تنسب القصيدة لأبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم
خليليَّ ما أُذْني لأوَّلِ عاذلِ | بِصَغْواءَ في حقٍّ ولا عندَ باطلِ |
خليليَّ إنَّ الرأيَ ليسَ بِشِركة ٍ | ولا نَهْنَهٍ عندَ الأمورِ البَلابلِ |
ولمّا رأيتُ القومَ لا وُدَّ عندَهُمْ | وقد قَطَعوا كلَّ العُرى والوَسائلِ |
وقد صارحونا بالعداوة ِ والأذى | وقد طاوَعوا أمرَ العدوِّ المُزايلِ |
وقد حالَفُوا قوما علينا أظِنَّة ً | يعضُّون غيظا خَلفَنا بالأناملِ |
صَبرتُ لهُمْ نَفسي بسمراءَ سَمحة ٍ | وأبيضَ عَضْبٍ من تُراث المقاوِلِ |
وأحْضَرتُ عندَ البيتِ رَهْطي وإخوتي | وأمسكتُ من أثوابهِ بالوَصائلِ |
قياما معا مستقبلين رِتاجَهُ | لدَى حيثُ يَقضي نُسْكَهُ كلُّ نافلِ |
وحيثُ يُنِيخُ الأشعرونَ ركابَهُم | بِمَفْضَى السُّيولِ من أسافٍ ونائلِ |
مُوسَّمَة َ الأعضادِ أو قَصَراتِها | مُخيَّسة ً بين السَّديس وبازِلِ |
تَرى الوَدْعَ فيها والرُّخامَ وزينة ً | بأعناقِها معقودة ً كالعثاكلِ |
أعوذُ بربِّ النَّاسِ من كلِّ طاعِنٍ | عَلينا بسوءٍ أو مُلِحٍّ بباطلِ |
ومِن كاشحٍ يَسْعى لنا بمعيبة ٍ | ومِن مُلحِقٍ في الدِّين ما لم نُحاولِ |
وثَوْرٍ ومَن أرسى ثَبيراً مَكانَه | وعَيْرٍ ، وراقٍ في حِراءٍ ونازلِ |
وبالبيتِ رُكنِ البيتِ من بطنِ مكَّة ٍ | وباللَّهِ إنَّ اللهَ ليس بغافلِ |
وبالحَجَرِ المُسْودِّ إذ يَمْسَحونَهُ | إذا اكْتَنَفوهُ بالضُّحى والأصائلِ |
ومَوطِىء إبراهيمَ في الصَخرِ رَطَبة َ | على قَدميهِ حافياً غيرَ ناعلِ |
وأَشواطِ بَينَ المَرْوَتَينِ إلى الصَّفا | وما فيهما من صورة ٍ وتَماثِلِ |
ومن حجَّ بيتَ اللَّهِ من كلِّ راكبٍ | ومِن كلِّ ذي نَذْرٍ ومِن كلِّ راجلِ |
وبالمَشْعَرِ الأقصى إذا عَمدوا لهُ | إلالٍ إلى مَفْضَى الشِّراج القوابلِ |
وتَوْقافِهم فوقَ الجبالِ عشيَّة ً | يُقيمون بالأيدي صُدورَ الرَّواحِلِ |
وليلة ِ جَمعٍ والمنازلُ مِن مِنى ً | وما فَوقَها من حُرمة ٍ ومَنازلِ |
وجَمعٍ إذا ما المَقْرُباتُ أجزْنَهُ | سِراعاً كما يَفْزَعْنَ مِن وقعِ وابِلِ |
وبالجَمْرَة ِ الكُبرى إذا صَمدوا لها | يَؤمُّونَ قَذْفاً رأسَها بالجنادلِ |
وكِنْدَة ُ إذْ هُم بالحِصابِ عَشِيَّة ً | تُجيزُ بهمْ حِجاجَ بكرِ بنِ وائلِ |
حَليفانِ شَدَّا عِقْدَ ما اجْتَمعا لهُ | وردَّا عَليهِ عاطفاتِ الوسائلِ |
وحَطْمُهمُ سُمْرَ الرِّماحِ معَ الظُّبا | وإنفاذُهُم ما يَتَّقي كلُّ نابلِ |
ومَشئْيُهم حولَ البِسالِ وسَرْحُهُ | وشِبْرِقُهُ وَخْدَ النَّعامِ الجَوافلِ |
فهل فوقَ هذا مِن مَعاذٍ لعائذٍ | وهَل من مُعيذٍ يَتَّقي اللَّهَ عادِلِ؟ |
يُطاعُ بنا الأعدا وودُّا لو أنَّنا | تُسَدُّ بنا أبوابُ تُركٍ وكابُلِ |
كذَبْتُمْ وبيتِ اللَّهِ نَتْركَ مكَّة ً | ونظعَنَ إلاَّ أمرُكُم في بَلابلِ |
كَذَبْتُم وبيتِ اللَّهِ نُبَزى محمدا | ولمّا نُطاعِنُ دونَهُ ونُناضِلِ |
ونُسْلِمَه حتى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ | ونَذْهُلَ عن أبنائِنا والحَلائلِ |
وينهضَ قَومٌ في الحديدِ إليكُمُ | نُهوضَ الرَّوايا تحتَ ذاتِ الصَّلاصِل |
وحتَّى يُرى ذو الضِّغْنِ يركبُ رَدْعَهُ | منَ الطَّعنِ فِعلَ الأنكَبِ المُتَحامِل |
وإنِّي لعَمرُ اللَّهِ إنْ جَدَّ ما أرى | لَتَلْتَبِسَنْ أَسيافُنا بالأماثلِ |
بكفِّ امرئٍ مثلِ الشِّهابِ سَمَيْدَع | أخي ثِقَة ٍ حامي الحقيقة ِ باسلِ |
شُهورا وأيّاما وحَولاً مُجرَّما | عَلينا وتأتي حِجَّة ٌ بعدَ قابلِ |
وما تَرْكُ قَومٍ ، لاأبالك ، سَيِّدا | يَحوطُ الذِّمارَ غَيرَ ذَرْب مُواكلِ؟ |
وأبيضَ يُسْتَسْقَى الغَمامُ بوجههِ | ثِمالُ اليتامى عِصْمة ٌ للأراملِ |
يلوذُ به الهُلاّكُ من آلِ هاشمٍ | فهُم عندَهُ في نِعمة ٍ وفَواضلِ |
لعَمري لقد أجرى أُسَيْدٌ ورهطُهُ | إلى بُعضِنا وجزَّآنا لآكلِ |
جزَتْ رحِمٌ عنَّا أُسَيداً وخالداً | جزاءَ مُسيءٍ لا يُؤخَّرُ عاجِلِ |
وعثمانُ لم يَرْبَعْ عَلينا وقُنْفُذٌ | ولكنْ أطاعا أمرَ تلك القبائلِ |
أطاعا أُبيّا وابنَ عبدِ يَغوثِهم | ولم يَرْقُبا فينا مقالَة َ قائلِ |
كما قَد لَقِينا من سُبَيعٍ ونَوفَلٍ | وكلُّ تَوَلَّى مُعرضاً لم يُجاملِ |
فإن يُلْقَيا أو يُمكنَ اللهُ منهما | نَكِلْ لهُما صاعاً بكَيْلِ المُكايلِ |
وذاكَ أبو عمرٍو أبى غيرَ بُغضِنا | لِيَظْعَننا في أهلِ شاءٍ وجاملِ |
يُناجَى بنا في كلِّ مَمْسى ً ومُصْبِحٍ | فناجِ أبا عَمْرٍو بنا ثمَّ خاتِلِ |
ويُقْسِمُنا باللهِ ما أن يَغُشَّنا | بلى قد نراهُ جَهرة ً غيرَ حائلِ |
أضاقَ عليهِ بُغْضَنا كلَّ تَلْعة ٍ | منَ الأرض بينَ أخشُبٍ فمَجادلِ |
وسائلْ أبا الوليدِ: ماذا حَبَوْتَنا | بسَعْيِكَ فينا مُعْرِضا كالمُخاتِلِ؟ |
وكنتَ امرأً ممَّنْ يُعاشُ برأيهِ | ورحمتُه فينا ولستَ بجاهلِ |
أَعُتْبة ُ، لا تَسمعْ بنا قولَ كاشِحٍ | حَسودٍ كذوبٍ مُبغِضٍ ذي دَغاوُلِ |
وقد خِفْتُ إنْ لم تَزْجُرَنْهُمْ وتَرْعَووا | تُلاقي ونَلْقَى منك إحْدَى البَلابلِ |
ومَرَّ أبو سُفيانَ عنِّيَ مُعْرضا | كما مَرَّ قَيْلٌ مِن عِظامِ المَقاوِلِ |
يَفرُّ إلى نَجدٍ وبَرْدِ مياههِ | ويَزْعمُ أنِّي لستُ عنكُم بغافلِ |
وأَعلمُ أنْ لا غافلٌ عن مَساءَة ٍ | كفاك العدوُّ عندَ حقٍّ وباطلِ |
فميلوا عَلينا كُّلكُمْ؛ إنَّ مَيْلَكُمْ | سَواءٌ علينا والرياحُ بهاطلِ |
يخبِّرُنا فِعلَ المُناصِح أنَّهُ | شَفيقٌ ويُخفي عارماتِ الدَّواخلِ |
أمُطعِمُ لم أخذُلْكَ في يومِ نجدة ٍ | ولا عندَ تلك المُعْظماتِ الجِلائلِ |
ولا يومِ خَصمٍ إذْ أتَوْكَ ألدَّة ٍ | أُولي جَدَلٍ من الخُصومِ المُساجِلِ |
أمطعمٌ إنَّ القومَ ساموك خَطَّة ً | وإنَّي متى أُوكَلْ فلستُ بوائلِ |
جَزى اللهُ عنّا عبدَ شَمسٍ ونَوفلاً | عُقوبة َ شَرٍّ عاجلاً غيرَ آجِلِ |
بميزانِ قِسْطٍ لا يَغيضُ شَعيرة ً | له شاهدٌ مِن نفسهِ حقُّ عادلِ |
لقد سَفَهتْ أحلامُ قَومٍ تبدَّلوا | بَني خَلَفٍ قَيضا بنا والغَياطلِ |
ونحنُ الصَّميمُ مِن ذُؤابة ِ هاشمٍ | وآلِ قُصَيٍّ في الخُطوبِ الأوائلِ |
وكانَ لنا حوضُ السِّقاية ِ فيهمِ | ونحنُ الذُّرى منُهمْ وفوقَ الكواهلِ |
فما أدركوا ذَخْلاً ولا سَفكوا دَماً | ولا حَالفوا إلاَّ شِرارَ القبائلِ |
بَني أمَّة ٍ مجنونة ٍ هِنْدَكيَّة ٍ | بَني جُمَحٍ عُبَيدَ قَيسِ بنِ عاقلِ |
وسهمٌ ومخزومٌ تَمالَوا وألَّبُوا | عَلينا العِدا من كلِّ طِمْلٍ وخاملِ |
وشائظُ كانت في لؤيِّ بنِ غالبٍ | نفاهُمْ إلينا كلُّ صَقْر حُلاحِل |
ورَهْطُ نُفَيلٍ شرُّ مَن وَطىء َ الحصى | وأَلأَمُ حافٍ من معدٍّ وناعلِ |
أعبدَ منافٍ أنْتُمو خيرُ قَومِكُمْ | فلا تُشْرِكوا في أمرِكم كلَّ واغلِ |
فقد خِفتُ إنْ لم يُصْلحِ اللهُ أمْرَكُمْ | تكونوا كما كانَتْ أحاديثُ وائلِ |
لَعَمري لقَدْ أُوْهِنْتُمو وعَجزتُموْ | وجِئتُمْ بأمرٍ مُخطىء ٍ للمَفاصلِ |
وكُنْتُمْ قَديماً حَطْبَ قِدْرٍ فأنتمو | أَلانَ حِطابُ أقدُرٍ ومَراجِلِ |
لِيهْنئْ بَني عبدِ منافٍ عُقوقُها | وخَذْلانُها، وتَرْكُنا في المعاقلِ |
فإنْ يكُ قَومٌ سرَّهُمْ ما صَنَعْتُمو | ستحتلبوها لاقحاً غيرَ باهلِ |
فبلِّغْ قُصَيّا أنْ سَيُنْشَرُ أمرُنا | وبَشِّرْ قُصيًّا بعدَنا بالتَّخاذُلِ |
ولو طَرقتْ ليلاً قُصيّاً عَظيمة ٌ | إذا ما لجأنا دونَهُم في المداخلِ |
ولو صُدقوا ضَرباً خلالَ بُيوتِهم | لكنَّا أُسى ً عندَ النَّساءِ المَطافلِ |
فإنْ تكُ كعبٌ من لؤيٍّ تجمَّعتْ | فلا بُدَّ يوما مرَّة ً مِنْ تَزايُلِ |
وإنْ تَكُ كعبٌ من كعوبٍ كثيرة ٍ | فلا بدَّ يوما أنَّها في مَجاهِلِ |
وكلُّ صديقٍ وابنُ أختٍ نَعُدُّهُ | وجدْنا لعَمري غِبَّهُ غيرَ طائلِ |
سِوى أنَّ رَهْطاً مِن كلابِ بنِ مُرَّة ٍ | بَراءٌ إلينا من معقَّة ِ خاذلِ |
بَني أسَدٍ لا تُطرِفُنَّ على القَذى | إذا لم يقلْ بالحقِّ مِقْوَلُ قائلِ |
فنعْمَ ابنُ أختِ القَومِ غيرَ مُكذَّبٍ | زُهيرٌ حُساما مُفردا مِن حَمائلِ |
أَشَمُّ منَ الشُّمِّ البهاليلِ يَنْتَمي | إلى حَسبٍ في حَوْمة ِ المَجْدِ فاضلِ |
لعَمري لقد كَلِفْتُ وَجْدا بأحمدٍ | وإخوتهِ دأبَ المحبِّ المُواصِلِ |
أقيمُ على نصرِ النبيِّ محمدٍ | أقاتلُ عنهُ بالقَنا والقنابلِ |
فلا زالَ في الدُّنيا جَمالاً لأهلِها | وزَينا لم ولاَّهُ رَبُّ المشاكِلِ |
فمَنْ مثلُهُ في النَّاسِ أيُّ مؤمَّلٍ | إذا قاسَه الحكَّامُ عندَ التَّفاضُلِ |
حليمٌ رشيدٌ عادلٌ غيرُ طائشٍ | يُوالي إلها ليسَ عنهُ بغافلِ |
فأيَّدَه ربُّ العبّادِ بنصرهِ | وأظهرَ دَينا حقُّه غيرُ ناصلِ |
فو اللهِ لولا أن أَجيءَ بسُبَّة ٍ | تَجُرُّ على أشياخنا في المَحافلِ |
لكنَّا اتَّبعْناهُ على كلِّ حالة ٍ | منَ الدَّهرِ جِدا غيرَ قَولِ التَّهازُلِ |
لقد عَلموا أنَّ ابْنَنا لا مُكذَّبٌ | لَدَيهم ولا يُعْنى َ بقَوْلِ الأباطلِ |
رجالٌ كِرامٌ غيرُ مِيلٍ نَماهُمو | إلى الغُرِّ آباءٌ كرامُ المَخاصلِ |
دَفَعناهُمو حتَّى تَبدَّدَ جَمعُهُمْ | وحسَّرَ عنّا كلُّ باغٍ وجاهلِ |
شَبابٌ منَ المُطَيَّبين وهاشمٍ | كبيضِ السُّيوفِ بينَ أيدي الصَّياقلِ |
بِضَربٍ تَرى الفتيانَ فيهِ كأنَّهُم | ضَواري أسودٍ فوقَ لحمٍ خَرادلِ |
ولكنَّنا نسلٌ كرامٌ لسادة ٍ | بهم نَعْتلي الأقوامَ عندَ التَّطاوُلِ |
سَيَعْلمُ أهلُ الضِّغْنِ أيِّي وأيُّهُمْ | يفوزُ ويعلو في ليالٍ قلائلِ |
وأيُّهُمو منِّي ومنْهُم بسيفهِ | يُلاقي إذا ما حانَ وقتُ التَّنازُلِ |
ومَنْ ذا يمَلُّ الحربَ مني ومِنْهمو | ويحمدُ في الاڑفاقِ مِن قَولِ قائلِ؟ |
فأصبحَ فينا أحمدٌ في أُرومة ٍ | تُقصِّرُ عنها سَورة ُ المُتَطاوِلِ |
كأنَّي به فوقَ الجيادِ يقودُها | إلى معشرٍ زاغوا إلى كلِّ باطلِ |
وجُدْتُ نفسي دونَهُ وحَمَيتُهُ | ودافَعْتُ عنه بالطُّلى والكلاكلِ |
ولا شَكَّ أنَّ اللهَ رافعُ أمرِهِ | ومُعليهِ في الدُّنيا ويومَ التَّجادُلِ |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق