الخميس، 30 مايو 2013

الكنية..بدايتها..ومميزاتها..في الحضارة الاسلامية

الكنية..بدايتها..ومميزاتها..في الحضارة الاسلامية .


1 ـ أصل الكنية :

قال ابن الأثير : بلغني أن سبب الكنى في العرب كان :
أن ملكا من ملوكهم الاول ولد له ولد توسّم فيه أمارات النجابة فشغف به ، فلما نشأ وترعرع
وصلح لان يؤدَّب أدب الملوك ، أحب أن يفرد له موضعا بعيدا من العمارة يكون فيه مقيما يتخلق
أخلاق مؤدّبيه ، ولا يعاشرمن يضيع عليه بعض زمانه ، فبنى له في البرية منزلا ونقله إليه
ورتب له من يؤدبه بأنواع الآداب العلمية والملكية ، وأقام له ما يحتاج من أمر دنياه
ثم أضاف إليه من هو من أقرانه وأضرابه من أولاد بني عمه وامرائه ليواسوه ويتأدبو
ا بآدابه بموافقتهم له عليه .
وكان الملك على رأس كل سنة يمضي إلى ولده ، ويستصحب معه من أصحابه من له عند ولده ولد ، ليبصروا أولادهم ، فكانوا معه إذا وصلوا إليهم سأل ابن الملك عن أولئك الذين جاءوا مع أبيه
ليعرفهم بأعيانهم ، فيقال له : « هذا أبوفلان ، وهذا أبوفلان » يعنون آباء الصبيان الذين هم عنده
فكان يعرفهم بإضافتهم إلى أبنائهم
فمن هنالك ظهرت الكنى في العرب ، ثم انتشرت حتى صاروا يكنون كل إنسان باسم ابنه .

ويقال قد يكون أصل استعمال الكنية عند العرب لاخفاء أسمائهم ، لانهم كانوا امة قبلية تعيش
حالات الحروب والغارات ، فربّما اتخذوا الكنى ـ في بداياتها ـ ليخفوا وراءها شخصياتهم المعروفة
ـ عادة ـ بالاسماء ، ثم تبلورت إلى أداة معبرة عن الاشخاص ، وتميزت بخصوصيات اخرى .
ويؤيد هذا الاحتمال : أن اللغويين فسروا الكنية بالستر ، كما سيجيء .

والكنى لها شأن عجيب، وهي من الموضوعات الممتعة والطريفة، وفيها أشياء مفيدة. فالكنية مأخوذة من الكناية، وهي: التعريض بالشيء دون التصريح باسمه، فعادة الناس أنهم قد يعرضون بالشيء، ولا يصرحون بذكر اسمه، فهذا يسمى كناية أو كنية، فالكنية مشتقة من الكناية. والكنية معروفة عند العرب، حتى كان العرب يكنون الصبي من يوم أن يولد، فيسمونه ويكنونه في نفس الوقت، بخلاف العجم والفرس، فإنهم كانوا لا يستخدمون الكنية بل يستخدمون اللقب، كما سيأتي في موضوع الألقاب. وكانت العرب تتيمن بتكنية الولد تفاؤلاً بأنه سيطول عمره حتى يتزوج وينجب ويسمي، وهذا فأل حسن، وورد الشرع به، فهو محمود، كما أنهم كانوا يقولون: كنوا أولادكم -أو بادروا أولادكم بالكنى- حتى لا تغلب عليهم الألقاب، لأنهم يرون أن الإنسان إن لم يكنى، فإنه قد يلقب، وهذا موجود الآن في كثير من مجتمعاتنا، لا تكاد تجد صغيراً ولا كبيراً إلا له لقب، واللقب: هو شئ يعتبر به، ويكون غالباً من الألقاب المذمومة غير المحمودة، فالكنية هي البديل الشرعي لهذه الألقاب المكروهة التي يتداولها الناس، خاصة في البيئات والمجتمعات الريفية -في القرى والأرياف والمدن الصغيرة- حيث يكثر التلقيب بالأسماء المكروهة، والكنية هي البديل الشرعي، كأبي فلان أو ما أشبه ذلك.

2 ـ حقيقة الكنية :

قال الجرجاني : الكنية : ما صدر بأب أو أم أو ابن أو بنت .
وقال الشيخ الرضي : الكنية هي : الاب ، أو الام ، أو الابن ، أو البنت ، مضافات
نحو : أبوعمرو ، وام كلثوم ، وابن آوى ، وبنت وردان
وقال ابن الأثير : لما كان أصل الكنية أن تكون بالاولاد ، تعين أن تكون بالذين ولدوهم
كأبي الحسن ، في كنية علي بن أبي طالب عليه السلام .
فمن لم يكن له ابن ، وكان له بنت ، كنوه بها .
ومن لم يكن له ابن ولا بنت ، كنوه بأقرب الناس إليه كأخ واخت وعم وعمة وخال وخالة .
وجروا في كنى النساء بالامهات هذا المجرى في الكنى بالاولاد .
وقد يكنى في الصغر تفاؤلا لان يعيش حتى يصير له ولد اسمه ذاك .

التكنية بالبنوة :

قال ابن الأثير : وكذلك فعلوا في إضافة الابناء والبنات إكراما واحتراما لهم بإضافتهم إلى
آبائهم مع ترك أسمائهم .

تكنية الحيوان :
قال ابن الأثير : وأجروا غير الأناسيّ مجراهم في ذلك ، لما شارك الناس ـ في الولادة
ـ باقي الحيوانات ، كنوا ما كنوا منها بالآباء والامهات ، كأبي الحارث : للاسد ، وام عامر : للضبع ، وأجروها في ذلك مجرى الأناسيّ .

تكنية الجمادات :
قال ابن الاثير : فلما تجوزوا في إجراء الحيوانات العجم مجرى الناس في الكنى والابناء ، حملوا عليها بعض الجمادات فأجروها مجراها فقالوا : أبوجابر : للخبز ، وام قار : للداهية
وابن ذكاء : للصبح ، وبنت أرض : للحصاة .

ـ أقسام العلم :
العلم من ما يسمى في النحو « المعارف » وهوينقسم إلى اسم وكنية ولقب

قال ابن مالك الأندلسي :
اسم يعين المسمى مطلقا * علمه كجعفر وخرنقا
____________

واسمــا أتــى وكنيــة ولقبــا * . . . . . . . . . . . . . . .

الاسم : ما لا يقصد به مدح ولا ذم (وإنما يراد به مجرد تعيين المسمى) .
واللقب : هو اللفظ الذي يدل على مدح أو ذم .
وأما الكنية : فما كان فيه أحد أدوات الكناية من : أب ، وام ، وقيل : وابن ، وبنت ـ أيضا .

وقال أبوالبقاء : العلم : إن كان مصدرا بأب أو ام فهو « كنية » وإن لم يصدر بأحدهما
: فإن قصد به التعظيم أو التحقير فهو « اللقب » وإلا فهو « اسم » .

وبعض أهل الحديث يجعل المصدر بأب أو ام ، مضافا إلى اسم حيوان أو وصفه كنية ، وإلى غيرذلك لقبا .

والشيء ـ أول وجوده ـ تلزمه الاسماء العامة ، ثم تعرض له الاسماء الخاصة كالآدمي ، إن ولد سمي به
ـ ذكرا كان أو انثى أو مولودا أو رضيعا ـ وبعد ذلك يوضع له الاسم ، والكنية ، واللقب .

وقال : ويجوز اجتماع الثلاثة لشخص واحد ، إذا قصد بكل واحد منها ما لا يقصد بالآخرين
ففي التسمية إيضاح ، وفي الكنية تكريم ، وفي التلقيب ضرب من الوصفية
.
وقال الصفدي : إن العلم الدال على شخص معين :
إن كان مصدرا بأب ، كأبي بكر ، أو بام ، كام كلثوم وام البنين . . . فهو « الكنية » .
وإن أشعر برفع المسمى ، كماء السماء ، وذي الجناحين ، وذات النطاقين ،

ويدخل في هذا ألقاب الخلفاء ، كالعباس ، والمهدي ، . . .
ويدخل فيه مصطلح الناس من : شمس الدين ، وبدر الدين ، ونجم الدين ، وغير ذلك من ألقاب
أهل الكتاب ، كشمس الدولة ، وتاج الملك .

أو يشعر بضعة المسمى ، كقفة ، وبطة ، والاقيشر ، والاحوص .

فهذا هو « اللقب » .
وإن كان للدلالة على ذات المسمى وتعيينه ، كزيد ، وعمرو ، فهو « الاسم ».

ـ موقع الكنية في الكلام :

قال ابن مالك الاندلسي :

واسمــا أتى وكنيــة ولقبــا * واخــرن ذا إن ســواه صحبــا

ومعناه : أن اللقب إذا اجتمع مع الاسم والكنية ، لزم تأخير اللقب عنهما ، فالاسم والكنية مقدمان
على اللقب عند اجتماعها
فيقال : الحسين ، أبو عبد الله ، الشهيد ، عليه السلام .

أما تقديم الاسم على اللقب : فمتفق عليه :

قال ابن عقيل : يجب تأخير اللقب إذا صحب الاسم

وأما تقديم الكنية على اللقب ، فهو ظاهر الالفية حيث ورد فيها :
« وأخرن ذا » أي اللقب « إن سواه » أي غير اللقب « صحبا » .

ولكن شراح الالفية قالوا : أنت ـ في اللقب مع الكنية ـ بالخيار ، بين أن تقدم الكنية على اللقب
فتقول : أبو عبد الله زين العابدين ، وبين أن تقدم اللقب على الكنية فتقول . زين العابدين أبو عبد الله

وعلى هذا الاساس احتملوا أن تكون عبارة الالفية :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . * وأخــرن ذا إن سواهــأ صحبــا

أي أخر اللقب إن صحب سوى الكنية ، أي إن صحب الاسم لزم تأخيره عن الاسم ، وأما إن صحب الكنية
فهو ساكت عنه .

ويرد عليه : أنهم حكموا في اجتماع الاسم والكنية بالخيار في تقديم أحدهما على الآخر ، فلو كان الناطق

في اجتماع اللقب والكنية بالخيار أيضا ، لزم من تقديم اللقب على الكنية جواز تقديمه على الاسم نفسه
وقد عرفنا أن اللقب متأخر عن الاسم ذكر أبوالبقاء هذا الاعتراض
.
فالظاهر وجوب تأخر اللقب عن الاسم والكنية ، وهذا يوافق النسخة المعروفة من الالفية : « إن سواه »
.
وقال أبوالبقاء : إذا اجتمع الاسم واللقب : فالاسم ـ إن لم يكن مضافا ـ اضيف إلى اللقب ، كسعيد كرز
لانه يصير المجموع بمنزلة الاسم الواحد .

وإن كان مضافا ، فهم يؤخرون اللقب ، فيقولون : عبد الله بطة .

ويقدم اللقب على الكنية ، وهي على العلم ، ثم النسبة إلى البلد ، ثم إلى الاصل ، ثم إلى المذهب في الفروع .
ثم إلى المذهب في الاعتقاد ، ثم إلى العلم .

وقد يقدمون اللقب على الا سم ، ويجرون الاسم عليه بدلا أو عطف بيان .

وقال الصفدي : فسردها يكون على الترتيب : ـ ثم ذكر عين ما ذكره أبوالبقاء إلا أنه أضاف بعد قوله
« ثم إلى العلم » قوله . أو الصناعة أو الخلافة أو السلطنة أو الوزارة أو القضاء أو الامرة أو المشيخة
أو الحج أو الحرفة .

وقال : هذا الذي ذكرته ههنا هو القاعدة المعروفة والجادة المسلوكة المألوفة عند أهل العلم .
وفي المقام أقوال اخر .


ـ كنية أو لقب

قال الشيخ الرضي : لفظ « اللقب » ـ في القديم ـ كان في الذم أشهر منه في المدح ، وهو ما يقصد به
المدح أو الذم في الاعصار المتأخرة مثل : بطة ، وقفة ، وعائد الكلب ، في الذم .
وكالمصطفى ، والمرتضى ، وفخر الدين ، في المدح .

وقد تجعل اللفظة المستعملة للكنية « لقبا » لشخص ، والمراد بجعلها اعتبار جهة المدح أو الذم فيها
بحيث لاتستعمل إلا لارادة أحدهما منها ، فتسمى « لقبا « اصطلاحا ، وهي كنية لفظا .

وقد قسم ابن منظور الانصاري الكنية إلى ما يراد به الذم أو المدح ، أو الخالي منهما
.
وعلى ذلك يصح إطلاق « الكنية » و« اللقب » على لفظ واحد ، باختلاف الاعتبار .

وقد جعل ابن الأثير كلمة « أبي تراب » كنية للامام علي عليه السلام ، ولكن جعلها من قسم الكنى النادرة
كما سيأتي .

وأبن الصلاح جعل لفظ « أبي تراب » لقبأ للامام عليه السلام ، فقال : الذين لقبوا بالكنى ، ولهم غير ذلك
كنى وأسماء ، مثاله : علي بن أبي طالب عليه السلام يلقب بأبي تراب ، ويكنى أبا الحسن .
وممن لقب بالكنية : عبد الله بن محمد الاصفهاني ، المكنى بأبي محمد ، الملقب بأبي الشيخ
وقال ابن حجر ، في إبراهيم بن خالد : قيل : كنيته أبو عبد الله ، وأبوثور لقب
وقد ذكر عدة من الكنى في فصل الالقاب من التقريب.
وقال الفيروز آبادي : أبوالعتاهية : لقب أبي إسحاق بن سويد ، لا كنية
.
وقد يقال : إن الكنية ـ كما سيجيء ـ تدل على الاحترام والتعظيم للمكنى ، وهذا ينافي أن يكون دالا على الذم
عندما يستعمل لقبا ?

ويجاب : بأن اللقب ـ إنما يذم الملقب به بمعنى لفظه ، فدلالته على الذم لفظية ظاهرية مطابقية
بخلاف الكنية

فاللقب يدل بمعناه اللغوي على ذم الملقب به ، أما الكنية فجهة التعظيم فيها
هو عدم ذكر اسم الشخص ، فهي تدل عليه بالدلالة الالتزامية .

ـ أهداف الكنى

قال الاهدل : والمقتضي للتكنية امور :

: الاخبار عن نفس كأبي طالب ، كني بابنه طالب ، وهذا هو الأغلب.

الثاني : التفاؤل والرجاء ، كأبي الفضل : لمن يرجو ولدا جامعا للفضائل .

الثالث : الايماء إلى الضد ، كأبي يحيى لملك الموت .

الرابع : اشتهار الشخص بخصلة ، فيكنى بها :
إما بسبب اتصافه بها في نفسه .
أو انتسابه إليها بوجه قريب ، أو بعيد . كأبي الوفاء : لمن اسمه إبراهيم
وأبي الذبح : لمن اسمه إسماعيل أو إسحاق .
ومن هذا القبيل غالب كنى الحيوان .

ومن فوائد الكنية وأغراض وضعها :
هو التمييز بين الاشخاص بتعيين أحدهم بكنيته ، بالدلالة عليه .
قال ابن قتيبة : الكناية أنواع ، ولها مواضع . . . فمنها : أن تكني عن اسم الرجل بالابوة لتزيد من الدلالة عليه
إذا أنت راسلته أو كتبت إليه ، إذ كانت الاسماء قد تتفق
.
وتتضح هذه الفائدة لو كانت الاسماء المتفقة لعدة من الاخوة ، حيث تتفق هناك أسماء الآباء
والاجدأد ـ أيضا ـ فتكون الحاجة إلى تمييز كل واحد ، والدلالة عليه بما يخصه ، أظهر .

وإليك أمثلة لذلك :
ذكر النسابة المروزي عدة ممن اتفقت أسماؤهم واختلفت كناهم :
منهم أبناء عمر بن يحيى بن الحسين ، أمير الحاج ، صاحب الكوفة ، والموسم : فإنهم ثمانية وعشرون أخا
واسم (واحد وعشرين) منهم (محمد ) وكناهم مختلفة .
وسمى الحسن بن الحسن بن القاسم بن محمد البطحاني أبناءه السبعة (عليا) وكناهم مختلفة .
وذكر أن محمد الجور بن الحسين بن علي الخارص بن محمد : له عشرة أولاد ممن اسمه (جعفر) وكناهم مختلفة.

ـ الكنية للتعظيم والتكريم
قال ابن قتيبة : أن تكني عن اسم الرجل بالابوة . . . لتعظمه في المخاطبة بالكنية
لانها تدل على الحنكة وتخبر عن الاكتهال

وقال ابن الأثير : إنما جيء بالكنية لاحترام المكنى بها وإكرامه وتعظيمه . . .
ومنه قول الشاعر :

اكنيــه اناديــه لاكرمــه * ولا القبــه والســوءة اللقــب

وهذا مختص بالانسان دون غيره ، وهو الاصل .
وقال ـ في وجه دلالة الكنية على الاحترام ـ : كي لا يصرح في الخطاب باسمه.
وقال الرضي . الكنية ـ عند العرب ـ يقصد بها التعظيم ، لعدم التصريح بالاسم . . .
فإن بعض النفوس تأنف من أن تخاطب باسمها .

يظهر من الجمع بين الكلمات : أن في الكنية أكثرمن جهة تدل على التكريم والتعظيم :
1 ـ عدم ذكر الاسم .
2 ـ الاخبار عن الاكتهال ، فيما لو كانت الكنية بالابوة .
3 ـ النسبة إلى الآباء ، فيما لو كانت الكنية بالبنوة .
وفي قول ابن الأثير : « وهو الاصل » إشارة إلى أن هذه الدلالة قد تتخلف ، وأن الكنية قد تستعمل
للاهانة والذم ، وان كان ذلك نادرا ، فهو بحاجة إلى قرينة تدل عليه .
وقد انعكست دلالة الكنية على التكريم والتعظيم في الاخبار التالية :
1 ـ روى الشيخ المفيد ـ بسنده ـ عن أحمد بن عبيدالله بن الخاقان ـ الذي كان على الضياع والخراج بقم ـ قوله :
اذكر أني كنت يوما قائما على رأس أبي ـ وهو يوم مجلسه للناس ـ [ بسامراء ] إذ دخل حجابه ، فقالوا :
« أبومحمد ابن الرضا » بالباب .
فقال ـ بصوت عال ـ : ائذنوا له .
فتعجبت مما سمعت منهم ، ومن جسارتهم أن يكنوا رجلا بحضرة أبي ، ولم يكن يكنى عنده إلا خليفة أو ولي عهد
أو من أمر السلطان أن يكنى
فقلت لحجاب أبي وغلمانه : ويحكم مَن هذا الذي كنيتموه بحضرة أبي . . .
ونقله القهپائي ، وقال : فظهر أن ذكر الرجل بالكنية لا يكون إلا مع اعتبار زائد ، حتى قد يصير سببا لاعتباره
في حديثه.
2 ـ وقال الحسين بن حمدان الخصيبي ـ في مَن لقيه في ضواحي قم
فقال له : ياحسين ـ : لا احترمني ولا كناني .
3 ـ قال أبو بكر ابن إسماعيل الوراق : دققت على أبي محمد ابن صاعد بابه
فقال : من ذا ؟ فقلت : أنا أبوبكر ابن أبى علي ، يحيى ههنا ؟
فسمعته يقول للجارية : هات النعل ، حتى أخرج إلى هذا الجاهل الذي يكني نفسه وأباه
ويسميني ، فأصفعه ?
.
4 ـ كان عروة بن الزبير (ت 93) يتحدث عن أخيه عبداللة بن الزبير ، عند عبد الملك ، فذكره بكنيته
« أبي بكر » فاستشاط الحجاج غضبا ، وقال له : لا ام لك ، أتكني منافقا عند أمير المؤمنين ؟
فقال له عروة : ألي تقول : « لا ام لك » وأنا ابن عجائز الجنة ؟
امي أسماء بنت أبي بكر
وجدتي صفية بنت عبد المطلب ، وعمتي خديجة بنت خويلد .
وقد اعترض على دلالة الكنية على الاحترام ، بذكر « أبي لهب » في القرآن دون اسمه
وقد أجابوا عن ذلك بوجوه ، سنذكرها في فصل « الكنية في التفسير » .

ـ الكنى الغالبة :
إن بعض الكنى يغلب وضعها مع بعض الاسماء ، وإذا تمكنا من تحديدها
أمكن الاستفادة منها عند اشتباه
الاسماء بوقوع تصحيف فيها ، أو خلط بعضها ببعض .
وقد وقفنا على مجموعة منها :

المسمى بمحمد يكنى بأبي جعفر .
المسمى بعلي يكنى بأبي الحسن .
المسمى بالحسن يكنى بأبي محمد .
المسمى بالحسين يكنى بأبي عبد الله .
المسمى بأحمد يكنى بأبي العباس .
المسمى بموسى يكنى بأبي عمران .
المسمى بسليمان يكنى بأبي داود .
المسمى بالعباس يكنى بأبي الفضل .
وأمثال ذلك ، مما هو غالبي ، وقد يتخلف .

والظاهر أنهم تعارفوا على تكنية الشخص بالكنية الغالبة ، قبل أن يكتني باسم من يولد له
من الاولاد .
وتظهر فائدة ذلك ـ بعد إثبات الغلبة ـ في تعيين الاسم المناسب للكنية عند الاشتباه ، كما أشرنا .
مثلا : كثيرا ما يتصحف اسم « محمد » بـ « عمر » وبالعكس ، فإذا كان الشخص المشتبه في اسمه مكنى
بأبي جعفر ، أمكن الحكم بأن اسمه « محمد » وإذا كان مكنى بأبي حفص ، أمكن الحكم بأن اسمه « عمر »
استنادا إلى هذه الغلبة .

ـ بعض أقسام الكنى

أ ـ الكنى المفردة :
هي الكنى التي لا نظير لها ، مثل :

أبوالسليل : للقيسي البصري .
وأبوالسنابل : لعبيد ربه بن بعكك ، رجل صحابي من بني عبدالدار
وأبوالمساكين : لجعفر بن أبي طالب ، كان يحب المساكين ويجلس إليهم ،
ويحدثهم ، ويحدثونه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنيه بذلك .
وذكر ابن الصلاح بعض الكنى المفردة ، كالتالي :
أبوالعبيدين ـ مصغر ، مثنى ـ واسمه : معاوية بن سبرة ، من أصحاب ابن مسعود .
أبوالعشراء الدارمي .
أبوالمدلة ـ بكسر الدال المهملة ، وتشديد اللام ـ ولم يوقف على اسمه .
أبومراية العجلي ، واسمه عبد الله بن عمرو ، تابعي .
أبومعيد ـ مصغر ، مخفف الياء ـ حفص بن غيلان الهمداني .
انظر : علوم الحديث ، تحقيق عتر .

ب ـ الكنى النادرة :
قال ابن الأثير : قد جروا في الاسماء والكنى على قسمين . معتادا
وغير معتاد . فمن المعتاد : الكنية بالاولاد ، كما سبق .
والنادر : كقولهم في كنية علي بن أبي طالب عليه السلام : أبوتراب (52) .
أقول : ومن النادر : ابن العشرة ، وابن جماعة ، وابن جني ، وابن فهد ، وابن بابويه .

ج ـ تقسيم آخر :
قال ابن منظور : الكنية على ثلاثة أوجه :

أحدها : أن يكنى عن الشيء الذي يستفحش ذكره .
والثاني : أن يكنى الرجل باسمه توقيرا وتعظيما .
والثالث : أن تقوم الكنية مقام الاسم ، فيعرف صاحبها بها ، كما يعرف باسمه.

10 ـ الكنية من خواص اللغة العربية :
الظاهر أن الكنية من خواص الحضارة العربية ، إذ لم يعهد ـ حسب اطلاعنا ـ في اللغات الاخرئ
مثل هذا الاستعمال .
ومن الظرائف ما نقل عن النقاش ، محمد بن الحسن ، أبي بكر الموصلي البغدادي فإنه كان يصحف .
قال الدارقطني : قال النقاش . « كسرى ، أبوشروان » جعلها كنية (.
بينما هي « أنوشروان » اسم .



بقلم محمد الحسيني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق