الخميس، 30 مايو 2013

الكنية..بدايتها..ومميزاتها..في الحضارة الاسلامية

الكنية..بدايتها..ومميزاتها..في الحضارة الاسلامية .


1 ـ أصل الكنية :

قال ابن الأثير : بلغني أن سبب الكنى في العرب كان :
أن ملكا من ملوكهم الاول ولد له ولد توسّم فيه أمارات النجابة فشغف به ، فلما نشأ وترعرع
وصلح لان يؤدَّب أدب الملوك ، أحب أن يفرد له موضعا بعيدا من العمارة يكون فيه مقيما يتخلق
أخلاق مؤدّبيه ، ولا يعاشرمن يضيع عليه بعض زمانه ، فبنى له في البرية منزلا ونقله إليه
ورتب له من يؤدبه بأنواع الآداب العلمية والملكية ، وأقام له ما يحتاج من أمر دنياه
ثم أضاف إليه من هو من أقرانه وأضرابه من أولاد بني عمه وامرائه ليواسوه ويتأدبو
ا بآدابه بموافقتهم له عليه .
وكان الملك على رأس كل سنة يمضي إلى ولده ، ويستصحب معه من أصحابه من له عند ولده ولد ، ليبصروا أولادهم ، فكانوا معه إذا وصلوا إليهم سأل ابن الملك عن أولئك الذين جاءوا مع أبيه
ليعرفهم بأعيانهم ، فيقال له : « هذا أبوفلان ، وهذا أبوفلان » يعنون آباء الصبيان الذين هم عنده
فكان يعرفهم بإضافتهم إلى أبنائهم
فمن هنالك ظهرت الكنى في العرب ، ثم انتشرت حتى صاروا يكنون كل إنسان باسم ابنه .

ويقال قد يكون أصل استعمال الكنية عند العرب لاخفاء أسمائهم ، لانهم كانوا امة قبلية تعيش
حالات الحروب والغارات ، فربّما اتخذوا الكنى ـ في بداياتها ـ ليخفوا وراءها شخصياتهم المعروفة
ـ عادة ـ بالاسماء ، ثم تبلورت إلى أداة معبرة عن الاشخاص ، وتميزت بخصوصيات اخرى .
ويؤيد هذا الاحتمال : أن اللغويين فسروا الكنية بالستر ، كما سيجيء .

والكنى لها شأن عجيب، وهي من الموضوعات الممتعة والطريفة، وفيها أشياء مفيدة. فالكنية مأخوذة من الكناية، وهي: التعريض بالشيء دون التصريح باسمه، فعادة الناس أنهم قد يعرضون بالشيء، ولا يصرحون بذكر اسمه، فهذا يسمى كناية أو كنية، فالكنية مشتقة من الكناية. والكنية معروفة عند العرب، حتى كان العرب يكنون الصبي من يوم أن يولد، فيسمونه ويكنونه في نفس الوقت، بخلاف العجم والفرس، فإنهم كانوا لا يستخدمون الكنية بل يستخدمون اللقب، كما سيأتي في موضوع الألقاب. وكانت العرب تتيمن بتكنية الولد تفاؤلاً بأنه سيطول عمره حتى يتزوج وينجب ويسمي، وهذا فأل حسن، وورد الشرع به، فهو محمود، كما أنهم كانوا يقولون: كنوا أولادكم -أو بادروا أولادكم بالكنى- حتى لا تغلب عليهم الألقاب، لأنهم يرون أن الإنسان إن لم يكنى، فإنه قد يلقب، وهذا موجود الآن في كثير من مجتمعاتنا، لا تكاد تجد صغيراً ولا كبيراً إلا له لقب، واللقب: هو شئ يعتبر به، ويكون غالباً من الألقاب المذمومة غير المحمودة، فالكنية هي البديل الشرعي لهذه الألقاب المكروهة التي يتداولها الناس، خاصة في البيئات والمجتمعات الريفية -في القرى والأرياف والمدن الصغيرة- حيث يكثر التلقيب بالأسماء المكروهة، والكنية هي البديل الشرعي، كأبي فلان أو ما أشبه ذلك.

2 ـ حقيقة الكنية :

قال الجرجاني : الكنية : ما صدر بأب أو أم أو ابن أو بنت .
وقال الشيخ الرضي : الكنية هي : الاب ، أو الام ، أو الابن ، أو البنت ، مضافات
نحو : أبوعمرو ، وام كلثوم ، وابن آوى ، وبنت وردان
وقال ابن الأثير : لما كان أصل الكنية أن تكون بالاولاد ، تعين أن تكون بالذين ولدوهم
كأبي الحسن ، في كنية علي بن أبي طالب عليه السلام .
فمن لم يكن له ابن ، وكان له بنت ، كنوه بها .
ومن لم يكن له ابن ولا بنت ، كنوه بأقرب الناس إليه كأخ واخت وعم وعمة وخال وخالة .
وجروا في كنى النساء بالامهات هذا المجرى في الكنى بالاولاد .
وقد يكنى في الصغر تفاؤلا لان يعيش حتى يصير له ولد اسمه ذاك .

التكنية بالبنوة :

قال ابن الأثير : وكذلك فعلوا في إضافة الابناء والبنات إكراما واحتراما لهم بإضافتهم إلى
آبائهم مع ترك أسمائهم .

تكنية الحيوان :
قال ابن الأثير : وأجروا غير الأناسيّ مجراهم في ذلك ، لما شارك الناس ـ في الولادة
ـ باقي الحيوانات ، كنوا ما كنوا منها بالآباء والامهات ، كأبي الحارث : للاسد ، وام عامر : للضبع ، وأجروها في ذلك مجرى الأناسيّ .

تكنية الجمادات :
قال ابن الاثير : فلما تجوزوا في إجراء الحيوانات العجم مجرى الناس في الكنى والابناء ، حملوا عليها بعض الجمادات فأجروها مجراها فقالوا : أبوجابر : للخبز ، وام قار : للداهية
وابن ذكاء : للصبح ، وبنت أرض : للحصاة .

ـ أقسام العلم :
العلم من ما يسمى في النحو « المعارف » وهوينقسم إلى اسم وكنية ولقب

قال ابن مالك الأندلسي :
اسم يعين المسمى مطلقا * علمه كجعفر وخرنقا
____________

واسمــا أتــى وكنيــة ولقبــا * . . . . . . . . . . . . . . .

الاسم : ما لا يقصد به مدح ولا ذم (وإنما يراد به مجرد تعيين المسمى) .
واللقب : هو اللفظ الذي يدل على مدح أو ذم .
وأما الكنية : فما كان فيه أحد أدوات الكناية من : أب ، وام ، وقيل : وابن ، وبنت ـ أيضا .

وقال أبوالبقاء : العلم : إن كان مصدرا بأب أو ام فهو « كنية » وإن لم يصدر بأحدهما
: فإن قصد به التعظيم أو التحقير فهو « اللقب » وإلا فهو « اسم » .

وبعض أهل الحديث يجعل المصدر بأب أو ام ، مضافا إلى اسم حيوان أو وصفه كنية ، وإلى غيرذلك لقبا .

والشيء ـ أول وجوده ـ تلزمه الاسماء العامة ، ثم تعرض له الاسماء الخاصة كالآدمي ، إن ولد سمي به
ـ ذكرا كان أو انثى أو مولودا أو رضيعا ـ وبعد ذلك يوضع له الاسم ، والكنية ، واللقب .

وقال : ويجوز اجتماع الثلاثة لشخص واحد ، إذا قصد بكل واحد منها ما لا يقصد بالآخرين
ففي التسمية إيضاح ، وفي الكنية تكريم ، وفي التلقيب ضرب من الوصفية
.
وقال الصفدي : إن العلم الدال على شخص معين :
إن كان مصدرا بأب ، كأبي بكر ، أو بام ، كام كلثوم وام البنين . . . فهو « الكنية » .
وإن أشعر برفع المسمى ، كماء السماء ، وذي الجناحين ، وذات النطاقين ،

ويدخل في هذا ألقاب الخلفاء ، كالعباس ، والمهدي ، . . .
ويدخل فيه مصطلح الناس من : شمس الدين ، وبدر الدين ، ونجم الدين ، وغير ذلك من ألقاب
أهل الكتاب ، كشمس الدولة ، وتاج الملك .

أو يشعر بضعة المسمى ، كقفة ، وبطة ، والاقيشر ، والاحوص .

فهذا هو « اللقب » .
وإن كان للدلالة على ذات المسمى وتعيينه ، كزيد ، وعمرو ، فهو « الاسم ».

ـ موقع الكنية في الكلام :

قال ابن مالك الاندلسي :

واسمــا أتى وكنيــة ولقبــا * واخــرن ذا إن ســواه صحبــا

ومعناه : أن اللقب إذا اجتمع مع الاسم والكنية ، لزم تأخير اللقب عنهما ، فالاسم والكنية مقدمان
على اللقب عند اجتماعها
فيقال : الحسين ، أبو عبد الله ، الشهيد ، عليه السلام .

أما تقديم الاسم على اللقب : فمتفق عليه :

قال ابن عقيل : يجب تأخير اللقب إذا صحب الاسم

وأما تقديم الكنية على اللقب ، فهو ظاهر الالفية حيث ورد فيها :
« وأخرن ذا » أي اللقب « إن سواه » أي غير اللقب « صحبا » .

ولكن شراح الالفية قالوا : أنت ـ في اللقب مع الكنية ـ بالخيار ، بين أن تقدم الكنية على اللقب
فتقول : أبو عبد الله زين العابدين ، وبين أن تقدم اللقب على الكنية فتقول . زين العابدين أبو عبد الله

وعلى هذا الاساس احتملوا أن تكون عبارة الالفية :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . * وأخــرن ذا إن سواهــأ صحبــا

أي أخر اللقب إن صحب سوى الكنية ، أي إن صحب الاسم لزم تأخيره عن الاسم ، وأما إن صحب الكنية
فهو ساكت عنه .

ويرد عليه : أنهم حكموا في اجتماع الاسم والكنية بالخيار في تقديم أحدهما على الآخر ، فلو كان الناطق

في اجتماع اللقب والكنية بالخيار أيضا ، لزم من تقديم اللقب على الكنية جواز تقديمه على الاسم نفسه
وقد عرفنا أن اللقب متأخر عن الاسم ذكر أبوالبقاء هذا الاعتراض
.
فالظاهر وجوب تأخر اللقب عن الاسم والكنية ، وهذا يوافق النسخة المعروفة من الالفية : « إن سواه »
.
وقال أبوالبقاء : إذا اجتمع الاسم واللقب : فالاسم ـ إن لم يكن مضافا ـ اضيف إلى اللقب ، كسعيد كرز
لانه يصير المجموع بمنزلة الاسم الواحد .

وإن كان مضافا ، فهم يؤخرون اللقب ، فيقولون : عبد الله بطة .

ويقدم اللقب على الكنية ، وهي على العلم ، ثم النسبة إلى البلد ، ثم إلى الاصل ، ثم إلى المذهب في الفروع .
ثم إلى المذهب في الاعتقاد ، ثم إلى العلم .

وقد يقدمون اللقب على الا سم ، ويجرون الاسم عليه بدلا أو عطف بيان .

وقال الصفدي : فسردها يكون على الترتيب : ـ ثم ذكر عين ما ذكره أبوالبقاء إلا أنه أضاف بعد قوله
« ثم إلى العلم » قوله . أو الصناعة أو الخلافة أو السلطنة أو الوزارة أو القضاء أو الامرة أو المشيخة
أو الحج أو الحرفة .

وقال : هذا الذي ذكرته ههنا هو القاعدة المعروفة والجادة المسلوكة المألوفة عند أهل العلم .
وفي المقام أقوال اخر .


ـ كنية أو لقب

قال الشيخ الرضي : لفظ « اللقب » ـ في القديم ـ كان في الذم أشهر منه في المدح ، وهو ما يقصد به
المدح أو الذم في الاعصار المتأخرة مثل : بطة ، وقفة ، وعائد الكلب ، في الذم .
وكالمصطفى ، والمرتضى ، وفخر الدين ، في المدح .

وقد تجعل اللفظة المستعملة للكنية « لقبا » لشخص ، والمراد بجعلها اعتبار جهة المدح أو الذم فيها
بحيث لاتستعمل إلا لارادة أحدهما منها ، فتسمى « لقبا « اصطلاحا ، وهي كنية لفظا .

وقد قسم ابن منظور الانصاري الكنية إلى ما يراد به الذم أو المدح ، أو الخالي منهما
.
وعلى ذلك يصح إطلاق « الكنية » و« اللقب » على لفظ واحد ، باختلاف الاعتبار .

وقد جعل ابن الأثير كلمة « أبي تراب » كنية للامام علي عليه السلام ، ولكن جعلها من قسم الكنى النادرة
كما سيأتي .

وأبن الصلاح جعل لفظ « أبي تراب » لقبأ للامام عليه السلام ، فقال : الذين لقبوا بالكنى ، ولهم غير ذلك
كنى وأسماء ، مثاله : علي بن أبي طالب عليه السلام يلقب بأبي تراب ، ويكنى أبا الحسن .
وممن لقب بالكنية : عبد الله بن محمد الاصفهاني ، المكنى بأبي محمد ، الملقب بأبي الشيخ
وقال ابن حجر ، في إبراهيم بن خالد : قيل : كنيته أبو عبد الله ، وأبوثور لقب
وقد ذكر عدة من الكنى في فصل الالقاب من التقريب.
وقال الفيروز آبادي : أبوالعتاهية : لقب أبي إسحاق بن سويد ، لا كنية
.
وقد يقال : إن الكنية ـ كما سيجيء ـ تدل على الاحترام والتعظيم للمكنى ، وهذا ينافي أن يكون دالا على الذم
عندما يستعمل لقبا ?

ويجاب : بأن اللقب ـ إنما يذم الملقب به بمعنى لفظه ، فدلالته على الذم لفظية ظاهرية مطابقية
بخلاف الكنية

فاللقب يدل بمعناه اللغوي على ذم الملقب به ، أما الكنية فجهة التعظيم فيها
هو عدم ذكر اسم الشخص ، فهي تدل عليه بالدلالة الالتزامية .

ـ أهداف الكنى

قال الاهدل : والمقتضي للتكنية امور :

: الاخبار عن نفس كأبي طالب ، كني بابنه طالب ، وهذا هو الأغلب.

الثاني : التفاؤل والرجاء ، كأبي الفضل : لمن يرجو ولدا جامعا للفضائل .

الثالث : الايماء إلى الضد ، كأبي يحيى لملك الموت .

الرابع : اشتهار الشخص بخصلة ، فيكنى بها :
إما بسبب اتصافه بها في نفسه .
أو انتسابه إليها بوجه قريب ، أو بعيد . كأبي الوفاء : لمن اسمه إبراهيم
وأبي الذبح : لمن اسمه إسماعيل أو إسحاق .
ومن هذا القبيل غالب كنى الحيوان .

ومن فوائد الكنية وأغراض وضعها :
هو التمييز بين الاشخاص بتعيين أحدهم بكنيته ، بالدلالة عليه .
قال ابن قتيبة : الكناية أنواع ، ولها مواضع . . . فمنها : أن تكني عن اسم الرجل بالابوة لتزيد من الدلالة عليه
إذا أنت راسلته أو كتبت إليه ، إذ كانت الاسماء قد تتفق
.
وتتضح هذه الفائدة لو كانت الاسماء المتفقة لعدة من الاخوة ، حيث تتفق هناك أسماء الآباء
والاجدأد ـ أيضا ـ فتكون الحاجة إلى تمييز كل واحد ، والدلالة عليه بما يخصه ، أظهر .

وإليك أمثلة لذلك :
ذكر النسابة المروزي عدة ممن اتفقت أسماؤهم واختلفت كناهم :
منهم أبناء عمر بن يحيى بن الحسين ، أمير الحاج ، صاحب الكوفة ، والموسم : فإنهم ثمانية وعشرون أخا
واسم (واحد وعشرين) منهم (محمد ) وكناهم مختلفة .
وسمى الحسن بن الحسن بن القاسم بن محمد البطحاني أبناءه السبعة (عليا) وكناهم مختلفة .
وذكر أن محمد الجور بن الحسين بن علي الخارص بن محمد : له عشرة أولاد ممن اسمه (جعفر) وكناهم مختلفة.

ـ الكنية للتعظيم والتكريم
قال ابن قتيبة : أن تكني عن اسم الرجل بالابوة . . . لتعظمه في المخاطبة بالكنية
لانها تدل على الحنكة وتخبر عن الاكتهال

وقال ابن الأثير : إنما جيء بالكنية لاحترام المكنى بها وإكرامه وتعظيمه . . .
ومنه قول الشاعر :

اكنيــه اناديــه لاكرمــه * ولا القبــه والســوءة اللقــب

وهذا مختص بالانسان دون غيره ، وهو الاصل .
وقال ـ في وجه دلالة الكنية على الاحترام ـ : كي لا يصرح في الخطاب باسمه.
وقال الرضي . الكنية ـ عند العرب ـ يقصد بها التعظيم ، لعدم التصريح بالاسم . . .
فإن بعض النفوس تأنف من أن تخاطب باسمها .

يظهر من الجمع بين الكلمات : أن في الكنية أكثرمن جهة تدل على التكريم والتعظيم :
1 ـ عدم ذكر الاسم .
2 ـ الاخبار عن الاكتهال ، فيما لو كانت الكنية بالابوة .
3 ـ النسبة إلى الآباء ، فيما لو كانت الكنية بالبنوة .
وفي قول ابن الأثير : « وهو الاصل » إشارة إلى أن هذه الدلالة قد تتخلف ، وأن الكنية قد تستعمل
للاهانة والذم ، وان كان ذلك نادرا ، فهو بحاجة إلى قرينة تدل عليه .
وقد انعكست دلالة الكنية على التكريم والتعظيم في الاخبار التالية :
1 ـ روى الشيخ المفيد ـ بسنده ـ عن أحمد بن عبيدالله بن الخاقان ـ الذي كان على الضياع والخراج بقم ـ قوله :
اذكر أني كنت يوما قائما على رأس أبي ـ وهو يوم مجلسه للناس ـ [ بسامراء ] إذ دخل حجابه ، فقالوا :
« أبومحمد ابن الرضا » بالباب .
فقال ـ بصوت عال ـ : ائذنوا له .
فتعجبت مما سمعت منهم ، ومن جسارتهم أن يكنوا رجلا بحضرة أبي ، ولم يكن يكنى عنده إلا خليفة أو ولي عهد
أو من أمر السلطان أن يكنى
فقلت لحجاب أبي وغلمانه : ويحكم مَن هذا الذي كنيتموه بحضرة أبي . . .
ونقله القهپائي ، وقال : فظهر أن ذكر الرجل بالكنية لا يكون إلا مع اعتبار زائد ، حتى قد يصير سببا لاعتباره
في حديثه.
2 ـ وقال الحسين بن حمدان الخصيبي ـ في مَن لقيه في ضواحي قم
فقال له : ياحسين ـ : لا احترمني ولا كناني .
3 ـ قال أبو بكر ابن إسماعيل الوراق : دققت على أبي محمد ابن صاعد بابه
فقال : من ذا ؟ فقلت : أنا أبوبكر ابن أبى علي ، يحيى ههنا ؟
فسمعته يقول للجارية : هات النعل ، حتى أخرج إلى هذا الجاهل الذي يكني نفسه وأباه
ويسميني ، فأصفعه ?
.
4 ـ كان عروة بن الزبير (ت 93) يتحدث عن أخيه عبداللة بن الزبير ، عند عبد الملك ، فذكره بكنيته
« أبي بكر » فاستشاط الحجاج غضبا ، وقال له : لا ام لك ، أتكني منافقا عند أمير المؤمنين ؟
فقال له عروة : ألي تقول : « لا ام لك » وأنا ابن عجائز الجنة ؟
امي أسماء بنت أبي بكر
وجدتي صفية بنت عبد المطلب ، وعمتي خديجة بنت خويلد .
وقد اعترض على دلالة الكنية على الاحترام ، بذكر « أبي لهب » في القرآن دون اسمه
وقد أجابوا عن ذلك بوجوه ، سنذكرها في فصل « الكنية في التفسير » .

ـ الكنى الغالبة :
إن بعض الكنى يغلب وضعها مع بعض الاسماء ، وإذا تمكنا من تحديدها
أمكن الاستفادة منها عند اشتباه
الاسماء بوقوع تصحيف فيها ، أو خلط بعضها ببعض .
وقد وقفنا على مجموعة منها :

المسمى بمحمد يكنى بأبي جعفر .
المسمى بعلي يكنى بأبي الحسن .
المسمى بالحسن يكنى بأبي محمد .
المسمى بالحسين يكنى بأبي عبد الله .
المسمى بأحمد يكنى بأبي العباس .
المسمى بموسى يكنى بأبي عمران .
المسمى بسليمان يكنى بأبي داود .
المسمى بالعباس يكنى بأبي الفضل .
وأمثال ذلك ، مما هو غالبي ، وقد يتخلف .

والظاهر أنهم تعارفوا على تكنية الشخص بالكنية الغالبة ، قبل أن يكتني باسم من يولد له
من الاولاد .
وتظهر فائدة ذلك ـ بعد إثبات الغلبة ـ في تعيين الاسم المناسب للكنية عند الاشتباه ، كما أشرنا .
مثلا : كثيرا ما يتصحف اسم « محمد » بـ « عمر » وبالعكس ، فإذا كان الشخص المشتبه في اسمه مكنى
بأبي جعفر ، أمكن الحكم بأن اسمه « محمد » وإذا كان مكنى بأبي حفص ، أمكن الحكم بأن اسمه « عمر »
استنادا إلى هذه الغلبة .

ـ بعض أقسام الكنى

أ ـ الكنى المفردة :
هي الكنى التي لا نظير لها ، مثل :

أبوالسليل : للقيسي البصري .
وأبوالسنابل : لعبيد ربه بن بعكك ، رجل صحابي من بني عبدالدار
وأبوالمساكين : لجعفر بن أبي طالب ، كان يحب المساكين ويجلس إليهم ،
ويحدثهم ، ويحدثونه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنيه بذلك .
وذكر ابن الصلاح بعض الكنى المفردة ، كالتالي :
أبوالعبيدين ـ مصغر ، مثنى ـ واسمه : معاوية بن سبرة ، من أصحاب ابن مسعود .
أبوالعشراء الدارمي .
أبوالمدلة ـ بكسر الدال المهملة ، وتشديد اللام ـ ولم يوقف على اسمه .
أبومراية العجلي ، واسمه عبد الله بن عمرو ، تابعي .
أبومعيد ـ مصغر ، مخفف الياء ـ حفص بن غيلان الهمداني .
انظر : علوم الحديث ، تحقيق عتر .

ب ـ الكنى النادرة :
قال ابن الأثير : قد جروا في الاسماء والكنى على قسمين . معتادا
وغير معتاد . فمن المعتاد : الكنية بالاولاد ، كما سبق .
والنادر : كقولهم في كنية علي بن أبي طالب عليه السلام : أبوتراب (52) .
أقول : ومن النادر : ابن العشرة ، وابن جماعة ، وابن جني ، وابن فهد ، وابن بابويه .

ج ـ تقسيم آخر :
قال ابن منظور : الكنية على ثلاثة أوجه :

أحدها : أن يكنى عن الشيء الذي يستفحش ذكره .
والثاني : أن يكنى الرجل باسمه توقيرا وتعظيما .
والثالث : أن تقوم الكنية مقام الاسم ، فيعرف صاحبها بها ، كما يعرف باسمه.

10 ـ الكنية من خواص اللغة العربية :
الظاهر أن الكنية من خواص الحضارة العربية ، إذ لم يعهد ـ حسب اطلاعنا ـ في اللغات الاخرئ
مثل هذا الاستعمال .
ومن الظرائف ما نقل عن النقاش ، محمد بن الحسن ، أبي بكر الموصلي البغدادي فإنه كان يصحف .
قال الدارقطني : قال النقاش . « كسرى ، أبوشروان » جعلها كنية (.
بينما هي « أنوشروان » اسم .



بقلم محمد الحسيني.

معرفة كنى المعروفين بالأسماء دون الكنى

معرفة كنى المعروفين بالأسماء دون الكنى

وهذا من وجه ضد النوع الذي قبله‏ . ‏ ومن شأنه أن يبوب على الأسماء ، ثم تبين كناها بخلاف ذاك‏ ، ومن وجه آخر‏ يصلح لأن يجعل قسما من أقسام ذاك من حيث كونه قسما من أقسام أصحاب الكنى‏ . ‏

وقل من أفرده بالتصنيف ، وبلغنا أن ‏لأبي حاتم بن حبان البستي‏ فيه كتابا .

ولنجمع في التمثيل جماعات في كنية واحدة تقريبا على الضابط‏ :

فممن يكنى ‏بأبي محمد من هذا القبيل من الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - : ‏طلحة بن عبيد الله التيمي‏ ، ‏عبد الرحمن بن عوف الزهري ، ‏الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي‏ ، ثابت بن قيس بن [ ص: 337 ] الشماس‏ ، ‏عبد الله بن زيد صاحب الأذان‏ ، ‏الأنصاريان‏ ، ‏كعب بن عجرة ، ‏الأشعث بن قيس‏ ، ‏معقل بن سنان الأشجعي‏ ، ‏عبد الله بن جعفر بن أبي طالب‏ ، ‏عبد الله ابن بحينة‏ ، ‏عبد الله بن عمرو بن العاص‏ ، ‏عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، ‏جبير بن مطعم‏ ، ‏الفضل بن العباس بن عبد المطلب‏ ، ‏حويطب بن عبد العزى‏ ، ‏محمود بن الربيع‏ ، ‏عبد الله بن ثعلبة بن صعير‏ ‏‏ . ‏

وممن يكنى منهم ‏بأبي عبد الله : ‏الزبير بن العوام‏ ، ‏الحسين بن علي بن أبي طالب‏ ، ‏سلمان الفارسي‏ ، ‏عامر بن ربيعة العدوي‏ ، ‏حذيفة بن اليمان‏ ، ‏كعب بن مالك‏ ، ‏رافع بن خديج ، ‏عمارة بن حزم‏ ، ‏النعمان بن بشير‏ ، ‏جابر بن عبد الله ، ‏عثمان بن حنيف‏ ، ‏حارثة بن النعمان‏ ‏‏ ، وهؤلاء السبعة أنصاريون ، ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ‏المغيرة بن شعبة‏ ، ‏شرحبيل ابن حسنة ، ‏عمرو بن العاص‏ ، ‏محمد بن عبد الله بن جحش‏ ، ‏معقل بن يسار‏ ، وعمرو بن عامر المزنيان‏ ‏‏ . ‏

وممن يكنى منهم ‏بأبي عبد الرحمن‏ ‏‏ : ‏عبد الله بن مسعود‏ ، ‏معاذ بن جبل‏ ، ‏زيد بن الخطاب أخو ‏عمر بن الخطاب ، [ ص: 338 ] عبد الله بن عمر بن الخطاب ، ‏محمد بن مسلمة الأنصاري ، ‏عويم بن ساعدة على وزن نعيم ، ‏زيد بن خالد الجهني‏ ، ‏بلال بن الحارث المزني ، ‏معاوية بن أبي سفيان‏ ، ‏الحارث بن هشام المخزومي‏ ، ‏المسور بن مخرمة ‏‏ . ‏

وفي بعض من ذكرناه من قيل في كنيته غير ما ذكرناه ، والله أعلم‏ . ‏ 


 

علوم الحديث

علوم الحديث لابن الصلاح

أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري

دار الفكر- دار الفكر المعاصر
سنة النشر: 1425هـ / 2004م
رقم الطبعة: ---
عدد الأجزاء: جزء واحد

تعريف الكنى لغوياً

تعريف الكنى لغوياً

ﮔﻨﻮ : كَنَا ، يكنو ، كِنَايةً بالشيء عن كذا : بمعنى كَنَى يَكْنِي .
الكُنْوةَ : والكِنوة : الكُنْيَة .
كَني : كَنَى ، يكْنَي ، كناية بالشيء عن كذا : ذكره ليدل به على غيره ، مثلاَ تقول :
( زيد كثير الرماد ) كناية عن كرمه ، تكلم به وهو يريد غيره فهو كانٍ ، وذاك مَكْنِيٌ عنهُ ، وكُنْيَةً وكَنَى تكْنِيَةً زيداً أبا فلانٍ ، وكَنَاهُ وكنَاهُ بأبي فلان : سماه به .
أكنى : إكناءً : زيداً أبا فلان : سَمَاهُ به ، وتكَنَى تكَنِياً بكذا : تَسَمَى به ، والرَجُلُ : ذكر كنيته ليُعَرِفَ بها : أي تَسَتَرَ .
الكاني : ج كُنا ، وكانون : فا .
الكُنْيَة والكِنْيَة والكُنْوَة والكِنْوَة : ج كنى ، وكنًى : اسم يعلق على الشخص تعظيماً له أو علامة عليه – العَلَم المصدَر بلفظ الأب أو الابن أو الأم أو البنت .
الكناية : مص / و – في الاصطلاح : هي أن يُعَبَر عن شيءٍ معين بلفظٍ غير صريح في الدلالة عليه لغرض من الأغراض كالإبهام على السامعين ، كقولك ( هم بنو أمي ) : أي إخوتي .
الكَنِيُ : السَمِيُ ، يقال : ( هو كَنِيُهُ ) أي لهما كنيةٌ واحدةٌ كما تقول : هو سَمِيُهُ : أي لهما اسم واحد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( تعريف الكنى لغوياً *) ، أنظر المنجد في اللغة والأعلام ، ط23 ، دار المشرق ، بيروت ، ص701 ، مادة كنو .

تغريدات في لطائف معاني الكنى والألقاب

تغريدات في لطائف معاني الكنى والألقاب

من اللطائف العلمية معاني ألقاب وكنى بعض المشاهير من أهل العلم وغيرهم ، وقد تختلف كتب التراجم في المعنى لكنها لا تخلومن ظرافة ، وقد جمعتها من جملة من كتب التراجم ، ولم يكن الجمع مقصوداً ، لكن لما اجتمع لدي جملة منها وكانت خفيفة رشيقة ، رأيت أن تويتر مناسب لها ، فبدأتَ فكرة جمع ما وقفت عليه ، وليس القصد في هذه اللطائف التحقيق ، إنما البحث عن لطافة النسبة ، بغض النظر إن كان هذا هو الأصوب أم غيره .


١.الأشعث بن قيس : كان أبداً أشعث الرأس فغلب عليه .
٢.أبو جعفر الباقر : من بقر العلم أي شقه فعرف أصله وخفيه .
٣. حذيفة بن اليمان : اسم اليمان حسل ويقال حُسيل وكان قد أصاب دماً فهرب إلى المدينة وحالف بني عبدالأشهل فسماه قومه اليمان لحلفه اليمانية
٤.مسلم بن خالد الزنجي : كان أبيض بحمرة ولقب بالزنجي لحبه للتمر ، قالت له جاريته ما أنت إلا زنجي .
٥.رؤبة بن العجاج :رؤبة قطعة من الخشب يشعب بها الإناء ، جمعها رئاب ، والروبة خميرة اللبن .
٦.قال إبراهيم الحربي : الماجشون فارسي وإنما سمي الماجشون لأن وجنتيه كانتا حمراوين فسمي بذلك وهو الخمر فعربه أهل المدينة
٧.أبو نواس رئيس الشعراء الحسن بن هانئ لقب بهذا لضفيرتين كانتا تنوسان على عاتقيه أي تضطرب
٨.سحنون اسم طائر في المغرب يوصف بالفطنة والتحرز وهو بفتح السين وضمها .
٩.قال إبراهيم الحربي ، سمي سيبويه لأن وجنتيه كانتا كالتفاحتين بديع الحسن .
١٠.أبو حمزة السكري لم يكن يبيع السكر ، وإنما سمي السكري لحلاوة كلامه .
١١.الشعراني ، عرف بذلك لكونه كان يرسل شعره
١٢.ابن ديزيل لقب بسيفنة وهوطائر ببلاد مصر لايكاديحط على شجرة إلا أكل ورقها حتى يعرّيها فكان كذلك إذا وردعلى شيخ لم يفارقه حتى يستوعب ما عنده
١٣.بُنْدَار لقب بذلك لأنه كان بُنْدَار الحديث في عصره والبندار الحافظ
١٤. مشكدانه ، قال : لقبني بها أبو نعيم ، كنت إذا أتيته تلبست وتطيبت ، فإذا رآني ، قال : جاء مشكدانة . وقيل : هو وعاء المسك .

طه ويس بين الحرفية والعلمية





كان مما يشغلني طويلاً استعمال "طه " و " يس "علمين لكثير من الناس؛ لأن الذي يغلب على ظني أنهما من الحروف المقطَّعة التي يبتدأ بها في كثير من سور القرآن الكريم نحو " الم , والمص, والر, وطس , وحم" وغيرها .

وبدا لي أن ناساً كثيرين سموا بـ" طه" , أو" يس " ليس في وقتنا هذا فحسب, بل في عصور مضت. وبرجوعي إلى كتب التراجم , وجدت أن صاحب "فوات الوفيات" ينبه على أحد الأعلام ممن سموا بـ "طه" وهو أقدم من سُمِّي بـ  "طه" من الأعلام-فيما أعلم وهو:
"طه" بن إبراهيم بن أبي بكر الشيخ جمال الدين أبو محمد الإربلي الفقيه الشافعي , ولد بإربل سنة بضع وتسعين وخمسمائة, وقدم مصر شاباً , وسمع محمد بن عمارة وغيره , وحمل الناس عنه , وله شعر وروي عند الدمياطي والدوادري وغيرهم , وتوفي سنة تسع وسبعين وستمائة, وقد جاوز الثمانين رحمه الله ..." (1)
أي أنه من رجال القرن السابع الهجري.
ونبه ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة على "طه الحلبي المقرئ النحوي .. وكان عنده كياسة ومكارم ويلقب علم الدين.. ومات في سنة (725) (2) فهو من رجال القرن الثامن الهجري. أما خير الدين الزركلي فقد ذكر سبعة ممن سموا بـ (طه) , وجميعهم من المتأخرين زمناً عن ذينك الرجلين وهم طه السنوي وهو قاض شرعي عراقي, توفي سنة (1300هـ) (3), وطه أحمد وهو أديب مصري , توفي سنة (1354هـ) (5), والأديب المعروف طه حسين المتوفى سنة (1393هـ) (4) وطه الهاشمي وهو عراقي توفي سنة (1380هـ) (6),وطه حسين الراوي وهو أديب وباحث عراقي,توفى سنة (1365هـ) (7) وطه سرور , وهو باحث مصري , توفى سنة (1382هـ) (8), وطه بن مهنا الحلبي توفى سنة(1178هـ) (9) فهؤلاء أعلام بارزون سمي كل واحد منهم بـ "طه" .
وأشار صاحب معجم المؤلفين إلى كثير من الأشخاص الذين سموا بـ "طه" (10), بيد أنهم جميعا جميعاً من المتأخرين أيضاً.
وليس الغرض هنا حصر من سموا بـ "طه" بل الغرض التأكد بأن "طه" علما كان معروفاً في الماضي والحاضر: لذلك اكتفيت بذكر بعض من سموا بـ "طه",وتتبعت ذلك عبر العصور, فوجدت أن أقدم من سمي بـ "طه" من الأعلام عاش في القرن السابع الهجري, وهو طه بن إبراهيم الفقيه الشافعي, ثم ظلت التسمية بـ "طه" مستمرة إلى وقتنا هذا.
أما من سموا بـ "يس" فهم كثير في الماضي والحاضر, فمنهم من عاش في عصره متقدم جداً وهو كما يذكر ابن حجر في تهذيب التهذيب : ياسين بن شيشان أو ابن سنان – ولم ينبه ابن حجر على السنة التي مات فيها, ولكن يفهم من حديثه عنه أنه معاصر لـ "سفيان الثوري" الذي ولد عام (97هـ), وتوفى عام (161هـ) كما في كتاب الأعلام(11).
لذا فالراجح أن "ياسين" هذا قد عاش في النصف الأول من القرن الثاني الهجري. وهو من رواة الحديث.
قال ابن حجر العسقلاني في "من اسمه ياسين" (12) ما نصه : "ياسين بن سفيان, ويقال ابن سنان العجلي الكوفي , عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي عن النبي صلى اله عليه وسلم قال: المهدي منا أهل البيت يصلحه الله تعالى في ليلة....... قلت (أي ابن حجر): وقال يحيى بن يمان : رأيت سفيان الثوري يسأل ياسين عن هذا الحديث. قال ابن عدي: "وهو معروف به" انتهى".(13)
وذكر ابن حجر العسقلاني محدثاً آخر اسمه "ياسين" عاش في النصف الأول من القرن الثالث الهجري وهو "ياسين بن عبد الأحد بن أبي زرارة الليث بن عاصم بن كليب القتباني أبو اليمن المصري.. قال النسائي : لا بأس به, وقال ابن خزيمة  كان ملكا   من الملوك .. وقال ابن يونس : صدوق في الحديث .. مات سنة تسع وستين ومائتين في رمضان.." (14) انتهى.
وممن عاش في النصف الأول من القرن الثالث الهجري تقريباً "ياسين الهروي الحداد" غير أن كتب التراجم تنبه على حفيده, إذ أورد الذهبي في "سير أعلام النبلاء" اسم حفيده وهو "ابن ياسين الشيخ الحافظ المحدث المؤرخ, أبو اسحق, أحمد بن محمد بن ياسين الهروي الحداد, صاحب تاريخ هراة .... وليس بعمدة. قال الخليلي: ليس بالقوي .. قلت (أي الذهبي): توفى ابن ياسين الحداد في ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة" (15). أي أنه عاش في القرن الرابع الهجري فيكون جده "ياسين" هذا عاش قبل ذلك بمائة سنة تقريباً.
يتبين مما سبق أن التسمية بـ "ياسين" كانت قديمة ترجع إلى النصف الأول من القرن الثاني الهجري وهي أقدم من التسمية بـ " طه" كما في كتب التراجم. ومن يدري ؟ فلعلها تعود إلى أقدم من ذلك التاريخ, لكن كانت لرجال غير مشهورين فلم تتعرض لهم كتب التراجم.
وبعض منه سمي بـ "ياسين" عاش في النصف الأول من القرن السادس الهجري, إذ قال الذهبي في ترجمة حفيد هذا الرجل: " ابن ياسين الشيخ المسند الأمين الحجاج أبو منصور سعيد بن محمد بن ياسين بن عبد الملك بن مفرج البغدادي البزاز السفار .. قال ابن أنجب في تاريخه: حج تسعا وأربعين حجة . قلت (أي الذهبي): أسقطت شهادته لسوء طريقته وظلمه. توفى في خامس صفر سنة أربع وثلاثين وستمائة " (16) فيكون جده "ياسين " هذا قد عاش قبل ذلك التاريخ بحوالي مائة سنة.
ومنهم من عاش في قرون متأخرة وهم كثيرون:
فممن عاش في بداية القرن العاشر الهجري: " الشيخ الإمام العلامة يس الشافعي شيخ المدرسة البيبرسية .." (17) ذكر ذلك ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب وهو يتحدث عن أخبار من ذهب في "سنة تسع وتسعمائة" (18)
وممن عاش في القرن الحادي عشر الهجري " ياسين العليمي الحمصي شيخ عصره في علوم العربية, وصاحب الحواشي المشهورة في النحو" (19)المتوفى سنة (1061هـ)(20)
وبعضهم عاش في القرن الثاني عشر الهجري وهو ياسين الطباطبائي , شاعر عراقي من أهل البصرة, توفى سنة (1170هـ) (21)
وبعضهم عاش في القرن الثالث عشر الهجري ومنهم ياسين الخطيب, مؤرخ من فضلاء الموصل, توفى بعد سنة(1232هـ) (22) وغيرهم.
يتبين مما سبق أن استعمال كل من "طه" و"يس" علماً معروفاً في القديم والحديث. ولكن هل هما علمان في أصل الوضع؟ بمعنى آخر هل يمكن القول بأن "طه" و "يس" علمان كسائر الأعلام المرتجلة؟ أم هما من الحروف المقطعة التي تتصدر بها بعض سور القرآن الكريم, ثم تُوسِّع في استعمالهما فصار كل منهما علماً على بعض الناس؟ وهل لهما معانٍ أخرى محتملة غير ذينك المعنيين ؟ تساؤلات كثيرة تثار حول "طه" و "يس" . والإجابة على مثل هذه التساؤلات تقتضي من الباحث النظر في أقوال المفسرين, وهم بصدد تفسيرهم لهاتين السورتين ,باعتبار أن تسمية بعض الأعلام بـ "طه" و "يس" إنما استفيدت من هاتين السورتين, لأن "طه" و "يس" علمان هاتين السورتين , ومما يؤكد ذلك أن أن سيبويه يرى أن "طه" و"يس" ونحوهما من الحروف التي تفتح بها سورة القرآن الكريم هي أسماء للسور. وقد عقد سيبويه لذلك باباً أسماه "هذا باب أسماء السور" (23). نبه فيه على قراءة النصب في "يس" وهي قراءة عيسى بن عمر (24): "يسين والقُرآنِ الحَكِيمِ " (سورة (36 ) "يس", آية 2,2). وجعل النصب من جهتين : إحداهما أن يكون مفعولاً لا ينصرف, لأنه عنده اسم أعجمي بمنزلة هابيل , والتقدير : اذكر ياسينَ, وهو عنده اسم للسورة, قال سيبويه في " هذا باب أسماء السور" ما نصه: " .... وأما "حم" فلا ينصرف جعلته اسماً للسورة , أو أصفته إليه لأنهم أنزلوه بمنزلة اسم أعجمي نحو هابيل وقابيل .. وكذلك طاسين وياسين .واعلم أنه لايجيء في كلامهم على بناء حاميمَ وياسينَ, وإن أردت في هذه الحكاية تركته وقفاً على حاله, وقد قرأ بعضهم ياسينَ والقرآنِ , وقافَ والقرآن. فمن قال هذا فكأنه جعله اسماً أعجمياً, ثم قال اذكر ياسين (25).
والقول الآخر أنَّ النصب في "ياسين" بناءٌ على الفتح مثل "كيف" و "أين" قال سيبويه متمِّماً قوله السابق : "ويجوز أيضاً أن يكون ياسين وصادُ اسمين غير متمكنين فيلزمان الفتح, كما ألزمت الأسماء غير المتمكنة الحركات نحو كيف وأين وحيثُ وأمسِ(26) وسيبويه هنا وإن كان يهتم بالحركة التي في آخر "يس" وهي الفتحة على قراءة النصب فإنه يؤكد علمية "يس" باعتبار أسماً للسورة.
وما قاله سيبويه في "يس" يشمل "طه" بطبيعة الحال – وإن لم يصرِّح سيبويه بـ "طه" فكلاهما اسم للسورة , ولننظر الآن في أقوال المفسرين وهم يفسرون سورتي "طه" , و "يس" , علنا نخرج بشيء جديد يمكن أن يستنتج من تفسيراتهم لـ"طه",و "يس" علماً بأننا لن نتطرق إلى اختلاف القراءات والأعاريب المتعلقة بـ "طه" و"يس" , لأن ذلك يخرج عن حدود هذه الدراسة.
أولاً : "طه":
أشار الأخفش الأوسط (سعيد بن مسعدة) إلى معنيين في "طه", الأول أنه هجاء , والثاني أنه بمعنى يا رجل , إذ قال في أثناء تفسيره للسورة: "ومن سورة  "(طه) قال: (طه) منهم من يزعم أنها حرفان مثل (حم) , ومنهم من يقول (طه) يعني يا رجل في بعض لغات العرب" (27) ونلحظ أن الأخفش لم يرجح أحد هذين المعنيين على الآخر .
ويرى الفراء أن "طه" في قوله تعالى {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} حرف هجاء , إذ قال في معرض تبيانه لمعاني هذه السورة :
"قوله (طه) حرف هجاء"(28).
وذكر معنيين آخرين في "طه" الأول أنه بمعنى يا رجل , أو يا إنسان , يقول: " وقد جاء في التفسير (طه): يا رجل,يا إنسان" (29).
والثاني : أنه أمر.
إذ قال الفراء : " حدثنا أبو العباس , قال حدثنا محمد قال: حدثنا .. عن زر ابن حبيش قال: قرأ رجل على ابن مسعود " طه بالفتح (يعني عدم الإمالة) قال: فقال له عبد الله : طِهِ بالكسر ( يعني بالإمالة) قال: فقال له الرجل : يا أبا عبد الرحمن أليس إنما أمر أن يطأ قدمه. قال: فقال له: طِهِ ( أي بإمالتهما ). هكذا أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم" (30).
ويفهم من هذا النص أن "طه" بالإمالة وعدمها يوحي بمعنى الأمر ؟, لكن ابن مسعود سمعه من الرسول صلى الله عليه وسلم بالإمالة.
وما أشار إليه الفراء من احتمال تفسير "طه" بأنه أمر وفقاً لقصة الرجل من ابن مسعود السابقة جعل بعض المفسرين يثير هذا المعنى ويلتمس له وجهاً . ومنهم الزمخشري , إذ يقول بعد حديثه عن تفخيم الطاء في "طه" وإمالة الهاء :
" وفسر بأنه أمر بالوطء , وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم في تهجده على إحدى رجليه فأمر بأن يطأ الأرض بقدميه معاً"(31).
ثم علق على ذلك بأن الأصل في " طه" (طَأُ) فقلبت همزته هاء , أو قلبت الهمزة ألفاً في يَطَأ  ثم صيغ عليه الأمر , وزيدت الهاء للسكت, يقول مبيناً الأصل في (طه): " وأن الأصل طأ فقلبت همزته هاء , أو قلبت ألفاً في يطأ فيمن قال: لا هناك المرتع ثم بني عليه الأمر والهاء للسكت ويجوز أن يكتفي بشطري الاسمين وهما الدالان بلفظهما على المسميين"(32).
ولم يرتض أبو السعود قول من يقول إن الأصل " طاها" بصيغة الأمر من الوطء وذلك بسبب كتابتها على صورة الحرف , إذ لو كان فعل أمر , لما كتب على صورة حروف المعجم. يقول : "وقد جُوِّز أن يكون الأصل (طاها) بصيغة الأمر من الوطء , فقلبت الهمزة من يطأ ألفاً لانفتاح ما قبلها كما في قول من قال : لا هناك المرتع, و (ها) ضمير الأرض .. ولكن يأباه كتابتهما على صورة الحرف كما تأبى التفسير بيا رجل – فإن الكتابة على صور الحرف مع كون التلفظ بخلافه من خصائص حروف المعجم" (33)انتهى كلامه.
ومعنى ذلك أن "طه" لو كان فعل أمر لم تسقط منه الألفان , ورسم المصحف وإن كان لا ينقاس فإن الأصل فيه موافقته للقياس, لذلك فلا مسوِّغ لجعل "طه" فعل أمر, لأن في حذف الألفين منه لبساً فال يجوز. ويمكن الاعتراض بهذا أيضاً على تفسير "طه" بيا رجل , ونحو ذلك. مما يؤكد أن "طه" من الحروف المقطعة مما بفتح به بعض السور.
وأورد  ابن جرير الطبري أربعة أقوال في تفسير "طه" في قوله تعالى: {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} (سورة (20) طه, آية 1-2).
الأول : أنه بمعنى يا رجل كما سبق.
قال ابن جرير الطبري في تفسيره لقوله تعالى:{طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} (سورة (20) طه , آية 1-2) " اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : (طه) فقال بعضهم : معناه يا رجل  " (34) و (طه) بهذا المعنى في أصله خلاف بين العلماء , فمن قائل : إن "طه" كلمة نبطية , ومن قائل : إنها كلمة سريانية . وهي في كلتا اللغتين بمعنى يا رجل أو إنسان ,والقول بأنها نبطية عزاه ابن جرير الطبري مرة إلى ابن عباس بإسناده, ومرة إلى عكرمة بإسناد آخر , يقول ابن جرير الطبري.
" حدثنا ابن حميد , قاتل : ثنا ................. عن ابن عباس : طه: بالنبطية: يا رجل " (35),وقال بعد ذلك بقليل : " .... عن عكرمة في قوله : (طه) قال: يا رجل كلمة بالنبطية " (36).
وعزا إليه بإسناد آخر أنه بالنبطية : يا إنسان(37).
أما من قال : إنها كلمة سريانية فهو سعيد بن جبير , إذ يقول ابن جرير الطبري:
"حدثنا القاسم , قال .. عن سعيد بن جبير أنه قال : طه: يا رجل بالسريانية" (38).
أما القول الثاني الذي ذكره ابن جرير في "طه" فهو أنه اسم من أسماء الله , وقسم أقسم الله به . قال ابن جرير الطبري : " وقال آخرون هو ( يعني طه ) اسم من أسماء الله , وقسم أقسم الله به  (39).
وأما القول الثالث:فهو أنه حروف هجاء , ولم ينسبه إلى أحد بعينه.
قال ابن جرير الطبري : " وقال آخرون : هو حروف هجاء" (40)وهذا المعنى قد صرح به الأخفش الأوسط(41).
وشبيه بالقول الثالث القول الرابع وهو ما عبر عنه ابن جرير الطبري بقوله: " وقال آخرون : هو حروف مقطعة يدل كل حرف منها على معنى"(42).
ورجح ابن جرير الطبري القول الأول وهو أنه بمعنى يا رجل معتلاً بأن قبيلة "عك" تستعمل هذه الكلمة وتعني بها : يا رجل . وهذا أمر معروف عندهم.
يقول: "والذي هو أولى بالصواب عندي من الأقوال فيه : قول من قال : معناه يا رجل , لأنها كلمة معروفة في "عك"  فيما بلغني, وأن معناها فيهم : يا رجل (43) وأكد ذلك بشاهدين الأول نسبه لمتمم بن نويرة وهو قوله:
هَتَفْتُ ِبطَهَ فِي القِتَالِ فَلَمْ يُجِبْ        فَخِفْتُ عَلَيْهِ أنْ يَكُوْنَ مُوَائِلاَ
والثاني لم ينسبه لأحد وهو قوله :
إِنَّ السَّفَاهَةَ طه مِنْ خَلاَئِقِكُمْ      لاَ بَارَكَ اللهُ فِي الْقَوْمِ المَلاَعِيْنِ
ونلحظ أن دلالة "طه" على معنى "يا رجل " في هذين البيتين مستفادة من السياق.
فيكون تأويل الكلام عند ابن جرير الطبري ما نص عليه من قوله:
"يا رجل ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى , ما أنزلناه عليك فنكلفك ما لا طاقة لك به من العمل , وذكر أنه قيل له ذلك بسبب ما كان يلقى من النصب , والعناء , والسهر في قيام الليل"(46).
ومما يضعف هذا القول أن "طه" بمعنى يا رجل في لسان العجم كما هو مشهور , أما في اللغة العربية فلا يمكن الجزم بأن "طه" بمعنى يا رجل . ٍإلا إذا اعتبرنا أن هذا المعنى في لغة العرب عامة موافق لما في اللغات الأعجمية السالفة الذكر, أو هو محمول عليها
يتبين من الأقوال التي أوردها ابن جرير الطبري أن "طه" إما معرفة , لأنه منادى نكرة مقصودة , والنكرة المقصودة تتعرف بالنداء , فإذا قلنا: " يا رجل قم" صار النداء في هذا التركيب لمعين – وإما علم , لأنه اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى,وقسم أقسم الله به , وإما عبارة عن حروف هجاء , أو حروف مقطعة هي بمثابة فواتح للسور.
وقد أشار القرطبي في الجامع لأحكام القرآن إلى معان أخرى في "طه" لم أجدها عند من سبقوه وهي:
1.  أنه من الأسرار  ونسبه إلى الصديق نقلاً عن الغزنوي, يقول القرطبي :      "قوله تعالى : (طه) اختلف العلماء في معناه , فقال الصديق رضي الله تعالى  عنه: هو من الأسرار , ذكره الغزنوي"(47).
ولعل الصديق رضي الله عنه يعني أن "طه" من فواتح السور التي تحمل أسراراً لا يعلمها إلا الله.
2.  انه بمعنى يا حبيبي بلغة عك. وهو كما يذكر الغزنوي قول عبد الله بن عمرو ويعزوه قطرب إلى لغة طيّئ , قال أبو عبد الله القرطبي:
" وقال عبد الله بن عمرو : يا حبيبي بلغة عك , ذكره الغزنوي . وقال قطرب : هو بلغة طيئ" (48).
وهذا الوجه في رأيي شبيه بمعنى يا رجل أو يا إنسان من حيث أنه منادى معرفة.
3.  أنه اسم للنبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة محمد , ولم ينسبه إلى أحد بعينيه , يقول أبو عبد لله القرطبي : "وقيل هو اسم للنبي صلى اله عليه وسلم سماه الله تعالى به كما سماه محمداً. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لي عند ربي عشرة أسماء ) (49) فذكر أن منها طه ويس"(50).
4.  أنه اسم للسورة ولم ينسبه إلى أحد معين , يقول القرطبي : " وقيل : هو اسم للسورة ,ومفتاح لها"(51).
وقد مر بنا هذا الوجه عند سيبويه باعتبار أن سيبويه يرى أن الفواتح أسماء للسور(52).
أي أعلام عليها تدل على ما تدل عليه الأسماء من أعيان الأشياء.
5.  أنه اختصار من كلام الله خص الله تعالى رسوله بعلمه , ولم ينسبه إلى أحد بعينهو يقول:
" وقيل : إنه اختصار من كلام الله خص الله تعالى رسوله بعلمه"(53).
6.  أن معنى " طه " طوبى لمن اهتدى , ونسبه القرطبي إلى مجاهد , ومحمد ابن الحنفية(53).  
ومما هو جدير بالإشارة إليه أن أبا عبد الله القرطبي قد أفاد من المفسرين الذين سبقوه كالفراء , وابن جرير الطبري, والزمخشري, فذكر ما ذكروه من معاني "طه" وهذه المعاني هي:
1.     أنه بمعنى يا رجل(55).
2.     أنه اسم من أسماء الله تعالى , وقسم أقسم به . وذكر أن هذا المعنى مروي عن ابن عباس (56).
3.     أنه حروف مقطعة يدل كل حرف منها على معنى(57).
4.     أن معناه : طَإِ الأرض (58) يا محمد وذلك من أجل التخفيف عليه في مشقة الصلاة.
غير أنه في المعنى الأول وهو: " أنه بمعنى يا رجل" يشير إلى قبيلتين أخريين تستعملان "طه" في معنى يا رجل وهما عُكْل و طيّئ  إلى جانب " عك " يقول في أثناء حديثه عن هذا المعنى:
" ... ابن عباس: معناه  يا رجل , ذكره البيهقي. وقيل : إنها لغة معروفة في عُكْل, وقيل: في عك ... والصحيح أنها وإن وجدت في لغة أخرى فإنها من لغة العرب .. وأنها لغة يمنية في عَكّ و طيّئ, وعُكْل أيضاً"(59).
وذكر ما ذكره ابن جرير الطبري من احتمال كونها بمعنى يا رجل بالسريانية , أو النبطية , وعزا إلى عكرمة أيضاً أنها بمعنى يا رجل بلسان الحبشة(60).
ولم يجزم الزمخشري بصحة كون "طه" في لغة "عك" في معنى يا رجل"(61).
ورغم ذلك التمس لهذه القبيلة سببً في جعلها "طه" بمعنى يا رجل يقول: " ولعل "عك" تصرفوا في (يا هذا) كأنهم في لغتهم قالبون الياء طاءً فقالوا في "يا" طا, واختصروا هذا فاقتصروا على (ها)" (62).
وهذا الذي ذكره الزمخشري متكلَّف , وبعيد حداً, عن واقع اللغة. ولم يرتض أبو حيان هذا الوجه محتجًا بأنَّ قلب (الياء) طاءً, واختصار اسم الإشارة "هذا " إلى "ها" كذلك,لم يرد في كلام العرب , فقال في رده على الزمخشري:
" وكان قد قدم أن أنه يقال : إنَّ "طاها" في لغة "عك" في معنى يا رجل , ثم تخرَّص, وحرز على "عك" بما لا يقوله نحوي وهو أنهم قلبوا الياء طاء, وهذا لا يوجد في لسان العرب, قلب يا " التي للنداء "طاء" وكذلك حذف اسم الإشارة في النداء,وإقار "ها" التي للتنبيه"(63).
ثم لو كان الأمر وفق ما يقول الزمخشري, لوجب أن تكتب "طه" بأربعة أحرف هكذا: طاها.
والظاهر عند أبي حيان أن "طه" من الحروف المقطعة, يقول في أثناء حديثه عن تفسير "طه":
" . . . والظاهر أن "طه" من الحروف المقطعة نحو "يس" , و "الر" وما أشبههما (64).
ومعنى ذلك أن "طه" من االفواتح التي تُستَأنف بها السورة الكريمة . وهو الذي أميل إليه , وقد رجح ذلك غير أبي حيان كأبي السعود الذي أكد أن هذا القول هو قول الجمهور .
يقول بعدما تحدث عن التفخيم في والإمالة "طه" : "وهو (يعني طه) من الفواتح التي يصدَّر بها السور الكريمة وعليه جمهور المتقنين"(65).
وقال في موضع آخر: " فالحق ما سلف من أنها من الفواتح"(66).
ونسب الزَّجَّاج  هذا القول إلى أهل اللغة , إذ قال بعد أن ذكر ما في "طه" من قراءات :
"واختلف في تفسيرها (يعني طه ) فقال أهل اللغة : هي من فواتح السور نحو حم والم" (67).
ثانياً: "يس" :
ذكر الأخفش في "يس" معنى واحداً ليس غير , وهو أنه بمعنى يا إنسان, ونبه على أن المعنى به هو النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول الأخفش: " ومن سورة يس قال: (يس) يقال : معناها يا إنسان كأنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم , فلذلك قال: {إنك لمن المرسلين} (سورة (36) يس,آية 3, لأنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم(68).
وأشار الفراء إلى معنيين في "يس" الأول أنه بمعنى يا رجل , والثاني أنه بمنزلة حرف الهجاء وعزا الأول إلى الحسن بإسناد , أما الثاني فذكر أن هذا هو معناه في العربية , يقول في معرض حديثه عن سورة "يس":
"قوله: "يس" حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد قال: الفراء قال: حدثني شيخ من أهل الكوفة عن الحسن نفسه قال: يس: يا رجل . وهو في العربية بمنزلة حرف الهجاء, كقولك : حم وأشباهها"(69).
أما ابن جرير الطبري فذكر في "يس" أربعة أقوال (70) تبين  اختلاف المفسرين فيه:
الأول: أنه اسم من أسماء الله , وقسم أقسم الله به, يقول في معرض تفسيره لقوله تعالى: {يس والقرآن الحكيم} (سورة 36) يس, آية 1,2) : " اختلف أهل التأويل في تأويل قوله (يس) فقال بعضهم : هو قسم أقسم الله به , وهو من أسماء الله . . . "(71).
فـ "يس" على هذا القول علم باعتباره اسماً من أسماء الله أُقسم به.
والثاني: أنه بمعنى يا رجل, إذ قال ابن جرير الطبري : " وقال آخرون : معناه: يا رجل (72) وفي "ذكر من قال ذلك" أسند إلى ابن عباس أن "يس" معناها يا إنسان بالحبشية . يقول: " . . .  . عن ابن عباس في قوله (يس) . قال: يا إنسان بالحبشية" (73)فـ "يس" هنا معناه يا إنسان , يا رجل.
وعلى هذا المعنى معرفة , لأنه منادي نكرة مقصودة فتتعرف بالنداء.
والثالث: أنه افتتاح كلام.
فـــ "يس" على هذا المعنى من الحروف المقطعة التي افتتح بها بعض السور  للتنبيه على إعجاز القرآن بمنزلة " الم" , فخرجت من العلمية.
أما القول الرابع الذي أورده أورده ابن جرير الطبري في "يس" فهو أنه اسم من أسماء القرآن. يقول: ". . . وقال آخرون بل هو اسم من أسماء القرآن" (75).
ومعنى ذلك أن "يس" على هذا القول علم, فعلميته كونه اسماً من أسماء القرآن.
وأسند الزمخشري إلى ابن عباس أنه بمعنى يا إنسان في لغة طيئ, ولم يجزم الزمخشري بصحته , يقول في معرض حديثه عن "يس":
"وعن ابن عباس رضي الله عنهما معناه: يا إنسان في لغة طيء. والله أعلم بصحته"(76).
ثم أوضح أنه إن صح فإن أصله يا أُنَيْسِين , فلما كثر النداء به على ألسنتهم حذفوا بعضاً منه تخفيفاً فصار "يس" , يقول متمماً قوله السابق :
" وإن صح فوجهه أن يكون أصله يا أُنَيْسِين . فكثر النداء به على ألسنتهم حتى اقتصروا على شطره , كما قالوا في القسم مُ الله في أيمُن الله(77).
إذاً فـــ "يس" على هذا الوجه نداء . ولا يهمنا إن كان بلغة الحبشة , أو طيئ أو كلب, أو كان باللغة السريانية , لأن العرب تكلمت به فصار من لغتهم(78).
ويعلق أبو حيان على قول ابن عباس : "معناه يا إنسان بالحبشية وعنه هو في لغة طيئ." فيقول : "وذلك أنهم يقولون : إيسان بمعنى إنسان , ويجمعونه على أياسين. . . "(79).
ومما يضعف هذا القول أن أبا حيان لم يدعم كلامه بإثبات من كلام العرب من أنهم يقولون : إيسان بمعنى إنسان ويجمعونه على أياسين . وأشار أبو حيان إلى قول آخر في "يس" فقال:
"وقالت فرقة : يا حرف نداء , والسين مقامة مقام إنسان انتزع منه حرف فأقيم مقامه"(80).
ويعترض أبو حيان على قول الزمخشري " أن يكون أصله يا أُنَيسِين" لأن أُنَيسِين " ليس قياس تصغير إنسان بل القياس في تصغيره "أُنَيسِيَان", يقول أبو حيان:
"والذي نقل عن العرب في تصغيرهم إنسان  "أُنَيسِيَان" بياء بعدها ألف فدلَّ على أن أصله "أُنَيسَان" , لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها , ولا نعلمهم قالوا في تصغيره : "أُنَيسِين" وعلى تقدير أنه بقية "أُنَيْسِين" فلا يجوز ذلك إلا أن يبنى على الضم ولا يبقى موقوفاً, لأنه منادى مقبل عليه. ومع ذلك فلا يجوز , لأنه تحقير , ويمتنع ذلك في حق النبوة, وقوله (يعني الزمخشري): كما قالوا في القسم: مُ الله في أيمن الله هذا قول, ومن النحويين من يقول : إن "مُ" حرف قسم وليس مُبَقَّى من (أيمن) , (81) انتهى كلامه.
وقول أبي  حيان: " فلا يجوز لأنه تحقير" فيه نظر عندي , لأن التصغير إنما يمتنع من البشر . وأما من الله فلا اعتراض عليه, لأن الله سبحانه وتعالى له أن يطلق على نفسه , وعلى خلقه ما أراد, ويحمل ذلك على أغراض تليق بالله ,ورسوله , وسائر خلقه كالتعظيم , ونحوه من أغراض التصغير, ذلك لأن خطاب الله سبحانه لرسوله إنما يجري على طريقة العرب في كلامهم.
ومهما يكن من أمر فالباحث يرجع أن(طه) و (يس) كليهما – من الحروف المقطعة التي تفتح "الم" وغيرها من الحروف التي تحمل فيما تحمله الدلالة على إعجاز القرآن الكريم, يدل على ذلك أن كل سورة تبدأ بالحروف المقطعة يرد في أوائلها الذكر, أو الكتاب , أو القرآن وهذا أمر مطرد نلحظه في "طه" و"يس" وغيرهما.
وقد تتبعت سور القرآن الكريم المبدوءة بحروف التهجي فوجدت أن بعض السور تفتتح بحرف واحد كسورة "ن" و" ق " و " ص" وبعضها بحرفين كسورة " حم" و" يس" , و " طس" و "طه " , وبعضها بثلاثة أحرف كسورة "الم" , و"طسم" , و " الر" وبعضها بأربعبة أحرف كسورتي المر" و "المص" وبعضها بخمسة أحرف كسورتي "حم عسق " , وكهيعص " .
وفي ذكر هذه الحروف في أوائل السور أمور لا تخلو من الحكمة , لكن علم الإنسان لا يصل إليها, والخوض في معاني هذه الحروف حرفا ً حرفاً يخرج من حيز هذه الدراسة.
والذي جعل بعض الناس يسمون بـ"طه" و " يس" – كما يبدو – هو وجود ضمير المخاطب بعدهما, قال تعالى (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) (سورة (20) طه, آية 1, 2) وقال عز وجل : (يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين) (سورة (36) يس آية 1 , 2, 3) فكاف الخطاب في كلتا الآيتين قد يوهم بأنه يرجع إلى"طه" و "يس" في صدر السورتين مما جعل بعض الناس يتوهم بأن " طه" ويس" اسمان علمان , وأنهما يرمزان للنبي صلى محمد صلى الله عليه وسلم وأن الضمير يعود إليهما.
والصواب أن الضمير في كلتا الآيتين لا يرجع إلى "طه" و "يس" لأننا لو اعتبرناه راجعاً إليهما لاعتبرناه راجعاً إلى نون في قوله تعالى ( ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون ) ( سورة (68) القلم, آية (1 , 2) ولا عتبرنا "ن" اسما يمكن أن يسمى به كـ"طه" و " يس" . ولم يقل بذلك أحد, وما قلناه في "ن" هنا يمكن أن يشمل "المص"  في قوله سبحانه المص كتاب أنزل إليك ... الآية ) ( سورة (7) الأعراف , آية (1, 2) و (طسم) في قوله سبحانه : طسم تلك آيات الكتاب المبين لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ) ( سورة (26) الشعراء , آية 1, 2, 3) , وغير ذلك . إذ لو كان " طه" و " يس" علمين أصلاً لسمى الناس بـ " ن " و"طسم" , وغيرهما مما يؤكد أن "طه" و "يس" من الحروف المقطعة التي تفتح بها بعض السور . والذي يغلب على ظني أن "طه" و" يس" صارا علمين على بعض الأعلام , إما جرياً على قول بعض المفسرين الذين ذهبوا إلى أنهما علمان, توهماً بعودة ضمير الخطاب بعدهما إليهما. مع أن للضمير في القرآن الكريم سمات أسلوبية لا نجدها في غير القرآن , ومما هو جدير بالإشارة إليه أن التراث العربي في العصر الجاهلي, وصدر الإسلام يخلو من " طه" و" يس" علمين.





الهوامش
1-      محمد بن شاكر الكتبي, فوات الوفيات , تحقيق إحسان عباس , بيروت , دار صادر, (د. ت ) , 2/130 , 131. وانظر في ترجمته : جمال الدين عبدالرحيم الإسنوي, طبقات الشافعية , تحقيق عبدالله الجبوري , الرياض , دار العلوم للطباعة والنشر , 1401هـ-1981م , 1/153 , 154 وذكر أن لقبه كمال الدين وأنه مات بمصر في جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وستمائة . وحذا حذوه أبو الفدا الحافظ ابن كثير , البداية والنهاية , بيروت , دار الفكر , 1398هـ - 1978م , 13/282 . وجلال الدين عبدالرحمن السيوطي, حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة , تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم , مصر , دار إحياء الكتب العربية (عيسى الباني الحلبي وشركاه) ,ط1, 1387هـ - 1967م , 1/417 . وأبو الفلاح عبدالحي بن العماد الحنبلي , شذرات الذهب في أخبار من ذهب , بيروت , دار المسيرة , ط2, 1399هـ - 1979م , 5/357 , 358 .
2-      شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني , الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة , تحقيق محمد سيد جاد الحق , مصر , دار الكتب الحديثة , مطبعة المدني , ط 2, 1385هـ - 1966م ,2/328 . وانظر ترجمته: جلال الدين عبدالرحمن السيوطي, بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة , تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم , بيروت , المكتبة العصرية (د.ت) ,2/21 .
3-              خير الدين الزركلي , الأعلام , بيروت , دار العلم للملايين , ط6 , 1984م , 3/231 .
4-              المرجع السابق , 3/231.
5-              المرجع السابق ,3/231 .
6-              الأعلام , 3/232 .
7-              المرجع السابق , 3/233 .
8-              المرجع السابق , 3/232
9-              المرجع السابق , 3/2/232.
10-    انظر : عمر رضا كحالة , معجم المؤلفين , بيروت , دار إحياء التراث العربي, بيروت , مكتبة المثنى , ودار إحياء التراث العربي, (د.ت) ج5/43 , 44, 45.
11-         انظر : الزركلي ,الأعلام , 3/158.
12-    شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني , تهذيب التهذيب , الهند, حيدر آباد الدكن, مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية , 1327هـ - 11/172 .
13-         المرجع السابق, 11/173 .
14-    ابن حجر العسقلاني , تهذيب التهذيب , 11/173 . وانظر في ترجمته: السيوطي , حسن المحاضرة ,1/294 . وفيه أنه " مات سنة تسع ومائتين" وهو خطأ , أو سقط كلمة في المخطوط.
15-    شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي, سير أعلام النبلاء , تحقيق شعيب الأرنؤوط , وإبراهيم الزيبق , بيروت , مؤسسة الرسالة , ط2, 1404هـ - 1984م , 15/339, 340 , وانظر ترجمته: الزركلي , الأعلام, 8/128.
16-         شمس الدين الذهبي , سير أعلام النبلاء , 23/5 .
17-         ابن العماد الحنبلي , شذرات الذهب في أخبار من ذهب ,8/43 .
18-         المرجع السابق, 8/39 .
19-         الزركلي , الأعلام, 8/130 .
20-         المرجع السابق, 8/130 .
21-         المرجع السابق , 8/128 , وانظر 8/130 .
22-         المرجع السابق , 8/129 .
23-    سيبويه , الكتاب, مصر , مطبعة بولاق , ط1 1317هـ , 2/30, وانظر أبو سعيد السيرافي , شرح كتاب سيبويه (ميكروفيلم) بقسم المخطوطات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم 10296/ ف , مصور في دار الكتب المصرية برقم (137) نحو , 4/ق 109.
24-    انظر: أبو جعفر النحاس , إعراب القرآن, تحقيق غازي زاهد , مصر , عالم الكتب , مكتبة النهضة العربية , ط2, 1405هـ - 1985م, 3/381.
25-         سيبويه , الكتاب (بولاق) , 2/30, والسيرافي, شرح سيبويه , 4/ق 109 .
26-         المرجع السابق (بولاق ) ,2/30, والمرجع السابق , 4/ق110 .
27-     الأخفش (الأوسط) , أبو الحسن سعيد بن مسعدة , معاني القرآن , تحقيق  عبدالأمير محمد أمين الورد , بيروت عالم الكتب , ط1, 1405هـ - 1985م , 2/628.
28-         الفراء , معاني القرآن , بيروت , عالم الكتب ط3, 1403هـ - 1983م , 2/174.
29-         المرجع السابق , 2/174.
30-         المرجع السابق , 2/174 . ونبه الزجاج على المعنيين الأول والأخير اللذين هما أوردهما الفراء .
قال الزجاج: " واختلف في تفسيرها (أي في تفسير "طه" ) فقال أهل اللغة: هي من فواتح السور نحو حم , والم, ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ر فع رجلاً , ووضع أخرى , فأنزل الله عز وجل : طاها أي طأ الأرض بقدميك جميعاً " أبو إسحاق الزجاج, معاني القرآن وإعرابه المنسوب إليه , تحقيق عبدالجليل عبده شلبي , بيروت , عالم الكتب , ط1, 1408هـ - 1988م, 3/349 .

31-الزمخشري , الكشاف , الرياض , مكتبة المعارف , بيروت , دار المعرفة (بلا تاريخ ) ,2/426 , وانظر: أبو حيان , البحر المحيط, بيروت, دار الفكر , ط2, 1403هـ - 1983م , 6/224.
32-الزمخشري , الكشاف ,2/426 . وحذا حذوه في هذا التفسير أبو حيان , إذ يقول : " وقيل "طا " فعل أمر , وأصله "طأ " فخففت الهمزة بإبدالها ألفاً , و"ها" مفعول وهو ضمير الأرض , أي طأ بقدميك , ولا تراوح, إذا كان يراوح حتى تورمت قدماه".
أبو حيان , البحر المحيط,6/224.
33-أبو السعود, تفسير أبي السعود , بيروت , دار إحياء التراث العربي (بلا تاريخ), 6/2.
34-ابن جرير الطبري, تفسير الطبري, (جامع البيان عن تأويل آي القرآن ) , بيروت , دار الفكر, 1988م م 9/ج 16, ص 135.
34-المرجع السابق, م 9 ج/16 ص 135.
35-المرجع السابق, م 9 ج/16 ص 136.
36-المرجع السابق, م 9 ج/16 ص 136.
37-المرجع السابق, م 9 ج/16 ص 136.
38-المرجع السابق, م 9 ج/16 ص 136.
39-ابن جرير الطبري, تفسير الطبري , (جامع البيان عن تأويل آي القرآن), م 9/ج16, ص136.
40-انظر ص 9 من هذا البحث.
41-ابن جرير الطبري, تفسير الطبري , (جامع البيان عن تأويل آي القرآن), م 9/ج16, ص136.
42-الرجع السابق م 9/ج16, ص136.
43-نسبه ابن جرير الطبري لمتمم بن نويرة , انظر : ابن جرير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن), م 9/ج16, ص137, والبيت بلا نسبة في (أبو عبد الله القرطبي , الجامع لأحكام القرآن , بيروت, دار الكتب العلمية, ط1 , 1408هـ -1988م , 6 ج11 ص111, وفيه "دَعَوتُ" مكان "هَتَفْتُ" وفي "أبو حيان , البحر المحيط, بيروت, دار الفكر, ط2 , 1403هـ - 1983م , 6/ 224.
44-البيت بلا نسبة في جامع البيان عن تأويل آي القرآن , م9 , ج16, ص137. والزمخشري , الكشاف, الرياض, مكتبة المعارف, بيروت, دار المعرفة,(بلا تاريخ), 2/426.وهو في الكشاف برواية مختلفة وهي:
إنَّ السَّفَاهَةَ طَاهَا فِي خَلاَئِقِكُمْ       لاَ قَدَّسَ الله أخْلاَقَ المَلاَعِيْنِ.   والبيت نفسه في الفخر الرازي , تفسير الفخر الرازي, " المشتهر بالتفسير الكبير " , بيروت , دار الفكر, 1410هـ -1990م , ج22, ص3, وفيه "أرواح" مكان "أخلاق" . وينسبه القرطبي ليزيد بن المهلهل وفيه " شمائلكم " بدلا من "خلائقكم" انظر القرطبي , الجامع لأحكام القرآن, م 6/ ج11,ص111.
45-ابن جرير الطبري, تفسير الطبري, (جامع البيان عن تأويل آي القرآن ),م 9/ج 16, ص 137.
46-أبو عبد الله محمد القرطبي, الجامع لأحكام القرآن , بيروت , دار الكتب العلمية, ط1, 1988م , ج6/ ج11/ص111.
47-المرجع السابق, م6 ج11, ص111.
48-هذا الحديث ساقه القرطبي بصيغة التمريض, وقد أورده أبو نعيم الأصبهاني المتوفى سنة(430هـ) مرفوعاً إلى أبي الطفيل , إذ قال أبو نعيم في كتاب دلائل النبوة تحت (ذكر فضيلته صلى الله عليه وسلم بأسمائه): " حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: ثنا عبد الله بن عمرو بن أبان قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم التميمي ثنا سيف ابن وهب عن أبي الطفيل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لي عند ربي عشرة أسماء , قال أبو الطفيل : حفظت منها ثمانية : محمد و أحمد وأبو القاسم والفاتح والخاتم والعاقب والحاشر والماحي, قال أبو يحيى: وزعم سيف أن أبا جعفر قال له : إن الاسمين الباقيين طه وياسين". أبو نعيم الأصبهاني , دلائل النبوة , بيروت, عالم الكتب (بلا تاريخ), 1/12.
والحديث الصحيح  المتفق عليه هو ما أورده البخاري في كتاب المناقب –تحت باب (ما جاء في أسماء رسول الله تعالى عليه وسلم) وهو: " حدثني إبراهيم بن المنذر قال: حدثني معنّ عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لي خمسة أسماء أنا محمد وأحمد, وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر, وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي , وأنا العقب".
البخاري , صحيح البخاري, بيروت, عالم الكتب, إدارة الطباعة المنيرية, ط2 1402هـ -1982م , ج5,ص24,الحديث رقم39.
49-أبو عبد الله القرطبي , الجامع لأحكام القرآن, م6 /ج11, ص112.
50-المرجع السابق, م6 /ج11, ص112.
51-انظر الصفحة الرابعة من هذا البحث.
52-أبو عبد الله القرطبي , الجامع لأحكام القرآن, م6 /ج11, ص112.
53-المرجع السابق, م6 /ج11, ص112.
54-انظر المرجع السابق, م6 /ج11,ص11, ص112.
55-انظر المرجع السابق, م6 /ج11, ص112.
56-انظر المرجع السابق, م6 /ج11, ص112. وذكر هذه المعاني لا طائل تحته, ويبدو أنه اجتهاد من بعض المفسرين كقولهم : إن الطاء من "طه" شجرة طوبى , والهاء النار الهاوية, انظر في هذه المعاني المرجع السابق 6/11/112.
57-انظر أبو عبد الله القرطبي , الجامع لأحكام القرآن , م6 /ج11, ص112.
58-المرجع السابق م6 /ج11,ص111, ص112.
59-المرجع السابق م6 /ج11, ص112.
60-الزمخشري , الكشاف, 2/426.
61-المرجع السابق, 2/4256.
62-أبو حيان الأندلسي , البحر المحيط, 6/224.
63- المرجع السابق, 6/224.
64-أبو السعود , تفسير أبي السعود, 6/3.
65-أبو السعود , تفسير أبي السعود, 6/3.
66-الزجاج , معاني القرآن وإعرابه المنسوب إليه, 3/349.
67-الأخفش الأوسط, معاني القرآن , تحقيق عبد الأمير محمد أمين الورد,2/666.
ونجد التفسير نفسه عند الفخر الرازي إذ قال: " قيل في خصوص (يس) إنه كلام هو نداء معناه يا إنسان . . . وعلى هذا يحتمل أن يكون الخطاب مع محمد صلى الله عليه وسلم ويدل عليه قوله تعالى بعده:(إنك لمن المرسلين)".
الفخر الرازي, تفسير الفخر الرازي, ( التفسير الكبير) , 26/ ص40.
وأشار أبو عبد الله القرطبي إلى هذا المعنى ونسبه إلى سعيد بن جبير يقول في أثناء حديثه عن معاني "يس" . "وقال سعيد بن جبير: هو اسم من أسماء محمد صلى الله عله وسلم, ودليله: إنك لمن المرسلين" (سورة (36) يس, آية3) وذكر أنهم "قالوا في قوله تعالى: "سلام على إل ياسين" سورة (37) الصافات, آية130 أي على آل محمد" أبو عبد الله القرطبي, الجامع لأحكام القرآن, م8/ج15, ص5. ونبه القرطبي على المعنى نفسه ولكن بصيغة أخرى, إذ قال وهو يتحدث عن معاني "يس" : "وقال أبو بكر الوراق: معناه يا سيد البشر" المرجع السابق , م 8/ ج 15 ص5. و سيد البشر هو النبي محمد صلى الله عله وسلم.
68-الفراء, معاني القرآن , 2/3712.
69-انظر ابن جرير الطبري, تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن), م 12/ ج22/ ص148.
70-ابن جرير الطبري, تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن), م 12/ ج22/ ص148.
وذكر أبو جعفر النحاس وهو يتحدث عن معاني "يس" هذا المعنى أي أنه قسم وعزاه إلى عكرمة ولم يذكر أنه اسم من أسماء الله كما فعل ابن جرير الطبري. انظر أبو جعفر النحاس, معاني القرآن الكريم, تحقيق محمد علي الصابوني, مكة المكرمة, جامعة أم القرى, ط1, 1410هـ -1989م, 5/472.
71-ابن جرير الطبري, تفسير الطبري( جامع البيان عن تأويل آي القرآن ) م12/ ج22/ص148.
72-ابن جرير الطبري, تفسير الطبري( جامع البيان عن تأويل آي القرآن ) م12/ ج22/ص148. . وقال الزجاج في معرض تفسيره لسورة "يس" : "جاء في التفسير (يس) معناه: يا إنسان, جاء يا رجل, وجاء يا محمد" أبو إسحق الزجاج, معاني القرآن وإعرابه المنسول إليه, 4/277.
 وممن أشار إلى هذا المعنى وهو أنه بمعنى (يا إنسان) أبو جعفر النحاس, وعزاه إلى الحسن بإسناد, وإلى الضحاك. انظر أبو جعفر النحاس,معاني القرآن الكريم, تحقيق محمد علي الصابوني,5/471,472.
73-ابن جرير الطبري, تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) م12 /ج22 /ص148.
وانظر: أبو جعفر النحاس, معاني القرآن الكريم, تحقيق محمد علي الصابوني,5/471,472.
قال النحاس: " . . . عن الحسين "يس" قال: افتتاح القرآن . . . وقال مجاهد: من فواتح كلام الله جل وعز". المرجع السابق,5/471,472.
74-ابن جرير الطبري, تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) م12 /ج22 /ص148.
ونسب أبو جعفر النحاس إلى قتادة أنه اسم للسورة , انظر أبو جعفر النحاس, معاني القرآن الكريم, 5/472.
75-الزمخشري, الكشاف, 3/279.
76-المرجع السابق, 3/279.
77-أشار إلى هذه اللغات في "يس" أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي, انظر الجامع لأحكام القرآن ,م8/ ج15/ص5.
78-أبو حيان, البحر المحيط, 7/323.
79-أبو حيان, البحر المحيط, 7/323.
80-المرجع السابق, 7/323.

 http://faculty.ksu.edu.sa/prof.aldayel/arabic/Pages/th.aspx