطلاقا من نظرية أخرى(2).
والإسقاط
في نظر المتوكل درجات؛ منه ما يقف عند
المصطلح حين يتحدث عن نظرية ما بمصطلحات
نظرية أخرى حديثة أو قديمة ومنه ما يجاوز
ذلك إلى المفاهيم ذاتها.
ويمكن
القول إن الإسقاط الحاصل بين نظريتين
منتميتين إلى حقبتين تاريخيتين متباعدتين.
وأغلب
أنماط الإسقاط وأشهرها إسقاط نظرية حديثة
على الفكر التراثي إسقاط وجود، أو إسقاط
تقويم كأن يعاب على هذا الفكر نهجه في
التبويب أو خلوه من أدوات الصورنة المنطقية-
الرياضية
مثلا.
وبعد
أن بين المتوكل أنماط الإسقاط والهفوات
التي يقع فيها كل صنف، يتساءل:كيف
يمكن إذن، أن نقرأ النظريات اللغوية وأن
نقارن بينها بعيدا عن منزلق الإسقاط؟
إن
أنجع السبل إلى تلافي الإسقاط(أو
إسقاطه)
سبيلان
متكاملان هما:
-أولا:
تحاشي
الانطلاق من نظرية بعينها حديثة كانت أم
قديمة؛
ولعل
من البناءات النظرية التي تقترب من
الميتانظرية المنشودة ما أسماه "النظرية
الوظيفية المثلى"،
وهي النظرية التي شغلها لتقويم النظريات
الوظيفية الحديثة؛ والتي بالإمكان تشغيلها
في قراءة التراث اللغوي(2).
تتبدى
بعض تجليات الحوار الذي يقيمه المتوكل
بين التراث اللغوي العربي واللسانيات
الحديثة(النظرية
الوظيفية المثلى)
من
خلال تحليلاته لجوانب الدلالة في التراث
اللغوي العربي.
إن
الأطروحة التي تخلف
التنظير التراثي للدلالة وتحكمه مفاهيم
ومنهجا ومقاربة للظواهر هي أطروحة أن
وظيفة اللسان هي وظيفة إتاحة التواصل بين
البشر(1).
إن
هذه الأطروحة-وظيفة
اللغة-منصوص
عليها بوضوح في تعاريف اللغة نفسها:يقول
ابن جني(الخصائص:40
في
تعريف اللغة:"حد
اللغة أنها أصوات يعبر
بها كل قوم عن أغراضهم")
ويخلص
المتوكل إلى أن «نفس
فكرة ارتباط اللغة بأغراض مستعمليها
نجدها معبرا عنها بمفهوم"الاحتياج"إلى
التواصل في أدبيات أصل اللغة.
يقول
الآمدي (الإحكام:30)
في
هذا الباب ما مفاده أنه، بما أن لا أحد
يستطيع أن يتعرف على الأشياء وحده دون
معونة غيره، احتيج إلى خلق"دلائل"تتيح
لكل معرفة ما
في ضمير غيره
من جهة وتعينه
على تحقيق أغراضه
من جهة ثانية، دلائل مؤلفة من أصوات خص
الله بها الكائنات البشرية»(2).
ويمكن
الاهتداء إلى الأطروحة نفسها من خلال
حديث اللغويين العرب عن أركان التخاطب.
إن
هؤلاء المفكرين لم يتخذوا «
العبارة
اللغوية موضوع دراسة مجردا مقطوعا عما
يلابسه، بل ركنا من أركان عملية تواصل
تامة تتضمن مقاما ومتخاطبين بالإضافة
إلى المقال نفسه.
أ.يلح
جل هؤلاء المفكرين على أن المقام لا ينحصر
في العناصر المتواجدة والمتفاعلة أثناء
عملية التخاطب بل يشمل كذلك ظروف الإنتاج
العامة.
المقام
لديهم، إذن، مقامان:
مقام"مباشر"
بمعناه
الضيق ومقام"غير
مباشر"
بمعناه
الأوسع.
يؤكد
الشاطبي (الموافقات:
229) على
ضرورة الأخذ بعين الاعتبار، في تفسير سور
القرآن الكريم، لعادات العرب اللغوية
منها والاجتماعية وللخصائص التاريخية
لحقبة نزول السور.
ويشير
الغزالي(المستصفى:
325) إلى
نفس الضرورة حين ينبه إلى أهميه الالتفات
إلى"عادات
المتكلم ومقاصده"
ب.يقوم
المتكلم بدور هام تبرز مركزيته في أن
القصد("الغرض
والنية")
الذي
يتوخى تحقيقه يشكل ركنا خاصا من أركان
معنى المقال بحكم فحوى العبارة ومعناها
معا.
تبلغ
أطروحة مركزية المتكلم منتهاها عند بعض
المفكرين العرب القدماء الذين يعزون كل
عناصر بنية العبارة إلى المتكلم بما في
ذلك الإعراب نفسه»(1).
إن
هذه الجوانب تبقى غيضا من فيض، فقد أثبت
المتوكل من خلال أمثلة كثيرة أوجها للحوار
وتدبير الاختلاف بين التراث اللغوي العربي
واللسانيات(2).
بقي
أن نشير إلى أن هذا النوع من القراءة تحكمه
ضوابط محددة، لخصها المتوكل في ضابطين
أساسيين:
- يجب ألا يخضع التراث إلى مقاييس التنظير اللساني الحديث بل يجب أن يقوم ويحكم عليه بالنظر إلى المناخ الفكري الذي أنتجه. فمن الحيف أن نطالب التراث وليد حقبة تاريخية أخرى بأن يستجيب إلى شروط البساطة والاقتصاد والصورنة والقابلية للحوسبة، شروط لا يمكن أن تستوفيها إلا النظريات اللسانية الحديثة.
- يمكن أن نقارن إذا شئنا بين التراث اللغوي والنظريات اللسانية الحديثة لمجرد المقارنة لكن إذا أزمعنا المفاضلة فلتكن المفاضلة في إطار النظرية الوظيفية المثلى من جهة وبينه وبين النظريات القديمة التي عاصرته وكانت نتاج نفس الحقبة ونفس المناخ الفكري من جهة ثانية(1).
إن
الانطلاق من هذين الضابطين الاحترازيين
يمكن أن يقود إلى النتيجة الآتية:
«أولا.
التنظير
التراثي للدلالة تنظير وظيفي مفاهيم
ومنهجا ومقاربة يحرز من مقتضيات النظرية
الوظيفية المثلى ما يتيح إحرازه المحيط
الفكري الذي أفرزه؛
ثانيا:
ليس
التراث اللغوي العربي، رغم وظيفيته،
نظرية لسانية وظيفية بالمفهوم الحديث
وإنما هو فكر وليد حقبة معينة من تطور
الفكر اللغوي يمكن أن يفاضل بينه وبين
إنتاجات لغوية أخرى تعاصره(1).
من
هنا تختلف قراءة المتوكل عن قراءة ما
نسميه القراءة
التراثية والقراءة الحداثية، وهما قراءتان
لا تقيمان حدودا أو ضوابط للقراءة والمقارنة
بين التراث اللغوي العربي واللسانيات
الحديثة.
إن
القراءة التي يقوم بها المتوكل تعي جيدا
حدود الاتصال والانفصال بين التراث اللغوي
العربي واللسانيات، فنحن أمام قطيعة في
ظل جدل الاتصال والانفصال أو جدل الاستمرار
واللاستمرار، وعليه فهذا النوع من القراءة
تجعل التراث اللغوي العربي تراثا ممتدا
يتخذ أوضاعا ثلاثة:
أولا.
يمكن
أن يعد تاريخا للفكر اللساني الوظيفي؛
ثانيا.
يمكن
أن يعتمد مرجعا حين البرهنة والحجاج؛
لقد
رحب رواد الفكر اللساني الوظيفي بهذه
القراءة التي تحاول أن تقيم مصالحة بين
اللسانيات والتراث اللغوي العربي، فقد
كتب جون ما كنزي يستحسن ذلك:«يستهدف
كتاب الأستاذ المتوكل (المتوكل1989)
تطبيق
النحو الوظيفي كما يقترحه سيمون ديك(ديك
1978))في
تحليل ظواهر اللغة العربية الحديثة
المعيار...وللكتاب
أهمية إضافية يستمدها من محاولته إدماج
مقترحات الفكر اللغوي العربي القديم في
نظرية النحو الوظيفي بطريقة تغني
الطرفين»(1)،
كما أن رائد النحو الوظيفي سيمون ديك لم
يجد حرجا في تطوير النحو الوظيفي وإغنائه
اعتمادا على اقتراحات المتوكل المستنبتة
من أصالة التراث اللغوي العربي(2).
بعد
كل ما أسلفناه يمكن أن نقول مع الدكتور
أحمد المتوكل إن :
« المنحى
الوظيفي في الدرس اللساني العربي الحديث
يمكن أن يكون كذلك مرجع احتجاج له ومصدرا
من مصادر إغنائه وتطويره إذا ما تعومل
معه على أساس منهجية علمية واضحة المعالم
تنبذ القطيعة والإسقاط على حد سواء»(3).
تنم
أعمال المتوكل عن إدراك عميق لمعطيات
التراث اللغوي العربي، ومتابعة دقيقة
للسانيات الوظيفية، ومساهمة فعالة في
تطوير نماذجها، وبذلك نجحت كتاباته في
الكشف عن عدم وجود أي تعارض بين التراث
اللغوي واللسانيات، إذا كانت الموازنة
المعتمدة تقوم على الحوار البناء، الذي
ينفي كل رجم بالغيب وعداوة الباحث لما
يجهل، فالتراث اللغوي العربي لا ينفي
علمية اللسانيات؛ واللسانيات لا تجب هذا
التراث الأصيل، وبذلك فإن خلق حوار بناء
بين الخطابين يمكن أن يقود إلى استثمار
أوفى للسانيات في الثقافة العربية.
المراجع
1.إسماعيلي
علوي، حافظ، 2004،
قضايا
اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية،
مجلة
عالم الفكر(الكويت)،
المجلد 33
العدد،
02،
( ص
ص199-232)
- إسماعيلي علوي، حافظ، تجليات تلقي اللسانيات في الثقافة العربية الحديثة، بحث لنيل الدكتوراه، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك البيضاء، المغرب.
- أمين، الخولي، 1961، مناهج في تجديد النحو والبلاغة والتفسير والأدب، الطبعة الأولى، دار المعرفة، القاهرة.
- البهنساوي، حسام، 1994، أهمية الربط بين التفكير اللغوي عند العرب ونظريات البحث اللغوي الحديث، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة.
- حسان، تمام، اللغة العربية معناها ومبناها، دار الثقافة، الدار البيضاء (د، ت).
- الحمامي، منية، التراث اللغوي العربي وإشكالية المناهج الوصفية الحديثة، 1990، مجلة التواصل اللساني، المجلد الثاني- العدد الثاني.
- ر.هـ.روبنز، موجز تاريخ علم اللغة (في الغرب)، ترجمة أحمد عوض، سلسلة عالم المعرفة، العدد 227، 1997، ص165.
- الراجحي، عبده، النحو العربي والدرس الحديث، بحث في المنهج، 1986، دار النهضة العربية.
- زكريا، ميشال، الملكة اللسانية في مقدمة ابن خلدون، دراسة ألسنية، 1983، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى.
- السعران، محمود، علم اللغة مقدمة للقارئ العربي، 1962، دار الفكر العربي، الإسكندرية.
- طحان، ريمون، الألسنية العربية، 1981، دار الكتاب اللبناني، بيروت، الطبعة الثانية.
- عبد المطلب، محمد، النحو بين عبد القاهر وتشومسكي، 1984، مجلة فصول، المجلد 5، العدد1، أكتوبر- ديسمبر.
- بن الطالب، عثمان، البراغماتية وعلم التراكيب، ضمن أعمال ندوة الملتقى الثالث للسانيات، الجامعة التونسية.
- بن ذريل، عدنان، اللغة والدلالة، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق،1981.
- غلفان، مصطفى، اللسانيات العربية الحديثة، دراسات نقدية في المصادر والأسس النظرية والمنهجية، جامعة الحسن الثاني عين الشق، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، سلسلة رسائل وأطروحات رقم 4.
- الفاسي الفهري، عبد القادر، اللسانيات واللغة العربية(في جزأين)، 1993، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، الطبعة الثالثة.
- فريحة، أنيس، 1981، نظريات في اللغة، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط2.
- المتوكل، أحمد، الوظائف التداولية في اللغة العربية، 1985، دار الثقافة، الدار البيضاء.
- المنحى
الوظيفي في الفكر اللغوي العربي:
الأصول
والامتداد،
2006،
دار الأمان، الرباط.
- المسدي، عبد السلام، والطرابلسي، الهادي، الشرط في القرآن على نهج اللسانيات الوصفية، الدار العربية للكتاب تونس، 1985.
- التفكير
اللساني في الحضارة العربية،
1981،
الدار العربية للكتاب، تونس.
- هلال حامد، عبد الغفار، علم اللغة بين القديم والحديث، 1989، الطبعة الثالثة.
- الوعر، مازن، نحو نظرية لسانية عربية حديثة لتحليل التراكيب الأساسية في اللغة العربية، 1987، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق، الطبعة الأولى.
- دراسات
لسانية تطبيقية،
1989،
دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر،
دمشق، الطبعة الأولى.
المراجع
الأجنبية
-
Halliday, A, Language a social semiotic , Arnold, London , 1978.
1-
ر.هـ.روبنز،
موجز تاريخ علم اللغة (في
الغرب)،
ترجمة أحمد عوض، سلسلة عالم المعرفة،
العدد 227،
1997،
ص165.
1-
منية
الحمامي، التراث اللغوي وإشكالية المناهج
الوصفية الحديثة، (ص07-20)،
والنص الذي تحيل عليه لعبد
السلام بنعبد العالي-التراث
والهوية-(سلسلة
المعرفة الفلسفية)
دار
توبقال-
المغرب.
- نهاد الموسى، نظرية النحو العربي في ضوء مناهج النظر اللغوي الحديث.
- عدنان بن ذريل، اللغة والدلالة.
- عثمان بن الطالب، البراغماتية وعلم التراكيب.
- المسدي والطرابلسي، الشرط في القرآن على نهج اللسانيات الوصفية.
- عبد القادر المهيري، اللسانيات الوظيفية.
(للمزيد
من التفصيل حول هذه الكتابات ينظر، مصطفى
غلفان، اللسانيات العربية الحديثة،
ص243-
244).
1
-
من
أمثلة ذلك أن يقال إن "التحويلات"
بالمفهوم
التوليدي التحويلي موجودة بنفس الخصائص
الصورية في النحو العربي القديم،ومن
أمثلة ذلك أيضا أن يقال إن البنية الصرفية-
التركيبية
في النظريات الحديثة هي بالحذافير ما
كان يسميه الجرجاني "نظرية
النظم"،
ومن إسقاط الوجود كذلك أن يقابل مفهوم
"البؤرة"
مقابلة
مطابقة بمفهوم العناية"/
الاهتمام"
الوارد
عند اللغويين العرب القدماء.
2-مثال
ذلك أن يعاب على نظرية صورية أنها لا
تعتمد الدلالة والتداول في رصد البنية
الصرفية-
التركيبية
أو أن يعاب في المقابل على نظرية وظيفية
الأخذ بهذين البعدين في وصف وتفسير خصائص
العبارات اللغوية.
2-
نقتصر
هنا على عرض بعض المستجدات التي جاءت في
كتاب أحمد المتوكل، المنحى الوظيفي في
الفكر اللغوي العربي، الأصول والامتداد،
وتجدر الإشارة إلى أننا تتبعنا بالتحليل
والمناقشة مجمل إسهامات المتوكل في إغناء
النحو الوظيفي في أطروحتنا لنيل الدكتوراه،
تجليات تلقي اللسانيات في الثقافة العربية
الحديثة، بحث مرقون بكلية الآداب والعلوم
الإنسانية بنمسيك-
البيضاء
2002-2003،
وللاستزادة في الموضوع الذي نعالجه هنا
يمكن الرجوع إلى مقالنا، قضايا اللغة
العربية في اللسانيات الوظيفية، مجلة
عالم الفكر، المجلد33
العدد2
السنة
2004.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق