التدريس المصغر في ميدان تعليم اللغات الأجنبية
وتطبيقه في برامج إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها
د. عبد العزيز بن إبراهيم العصيلي
الأستاذ المساعد بقسم تأهيل معلمي اللغة العربية - معهد تعليم اللغة العربية
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
ملخص البحث
التدريس المصغر: أسلوب من أساليب تدريب المعلمين، يمثل صورة مصغرة للدرس أو جزءاً من أجزائه أو مهارة من مهاراته، تحت ظروف مضبوطة، ويقدم لعدد محدود من المتعلمين أو المعلمين المتدربين.
يهدف البحث إلى التعريف بالتدريس المصغر، وذكر أنواعه ومراحله ومهاراته، وبيان أهميته في برامج إعداد معلمي اللغات الأجنبية، وتقديمه حلاً لبعض المشكلات التي يواجهها القائمون على هذه البرامج، ثم تقديم نموذج تطبيقي للتدريس المصغر في برامج إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى.
والتدريس المصغر أنواع، منها: التدريب المبكر على التدريس المصغر، والتدريب عليه أثناء الخدمة، والتدريس المصغر المستمر، والتدريس المصغر الختامي، والتدريس المصغر الموجه، والتدريس المصغر الحر، والتدريس المصغر العام، والتدريس المصغر الخاص.
يقدم التدريس المصغر على مراحل، هي: الإرشاد والتوجيه، والمشاهدة، والتحضير للدرس، والتدريس، والحوار والمناقشة، وإعادة التدريس، والتقويم، والانتقال إلى التدريس الكامل.
وللتدريس المصغر مهارات، من أهمها: مهارات التحضير ، ومهارات اختيار المواد التعليمية، ومهارات التوزيع والتنظيم، ومهارات التقديم والتشويق والربط، ومهارات الشرح، ومهارات التعزيز، ومهارات الأسئلة والإجابات، ومهارات مراعاة مستوى الطلاب والفروق الفردية بينهم، ومهارات الحركة، ومهارات استخدام تقنيات التعليم، ومهارات التدريب والتقويم.
وفي نهاية البحث قدم الباحث نموذجاً مصغراً لتدريس النحو لمعلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها، بدأ من المرحلة الثالثة (التحضير للدرس) وانتهى بالمرحلة السابعة (التقويم) وشمل جميع المهارات في هذه المراحل.
مقدمة :
انتشرت في العقود الثلاثة الماضية معاهد لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في عدد من الجامعات العربية. وكان الهدف من إنشاء هذه المعاهد - في الغالب - تعليم اللغة العربية لأبناء المسلمين، وإلحاقهم بكليات الشريعة والدعوة وأصول الدين واللغة العربية([1]) . وقد افتتح في بعض هذه المعاهد أقسام وبرامج لإعداد معلمي اللغة العربية وتأهيلهم تأهيلاً علمياً وتربوياً ومهنياً ([2]) ، يقدم للملتحقين بها عدد من المقررات في اللغويات النظرية واللغويات التطبيقية وعلم النفس والتربية وتقنيات التعليم.
وإذا كانت المقررات النظرية مهمة لإعداد معلم اللغة العربية للناطقين بغيرها إعداداً علمياً؛ فإن التدريب العملي لا يقل أهمية عن هذه المقررات. ولا شك في أن التدريب العملي الميداني على تدريس اللغة العربية والمواد الشرعية أثناء الدراسة، في فصول حقيقية لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها؛ أفضل وسيلة لتدريب المعلمين على هذه المهنة، والتأكد من تمكنهم من مهاراتها قبل دخولهم الميدان بعيدين عن الإشراف والتوجيه والتعزيز. بيد أن هذا النمط من التدريب لا يتوفر في بعض أقسام إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها؛ لأسباب كثيرة، من أهمها: ندرة الفصول الكافية للتدريب، وغياب بعض المواد المراد التدرب عليها من المنهج الذي يتدرب فيه المعلمون، وعدم ملاءمة وقت الدراسة للمعلمين المتدربين. وتلك مشكلة يعاني منها المشرفون على هذه الأقسام وأساتذة التربية العملية فيها، مما يعد نقصاً في التأهيل والتدريب. لهذا يلجأ الأساتذة إلى توجيه طلابهم المعلمين إلى وسائل وأنشطة لا تعوض هذا النقص، ولا تقدم بديلاً عملياً عن هذا الجانب المهم.
بالإضافة إلى ذلك، فإن إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها يتطلب التدرب على عدد من المهارات والمهمات، وممارسة بعض الإجراءات والأنشطة، ومناقشة بعض القضايا المهنية المهمة، التي يصعب تنفيذها أثناء التدريب العملي الكامل في فصول حقيقية أمام متعلمي اللغة العربية الناطقين بغيرها، كالتسجيل التلفازي، وحضور الأستاذ المشرف، وتبادل الأدوار بين المتدربين ونحو ذلك.
لذا فإن الوسيلة الممكنة التي يرى الباحث أنها مفيدة لسد النقص في هذا الجانب المهم من إعداد المعلمين، هي التدريس المصغر Microteaching، الذي سوف يقدم في هذه الدراسة؛ ليكون مكملاً للتدريب الميداني الحقيقي، لا بديلاً عنه، إلا في حالات الضرورة. وهذا النمط من التدريس له فوائد أخرى ربما لا تتوفر في التدريب على التدريس الحقيقي الكامل.
أهداف البحث
يسعى الباحث، من خلال هذا البحث، إلى تحقيق بعض الأهداف؛ النظرية والتطبيقية، التي يمكن إيجازها في النقاط التالية:
1- التعريف بالتدريس المصغر وأنواعه ومراحله ومهاراته.
2- بيان مزاياه وأهميته في برامج إعداد معلمي اللغات الأجنبية.
3- تقديمه حلاً لعدد من المشكلات التي يواجهها القائمون على برامج تعليم اللغات الأجنبية.
4- تقديم نموذج تطبيقي للتدريس المصغر في برامج إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى.
أهمية البحث وضرورته
هذا البحث يعالج مشكلة تتكرر كل عام، بل كل فصل دراسي من فصول برنامج إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها، وهي قلة الفرص المتاحة للطلاب المعلمين للتدرب على مهارات تدريس اللغة العربية في فصول حقيقية لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، بالإضافة إلى حاجتهم إلى التدرب على مهارات والقيام بمهمات وأنشطة يصعب ممارستها أمام متعلمي اللغة العربية الناطقين بغيرها.
وكثيراً ما تقيم الجامعات العربية والمنظمات الإسلامية دورات تدريبية قصيرة لأعداد كبيرة من معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها في مختلف دول العالم، فلا تجد الوقت الكافي لتدريبهم على المهارات الأساسية من خلال التدريس الكامل.
بناء على التجربة الميدانية والبحث النظري، يعتقد الباحث أن التدريس المصغر أفضل وسيلة لحل هذه المشكلة، التي لا تقتصر على برامج إعداد معلمي اللغة العربية، بل هي مشكلة عامة في تعليم اللغات الأجنبية، بما فيها تعليم اللغة الإنجليزية للناطقين بغيرها([3]) .
ويرى الباحث أن هذا البحث مهم لجميع العاملين في ميدان تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها؛ أساتذة مشرفين ومعلمين متدربين؛ إذ لم يعثر على دراسة متكاملة ومفصلة في هذا الموضوع باللغة العربية، تجمع بين النظرية والتطبيق؛ بالإضافة إلى ما يقدم في هذه الدراسة من مقترحات مهمة للاستفادة من التدريس المصغر في البحث العلمي في مجال تعليم اللغات الأجنبية.
ما التدريس المصغر؟
التدريس المصغر – بوجه عام - موقف تدريسي، يتدرب فيه المعلمون على مواقف تعليمية حقيقية مصغرة تشبه غرفة الفصل العادي، غير أنها لا تشتمل على العوامل المعقدة التي تدخل عادة في عملية التدريس. ويتدرب المعلم – في الغالب – على مهارة تعليمية واحدة أو مهارتين، بقصد إتقانهما قبل الانتقال إلى مهارات جديدة([4]) .
والتدريس المصغر في برامج تعليم اللغات الأجنبية : إجراء أو أسلوب منظم من أساليب تدريب المعلمين على تدريس اللغة الهدف ، يمثل صورة مصغرة للدرس ، أو جزءاً من أجزائه ، أو مهارة من مهاراته ، تحت ظروف مضبوطة ؛ منظمة ومرتبة ، وعادة ما يقدم لعدد محدود من المتعلمين أو الزملاء من المعلمين المتدربين([5]) .
ويتضح من هذا التعريف أن المعلم المتدرب يمكن أن يُصَغِّر درسه من خلال التركيز على مهارة واحدة من مهارات التدريس، أو خطوة واحدة من خطواته، مع الاحتفاظ بالزمن والأنشطة المطلوبة لهذه المهارة في الحالات العادية. فقد يختار المتدرب، أو يُوَجَّه، إلى التدرب على التمهيد للدرس، أو شرح قاعدة من قواعده، أو شرح عدد معين من المفردات الجديدة، أو إجراء تدريب قصير، أو تقويم أداء الطلاب في مهارة معينة. وقد يكون التدريس موجهاً إلى التدرب على مهمة محددة، كإثارة انتباه الطلاب، وأسلوب طرح الأسئلة عليهم، والإجابة عن استفساراتهم، وتصويب أخطائهم. يقوم المتدرب بهذه العملية مرة أو مرتين أو أكثر، ويحاول في كل مرة تلافي الأخطاء السابقة أو التقليل منها، حتى يتقن هذه المهارة.
فالتدرب على مهارة من هذه المهارات أو مهمة من هذه المهمات إذن لا يستغرق كل الوقت المخصص للدرس، وإنما يتطلب جزءاً يسيراً منه، يختلف حسب طبيعة المهارة المراد التدرب عليها. فالتقديم للدرس مثلاً لا يستغرق – في الغالب - أكثر من خمس دقائق، وإجراء التدريب الواحد ربما لا يحتاج إلا إلى ثلاث دقائق، وإثارة انتباه الطلاب أو طرح السؤال أو الإجابة عنه لا تحتاج إلا إلى دقيقة واحدة، أما شرح القاعدة فقد يتطلب مدة تتراوح ما بين خمس إلى عشر دقائق.
بالإضافة إلى ذلك، فإن حجم الفصل يمكن تصغيره إلى أقل من عشرة طلاب، وهؤلاء قد يكونون طلاباً حقيقيين من متعلمي اللغة العربية الناطقين بغيرها، وقد يكونون من زملاء المعلم المتدرب، الذين يجلسون في مقاعد الدرس؛ يستمعون إليه، ويتفاعلون معه كما لو كانوا طلاباً حقيقيين من متعلمي اللغة العربية الناطقين بغيرها. والحالة الثانية هي المتبعة غالباً في التدريس المصغر في برامج تعليم اللغات الأجنبية([6]) ؛ لأن عدم توفر الطلاب الحقيقيين، أو صعوبة التدرب أمامهم، من أهم أسباب اللجوء إلى التدريس المصغر، بالإضافة إلى الاستفادة من الزملاء المعلمين في التعزيز والنقــد والمناقشة.
الخلفية التاريخية والنظرية للتدريس المصغر
ظهر التدريس المصغر في أوائل الستينيات من القرن العشرين، عندما كانت تطبيقات الاتجاه السلوكي في علم النفس Behavioral Psychology هي المسيطرة على مناهج التعليم، بما فيها مناهج تعليم اللغات الأجنبية. وقد بدأ تطبيق التدريس المصغر في العلوم التطبيقية في جامعة ستانفورد Stanford University على يد دوايت ألن Dwight Allen وزملائه عام 1961م([7]) ، وعرف بمذهب ستانفورد Stanford Approach، ثم طبق في جامعة بركلي في كاليفورنيا University of California (Berkeley). وقد عرف هذا النمط من التدريس آنذاك بنموذج العلم التطبيقي The Applied Science Model، ثم طبق بعد ذلك على نطاق واسع في تدريب المهندسين والعاملين في المصانع وبرامج تدريب الجيش الأمريكي([8]) .
وقد شاع استخدام هذا النمط من التدريس في برامج التربية العملية للمعلمين في التعليم العام في الجامعات الأمريكية منذ ذلك التاريخ. ثم استخدم في بعض الجامعات الأوربية، وبخاصة البريطانية منها، في بداية السبعينيات الميلادية، حيث استحدثت أنماط وأساليب جديدة، بل إن الجامعات البريطانية أقرت التدريس المصغر واعتمدته جزءاً أساسياً في عمليات إعداد المعلمين([9]) . ثم انتقل هذا النمط من التدريس إلى العالم العربي في منتصف السبعينيات الميلادية، وطبق في كثير من جامعاته وكلياته، ونقلت بعض الكتب والدراسات الأجنبية إلى اللغة العربية([10]) ، ثم ألفت كتب أخرى باللغة العربية نفسها([11]) ، كما نشرت بعض البحوث والدراسات وعقدت ندوات في مجال تدريب المعلمين، تناول بعضها جوانب من التدريس المصغر([12]) .
لقد قام هذا النموذج من التدريس المصغر على أساس من المفهوم السلوكي للتعلم من خلال تعديل السلوك، كما هو عند رائد التعليم المبرمج ف سكنر B. F. Skinner، الذي يؤكد على أهمية التغذية الراجعة Feedback والتعزيز الفوري Immediate Reinforcement في تعديل السلوك. وبناء على ذلك؛ فإن المتدرب يحتفظ بالسلوك الصحيح، عندما يلقى تعزيزاً إيجابياً من أستاذه أو من الحضور، ويبتعد عن السلوك الخاطئ بناء على التعزيز السلبي، ويحسن من أدائه تدريجياً حتى يصل إلى الأداء المطلوب. ولكي يضمن المتدرب الاستفادة من التغذية الراجعة والتعزيز لتحسين أدائه؛ ينبغي أن تكون المهمة أو المهارة التي يتدرب عليها قصيرة قدر الإمكان. من هنا جاءت فكرة تقسيم الدرس إلى أجزاء، ثم تقسيم كل جزء إلى مهارات أو مهمات قصيرة، يمكن التدرب عليها مرات عديدة حتى يتم إتقانها([13]) .
غير أن هذا النموذج العلمي التطبيقي لم يكن مقبولاً بدرجة كافية لدى المهتمين بتعليم اللغات الأجنبية؛ لأن تعليم اللغة وتعلمها عملية معقدة ومتداخلة، ينبغي أن ينظر إليها بوصفها وحدة متكاملة، لا ينفصل بعضها عن البعض الآخر. بل يرى بعض الباحثين أن هذا النموذج، كما هو لدى جامعة ستانفورد، لم يطبق في برامج تعليم اللغات الأجنبية على نطاق واسع([14]) . ولعل السبب في هذا شعور اللغويين التطبيقيين بأن تعليم اللغة يختلف عن تعليم مهارة منفصلة من مهارات العلوم الطبيعية أو التصميم الهندسي أو التصنيع أو التشغيل، أو السلوك العسكري الموجه توجيهاً آلياً في كثير من الحالات.
وبناء علـى ذلك ؛ طبق اللغويون التطبيقيــون نموذجاً آخـر عـرف بالنموذج الانعكـــاسي التأملـي The Reflective Model، يقوم على فكرة أن التدريس المصغر ينبغي النظر إليه بوصفه سلوكاً مهنياً معرفياً يعكس كفاية المعلم، لا سلوكاً آلياً ناتجاً عن المحاولة والخطأ وتعديل السلوك جزئياً نتيجة التغذية الراجعة والتعزيز. وقد استفاد أصحاب هذا النموذج من آراء عالم النفس الروسي فيجوتسكي Vygotsky ونظراته السلوكية الجديدة حول التدريس بوجه عام والتدريس المصغر بوجه خاص، تلك النظرات التي تربط التدريس بكل من البيئة الاجتماعية والثقافة والمعرفة. يرى فيجوتسكي أن التدريس المصغر انعكاس طبيعي للتفاعل بين العوامل التاريخية والثقافية والمعرفية لبيئة التعلم([15]) . فالتدريس المصغر – في ضوء هذه النظرة - ليس سلوكاً آلياً ولا عملية إبداعية في جميع الأحوال والظروف، وإنما يعتمد على البيئة التي تلقى فيها المعلم ثقافته والأسلوب الذي نشأ عليه وتلقى فيه تدريبه.
ومنذ نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن العشرين، بدأ التدريس المصغر يظهر من جديد، لكن بصورة غير الصورة السلوكية التقليدية التي كان عليها في الستينيات والسبعينيات. فقد بدأ اللغويون التطبيقيون يطبقونه من خلال الاتجاه المعرفي The Cognitive Approach؛ انطلاقاً من المقولة التي ترى أن تغيير سلوك الفرد يتطلب التأثير على تفكيره واتجاهه نحو هذا السلوك أولاً، ثم توجيهه إلى السلوك المطلوب ثانياً. وبناء على ذلك؛ فإن التدريس المصغر يمكن أن يكون وسيلة لتغيير الاتجاه نحو أساليب التعلم والتعليم، وبالتالي بناء اتجاه معين نحو أساليب التدريس.
وأياً كان الأمر، فقد طبق التدريس المصغر، منذ نشأته في الستينيات من القرن العشرين حتى الآن، في برامج تعليم اللغات الأجنبية في أنحاء مختلفة من العالم، وبخاصة في أمريكا وبريطانيا([16]) ، كما أنه لا يزال مطبقاً في اليابان بشكل واسع([17]) . بيد أن أوج انتشاره في الدول الغربية كان في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين؛ حيث أشارت إحدى الدراسات التي أجريت في نهاية الثمانينيات إلى أن ما يربو على ثمانين بالمائة من برامج تدريب معلمي اللغات الأجنبية في الغرب في ذلك الوقت كان يعتمد على التدريس المصغر. وكان التدريس المصغر في بداية الأمر مقصوراً على تدريب الطلاب المعلمين قبل تخرجهم، أي قبل العمل في التدريس Pre-service Training، ثم طبق في برامج تطوير مهارات المعلمين الذين هم على رأس العمل In-service Training، بعد أن تبين أن له فوائد في التدريب على مهارات جديدة، وتطوير المهارات السابقة([18]) .
وقد انتُقِدت بعضُ برامج التدريس المصغر لاعتمادها على التدريب الآلي الذي يعد تطبيقاً للاتجاه السلوكي التقليدي في علم النفس عندما كان مهيمناً على برامج التعليم في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين. ولا شك في أن التعليم بوجه عام، وتدريب المعلمين بوجه خاص، تدريباً آلياً وفقاً للنظرة السلوكية التقليدية فقط، منهج غير مقبول؛ لأن التعلم والتعليم سلوك وإبداع في آن واحد. ولعل ارتباط التدريس المصغر أثناء نشأته بالاتجاهات السلوكية التقليدية كان سبباً في النفور منه لدى بعض التربويين ومعلمي اللغات الأجنبية. وقد انتقد التدريس المصغر أيضاً لكونه عملية مصنوعة في كثير من الحالات، وبخاصة عندما يكون الحضور من زملاء المعلم المتدرب.
على الرغم من ذلك، فإن النماذج المطورة التي تلت المراحل الأولى جيدة جداً وصالحة للتطبيق، وبخاصة في برامج تعليم اللغات الأجنبية، في ضوء الاتجاه المعرفي الذي ساهم أيضاً في التقليل من الخطوات والمراحل الآلية غير الضرورية، والمرتبطة بالنظرة السلوكية التقليدية نحو التعلم. ولا شك في أن معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها، في ضوء الظروف التي أشرنا إليها في موضع سابق، في حاجة إلى التدريس المصغر وتطوير نماذج منه تتفق مع الاتجاهات الحديثة في تعليم اللغات الأجنبية.
الدراسات السابقة
بدأ الاهتمام بالتدريس المصغر في ميدان تعليم اللغات الأجنبية في منتصف الستينيات من القرن العشرين، بيد أن الدراسات العلمية التي أجريت للتأكد من جدواه في إعداد معلمي اللغات الأجنبية لم تبدأ إلا في نهاية الستينيات. وكان من أقدم هذه الدراسات دراسة أجرتها ديانا بارتلي Diana Bartley عام 1969، في ضوء الاتجاه السلوكي لدى سكنر Skinnerian Concept of Behavior، التي استخلصت منها أن التغذية الراجعة Feedback والتعزيــز Reinforcement من قبل الزملاء المعلمين في التدريس المصغر – تقود إلى تغيير سلوك المتدرب تدريجياً نحو الأداء السليم([19]) . ثم تلت هذه الدراسة دراسات أخرى، كالدراسة التي أجراها مكليز McAleese عام 1973م([20]) ، والدراسة التي قام بها جورج براون George Brown عام 1975م([21]) .
ثم أجريت دراسات مسحية جمعت مادتها من خلال استبانات وزعت على المتدربين من معلمي اللغات الأجنبية والمشرفين على تدريبهم؛ لاستطلاع آرائهم حول التدريس المصغر، منها دراسة بوشان Bhushan، التي نشرها عام 1976م، والتي أظهرت نتائجها أن غالبية المعلمين المتدربين والمشرفين على التدريب، الذين أجريت عليهم الدراسة، يرون أن التدريس المصغر من أهم الوسائل المهمة والمفيدة لتدريب معلمي اللغات الأجنبية وتعديل سلوكهم نحو الأفضل.
وفي الثمانينيات أجريت دراسات أخرى في ضوء الاتجاه المعرفي في تعليم اللغات الأجنبية. من هذه الدراسات دراسة قامت بها فلورا أورتيز Flora Ortiz عام 1985م، حول استخدام الفيديو في التدريس المصغر لتدريب معلمي اللغات الأجنبية، وقد دلت نتائج الدراسة على أهمية التدريس المصغر وفائدته إذا تم التحضير والتخطيط للدرس بشكل جيد، وساهم فيه المتدربون والحضور مساهمة حقيقية. بيد أن هذه الدراسة أظهرت نتائج أخرى مهمة، وهي أن التحضير للدرس المصغر لا يضمن النتائج المطلوبة، خلافاً لما يعتقده السلوكيون، وأن المتدربين يختلفون فيما بينهم في استراتيجيات التدريس والتعامل مع المشكلات التي تحدث في غرفة الصف.
تلت ذلك دراسات أخرى لم تقتصر على فوائد التدريس المصغر وحسب، وإنما اهتمت أيضاً بالأساليب والوسائل المتبعة في التدريس المصغر، كتبادل الأدوار Role Play in Language Teaching، واستخدام تقنيات التعليم الحديثة، وبخاصة جهاز الفيديو، وأهمية ذلك كله في تطوير برامج تدريب معلمي اللغات الأجنبية. فمن الدراسات التي اهتمت بالأساليب المفيدة في برامج التدريس المصغر الدراسة التي قدمتها الاكساندرا جولبيوسكا Aleksandra Golebiowska لاجتماع الجمعية العالمية لمعلمي اللغة الإنجليزية لغة أجنبية في أدنبرا عام 1988م، وكانت الدراسة حول تبادل الأدوار في برامج تدريب المعلمين الجدد من خلال التدريس المصغر([22]) . ومن الدراسات التي اهتمت بتقنيات التعليم في التدريس المصغر دراسة فلورا أورتيز عام 1985م، حول استخدام الفيديو في التدريس المصغر، والتي أشرنا إليها قبل قليل، وهناك دراسات أخرى مماثلة لا يتسع المقام للحديث عنها في هذا الموضع.
بالإضافة إلى هذه الدراسات، نشر عدد من التقارير حول برامج التدريس المصغر في عدد من الدول الغربية، وبخاصة في بريطانــيا وأمريكا، بالإضافة إلى اليابان. من أهم هذه الدراسات وأوسعها الدراسة التي نشرها جون ستــودارت John Stoddart عام 1981م، عن برامج التدريس المصغر في بريطانيا وبخاصة في برامج تعليم اللغة الإنجليزية للناطقين بغيرها. وقد شملت هذه الدراسة وصفاً موجزاً لعشرات البرامج منذ نشأة التدريس المصغر في بداية الستينيات، وانتقاله إلى بريطانيا في السبعينيات حتى الثمانينات، والدراسات التي أجريت حول هذه البرامج([23]) .
وأجريت دراسات أخرى مشابهة لهذه الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، من أهمها تقرير حديث نشرته تيسا وودوارد Tessa Woodward عام 1998م في عدد خاص من مجلة Teacher Trainer، حوى عدداً من البحوث والدراسات حول التدريس المصغر من وجهات نظر مختلفة، وتطبيقات متنوعة([24]) . وقريب من هذه الدراسة دراسة أخرى أجراها مورقان سيمبسون Morgan Simpson، عام 1998م، حول أهمية التدريس المصغر في برامج التربية العملية في المدارس الأمريكية([25]) .
وقريب من هذه الدراسات والتقارير تلك الدراسة التي نشرها أساجي يونياما Asaji Yoneyama، عام 1988م عن التدريس المصغر في برامج إعداد معلمي اللغة الإنجليزية لغة أجنبية في اليابان. وقد جمعت هذه الدراسة بين النظرية والتطبيق، كما تضمنت تقريراً شاملاً عن تدريب معلمي اللغات الأجنبية في الجامعات اليابانية، واستخدام تقنيات التعليم في الإعداد والتدريب([26]) .
وعلى الرغم من ذلك، فإن ما كتب في اللغة العربية عن التدريس المصغر كان في مجالات التعليم العام وحسب، وبخاصة تدريس العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية؛ حيث نقل بعض ما كتب في اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية([27]) ، وألفت بعض الكتب باللغة العربية نفسها([28]) . كما نشرت بعض البحوث والدراسات الميدانية في مجالات التعليم العام باللغة العربية مع الاهتمام – بوجه خاص - بتكنولوجيا التعليم في برامج إعداد المعلمين([29]) .
أما في برامج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، فإن التدريس المصغر لم يحظ بالعناية الكافية، على الرغم من أهميته وممارسته عملياً في بعض برامج إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها([30]) . وقد نشرت المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (أيسيسكو) عام 1418هـ كتاباً أعده الأستاذ إسحاق محمد الأمين، تضمن منهج المنظمة لتدريب معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها، وأساسيات طريقة التدريس والتربية العملية لدورات تدريب المعلمين. وقد استهل المؤلف كتابه بمدخل جيد إلى التدريب والتربية العملية، أشار فيه باختصار شديد إلى التدريس المصغر في برامج تدريب معلمي اللغة العربية، غير أن هذه الإشارة غير كافية للتعريف بالتدريس المصغر وأنواعه ومراحله، فضلاً عن خلو الكتاب من نموذج تطبيقي لهذا النمط من التدريس في برامج إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها([31]) .
ولم يعثر الباحث على دراسة علمية تفصيلية، تبين أهمية التدريس المصغر وأنواعه ومراحله، وتقدم نموذجاً عملياً لتدريب معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها. إن كل ما كتب عن التدريس المصغر في هذا المجال لا يعدو الإشارات العابرة([32]) إلى أهمية هذا النمط من التدريس في برامج إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها([33]) .
أنواع التدريس المصغر
يختلف التدريس المصغر باختلاف البرنامج الذي يطبق من خلاله، والهدف من التدريب، وطبيعة المهارة أو المهمة المراد التدرب عليها، ومستوى المتدربين، ويمكن حصر هذه التقسيمات في الأنواع التالية:
1- التدريب المبكر (على التدريس المصغر) Pre-service Training in Microteaching: وهو التدريس المصغر الذي يبدأ التدرب عليه أثناء الدراسة، أي قبل تخرج الطالب وممارسته مهنة التدريس في أي مجال من المجالات. وهذا النوع يتطلب من الأستاذ المشرف اهتماماً بجميع مهارات التدريس العامة والخاصة؛ للتأكد من قدرة الطالب على التدريس.
2- التدريب أثناء الخدمة (على التدريس المصغر) In-service Training in Microteaching: وهذا النوع يشمل المعلمين الذين يمارسون التدريس ويتلقون – في الوقت نفسه – تدريباً على مهارات خاصة لم يتدربوا عليها من قبل، ومن هذا القبيل تدريب معلمي اللغة العربية الملتحقين في برامج إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها، الذين تخرجوا في أقسام اللغة العربية ومارسوا تدريسها للناطقين بها.
3- التدريس المصغر المستمر Continuous Microteaching: يبدأ هذا النوع من التدريس في مراحل مبكرة من البرنامج، ويستمر مع الطالب حتى تخرجه. وهذا النوع غالباً ما يرتبط بمقررات ومواد تقدم فيها نظريات ومذاهب، يتطلب فهمها تطبيقاً عملياً وممارسة فعلية للتدريس في قاعة الدرس، تحت إشراف أستاذ المادة. من ذلك مثلاً التدرب على تدريس اللغة الثانية أو الأجنبية لأهداف خاصة Teaching Foreign/Second Language for Specific Purposes، كتدريس اللغة العربية لغة ثانية من خلال محتوى مواد العلوم الشرعية؛ تطبيقاً لمبدأ تدريس اللغة من خلال المحتوى Content-Based Instruction، أحد المداخل المقترحة لتدريس اللغة الثانية لأهداف خاصة. ومن ذلك التمثيل التطبيقي لطريقة من طرائق تدريس اللغات الأجنبية، كالطريقة الاتصالية مثلاً، أو تطبيق أنشطة من أنشطتها في موقف اتصالي معين، أثناء شرحها داخل الفصل؛ لمزيد من التوضيح.
4- التدريس المصغر الختامي Final Microteaching: وهو التدريس الذي يقوم المعلم المتدرب بأدائه في السنة النهائية أو الفصل الأخير من البرنامج، ويكون مركزاً على المقررات الأساسية، كمقرر تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها في برامج إعداد معلمي اللغة العربية مثلاً، ومقرر تدريس العلوم الشرعية أو السيرة النبوية للناطقين بغير العربية. وقد يدخل التدريس المصغر الاختباري ضمن هذا النوع.
5- التدريس المصغر الموجه Directed Microteaching: هذا النوع من التدريس يشمل أنماطاً موجهة من التدريس المصغر، منها التدريس المصغر النموذجي Modeled Microteaching، وهو الذي يقدم فيه المشرف لطلابه المعلمين أنموذجاً للتدريس المصغر، ويطلب منهم أن يحذوا حذوه، وهذا النوع غالباً ما يطبق في برامج إعداد معلمي اللغات الأجنبية الذين لما يمارسوا هذه المهنة بعد Pre-Service Teachers. ومنها التدريس المعتمد على طريقة معينة من طرائق تدريس اللغات الأجنبية المعروفة؛ كالطريقة السمعية الشفهية، أو الطريقة الاتصالية ..، وقد ينطلق من مذهب من مذاهب تعليم اللغات الأجنبية؛ كالمذهب السمعي الشفهي، أو المذهب الاتصالي، أو المذهب المعرفي. ومنها التدريس المصغر الذي يعتمد فيه المتدرب على كتاب مقرر في البرنامج، ككتاب القراءة أو كتاب القواعد أو كتاب التعبير مثلاً؛ حيث يختار جزءاً من درس من دروس الكتاب المقرر، ويحدد المهارة التي سوف يتدرب عليها، والإجراءات والأنشطة التي سوف يقوم بها، ثم يعد درسه ويقدمه بناء على ذلك، وفي ضوء الطريقة والإجراءات المحددة في دليل المعلم([34]) .
6- التدريس المصغر الحر (غير الموجه) Undirected Microteaching: هذا النوع من التدريس غالباً ما يقابل بالنوع السابق (الموجه)، ويهدف إلى بناء الكفاية التدريسية، أو التأكد منها لدى المعلم، في إعداد المواد التعليمية وتقديم الدروس وتقويم أداء المتعلمين، من غير ارتباط بنظرية أو مذهب أو طريقة أو أنموذج. وغالباً ما يمارس هذا النوع من التدريس المصغر في البرامج الختامية أو الاختبارية. وقد يمارس في بداية البرنامج للتأكد من قدرة المتدرب وسيطرته على المهارات الأساسية العامة في التدريس، أو يقوم به المتمرسون من المعلمين بهدف التدرب على إعداد المواد التعليمية وتقديمها من خلال التدريس المصغر، أو لأهداف المناقشة والتحليل أو البحث العلمي([35]) .
7- التدريس المصغر العام General Microteaching: يهتم هذا النوع بالمهارات الأساسية التي تتطلبها مهنة التدريس بوجه عام، بصرف النظر عن طبيعة التخصص، ومواد التدريس، ومستوى الطلاب؛ لأن الهدف منه التأكد من قدرة المتدرب على ممارسة هذه المهنة. وغالباً ما يكون هذا النوع من التدريس مقرراً أو ضمن مقرر من المقررات الإلزامية للجامعة أو الكلية، وأحد متطلبات التخرج فيها، وغالباً ما تقوم كليات التربية بتنظيم هذا النوع من التدريب، ويشرف عليه تربويون مختصون في التدريب الميداني([36]) . في هذا النوع من التدريس يتدرب المعلمون على عدد من المهارات الأساسية، مثل: إثارة انتباه الطلاب للدرس الجديد، ربط معلوماتهم السابقة بالمعلومات الجديدة، تنظيم الوقت، استخدام تقنيات التعليم، إدارة الحوار بين الطلاب وتوزيع الأدوار بينهم، التحرك داخل الفصل، رفع الصوت وخفضه وتغيير النغمة حسب الحاجة، حركات اليدين وقسمات الوجه وتوزيع النظرات بين الطلاب أثناء الشرح، ملاحظة الفروق الفردية بين الطلاب ومراعاتها، أسلوب طرح السؤال على الطلاب وتوقيته، طريقة الإجابة عن أسئلة الطلاب واستفساراتهم، أساليب تصويب أخطاء الطلاب، ونحو ذلك.
8- التدريس المصغر الخاص Specific Microteaching: هذا النوع يهتم بالتدريب على المهارات الخاصة بمجال معين من مجالات التعلم والتعليم؛ كتعليم اللغات الأجنبية، والرياضيات، والعلوم الطبيعية، والعلوم الاجتماعية، لمجموعة معينة من الطلاب المعلمين المتخصصين في مجال من هذه المجالات، في كلية أو قسم أو برنامج خاص. وقد يكون التدريب موجهاً إلى فئة من الطلاب ممن لديهم ضعف أكاديمي أو نقص في التدرب على مهارات معينة.
والواقع أن بعض الأنواع التي ذكرناها متداخلة ومتشابهة في المداخل والأهداف والإجراءات، بيد أن أهم هذه الأنواع أو التقسيمات وأشملها هو تقسيمها إلى نوعين: التدريب العام، أي التدريب على المهارات العامة في التدريس، والتدريب الخاص على مهارات خاصة بمجال معين، وبخاصة مجال تعليم اللغات الأجنبية؛ لأن كل نوع من الأنواع الستة الأولى يمكن أن يدخل ضمن أحد النوعين الأخيرين؛ السابع والثامن. ونظراً لاهتمامنا في هذا البحث بتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها؛ فإننا سوف نقتصر في الحديث على برنامج التدريس المصغر الخاص بمعلمي اللغات الأجنبية، الذي يهتم بالمهارات الخاصة بتعليم اللغة الثانية أو الأجنبية، بعد أن تتوفر في المعلم المهارات الأساسية للتدريس، وقد أشرنا إلى أن هذا النوع يمكن أن يشمل جميع الأنواع السابقة باستثناء النوع السابع، وهو التدريس المصغر العام.
مزايا التدريس المصغر وفوائده
التدريس المصغر تدريس تطبيقي حقيقي، لا يختلف كثيراً عن التدريب على التدريس الكامل؛ حيث يحتوي على جميع عناصر التدريس المعروفة؛ كالمعلم، والطلاب أو من يقوم مقامهم، والمشرف، والمهارات التعليمية، والوسائل المعينة، والتغذية والتعزيز، والتقويم. وإذا كانت بعض المواقف فيه مصنوعة، فإن فيه من المزايا ما لا يوجد في غيره من أنواع التدريس العادية الكاملة، كالتغذية الراجعة والتعزيز الفوري والنقد الذاتي وتبادل الأدوار ونحو ذلك. وللتدريس المصغر فوائد ومزايا عديدة، لا في التدريب على التدريس وحسب، بل في ميادين أخرى من ميادين التعلم والتعليم، كالتدريب على إعداد المواد التعليمية، وتقويم أداء المعلمين والطلاب، وإجراء البحوث التطبيقية ... وفيما يلي بيان بأهم مزايا التدريس المصغر وفوائده في برامج تعليم اللغات الأجنبية :
1- حل المشكلات التي تواجه القائمين على برامج إعداد معلمي اللغات الأجنبية؛ بسبب كثرة المعلمين المتدربين أو نقص المشرفين، أو عدم توفر فصول دراسية حقيقية لتعليم اللغة الهدف، أو صعوبة التوفيق بين وقت الدراسة ووقت المتدربين، أو غياب المادة المطلوب التدرب عليها من برنامج تعليم اللغة الهدف([37]) .
2- توفير الوقت والجهد؛ حيث يمكن تدريب المعلمين في التدريس المصغر على عدد كبير من المهارات الضرورية في وقت قصير، وعدم إهدار الوقت والجهد في التدريب على مهارات قد أتقنها المعلمون من قبل، كما أن التدريس المصغر يقلل من الحاجة إلى تدريس كل متدرب جميع المهارات؛ لأن المشاهدة والمناقشة تفيد المشاهد مثلما تفيد المتدرب.
3- تدريب المعلمين على عدد من مهارات التدريس المهمة، كالدقة في التحضير والتدريس، وتنظيم الوقت واستغلاله، واتباع الخطوات المرسومة في خطة التحضير، واستخدام تقنيات التعليم بطريقة مقننة ومرتبة، وبخاصة جهاز الفيديو، بالإضافة إلى استغلال حركات الجسم في التدريس.
4- تدريب المعلمين على إعداد المواد التعليمية وتنظيمها بأنفسهم؛ لأن التحضير للدرس المصغر غالباً ما يحتاج إلى مادة لغوية جديدة يعدها المتدرب بنفسه، أو يعدل من المادة التي بين يديه؛ لتناسب المهارة والوقت المخصص لها.
5- مناقشة المتدرب بعد انتهاء التدريس المصغر مباشرة، وإمكان تدخل المشرف أثناء أداء المتدرب، وإعادة التدريس، وبخاصة في حالة تدريس الزملاء المتدربين. وتلك أمور يصعب تطبيقها في التدريس الكامل، وبخاصة في الفصول الحقيقية.
6- اعتماد التدريس المصغر على تحليل مهارات التدريس إلى مهارات جزئية، مما يساعد على مراعاة الفروق الفردية بين المعلمين، من خلال تدريبهم على عدد كبير من هذه المهارات التي قد تغفلها برامج التدريب على التدريس الكامل.
7- إتاحة الفرصة للمتدرب لمعرفة جوانب النقص والتفوق لديه في النواحي العلمية والعملية والفنية، من خلال ما يتلقاه من التغذية والتعزيز من المشرف والزملاء في مرحلة النقد، مما يتيح له تعديل سلوكه وتطويره قبل دخوله ميدان التدريس حيث لا نقد ولا تغذية ولا تعزيز، كما أنه يساعد على التقويم الذاتي من خلال مشاهدة المتدرب نفسه على شاشة الفيديو.
8- إتاحة الفرص للمتدربين لتبادل الأدوار بينهم، والتعرف على مشكلات تعليم اللغة الأجنبية وتعلمها عن قرب، وهي مشكلات المعلم والمتعلم، وذلك من خلال الجلوس على مقاعد الدراسة، وتقمص شخصية المتعلم الأجنبي، والاستماع لمعلم اللغة الأجنبية، والتفاعل معه، ثم القيام بدور المعلم وهكذا. (هذه الحالة خاصة بالتدريس للزملاء المتدربين)
9- اختبار قدرات المعلمين المتقدمين للعمل في مجال تعليم اللغة للناطقين بغيرها؛ حيث يستطيع المخْتَبِرُ اختيار المهارة أو المهارات التي يريد اختبار المعلم فيها دون غيرها، مما يوفر له مزيداً من الوقت والجهد، كما أن التدريس المصغر مهم لتقويم أداء المعلمين أثناء الخدمة، واتخاذ القرار المناسب بشأن استمرارهم في العمل أو حاجتهم إلى مزيد من التدريب والتطوير.
10- الاستفادة منه في جمع المادة العلمية في الدراسات اللغوية التطبيقية في مدة أقصر من المدة التي يستغرقها جمع المادة في التدريس الكامل. فمن خلال التدريس المصغر يستطيع الباحث رصد أثر تدريس مهارة واحدة أو عدد من المهارات على كفاية المتعلم، كما يستطيع رصد أثر التغذية الراجعة والتعزيز بأنواعه على بناء كفاية المعلم في التدريس، مع القدرة على ضبط المتغيرات الأخرى.
11- الربط بين النظرية والتطبيق؛ حيث يمكن تطبيق أي نظرية أو مذهب أو طريقة، تطبيقاً عملياً في حجرة الدرس، أثناء الشرح أو بعده لمدة قصيرة، إذا دعت الضرورة إلى ذلك.
مهارات التدريس المصغر
مهارات التدريس المصغر لا تختلف كثيراً عن مهارات التدريس الكامل، بيد أنه ينبغي النظر إلى التدريس المصغر على أنه مهارة أو مهارات Skills محددة ومقننة، يقتنع بها المعلم، ويسعى إلى فهم أصولها وقواعدها، ثم يتدرب عليها حتى يتقنها؛ لا مهمات Tasks أو إجراءات عملية مؤقتة، يعدل فيها المتدرب حتى يرضي أستاذه أو يقنع زملاءه. وفيما يلي بيان بأهم هذه المهارات، وما يندرج تحتها من مهارات فرعية:
1- مهارات الإعداد والتحضير:
أ- مناسبة خطة التحضير للزمن المخصص للدرس، وللمهارة المطلوبة.
ب- مناسبة المادة اللغوية لمستوى الطلاب وخلفياتهم.
ج- صياغة الأهداف صياغة تربوية، تسهل عملية التدريس والتقويم.
2- مهارات الاختيار:
أ- اختيار المواد اللغوية والتدريبات المناسبة لمستوى الطلاب وللوقت المحدد للدرس.
ب- اختيار الأسئلة المفيدة والمناسبة لمستوى الطلاب، وكذلك الإجابات عن استفساراتهم.
ج- اختيار الوسائل التعليمية المحققة للأهداف، مع قلة التكاليف وسهولة الاستخدام.
د- اختيار الأنشطة المفيدة والمحببة للطلاب، كالحوار والتمثيل وتبادل الأدوار.
هـ- اختيار الواجبات المنزلية المرتبطة بمادة الدرس، والمناسبة لمستوى الطلاب.
و- اختيار مظهر أو مشهد من ثقافة اللغة الهدف؛ كأسلوب البدء في الكلام وإنهائه، وآداب استخدام الهاتف، وطريقة الاستئذان لدخول المنزل أو الفصل، وتقديمها للطلاب بأسلوب واضح يمثل ثقافة اللغة الهدف.
3- مهارات التوزيع والتنظيم:
أ- توزيع الوقت بين المهارات والأنشطة بشكل جيد، وفقاً لخطة التحضير.
ب- توقيت الكلام والسكوت والاستماع إلى كلام الطلاب والإجابة عن استفساراتهم وإلقاء الأسئلة عليهم، وعدم استئثار المعلم بالكلام معظم الوقت.
ج- توزيع الأدوار على الطلاب والنظرات إليهم بشكل عادل، مع مراعاة ما بينهم من فروق فردية.
د- تنظيم الوسائل المعينة بشكل جيد، واستخدامها في الوقت المناسب فقط.
4- مهارات التقديم والتشويق والربط:
أ- التقديم للدرس في مهارة محددة (فهم المسموع – الكلام – القراءة - الكتابة) ولمستوى معين (المبتدئ – المتوسط - المتقدم).
ب- إثارة انتباه الطلاب وتشويقهم للدرس الجديد، وربط معلوماتهم السابقة بالمعلومات الجديدة، مع مراعاة مستوياتهم في اللغة الهدف.
ج- المحافظة على حيوية الطلاب وتفاعلهم مع الموضوع طوال الدرس.
د- ربط ما تعلمه الطلاب في الدرس بالحياة العامة، كتقديم موقف اتصالي طبيعي من خلال ما قدم للطلاب في الدرس من كلمات وعبارات وجمل.
هـ- تشويق الطلاب للدرس القادم، وتشجيعهم للتفكير فيه والاستعداد له.
5- مهارات الشرح والإلقاء:
أ- وضوح الصوت، والطلاقة في الكلام، والدقة في التعبير.
ب- رفع الصوت وخفضه، وتغيير النغمة الصوتية، والتكرار عند الحاجة.
ج- بيان معاني الكلمات والعبارات الجديدة في النص المقروء أو المسموع، عن طريق الشرح أو التمثيل أو تقديم المرادف أو المضاد.
د- التفريق بين الكلمات الحسية والمفاهيم المجردة، مع مراعاة مستوى الطلاب وخلفياتهم السابقة عن هذه الكلمات.
هـ- شرح القاعدة الجديدة، وربطها بالقواعد السابقة، وطريقة استنباطها من النص، والقدرة على تلخيصها بأسلوب مفهوم ومناسب لمستوى الطلاب.
6- مهارات التعزيز:
أ- القدرة على حفظ أسماء الطلاب، ومناداة كل طالب باسمه الذي يحب أن ينادى به.
ب- استعمال عبارات القبول والمجاملة التي تشجع المصيب، وتشعر المخطئ بخطئه بطريقة غير مباشرة.
7- مهارات الأسئلة والإجابات:
أ- اختيار السؤال والوقت المناسب لطرحه، واختيار كلماته وعباراته التي تناسب مستوى الطلاب وتفيدهم في الدخل اللغوي.
ب- صياغة السؤال صياغة سليمة وموجزة، والتأكد من فهم الطلاب له.
ج- تنويع الأسئلة من حيث الطول والعمق والابتكار.
د- الإجابة عن سؤال الطالب؛ إجابة موجزة أو كاملة، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، من قبل المعلم أو أحد الطلاب، والوقت المناسب لذلك.
8- مراعاة مستوى الطلاب:
أ- مراعاة المعلم لمستوى الطلاب في طريقة النطق، وسرعة الحديث أثناء الشرح.
ب- استعمال الكلمات والعبارات والجمل والنصوص المناسبة لهم، والتي تقدم لهم دخلاً لغوياً مفهوماً يفيدهم في اكتساب اللغة الهدف.
ج- التفريق بين الأخطاء والمشكلات التي تتطلب معالجة في الحال والأخطاء والمشكلات التي يمكن تأجيلها إلى مراحل لاحقة.
د- التفريق بين الموضوعات النحوية والصرفية التي يجب شرحها بالتفصيل والموضوعات التي ينبغي أن تقدم على مراحل.
9- مراعاة الفروق الفردية:
أ- القدرة على ملاحظة الفروق الفردية بين الطلاب في الخلفيات اللغوية والثقافية والاجتماعية.
ب- مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب في الاستيعاب والإنتاج وقدراتهم على التفاعل مع المعلم والزملاء، وظهور ذلك في حركات المعلم داخل الفصل، وطرح الأسئلة عليهم، وتقبل إجاباتهم، وتحمل أخطائهم.
ج- مراعاة الفروق الفردية في تصويب الأخطاء؛ تصويباً مباشراً أو غير مباشر؛ من قبل المعلم أو أحد الطلاب، والوقت المناسب لذلك.
د- الاستفادة من ذلك كله في تقسيم الفصل إلى مجموعات متعاونة، يستفيد كل عضو منها من مجموعته ويفيدها.
10- مهارات الحركة:
أ- التحرك داخل الفصل؛ أمام الطلاب، وبين الصفوف والممرات، وفي مؤخرة الفصل، بطريقة منظمة وهادئة.
ب- تغيير النشاط أثناء التدريس، أي الانتقال من مهارة إلى أخرى؛ كالانتقال من الاستماع إلى الكلام، ومن الكلام إلى القراءة، ومن القراءة إلى الكتابة.
ج- توزيع الأدوار بين الطلاب وإدارة الحوار بينهم، وبخاصة أسلوب الالتفات والانتقال من طالب إلى آخر.
د- استخدام حركات اليدين وتغيير قسمات الوجه أثناء الشرح بشكل جيد ومعتدل، وتوزيع النظرات إلى الطلاب حسب الحاجة.
هـ- استخدام التمثيل بنوعيه؛ المسموع والصامت، وممارسة ذلك في التدريس بطريقة معتدلة؛ تناسب الموقف.
11- مهارات استخدام تقنيات التعليم:
أ- تحديد الوسيلة التعليمية المناسبة لكل مهارة، وكيفية استخدامها، والهدف منها.
ب- تحضير الوسيلة وتنظيمها بشكل جيد، ثم عرضها في الوقت المناسب.
ج- قدرة المعلم على إعداد الوسائل بنفسه، مع البساطة وقلة التكاليف.
د- الاعتدال في استخدام الوسائل التعليمية؛ بحيث لا تطغى على محتوى المادة اللغوية، أو تشغل المعلم أو الطلاب.
12- مهارات التدريب والتقويم:
أ- إجراء التدريب في مهارة أو نمط لطلاب في مستوى معين، مع القدرة على ربط ذلك باستعمال اللغة في ميادين مختلفة.
ب- تقويم الطلاب في المهارة المقدمة، وتحديد مواطن القوة ومواطن الضعف فيها لدى الطلاب.
ج- ربط التقويم بالأهداف السلوكية المرسومة في خطة التحضير.
مراحل التدريس المصغر:
المرحلة الأولى: الإرشاد والتوجيه
مرحلة الإرشاد والتوجيه هذه مسؤولية الأستاذ المشرف على التدريب أو أستاذ المقرر الذي يطبق من خلاله التدريس المصغر([38]) . يبدأ المشرف هذه المرحلة بتوجيهات عامة وشاملة تقدم لجميع المتدربين في الفصل، شفهياً أو تحريرياً، ويفضل أن يكتفي بتقديم الخطوط العامة؛ لأن إغراق المتدربين بالتفصيلات الجزئية قد تربكهم أو تقلل من إبداعهم، ويستثنى من ذلك المهارات والمهمات التي ينبغي الاهتمام بها بشكل خاص. وغالباً ما تبنى هذه التعليمات على ما قدم للمتدربين من نظريات واتجاهات ومذاهب في المواد النظرية المقررة. وقد تقدم لهم هذه التوجيهات بطريقة غير مباشرة؛ في شكل نماذج يقوم المشرف بأدائها عملياً أمام المتدربين، أو يستعين بمعلمين مهرة، أو يعرض عليهم درساً مسجلاً على شريط فيديو، ثم يناقشهم في نقاط القوة ونقاط الضعف فيما شاهدوه، ويفضل أن يقدم لهم عدداً من الدروس الحية والمسجلة بأساليب مختلفة وإجراءات متنوعة. وقد يرشد المشرف طلابه إلى قراءة ما كتب حول إعداد التدريس المصغر وتنفيذه، إن وجد شيء من ذلك في اللغة الهدف، أو كانوا قادرين على قراءته بلغة أجنبية. ويفضل أن يقدم لهم جدولاً للملاحظة يحتوي على قائمة بالمهارات والمهمات والأنشطة التي ينبغي أن يراعيها المعلم، ويطالبهم بالاحتفاظ بها أثناء المشاهدة والحوار والنقد([39]) . وعلى المشرف أن يوضح لطلابه أثناء التوجيه أن الهدف من هذه النماذج هو الاستئناس بها، لا الاقتصار عليها ومحاكاتها بطريقة آلية، كما أن عليه أن يشجع طلابه على الإبداع ويدربهم عليه.
ولا شك في أن طريقة الإرشاد والتوجيه ومدتها تختلف باختلاف مستويات المتدربين، وخبراتهم السابقة في التدريس، وخلفياتهم اللغوية والعلمية، والوقت المخصص للتدريب. فالمبتدئون الذين لم يسبق لهم ممارسة مهنة التدريس من قبل يحتاجون إلى إرشاد مكثف في المهارات العامة، بالإضافة إلى المهارات الخاصة بتعليم اللغة الثانية، كما يحتاجون إلى مشاهدة عدد من الدروس الحية أو المسجلة. والذين مارسوا مهنة التدريس للناطقين باللغة، لا يحتاجون إلا إلى التذكير بالمهارات الأساسية العامة، مع الاهتمام بالمهارات الخاصة بتعليم اللغة الثانية. أما الذين لديهم خبرة في ميدان تعليم اللغة الثانية، فلا يحتاجون إلى مزيد من التوجيه والمشاهدة، بل يكتفون بما تعلموه في الدروس النظرية. ولا شك أيضاً أن المتدربين يتفاوتون في القدرات والاستفادة من الخلفيات السابقة في التدريس ومن الدروس النظرية الأكاديمية، حتى داخل الفئة الواحدة، والمشرف وحده هو القادر على التمييز بينهم، ومعرفة من يحتاج منهم إلى مزيد من الإرشاد والتوجيه والمشاهدة، حسب ما يسمح به الزمن المخصص لهذه المرحلة.
وعندما يبدأ التدريب العملي، يحدد المشرف لكل متدرب المهارة التي ينبغي أن يتدرب عليها، وقد يختارها المتدرب بنفسه، ثم يقدم المشرف إليه المعلومات والتعليمات اللازمة للتحضير للدرس، ويبين له الأساليب والإجراءات والأنشطة التي ينبغي أن يقوم بها. هذه المعلومات والتعليمات يمكن أن تقدم شفهياً، ويمكن أن تسلم للمتدرب مكتوبة؛ موجزة أو مفصلة. وعلى المشرف أن يكون مستعداً لمساعدة الطالب وتقديم المشورة له أثناء مرحلة الإعداد والتخطيط والتحضير، وقد يستمع إلى أدائه التجريبي على انفراد قبل تقديمه، ويقترح عليه التعديلات التي يراها. وعندما يشعر المشرف أن الطالب بحاجة إلى مزيد من الاطلاع والمشاهدة، يمكن أن يقترح عليه مزيداً من القراءة، وقد يسلمه نسخة أو نسخاً من أشرطة الفيديو لمزيد من المشاهدة.
المرحلة الثانية: المشاهدة
هذه المرحلة مكملة للمرحلة السابقة، مرحلة الإرشاد والتوجيه؛ حيث تتداخل معها في كثير من الحالات والمواقف، بل إن بعض خطوات التوجيه والإرشاد قد تكون أثناء المشاهدة أو قبلها أو بعدها بقليل. والمشاهدة غالباً ما تتم على مرحلتين: المشاهدة المبدئية التي تهدف إلى إطلاع المتدربين على ما يجري في فصول تعليم اللغة الهدف، والمشاهدة التدريبية النقدية التي يقوم بها المتدربون للنقد والحوار والتعزيز. وفي كلتا المرحلتين ينبغي أن تكون المشاهدة منظمة وموجهة إلى مهارات ومهمات وأنشطة محددة، وقد يستعين المشاهدون بنماذج مكتوبة تحتوي على المهارات والأنشطة المطلوب ملاحظتها ونقدها.
والمشاهدة قد تكون حية في فصول دراسية حقيقية، وقد تكون مسجلة على شريط فيديو من دروس حية أو مسجله لأغراض التدريب. ولكل حالة مزايا وعيوب، ومن الأفضل الجمع بينهما؛ حيث يبدأ المتدربون في المشاهدة الحية في فصول تعليم اللغة إن أمكن ذلك، ثم ينتقلون إلى مشاهدة الدروس المسجلة. وقد أظهرت الدراسات التي أجريت في هذا الموضوع أن استخدام التسجيل أفضل من المشاهدة الحية في الفصل لمرة واحدة أو مرات محدودة، وبخاصة مع المتدربين الجدد([40]) . كما أثبتت الممارسة العملية أن مشاهدة التدريس المصغر المسجل على شريط فيديو يفوق الدروس المشاهدة في الفصل فقط؛ لأسباب كثيرة، منها: توفير الوقت والجهد، وسهولة اختيار المواقف المراد مشاهدتها، وتنويع المهارات والتحكم في الأنشطة، وإمكان المناقشة أثناء المشاهدة، بالإضافة إلى مراعاة الفروق الفردية بين المتدربين؛ حيث يستطيع كل متدرب مشاهدة الدرس وحده، وفهم النقاط التي أثيرت في الحوار، وتحسين أدائه بناء على ذلك([41]) .
ومن الأفضل أن يحضر المشرف المشاهدة، وبخاصة مع المتدربين الجدد، سواء أكانت المشاهدة حية أم مسجلة؛ لإرشادهم وتوجيههم نحو الاستفادة منها، والإجابة عن أسئلتهم واستفساراتهم. وإذا لم يكن لدى المشرف وقت كاف لحضور جميع الدروس، بسبب كثرة المتدربين، فمن الأفضل تقسيمهم إلى مجموعتين أو ثلاث مجموعات، يجلس مع كل مجموعة جزءاً من الوقت، وينيب عنه مساعده أو أحد النابهين من المعلمين، وقد يتعمد التغيب عن المشاهدة أحياناً، ويتركهم يديرون الدروس والحوارات بأنفسهم؛ لطمأنتهم، وزرع الثقة في نفوسهم.
وفي حالة استخدام الدروس المسجلة على شريط فيديو، ينبغي عرض بعض مواقف التدريس غير المرغوب فيها، على أن تكون قليلة قدر الإمكان، وألا تقدم في بداية المشاهدة، وبخاصة أمام المتدربين الجدد، مع ضرورة التنبيه عليها، وتقديم المواقف البديلة الصحيحة.
وقد لوحظ أن التسجيل قد ينتج عنه مشكلات معينة لدى بعض المتدربين، غير أن معظم هذه المشكلات تزول بعد فترة قصيرة([42]) . ولتلافي بعض هذه المشكلات؛ ينصح بالتدريب على التسجيل ومشاهدة المتدرب نفسه على الشاشة قبل التسجيل الأخير، لأن بعض المتدربين قد ينشغلون للمرة الأولى بالصورة ويهتمون بها على حساب التدريس، وبخاصة من لم يمارسوا ذلك ولم يروا أنفسهم في الشاشة من قبل.
وإذا لم تتوفر الأجهزة اللازمة، ولم تتح فرص للمشاهدة الحية؛ فإن المشرف نفسه يمكن أن يقوم بعرض نماذج حية لكل مهارة أو موقف أو مهمة، ويمكن أن يستعين ببعض المعلمين القادرين على تنويع المواقف والأنشطة حسب المهارة المطلوبة.
المرحلة الثالثة: التحضير للدرس
بعد أن يقدم الأستاذ المشرف لطلابه النموذج الذي ينبغي أن يُحتذى أو يستأنس به، ويمدهم بالمعلومات الضرورية، ويتيح لهم فرص المشاهدة؛ تبدأ مسؤولية المعلم المتدرب في التحضير لدرسه. والتحضير للدرس المصغر يختلف من حالة إلى أخرى، لكنه غالباً ما يحتوي على العناصر التالية:
1- تحديد المهارة أو المهارات المراد التدرب عليها وممارستها.
2- تحديد أهداف الدرس الخاصة والسلوكية، وكيفية التأكد من تحققها.
3- تحديد الأنشطة التي سوف يتضمنها الدرس، سواء أنشطة المعلم، كالتقديم للدرس، والشرح، وطرح الأسئلة، والتدريب والتقويم؛ أو أنشطة الطلاب، كالإجابة عن الأسئلة، وتبادل الأدوار، والكلام والقراءة والكتابة.
4- تحديد مدة التدريس، وتوزيع الوقت بين المهمات والأنشطة بدقة.
5- تحديد مستوى الطلاب، إن كانوا من الزملاء المتدربين، ومعرفة مستواهم إن كانوا من الطلاب المتعلمين.
6- إعداد المادة اللغوية المطلوبة، أو اختيارها من مواد أو كتب مقررة، مع ذكر المصدر أو المصادر التي اعتمد عليها المتدرب.
7- الإشارة إلى الطريقة التي اعتمد عليها، والمذهب الذي انطلق منه في التحضير للدرس، مع ذكر المسوغات لذلك([43]) .
7- تحديد الوسائل التعليمية التي سوف يستعين بها المتدرب، وبيان المسوغات لاستخدامها، والأهداف التي سوف تحققها.
8- تحديد أدوات التقويم وربطها بأهداف الدرس.
ومن الأفضل تحديد الزمن الذي يستغرقه التحضير للدرس المصغر، والالتزام به قدر الإمكان، وتدريب المعلمين على ذلك؛ لأن هذا مما يساعدهم في تنظيم الوقت أثناء التحضير للدرس الكامل فيما بعد؛ إذ ليس من المعقول أن يمضي المتدرب ساعات عدة لتحضير درس لا يستغرق تقديمه سوى بضع دقائق، ولو كان الأمر كذلك لاستغرق تحضير الدرس الكامل عدداً من الأيام، وهذا أمر غير ممكن. وإذا اشترك في الدرس الواحد أكثر من متدرب، فينبغي توزيع مسؤولية التحضير بينهم، كل فيما يخصه. وقد تقوم المجموعة المتدربة، المشتركة في درس واحد، بممارسة بعض الأنشطة وتجريبها وتبادل الأدوار في ذلك أثناء التحضير، أي قبل عرض الدرس في الفصل أمام الأستاذ المشرف؛ لتخفيف التوتر وإزالة الرهبة، والتأكد من توزيع المهمات حسب الوقت المحدد لها.
المرحلة الرابعة: التدريس
هذه هي المرحلة العملية التي يترجم فيها المتدرب خطته إلى واقع عملي؛ حيث يقوم بإلقاء درسه حسب الخطة التي رسمها، والزمن الذي حدده لتنفيذها. وهذه المرحلة تشمل كل ما وضع في خطة الدرس، من مهارات وأنشطة، وعلى المتدرب أن يتنبه للوقت الذي حدده لنفسه؛ بحيث لا يطغى نشاط على آخر، ولا يخرج عن الموضوع الأساس إلى موضوعات أو قضايا جانبية؛ فينتهي الوقت قبل اكتمال الأنشطة المرسومة.
ومن المهم أن يحضر المشرف جميع وقائع التدريس، ما لم يكن مشغولاً مع مجموعات أخرى، أو يشعر بأن وجوده في الفصل يؤثر على أداء المتدرب. وإذا لم يحضر فعليه أن ينيب مساعده أو أحد النابهين من المعلمين، ويمده بالتعليمات والمعلومات الضرورية. وإذا حضر فمن الأفضل أن يجلس هو والزملاء المتدربون في الفصل على مقاعد الدراسة، يستمعون إلى الدرس ويدونون ملحوظاتهم؛ تمهيداً لتقويم الدرس، ومناقشته فيما بعد.
وإذا اشترك في الدرس الواحد أكثر من متدرب، فينبغي التزام كل واحد منهم بالوقت المحدد له، وعلى المشرف أو من يقوم مقامه أن يتنبه لذلك؛ حتى لا تتداخل المهمات، وتختل الخطة بكاملها. ومن الأفضل تحديد فترة لا تزيد عن دقيقتين، تفصل بين كل متدربين، ولا تحسب ضمن المدة المقررة للتدريس.
إن من أهم ما يميز هذه المرحلة هو تبادل الأدوار بين المتدربين، وبخاصة إذا كان التدريس المصغر يقدم للزملاء من المعلمين؛ حيث يقوم كل واحد منهم بدور معين؛ بدءاً بالتحضير والتدريس، ومساعدة زميله المتدرب في تشغيل جهاز الفيديو ومراقبته، وانتهاء بالجلوس في الفصل على مقاعد الدراسة، والتفاعل مع المعلم كما لو كان طالباً من متعلمي اللغة الأجنبية. ولا شك أن هذه الحالة، وإن غلب عليها التصنع والتكلف، مفيدة لكل من المتدرب والمشاهد، ومهمة في التغذية والتعزيز، وتطوير عملية التدريس([44]) . فالمتدرب سوف يتلقى تغذية مفيدة من زملائه المشاهدين، والمشاهد سوف يقدر موقف كل من المتدرب والمتعلم الأجنبي، ويستفيد من ذلك كله عندما يقف معلماً أمام زملائه أو أمام متعلمي اللغة الأجنبية في فصول حقيقية([45]) .
وفي هذه المرحلة يتم تسجيل الدرس على شريط فيديو، وهي عملية يقوم بها مهندس التسجيل أو المسؤول عن المختبر، أو أحد الزملاء المتدربين، وقد يقوم بها الأستاذ المشرف أو يشارك فيها أحياناً؛ لإظهار الانشغال عن المتدرب، وبخاصة إذا شعر أن وجوده في الفصل يربك المتدرب أو يؤثر على أدائه.
المرحلة الخامسة: الحوار والمناقشة
تعد هذه المرحلة من أصعب المراحل وأكثرها تعقيداً وشفافية، وبخاصة فيما يتعلق بحضور الأستاذ المشرف ومشاركته فيها؛ لأنها لا تقتصر على التحليل والحوار، وإنما تشمل أيضاً النقد وإبداء الرأي في أداء المعلم المتدرب. فقد رأى كثير من الباحثين ضرورة حضور الأستاذ المشرف في هذه المرحلة؛ لإدارة الحوار وتوجيه المناقشة توجيها سليماً، وإبداء رأيه في أداء المتدرب إذا لزم الأمر، وقد أيد هذا الرأي بعض الدراسات الميدانية المقارنة([46]) . بيد أن نتائج دراسات أخرى في هذا الجانب قد أشارت إلى أن حضور المشرف في هذه المرحلة قد يؤثر تأثيراً سلبياً على سير الحوار والمناقشة، ويقلل من قدرة المتدرب وزملائه على إبداء رأيهم بحرية تامة([47]) ، فقد ينظر المعلم إلى رأي أستاذه نظرة أمر، ولا يتجرأ على إبداء رأيه الخاص، بينما يتحدث مع زملائه ويناقشهم بحرية تامة. وأياً كان الأمر، فإن حضور الأستاذ المشرف ضروري في معظم الحالات، بيد أن الأمر متروك له وحده؛ لأنه هو القادر على تقدير الموقف، وتقرير ما إذا كان حضوره ضرورياً في حالة من الحالات أو موقف من المواقف. ومرحلة الحوار والمناقشة هذه يمكن أن تتم بطريقتين:
الأولى: تدريس فنقد؛ حيث يبدأ الحوار والنقاش بعد التدريس مباشرة، أي قبل تدريس المعلم الآخر، وهذه هي الطريقة المثلى، غير أنها قد تسبب تخوف المتدربين من التدريس، وتقلل من مشاركتهم، لكن ذلك غالباً ما يزول بمرور الوقت والحوار الهادئ البناء.
الثانية: تدريس فتدريس؛ وفي هذه الحالة يؤدي جميع المتدربين التدريس المصغر، ثم يبدأ الحوار والنقد واحداً تلو الآخر، وهذه الطريقة تقلل من فائدة التغذية والتعزيز، وبالتالي تقل من أهمية الحوار والنقد، وبخاصة إذا كان عدد المتدربين كثيراً. غير أن هذه الطريقة قد يُلجأ إليها عندما يشترك مجموعة من المتدربين في تقديم درس كامل لمتعلمين حقيقيين، كل واحد منهم يقدم جزءاً منه، ففي هذه الحالة يجب تأخير الحوار والنقد بعد انتهائهم من الدرس، حتى لا تنقطع السلسلة، وحتى لا يرتبك المتعلمون.
وقبل أن تبدأ مرحلة الحوار والمناقشة، ينبغي تشغيل جهاز الفيديو ومشاهدة الدرس، الذي غالباً ما يستغرق بضع دقائق، هي مدة الدرس السابق. يوقف الجهاز بعد ذلك مدة قصيرة؛ ليتحدث المشرف خلالها عن الدرس؛ فيشيد بجهد المتدرب وقدراته، ويشير إلى نقاط القوة لديه، ويشجعه على تقبل النقد، وتوضيح موقفه بحرية تامة([48]) . ثم يعطيه الفرصة لشرح طريقته في الإعداد والتقديم، وإبداء رأيه وتوضيح موقفه من بعض القضايا، في مدة لا تتجاوز ثلاث دقائق. ثم يلقي المشرف على الحضور بعض الأسئلة التي تثير الحوار، وتنبههم إلى أهم القضايا والنقاط التي ينبغي أن تناقش. وعلى المشرف ألا يفرض رأيه على الحضور، بل يتركهم يتوصلون إلى النتائج السليمة بأنفسهم، وخير ما يعين على ذلك أن يفتتح الحوار، ثم يلخص آراء المشاركين، ثم يناقشهم فيما يختلف معهم فيه، أو ينبههم إلى القضايا التي أهملوها، وقد يلجأ إلى تذكيرهم بما درسوه في المحاضرات السابقة أو شاهدوه من دروس ونماذج. ولا شك أن سيطرة المشرف على النقاش يعتمد على درجة المناقشة وأهميتها؛ فإذا كان النقد بناء والمتدرب حريصاً على التغذية والتعزيز من زملائه، فإنه يستحسن عدم تدخل المشرف، وإن لاحظ إحجام الحضور وضعف النقاش، تَدَخَّل ووجه المناقشة توجيهاً قوياً وسليماً. ويفضل أن يكون جهاز الفيديو مفتوحاً خلال النقاش؛ يُشَغَّل ويوقف عند الحاجة. وقد يتطلب الأمر تدخل الأستاذ المشرف لتنبيه المتدرب إلى بعض النقاط التي قد غفل عنها، فإن لم يستطع المتدرب توضيحها للحضور، طلب المشرف من الحضور إبداء رأيهم فيها قبل أن يوضحها بنفسه، وقد يتطلب هذا الإجراء إعادة الشريط حول هذه النقطة مرة أو مرتين أو ثلاث مرات.
لكن ما القضايا التي ينبغي أن تناقش في هذه المرحلة؟ للإجابة عن هذا السؤال نذكر بأن التدريس المصغر غالباً ما ينطلق من نظرية أو مذهب أو طريقة قدمت للمتدربين في الدروس النظرية، وقد يعتمد على توجيه المشرف طلابه نحو استراتيجيات معينة، أو يقوم على نموذج يقدمه لهم حياً أو مسجلاً، ويرى أنه النموذج الذي ينبغي احتذاؤه. فيناقش في هذه المرحلة كل ما يتعلق بالنظرية أو المذهب أو الطريقة أو غيرها مما قدم في الدروس النظرية، كما يناقش في هذه المرحلة كل ما له علاقة بالنموذج الذي اتفق عليه. كما نذكر بقائمة التقويم التي كانت مع المشرف والزملاء؛ ليعودوا إليها ويناقشوا ما دونوه فيها من ملحوظات.
وينبغي أن يدرب المشرف طلابه المعلمين على إثارة النقاط المهمة ولو بدت صغيرة، والابتعاد قدر الإمكان عن القضايا الجزئية الجانبية. ومما يساعد المتدربين على ذلك تقديم قائمة بالمهارات والمهمات والأنشطة التي ينبغي ملاحظتها ومناقشتها والبحث فيها. وعلى المتدرب وزملائه أن يدونوا جميع النقاط التي نوقشت في هذا الحوار في مذكرات خاصة؛ للاستفادة منها في المرحلة التالية، التي هي إعادة التدريس، والتي هي موضوع الحديث في الفقرة التالية.
المرحلة السادسة: إعادة التدريس
تعد مرحلة إعادة التدريس مرحلة مهمة من مراحل التدريس المصغر إذا دعت الحاجة إليها؛ لأن نتائج الحوار وفوائده لا تظهر لدى غالبية المتدربين إلا من خلال إعادة التدريس. وقد تعاد عملية التدريس مرة أو مرات حتى يصل المتدرب إلى درجة الكفاية المطلوبة، بيد أن الحاجة إلى إعادة التدريس تعتمد على نوع الأخطاء التي يقع فيها المتدرب وكميتها، وجوانب النقص في أدائه، وأهمية ذلك كله في العملية التعليمية، بالإضافة إلى طبيعة المهارات المطلوب إتقانها، وعدد المتدربين، وتوفر الوقت. والأستاذ المشرف هو صاحب القرار في إعادة التدريس وعدد المرات، بعد أن تتوفر له المعلومات اللازمة لذلك.
وقد دلت بعض الدراسات المسحية على أن إعادة التدريس غير مطبقة في كثير من برامج التدريب؛ إما لكثرة المتدربين وضيق الوقت، وإما لاقتناع القائمين على التدريب بعدم جدواها. وتشير نتائج بعض الدراسات الميدانية إلى أن الدرجة التي يحصل عليها المتدرب في إعادة التدريس لا تختلف كثيراً عن الدرجة التي حصل عليها في التدريس الأول، وقد تكون أقل منها([49]) ، ولعل السبب في ذلك هو الطريقة التي كانت تؤدى بها إعادة التدريس، لا الإعادة بحد ذاتها. بل إن بعض المهتمين بهذا الأمر يرون أن إعادة التدريس مرحلة انتهت مع انتهاء الاتجاه السلوكي التقليدي، أما الآن، وفي ضوء الاتجاهات المعرفية، فإن التنبيه على السلوك كاف لتغييره([50]) .
ولكي تكون إعادة التدريس مفيدة وفعالة؛ ينبغي ألا يفصل بين التدريس وإعادته أكثر من أسبوع؛ لأن طول الفترة بين التدريس وإعادته قد يقود إلى نسيان بعض النقاط التي أعيد التدريس من أجلها. ولا شك أن الإعداد والتحضير لإعادة التدريس لن يستغرق مدة تساوي مدة الإعداد للدرس الأول؛ لأن إعادة التدريس غالباً ما يركز فيها على الأخطاء ونقاط الضعف في الدرس السابق، مع الاحتفاظ بالخطوات والعناصر الجيدة فيه. ويرى بعض الباحثين أن يعاد الدرس بعد الحوار مباشرة في مدة لا تتعدى بضع ساعات، بل إن منهم من يرى ألا تزيد هذه المدة عن خمس عشرة دقيقة، هي مدة التحضير لإعادة التدريس([51]) . غير أن الواقع أثبت أن المتدرب يحتاج إلى وقت أطول، لا للتحضير وحسب، بل للراحة والاطمئنان النفسي والمراجعة.
المرحلة السابعة: التقويم
يقصد بالتقويم هنا تقويم أداء المتدرب، ويتم ذلك من خلال ثلاث قنوات: الأولى تقويم المتدرب نفسه([52]) ، ويخصص لها ثلاثون بالمائة من الدرجة، والثانية تقويم الزملاء المعلمين، ويخصص لها أربعون بالمائة من الدرجة، والثالثة: تقويم الأستاذ المشرف، ويخصص له ثلاثون بالمائة من الدرجة. وينبغي أن يكون هذا التقويم موضوعياً؛ حيث يتكون من مجموعة من الأسئلة، تحتها خمسة خيارات، ويفضل ألا يذكر اسم المقوِّمُ، حتى لا يؤثر على التقويم([53]) . وقد يكون التقويم في شكل استبانة، تحتوي على أسئلة مغلقة وأخرى مفتوحة؛ يقدم المشارك فيها آراءه واقتراحاته حول التدريس المصغر([54]) .
المرحلة الثامنة: الانتقال إلى التدريس الكامل
لكي يؤدي التدريس المصغر دوره، وليستفاد منه في الميدان؛ يحتاج المتدرب إلى الانتقال من التدريس المصغر إلى التدريس الكامل، غير أن الانتقال ينبغي ألا يتم فجأة، وإنما يتم بالتدريج. والتدرج في تكبير الدرس يكون بزيادة في زمنه؛ من خمس دقائق إلى خمس وعشرين دقيقة مثلاً، وفي عدد المهارات؛ من مهارة واحدة إلى عدد من المهارات، وفي عدد الحضور؛ من خمسة طلاب إلى عشرة طلاب، وقد يكونون من المتعلمين الحقيقيين، بدلاً من الزملاء المتدربين.
في المرحلة الأولى من تكبير الدرس ينبغي أن يشترك في الدرس الواحد أكثر من متدرب، حيث يؤدي كل متدرب جزءاً كاملاً من الدرس؛ كأن يبدأ الأول بالتقديم للدرس الجديد وربطه بالدرس السابق، ثم يأتي زميله الثاني فيشرح قاعدة الدرس، يليه الثالث لتدريب الطلاب عليه وتقويم أدائهم. ثم يُبدأ في تقليل عدد المتدربين المشاركين في الدرس الواحد، من ثلاثة طلاب إلى اثنين، ثم يستقل كل متدرب بدرس خاص في نهاية التدريب. وفي هذه المرحلة ينبغي أن يستمر التسجيل بالفيديو، وكذلك الحوار والمناقشة، لكن إعادة التدريس غير مطلوبة.
درس نموذجي مصغر لتدريب معلمي اللغة العربية
يبدأ هذا النموذج من المرحلة الثالثة من مراحل التدريس المصغر، التي هي مرحلة التحضير للدرس، وينتهي بالتقويم، متخطياً المرحلتين الأولى والثانية؛ باعتبار أن المتدربين قد أنهوا مرحلة الإرشاد والتوجيه، وشاهدوا عدداً من الدروس النموذجية؛ الحية والمسجلة، ومستغنياً عن المرحلة الثامنة، مرحلة الانتقال إلى التدريس الكامل؛ باعتبارها مرحلة انتقالية تالية للتدريس المصغر.
أولاً: التحضير للدرس
تشتمل كراسة التحضير على العناصر التالية:
المادة/المقرر: قواعد اللغة العربية.
الموضوع: الفعل المبني للمجهول ونائب الفاعل.
مستوى الطلاب: المتوسط.
عدد المتدربين: ثلاثة معلمين، يتبادلون الأدوار.
الزمن: عشرون دقيقة موزعة بين المتدربين (خمس دقائق للأول، وعشر دقائق للثاني، وخمس دقائق للثالث).
نوع المتدربين وخلفياتهم: المتدربون من معلمي اللغة العربية للناطقين بها، الملتحقين ببرنامج إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها.
الحضور: ستة طلاب، جميعهم من الزملاء المتدربين.
نوع التدريس المصغر: ختامي أثناء الخدمة، وخاص بمعلمي اللغات الأجنبية، غير موجه ولا معتمد على طريقة معينة أو كتاب مقرر.
أهداف الدرس:
1- أن يعرف الطلاب الأسباب النحوية والبلاغية لبناء الفعل للمجهول في العربية، وقيام النائب عنه مقامه([55]) .
2- أن يدرك الطلاب التغيرات التي تحصل في الأفعال المبنية للمعلوم عندما تبنى للمجهول.
3- أن يفرق الطلاب بين صيغ الأفعال المبنية للمعلوم وصيغ الأفعال المبنية للمجهول([56]) .
4- أن يحول الطلاب الجمل المبنية للمعلوم، الواردة في التدريب الثاني، إلى جمل مبنية للمجهول، وما يتطلبه ذلك من تغيير وحذف.
5- أن يعرب الطلاب الكلمات التي تحتها خط من الجمل الواردة في التدريب الثالث إعراباً سليماً وموجزاً.
الوسائل التعليمية:
1- السبورة.
2- جهاز العارض فوق الرأس.
3- لوحات من الورق المقوى.
4- جهاز الفيديو (لتصوير الدرس).
محتوى الدرس:
1- أمثلة التراكيب المبنية للمعلوم (للتقديم):
أ- أَخَذَ المعلمُ الحضورَ.
ب- صلَّى الجميعُ صلاةَ الظُهرِ.
ج- قال المُرشِدُ كلمةً قصيرةً.
د- اعْتَمَدَ المديرُ مبلغاً كبيراً للنَّفَقاتِ.
هـ- تَمْنَحُ البلديةُ الناسَ أراضيَ لبناءِ المساكنِ.
و- تَبْنِي الوزارةُ المساجدَ والمدارسَ في داخلِ الأَحْياءِ.
ز- يُقِيمُ التُّجَّارُ المصانعَ في أطرافِ المدينةِ.
2- أمثلة التراكيب المبنية للمجهول (للشرح):
كان الطلابُ مُستعدِّين لرحلةٍ داخلَ المدينة. وفي تمامِ الساعةِ الثانيةَ عشرةَ أُخِذَ الحضورُ، وصُلِّيَتْ صلاةُ الظهرِ جماعةً في المسجدِ، ثم قِيلَتْ كلمةٌ موجزةٌ. كان عددُ الطلابِ كثيراً؛ لذا اُعْتُمِدَ مبلغٌ كبيرٌ للنفقات … وعندما كانت السَّيَّارةُ تسِيرُ في شوارعِ المدينةِ، قال رائدُ النشاطِ للطلاب: في هذا الحي، يُمْنَحُ الناسُ أراضيَ لبناء المساكن، وتُبْنَي المساجدُ والمدارسُ في داخلِ الأَحْياءِ، وتُقامُ المَصانعُ في أَطْرافِ المَدينةِ …
3- القاعدة:
أ- يبنى الفعل الماضي للمجهول بضم أوله وكسر ما قبل آخره، وإذا كان ما قبل آخره ألفاً قلبت ياء، وإذا كان مبدوءاً بهمزة وصل وجب ضم ثالثه مع أوله.
ب- يبنى الفعل المضارع للمجهول بضم أوله وفتح ما قبل آخره، وإذا كان آخره أو ما قبل آخره ياء أو واواً قلبتا ألفاً.
ج- عند بناء الفعل للمجهول يحذف الفاعل، ويصبح المفعول به نائباً عنه مرفوعاً.
د- يؤنث الفعل إذا كان نائب الفاعل مؤنثاً أو جمع تكسير لغير العاقل.
4- التدريبات (للتقويم):
التدريب الأول: عيِّن الفعل المبني للمجهول ونائب الفاعل في الجمل التالية:
أ- قال تعالى: )وإذا قُرِىءَ القرآنُ فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم تُرحمون (([57])
ب- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دَخَلَ رمضانُ فُتِحَت أبوابُ الجنة، وغُلِّقَت أبوابُ النار، وصُفِّدَت الشياطينُ).
ج- يُجْزَى كلُّ إنسانٍ يومَ القيامةِ بما عَمِلَ في الدنيا.
د- يُسْتَقْبَلُ الضَّيفُ عندما يَنزِلُ من الطائرة.
التدريب الثاني: حَوِّل الأفعال المبنية للمعلوم في الجمل التالية إلى أفعال مبنية للمجهول، وغير ما يلزم تغييره:
أ- عَقَدَ المديرُ اجتماعاً طارئاً.
ب- يَفْتَحُ الحارسُ البابَ في الصباحِ ويُغلقُه في المساء.
ج- يَلُومَ الناسُ المُقَصِّرَ في أداءِ واجِبِه.
د- صامَ المسلون شهرَ رمضانَ.
التدريب الثالث: أعرب ما تحته خط من الجمل التالية:
أ- منِع الخروج من الفصل.
ب- تستخدم في الحج حافلات كبيرة.
ج- يزار العلماء في بيوتهم.
د- شوهد محمد في المكتبة.
مهارات التدريس
يشترك المتدربون الثلاثة في اختيار المادة اللغوية اللازمة للتدريس، المناسبة للزمن ولمستوى الطلاب، كما يشتركون في التحضير للدرس وتوزيع الوقت وتحديد الوسائل المعينة، وتجريب جهاز الفيديو. كما أنهم يشتركون في عدد من المهارات الفرعية، منها: إلقاء السؤال - الإجابة عن السؤال - تصويب الخطأ – التعزيز - الالتزام بالوقت – مراعاة مستوى الطلاب – رفع الصوت وخفضه حسب الحاجة - استخدام اليدين وتغيير قسمات الوجه وحركات العينين – ملاحظة الفروق الفردية بين المتعلمين ومراعاتها… وينفرد كل واحد منهم في مهارة أساسية واحدة، على النحو التالي:
1- التقديم للدرس الجديد وربطه بالدرس السابق (للمتدرب الأول).
2- شرح الأمثلة واستنباط القواعد منها (للمتدرب الثاني).
3- إجراء التدريبات وتقويم الطلاب وتعيين الواجبات المنزلية (للمتدرب الثالث).
الأنشطة والمهمات داخل الفصل:
أنشطة المتدرب الأول:
1- إحضار الأمثلة المبنية للمعلوم مكتوبة على ورقة تلصق على السبورة، أو ورقة شفافة توضع على جهاز العارض فوق الرأس، وتوزيع صور منها على الحضور.
2- قراءة الأمثلة المبنية للمعلوم، أو طلب قراءتها من أحد الطلاب.
3- سؤال الطلاب عن كل من الفعل والفاعل والمفعول به في الجمل المبنية للمعلوم التي أمامهم.
4- إلقاء الأسئلة التالية: هل يمكن الاستغناء عن الفاعل في هذه الجمل؟ ما ذا يحدث لو حذف الفاعل منها؟ ولماذا يحذف؟
5- ملاحظة جهاز الفيديو أثناء نشاط المتدرب الثاني، وأخذ الملاحظات أثناء المشاهدة.
أنشطة المتدرب الثاني:
1- تعليق اللوحة التي تحوي النص المشتمل على الجمل المبنية للمجهول، أو وضعها على سطح جهاز العارض فوق الرأس، بجانب الجمل المبنية للمعلوم، وتوزيع صور منها على الحضور.
2- قراءة النص أو طلب قراءته من أحد الطلاب.
3- وضع خطوط ملونة باللون الأخضر تحت الجمل المبنية للمعلوم.
4- الاستفسار عن كل من الفعل والفاعل والمفعول به في الجملة.
5- الاستفسار عما حدث لكل من الفعل والمفعول به من تغييرات في الشكل بعد أن حذف الفاعل.
6- وضع خطوط ملونة باللون الأحمر تحت الجمل المبنية للمجهول.
7- استنباط القاعدة من الأمثلة([58]) ، وتلخيصها على السبورة، أو تعليق اللوحة الخاصة بها، أو عرضها على جهاز العارض، إن كانت معدة سلفاً.
8- ملاحظة جهاز الفيديو أثناء نشاط المتدرب الثالث، وأخذ الملاحظات أثناء المشاهدة.
أنشطة المتدرب الثالث (التدريب والتقويم):
1- الإشارة إلى أحد الطلاب ليقرأ عنوان التدريب الأول، ثم الإجابة عن الفقرة الأولى منه، ثم الإشارة إلى طالب آخر ليجيب عن الفقرة الثانية، ويطبق هذا الأسلوب في التدريب الثاني.
2- سؤال الطلاب عن إعراب الجمل الواردة في التدريب الثالث إعراباً سليماً وموجزاً.
3- سؤال الطلاب عن سبب حذف الفاعل في بعض الجمل، وهل يمكن ذكر الفاعل بعد بناء الفعل للمجهول، ولماذا.
4- تكليف الطلاب بواجب منزلي هو: تحويل الأفعال التالية إلى أفعال مبنية للمجهول ووضعها في جمل مفيدة: قَرَأَ – يَمنَعُ – يَصُومُ – أَعْطَى – وَجَّهَ – يَنْشُرُ.
5- ملاحظة جهاز الفيديو أثناء نشاط المتدرب الأول، وأخذ الملاحظات أثناء المشاهدة.
ثانياً: التدريس
المرحلة الأولى: التقديم للدرس (للمتدرب الأول):
1- يدخل المتدربون الثلاثة الفصل، فيسلمون على الحضور، ثم يقف المتدرب الأول أمام الطلاب، ويجلس زميلاه الآخران في مقاعد الفصل مع المشرف وبقية الزملاء، بعد أن يتم تشغيل جهاز الفيديو.
2- يضع المتدرب الأول الأمثلة المبنية للمعلوم على السبورة أو يعرضها على جهاز العارض فوق الرأس، ثم يقرأ الأمثلة أو يطلب من الطلاب قراءتها واحداً بعد الآخر.
3- يسأل الطلاب عن كل من الفعل والفاعل والمفعول به في الأمثلة التي أمامهم، ويطلب منهم إعراب مثالين إعراباً موجزاً.
4- يلقي على الحضور السؤال التالي: هل يمكن الاستغناء عن الفاعل في هذه الجمل؟ ما ذا يحدث لو حذف الفاعل منها؟ ولماذا يحذف؟
5- يلخص إجابات الطلاب في أن الجمل التي أمامهم قد ذكر فيها الفعل والفاعل والمفعول به، وتسمى جملاً مبنية للمعلوم. ثم يذكر أن هذه الجمل وأمثالها يمكن حذف الفاعل منها وتغيير صيغة الفعل، وأن الفاعل يحذف لأسباب منها: العلم به، أو الجهل به، أو الخوف منه، أو الخوف عليه، أو لشرفه، أو رغبة في الاختصار ...
6- يختتم كلامه قائلاً: إن هذه الأمور هي ما سوف نراه في الدرس الجديد، الذي سوف يقدمه زميلي الأستاذ (محمد).
7- تستغرق هذه العملية خمس دقائق فقط، بما فيها الأسئلة التي يلقيها المعلم، والإجابات عنها من قبل الطلاب، والأسئلة التي قد يثيرها الطلاب والأخطاء اللغوية التي قد يقعون فيها أثناء الإجابات أو الاستفسارات، وأسلوب المتدرب في معالجتها.
المرحلة الثانية: شرح الدرس (للمتدرب الثاني):
1- بعد أن يثير المتدرب الأول انتباه الطلاب، ويشوقهم للدرس الجديد، ويربطه بالدرس السابق؛ يجلس مع زملائه في مؤخرة الفصل، ثم يقوم المتدرب الثاني إلى مقدمة الفصل؛ لشرح الدرس الجديد.
2- يضع النص الجديد، المحتوي على الصيغ المبنية للمجهول، على السبورة أو يعرضه على جهاز العارض فوق الرأس، ثم يقرأه أو يطلب من الطلاب قراءته.
3- يبدأ في شرح الموضوع بطريقة الحوار والاستنباط، على النحو التالي:
المعلم: إذا نظرنا إلى هذه الجمل (يشير إليها) نلاحظ أنها تشتمل على أفعال ماضية تختلف في أشكالها عن الأفعال الأولى التي رأيناها وتحدث عنها زميلي الأستاذ (أحمد) قبل قليل. فالفعل أَخَذَ في المجموعة الأولى (يشير إليه) فعل ماض جاء بعده فاعل مرفوع هو: المعلمُ، ثم مفعول به منصوب وقع عليه فعل الفاعل هو: الحضورَ، لكن هذا الفعل في المجموعة الثانية هنا (يشير إليه) قد تغيرت صورته، فمن منكم يوضح لنا ما ذا تغير فيه؟
أحد الطلاب: تحولت الفتحة التي على الهمزة إلى ضمة، وتحولت الفتحة التي على الخاء إلى كسره.
المعلم: نعم، هذا جواب صحيح، بارك الله فيك. لقد ضُمَّ أولُ الفعل وكُسِرَ ما قبل آخره([59]) .
المعلم: يسأل طالباً آخر عن الفعل في الجملة الثانية: صُلِّيَتْ، ثم يسأل طالباً ثالثاً عن الفعل: قِيلَ …
المعلم: إذن ما حدث في هذه الأفعال الثلاثة الماضية هو ضم أولها وكسر ما قبل آخرها، لأنها بنيت للمجهول بدلاً من المعلوم، أما الفعل اُعْتمِدَ فقد ضُمَّ ثالثه بالإضافة ضم أوله؛ لأنه ماض مبدوء بهمزة وصل.
المعلم: نعود إلى الفعلين: صُلِّيَتْ واعْتُمِدَتْ، نلاحظ أنهما أنثا لتطابق نائب الفاعل المؤنث في الأول وجمع التكسير غير العاقل في الثاني، كما يؤنث الفعل المبني للمعلوم.
المعلم: يشير إلى المثال الأول فيقول: هل لاحظتم تغيراً آخر في هذه الجملة في المجموعة الثانية عن الجملة المقابلة لها في المجموعة الأولى؟ (يشير إليها).
يحجم الطلاب عن الإجابة، رغم إحساسهم بهذا التغير؛ لصعوبة التعبير الدقيق عن ذلك.
المعلم: أين الفاعل؟
أحد الطلاب: الحضورُ.
المعلم: لاحظ زميلكم - بارك الله فيه - ملاحظة جيدة، وهي أن كلمة الحضور مرفوعة، وأنها يمكن أن تكون هي الفاعل، لكن هل يمكن أن يكون الحضور فاعلاً، أي يقوم بالفعل بنفسه؟
الطالب نفسه: لا يا أستاذ، الفاعل محذوف.
المعلم: أحسنت، هذا جواب صحيح.
المعلم: إذن أين المفعول به؟
طالب آخر: الحضورُ.
المعلم: لقد فهمتَ المعنى - بارك الله فيك - لكن هل يمكن أن يكون المفعول به مرفوعاً؟
الطالب نفسه: هذا هو المفعول به في المعنى، لكن قد يكون حصل فيه بعض التغيير، لا أعرف!
المعلم: نعم، كلامك صحيح، لقد حصل تغيير في تركيب الجملة مثلما حصل تغيير في شكل الفعل الماضي بعد بنائه للمجهول. فعندما بني الفعل للمجهول حذف الفاعل الذي هو المعلم، وناب عنه المفعول به؛ فرفع كما يرفع الفاعل، ويسمى هذا نائب الفاعل.
يعود المعلم إلى بقية الأمثلة، فيشرحها بهذه الطريقة ويسأل من بقي من الطلاب كالطريقة السابقة، ثم يلخص لهم قاعدة الدرس.
تستغرق هذه العمليات أربع دقائق فقط.
ينتقل المعلم إلى الأفعال المضارعة في النص، فيشير إلى الفعل يُعْطَى، ويقارنه بالفعل المضارع تُعْطِي من المجموعة الأولى (المبنية للمعلوم)، فيوضح لهم أنه فعل مضارع جاء بعده فاعل مرفوع هو : البلدية ، ثم مفعول به منصوب وقع عليه فعل الفاعل هو : الناس ، ثم يقول : لكن هذا الفعل في المجموعة الثانية هنا ( يشير إليه ) قد تغيرت صورته ، فمن منكم يوضح لنا ماذا تغير فيه ؟
أحد الطلاب : ضُمَّ أوله وفتح ما قبل آخره([60]) .
المعلم: أحسنت ، بارك الله فيك ، هذه إجابة صحيحة ، وتعبير ممتاز.
المعلم: يسأل طالباً آخر عن الفعل تُبنَى في الجملة الثانية، ثم يسأل طالباً ثالثاً عن الفعل يُرْسَلُ في الجملة الثالثة، ثم يسألهم عما حدث في هذه الجمل من حذف وتغيير، مثلما سألهم عن الجمل السابقة ذوات الأفعال الماضية.
هذه العملية تستغرق ثلاث دقائق فقط؛ لأن الطلاب قد فهموا قاعدة تركيب الجملة من حيث حذف الفاعل ونيابة المفعول به عنه، ولم يبق سوى شرح قاعدة التغيير الداخلي في الفعل المضارع.
يعود المعلم بعد ذلك ليشير إلى ما حدث من تغير آخر في الفعلين المضارعين: تُبنى وتُقام، من قلب الياء ألفاً؛ لوقوع الأولى في الآخر والثانية فيما قبل الآخر.
يلخص المعلم قاعدة الفعل المبني للمجهول ونائب الفاعل، بعرضها على جهاز العارض فوق الرأس، على النحو التالي:
أ- الفعل الماضي يبنى للمجهول بضم أوله وكسر ما قبل آخره، مثل: أُخِذَ وصُلِّيَ وقِيلَ، إلا إذا كان مبدوءاً بهمزة وصل فإنه يضم ثالثة مع أوله مثل: اُعْتُمِدَ.
ب- الفعل المضارع يبنى للمجهول بضم أوله وفتح ما قبل آخره، مثل: يُمْنَحُ، وإذا كان آخره أو ما قبل آخره ياء أو واواً قلبتا ألفاً، مثل: تُبْنَى وتُقَامُ.
ج- عندما يبنى الفعل للمجهول يحذف الفاعل ويصبح المفعول به نائباً عنه مرفوعاً.
تستغرق عملية تلخيص القاعدة دقيقة واحدة، ثم يجيب المتدرب عن أسئلة الطلاب في الدقيقتين الباقيتين.
المرحلة الثالثة: التدريب والتقويم (للمتدرب الثالث):
يعود المعلم الثاني إلى مكانه في مؤخرة الفصل، ثم يتقدم المتدرب الثالث، فيشكر زميليه على التقديم والشرح، ويشكر الطلاب على تجاوبهم، ثم يبدأ مرحلة التدريب والتقويم.
يبدأ المتدرب الثالث هذه المرحلة بتوزيع ورقة تحوي التدريب الأول، الموضح في خطة التحضير، ويضع النسخة الأصلية على جهاز العارض فوق الرأس، ثم يطلب من كل واحد منهم قراءة فقرة من الفقرات فيه ويجيب عنها. يكرر هذه العملية في التدريبين الثاني والثالث، مع مراعاة الإيجاز في الإعراب.
إن حل التمرينات في هذه المرحلة عملية تقويم أيضا؛ حيث يتأكد المتدرب خلالها من فهم الطلاب للدرس وقدرتهم على التطبيق، وتحقق الأهداف الموضحة في خطة التحضير. وهذه العملية تستغرق خمس دقائق بما فيها الأسئلة والإجابات.
ثالثاً: الحوار والمناقشة
بعد انتهاء التدريس، يجلس المشرف مع طلابه المتدربين في حجرة الدرس أو في مختبر اللغة، فيقدم للمناقشة بكلام موجز؛ يشيد فيه بجهود المتدربين في التحضير والأداء، ويشير إلى نقاط القوة ونقاط الضعف لديهم، ويشجع الجميع على تقبل النقد والاستفادة منه. ثم يطلب من أحد المتدربين الثلاثة توضيح طريقة التحضير في مدة لا تتجاوز دقيقتين، ويعطي كل واحد منهم دقيقة واحدة لتوضيح وجهة نظره حول بعض القضايا أو المشكلات في التحضير أو الأداء، ثم يشير المشرف نفسه إلى أهم القضايا والنقاط التي ينبغي أن تناقش، ويذكرهم بما درسوه في المحاضرات السابقة أو شاهدوه من دروس ونماذج. وينبغي ألا تتعدى هذه المقدمة خمس دقائق.
ثم يشغل جهاز الفيديو مدة خمس دقائق؛ لمشاهدة أداء المتدرب الأول في المرحلة الأولى، ويطلب من الجميع تتبع بطاقة الملاحظة أثناء المشاهدة؛ للتأكد من صحة ما دونوه فيها. ثم يوقف الجهاز إيقافاً مؤقتاً؛ ليبدأ الحوار، ويعاد تشغيله عند الحاجة لمشاهدة مقطع أو إعادة فقرة. وينبغي أن يقتصر الحوار والمناقشة على مرحلة التقديم لموضوع الدرس، وربطه بالدروس السابقة، وتشويق الطلاب إليه، وما يدخل ضمن هذه المرحلة من أنشطة وحركات جسمية، وما تتطلبه من وسائل تعليمية ومهارات فرعية، كتوزيع الوقت وطرح الأسئلة، والتعزيز ونحو ذلك. وينبغي أن يكون الحوار ضمن الإطار المتفق عليه في المحاضرات السابقة، المدون في بطاقة الملاحظة، وقد يتطرق الحضور إلى ما يرتبط بهذه المرحلة من خطوات التحضير للدرس.
تستغرق عملية الحوار هذه مدة عشر دقائق، تضاف إليها الخمس الأولى. ثم ينتقل الحوار إلى المرحلة الثانية بطريقة لا تختلف كثيراً عن المرحلة الأولى إلا في الزمن وموضوعات المناقشة؛ حيث يشغل جهاز الفيديو في مدة لا تتجاوز عشر دقائق؛ لمشاهدة أداء المتدرب الثاني في شرح الدرس الجديد، ثم يوقف التشغيل ويبدأ الحوار، وقد يعاد تشغيل الجهاز عند الحاجة إليه أثناء الحوار. وقد تستغرق هذه المرحلة عشرين دقيقة؛ منها عشر دقائق لمشاهدة الدرس، وعشر دقائق أخرى للحوار والمناقشة. ثم ينتقل الحوار إلى المرحلة الأخيرة التي لا تختلف عن سابقتيها إلا في الزمن وموضوعات المناقشة؛ حيث تستغرق في مجموعها أقل من عشر دقائق. وهكذا يكون الزمن الذي استغرقته عملية التدريس المصغر بمراحلها الثلاث خمساً وأربعين دقيقة أو تزيد قليلاً، يضاف إليها خمس دقائق لتلخيص الحوار في المراحل الثلاث.
رابعاً: إعادة التدريس
ذكرنا في الجزء الأول من هذه الدراسة أن إعادة التدريس مرحلة مهمة من مراحل التدريس المصغر، إذا دعت الحاجة إليها، غير أن أساليب الإعادة المعمول بها في برامج تعليم اللغات الأجنبية غالباً ما تنطلق من المنهج السلوكي التقليدي. لهذا السبب، واتباعاً لمبادئ المنهج المعرفي في تعليم اللغات؛ فإننا نرى ألا يعاد الدرس نفسه ولا العناصر موضع النقد، وإنما يطلب من المتدرب التنبه إليها في الدروس القادمة، ويحاسب عليها في بطاقة الملاحظة. وقد أثبتت الممارسة العملية أن التنبيه إلى بعض الأخطاء وتلافيها في دروس لاحقة أفضل من إعادتها أو إعادة الدرس نفسه، لا سيما أن الوقت المخصص للتربية العملية في كثير من برامج تأهيل معلمي اللغة العربية محدود جداً.
خامساً: التقويم
يُعد الأستاذ المشرف بطاقة تقويم لكل مرحلة من مراحل التدريس الثلاث؛ التقديم، والشرح، والتدريب والتقويم([61]) . كل بطاقة منها تحتوي على خمس وعشرين أو ثلاثين فقرة، وكل فقرة تمثل مهارة جزئية من مهارات التدريس أو عنصر من عناصره. توضع المهارة في الجانب الأيمن من البطاقة، ويخصص لها أربع درجات تكون في الجانب الأيسر منها، مقسمة إلى خمسة مستويات حسب درجات الأداء: ممتاز له أربع نقاط، وجيد جداً له ثلاث نقاط، وجيد له نقطتان، وضعيف له نقطة واحدة، وغير موجود له صفر. فتكون الدرجة الكبرى لكل بطاقة مائة درجة إن كانت فقراتها خمساً وعشرين (25×4=100)، ومائة وعشرين إن كانت فقراتها ثلاثين (30×4=120). وقد يترك في نهاية البطاقة فراغ يسجل فيه المقوِّم ملحوظاته على أداء المتدرب واقتراحاته حول التدريس. ويفضل أن تقسم الفقرات أو تصنف إلى خمس أو ست مجموعات، تختلف باختلاف مرحلة التدريس؛ فمرحلة التقديم للدرس مثلاً يمكن أن تصنف فقراتها في المجموعات الست التالية:
1- مهارات الإثارة والتشويق.
2- مهارات الأسئلة والإجابات.
3- مهارات استخدام تقنيات التعليم أو الوسائل المعينة
4- مهارات الحركة، أي حركات الجسم، والتحرك داخل الفصل.
5- مهارات التعزيز، بنوعيه؛ الإيجابي والسلبي.
6- مهارات الدقة والتنظيم والتوزيع.
يلاحظ أن بعض المهارات التي تحدثنا عنها في الجانب النظري غير موجودة في هذه المجموعات، ولم يتضمنها النموذج المقترح لهذه المرحلة، إما لأنها غير مطلوبة فيها؛ كمهارات الشرح، ومهارات التدريب والتقويم، أو لأنها أدمجت ضمن مهارات أخرى؛ كمهارات الاختيار، التي أدمجت في مهارات الأسئلة والإجابات، والمهارات المتعلقة بمراعاة مستوى الطلاب ومراعاة الفروق الفردية، التي أدمج بعضها في مهارات الأسئلة والإجابات، وأدمج بعضها الآخر في مهارات التعزيز. تسلم نسخة من بطاقة التقويم في بداية الدرس للزملاء الحضور وكل من الأستاذ المشرف والمتدرب نفسه. وفي نهاية الدرس تجمع الدرجات، ويحسب متوسط ما حصل عليه المتدرب بعد أن يخصص أربعون بالمائة منها للمشرف وستون بالمائة للحضور([62]) . وليس الغرض من هذه البطاقة رصد الدرجات وحسب، بل هي أداة يستفاد منها أيضاً في مرحلة الحوار والمناقشة. وفيما يلي نموذج لهذه البطاقة:
المستويــــــات |
المهارات الفرعية |
المهارات الأساسية |
م | ||||
0 |
1 |
2 |
3 |
4 |
|
|
|
|
|
|
|
|
1. استهلال الدرس 2. إثارة انتباه الطلاب للدرس الجديد 3. تذكيرهم بمعلوماتهم السابقة المرتبطة بالموضوع 4. مراعاة مستواهم اللغوي 5. تشويقهم للدرس الجديد |
مهارات الإثارة والتشويق
|
1 |
|
|
|
|
|
6. اختيار السؤال ووضوح الهدف منه 7. مناسبة كلماته وعباراته لمستوى الطلاب 8. تنويع الأسئلة وتوقيت طرح كل سؤال 9. مراعاة مستوى الطلاب والفروق بينهم في قبول الإجابة 10. أساليب الإجابة عن أسئلة الطلاب |
مهارات الأسئلة والإجابات |
2 |
|
|
|
|
|
11. مناسبة الوسيلة للمهارة ووضوح الهدف منها 12. بساطة الوسيلة وقلة تكاليفها 13. استخدامها في الوقت المناسب 14. نجاح الوسيلة في تحقيق الهدف 15. سلامة استخدامها من الناحية الفنية |
مهارات استخدام تقنيات التعليم
|
3 |
|
|
|
|
|
16. التحرك داخل الفصل بطريقة منظمة وهادفة 17. تغيير النشاط والانتقال من مهارة إلى أخرى 18. توزيع الأنشطة بين الطلاب بعدل 19. الاستعانة باليدين والعينين وحركات الجسم 20. استخدام التمثيل بنوعيه؛ المسموع والصامت |
مهارات الحركة
|
4 |
|
|
|
|
|
21. مناداة كل طالب باسمه المحبب إليه 22. استعمال عبارات القبول والمجاملة باعتدال 23. تشجيع الطالب المصيب 24. أسلوب تصويب الأخطاء 25. مراعاة الفروق بين الطلاب في التعزيز |
مهارات التعزيز |
5 |
|
|
|
|
|
26. توزيع الوقت بين الأنشطة وفقاً للخطة 27. توقيت الكلام والاستماع إلى الطلاب 28. نسبة كلام المعلم إلى كلام للطلاب 29. الدقة في توزيع الأدوار بين الطلاب 30. مطابقة الأداء العملي لخطة التحضير |
مهارات التنظيم والتوزيع |
6 |
الهوامش والتعليقات
([1]) في المملكة العربية السعودية وحدها ثلاثة معاهد في كل من: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة الملك سعود في الرياض، وجامعة أم القرى في مكة المكرمة، بالإضافة إلى شعبة تعليم اللغة العربية في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة. وهناك معاهد ومراكز في كل من مصر والكويت وقطر والعراق وتونس وغيرها، بالإضافة إلى معهد الخرطوم الدولي لتعليم اللغة العربية.
([2]) سمي بعض هذه الأقسام بقسم تأهيل معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها، وسمي بعضها بقسم إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها، وسمي البعض الآخر بأسماء أخرى.
Cassel, Jeanne and Blake, Frances. “Microteaching with a Multicultural Focus.” The Educational Resources Information Center (ERIC), 1988, PP. 4, 5
([4]) عبد الله عمر الفرا ، وعبد الرحمن عبد السلام جامل . المرشد الحديث في التربية العملية والتدريس المصغر . عمان : مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ، 1999 م ، ص 153 .
([5]) Wallace, Michael. Training Foreign Language Teachers: a Reflective Approach. Cambridge: Cambridge University Press, 1991, P. 92.
([7]) ألف دوايت الن وكيفين ريان Kevin Ryan عام 1969م كتاباً عنوانه: Microteaching، ترجمه صادق إبراهيم عودة ومحمد الخوالدة إلى العربية عام 1975م .
(8) Vare, Jonatha. Co-construcing the Zone: a Neo-Vygostkian View of Microteaching. Paper Presented at the American Educational Research Association 1993 Annual Meeting, Atlanta, Georgia. April 12-16, 1993. P. 3
(9) Perrot, E. Microteaching in Higher Education: A Society for Research into Higher Education. 1977.
([10]) مما نقل إلى العربية كتاب: Microteaching: A Programm of Teaching Skills. By: George Brown, 1975.، الذي نقله محمد رضا البغدادي بعنوان: التدريس المصغر: برنامج لتعليم مهارات التدريس، ط1 عام 1979م، ط2 عام 1998م، بالإضافة إلى كتاب الن وريان الذي سبق ذكره.
([11]) من هذه الكتب: المرشد الحديث في التربية العملية والتدريس المصغر، تأليف عبد الله عمر الفرا وعبد الرحمن عبد السلام جامل، صدر عام 1999م، وقد أشرنا إليه قبل قليل.
([12]) من ذلك مثلاً البحث الذي أعده حسن حسيني جامع بعنوان: التعليم المصغر ودوره في إعداد المعلمين، ونشر في مجلة تكنولوجيا التعليم، العدد التاسع، 1982م.
([13]) Stoddat, John Dennis. Microteaching: Current Practice in Britain with Special Reference to ESOL. Working Documents. London: London University, Institution of Education, 1981, P. 15.
([16]) Cassel, Jeanne: Micro-Teaching with a Multicultural Focus. Op. Cit. See also: Stoddart, John: Microteaching: Current Practice in Britain. Op. Cit.
([17]) Yoneyama, Asaji. Integration of Theory and Practice in a Pre-service Teacher Training Course. ERIC, 1988, PP. 2, 3.
([18]) Ortiz, Flora. The Use of Video-Tape and Micro-Teaching in the Preparation of Bilingual Teachers. Paper Presented at the Annual Meeting of the American Educational Research Association, 10th. Chicago: 1985, P.5.
([19]) Bartley, D. E. “Microteaching: Rationale, Procedures, and Application to Foreign Language.” Audio-Visual Language Journal 7, 3 (1970): 139-44.
([20]) McAleese, W. R. “Microteaching: A New Tool in the Training of Teachers”. Educational Review V. 25, No. 5, (1973).
([22]) Golebiowska, Aleksandra. Role-Play in Pre-Service Teacher Training. Paper Presented at the Annual Meeting of the International Association for Teachers of English as a Foreign Language (22nd, Edinburgh, Scotland, April, 11-14, 1988).
([24]) Woodward, Teassa. The Teacher Trainer: A Practical Journal Mainly for Modern Language Teacher Trainers. Teacher Trainer, V 12 n1-3, Spr-Aut, 1998.
([25]) Morgan, Simpson. Professor-in Residence: Redefining the Work of Teacher Educators. ERIC, 1998.
([26]) Yoneyama, Asaji. Integration of Theory and Practice in a Pre-service Teacher Training Courses. Op. Cit.
([27]) بالإضافة إلى ترجمة محمد رضا بغدادي لكتاب جورج براون، وترجمة صادق عوده ومحمد الخوالدة لكتاب الن وريان، نشير إلى بحث ماجستير غير منشور أعده عبد القادر عباس مجاهد عام 1413هـ، في قسم المناهج وطرق التدريس في كلية التربية بجامعة أم القرى، عنوانه: فاعلية التدريس المصغر في تنمية بعض المهارات التدريسية للطلاب المعلمين بقسم الجغرافيا في جامعة أم القرى بمكة المكرمة.
([28]) أشرنا في هذا الصدد إلى كتاب: المرشد الحديث في التربية العملية والتدريس المصغر، تأليف: الدكتور عبد الله عمر الفرا والدكتور عبد الرحمن عبد السلام جامل، الذي صدر عام 1999م.
([29]) بالإضافة إلى بحث حسن حسيني جامع، الذي أشرنا إليه قبل قليل، ثمة بحوث أخرى منها: بحث قدمه عبد الرحيم صالح عنوانه: التعليم المصغر: برنامج للتدريب التربوي، نشر في مجلة تكنولوجيا التعليم، الكويت، العدد الثامن، 1981م. وهناك دراسة تحليلية أعدها الباحث علي محمد عبد المنعم، بعنوان: دراسة تحليلية للبحوث السابقة في مجال التدريس المصغر، كتاب المؤتمر العلمي الأول للجمعية المصرية لتكنولوجيا التعليم، القاهرة، أكتوبر، 1991م. ودراسة مسحية أعدها الباحث فتح الباب عبد العليم سيد، عنوانها: التعليم المصغر عبر التاريخ، مجلة تكنولوجيا التعليم، الكويت العدد التاسع، 1982.
([30]) نشير في هذا الصدد إلى محاضرات الدكتور رشدي أحمد طعيمة في المناهج وطرائق تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها التي ألقاها على طلاب الماجستير في قسم تأهيل معلمي اللغة العربية بمعهد تعليم اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض عام 1404هـ، والتي تضمنت تطبيقات عملية في استخدام التدريس المصغر في برامج تدريب معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها.
([31]) إسحاق محمد الأمين. منهج الأيسيسكو لتدريب معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها: أساسيات طريقة التدريس والتربية العملية لدورات تدريب المعلمين. الرباط: منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (أيسيسكو)، 1418هـ.
([32]) من ذلك إشارة الدكتور محمود أحمد السيد إلى اعتماد التدريس المصغر والتغذية الراجعة ضمن مظاهر التطور في ميدان تعليم اللغات، في بحثه المنشور في المجلة العربية للتربية م6، ع1، 1986م، ص 151.
([33]) نشير في هذا الصدد إلى بعض الكتب القيمة التي صدرت لعدد من الأساتذة المتخصصين في الميدان، والتي حملت عناوين، مثل: مرشد المعلم، ودليل المعلم …، منها: مرشد المعلم في تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها: تطبيقات عملية لتقديم الدروس وإجراء التدريبات، تأليف كل من الدكتور محمود إسماعيل صيني، والأستاذين ناصف مصطفى عبد العزيز، ومختار الطاهر حسين، ونشر مكتب التربية العربي لدول الخليج في الرياض الطبعة الأولى منه عام 1403هـ، والثانية 1406هـ. ومنها: مرشد المعلم الذي أعده الدكتور رشدي أحمد طعيمة والدكتور محمود كامل الناقة، ونشرته جامعة أم القرى عام 1405هـ. ومنها أيضاً: دليل المعلم للكتاب الأساسي في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، الذي أعده الدكتور فتحي علي يونس والدكتور السعيد محمد البدوي، ونشرته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في تونس عام 1983م. وقد اقتصرت هذه الأدلة على توجيه المعلمين إلى استخدام الكتب الأساسية المرتبطة بها، استخداماً تطبيقياً، باستثناء كتاب الدكتور محمود صيني ومساعديه الذي أشير فيه إلى بعض التوجيهات في تحضير الدروس في الصفحات من 265-272، غير أن هذه الأدلة جميعها لم تشر إلى التدريس المصغر.
([35]) Brumfit, C. J. “Aseven-day Microteaching Programme for EFL Teachers.” In Microteaching and EFL Teacher Education. University of London, Institute of Education. P. 123, 1979.
([37]) غالباً ما تجتمع هذه المشكلات في الدورات القصيرة التي تقام لتدريب معلمي اللغة العربية والثقافة الإسلامية خارج الوطن العربي؛ فتزداد الحاجة إلى التدريس المصغر.
([38]) كمقرر طرائق تدريس اللغة العربية، ومقررات العلوم الشرعية والسيرة النبوية للناطقين بغير العربية، في برامج إعداد معلمي اللغة العربية.
([41]) Ortiz, Flora. The Use of Video-Tape and Micro-Teaching in the Preparation of Bilingual Teachers. Op. Cit., P. 5, 1985
([44]) نُذَكِّر هنا أنه لا شيء أفضل من الحالات الطبيعية، إن توفرت ولم يترتب عليها مشكلات تربوية أو فنية، كما ننبه إلى ما أشرنا إليه من قبل من أن التدريس المصغر مكمل للتدريب العملي، وليس بديلاً عنه.
([46]) Mcknight, P. C. “Microteaching in Teacher Training: A Review of Research.” Research in Education 6, (1971): 32.
([48]) الإشادة بأداء المتدرب ليست ضرورية في كل مرة ومع كل طالب، وإنما يلجأ إليها عند تحليل الدرس الأول والثاني، وربما الثالث؛ تشجيعاً للمتدربين.
([52]) يلاحظ أن المتدرب لا يقوِّم نفسه في بعض أنواع التدريس المصغر، وبخاصة التدريس المصغر الختامي، كما سوف نرى فيما بعد.
([53]) Yoneyama, Asaji. Integration of Theory and Practice in a Pre-service Teacher Training Course. Op. Cit., PP. 8-11.
([55]) اتباعاً لمبدأ التدرج في تقديم المواد اللغوية؛ يقتصر هنا – فيما ينوب عن الفاعل – على الشائع منها، وهو المفعول به، ثم يعرف الطلاب في مرحلة لاحقة بالمصدر واسم المصدر والظرف والجار والمجرور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق