الجمعة، 19 يوليو 2013

إمبراطورية سنغاي: دراسة تحليلية في الترتيب التاريخي

إمبراطورية سنغاي: دراسة تحليلية في الترتيب التاريخي
للإمبراطوريات الإسلامية في غرب إفريقيا
للدكتور هارون المهدي ميغا
باحث من جمهورية مالي

إن الترتيب المعتاد لدى الدارسين والباحثين في تاريخ غرب إفريقيا الإسلامي والقومي – على حد سواء ، قديما وحديثا – هو عد إمبراطورية غانا الأقدم تليها مالي ، ثم سنغاي ، فيعتقد أن الأخيرة متأخرة عنهما نشأة ، وتطورا ، وشهرة ، حتى استقر أنها وريثتهما ، لايكاد يشذ عن هذا الخط إلا قلة قليلة جدا ، كاليعقوبي ( ت 282هـ ) ود. جبريل المهدي ميغا (1) ، وهناك فريق ثالث اضطرب في الأمر فجعل سنغاي أقدم من غانا نشأة ، أما كإمبراطورية فيرى أن غانا أقدم (2) . وتارة يجعل إمبراطورية سنغاي ( هي أقدم مملكة ظهرت في غرب إفريقيا على الإطلاق ) (3).
ود. أحمد شلبي الذي لم يخالف في دراستها الترتيب المذكور إلا في حديثه عن غانه وسنغاي قبل الإسلام ، انطلاقا مما أرتأه عن مالي في قوله :( مالي إسلامية منذ نشأتها على أنقاض غانه في القرن الثالث عشر الميلادي )(4) وهو غير مسلّم به ، فكثير من المصادر القديمة تتحدث عن مالي قبل دخول الإسلام فيها ، فإن كانت أصول مملكتها تكاد تكون مجهولة قبل القرن الحادي عشر الميلادي فلا أقل في بداية تاريخها من القرون الميلادية الأولى ، لأن بعض الأسر كانت تسيطر على أمارات صغيرة متجاورة معروفة المدن ، مــــن تلك الأسر : تراوري ، وكوناتي ، وكمارا ، وكيتا . (5).
يقول د. شلبي : غانه أقدم دولة عرفت في غربي إفريقية ، وبدأ ظهورها في القرن الأول الميلادي(6) وإن قال : ( لعل سنغاي من أطول الدول عمرا ، فقد بدأت بذورها في القرون الميلادية الأولى ، وعاصرت غانه وإمبراطورية مالي ، وانتهت غانه ومالي وبقيت سنغاي حتي عام 1003هـ - 1594 م ) (7) سيأتي التعليق على تحديد بدايتها بالقرون الميلادية الأولي .
وقد يصل هذا الاضطراب – تارة أخرى – إلى حد التناقض ، كما عند د. إبراهيم طرخان ، ود. حسن إبراهيم وغيرهما ، يقول طرخان : ( كانت غانة أقدم الإمبراطوريات التي قامت بغربي إفريقيا ثم تلتها مالي ومن بعدها سنغاي ) (8) ويقول : ( تاريخ إمبراطورية غانا هو أولى حلقات التاريخ القومي لغربي إفريقيا ، فهي أول إمبراطورية قامت بالسودان الغربي ، ولعلها أول تجربة ، وأقدم ما عرف من تجارب الحكم الوطني الناجح بتلك البلاد ) (9) ثم يقول : ( تعتبر إمبراطورية غانه أقدم الإمبراطوريات الإفريقية التي قامت بالسودان الغربي ) (10) .
قارن هذه الأقوال بقوله : ( تعد دولة مالي أقوى وأغنى الدول الإفريقية التي ظهرت في السودان الغربي ) (11) ، وقوله عن سنغاي : ( أقام شعب سنغاي الإفريقي أعظم أمبراطورية إسلامية أواخر العصور الوسطى ( القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي ) فاقت في سعتها وامتداد أطرافها إمبراطوريتي غانه ومالي الإسلاميتين حتى قيل : إن أحد طرفيها لايعلم شيئا عن الطرف الآخر هو في حرب أم في سلام ) (12) ، فهذا إنما ينطبق على المملكة الرابعة لإمبراطورية سنغاي ، وسيأتي البيان ، وأما د. مهدي رزق الله فهو متأثر بالدكتور طرخان حتى في هذه التناقضات (13).
هذا الترتيب المعتاد ، والمضطرب تارة ، والمتناقض أخرى ، يحتاج إلى إعادة قراءة فاحصة ، ودراسة موضوعية ، هدفها بيان الحق فقط ، لأن الحق أحق أن يتبع ، وذيوع الخطأ وانتشاره لايكون مسوغا لعدم تصحيحه ، وبخاصة في ظل المكتشفات الحديثة ، والقراءات التصحيحية لمفاهيم خاطئة في التاريخ والحضارة بهذا الجزء من العالم ، والاهتمام بماضي هذه القارة , والرغبات في الإصلاح الشامل الذي ظهرت بوادره في العقدين الأخيرين – تقريبا – من القرن العشرين الميلادي ، فمن شأن معرفة ذلك الوقوف علا تاريخ الحضارة ، وأن يهييء النفوس والعقول للإصلاح والتطوير المرجو في زماننا هذا ، ويسهم في تحديد أهم المنطلقات التي منها يكون الانطلاق ، إذ لابد لها من قواعد ثابتة ، وأقدام راسخة ، وأساس متين يثق بماضيه ومنطلقاته ، ويستفيد من معرفة الماضي واستقراء التراث التاريخي والحضاري يهتم بالإيجابيات ويتفادى السلبيات ( إن التاريخ الإفريقي يجب أن يكون منبعا للإلهام بالنسبة للأجيال الصاعدة ، وللسياسيين والشعراء والكتاب ، ورجال المسرح والموسيقيين، والعلماء من كل نوع ، وأيضا وبكل سهولة من أجل رجل الشارع ) )(15) حتى نميز – نحن المسلمين – بين ما يمكن أن يكون منطلقا صحيحا يجمع الشتات ، ويوحد الصف والجهد والمنهج ، ويعلي الشأن ، ويضع معالم تومىء إلى أهداف بعض الوصوليين ، وبين ما يزيد الفرقة والنفرة ، ويشتت الطاقات ، ويبعث ما لايستفاد منه في البناء الحضاري المستقبلي من عادات وبدع وشركيات ، وغيرها .
أما الإمبراطوريات نفسها فيكفي المنطقة شرفا قيامها بها والجهد الحضاري الذي أدته ، ويكفيها شرفا – بغض النظر عن السابقة واللاحقة وشعبها – أن يكون العصر الذهبي لكل واحدة هو العصر الإسلامي الزاهر .
كل أولئك وغيرها – كما بدأ لي – يفرض علينا إعادة قراءة تاريخنا قراءة فاحصة وموضوعية ، ويبرز جانبا من أهمية هذه الدراسة .
أما أسباب تأخير سنغاي نشأة ، وتطورا ، وشهرة ، فيرجع إلى وجوه ، منها : تجاهل تأريخ ما قبل الإسلام لأغراض كثيرة أهمها الزعم بأن غرب إفريقيا بل إفريقيا عامة لم تعرف أي نوع من الحضارة قبل الإسلام أو قبل الاحتلال الأوروبي ، والتأريخ لقيام الممالك الإسلامية بما بين القرن الرابع والحادي عشر الهجريين ، وتجاهل التأريخ الإسلامي قبل القرن الرابع الهجري ، بسبب عدم الدقة العلمية إما بالخلط في تأريخ غرب إفريقيا بين قبول الناس أفرادا للإسلام وبين اعتناق الملوك له ، ثم الخلط بينهما من جهة وبين قيام الحركات الإصلاحية الداخلية والخارجية (16) ، أو لنقص استقصاء المعلومات من مصادر عدة وموازنتها ، أو لظهور مصادر جديدة لم تعرف قبل تحتوي على معلومات قيمة ، ويرجع السبب – تارة – إلى التركيز في التأريخ لإمبراطورية سنغاي الإسلامية بمملكتها الرابعة التي أقامها آل أسكيا ، وإلى تشتيت شعبها في العصر الحديث بين عدة دول أكبر قبائلها في مالي ، والنيجر ، وبنين ، وبوركينافاسو ، وغانا ، وكون بعض الأجيال الحديثة من قبائلها لايربطها بالجماعات الأولى لغة ، لتشتتهم في عدد من الدول كغانا ، ونيجيريا ، وغينيا كوناكري ، وسيراليون ، وساحل العاج .. الخ ، وهم غير الهحرات المعاصرة التي استوطنت هذه الدول وغيرها بما يخرجنا عن موضوعنا لو أردنا الحديث عنها .
كيفية النطق بهذه الكلمة :
في البداية لابد من وقفة لغوية في كيفية النطق بكلمة سنغاي ، ذلك أن الاستعمال الشائع في الكتب الحديثة أوقع كثيرا من الباحثين في خطأ علمي يتمثل في قول بعضهم إن سنغاي من صنهاجة البربرية ، انطلاقا من اتفاقهما في بعض الحروف ، ومن الزعم بأن ملوك مملكتها الثانية من صنهاجة 0 سيأتي عن اليعقوبي أن مملكة صنهاجة كانت بين عدة ممالك خاضعة لمملكة سنغاي.
كما أن النطق الصحيح للفظ سنغاي يرد ذلك ، وهو أن تنطق بسين مضمومة بحركة (O) اللاتينية ، بعدها حرف مركب من نون وغين مخففين مع إطباق مؤخرة اللسان بالتجويف العلوي ، ينتج عنه غنة تخرج من الخيشوم ، يمد ذلك الحرف المركب منهما بفتحة قصيرة ، وهو حرف موجود فيعد من كلمات هذه اللغة .
تنوعت كتابات المؤرخين القدامي من أهلها وغيرها لهذا الحرف تقريبا له ككعت والسعدي وأحمد بابا بين سغي ، وسنغاي ، وصغي ، والجدير بالذكر أن محمود كعت صاحب الفتاش ذكر لتشكيل هذه الكلمة نحوا مما سبق يقول: ( قبيلة سغي بسين وغين مضمومتين ممالتين بعدهما ياء ساكنة ) (17).
ولايوجد لهذا الحرف المركب مقابل لا في العربية ولا في اللاتينية – أقصد الفرنسية والإنجليزية – ولذلك اضطر الساعون إلى كتابة اللغات الإفريقية بالحرف اللاتيني أو الحرف العربي المنمط إلى استحداث حرف يناسب الحرف والنطق المذكور أعلاه ، وهو في الأول g (18) أما في الحرف العربي المنمط لكتابة لغات الشعوب الإسلامية بالحرف القرآني المقترح من خبراء المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم " إسيسكو " فنجد استعمال حرف الغين منقوطا بنقطتين ( غ)مقابل الحرف اللاتيني السابق ، للدلالة على الحرف المذكور أعلاه في عدة لغات إفريقية كالسنغاوية ، والفولانية ، والسونينكية ، والصوصية ، والولوفية (19).
والغريب أنه يوجد الحرف نفسه في كلمة سوننكي ( السراكولية ) لكن لم تكتب إلا بنونين ، وهي مركبة من (so ay ) وحرف النسب ( كي ) بإمالة كسرة الكاف ومدها ، وهو للنسبة في اللغتين ، ومعناها فيهما كلتيهما : أهل سنغاي ، وأهل سوني ، وتستعمل الكلمة في لغة سنغاي لمعنيين آخرين ، وهما : وصف الشخص بأصالة نسبه في هذا الشعب ، وبالمهارة في أعمال السحر التي اشتهرت بها قبل الإسلام . (20).


الموطن الأصلي للشعوب السودانية :
يحتاج الأمر إلى تفصيل وتوضيح أكثر ، بسبب نسبته إلى اليمن ، أو النوبة ، أو شمال إفريقيا ، ويحتاج – أيضا – إلى بيان الأصل المشرقي لهذا الشعب ولكثير من الشعوب السودانية ، أهو الشرق بمعنى شرق الجزيرة العربية ، أم هو شرق إفريقيا والنيل .؟ تجدر الإشارة إلي أن هناك آراء تعود بالشعوب التي أقامت الإمبراطوريات الكبرى في غرب إفريقيا – أو تعود على الأقل بأصول أبرز الأسر المالكة فيها – كالسنغاي – والسوننكي ، والماندغ ، والهوسا ، والفلاتة ، واليوريا ، إلى اصول عربية من اليمن ، أو الحجاز ، أو المغرب (21) . وكذلك البرناويون والكانميون ، ففي حين تعد المصادر العربية الأولى مملكة كانم أول ممالك السودان الذين غربوا بعد عبور النيل وهم الزغاوة (22) , ويعدهما المسعودي مملكتين للسودان ، وكذلك ابن خلدون (23). يذكر البكري الزغاوة فقط (24).
وفي الأمر تناقض ، ولعل هذا التناقض أو الاضطراب هو الذي حدا بأحد الباحثين ليقول : ( إن ادعاء النسبة إلى الأصول الشرقية ( العربية ) بعد ظهور الإسلام أمر مألوف عند كثير من شعوب السودان الغربي والأوسط ، وهي الشعوب التي اشتهرت في التاريخ ، وكونت لها إمبراطوريات واسعة .. كل هذه أساطير غير مبنية على حقائق علمية ) (25) . في حين يقول ثان : ( معظم شعوب إفريقيا تشير إلي الشمال أو الشرق عند ما تسأل عن أصولها ومع ذلك فإنه منذ انتشار الإسلام أصبح الشرق واليمن المواطن التي تنتسب إليها العائلات الحاكمة ، خاصة لإظهار تفوقها ) (26). ويقول آخر : ( ومهما يكن من أمر فإن ادعاء النسب العربي ظاهرة في تاريخ الأسر الحاكمة أو الأفراد ، في الشرق والغرب الإسلاميين ، ومنه الصحيح وغيره ) (27).
ولاستعمال كلمتي المشرق والمغرب في بعض المصادر القديمة من غير تقييد أثر – أحيانا – في نشر هذا الادعاء وبالنسبة لسنغاي فإن المؤرخين السونغيين محمود كعت والسعدي يستعملان في كتابيهما " تاريخ الفتاش ، وتاريخ السودان " كلمتي المشرق Waina Honay والمغربWauna Ka of ay استعمالات أخرى غير شرق إفريقيا وغربها ، وغير المشرق والمغرب العربيين ، انطلاقا من استعمالهما في لغة سنغاي وسياق حديثهما ، وهو عندهما الجزء الشرقي والغربي لإمبراطورية سنغاي ، ولعل الله ييسر تتبع مواطنها عند مناقشة مفصلة لهذه القضية في مشروعات بحيثة لاحقة – إن شاء الله - .
ظل ذلك الاستعمال موجودا ومشتهرا قبل الاستعمار وإلى الآن في القاموس التعليمي الإسلامي العربي – غير المدارس النظامية – وبين خريجي كتاتيب تحفيظ القرآن بمنطقة غاو وتنبكتو وما حولهما ، حيث يقسم فيهما طلاب التعليم المذكور وكذلك العلماء حسب سكن المتكلم إلى مشرقي ومغربي ، فالمشرقي للذين درسوا في حلقات العلم وكتاتيب تحفيظ القرآن الكريم شرق مدينة غاو إلى النيجر وحدود بوركينا فاسو المتأخمة لها ، وإلى شمال نيجيريا ، والمغربي للواقع غرب مدينة غاو – تنبكتو ، وموبتي ، وجني – وكذلك لو استعملها ساكن في تنبكتو ، والتنافس بين الجماعتين شديد ، ولكل مميزاته وخصائصه ، واهتماماته العلمية (28) ، بل استعمل لفظ المشرق والمغرب في لغة سنغاي – قديما وحديثا – للدلالة على الإقليم أو ساكنيه ، فكلمة " هوسا " بمعنى المشرق ، صار علما على الشعب الذي يسكن في شمال نيجيريا منذ عرف في هذه المنطقة ، وعلى منطقتهم ، وينسب إليه بـ ( هوسانكي ) بكسر الكاف مع إمالة ، للدلالة على شخص من هذا الشعب ، ومقابله " غورمانكي" يطلق- إلى الآن – في اللغة نفسها على بعض سكان الجزء الغربي من بوركينافاسو ، وعلى منطقتهم ( فادن غورما) ومنه المشروع الكهربائي والنقلي المشترك بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو" لابتاكو غورما "
لذلك كله فالصحيح أن المقصود بالشرق الذي ترجع إليه أصول شعوب غرب إفريقيا هو شرق إفريقيا ، وبالتحديد شرق النيل في اراضي اثيوبيا ( حاليا ) الأصل الأول لكل شعوب الجنس الأسود ، فمنه انتشروا ، وعرفوا بأسماء كثيرة ، مثل : ( كوش ) عند الرومان ، و( إثيوبيا ) عند الإغريق ، و ( الحبشة والسودان ) عند العرب (29). ولإجماع المؤرخين على أن السكان الأوائل لكل شمال إفريقيا منذ العصر الحجري القديم ، وسكان الصحراء الأكثر قدما كانوا حتى العصر التاريخي في غالبيتهم سوداً ، أخذوا يتجهون إلى الجنوب بحثا عن أراض أكثر مياها ، فاستقرت المجموعات السودانية الكبيرة حول وادي النيل ، ونهر النيجر ، ونهر السنغال ، وسواحل المحيط الأطلسي وغيرها ، وكونوا عدة ممالك متعاقبة (30) ، والحقيقة العلمية التي أكدتها البحوث والدراسات الجغرافية والجيولوجية وغيرها هي أن المناطق الصحراوية الإفريقية حديثة التكوين ، وكان فيها وفي غيرها حضارات إفريقية من صنع الشعوب السودانية المعاصرة للحضارات المصرية وغيرها .(31).
وقد يفهم ذلك مما يرد في بعض المصادر العربية الاولى أكثر المصادر أهمية عن هجرة السودان إلى الغرب الإفريقي ، وتحديد بلادهم ومستقرهم ، وعن ممالكهم المشهورة ، كاليعقوبي وغيره.
يقول الإصطخري ( توفي 346هـ / 957م ) عن بلدان السودان إنها : ( عريضة إلا أنها قفرة قشفة جدا .. ويقال إنه ليس في أقاليم السودان من الحبشة ، والنوبة ، والبجة ، وغيرهم ، إقليم هو أوسع منه ، ويمتدون إلى قرب المحيط مما يلي الجنوب ، ومما يلي الشمال على مفازة ينتهي إلى مفاوز مصر من وراء الواحات ، ثم على مفاوز بينها وبين أرض النوبة ، ثم على مفاوز بينها أرض الزنج )(32) ويقول المسعودي ( ت 446 هـ ) : ( إن أرض الحبشة وسائر السودان مسيرة سبع سنين ، وأن أرض مصر كلها جزء واحد من ستين جزءا من أرض السودان ، وتتصل أقاصي السودان بآخر بلاد ولد إدريس بن إدريس بن عبدالله بن الحسن من أرض المغرب، وهي بلاد تلمسان وتاهرت ، وبلاد فاس ) (33) ، وبمثل هذا قال أبوعبيد عبدالله البكري ( ت 487 هـ ) (34).
ويقول زكريا القزويني ( 682هـ 1283م )عن بلاد السودان : ( هي بلاد كثيرة ، وأرض واسعة ينتهي شمالها إلى أرض البربر ، وجنوبها إلى البراري ، وشرقها إلى الحبشة ، وغربها إلى البحر المحيط ) (35).
وقد ورد ما يدل على ذلك النزوح والاستقرار ويؤكده عند اليعقوبي ( ت 282 هـ - 895م) (36) قوله وهو يتحدث عن أولاد كوش بن حام بن نوح ، وإن منهم الحبشة والسودان : إنهم لما عبروا النيل افترقوا فرقتين ، ( فقصدت فرقة منهم التيمن بين المشرق والمغرب ، وهم النوبة ، والبجة ، والحبشة ، والزنج ، وقصدت فرقة المغرب ( اي غرب إفريقيا ) وهم : زغاوة ، والحس ، والقاقو ، والمرويون ، ومرنده ، والكوكو ( سنغاي ) ، وغانه ) (37) ، وورد مثل ذلك عند أبي عبيد البكري (38).
والسؤال المهم فيما يتعلق بهذا الشعب وغيره ممن عبروا النيل متجهين نحو الغرب الإفريقي هو : اين استقروا ؟ استقروا في البداية في كل شمال إفريقيا حتى المحيط ، ثم نزحوا نحو الجنوب ، وقد تقدم البيان ، ومع ذلك لاتكاد تجد دولة قامت أو مملكة تأسست في جنوب الصحراء – إسلامية أو غير إسلامية – إلا ويتناقل معظم الباحثين المحدثين والمعاصرين أن من أقامها وافدون من غير السودان جاؤوا من الشمال أو الشمال الشرقي ، اعتمادا في أحيان كثيرة على أساطير ، فيقعون تارة في تناقض ، ويضربون تارة بعرض الحائظ ما في هذه المصادر العربية الأولى ، وتاريخ المنطقة قبل الإسلام ، والإجماع قائم على حاجة بعض المصادر القديمة إلى تدقيق علمي وتحقيق بسبب مايشوب النسخ المعروفة من تناقض لايخلو من تحريف تعرضت له بعد مؤلفيها (39) ، لكنها قبل الإسلام ( حضارات إفريقية الأصل والجذور ، ويمكن دراستها دراسة تحليلية لمقارنتها بالحضارات الأخرى القديمة التي كانت تزامنها ، وإن اختلفت معها في المكان ، اي مقارنة هذه الحضارات الإفريقية القديمة بغيرها من الحضارات الأخرى التي ظهرت في زمانها في مختلف قارات العالم الأخرى (40) وتمثل الإسلامية منها الحضارة الإسلامية التي يشاركها فيها – حيث وجدت – كل مسلم ايا كان جنسه أو موطنه .
أصل شعب سنغاي والوطن الأول له :
هذا الشعب من سكان الأنهر ، ولذلك فإنهم يلجأون – حيث نزلوا – إلي شواطئها والجزر ، ويمثل مع سكان سوننكي ( سراكولي أو ماركا ) أهم السكان الأوائل في غرب إفريقيا ، وعنهما تفرع أغلب السكان الحاليين (41) ، ماعدا الفلاته ومن هاجر إلى المنطقة بعد ، اي بعد الميلاد أو قبله بقليل (42).
وتفيد المصادر التاريخية الاولى وبعض المتأخرة التي تناولت جزءا من رحلة سنغاي أنهم عاشوا – قبل عبور النيل إلى الغرب – في جزيرة فيلاي أو فيله (L'ile de Philae ) جنوب أسوان عند الشلال الخامس ، حيث كانت المنطقة موطن الجماعات النوبية والأجناس السودانية الأخرى ، قبل التشتت بعد عبور النهر (43) ، وهذه الجزيرة مليئة – الآن – بالهياكل ، والمعابد ، والتحف الأثرية ، وكان وجودها في الجزيرة سببا في عدم بناء السد العالي بين أسوان ووادي حلفا ، كما أن هذه الجزيرة تعد إحدي الجزر المشهورة والناتئة كالهيسه ، وبيجا ، وعوارض ، الواقعة جنوب سد أسوان ، وتقسم مجرى النهر إلى قسمين أو أكثر (44).
كان لسنغاي أربع ممالك تزدهر تارة ، وتسقط أخرى فيسيطر غيرها على مناطقها وبرغم ذلك كانت أقدمها وأطولها عمرا ، يقول د. أحمد شلبي : ( دولة سنغاي من أطول الدول عمرا ، فقد بدأت بذورها ( اي المملكة الثانية منها كما سيأتي ) في القرون الميلادية الأولى ،وعاصرت إمبراطورية غانه ، وإمبراطورية مالي ، وانتهت غانه ومالي وبقيت سنغاي حتى سنة 1594م 1003 ) (45) ، وهو متأثر باليعقوبي وناقل عنه ، وحتى اليعقوبي فإن كلامه كما سيأتي إنما ينطبق على المملكة الثانية لسنغاي ، لأنها التي عاصر جزءا من عهدها ، ذكر اليعقوبي الممالك التي كونها السودان في الغرب الإفريقي بداية من غرب نهر النيل ، من بينها مملكة سنغاي ( سماها كوكو ) وغانه ، فقال : ( ... ثم مملكة الكوكو ، وهي أعظم ممالك السودان ، وأجلها قدرا ، وأعظمها أمرا ، وكل الممالك تعطي لملكها الطاعة ، والكوكو اسم المدينة ، ودون هذا عدة ممالك يعطونه الطاعة ، ويقرون له بالرئاسة على أنهم ملوك بلدانهم ، فمنهم مملكة المرو ، وهي مملكة واسعة ، وللملك مدينة يقال لها : الحيا ، ومملكة مردنة (46) ، ومملكة الهربر ، ومملكة صنهاجة ، ومملكة (ذكر ) (47) ، ومملكة الزيانير ، ومملكة أرور (48) ، ومملكة تقاروت (49) فهذه كلها تنسب إلى مملكة الكوكو ، ثم مملكة غانة ، وملكها – أيضا – عظيم الشأن ، وفي بلاده معادن الذهب ، وتحت يده عدة ملوك ، فمنهم مملكة : عام ، ومملكة سامه ، وفي هذه البلاد كلها الذهب) (50).
أما المسعودي ( ت 346 هـ ) فذكر افتراقهم بعد عبور النيل وقال : ( فسارت طائفة منهم ميمنة بين المشرق والمغرب وهم : النوبة ، والبجة ، والزنج ، وسار فريق منهم نحو المغرب ، وهم أنواع كثيرة ، نحو الزغاوة ، والكانم ، ومركه ، وكوكو ، وغانه ، وغير ذلك من أنواع السودان) (51).
وفي موضع آخر يذكر منهم ( الكوكو ، وبهم سميت المملكة التي هي أعظم السودان ، وأجلها قدرا ، وكل ملك لهم يعطي ملك الكوكو حق الطاعة ، وتنسب إلى الكوكو ممالك كثيرة ، ومملكة غانه – أيضا – عظيم الشأن ، ويتصل ببلاد معادن الذهب ، وبها منهم أمم عظيمة .. وتحت ملك غانه عدة ملوك وممالك كلها فيها الذهب ظاهر على الأرض ) (52).
أما أبوعبيد البكري( ت 487 هـ ) فذكرها على النحو الآتي ( فمن المشرق النوبة ، والبجاة ، والزنج ، والحبشة ،ومن المغرب الزغاوة ، والمفافوا ، ومركة ، وكوكو ، وغانة ، وغيرهم ) (53).
ممالك شعب سنغاي :
عرف لهذا الشعب أربع ممالك ، بل الأولى والثانية ممالك ، والأخريان إمبراطوريتان ، وهي :
الأولى : قبل الميلاد بعدة قرون ، حدد بعض الباحثين المعروف منها ببداية القرن السابع قبل الميلاد ، وأن إليها ترجع بداية أوسع الحالات التي عولج فيها تاريخ هذا الشعب ، ودرست فيها السرد السياسي لإمبراطوريته (54)، وحدده باحث آخر بأربعة آلاف سنة قبل الميلاد ، بناء على تحديد المؤرخين لما قبل التاريخ المكتوب بهذا العدد من السنوات (55) ، فإن الإنسان بنى الحضارة قبل الكتابة ، كما نطق قبلها ، ولأن الباحث الأول إنما ركز على بداية أوسع حالات المعالجة للتاريخ السياسي لهذا الشعب ، ولم تبدأ بذورها في القرون الميلادية الأولى ، كما يقول د. شلبي (56) ، ولا بالقرن الرابع الميلادي ، كما يذهب أحد الباحثين (57).
ومهما يكن من أمر فإن ملوكها عندئذ هم أجداد الملوك المتأخرين الذين يراد لهم أن يرجع أصلهم إلى عرب اليمن ، أو الحجاز ، أو المغرب ، ثم يختلف في تحديد زمن وصولهم إلى حوض نهر النيجر بين قائل بالقرن الرابع الميلادي ، وبالقرن الخامس الميلادي ، وثالث بالقرن السابع الميلادي ، وآخر بالقرن التاسع الميلادي .
بتأييد التاريخ باربعة آلاف سنة أو قريب منه برواية المصادر العربية الأولى عن الهجرات السودانية التي عبرت نهر النيل ثم تفرقوا مشرقا ومغربا وجنوبا . ويتأيد – ايضا – بالرواية الشفوية التي لاتزال متداولة بأن هذا الشعب اشتهر في وثنيته بالسحر وأن بعض سحرتهم من مدينة كوكيا – بنتيا حاليا (58) كانوا ضمن سحرة فرعون الذين حشرهم من المدائن ليتحدى بهم موسى عليه السلام ، كما قال تعالى : ( قالوا أرجه وأخاه وأبعث في المدائن حاشرين ) ( الشعراء 36 ) وقد ذكر السعدي ذلك في تاريخه (59).
فليس بمستبعد أن يكون بعض أولئك السحرة الذين آمنوا بموسى أو ذرياتهم قد عادوا إلى موطنهم الأصلي مدينة كوكيا بإفريقيا الغربية (60) . كما كان طريق القوافل التجارية وتبادل الرحلات والاتصالات بين شرق إفريقيا وغربها وكذلك شمالها قبل القرن السابع الميلادي سالكا (61).
ولايغرنك زعم الإصطخري أن بلدان السودان ( ليس لها اتصال بشيء من الممالك والعمارات إلا من وجه المغرب لصعوبة المسالك بينها وبين سائر الأمم ) (62)، لأنه يتناقض وماذكره هو نفسه من قبل عن امتداد بلدانهم إلى قرب البحر المحيط مما يلي الجنوب ، واتصالها بواحات مصر (63). وكلاهما يتناقض وماذكره عن السودان في مقدمة كتابه (64) ، ثم كيف تكون لهم ممالك معروفة – كما قال هو نفسه (65) ولاتقوم على شيء مما ينتظم الممالك والعمارات ؟ ولأن من استثناهم من السودان المقاربين للممالك السودانية الغربية المعروفة التي وصفها بما تقدم هم – أيضا – من السودان كالحبشة والنوبة باعترافه هو ، وليست متاخمتهما للروم ومصر ، ولا كونهما على الديانة النصرانية (66) ، سببين لاستثنائهما ، لأن كثيرا من ممالك السودان الغربية كانت معروفة قبل الميلاد برغم وثنيتها(67 ) وفوق ذللك كله فإن أصحاب المصادر العربية القديمة قبله ، والمعاصرين له ، والذين بعده ، ينقضون ماذهب إليه ، كاليعقوبي:( ت 282 هـ ) ،والمسعودي ( ت 346 هـ ) والمهلبي( ت 380 هـ ) ، والبكري ( ت 487 هـ )
كان شعب سنغاي في مملكته الأولى وثنيا ، تكون في بدايات تاريخه حول نهر النيجر من ثلاث مجموعات متناحرة ، هي : سركو sorko أي صيادو السمك ، وغوي GWAI وهم القناصون ، والفري ALFARAI وهم المزارعون ، ويطلق عليهم – ايضا – غاب غوي كي GABI GOY KAI أي الايدي العاملة أو الممتهنون للمهن التي تحتاج إلى قوة بدنية ، اختصر هذا التركيب إلى غاب بمعنى القوة ، ثم حرفت دلالته في عهد الاحتلال المغربي إلي " غا ، ب " كلمتين : " غا " بمعني الجسد ، و " ب " بمعنى الأسود ، في لهجة تنبكتو السنغية للتمييز بين ذوي البشرة السوداء من السكان الأصليين وبين المجموعة المغربية .
وقد تبادلت هذه الجماعات الثلاث السيادة في كوكيا العاصمة الأولى قبل الميلاد ، وكانت مشهورة ومزدهرة في عام 300م (68) ، توحدت بعد أن انضمت هجرة أخرى من شرق إفريقيا إلى دندي ( شمال ووسط جمهورية بينين حاليا ) وكانت حاضرتها مدينة جوغو ، ولايبعد أن يكون من هذه المدينة – أيضا – سكان جزيرة " زوغو أو زوغوا " الغربية على نهر النيجر ، التي تذكرها بعض المصادر العربية الأولى في مدن غانه ، ولايعبر الناس إليها إلا في القوارب(69) ، على عادة الهجرات البشرية في تسمية مواطنهم الجديدة بأسماء مواطنهم الأصلية ، وهذا قد يفسر – من ناحية – تعدد مواقع بعض المدن في بعض المصادر التاريخية القديمة كـ ( كوكو ، وتكرور ، وسلي (70) ، حتى قال أحد الباحثين عن كوكيا : ( ولايعرف موقعها بالضبط ، وإنما يمكن أن يقال إنها تقع في المنطقة الشمالية الغربية من حدود نيجيريا الحاليا ) (71) ، وقد تقدم أنها تقع جنوب مدينة غاو بحوالي 150 كيلو متر ، وتعرف – الآن- ببنتيا .
انتقل سلطان سنغاي إليها بعد توحد الجماعات الثلاث وقتل السمكة الآلهة التي كانوا يعبدونها ، في الجزيرة التي كان يقدم لها فيها القرابين ، ولاتزال باسمها : تورو ( بضمتين ممالتين o ) غونغو TORO GOUNGO وينطق – أيضا – بـ تورا غنغو TORA GOUNGO وتقع جنوب مدينة غاو ، وإليها ينسب اسكيا محمد ، فيقال : توري TORI إذ فيها ولد ، وعاش قبل الانتقال إلى العاصمة .
وعلى هذه الهجرة الأخيرة من دندي إلى كوكيا يحمل قول أغلب المؤرخين بأن سنغاي هاجرت من دندي ، إذ من عهدها توحدت جماعاته تحت سلطة واحدة ، وإلا فلا يخفى أن السوركو والغوي أسبق بسبب مايقتضيه عملهما – صيد السمك والصيد البري – من التنقل إلى مسافات بعيدة ، ومن استكشاف مناطق غير معهودة لزيادة الصيد .
وليس دندي المنطقة التاريخية لسكنى شعب سنغاي التي ارتبطت به (72)، بدليل أن مدينة ( كبي KEBI إحدى المدن القديمة بشمال نيجيريا سميت باسم أول من سكنها ،وكان من أهل سنغاي ، وزوجته من أهل كاشنه ) (73) ، وهي أسبق بلاد الهوسا – كما يقول أحمد بابا التنبكتي – إلى ميدان الحضارة والعمران ، لوقوعها على طريق القوافل بين تنبكتو وغاو وبين برنو ومصر ، صارت هي وبرنو وزكزك بلادا إسلامية في القرن الخامس الهجري بعد أن كان الإسلام قد انتشر فيها طوعا بالتدرج قبل ذلك بزمن بلا غزو ولا استيلاء (74) ، ولهذا لايبدو من الدقة القول بأن الإسلام لم يدخل ولاية كاشنه إلا في القرن الخامس عشر الميلادي وبفضل بعثة تبشيرية من مصر (75) ، لأن هذا القول يتناقض وأسبقيتها تاريخيا ، وكونها أولى إمبراطوريات الهوسا ، ومركزا تجاريا على طريق القوافل بين منطقتين للإسلام فيهما حضور وظهور قبل هذا التاريخ .
كما أن شعب سنغاي أسس – أيضا – مملكة كاتوكا ،وهي كاشنه القديمة ، وزنفرة ، وبوسه في شمال نيجيريا ، وويزغونغو (76).
وأنشأ هذا الشعب في طريق هجرته من الشرق الإفريقي عدة ممالك أو دولاً في السودان الأوسط ، فقد توصل إبراهيم صالح يونس إلى أن عاصمة برنو الأولى – اي قبل ميدغري – هي كوكو (77) . ومن الأدلة على ذلك أنه نشأت في برنو مدينة عظيمة ، اسمها " كوكاوا " ، ومعناه بلغة الهوسا الكوكيين ، نسبة إلى أهل كوكيا ،( وتقلبت عاصمة مملكة برنو وكانم بين كانم وكوكاوا ) (78) ، وقد اتخذ الشيخ محمد الأمين الكانمي ( ت 1835 م) مدينة " كوكاوا "مقرا له عام 1814م ، بعيدا عن سلطان برنو أحمد دونمه الذي جاهد معه ،وتمكن الشيخ بشجاعته وبأسه من مساعدته في إخراج الفلانيين من عاصمة برنو مرتين ، ومن هذه المدينة – أيضا – أخذ الكانمي يراسل الشيخ عثمان بن فودي الذي رأى فيه وفي جهاده ببلاد الهوسا وبرنو صورة السياسي الذي لايؤمن إلا بالحديد والنار ، لا صورة الفقيه المتواضع ، والعالم الورع ، وذلك قبل أن يسير الكانمي نفسه سيرته في الجمع بين العلم والجهاد وإقامة السلطة ، والدفاع عن برنو وكانم ، ومن سلالته الأسر الحاكمة لبرنو الملقبين بالشيخ إلى اليوم (79 ).
ومن الممالك التي أنشأها هذا الشعب في السودان الأوسط في طريق هجرته مملكة أخرى في إفريقيا الوسطى ، اثبت الباحث د. سيكو حامدو ، من جمهورية النيجر أن سنغاي هم سكانها الأولون ، من خلال دراسة لغوية مقارنة تناولت تشابه المفردات ، واتفاق مدلولاتها بين لغة سنغاي ولغة سانغو SANGO في جمهورية إفريقيا الوسطى (80).
يؤيدهم جميعا أن اليعقوبي في نصه السابق ذكر المرويين في شعوب السودان الذين اتجهوا إلى غرب النيل ، ذكر مملكة المرو في الممالك التي يعطي ملوكها الطاعة لملك سنغاي ، ويقرون له بالرئاسة على أنهم ملوك بلدانهم ( 81) .
ومن ثم قال د. أبوبكر : ( من أهم الحكومات التي قامت قبل الإسلام – أو بتعبير أدق قبل الميلاد –مملكة سنغاي ، وهي أقدم مملكة ظهرت في غرب إفريقيا على الإطلاق ، وتشير جميع المصادر الأجنبية منها والإسلامية إلى أن الممالك السودانية التي قامت في السودان الغربي قبل الإسلام – أو على الاقل واحدة من تلك الممالك- ترجع في أصولها إلى مملكة سنغاي (82).
نزحت أفراد وجماعات منهم متجهة إلى الغرب فاستقرت في دندي وأغدس في جمهورية النيجر – حاليا – ثم في كوكيا – ثم غاو ، وأنشأوا ممالك كان آخرها وأوسعها إمبراطورية سنغاي الإسلامية ، التي شملت كل غرب إفريقيا الحالية ، أما التي قبل هذه الأخيرة فقد اشتهرت في المصادر العربية الأولى بـ " كوكو" الذي كان يطلق على المملكة ، وعلى عاصمتها ، وعلى الشعب نفسه (83) .
من أشهر زعماء هذه المملكة السنغية الاولى فاران ماكا بوتو FARAN MAKA BOTO الذي أسس مدينة غاو عام 690 ميلادي لتصبح العاصمة بدل كوكيا (84) , لأن موقعها يتوسط المملكة وعلى مقربة من طرق القوافل الرئيسة المتجهة شرقا وشمالا، ولم تكن هي نفسها كوكو أو كوكييا ، كما قال أحد الباحثين (85) ، ولا أول عاصمة للمملكة ، وليس زاكسي هو الذي أنشأها عام (1010م) ، كما قال آخر (86).
اتسعت المملكة واتسع نفوذ شعبها ( أكبر اقبائل الإفريقية التي كانت حول حوض النيجر ولاسيما عند ثنيته شمالا ، وفي القرن السابع الميلادي كانت مساكنها تمتد حوالي 1450 كيلو متر ) (87)، انتهت هذه المملكة في القرن الاول الهجري (88) .
وليس صحيحا أنها عاشت وثنية حتى سنة 400هـ 1009م (89 ) ، يقول د. مهدي رزق الله : ( أما عن دخول الإسلام في دولة سنغاي القديمة بصفة عامة فيقال : إنه وجد في عهد مبكر يرجع إلى سنة 81 هـ 770م ، ولم يذكر لنا التاريخ الذي بين أيدينا شيئا مفيدا إلا أن أول ملك مسلم كان يسمى زاكسي ) (90) .
لقد كان دخول الإسلام في سنغاي بصفة عامة في وقت مبكر ، في النصف الأول من القرن الأول الهجري في الوقت نفسه الذي دخل فيه مصر ، يقول د. السر سيدأحمد العراقي : ( المعروف أن الإسلام قد بدأ ينتشر في بلاد السودان الغربي منذ حوالي منتصف القرن السابع الميلادي ، اي بعد فتح مصر وشمالي إفريقية ) (91) ، ويقول د. عبدالفتاح الغنيمي : ( والإسلام في غرب إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى قديم قدم الفتح الإسلامي لمصر ، وايضا الدعوة الإسلامية كذلك )(92).
ومما يؤيدهما أن طرق القوافل والاتصالات – كما تقدم – كانت سالكة بين شرق إفريقيا وغربها قبل القرن السابع الميلادي .
والقول بدخول الإسلام في سنغاي بصفة عامة سنة 81هـ إنما يؤكد الخلط في كثير من كتب التاريخ لغرب إفريقيا بين إسلام الشعب أو أفراد منه وبين إسلام الملك ثم تحول مملكته إلى إسلامية (93). هذا الطور الثاني إنما يمثل انتشار الإسلام بين الأهالي وتدفقه في المنطقة على نطاق واسع مما جعل ملوك دولها الذين لما يسلموا يفكرون في الإسلام (94) ، وفي أكثر الحالات كان إسلام الحكام – كما قال د. عزالدين موسى – نهاية المطاف لا بداية للظاهرة (95) ، ويقول عن النمط الخامس من أنماط انتشار الإسلام في غرب إفريقيا ، وهو : حاكم غير مسلم والإسلام فاش بين رعيته ومؤثر في دولته مثل غانه ، يقول : ( وأغلب الظن أن هذا النمط يمثل التحول التدريجي البطيء من مجتمع ودولة غير مسلمتين إلى مجتمع مسلم أولا ، ثم دولة مسلمة أخيرا ، فجاءت أسلمة الدولة بعد المجتمع ، وربما كان حال كوكو قبل القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي علي هذه الصفة ، وهي عاصمة سنغي ، وخارج نطاق تأثير الحركة المرابطية ) (96).
ثم يقول : إن انتشار هذه الظاهرة في غرب إفريقية مقارنا بما كان في صحراء المرابطين يؤدي إلى السؤال الآتي : هل كانت المنطقة بحاجة لنشر الإسلام فيها خاصة وأن ظاهرة هذا الانتشار وفي الفترة ذاتها ، تمت في الوقت ذاته في مناطق بعيدة عن تأثيرات قبائل المرابطين مثل كوكو ( سنغي) وبلاد الهوسا ، وأرض الكانم!! ... أو هل كانت بحاجة إلى أن يكون انتشاره بالسيف كالذي ينسب للمرابطين وحلفائهم التكرور ؟ (97).
المملكة الثانية لسنغاي :
عايشت – في بعض عهودها – بداية الإسلام الذي انتشر بين ملوكها ، أسستها أسرة " زا" والمعروف من ملوكها واحد وثلاثون ، أسلم منهم أكثر من سبعة عشر ملكا ، منذ القرن الأول الهجري ، كلهم ملقبون بـ ( زا) ويغلب على كتب التاريخ للمنطقة القول بأن اول من أسلم منهم هو الخامس عشر ، واسمه " زاكسي " (98) ، ويبدو أنه غير صحيح ، لأن الملك السادس من هؤلاء يسمي" زا علي " ويبعد أن يكون اسمه إسلاميا من غير أن يكون مسلما ، وبخاصة أن دعوى كون أصلهم من اليمن غير مسلم به ، ويردها حتى مدلول هذا اللقب في لغة سنغاي .
فلعل الصحيح أن يكون بعض هؤلاء قد اعتنق الإسلام من القرن الاول الهجري لكن لم يحظ الأمر بكتابته كما حظى أمر " زاكسي " (99 ) للسبب الذي سيأتي ، والمهم أن " زا علي " هذا كان ملكا في أوائل القرن الثاني الهجري حوالي سنة 135 هـ (100) .
أما سبب التوهم بأن " زاكسي " هو أول من أسلم ، وأن من عداه ماتوا على الوثنية ، فهو توهم أن هؤلاء ماتوا جميعا قبل البعثة النبوية ، وقد يرجع القول به إلى الجهد الكبير الذي بذله " زاكسي " في توطيد الإسلام في مملكة سنغاي ، إذ أصدر مرسوما ملكيا عام 400 هـ يمنع غير المسلم من تولي الملك في سنغاي ، وقد التزم بعده بالقرار ، وقاموا بنشر الإسلام ، بالدعوة والجهاد حتى سقوط المملكة الأخيرة لهذه الإمبراطورية ، عام 1003 هـ 1594 م (101)، وإذا صح أن" زا علي " كان ملكا في القرن الثاني الهجري فإن دولته تكون عايشت دولة أوكار الغانية التي سقطت عام 154هـ 770م حين ثار عليهم حكام السوننكي (102 ).
يتفق ما تقدم عن " زاكسي" وما ذكره البكري ( ت 487 هـ ) من أن سنغاي – وهم أهل كوكو – لايملكون عليهم أحدا من غير السملمين ، وإذا ولي الملك دفع إليه خاتم ، وسيف ومصحف(103).
يقول ياقوت الحموي : ( كوكو ، وهو اسم أمة من السودان ، قال المهلبي ( ت 380 هـ ):كوكو من الإقليم الأول ، وعرضها عشرة درج ، وملكهم يظاهر رعيته بالإسلام ، وله مدينة على النيل(نهر النيجر) من شرقيه اسمها سرناة ، بها أسواق ومتاجر ، والسفر إليها من كل بلد متصل ، وله مدينة علي غربي النيل ، سكنها هو ورجاله وثقاته ، وبها مسجد يصلي فيه ، ومصلى الجماعة بين المدينتين ، وله في مدينته قصر لا يسكنه معه أحد ، ولا يلوذ فيه إلا خادم مقطوع ، وجميعهم مسلمون ، وزي ملكهم ورؤساء أصحابه القمصان والعمائم ، ويركبون الخيل أعراء ( أي من غير سرج (104) ، ومملكته أعمر من مملكة زغاوة ، وبلاد زغاوة أوسع ، وأموال أهل بلاده الأموال والمواشي ، وبيوت أموال الملك واسعة ، وأكثرها الملح ) (105).
وتحدث المسعودي ( ت 346 هـ ) في كتابه ( أخبار الزمان ) عن السودان وتفرقهم بعد عبور النيل ، ثم قال متأثرا باليعقوبي : ومنهم( الكوكو ، وبهم سميت المملكة التي هي أعظم السودان وأجلها قدرا ، وكل ملك لهم يعطي ملك الكوكو حق الطاعة ، وتنسب إلى الكوكو ممالك كثيرة ، ومملكة غانة – أيضا – عظيم الشأن ، ويتصل ببلاد معادن الذهب ، وبها منهم أمم عظيمة .. وتحت ملك غانة عدة ملوك ، وممالك كلها فيها الذهب ظاهر على الأرض ) (106).
لذلك كان طبيعيا – كما يقول أحد الباحثين – أن يكون أهل سنغاي اعتنقوا الإسلام قبل غيرهم من السودانيين والطوارق ،أضف إلى ذلك أنه كان لبرقة والقيروان أثر في انتقال التأثيرات الإسلامية إلى هذا الجزء من بلاد السودان ، إذ كانت تربطهما بـ ( كوكييا ) العاصمة الأولى لسنغاي طريق صحراوي مرورا بـ ( تادمكة ) والدعاة يتادونها (107) ، ونظرا لموقعها الممتاز ، وأهميتها التجارية ، فإنها محطة تجارية ، وارتبطت بعلاقات تجارية وثيقة مع التجار المسلمين القادمين من الشمال والشمال الشرقي ، وكذلك مع بلادهم الإسلامية والممالك المجاورة لها (108) ، ولايمكن أن يكون دور سنغاي في نشر الإسلام بغرب إفريقيا – لا في هذا العهد ولا في الذي بعده – هو المرحلة الرابعة من مراحل نشر الدعوة الإسلامية في إفريقيا السوداء ، كما يذهب د. طرخان (109).
وقد عاصر المؤرخ اليعقوبي(ت 282 هـ 895 م ) هذه المملكة الثانية لسنغاي ، ووصفها على أيامه ، إذ يقول – وهو يذكر ممالك السودان الغربي -: (..... ثم مملكة الكوكو ، وهي أعظم ممالك السودان ، وأجلها قدرا ، وأعظمها أمرا ، وكل الممالك تعطي لملكها الطاعة ، والكوكو اسم المدينة ، ودون هذه عدة ممالك يعطونه الطاعة ، ويقرون له بالرئاسة على أنهم ملوك بلدانهم) ، وقد رأيت أنه لما أحصى منها ثماني ، ووصف بعضها بأنها واسعة ، أضاف : ( فهذه كلها تنسب إلى مملكة الكوكو )بل إنه لما وصف مملكة غانا ، وعظمها ، وما تحتها من ملوك ، لم يصفها بما وصف بها مملكة سنغاي ، ومالها من السيطرة ، والسعة ، والعظمة ، وتبعية غيرها لها ( 110).
وفي ذلك ( دليل واضح على أنها كانت في تلك العصور متفوقة على جميع الممالك في السودان الغربي في القوة الاقتصادية ، والقوة العسكرية ، والقوة الإدارية ، والقوة السياسية ، والقوة الفكرية ، إلى غير ذلك ) (111) ، حتى قال الحسن الوزان ( ت 957هـ 1550 م ) في مبالغة واعتداد باكتشافاته : ( إن المؤرخين الذين سبقوه – كالبكري ، والمسعودي – لايعرفون شيئا عن بلاد الزنوج ما عدا منطقتي كوكيا وكانو ، أي المنطقة الممتدة بين نهر النيجر وبحيرة تشاد (112) ، وقد رأيت فيما تقدم خضوعها لشعب سنغاي .
والحق أن المسعودي ، والبكري ،والإدريسي ، والعمري ، والحموي ، وابن بطوطة ، وغيرهم كثيرون يمدوننا – خلافا لما ذكره الوزان – بمعلومات مهمة تتعلق بغيرهما وبخاصة غانه وتجارتها وعاداتها الاجتماعية وغيرها ، لكن كلام الوزان يأتي من جانب آخر تأكيدا لما وصف به اليعقوبي والمسعودي سنغاي من الشهرة والصيت ، والسعة والعظمة ، وكلام اليعقوبي والمسعودي من أقوى الأدلة على ما هدفنا إليه في هذه الدراسة من دراسة تحليلية ، وقراءة فاحصة موضوعية لإعادة دراسة ترتيب الإمبراطوريات الكبرى بغرب إفريقيا ، في عصورها الإسلامية أم في غيرها ، ومن تلك الأدلة ( قد بدأ ظهور دولة غانا في القرن الاول الميلادي ) (113) ، وترجيح عدد من الباحثين قيام مملكة غانه في القرن الثالث الميلادي ( 300م ) (114).
سقطت هذه المملكة الثانية بعد سقوط غانه بحوالي خمس وثمانين سنة ، أو تزيد ، فقد سقطت غانه عام 638هـ 1240م (115) ، وكان ساكورة الذي ملك مالي بين عامي (684 0 700 هـ ، 1285 – 1300م ) قد غزاها وضمها إلى مالي (116) ، لكنها استقلت ثم سقطت على يدي منسا موسى الذي سيطر عليها لعشر سنوات بين عامي 1325 – 1335م .
ومن المسلم به أن المملكة الثالثة لهذه الإمبراطورية ، والتي تأسست عام (735هـ - 1335 م ) لايمكن أن تكون المقصودة بكلام اليعقوبي والمسعودي ، لأنهما لم يدركاها بدليل تاريخ وفاتهما ( 282هـ ، 346 هـ ) فلم يبق إلا أن تكون المقصودة هي المملكة الثانية .
يتأكد من كل ما تقدم أن جعل مملكة غانا ومالي الإسلاميتين وغير الإسلاميتين أقدم من مملكة سنغاي خطأ تاريخياً تناقلته الكتب ، وفي نص اليعقوبي والمسعودي تصحيح له ، وهو صريح في أن هذه المملكة في طورها الثاني لم تكن صغيرة ولا مغمورة ، وتبرز قيمة شهادتهما في أنهما معاصران لبعض عهودها .
أما الإدريسي ابوعبدالله محمد بن محمد عبدالله ( ت 560 هـ ) فيقول في وصف عاصمة هذه المملكة : ( ومدينة كوكو مدينة مشهورة الذكر من بلاد السودان ، كبيرة .. ثم إن ملك كوكو ملك قائم بذاته ، خاطب لنفسه ، وله حشم كبير ، ودخلة كبيرة ، وقواد وأجناد ، وزي كامل ، وحلية حسنة ، وهم يركبون الخيل والجمال ، ولهم بأس وقهر لمن جاورهم من الأمم المحيطة بأرضهم) (117).
فهل يكون لها هذا الاستقلال ، والقوة ، والسيطرة على الأمم المجاورة لأرضهم من الطوارق ، والماندنغ ، والفلاتة ، والموسي .. الخ ، ثم تكون في الوقت نفسه إقليما من أقاليم مالي ، كما يذكر ابن خلدون ( ت 808 هـ ) والقلقشندي اللذان عداها الإقليم الرابع في مالي ؟ (118 ).
لكن ماذا عن قول فضل الله العمري ( ت 749 هـ 1349 م ) عن ملك مالي : ( هو أعظم ممالك السودان ، وملكها أعظم ملوك السودان المسلمين، وأوسعهم بلادا ، وأكثرهم عسكرا ، وأشدهم بأسا ، وأعظمهم مالا ، وأحسنهم حالا ، وأقهرهم للأعداء ) (119 ) ، وبه تأثر د. إبراهيم طرخان حين قال : ( تعد دولة مالي أقوى وأغنى الدول الإفريقية التي ظهرت في السودان الغربي ) ؟ (120).
إذ لاشك في أنهما يقصدان الدول التي كانت معاصرة لها ، فلا يعارض به نص اليعقوبي ونحوه ، ويختص بعهد منسا سليمان الذي حكم بين عامي (741 – 761 هـ - 1341 – 1360 م) وقد عاصره العمري بدليل قوله قبل عن مملكة مالي : ( وملكها – الآن- اسمه سليمان ، أخذ السلطان موسى منسا بيده ما كان جمعه أخوه مما فتحه من بلاد السودان ، وأضافه إلى الإسلام ) (121).
يوافق هذا العهد فترة خضوع مملكة سنغاي لمنسا موسى ، لأن اليعقوبي متقدم على العمري بحوالي خمسة قرون ، ولأنه ذكر غانه من أقاليم مملكة مالي ، وهي إنما قامت بعد سقوط غانه ، وقد يكون المقصود بغانه – هنا – المدينة التي ضمت إلى مالي (122).
المملكة الثالثة لهذه الإمبراطورية :
تأسست عام (735 هـ - 1335م ) ، وملوكها أسرة سني ، أو " شي " ، ومؤسسها هو سني علي كولن وأخوه سليمان نار ، أبنا " زا ياسبي" بعد تخلصهما من أسر ملك مالي منسى موسى ، فقد كانت العادة أن يأخذ الملك المنتصر بعض أبناء الملك المهزوم رهائن لديه ، ضمانا لبقاء سيطرته على بلادهم ، والمعروف من ملوك هذه المملكة الثالثة واحد وعشرون ملكا (123) ، خلافا لمن جعل عددهم عشرين (124) ولمن جعله تسعة عشر (125).
يقول د. الغنيمي عن هذه المملكة الثالثة لإمبراطورية سنغاي ، وسماها بـ ( سنغاي الإمبراطورية الإسلامية " : ( لقد كان عام 1335 م 735 هـ عاما حاسما في تاريخ سنغاي ، إذ كان هذا بداية لظهور سنغاي كإمبراطورية إسلامية قوية وعظيمة الشأن في غرب القارة الإفريقية ، بل هي الإمبراطورية الوحيدة في السودان الغربي ، إذ كان هذا العام بداية هدم دولة مالي بزعامة سني علي كولن وأخيه سليمان نار ) (126) ، وفي عهد سني علي الكبير (1464 – 1492 م ) الذي عد أول إمبراطور لها شملت هذه المملكة معظم غرب إفريقيا من المحيط غربا ، وإمارات الهوسا شرقا ، ووسط الصحراء شمالا ، وبلا الموسى جنوبا (127) استمرت حتى عام 1492 م ، فدام حكمها أكثر من قرن ونصف ( حوالي 157سنة ).
المملكة الرابعة والأخيرة لهذه الإمبراطورية :
هي التي أنشأتها أسرة أسكيا الثانية بين عامي (1493 هـ - 1594م ) ، وإنما قلت الثانية ، لأن الثابت أن اسكيا محمد الكبير ليس أول من استعمل هذا اللقب ، بل كان معروفا قبله ، وليس معناه – أيضا – المغتصب ، أو لا يكون الملك .. ولا يسمح الوقت بتفصيل القول فيه ، ويرده – أيضا – المدلول اللغوي لهذه الكلمة في لغة سنغاي ، وكلمات أخرى قريبة منها في الحروف ، حسب نطق بعض قبائل سنغاي مختلفة عنها في الدلالة ، ولقد استنكر صاحب الفتاش بشدة القول بأن اسكيا محمد الكبير أول من تلقب به ، ووعد بدحضه ، لكنه غفل ، أو سقط من النسخة التي بين أيدينا (128 ) ، وما يقال عن هذا اللقب يقال – أيضا – في تفسير وتعليل لقب " زا " والعودة به إلى اليمن ، إذ الحق أنه سنغي ، وله مدلوله في لغتهم ، ومناسبة إطلاقه على أول ملك تلقب به .. إلخ .
تولي مقاليد الحكم في هذه الإمبراطورية الإسلامية أساك مستقلون عددهم ثلاثة عشر ، دام حكمهم نحو قرن ، ثم أساك صنعهم الاحتلال المغربي ، وعددهم تسعة (129 ) ( وتمثل المرحلة التي بلغ فيها انتشار الإسلام واستقراره بالمنطقة عصره الذهبي ) (130).
لعل هذه الإمبراطورية هي التي يقصدها من قال : ( أقام شعب سنغاي الإفريقي أعظم إمبراطورية إسلامية أواخر العصور الوسطى ( القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي ) فاقت في سعتها وامتداد أطرافها إمبراطوريتي غانه ومالي الإسلاميتين ، حتى قيل إن أحد طرفيها لايعلم شيئا عن الطرف الآخر هل هو في حرب أم في سلام ) (131) .
دامت مايزيد على قرن ( حوالي 101سنة ) ، شملت فيه كل غرب إفريقيا الحالية ، من المحيط غربا حتى بحيرة تشاد شرقا ، وجنوبا من دولة بينين – حاليا – وما جاورها حتى أواسط الصحراء شمالا ، اللهم لك الفضل أولا وآخرا ، ولك الحمد والشكر .

الخاتمة :
هكذا تكون هذه الدراسة قد بينت للقارىء الكريم أسباب الترتيب المعتاد للإمبراطوريات في غرب إفريقيا ، والباحثون بين مضطرب ومتناقض ، وقل قليلة جدا مخالفة ، رسخ لديك بالأدلة والبراهين أن إمبراطورية سنغاي أقدم الإمبراطوريات في غرب إفريقيا ، فهي أقدم من غانا ومالي معا ، نشأة ، وتطورا ، وشهرة ، ( وآخر وأكبر الممالك والإمبراطوريات الإفريقية في هذه المناطق خلال فترة العصور الوسطى ) (132).
كانت بممالكها الأربع – أو بمملكتين وإمبراطوريتين – أطول الإمبراطوريات عمرا ، وأعظمها ازدهارا وقوة ، وسعة وحضارة ، وأشملها لغرب إفريقيا بشعوبه وقبائله المتعددة لغة ، والمندمجة تاريخيا عبر الأجيال والمتفقة دينا في غالبيتهم .
نشأت الأولى قبل الميلاد بأكثر من عشرة قرون على الأقل ، وسقط آخرها في العقد الأخير من القرن السادس عشر الميلادي ، دخلها الإسلام في النصف الاول من القرن الأول الهجري ، ( عاصرت غانه وإمبراطورية مالي ، وانتهت غانه ومالي وبقيت سنغاي حتي 1003 هـ 1594 م )(133).
شهدت في آخر عهدها الثاني فترات ضعف وسقوط ، خضعت فيها لسلطان مالي منسا موسى مدة عشر سنوات ، ثم قامت مملكتها الثالثة التي حكمها السنيون ، ثم الرابعة التي حكمها الأساكي ، وسقطت على يد الجيش المغربي المطعم بقادة نصارى من الأسبان والبرتغال – أو كما يسميهم ديتر بوليم فرقة من المرتدين الأسبان ، وسماهم تيرمنغهام بجيش من الأوروببيين بعضهم أسرى وبعضهم مرتزقة (134) فشهدت المنطقة تدهورا دينيا وثقافيا ، وسياسيا ، واقتصاديا ، واجتماعيا ، زاد الطين بلة الاحتلال الفرنسي والإنجليزي لغرب إفريقيا – كتبه هارون المهدي ميغا في 30/3/1427 هـ .

الهوامش :
1- انظر : تاريخ اليعقوبي 1/193 – 194 ، وإمداد الصحوة الإسلامية بخلاصة تاريخية موجزة محررة عن إمبراطورية سنغاي الإسلامية ، د. جبريل المهدي ميغا 37- 38 -74 ( غير منشور ).
2- انظر : الحركة العلمية والثقافية الإصلاحية في السودان الغربي ، د. ابوبكر إسماعيل ميغا ص 10 حاشية 1 ، وص 23 ، 274 ، ط 1 ، عام 1417 هـ 1997م ، وبحث : تجارة القوافل بين شمال وغرب إفريقيا واثرها الحضاري ، د. السر سيد أحمد العراقي ، ص 175 ، ضمن كتاب ( تجارة القوافل ودورها الحضاري حتى نهاية القرن التاسع عشر لجماعة من الباحثين ) معهد البحوث والدراسات العربية التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، بغداد ، عام 1404 هـ - 1984م
3- الحركة العلمية والثقافية /9
4- موسوعة التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ، د. أحمد شلبي 6/101 ، ط 1 ، عام 1973م ، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة .
5- انظر : تاريخ إفريقيا السوداء من أمس إلى غد ، جوزيف ، كي زيربو 1/205 ، ترجمة يوسف شلب الشام ، من منشورات وزارة الثقافة السورية ، دمشق عام 1994م
6- موسوعة التاريخ الإسلامي 6/102- 103 بتصرف
7- المرجع السابق 6/121
8- إمبراطورية غانة الإسلامية د. إبراهيم طرخان /8 ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، عام 1390 هـ - 1970م
9- المرجع السابق /13
10- المرجع نفسه / 15 ، وانظر مصادره ومراجعه في حاشية 1 من الصفحة نفسها ، وانتشار الإسلام في القارة الإفريقية د. حسن إبراهيم حسن / 97 ، ط 3 ، عام 1984م ، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة .
11- دولة مالي الإسلامية ، د. إبراهيم طرخان / 25 وانظر : انتشار الإسلام في القارة الإفريقية / 102
12- أمبراطورية سنغاي الإسلامية ، د. إبراهيم طرخان/5
13- يقول : ( كانت غانا أقدم الدول التي قامت بغربي إفريقية ، ثم تلتها مالي ومن بعدها سنغاي ) حركة التجارة والإسلام / 156 . و( تاريخ دولة غانا هو أول حلقات التاريخ القومي لغربي إفريقية ، فهي أول دولة قامت بالسودان الغربي ، ولعلها أول تجربة أو أقدم ما عرف من تجارب الحكم الوطني الناجح بتلك البلاد ) المرجع السابق / 159 ، وانظر : 160 و ( إذن فقد كان السبب في ازدهار هذه الدولة وبقائها أكبر مدة ممكنة دون غيرها من تلك الدول الإفريقية التي كانت تلمع ثم تنطفىء أنها قامت على أسس اقتصادية سليمة ) السابق / 166، وقال عن مالي /: ( تعد أقوى وأغنى الدول الإفريقية التي ظهرت في إفريقية الغربية ) ص 193 ، وانظر : 194 ، 240
14- انظر : تاريخ إفريقيا السوداء 1 / 9- 10
15- المرجع السابق 1/51
16- انظر : انتشار الإسلام في غرب إفريقيا حتى القرن السادس عشر الميلادي ، د. عزالدين موسى ص 44 – 45 ، ضمن بحوث ندوة العلماء الأفارقة ومساهماتهم في الحضارة العربية التي نظمتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في الخرطوم 28- 30 يوليو / تموز عام 1983م ، وانظر : التفصيل في كتابه : دراسات إسلامية غرب إفريقية / 24 – 31 ، ط 3 عا 1424 هـ 2003 م ، دار الغرب الإسلامي، بيروت ، وموسوعة التاريخ الإسلامي 6/114 ، 123 -124
17- انظر : تاريخ الفتاش لمحمود كعت / 25
18- انظر : دليل كتابة لغة سغاي بالحروف اللاتيني : Guide transcription et de lecture du Sofay طبع D.N.A.F.L.A بوزارة التربية الإساسية في مالي ، بماكو عام 1995م بمساعدة الكنيسة النرويجية ، وفي ص 6 من هذا الكتاب جدول للحروف السنغية مثل (g ) وكيفية نطقه ، والتمثيل بكلمة gaa ، ومعناها كل .
19- انظر : جدول الحروف المفردة ضمن بحث : كتابة لغاة الشعوب الإسلامية بالحرف القرآني المنمط ، د/ مصطفي محمد علي ، الإسلام اليوم ، من منشورات إسيسكو عام 1983م
20- ممن تناول العلاقة وهذه الدلالات أخي د. جبريل ميغا في كتابه الذي لم ينشر ( إمدادالصحوة ) وهذه العلاقة بعض الأدلة علي أن سوننكي فرع من سنغاي لا العكس ، يقوي هذا التفرع استعمال السوننكي لألقاب معروفة النسبة إلى سنغاي مثل " ساكو" فقرى أهل هذا اللقب لاتزال معروفة بـ " ساكو ميغا " وهي موجودة في إقليم كاي غرب جمهورية مالي وفي السنغال . وتقام بحوث لغوية ، وجنسية ( علم الاجناس ) في مالي لدراسة القرابة بين هذين الشعبين ، للتشابه الكبير بينهما في أمور كثيرة ، ومنها ماهو لغوي في المفردات ودلالاتها ، وماهو عادات وتقاليد وفنون شعبية .. إلخ ، اسال الله أن يوفقني لدراسة مفصلة عن هذه العلاقة بعد أن أتمكن من الحصول على مراجع أخرى تثري الموضوع .
21- انظر : الإسلام في نيجيريا والشيخ عثمان بن فوديو الفلاني ، آدم الالوري/ 29 ،32 ط 3 عام 1398هـ 1978م ، وحركة التجارة والإسلام / 170 ، 551
22- انظر : تاريخ اليعقوبي 1/ 193
23- انظر / مروج الذهب ،1/ 329، وتاريخ ابن خلدون / 2478 – 2479
24- انظر / المسالك والممالك 1/242
25- الحركة العلمية والثقافية / 11.
26 – تاريخ إفريقيا السوداء 1/ 118
27 – حركة التجارة والإسلام / 471
28- ومن الطريف أن معظم جيلي في الجزء الغربي من قريتي فورغو سنغاي ،وهو ممبريا ، ممن درسوا في إحدى هاتين الحلقتين ، واذكر أنني في إجازتي الصيفية عام 1978م تقريبا أقمنا في هذا الجانب من القرية مباراة في كرة القدم بين الجماعتين وكنت من المشرقيين لأن تعليمهم الأولي كان في الكتاتيب المنتشرة في الأقاليم السابق ذكرها .
29- انظر : المنهل ، مجلد 58 عدد 583 ص 178 – 181 ( مفهوم مصطلح السودان عبر التاريخ ) أ.د. مصطفي خوجلي ، والإسلام في ممالك وإمبراطوريات إفريقيا السوداء ، دسون جوزيف ، 38 ، ترجمة مختار السويفي ، ط 1 ، عام1404هـ - 1984م ، دار الكتاب المصري ، القاهرة ، وموسوعة التاريخ الإسلامي 6/ 140
30- انظر: تاريخ إفريقيا السوداء 1/116 – 117 ، 118 – 119 ، والحضارات الإفريقية ، دنيز بوليم /13 ، 26 – 27 ، والحضارة الإسلامية في المغرب ، الحسن السائح/53 ، دار الثقافة ، الدار البيضاء ، وإمداد الصحوة / 62 .
31- انظر : الإسلام في ممالك وإمبراطوريات إفريقيا ، دوان جوزيف / 29 ، 30 ، 34
32- المسالك والممالك لأبي إسحاق الإصطخري تحقيق د. محمد جابر الحين / 34 – 35، من مطبوعات وزارة الثقافة والإرشاد القومي ، الإدارة العامة للثقافة ، الجمهورية العربية المتحدة ، القاهرة عام 1381 هـ 1961م
33- مروج الذهب ومعادن الجوهر للمسعودي ، اعتنى به وراجعه كمال حسن مرعي 1/127 ، المكتبة العصرية ، بيروت عام 1425 هـ - 2005م
34- انظر ، المسالك والممالك للبكري ، تحقيق د. جمال طلبة 1/242 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1 1 ، عام 1424 هـ - 2003 م
35- آثار البلاد للقززيني / 24 ، طبعة صادر ، بدون .
36- انظر : تاريخ اليعقوبي أبي أحمد بن ابي يعقوب 1/191 طبعة دار صادر ، بيروت ، عام 1421 هـ - 1992م
37 – المصدر السابق 1/193 – 194
38- انظر : المسالك والممالك 1/242
39- انظر على سبيل المثال : الجزء السادس من موسوعة التاريخ الإسلامي ومراجعة عن سوننكي ص 103 ، وعن سنغاي ص 122- 123 ، وعن حكام إمارات الهوسا ص 128 – 129 ، وعن اليوربا ص 133 ، وعن برنو وكانم ص 136 ، 139 ، وانظر تاريخ إفريقيا السوداء 1/11 – 15
40 – الإسلام في ممالك وإمبراطوريات إفريقيا السوداء / 15 ، وانظر : تاريخ إفريقيا السوداء 1/ 116 – 130
41- على خلاف بين عدد من المؤرخين المعاصرين حول تفرع الماندنغ عن سوننكي ، أو العكس ، أو اختلافهما ، انظر : الإسلام في ممالك وإمبراطوريات إفريقيا /48 ، وتاريخ إفريقيا السوداء 1/172 ، والعلاقات بين المغرب الأقصي والسودان الغربي في عهد السلطتين مالي وسنغي ، الشيخ الأمين عوض الله / 42 ، ط 1 ، عام 1399 هـ 1979م ، دار المجمع العلمي بجدة .
42- استقر الفولاتة في المنطقة مجاورين للقبائل الأخرى على دفعتين ، الأولى في مطلع العصر المسيحي حين جاءت من الشمال إلي تنبكتو وماسنه ، والأخرى حين استقروا في إقليم فوتا على نهر السنغال وغامبيا في القرن التاسع الميلادي ، انظر : إمبراطورية الفولانيين ، د. ابراهيم طرخان / 100 ، 105 ، والحضارات الإفريقية ، دنيز بوليم / 85
43- انظر : ثقافة سنغاي ، عناصر الحل الإفريقي ص 3- 4 للاستاذ الدكتور هاشم عمر ميغا ، قدم في مهرجان آداب وثقافة سنغاي الذي أقيم في مالي 22 مايو 1999م ، بحث بالفرنسية وعنوانه :
Culure Songhy : Elements d, Interration Africaine .Prewent Par: Hassimi Oumarou Maiga , Psychosociologue , Professeure ISFRA,BAMAKO-MALI
44- انظر: نهر النيل ، د. محمد عوض محمد ، ص 125 ط 5 عام 1962م مكتبة النهضة المصرية .
45- موسوعة التاريخ الإسلامي 6/246
46- الحرف الذي يلي الدال غير منقوط في المطبوع ولعله مرندة التي ذكرها اليعقوبي مع الكوكو وغانة وغيرهما ، انظر : تاريخ اليعقوبي 1/191 ، أو " مركة " التي ذكرها المسعودي والبكري ضمن ممالك السودان ، أنظر: مروج الذهب 1/329 ، والمسالك والممالك 1/242.
47- كلمة غير منقوطة في المطبوع .
48- لعلها مملكة أزور ، نسبة إلى جبل قريب منها انظر : المسالك والممالك2/373 ، وقد ذكر في موضع آخر أن أزور جبل على مسيرة ثلاثة أيام في الطريق بين تأمدلت وأودغست ، ويقال : إنه متصل بجبل نفوسة من جبال طرابلس ، ثم رجح أنه جبل درن الذي ينبعث منه وادي درن ، انظر : المصدر السابق 2/341- 342.
49- الحرف الأول غير منقوط في المطبوع ، ولعله " تاقيروت " وهو نهر لطيف يتبع مدينة أغمات ، انظر : المسالك والممالك 2/338 – 339 سميت به في بعض العصور مملكة قامت بجانبه.
50- تاريخ اليعقوبي 1/193 – 194
51- مروج الذهب للمسعودي 2/ 175
52- أخبار الزمان للمسعودي / ط 2 ، عام 1386 هـ 1966م ، دار الأندلس بيروت.
53- المسالك والممالك 1/242 ، وانظر : 248
54- انظر / مملكة سنغاي في عهد الأسقيين ، عبدالقادر زيادية ص 7
55- انظر : إمداد الصحوة الإسلامية ص 38
56- انظر / موسوعة التاريخ الإسلامي 6/ 121
57- انظر : انتشار الإسلام د. حسن إبراهيم حسن/54
58- تبعد حاليا عن مدينة غاو بحوالي 150 كيلومترا – تقريبا – جنوبا .
59- انظر : تاريخ السودان للسعدي /4
60- انظر : الحركة العلمية والثقافية /8
61- انظر: حركة اللغة العربية وآدابها في نيجيريا د. شيخو أحمد سعيد/ 17 ، دار المعارف بالقاهرة ، بدون ، ومجلة دراسات إفريقية عدد 1 رجب 1405 هـ أبريل 1985م ص 101 ، بحث / انتشار اللغة العربية في بلاد غربي إفريقية عبر التاريخ ، د. السر العراقي .
62- المسالك والممالك للإصطخري /35
63- انظر : المصدر السابق والصفحة .
64- قال : ( ولم نذكر بلد السودان في المغرب والبجة والزنج ومن في أعراضهم من الأمم ، لأن انتظام الممالك بالديانات والآداب والحكم وتقويم العمارات بالسياسة المستقيمة ، وهؤلاء مهملون لهذه الخصال ، ولاحظ لهم في شيء من ذلك فيستحقون به إفراد ممالكهم بما ذكرنا به سائر الممالك) المصدر السابق / 16
65- انظر : المصدر السابق والصفحة
66- انظر : المصدر السابق والصفحة
67- انظر : تاريخ إفريقيا السوداء 1/ 116- 130
68- انظر : امبراطورية سنغاي / 8
69- انظر : المسالك والممالك للبكري 2/365 ، والمغرب في ذكر بلاد إفريقيا والمغرب للبكري / 177 ، طبع مكتبة المثني ، بغداد .
70 – انظر : تاريخ ابن خلدون/ 2479 ، وصبح الأعشي 5/283 ، 285 ، 286 ، 292 ، والمغرب في ذكر بلاد إفريقيا / 172 ، والروض المعطار / 134 ، 319 ، وتاريخ إفريقيا السوداء 1/ 170
71- انظر : انتشار الإسلام في القارة الإفريقية / 109 ،وحركة التجارة والإسلام / 225
72 – انظر : امبراطورية سنغاي /7
73- موجز تاريخ نيجيريا ، آدم الألوري / 77 ، دار مكتبة الحياة بيروت عام 1965م
74- الإسلام في نيجيريا / 31 ، 32 بتصرف ، نقل ذلك عن مخطوط ، " ضياء السياسة " لعبدالله بن فوديو ، وموسوعة التاريخ الإسلامي 6/286
75- انظر : موسوعة التاريخ الإسلامي 6/132 ،281
76-انظر : ثقافة سنغاي ( مرجع سابق ) /6 ، والإسلام في نيجيريا / 24
77- انظر : تاريخ وحياة العرب في إمبراطورية كانم برنو ، مجلة كلية الآداب الخرطوم 1390 هـ -1970م ، نقل ذلك عنه د. مهدي رزق الله في كتابه ، حركة التجارة والإسلام ص 720 حاشية 3 ، وتاريخ إفريقيا السوداء 1/214 ، 231
78- الإسلام في نيجيريا / 64
79- انظر : الثقافة العربية في نيجيريا من 1750م إلى 1960م عام الاستقلال ، د. علي أبوبكر /92- 93 – 94 ، والإسلام في نيجيريا / 64 .
80 – انظر / بحث ثقافة سنغاي ص 7
81- انظر / تاريخ اليعقوبي 1/191 ، 193 -194
82- الحركة العلمية والثقافية / 10 – 11
83- انظر : تاريخ اليعقوبي 1/193 – 194 ، وأخبار الزمان للمسعودي / 88 – 89 ، والمسالك والممالك للبكري 1/243 ، 2/369 ، 372 – 273 ، ونزهة المشتاق في اختراق الآفاق لأبي عبدالله محمد بن محمد الإدريسي 1/28 ، طبعة جامعة نابولي ، ايطاليا ، بدون ، ومادة " كوكو " في معجم البلدان لياقوت الحموي ، تحقيق فريد الجندي 4/562 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ط 1 ، عام 1410 هـ - 1990م.
84- ثقافة سنغاي /7
85- انظر : مسووعة التاريخ الإسلامي 6/269
86- انظر : الإسلام في ممالك إمبراطوريات إفريقيا /81
87- حركة المد الإسلامي في غرب إفريقيا ، د. عبدالفتاح الغنيمي / 106 ، مكتبة نهضة الشرق ، جامعة القاهرة ، عام 1985م .
88- انظر : إمبراطورية سنغاي ، د. إبراهيم طرخان / 76
89- انظر : تاريخ السودان للسعدي/2 ، وموسوعة التاريخ الإسلامي 6/121 ، 123 – 124 – 246 – 257 ، وحركة التجارة والإسلام / 226 ، والعلاقات بين المغرب الأقصي والسودان الغربي /66، وتاريخ المسلمين في إفريقيا ومشكلاتهم ، د. شوقي عطا الله الجمل ود. عبدالله عبدالرازق إبراهيم/ 92 ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، القاهرة ، عام 1996م ، والإسلام والسملمون في غرب إفريقيا د. عبدالرحمن زكي/49 ، مطبعة يوسف ، بدون .
90 – حركة التجارة والإسلام / 231
91- دراسات إفريقية ، عدد 1 ص 104 ( مرجع سابق )
92- حركة المد الإسلامي / 182
93- انظر : تفصيل القول في القضية في : دراسات إسلامية غرب إفريقية ، د.عزالدين عمر موسي /24 – 31
94- انظر: حركة المد الإسلامي في غرب إفريقيا / 109 ،116
95- دراسات إسلامية غرب إفريقية / 30 – 31 بتصرف
96- المرجع السابق / 29
97- المرجع السابق / 31 بتصرف
98- انظر : تاريخ السودان / 2 ، وإمبراطورية سنغاي د. طرخان /12، 14 ، ودور المرابطين في نشر الإسلام في غرب إفريقيا ، د. عصمت دندش /127 ، وانتشار الإسلام في غرب إفريقيا /64 ، ودائرة المعارف الإسلامية 12/265 ( في هذا الأخير أن الحادي عشر هو الذي أسلم واسمه كوساي ) ، وحركة التجارة الإسلام / 226 ، وتاريخ إسلام إفريقيا الغربية ( بالفرنسية ) جوزيف كيوك / 133
99- انظر التفاصيل في : إمداد الصحوة ، ص 78
100- انظر : المرجع نفسه ، ص 495
101 – انظر / المرجع السابق ، ص 460 – 464
102 – انظر : حركة التجارة والإسلام / 163
103- انظر : المغرب في ذكر بلاد إفريقيا والمغرب ، للبكري ص 183 ، والمسالك والممالك للبكري ص/372 -373
104- يقال : اعروريت الفرس إذا ركبته عريا ليس بين ظهره وبينك شيء ، وفرس عري ليس على ظهره شيء ، وأفراس أعراء ورجال عريان ، ولايقال رجل عري ، انظر : مادة " عري ، عرو " في كتاب العين للخليل الفراهيدي( طبعة مرتبة وفقا للترتيب الألفبائي ) دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ط 1 عام 1421 هـ 2001م، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس ، تحقيق شهاب أبو عمرو ، دار الفكر العربي ، بيروت ، ط 6 ، عام 1415 هـ ، 1995م
105- معجم البلدان للحموي 4/562، نقله عن كتاب المهلبي" المسالك والممالك : وهو كتاب مفقود ، نقله عنه من بعد المهلبي، لم يوجد منه إلا القطعة التي نشرها د. صلاح الدين النجد ، في مجلة معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية ، مجلد 4 ، ج 1 ، مايو 1958 ، 1377 هـ ، وليس فيها الجزء المتعلق بالسودان .
106 – أخبار الزمان للمسعودي / 88 – 89
107- انظر : الإسلام والمجتمع السوداني / 102 – 103 – 105
108- انظر : الإسلام في ممالك وإمبراطوريات إفريقيا/ 82 ، وحركة المد الإسلامي في غربي إفريقيا ، د. عبدالفتاح الغنيمي / 108 .
109- انظر : إمبراطورية سنغاي / 16
110- تاريخ اليعقوبي 1/ 193- 194
111- إمداد الصحوة / 74
112- انظر: وصف إفريقيا للحسن الوزان 2/159، ترجمة عن الفرنسية د. محمد حجي ود. محمد الخضر ، ط2 ، عام 1983م ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، ومملكة سنغاي في عهد الأسقيين / 87 ، 136
113- حركة التجارة والإسلام / 161
114- انظر : الإسلام والثقافة العربية في إفريقيا ، د. حسن أحمد محمود 1/225 ، ط 2 عام 1963 ، دار النهضة العربية ، القاهرة ومملكة سنغاي في عهد الأسقيين /17 ، وحركة التجارة والإسلام / 161- 162 ، أما د. شلبي فيرى أن ظهور غانه يرجع للقرن الأول للميلاد ، وعاشت عشرة قرون في حياة الوثنية ، وأن سنغاي بدأت في القرن السابع الميلادي ، انظر: موسوعة التاريخ الإسلامي 6/ 101 ، ولا يؤيده ما تقدم بيانه .
115- انظر : حركة التجارة والإسلام / 163
116- وقيل : إن الذي غزاها هو سغمانجا ، أحد قواد منسا موسى ، انظر : تاريخ ابن خلدون المسمى كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر 2/2479 ، ط 1 ، عام 1424 هـ 2003م ، دار ابن حزم ، بيروت .
117- نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ، الإدريسي ، 1/28 ، طبعة جامعة نابولي ، إيطاليا ، وقد ورد هذا – أيضا – عند الحميري ( ت 727 هـ ) انظر : الروض المعطار في خبر الأقطار ( معجم جغرافي ) محمد بن عبدالمنعم الحميري/ 502 ( مادة كوكو ) تحقيق د. إحسان عباس ، ط 2 ، عام 1984م ، مكتبة لبنان ، بيروت ، ونقل عنه القلقشندي ، انظر: صبح الأعشي 5/285 ، نسخة مصورة عن المطبعة الأميرية بدون .
118- انظر : تاريخ ابن خلدون 2/2479، وصبح الأعشي 5/285
119- مسالك الأبصار في ممالك الأبصار للعمري4/59- 60
120- دولة مالي الإسلامية / 25، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، عام 1973م
121- مسالك الابصار للعمري 4/59
122- انظر : صبح الأعشى في صناعة الإنشا ، القلقشندي 5/284
123- انظر : تاريخ السودان /3 ، 6 ، وإمداد الصحوة / 461- 463
124- انظر : إمبراطورية سنغاي د. طرخان / 79
125- انظر : الحركة العلمية والثقافية / 12
126-حركة المد الإسلامي في غرب إفريقيا / 111
127 – انظر : تاريخ إفريقيا السوداء 1/237 ، وموسوعة التاريخ الإسلامي 6/262
128- سأتناول – إن شاء الله – التفاصيل في دراسة عن دلالات ألقاب هؤلاء الملوك ، وانظر: الفتاش ص 45 – 46 ، وإمداد الصحوة ، ص 40 – 45
129- انظر : إمبراطورية سنغاي / 23 ، 880 – 85
130 – مملكة سنغاي في عهد الأسقيين / 12
131- إمبراطورية سنغاي ، د. طرخان / 5
132- الإسلام في ممالك وإمبراطوريات إفريقيا / 86
133- موسوعة التاريخ الإسلامي 6/121 ، وحركة التجارة والإسلام / 226
134- انظر : الحضارات الإفريقية ، بوليم /73 ، وموسوعة التاريخ الإسلامي 6/272 ، والعلاقات بين المغرب الأقصى والسودان الغربي/ 119 ، ومن الغريب أن ينساق د. عزالدين موسي وهو من هو وراء الذين ينفون أن يكون الغزو المغربي سببا أساسا في سقوط هذه الإمبراطورية ، بإسقاطات وأهواء ، لعل الله ييسر مناقشة مستفيضة لآرائهم التي ضربوا فيها بعرض الحائط الحقائق التاريخية ، انظر كتابه : دراسات إسلامية غرب إفريقية ص 83 ، 87 ، 102، دار الغرب الإسلامي ، بيروت / ط 2 عام 1424 هـ - 2002م ، ومن أولئك القوم د. عبدالهادي النازي في بحثه : " المغرب في خدمة التقارب الإفريقي العربي " ص 106 – 107 ، 108- 116 ، في كتاب العلاقة بين الثقافة العربية والثقافة الإفريقية لجماعة من الباحثين ، أعده للنشر د. يوسف فضل حسن ، وأصدرته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم تونس 1985م ،ود. علي القاسمي في بحثه " العلاقات بين المغرب وإفريقيا جنوبي الصحراء كيف نفسر أحداث التاريخ ؟ مجلة التاريخ العربي ( المغرب ) عدد 5 شتاء 1418 هـ - 1998 م ص 249 – 257 وغيرهم أما من عرض للأسباب الحقيقية للغزو ولآثاره السيئة على المنطقة من جميع النواحي فمنهم : السعدي صاحب تاريخ السودان ، ود. محمد عبدالله النقيرة في بحثه : العلاقات السياسية بين المغرب الأقصي وإمبراطورية سنغي بغربي إفريقيا في القرن العاشر / السادس عشر ، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالأحساء ص 640 – 642 ، عدد 1 سنة 1 عام 1401هـ - 1402 هـ ، والشيخ الأمين عوض الله في كتابه العلاقات بين المغرب الأقصي والسودان الغربي / 114- 122 ، ود. محمد ألفا جالو في رسالته للماجستير : الحياة العلمية في دولة سنغاي / 307 – 336( رسالة ماجستير في الحضارة والنظم ، جامعة أم القري ، كلية الشريعة ، قسم الدراسات العليا التاريخية والحضارية ، عام 1413 هـ - 1993 ود. ابوبكر اسماعيل ميغا في : الحركة العلمية والثقافية والإصلاحية / 236- 258، ود. جبريل المهدي ميغا في : إمداد الصحوة الإسلامية بخلاصة تاريخية / 329- 341 – ود. مهدي رزق الله في : حركة التجارة والإسلام /236 ، وغيرهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق