الجمعة، 27 مايو 2011

الازدواجية اللغوية في المغرب

الازدواجية اللغوية في المغرب الازدواجية اللغوية في المغرب د. محمد نافع العشيري* Wednesday, January 19, 2011 ملاحظات على مؤتمر جمعية" زاكورة" للتربية احتدم النقاش مؤخرا في المغرب بين المدافعين عن العربية الفصحى، الداعين إلى ضرورة إعادة الاعتبار إليها ومنحها المكانة التي تستحقها، و بين أنصار العامية الداعين إلى ضرورة إدماجها في المنظومة التعليمية و الإدارة و الاقتصاد، بحجة أنها المنوعة الأقرب إلى فهم المغاربة، و الأقدر على الخروج بالمغرب من التخلف العلمي والتراجع الثقافي، وغير ذلك من الحجج و الذرائع التي لخصها تقرير المؤتمر الذي نظمته جمعية" زاكورة "للتربية حول موضوع "اللغة و اللغات ". و قبل أن نسترسل في معالجة هذا الأمر من وجهة نظر سوسيولسانية، بعد أن لاحظنا غياب المنهج العلمي و غلبة السجال وكثرة التلاسن في هدا الباب ، ينبغي تسجيل الملاحظات الآتية: - إن أغلب المشاركين في هذا المؤتمر، أو المدافعين عن الدارجة المغربية بصفة عامة، ذوو تكوين فرنسي صرف( خريجو مدارس البعثات الفرنسية) و أغلبهم مجنس بالجنسية الفرنسية، و لا يعير أدنى تقدير لا للعربية بشقيها الفصيح و العامي، و لا للأمازيغيات. - يجهل أغلب هؤلاء تاريخ اللغة العربية الفصحى و نحوها و تراثها و أدبها و يحمل أغلبهم مواقف مسبقة تربط هذه اللغة بالتخلف و التطرف و غير ذلك من التهم، بل يجهلون الأوضاع السوسيولسانية للكثير من الدول، و هو ما تجلى في قياس أحد المتدخلين الوضع اللغوي في اليونان( التي رقت لهجة الديموتيكي الى مستوى اللغة الرسمية عوض الكتاريفوزا) على الوضع اللغوي في المغرب، مع أن القاعدة التي يقول" لا قياس مع وجود الفارق" واضحة في هذا المقام، بل بين الوضعين المغربي و اليوناني فوارق كثيرة. - يرتبط أغلب المتدخلين بالمصالح الاقتصادية و السياسية الفرنسية، و هو ما يفسر دعوتهم المستمرة إلى اعتبار اللغة الفرنسية لغة التفتح و الاقتصاد و المال و الأعمال و التكنولوجيا، و رفضهم المطلق لإحلال لغات أخرى أكثر نفعا و مردودية من الفرنسية كاللغة الإنجليزية مثلا في التعليم العالي و المجالات الاقتصادية. بل لم يحدثنا أحد الأخصائيين النفسانيين (الذي تغني كثيرا باسم العلمية بأهمية التدريس والتعلم باللغة الأم) عن انعكاسات غياب هذه اللغة الأم في التعليم الجامعي الذي يعاني بسببه الطلبة المغاربة الأمرين نتيجة استعمال لغة أجنبية في تدريس مواده العلمية، و هو ما يؤدي إلى نزيف بشري وصل إلى حدود انسحاب 45 في المائة من هؤلاء الطلبة من السنة الأولى من كليات العلوم بحسب دراسة أجراها بعض الباحثين، كما لم يحدثنا الخبير النفسي عن المخلفات المدمرة لإدراج لغة أجنية تستنزف نصف الحصة الدراسية في مرحلة مبكرة على نفسية الأطفال المغاربة و قدراتهم و نتائجهم . بعد هذه الملاحظات، سنبدأ بدارسة هذه الظاهرة المسماة بالازدواجية اللغوية، و نقصد بها وجود مستويين لنفس اللغة أحدهما رفيع و الآخر وضيع، أو ما يسمى في الثقافة العربية باللسان الفصيح و اللسان العامي، و هو و ضع ظهر مند تقعيد اللغة العربية( لهجة قريش أو العربية الموحدة بحسب اختلاف الدارسين). وقد تحدث ابن خلدون عن هذه الظاهرة، التي كانت شائعة في زمنه، بإسهاب في مقدمته شارحا أسبابها و مظاهرها يعتبر وليام مارسيه ( 1930-1931)أول من استعمل مصطلح الازدواجية اللغوية في الأدبيات اللغوية الفرنسية، كما كان أول لغوي تطرق في ثلاث مقالات إلى ازدواجية اللغة العربية (الفصحى و الدارجة) في شمال إفريقيا، و ذلك بمناسبة الذكرى المئوية للاحتلال الفرنسي للجزائر. وقد عرف الازدواجية بأنها التوارد بين لغة مكتوبة و لغة شفهية. يقول "تبدو لنا اللغة العربية في شكلين مختلفين: - لغة أدبية، و هي المسماة بالعربية المكتوبة أو القياسية أو الكلاسيكية، والتي كانت اللغة المكتوبة الوحيدة في الماضي، و التي تكتب بها حاليا الأعمال الأدبية و العلمية و المقالات الصحفية والوثائق القانونية والرسائل الخاصة... و لكن لا يتحدث بها في كل المقامات. - لغة شفهية، و التي لم تكتب أبدا..حيث تشكل منذ وقت طويل لغة المحادثات في كل الأماكن العامة." يقدم "فرغسون" في مقالته الشهيرة المنشورة سنة 1959 و المعنونة ب" ديغلوسيا" حديثا مفصلا عن مفهوم الازدواجية اللغوية، مفتتحا إياها بتعريف دقيق لها، واضعا مجموعة من الروائز التي تحددها وتفرق بين المنوعتين المشكلتين لها في بلد ما. يقول:" في عدة مجموعات لغوية هناك منوعتان أو أكثر لنفس اللغة، يستعملها المتكلمون تحت شرو ط مختلفة كما هو الحال في إيطاليا و إيران، حيث يوجد عدد من المتكلمين الذين يستعملون لهجتهم المحلية في البيت و مع الأصدقاء، لكنهم يستعملون اللغة المعيارية في التواصل مع المتكلمين من لهجات أخرى، أو في المناسبات العامة." و قد تنبه" فرغسون" إلى أن هذه الظاهرة منتشرة جدا، لكنها تفتقر إلى الكفاية الوصفية، لذلك اختار أربع عينات لغوية تتميز كلها بازدواجية لغوية، و هي: الدول العربية(خصوصا مصر)، ثم اليونان وهايتي، و أخيرا سويسرا. نستنتج من خلال ملاحظات أولية أن هده الظاهرة لا توجد فقط في المجتمعات العربية، بل تمتد إلى ثقافات أخرى، بل يمكن الجزم بكونيتها و هدا ما يشير إليه اللساني الشهير "هارولد شيفمان"- 1999-حيث يقول :" بالرغم من ورود الازدواجية في عدة سياقات غير غربية، فإنها مع ذلك ظاهرة لا تقتصر على بعض ثقافات العالم الثالث البدائية، بل تشمل عددا من اللغات الموجودة في مناطق متنوعة من العالم، بما في ذلك أوربا الغربية." ويذهب " أندريه مارتني" صاحب نظرية النحو الوظيفي إلى أبعد من ذلك، حين يقرر أن الازدواجية توجد في كل المجتمعات، حتى تلكم التي نعتبرها مجتمعات أحادية اللغة. يقول:" يمكن القول بأن هناك دائما درجة من الازدواجية، حتى في المجتمعات التي تعتبر مجتمعات أحادية اللغة، لأنه ليس هناك تطابق بين الاستعمال اليومي و الشكل الرسمي، ومع ذلك، فلن نتحدث عن الازدواجية إلا عندما يكون المتكلمون واعين بهذه المثنوية، وعندما يوجد على الأقل بعض الأشخاص الذين يصارعون من أجل التقليل من حدتها." ولتقديم أدلة على ذلك، نسوق التعريف الذي قدمته العديد من المعاجم الغربية لمعنى كلمة "اللهجة" والتي يلخصها تعريف موسوعة" ويكيبيديا "العالمية بقولها:" اللهجة هي منوعة لغوية منحدرة من اللغة، و تتميز باختلافات صوتية و صرفية و تركيبية و معجمية عن اللغة الأصل، و لكل لغة لهجاتها بدون استثناء". وفي هذا الإطار يتحدث علماء الجغرافية اللسانية الذين وضعوا الأطالس اللسانية لعدد من دول العالم عن ثلاث لهجات أساسية كبرى في الولايات المتحدة الأمريكية و تتفرع عنها لهيجات متعددة. فهناك لهجة الشمال في منطقة" نيوانجلد" و" نيويورك" و التي تتفرع عنها لهجيات أهمها لهجة مدينة نيويورك. و هناك لهجة الوسط المستعملة على طول ساحل "نيوجرسي" إلى حدود" ديلاوير" و التي تتفرع عنها لهيجات تستعمل في السهل العالي "لاوهايو" و" فيرجينيا" الغربية و غرب "كنتاكي". و أخيرا هناك اللهجة الجنوبية بمختلف منوعاتها و التي يتحدث بها سكان" ديلاوير" في" كارولينا "الجنوبية. بالإضافة إلى هذه اللهجات الجغرافية هناك لهجات اجتماعية تختلف في معجمها و صرفها و نحوها عن الانجليزية المعيار إلى درجة انعدام التفاهم و التواصل بين متكلميها. و تعتبر اللهجة الاجتماعية المسماة ب "غولا" أكثر اللهجات بعدا عن الانجليزية المعيارية و التي يتحدث بها سود الأراضي المنخفضة في" جورجيا " و"كالرولينا" الجنوبية إلى حدود جنوب غرب ولاية "تكساس". في فرنسا يميز الباحثون بجانب اللغات المحلية (البروتونية و الالزاسية و الباسكية و الكورسية والكتالانية) لهجات كثيرة مرتبطة بالفرنسية أهمها "الغالية" الرومانية الشمالية و "الغالية "الرومانية الجنوبية ولهجات وسطى و التي تسمى ب"الفرنكو بروفنسال". وتعرف ايطاليا عددا كبير من اللهجات أهمها "مارشيغيانو" و" اوميز" و" لازيال" و "رياتينو" و" اكسيانو" في الوسط، و لهجة" سالينتينو" و" كالايرياس" و" سيسليا" في الجنوب، بالإضافة إلى لهجات ذات أصل أجنبي ك"الفلامانية" و "الألبانية" و" الصربية" و اليونانية. يتبين من خلال ما تقدم أن العربية ليست اللغة الوحيدة التي تعرف ظاهرة الازدواجية و التفرع اللهجي، بل الازدواجية اللغوية ظاهرة كونية، و كل ما في الأمر أن تباين أو تقارب المستويين مرتبط بمسائل ثقافية، وخاصة انتفاء الأمية وانتشار التعليم... نرجع الآن إلى الازدواجية اللغوية العربية. فكما هو معروف فان هناك مستويين للغة العربية: مستوى فصيح يستعمل في المقامات العلمية و الأدبية و الإدارية و الرسمية، و مستوى عامي يستعمل في الشارع و البيت من أجل التواصل الآني و السريع، و تقوم بينهما كما هو معروف في السوسيولسانيات علاقة التكامل الوظيفي. و قد نبه" فرغسون" في مقالته سالفة الذكر إلى ذلك حيث يقول: "إن المتكلم الذي يستعمل المنوعة الوضيعة في المقامات الشكلية سيكون عرضة للسخرية. كما أن المتكلم الذي يستعمل المنوعة الرفيعة في المحادثات العادية مثل التسوق، سيكون عرضة للسخرية أيضا .فالعلاقة بين المنوعتين مطقسنة إلى حد بعيد." أما المنوعة الوضيعة فترتبط بالسوقي و العامي و المبتذل. ففي بعض الأعمال الأدبية الكبرى كمسرحيات شكسبير، كانت تستعمل مقطوعات بالعامية لإظهار بعض السمات كالفظاظة والسخرية والجهل... و هو ما يشيع الآن من استعمال هذه المنوعة في التعاليق الكاريكاتورية في عدد من الصحف و المجلات المغربية. فاذا كان من الممكن للشخص المغربي أن يثير الضحك في السوق أو في القطار (كما يدعي البعض) إذا هو تحدث بالفصحى، فإن المثقف الذي يحاضر حول التاريخ المعاصر في جامعة ما، ويتحدث عن إلقاء الولايات المتحدة الأمريكية للقنبلة النووية على" هيروشيما"و يستعمل الجملة العامية الآتية: " الميركان خلت على هيروشيما بجوج بومبات طوميكات" أو أستاذ العربية الذي يشرح بيت امرئ القيس" أفاطم مهلا...." بالعبارة العامية:" أفاطمة باركا من الفشوشات" لن يثير السخرية فقط،، بل سيثير الاشمئزاز و التقزز، ولربما يؤخذ بالنعال قبل أن تطرده الجامعة غير مأسوف عليه.. و لهذا السبب نجد الكثير من المعاجم الأوربية و الأمريكية، كما هو حال معجم" لاروس" الصغير الإاسباني تضع المقابل العامي للكثير من المداخل الفصيحة لتنبه الباحثين و المتعلمين على أن هذه المداخل المعجمية لا تستعمل في المواقف الشكلية. توهم أشغال مؤتمر" مؤسسة زاكورة" بأن العامية المغربية بعيدة عن الفصحى إلى درجة انعدام التفاهم بينهما، و في هذا من الزور و الخلط ما لا يقبله الواقع اللساني المغربي الذي تعرف فيه المستويات اللغوية دينامية و تقاربا كبيرا، إذ تتجه العامية يوما بعد يوم إلى ما يسميه بعض الباحثين بالعربية الوسطى أو دارجة المثقفين و التي أفاض الدكتور عبد الرحيم اليوسي في دراستها في أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه، كما تتجه إلى ما يسميه "مونتيل"(1960) بالعربية المعاصرة أو فصحى العصر بتعبير الفيلسوف أحمد بدوي و يرجع ذلك إلى انخفاض نسب الأمية و انتشار الثقافة و التعليم و الاحتكاك بالغرب وانتشار الصحافة و الترجمة... و هو ما أثبته بعض الباحثين، خاصة الدكتور عبد العزيز حليلي في دراسته حول واقع وآفاق اللغة العربية في المغرب، و أكدته في بحث علمي ميداني حول عدد من المغاربة الأميين الذين يتابعون قنوات الجزيرة، حيث تبين لي من خلال المقابلات و الاستمارات أن المستجوبين يفهمون مجمل الأخبار التي تقدم إليهم بالعربية الفصحى باستثناء بعض المصطلحات التقنية المرتبطة باقتطاعات دلالية خاصة ك" الأسهم"،" نسبة الفائدة"، "صندوق المقاصة"، "عملية المناقصة". بل أثبت البحث أن نسبة كبيرة منهم بدأت تتخلى عن الألفاظ العامية من قبيل" البومبات" و" التعدو" و "المريكان" و تعويضها ب" القنابل" و"الاعتداء و "أمريكا". والملاحظ أن العلاقة بين هذه المستويات الأربع تقوم على التكامل و الاتصال، لا على التباين و الانقطاع.و هكذا لا يمكن لأي مستوى أن يعوض المستوى الآخر في مجالاته كما توهم مؤتمرو" جمعية زاكورة"،ذلك لأن التحلل من الحركات الإعرابية أثناء الحديث بالعربية المعاصرة، لا يمكن أن تلغي في العربية المكتوبة لأسباب بنيوية و دلالية. إذا كنا نقبل أن الطفل المغربي لا يتعلم العربية الفصحى في محيطه الأول، بل الدارجة التي يمكننا اعتبارها لغته الأم، فإننا بالمقابل، وكما يؤكد ذلك اللساني المغربي الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري، لا يمكننا اعتبار العربية الفصحى لغة أجنبية عنه، حيث إن المعجم الذي يراكمه الطفل المغربي في محيطه الأسري يشكل اللبنة الأولى لاكتساب معجم العربية الفصيحة. فالطفل المغربي المولود في محيط معرب يسمع مند أن يفتح عينيه (أو ربما و هو ما يزال في بطن أمه) كلمات من قبيل(" خاي"،"ختي"،" حليب"،" رضاعة"،" فراش"، "باب"، "حانوت"،" سوق"،" خبز"، "كاس"،" بيت"،" دار"، "زنقة"،" جدي"، "عمي"، "خالي"، "عمتي"، "الزربية"،" السما"،" الأرض"، "الحايط"،" بيضا"، "حمرا"...) و هي كلها كلمات عربية. و في هذا الصدد يمكن أن اختلف مع الدكتور سعيد بنكراد لأقول إن الطفل المغربي( مثله في ذلك مثل باقي أطفال العالم) لا يذهب إلى المدرسة لينسى لغته الأم، بل يذهب إليها ليعمقها و يهذبها ويغنيها ويصبح واعيا بها. بخصوص ترسيم الدارجة و اعتمادها لغة التدريس كما دعا إلى ذلك المجتمعون في مؤتمر زاكورة، و مع أننا لن نحاكم النوايا و نسلم بـأن مستقبل الوطن و الغيرة عليه هو الذي دفع هؤلاء الباحثين إلى مثل هذه الاقتراحات، فإننا نسجل الملاحظات الآتية: - يشترط بعض السوسيولسانيين أمثال "هادسون"في كتابه " سوسيولسانيات 1980" في نقل منوعة ما إلى مستوى اللغة الشروط الآتية: 1- الانتقاء: و يعني اختيار منوعة ما لتصبح لغة معيارية، و هذا الانتقاء إما أن يكون انتقاء لمنوعة لها امتيازات سياسية أو اقتصادية، كما يمكن أن يكون جمعا لمجموعة من المنوعات، أو يمكن أن يتم اختيار منوعة ليست ملكا لأية مجموعة ،كما هو حال العبرية في إسرائيل و "البهاسا" في اندونيسيا. 2- المعيرة: و تعني خضوع اللغة لعملية تقعيد تهم كل الجوانب اللغوية. 3- التأهيل الوظيفي: و يقصد بها استعمال المنوعة في كل الوظائف التي لها ارتباط بالمؤسسات الحكومية و البحوث العلمية و المجالات الأدبية. 4- المقبولية: و تعني أن المنوعة لا يمكن أن تصبح معيارية إلا بقبول المجموعة اللغوية لها كوسم للوحدة النفسية و السياسية أي كلغة وطنية. بالنظر إلى المعيار الأول، يتطلب دسترة العامية المغربية و وضعها محل الفصحى في المدرسة و الإدارة اختيار عامية مغربية معينة، لها امتيازات سياسية أو اقتصادية، و هو ما لا تملكه أي منوعة لهجية في المغرب. ف"الجبلية" و" الحسانية" و" المدينية" و "البدوية" لا تمتلك أية مميزات خاصة تؤهلها لإلغاء اللهجات الأخرى. أما إذا قررنا جمع كل هذه المنوعات للخروج بلغة موحدة( و هذا هو اختيار المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية للخروج من مشكل التعدد اللغوي الأمازيغي) فنسقط مرة أخرى في الازدواجية التي انتقدها كل المتدخلين في مؤتمر زاكورة، لأن هذه اللغة المصطنعة لن يتحدث بها أي متكلم مغربي في بيته، أما اختيار منوعة ليست ملكا لأية مجموعة، فهذا الأمر لا يمكن أن ينطبق إلا على العربية الفصحى لأنها ليست لغة أمّا لأي مغربي، بل يتعلمها الجميع وفق نفس النسق في المؤسسات التربوية و الإعلامية. أما بخصوص المعيار الثاني فيتطلب وضع كتب قواعد و معاجم و كتب مدرسية لكل لهجة على حدة فاللجهة الجبلية التي مركزها مدينة طنجة و ما يتفرع عنها من لهيجات هي غير اللهجة المدينية السائدة في مدينة تطوان و فاس و الرباط، و هما غير اللهجات البدوية السائدة في الدار البيضاء و مركش...، وهي غير اللهجة الحسانية السائدة في أقاليمنا الصحراوية. كما يفترض دلك القيام بترجمة كل ما كتب بالعربية الفصحى أو باللغات الأجنبية في مجالات مختلفة علمية و أدبية و دينية إلى الدارجة المغربية( و هدا الأمر اعتقد انه صعب جدا، إن لم يكن مستحيلا، بسبب كلفته المادية التي تتطلب ميزانيات ضخمة جدا، بالإضافة إلى ضرورة توفير جيش من المترجمين، و سنوات طويلة من العمل) لأن المتعلم لا يقرأ فقط في المقرر المدرسي، بل للتعليم امتدادات في المراجع و المصادر، خاصة أننا نطمح إلى ولوج مجتمع المعرفة. يفترض الانتقال من الفصحى إلى الدارجة في المجالات الإدارية و التعليمية إعداد معاجم المصطلحات العملية و التقنية فعلى سبيل المثال ينبغي لأصحاب مؤسسة زاكورة البحث عن المقابلات العامية للمصطلحات الرياضية الآتية: المعادلة و المتراجحة و النظمة و الدالة و المتوالية و عملية الضرب والقسمة الخ فهل يمكن أن يقبل أحد ترجمة المعادلة ب "كيف كيف" و المتراجحة ب "الكفة المايلة" وعملية القسمة ب" التفرشيخ"؟؟ مع العلم أن التفوق في مادة الرياضيات يرتبط بأشياء أخرى غير اللغة كالذكاء المنطقي و تقنيات و مناهج التدريس... أما بخصوص المعيار الأخير، فان عددا كبيرا من المغاربة يرفضون ترسيم الدوارج و اللهجات لأنها تفتقر للإجماع الوطني، بالإضافة إلى ما سيؤدي ذلك إلى انتفاء الوحدة النفسية و السياسية و تحويل المغرب إلى "كانتونات" عرقية و لهجية و إحداث القطيعة بين سكانه و زيادة الاحتكاكات و نمو الخطابات العنصرية الموجودة أصلا بين هذه المكونات، التي تنتظر فقط من ينفخ فيها، و التي تعكسها مضامين وايحاءات النكت المتداولة في المغرب عن السوسي البخيل و الجبلي الساذج و الريفي العنيد و العروبي المتخلف... و هي أشياء لا يتمناها أي عاقل يريد الخير لهذا البلد. و قبل الختم أريد أن أشير إلى أننا نأسف أن تكون الفرانكفونية في المغرب، و التي طالما تغنت بالتعددية اللغوية و التحالف مع العالم العربي، و عقدت لهذا الغرض ندوات و لقاءات حول حوار الثقافات( انظر مثلا مؤتمر الفرانكفونية و العالم العربي باريس30-31 مايو 2004) للدفاع عن موقف رافض، كما قال السيد" ريمي لوف"و المستشار بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، لفرض اللغة الانجليزية لغة التواصل بين الجميع. نأسف حقا أن تكون وراء هذا التيار الآن الذي يستهدف اللغة العربية مما يزيد من توجس المغاربة وحقدهم على الفرانكفونية. فمستقبل الفرنسية، كما قال السيد حسني ولد ديدي، ممثل الرابطة الدولية للعمد الفرانكفونيين، رهين بتهدئة الجدال الدائر حول السياسة اللغوية و بالتخلص من الحمولة الاديولوجية، وتجاوز التعارض بين اللغة الفرنسية و اللغة العربية. وبصيغة أخرى ينبغي على أولئك الدين يحنون إلى الفترة الاستعمارية من أنصار سياسة لغوية إدماجية أن يدركوا أن هذه المقاربة انتهت تماما و أن السياسات اللغوية الوطنية لا يمكن أن تكون امتدادا للسياسات اللغوية الأجنبية، و على هذا يتوقف نجاحها. انطلاقا من التحليل أعلاه أعتقد شخصيا أن النقاش حول الدارجة سينتهي قريبا لأن هذا المشروع فاشل من بدايته، بل لا يملك حتى صفة المشروع المتكامل، و الغرض منه كما أظن هو إبعاد العربية عن ساحة المعركة ليخلو الجو للفرنسية التي ترى في الفصحى المنوعة الوحيدة المهددة لمصالحها في المغرب. لقد أنفقنا الكثير من الوقت في الرد على أصحاب مشروع لا مستقبل له، و ساجلنا أشخاصا يكتبون مقالاتهم على قارعة الطرقات وفي المقاهي، و أصبحنا كمن يصارع طواحين الهواء، و إن الجهد ينبغي أن يتجه الآن إلى رصد طبيعة العلاقة مع الفرانكفونية، و تحديد استراتيجيات المواجهة إذا بقيت متمادية في توجهها المناهض للغة العربية. إن النقاش حول الوضع اللغوي( بسبب تعقيده) عندما يتحول إلى نقاش عمومي فانه يفقد الكثير من المصداقية و العلمية، ولهذا تخصص الدول، التي تحترم نفسها، المؤسسات و المعاهد و الأكاديميات والمنظمات و الجامعات التي يخول إليها النظر في كل الجوانب المتعلقة بالمسألة اللغوية، سواء أتعلق الأمر بإصلاح النسق أم بتطويره أم بوضع السياسات اللغوية و التخطيط لها، وهدا ما نفتقده للأسف في المغرب، مما يفسح المجال لكل من هب و دب للإدلاء برأيه مع الدلاء في هذا الموضوع. *عضو المجلس الوطني للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية webcache.googleusercontent.com

الجمعة، 20 مايو 2011

انتاج اللغة العلامية في النصوص الاعلامي

انتاج اللغة العلامية في النصوص الاعلامي

قـراءة في كتاب : اللغة والاتصال في الخـطاب متعدد المعاني

قـراءة موجـزة في كتاب "اللغة والاتصال في الخـطاب متعدد المعاني"- الدكتورة ماجـدة حانة ------------------------------------------------------------------------------------- الكلام المنطوق, أو ما يسمى "سياسة الفكر", أجمل خصوصية لعقل الإنسان حيث سمح له في برهة من الزمن أن يتمايز عن باقي المخلوقات من أبناء عمومته متطوِّراً إلى لغات بيئية خلال 3 ملايين سنة حيث تم الكشف عن المعنى الاجتماعي لأولى قواعد اللغة البشرية وعن التكوين الرمزي للمعاني الصوتية الأساسية. لا تزال هذه الرموز حية وحاضرة في معانيها النموذجية الأصلية في تركيب الكلمات التي نستعملها أو نبتكرها حالياً. وتُعتَبَر المفاهيم غير المادية مثل: حب, جوع, خصب, انها سادت وأثرت في اختراع الكلام لإنسان ما قبل التاريخ. يحتوي إرثنا الجيني على الجين الفكري التصوريImagénome ) ) الذي يرشد أفكارنا وتحولاتها إلى آراء معبرة في لغات كلامنا الملفوظ. فمع عشرة صوامت وعشرين من أصوات الكلام يبني الإنسان مليارات من العبارات معبَّرة في ألوف اللغات (خمسة آلاف لغة معروفة حالياً) وذلك بواسطة أداة الخلق والاتصال التي هي لغتنا المنطوقة. وينسب البحاثة تكون اللغة وتطورها إلى العبقرية الجماعية, وكل لغة لها طبيعة مختلفة عن غيرها, مع إثبات وجود "جذر عالمي" او "نموذج اصلي" لأصوات الكلام[1], أي ان هناك نقاطاً مشتركة بين لغات البشرية قبل وصولها إلى المرحلة الميكانيكية. وتحولت أصوات الكلام عند الإنسان بفعل التطوّر الى النطق حيث يحوِّل الدماغ[2] المعطيات التي يتلقاها من العالم الخارجي إلى لغة طبيعية, تُعتبر تسوية بين ضعف الجسد واللامتناهي الذي يراه العقل.. وقد تمَّ تحديد[3] موقع الكلام الذي تشكل بفعل التحريض البيئي, في الجهة اليسرى من دماغ الانسان مع موقع حركة اليد! وبتأثير من مكتشفات بروكا رفع من شأن الشعر الذي اصبح "مثالاً كاملاً للذكاء اللغوي". لكن وفق العالم سبيري الحائز على جائزة نوبل حول اطروحة عدم التناظر الدماغي, فإن التفرع الثنائي بين سبل معالجة المعلومة يؤثر ليس فقط على النفسية والأعصاب إنما ايضاً على العلوم السياسية[4]. ويشرح روجيه بنروز هذا الموضوع باستعارة مجازية:"إذا أراد النصف الأيسر (من الدماغ) ان يكون رساماً, فإن النصف الأيمن يود ان يكون راكب دراجة للسباق"! فاللغة هي اداة اقوى بكثير مما تبدو عليه لدرجة انها تقول لنا اشياء عن الطبيعة وعن الدماغ البشري بشكل ٍ مستقل عن لغة دقيقة...[5] تطوّر اللغة ويؤكد العلماء ان اللغة تخضع لتطوّر حتمي لأنها ظاهرة اجتماعية حيّة مثلها مثل أي نشاط انساني آخر. فعلى مرّ الأيام والأحداث, تتغيّر الكلمات إيجاباً او سلباً على مستوى الشكل كما على مستوى المضمون, إذ لا يمكن ان تتجمّد لأنها تستعمل من قبل أجيال تواجه عالماً آخر ومفاهيماً اخرى. لذلك وجب استحداث وسائل تعبير ضرورية لنشر المعرفة الجديدة.[6] وفي حال اللغة العربية ,انطلق فيها علم الألفاظ الجديدة في عصر النهضة, مستعيراً من اللغات الأجنبية تارة ومطابقاً مع كلمات موجودة تارة اخرى, ولعبت الصحافة والترجمة دوراً لا يستهان به في هذا المضمار. وفي عصرنا اليوم اصبح للعنكبوت وللفأر معنى جديداً فالجميع يقول بالمعنى المتداول للـ"العنكبوت العالمي" او الرمز WWW. الذي يعني: "World Wide Web" والعالم كله يقول: انترنت, ويب, ويندوز, إلخ... ويبقى النظام اللغوي في تغيّر مستمر وهو في تحرك ثابت (ظهور جذور كلمات واختفاء جذور كلمات موجودة). ويقسم "ميلليه Meillet" اسباب تطوّر الدلالة إلى اسباب لغوية وتاريخية واجتماعية. فكلمة "حكومة" كانت تعني في القرن الأول للهجرة ما يصدر عن الحكم في قضية, اما في الوقت الراهن فهي تعني الهيئة الحاكمة. وكلمة "صفقة": كانوا تاريخياً إذا باعوا شيئاً صفق البائع على يد المشتري, فسموا البيع صفقة, فبقي اللفظ وذهبت عادة الصفق![7] وكلمة "الصحابة كانت فيما مضى تعني "الرفاق" بشكل ٍ عام, أصبحت لاحقاً تدل على معنى واحد ثابت لا يتغيّر وهو "أصحاب الرسول" "محمد (ص)". فمن الطبيعي ان نستنتج انه ليس للكلمة معنى ملازم لها لأن معناها لا ينفصم عن الفرد البشري الذي تنتسب إليه, وبرأي يونغ Jung: لا يمكن ان تُفهَم الكلمة إلا إذا تأطرت في تكوينها التاريخي. وُتعتبر معارف اللغوي افرام السرياني انها المعادل لمعرفة الروح السورية, فهو يميّز المعنى الحرفي عن المعنى التاريخي, ويؤيد النظام في جميع المناحي مؤكداً ان خسارة الجنة من قبل آدم سببها الفوضى. واللغة هي نظام[8] حيث كل كلمة وكل تفصيل وكل نقطة تستحق كل الاعتبارات والتقديرات. وليست الكلمات وحدات معزولة بل مرتبطة ببعضها ارتباطاً متبادلاً, حيث يتحدد معنى الكلمة بمدلوله وبعلاقاته مع الوحدات الاخرى في النظام, وهذا ما يدعى بـ"قيمة الكلمة". فنظام المفردات هو مجموعة تضامن داخلية تكون فيها قيمة كل مدلول متعلقة بما يوجد داخل الإشارات الأخرى التي حوله. فإذا كانت "الكلمة" هي "وحدة اللغة" فإن "الكلمة المفعّلة" هي "اداة الكلام" وتتعلق مباشرة بسياق النص, وبينهما تعمل "الميكانيكية اللغوية"[9]. لكن بما ان الكلمة الواحدة قد تعرَّضت عبر التجربة الانسانية إلى حالة من اللبس حمّلتها معاني متعددة حيث بدا هذا النظام يكتنفه بعض الغموض, لجأ علماء اللغة إلى تحليله وعرض اسبابه, الأمر الذي يتم ضمن الوصف المسبق للآلية الذهنية التي بفضلها ينتقل الفكر الانساني إلى فعل التفسير ويختار معنى ذاتياً. وفي القرن السابع, جمع يوحنا الدمشقي[10] دراسة المعنى مع التمركز العقلي كما يفعل اليوم العديد من علماء الفيزياء الحيوية, ويميّز الخطاب الداخلي من الخطاب المعبَّر, فيقدِّم مثلاً واضحاً عن حالة الصمّ الذين يستطيعون التفكير دون ان يكون لهم لغة, إذ يستخدمون الخطاب الداخلي دون لفظه؛ ويدعم عالم الرياضيات روجيه بنروز الفرضية القائلة ان الفكر ليس بحاجة إلى لغة[11]. وفي القرن الرابع عشر, جمع ابن خلدون دراسة المعنى مع آلية مثلثة التركيب للفكر الانساني التمييز - التجريب - التنظير. وبرأيه يمكن للمعنى ان يُحدّد وفق خمس مستويات: -1 على مستوى القواعد, -2 وعلى مستوى النظرية التي تبرز من النص او كمية النظريات الهائلة في حالة تعدد المعاني, -3 ومن وجهة نظر الكاتب -4 والعقيدة والمؤشرات المعرفية -5 وسياسة الفكر. اما العالم العراقي ابن درستويه فيقول: تواجد معنيين في كلمة واحدة ليس على سبيل الصدف إلا للذي ليس لديه وقت للتفكير, لكن قد تصبح اللغة اداة تضليل إذا كان عليها ان تستخدم الكلمة لمعنيين مختلفين, فنجد انفسنا في ميدان التناقض. فتعدد المعاني هو سقطة لا حصر لها بسبب محدودية كلمات المعجم. ووفق السيوطي: للكلمات عدد محدود وللمعاني عدد غير محدود. فينتج عن ذلك انه إذا كانت الكلمات معينة بالمعاني , فإن مجمع المعاني للكلمة نفسها لا حصر له. فإذا كان تواجد أكثر من معنى في كلمة واحدة هو بلبلة عندما لا نفهمه, فهو يصبح وضوحاً عندما نفهم الدوافع التاريخية والوراثية وغيرها. وتحديد معنى كلمة لا يمكن ان يتم دون دراسة آلية تكوّن الرأي, الأمر الذي يدعو إليه يوحنا الدمشقي وابن خلدون وابن رشد. اما حديثاً فتعود دراسة تحليل المعنى إلى تواريخ ثلاثة: في عام 1907 مع اندريه ماركوف الذي أثار قضية الذاكرة وذلك بالمطالبة بسلسلة من الكلمات منبثقة من نص وقادرة ان تعطيه معاني بدون حسابات. ويبحث هذا العالم عن مدلول النص من خلال الاتجاه الميكانيكي للكلمات التي يحتويها. وفي عام 1956 ترك لنا جون فون نيومان تأملات حول آلية عمل الفكر وذلك بعد ان اخترع الحاسوب المبرمج, ومجال الفكر هو مجال هام لأن حضارات الشرق الاوسط قد اشركت غالباً دراسة المعنى مع دراسة الفكر. وفي عام 1989 وفي إطار التنقيبات الأثرية التي تمّت في سومر عُثِرَ على مكتشفات هامة جداً حول آلية تكوّن "تعدد المعاني" ويشرح ذلك "جان بوتيرو" معللاً ان الكتابات السومرية الأولية كانت محدودة في تمثيل شيء او فكرة. ورويداً رويداً تمَّ استخدام الاشارة نفسها للدلالة على شيء آخر حيث يكون اسمه مماثلاً صوتياً او قريباً منه, وبذلك تشكل تعدد المعاني في التعبير السومري "تي" الذي يعني "سهم" كما يعني "حياة". لغة- موسيقى- ام رياضيات؟ وفي عام 1979 تلاقى المعنى الذهني والمعنى البصري والمعنى الموسيقي في البحث التركيبي لدغولاس هوفستاتر الذي أقام روابط دلالية بين أعمال أخصائي الرياضيات كورت غودل[12] والرسام إيشير[13] والموسيقي باخ[14] التي يمكن ان تظهر على انها متباينة, فقام بمشاهدة حوار حيث يكون المعنى في مكان ما داخل الموسيقى نفسها وفي مكان آخر في رنيتها وذلك في مخيلة الذي يسمعها, وهنا يلتقي مع ابن خلدون الذي يقول ان المعنى ينتج عن تحرك مزدوج إعتباراً من الصورة المكتوبة باتجاه الكلام ومن الكلام باتجاه الروح التي تستقبل المعنى[15]. ففي الموسيقى, يؤخذ المعنى في ازدواجية الضدين: فمن جهة يكون بعلاقة وثيقة مع البنى الادراكية بينما من جهة اخرى يكون معنى النص الموسيقي ملازماً للنص نفسه أي مستقل عن البنية الادراكية. [16] ويتحدث "جان بول بنزكري" عن "موسيقى جدول الضرب",", أي ان نظرية الموسيقى تحتوي على قوانين وأدوات قياس تجعل فن تردد الأصوات الموسيقية جزءاً من عائلة التجريد التي تدعونا الرياضيات إليها. أما ليوناردو دي فينشي فيتحدث عن الخطاب الذهني مبرزاً الرسم انفتاحاً مزدوجاً على الكلام. وفي هذا الصدد يؤكد باصيل الكبير ان الحس البصري هو اقل قابلية للتجريح من جميع الأخطاء الأخرى ولذلك فإن البحث عن الحقيقة ينبغي ان يشمل الرسم لأن الكلمات غير قادرة على التعبير الكامل. وفي موضوع الشعر, يقرّ العلماء انه يتطلب تحليل الإيقاع مثلما يتطلب حدس الوحي, ويتحدث شومسكي عن المفهوم الشاعري بالمغزى الموسيقي نفسه كعنصر خلاق للخيال. فحتى لو ان العرب ابدعوا في مجال التجريد الرياضي, إلا انهم كانوا الأوائل في إبراز قيمة الروح عند الشعراء بغية استخلاص معنى اللامتناهي من الروحانية. برأي اللغوي السوري إفرام النصيبيني[17] ان قيمة اللغة هي في مشاركتها في جوهر فكرة الاتصال... رغم ان اللغة والفكر والاتصال, تشترك في الإشكالية نفسها. ففي حالة الانتقال من حضارة إلى اخرى, يتبنى العديد من العلماء الفرضية القائلة بوحدة البنى لجميع لغات العالم (في جميع اللغات يوجد نظام الحان وقواعد تميّز الأسماء عن الأفعال, على سبيل المثال) لكن في التمايز يقول جورج مونان: "كل نظام لغوي يحتوي على تحليل للعالم الخارجي خاص به ومختلف عن باقي اللغات". ويقول ليونز: المفردات في اللغات المختلفة ليست متماثلة الشكل فقد تتمكن لغة ما من إجراء تميزات دلالية لا تعرفها لغة اخرى. وكل مجموعة من جذور الكلمات تقسِّم او تصنف جزءاً معيناً من الكون بطريقة مختلفة. ويقول فرديناند دي سوسور:" لو كانت الكلمات مكلفة بتمثيل تصورات معطاة سلفاً, لكان لكل واحدة منها المطابقات الصحيحة للمعنى من لغة لأخرى, لكن الأمر ليس كذلك". لا يزال المعنى معطية ذاتية غير قابلة للاختراق او كما يقول المثل العربي:"المعنى في قلب الشاعر". وفي بحثها أظهرت الدكتورة ماجدة حانة[18] ان كلمة محبة في العربية تحتوي على بعد روحي وهو "الحب الدائم", وهي ليس لها نظير مماثل في اللغة الفرنسية, وتترجم هذه الكلمة إلى اللغة الفرنسية تارة "حب" وتارة "مبرّة" او "إحسان"؛فاقترحت ترجمة كلمة محبة وكأنها مركب دالات يحمل فيها الحب ابعاداً اجتماعية وسياسية وروحية. وبينت ان اثر هذه الكلمة يختلف في الأذن الذكورية عما هو عليه في الأذن الانثوية كما هو يختلف من بيئة إلى أخرى عند متكلمي اللغة نفسها. وإن عدم وجود مفهوم في لغة ما يجعلنا دوماً في حالة البحث عنه. ويشهد على ذلك في فرنسا عدم وجود معادل للتعبير "محبة" بينما نرى المعارف الأساسية لهذا التعبير تظهر عبر المزية العظيمة للخدمات العامة. وفي تارخنا يعبِّرعلي بن ابي طالب عن مفهوم المحبة :"إذا لم يكن أخوك بالمعنى الديني الاسلامي فهو اخوك من وجهة نظر الخلق". اما ابي بكر فقد شرح كلمة محبة على النحو التالي :"الله قد اعطى للمحبة درجات ورتب:كلما نظرنا في تفصيل ما كلما ارتفعنا في هيكل المحبة حتى نصبح مستنيرين بواسطة أنوار العالم الرائع الذي ليس فيه رواسب العالم الأرضي. المحبة هي الخير الهبة البركة القناعة وسكينة الروح. هي الإرادة في قبول الخير ورفض الشر قبول القليل ورفض المبالغة في الطلب, وقبول القريب"الآخر". الاسلام هو الديانة الاولى في العالم التي اشركت اللغة مع علم الله بشكل واضح فاعطت للغة العربية مكانة مقدسة, لكن رغم ذلك ظل التقى هو المعيار الوحيد للحكم :"لافرق لعربي على اعجمي إلا بالتقوى". فيمكننا بهذه القيمة, ان ندافع عن مساواة كل لغات العالم ومقدرتها على الترجمة الأمينة للأفكار والمعاني. وفي النهاية نورد شرح يوحنا الدمشقي عن مسألة تعدد المعاني التي يعتبرها مسألة "الإحاطة": "هناك ثلاثة عناصر يمكن حصرها: الزمان والمكان والموضوع. بينما الله هو غير قابل للحصر. فمن المستحسن ان تُطرح مسألة تعدد المعاني في إطار ما هو قابل للحصر, فتسمح بتقدم بحوث المعنى في جميع لغات العالم حتى لو انها دراسات تتعلق بالنظريات والفرضيات. سيرة ذاتية • حازت الدكتورة ماجدة حانة على الشهادات التالية : - ليسانس في الادب الفرنسي من جامعة دمشق . - شهادة دراسات عليا معمقة في علوم اللغة - جامعة باريس - جوسيو (تعدد المعاني في اللغة العربية) . - دبلوم الدراسات العليا المعمقة في علوم اللغة - جامعة باريس - جوسيو (الغموض في الخطاب متعدد المعاني). - دكتوراه في علوم اللغة ، جامعة السوربون باريس الثالثة (اللغة والاتصال في الخطاب متعدد المعاني) . • عملت في : - الاكاديمية الفرانكوفونية للمهندسين في اليونيسكو - باريس . - مركز التوثيق الدولي - جامعة باريس . - متحف لغات العالم وثقافات المتوسط - باريس - المندوبية الدائمة السورية لليونيسكو - باريس . - المكتب الثقافي في السفارة السورية - باريس . - القنصلية السورية - باريس . • قدمت بحثاً في الثقافة وانتقال الثقافات عبر بلدان الشرق الادنى ، جامعة السوربون (الكلية التطبيقية للدراسات العليا) . • وبحثاً آخر في الحوليات عن تاريخ المعنى من عام 1900 - 2000 في مركز التوثيق الدولي جامعة باريس . *وردنا من الامينة الدكتورة ماري شهرستان قـراءة موجـزة في كتاب "اللغة والاتصال في الخـطاب متعدد المعاني "، وهو اطـروحة دكـتوراه في اصول اللغة وتاريخها تقدمت بها الدكتورة ماجـدة حانة في جـامعة السوربون في باريس ، وانجـزت الامينة شهرستان ترجـمتها الى العربية . [1] مارسيل لوكان [2] العالم "فون نيومان" [3] بول بروكا 1824- 1880 , جراح فرنسي. سمي موقع الكلام باسمه:"تلافيف بروكا المخية" [4] لوسيان اسرائيل 1995 صفحة 39 [5] حلمي خليل [6] السامرائي, "التطوّر اللغوي". [7] المبارك 1960, صفحة 187 [8] سوسور Saussure [9] أولمان صفحة 96 Ulmann op.cit. [10] يوحنا الدمشقي: (675-749) مستشار الخليفة الأموي, أخصائي بامتياز في علم اللغة ونظرية المفهوم. [11] بنروز 1979 صفحة 385 [12] Kurt Gôdel 1906- 1978 كورت غودل [13] 1971-1898 Maurits Cornelius Escher موريتس كورنيليوس إيشير. [14] 1750-1685 Jean-Sébastien Bach جان سيباستيان باخ [15] ابن خلدون: المقدمة, الفصل الخامس. [16] هوفستاتر 1979 صفحة 582 صبعة 1986 [17] لغوي سوري, (306- 373) [18] الدكتورة ماجدة حانة (سورية) السوربون - جامعة باريس الثالثة.

العقل واللغة والمجتمع

العقل واللغة والمجتمع

أزمة اللغة ومشكلة التخلف في بنية العقل العربي

أزمة اللغة ومشكلة التخلف في بنية العقل العربي المعاصر: دراسة في علم اللغة الاجتماعي محمد محمد يونس علي ------------------------------------------------------------------------------------- تقوم هذه الدراسة على افتراض أن أزمة اللغة العربية هي جزء من مشكلة أعم، هي مشكلة التخلف، وما لم تبحث مظاهر التخلف في بنية العقل العربي، وأسبابه، فستبقى أزمة العربية قائمة دون حل جذري. ويمكن تصنيف مظاهر التخلف في العقل العربي في خمسة أصناف رئيسية هي: 1- الجزمية الفكرية، ويتفرع عنها نغمة الحسم في تقويم الأمور، وعدم تقبل النقد. 2- عاطفية التفكير، ويتفرع عنها الآنية والارتجال، واتباع الهوى وغياب العدل. 3- التفكير المتمحور حول الذات أو (تضخم الأنا)، ويتفرع عنها الانتهازية والاستغلال، والدكتاتورية. 4- التواكل الفكري، ويتفرع عنه: الاستسلام للتفكير الآمري، وإيقاع اللوم على الآخرين، والاستسلام للواقع وعدم التضحية، وعدم المبالاة بأهمية الأمور، والنزعة التقليدية وغياب التفكير الإبداعي (الإمعية). 5- سطحية التفكير، ويتفرع عنها قصر النظر، وغياب العمق، وصفرية الانطلاقة، وإهمال الكيف والاهتمام بالكم، والتفكير التشخيصي، والتفكير الحشوي. وسنحاول في هذه الدراسة مناقشة هذه المظاهر التي يعاني منها العقل الاجتماعي العربي، وانعكاساتها السلبية على واقع العربية تدريسا وبحثا وتخطيطا، وتقديم مقترحات عملية للنهوض بتدريس اللغة العربية، والبحث اللغوي. للتحميل اضغط على العنوان

اللغة العربية في إسرائيل: سياقات وتحديات

اللغة العربية في اسرائيل : سياقات وتحديات محمد أمارة ------------------------------------------------------------------------------------ الكتاب عبارة عن دراسة لغوية-اجتماعية تقدّم تحليلاً شموليًا لمكانة اللغة العربية في البلاد v الكتاب يطرح سياسات لغوية تحفظ وتعزّز وتطوّر اللغة العربية في ظل التحديات الداخلية وإسقاطات العولمة صدر مؤخرًا عن دراسات – المركز العربي للحقوق والسياسات، بالتعاون مع أ. دار الهدى م.ض.، ودار الفكر – الأردن، كتاب "اللغة العربية في إسرائيل: سياقات وتحديات" للبروفيسور محمد أمارة، المختصّ في علم اللغة-الاجتماعي والسياسات اللغوية، في 304 صفحات من القطع الكبير، مع ملخص باللغة الانجليزية. تلقي هذه الدراسة الضوء على واقع اللغة والعربية وتحدياتها في إسرائيل في ظل الصراع العربي-الإسرائيلي وفحص وضعية اللغة العربية منذ النكبة، وبعد قيام إسرائيل لسبر علاقتها بالوجود العربي- الفلسطيني في البلاد، من ناحية الهوية الفردية والهوية الجماعية. استند هذا الكتاب على ثمرة عمل استمر سنوات طوال في بحث اللغة العربية، والمخزون اللغوي، وسياسة التربية اللغوية للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل وربطها بالسياقات المحلية، القطرية، العربية والعالمية من عدة جوانب، أهمها اللغوية، الاجتماعية الثقافية، والسياسية. وقد أتت الأبحاث السابقة في هذا المجال لتشكل في الكتاب لبنات لفهم وتحليل خصوصية اللغة العربية، سياقاتها وتحدياتها بمفهوم شمولي في ظل الواقع الإسرائيلي المركب، وارتباطها الوثيق بالفضاء العربي الإقليمي، والعولمة. كما ويطرح الكتاب العديد من الموضوعات الجديدة المطروحة مثل المشهد اللغوي الفلسطيني، المجامع اللغوية التي أسست مؤخرًا، دور الأحزاب، الحركات والمجتمع المدني في تعزيز العربية، ودورها في التصوّرات المستقبلية، وبناء إطار نظري أولي لمواجهة التحديات. هذا الكتاب هو بالأساس دراسة لغوية-اجتماعية، حيث يقدّم ولأول مرة تحليلاً شموليًا لمكانة اللغة العربية، خاصة بما يرتبط بالمجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل. ويأمل مركز دراسات أن يفتح الكتاب اتجاهات جديدة وخلاقة من الفكر والحلول، وأن يشكل مساهمة جدية لإعادة اللغة العربية إلى مكانتها وتعزيز هوية أبنائها، في ظل تحديات الصراع والتحديات الثقافية في زمن العولمة. وجاء في مقدمة الكتاب التي كتبها د. يوسف جبارين، مدير مركز دراسات: "ما يميّز هذا المؤلـَّف هو تناوله للغة العربية في إسرائيل من باب علم اللغة الاجتماعي، وهو فرع علمي حديث العهد نسبيًا في البحث الأكاديمي في بلادنا وفي العالم عمومًا، هذا من ناحية، وبسعيه إلى إلقاء الضوء بمنهجية وشمولية على واقعنا اللغوي، من ناحية ثانية، وصولاً إلى سياسات لغوية تحفظ وتعزّز وتطوّر اللغة العربية في ظل التحديات الداخلية، لكن أيضًا في ظل الإسقاطات الثقافية للعولمة التي لم نعد بمنأى عنها".

التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية

التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية الدكتور إبراهيم رجب

العامية والفصحى في القاهرة والرباط

العامية والفصحى في القاهرة والرباط الأستاذ عبد العزيز بنعبد الله عضو أكاديمية المملكة المغربية ـ الرباط ------------------------------------------------------------------------------------ نحيي ـ بكل اعتزاز وإكبار ـ مجمعنا الموقر مجمع اللغة العربية بالقاهرة بصفته مجمعاً رائداً أخذ على نفسه منذ اللحظة الأولى إمداد العروبة بالرصيد الأصيل للغة الضاد لغة العلم والحضارة والتكنولوجية. وقد وفَّى في شمولية نادرة وعمق وبعد كبيرين بهذا الوعد الخطير، مما جعل منه المنتدى العروبي الوالد الذي برهن بمنجزاته الرائعة على أن لغة القرآن كانت ولا تزال منبع الكلمة الرصينة الجزلة الطيعة ذات المحتوى العلمي والحضاري الدقيق. وقد كان لإبداعات مجمعنا الذي يضم في رحابه العامرة أقطاب الفكر وجهابذة العلم من أبناء الوطن العربي القول الفصل في سيولة الكلمة وشيوعها. فهنيئاً لمجمعنا وهنيئاً للعروبة بهذا الكيان الذي تنضوي تحت رايته معتزة فخوراً. * * * العامية هي ما يسميه الجاحظ بلغة المولدين والبلديين (البيان والتبيين، ج 1، ص. 111). وقد لاحظ أن في كل مدينة ألسنة ذلقة، غير أن اللحن كان فاشياً في العوام (ص. 111). وقد تحدث أحمد أمين عن العامية في القرن الرابع فقال: »إن اللغة العامية أصبح معترفاً بها يبحث في ألفاظها وأساليبها، وينتقي منها خيرها إلا بعض علماء كأبي العلاء المعر0ي« (ظهر الإسلام، ج 2، ص. 100). وأغلب الأصول والقواعد الأساسية مشتركة بين الفصحى والعامية حتى ما يتصل بالقلب والإبدال والتسهيل والترخيم والنحت وغير ذلك. وتمتاز العامية بمظاهر بسيطة تجعلها في بعض الأحيان أكثر إيغالاً في القلب والتسهيل. ولهذه الوحدة الأصيلة أمثلة لا تنفرد بها العامية في قطر عربي دون آخر، بل تمس اللهجات الدارجة في معظم أجزاء العالم العربي. فمن مجالي التخفيف في اللسان الفصيح والتي أثرت في ألسنة العامة وجود مترادفات يختلف بعضها عن بعض بإضافة حرف واحد. وقد اختار الدهماء لتخاطبهم اليومي أخفها نطقاً وإن كان أكثرها أحرفاً، مما يؤكد أن عقلية العامة لا تنحرف عادة عن الأصيل إلا إذا لم تجد في صيغه ما يتفق وطبيعتها الميالة إلى التسهيل. وتوجد في مجمع اللغة العربية بالقاهرة لجنة للهجات من أهدافها استقراء الألفاظ والتراكيب الجارية على ألسنة أهل الأقطار العربية من الناحية الصوتية ومن ناحية المعنى وتدوين هذا في معاجم وأطالس لغوية. وقد اتخذت اللجنة لهجة القاهرة مقياساً. وترتكز اللجنة في هذا البحث على تنقل القبائل، لما له من أثر كبير في لهجات الأقاليم وتطورها واختلافها (مجلة المجمع، ج 7). وهناك مترادفات يختلف ترتيب حروفها مثل جبذ وجذب (جبذ) وخربش وخرشب العمل، أي لم يتقنه. أما النحت، فأمثلته كثيرة: ويلمه وهي منحوتة من أصلها (ويل لامه). صبحه، أي: قال له صباح الخير. مساه: قال له مساء الخير. تويل: قال يا ويلي. فسقه: قال له يا فاسق. ما شا الله ـ (ما شاء الله) ـ ما طيبو ( ما أطيبه) ـ محلاه (ما أحلاه)، إلخ. ومن أمثلة الإتباع أو الإبدال بالمعنى نفسه: العجر والبجر ـ حيص بيص ـ هين لين (سهل) ـ هش بش (مسرور) ـ الكوع والبوع (كعو وبعو) ـ الجوع والنوع ـ شيطان ليطان ـ حسن بسن، إلخ. وهناك مئات الكلمات تحكي الأصول أو الحركات وتتحد فيها اللهجات. أما الصيغ، فكثيراً ما تتخذ الوزن نفسه في العامية والفصحى للتدليل على المدركات نفسها، كالمبالغة والتفضيل والبقية والسقاطة والتظاهر والتشبيه أو التشبه والوصف مثل كنز (مكنوز) وعلاج (دواء) ووقف (موقوف) وغصب (مغصوب). وتفاقر (أظهر الفقر)، وتباكى وتجاهل وتماوت وتناعس وتشيطن وتفحل وتفرعن وتفرنج وتمدن وتوحش وبخل وجهل وسفه وضعف وفسق وغلط وكفر وأحمق (أي موصوف بالحمق) وأبله وأعمى. ويجمع المذكر في اللسانين بإضافة تاء مربوطة إلى المفرد مثل: حمَّارة (أصحاب الحمير) وخيالة ورحالة وعسالة (أصحاب العسل). وتشترك الفصحى والعامية في الاشتقاق المنطقي من ألفاظ ذات معنى حسي مجرد كالحمام من حم الماء، أي سخنه ومخدة من الخد والسماء من سما، أي ارتفع. وقد تعددت اللهجات في الجاهلية بتعدد القبائل الكبرى وخفت أوجه الاختلاف بما استوثق إذ ذاك من صلات في الأسواق الإقليمية والمبادلات التجارية والمصاهرات. وقد أدت قريش دوراً هامّاً في انتقاء أجود اللغات، فنسقت واجتبت أفضل لغات العرب حتى صارت لغتها أفضل لغاتهم (لسان العرب) فنزل القرآن بها وازدادت مظاهر الوحدة تحت راية الإسلام بالرغم عن الفوارق القبلية البسيطة التي ساندتها أحرف القرآن السبعة. وقد احتفظت ألسنة جهوية بميزات خاصة »من حيث التصريف والهيئة والإبدال وأوجه الإعراب والبناء« (متن اللغة، ج 1، ص. 47). فقريش مثلاً تفتح نون المضارعة وأسد تكسرها والحجازيون يثبتون ما النافية وتميم تهملها. أما الاختلاف في الأسماء، فلا يكاد يظهر إلا في حمير التي ظلت محتفظة بكثير من مفرداتها (المدية الحميرية بدل السكين). ويتجلى الاختلاف بين لهجات العرب في مظاهر مختلفة كالإظهار والإدغام والإشمام والتفخيم والترقيق والمد والقصر والإمالة والفتح والتسهيل والإبدال وهو اختلاف في الصور الظاهرة لمخارج الحروف مع وحدة اللفظ. وقد عرف العرب منها قديماً العنعنة عند تميم وقيس (إبدال الهمزة عيناً) والكسكسة عند ربيعة (إبدال كاف الخطاب شيناً) والغمغمة عند قضاعة (وهي إخفاء بعض الحروف) والفخفخة عند هذيل (إبدال الحاء عيناً مثل حتى وعتى) واللخلخانية في عمان واليمن (وهي حذف همزة ما شاء الله مشا الله) والتلتلة في بهراء وهي كسر تاء المضارعة (تِلعب) والوتم عند أهل اليمن (قلب السين المتطرفة تاء كالنات في الناس). وقد لاحظ الأستاذ فريد أبو حديد (مجلة مجمع اللغة العربية، ج 7، ص. 205) أن حركة الكسر تكاد تكون شائعة في كثير من الدول العربية. مثال ذلك كسر آخر الاسم المضاف إلى ضمير المؤنثة المخاطبة فيقولون في الشرق أنت مالك (يقول المغاربة »مالك« بفتح اللام) هي لهجة لخم التي تكسر ما قبل كاف المخاطبة. والوكم والوهم عند ربيعة وكلب (كسر كاف الخطاب وهاء الضمير): عليكم، عنهم) والاستنطاء (في لغة سعد بن بكر وهذيل والأزد وقيس والأنصار) هي قلب العين الساكنة قبل الطاء نوناً (أنطى ـ أعطى) وما زالت مظاهر ذلك إلى الآن عند الأعراب. والمشترك نفسه يرجع لتعدد الألفاظ للمدلول الواحد بين القبائل كما أن في اللغة الموحدة نفسها اختلافاً في الأبنية من لغتين إلى ثلاث عشرة لغة (عباءة ـ عباية، إلخ). وقد أرجعت أصول الكلمات الواردة في القرآن إلى خمسين لهجة من لهجات القبائل، علاوة على وجود كلمات معربة. وظهر الانحراف في الحركات الإعرابية منذ صدر الإسلام، فسار العوام في منهجهم المنحرف واستفحل هذا الزيغ اللغوي باختلاط العرب بالأعاجم بعد الفتوح. فهب علماء اللغة لتقويم العامية وإرجاعها إلى أصالتها الفصحى، وتجلى هذا المجهود في "أدب الكاتب" لابن قتيبة و"درة الغواص" للحريري، فخف البون بين الفصحى والعامية، إذ روعيت شساعته في اللغات الراقية اليوم وبقيت العامية في جميع مظاهرها لغة عربية محرفة الشكل غير مضبوطة القواعد. وتجلى هذا الانحراف كما سنرى في عامية الشمالين الشرقي والغربي للقارة الإفريقية، أي مصر والمغرب. وقد أشار الثعالبي في "فقه اللغة" (طبعة 1978 ـ 1959، القاهرة، ص. 450) إلى أسماء فارسيتها منسية وعربيتها محكية أوصلها إلى واحد وأربعين ومئة، منها البياع والدلال والبقال والجمال والطراز والخياط والند والبخور والغالية والحناء والمضربة والقمري والربعة والخرج والدواة والمرفع والفتيلة والمجمرة والمزارق والطبل والشكال والقلية والهريسة والعصيدة. وقد دخلت كلها في عامية البلدين. ثم ذكر (ص. 453) أسماء تفردت بها الفرس، فعربها العرب أو تركوها منها: الإبريق والكوز والطبق والقصعة والسندس والياقوت والبلور والسميذ والكعك والسكنجبين والجلنجبين والفلفل والكروياء والقرفة والزنجبيل والسوسن والياسمين والمسك والعنبر والكافور والقرنفل. وقد تأثرت العامية المغربية بالفارسية عن طريق الدخيل في المعجم العربي لا بكيفية مباشرة كما هو الحال في مصر، لأن المغرب ظل في منحى عن التأثيرات الفارسية. ويختلف هذا التأثير في الأقطار الأخرى. ولعل الدخيل من الفارسية في لغة العراقيين يوازي الدخيل فيها من التركية، خلافاً لما عليه الحال في مصر؛ فإن معظم الدخيل فيها في لغتها الشائعة من التركية، ثم من اللغات الإفرنجية (محمد رضى الشبيـبـيّ، مجلة مجمع فؤاد الأول للغة العربية، ج 8، ص. 131). وديوان العراق لم ينقل من الفارسية إلى العربية إلا في عهد الحجاج الذي أمر بذلك كاتبه صالحاً بن عبد الرحمن الذي كان يتقن اللغتين (تاريخ ابن خلدون، المجلد الأول، القسم الثاني، ص. 437). وكذلك شأن اللغة التركية مثل باشا وبكرج (إناء معدني) وخازوق وتخوزق (التخوزيق) وسنجق وطابور وطز (للاستهزاء والاستياء) وطوبجي (مدفعي) وصابونجي وجبدولي (صدرية) وجامكية (مرتب عسكري في عبد الموحدين) وخواجي (تاجر) وبابوشة (بابوج) وبازار وباشادور وبرنامج، إلخ. ومن الكلمات العربية المقتبسة من اليونانية على ما يقال: ياقوت، وملوخية، ومصطكى، ولوبياء، ولجنة، وكروياء، وكرنب، وكافور، وقيطون، وقيراط، وقيثارة، وقنطرة، وقنب، وقمقم، وقلم، وقصدير، وقرنفل، وقرميد، وقانون، وقالب، وقارب، وقادوس، وفندق، وفنار، وفلس، وفص، وفخ، وطاجن، ورطل، ودلفين، ودرهم، وتؤلول، وبلغم، وبجماط، وبطاقة، وبارود، وأوقية، وإقليم، والألماس، والرز. أما اللاتينية، فقد استمدت منها اللهجتان الفصحى والعامية ألفاظاً يقال إن منها إسطبل، وبوق، ودينار، وسجل، وصراط، وصاقور، وطرطور، وقرصان، وفرن، وقفة، وقلنسوة، وقميص، وقنديل، وقنطار، وكوفية، ومد (مكيال) ومنديل، وميل، إلخ. وبينما كان التأثير الإسباني في اللهجة المصرية منعدماً، إذا هو يتخذ طابعاً عميقاً في العامية المغربية، نظراً للتبادل الموصول بين الأندلس والمغرب خلال الحكم الإسلامي، أي طوال ثمانية قرون. وبعد ذلك بثلاثمئة عام، احتل البرتغاليون والإسبان في غضونها مراكز هامة في شواطئ البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلنطيقي من المغرب. وقد ذكر برونو Brunot ("هسبريس"، 1949 ـ العددان الثالث والرابع) أن اللغة الرومانية اللاتينية أمدت العامية عن طريق الفصحى بألفاظ مثل مد وقصر أو مباشرة بكلمات مثل الطابية وكرزية وكركور، وذكر أن لفظ قنديل (Candi) مقتبس من اللفظ العربي quindid وأن الكفة مأخوذة من التركية. ولاحظ في مقدمة مذكراته حول المفردات البحرية بالرباط وسلا أن وفرة الألفاظ الإسبانية الدخيلة في هذه المفردات تدعو إلى نسبة بعض الكلمات إلى أصل يوناني لاتيني. وهذا الغلط هو الذي وقع فيه سيموني (Simonet) في "معجمـ"ـه (Glosario) حيث ذكر مثلاً أن الشابل (alose) مستمد من اللفظ اللاتيني sapidus. وقد أعطى برونو صورة عن مروح التأثيرات الأجنبية في العامية البحرية بالرباط وسلا، فذكر أنه بالإضافة إلى 455 لفظ عربي يوجد 217 كلمة إسبانية و30 لاتينية يونانية و6 فرنسية وإيطالية و6 إنجليزية وكلمة واحدة برتغالية وعشر كلمات بربرية وعشر تركية وإحدى عشرة كلمة مشكوك في مصدرها، وذلك من مجموع يبلغ 753 لفظة. ويلاحظ هنا قوة تأثير العربية الفصحى في موانئ أخرى في المغرب مثل مستنغانم بالجزائر. ففي الرباط مثلاً تسمى chaloupe بالعشارية، وفي مستغانم ببوطة من bota الإسبانية. على أن البرتغالية قد تأثرت باللهجة المغربية حيث كان البرتغاليون يراسلون بالعجمية التي كانت عبارة عن برتغالية مملوءة بالألفاظ المغربية وكانوا يكتبونها بالحروف العربية (كواساك ((Coissac de Chavrebière، تاريخ المغرب، ص. 273). ولعل أول نواة حضارية عربية تلقاها المغرب بعد الفتح الإسلامي قد جاءته عن طريق القيروان التي بدأت تنصهر فيها الحضارة الأموية بعد مرور ثلاثة أرباع قرن على الهجرة، فأقيمت المساجد والدواوين والمصالح والدور الصناعية على غرار ما عرفته مصر والشام. فأول مسجد على النسق المعماري الإسلامي في المغرب هو ذلك الذي بناه سعيد بن صالح الحميري في نكور في نهاية القرن الأول استمد في تصميمه من جامع الإسكندرية التي ظلت مهبط الرواد المغاربة وعلى رأسهم الصوفي أحمد البدوي دفين طنطا. وكانت البساطة آنذاك هي طابع الفن المعماري الذي لم يعرف بعد المقرنصات ولا التعاريج العربية. والواقع أن انعدام الاقتباس من الطبيعة والإمعان في دراسة الرياضيات ونزعة الإبداع حدت مسلمي الأندلس والقيروان ومصر ثم المغرب إلى التسطيرات الهندسية الساذجة. ومما يبرز تأثير الأندلس إحداث الموالي الصقالبة لقرية تحمل اسمهم فوق مدينة نكور (البكري، المسالك والممالك، مطبعة الجزائر، 1911، ص. 97) أو منح اسم القاهرة تيمناً وإجلالاً لمركز في قلب الأطلس بقبيلة بني دويران. ولعل الوحدة السياسية التي حققتها الدولة البربرية في المغرب الكبير قد تجلت خاصة في تجديد الاتصال بين الفن المغربي الأندلسي والفنين المصري والعراقي السائدين في بجاية ومهدية وتونس الخضراء. وبذلك تعززت الوصلة بين جناحي العروبة، واندرجت في المجتمع المغربي مصطلحات كانت عصارة الاحتكاك الموصول. وقد كان للأندلس أثر على بعض مظاهر الحضارة المصرية، نظراً لهجرة طائفة من الغرناطيين إلى بلاد الكنانة([1]). ففي عام 1019 هـ هاجرت ألوف الأندلسيين إلى فاس وألوف إلى تلمسان وجمهورهم من تونس فتسلط عليهم الأعراب ونهبوا أموالهم في تلمسان وفاس وسلم أكثرهم في تونس وتطوان وسلا وفسحة الجزائر ووصل جماعة إلى قسطنطينية العظمى ومصر والشام (نشر المثاني عن نفح الطيب، ص. 101). ففي الحقل العمراني يلاحظ أن »قصر البديع« الذي استغرق بناؤه زهاء العشرين السنة (986 هـ ـ 1002 هـ) يبرز لنا مدى التطور الحاصل في الفكر الحضاري ولغته. فقد ظهرت معه فنون طريفة ومصطلحات فريدة كالرخام المجزع والزليج الملون والقباب الخمسينية كتبت في أبهائها الأشعار بمرمر أسود في أبيض تذكرنا بروائع الأندلس. فمن شعر أبي فارس عبد العزيز الفشتالي يصف فن هذه الروائع: فإنها والتبر سال خلالها وكأن أرض قراره ديباجة وكأن موج البركتين أمامه صـفـت بــضـفـتهـا تـماثيـل فـضـة وشي وفضة تربها كافور قد زان حسن طرازها تشجير حركات سحب صافحته دبور مـلك الــنـفـوس بحسـنـهـا تـصـويـــر وقد كتب بجدران المصرية المطلقة على الرياض: بـاكـر لـدي مـن السـرور كـؤوســا وارض الـنـديــم أهـلــة وشـمـوســــا (المصرية، أي الغرفة الواقعة في طبقة عليا (العلية بالفصحى). ولعل لوجود طبقات في الأبنية منذ القديم بمصر أثراً في هذه التسمية). ولا يخفى ما لتوازي الأصلين القبطي والبربري من أثر في تكييف كثير من أوجه الشبه بين العاميتين، بالإضافة إلى تأثير مظاهر الأصالة العربية في فصحى المغرب وعاميتها عن طريق القوافل التجارية ومراكب الحجيج ورسل الفكر من كبار الرحالين منذ القرن الهجري الثاني لعظيم ما اكتسبوه على طول منازلهم بأرض الكنانة. لقد كان لكثير من القبائل العربية التي دخلت المغرب لهجات محرفة عن لهجة قريش التي نزل بها القرآن؛ ولكن تطورها اللغوي لم يخرج عن النطاق العادي في تبادل التأثير بين الفصيح والعامي، لأن المغرب ظل بعيداً عن التأثيرات الفارسية والرومية والتركية، وعاش في إطار مقفل طوال قرون تمكن خلالها من الحفاظ على كثير من معطياته اللغوية. فكان الخلاف أقل بين الفصيح والعامي. ويتجلى ذلك في المصطلحات المستعملة في كثير من مرافق الحياة. ولعل أبرز مظهر لعراقة المحتد العربي في قبيلة أو إقليم يتجلى في صفاء لسانها. وقد ارتكز ابن خلدون لتحقيق الأرومة على عنصرين هما: الموطن والعجمة (التاريخ، ج 6، ص. 96)، وإن كان الموقع الجغرافي لا يمثل في نظرنا عاملاً جوهرياً لإمكانية الهجرة في فترات سالفة. ومن الصعب أن نميز بعد التفاعل اللغوي الناتج عن ارتباط الأقاليم بين ما جد وما تلد في هذه اللهجة. غير أننا إذا قارنا بين المصطلحات المستعملة في هذه القبيلة والتي تتبع المستعرب الفرنسي لوبينياك عام 1916 الكثير منها في كتابه "نصوص عربية في زعير" (طبعة باريس، 1952)، لمسنا مدى الصفاء الملحوظ في الكثير من الكلمات التي درجت على ألسنة العامة من أهل زعير مما لا نجد له مثيلاً إلا عند القبائل التي لا يتطرق الشك إلى عروبتها كالشاوية. وقد أشار كثير ممن درس أنساب الفصائل السلالية المغربية إلى أن القبائل الرحالة في سهول المغرب الغربية وأقاليم عبدة ودكالة والشاوية وشرقاً بالحدود الجزائرية ما زالت تحتفظ بعروبتها الأصيلة التي طبعتها منذ الفتوح الأولى. وقد أثر ذلك في العنصر البربري حيث لوحظ أن عامية القبائلية بالجزائر تشتمل على نحو ثلث الألفاظ العربية (كوستاف لوبون، حضارة العرب، الطبعة الفرنسية، ص. 250). ولا يخفى ما تتسم به لهجات الأندلس وإفريقيا الشمالية من صفاء، بالرغم من عدم تقيدها بالهندام الشكلي للفظ، وبالرغم من الألفاظ البربرية التي تسربت إلى الأقاليم العربية نفسها. على أن الكثير من الكلمات التي يزعم بعض اللغويين رطانتها يتضح أصلها العربي بعد التحليل. فقد نشرت مثلاً مجلة "مجمع اللغة العربية" (ج 8، ص. 326، عام 1955) بحثاً للأستاذ شارل كونتز خبير لجنة اللهجات حول أثر اللغة العربية في عربية المغرب أورد فيه نماذج من الصيغ والكلمات الدخيلة التي ترجع إلى أصل بربري. وقد وفق الأستاذ في طائفة من الكلمات، ولكنه لم يتحر في مقارنة الأصل العربي المحتمل لطائفة أخرى مثل: 1 ▄ أملوس (الوحل) الذي يمكن مقارنته باللفظ العربي (الملس)، وخاصة الملص، بمعنى الزلق؛ إذ أعظم خاصية في الوحل أنه مدعاة للزلق. 2 ▄ داليس (الخيزران) bambou تقارن بالدلس، وهو نبت يورق آخر الصيف، ومعروف أن الخيزران لا يترعرع إلا في الحرارة وفيه عشرات الأنواع. 3 ▄ المازوزي (الأخير من النتاج). ويظهر أنه مشتق من »مزز« الفصحى، حيث يقال: »فعلته على مزز«، أي على مهل. فالمازوزي يأتي متأخراً كأنه يتمهل في انبثاقه. 4 ▄ قطوس (قط): من مميزات العامية سواء في المغرب أو بعض الأقطار العربية كسوريا ولبنان نقل بعض الصيغ من فعل أو فعلل أو أفضل إلى فعلول مثل أحق وحمقوق أو حموق وبط (كالبطة في السمن) وبطبوط وخنفر أو مخنفر وخنفور. فيمكن القول إذن بأن »قط« العربية أعطت »قطوس« العامية. 5 ▄ أقراب، وهو الخرج أو الجراب من القراب (لأن أداة التعريف بالبربرية هي الهمزة للمذكر والتاء المتصدرة، أي في أول الكلمة؛ والمتكسّعة، أي في آخرها). 6 ▄ ساط، بمعنى نفخ. ولعلها من ساط الفحم، أي خط بعضه ببعض ليتقد كله إذا كانت النار لم تمس سوى جانب دون آخر. والبادية تستعمل الكثير من ذلك، كالمسوط للتحريك والنفخ. وقد ورد في "المعجم الوسيط" أن المسجر هو الخشبة التي تسوط بها الوقود في التنور. 7 ▄ كفس، بمعنى لطخ بسواد أو فضح أصلها كفس، أي أعوج، والتكفاس بالعامية الاعوجاج، إلخ. وقد تحدث كرد علي عن »عجائب اللهجات« (مجلة مجمع اللغة العربية، ج 7، ص. 128، سنـة 1953) فقـال: »لعل الدخيل كان نادراً في أرض الأندلس، لأن الأمويين توخوا الوحدة في كل شيء«، إلى أن قال: وكانت اللهجة الأندلسية من أجمل اللهجات نقلها أهلها بعد الجلاء إلى البلاد التي نزلوها: مراكش والجزائر وتونس ومصر والشام، ولعلها كانت لقربها من الفصحى أشبه بلهجات اليمن والحجاز، والأندلس استعملت ألفاظاً فصيحة ما استعملها العراق ومصر والشام. ولاحظ فليش (Fleisch) في "المدخل لدراسة اللغات السامية" (ص. 101) أن لهجة المثقفين العامية تقتبس من الفصحى اللغوية بكيفية خاصة. ويعني بذلك أنها لا تتقيد كثيراً بالأوزان والصيغ. وإذا أردنا أن نبلور مدى تأثير لهجة مصر في المغرب، وجب أن ننظر بين عاميتي القاهرة والرباط. إذ التوافق ملحوظ في اللهجة العامية بين القاهرة والرباط عدا خلاف بسيط في الشكل مثل بات وباح يبات ويبوح بكسر فاء المضارع في القاهرة وبتسكينه في الرباط. وقد نشرت "مجلة مجمع اللغة العربية" (ج 7، ص. 319) تسعاً وخمسين كلمة بصدد دراستها للهجة القاهرية، ولاحظنا من بينها خمساً وثلاثين لفظة مشتركة في المادة عدا الخلاف الشكلي المذكور. ومن بين أمثلة ذلك: بخس يبخس بكسر الخاء في القاهرة وفتحها بالرباط، وبدا يبدي (ق) ويبدأ (ر) وبدر يبدر وبرق يبرق وبرم يبرم وبشر يبشر بضم عين الكلمة (ق) بدل فتحها (ر) وبطأ يبطئ بكسر الطاء (ق) وفتحها (ر) وبل (ق) عوض بلل (ر). يضاف إلى ذلك تباين خفيف في النطق (ترقيقاً وتفخيماً وإمالة، إلخ) مع المؤثرات اللغوية الخاصة كالتركية على نسق التأثير السرياني والنبطي في الشام. وهنا نورد مفردات تفاعلت خلال التاريخ في نطاق مؤثرات موحدة أو مختلفة: ـ ء ـ أبو جعران: كنية الجعل بوجعران. أبو علي: الرجل اللطيف الكريم (مصر)؛ وأبا علال: في المغرب كناية عن الفقر المدقع. أتسرق، أي أنسل خلسة من انسرق (المغرب)؛ ويقال: انسرأ في (مصر). اعشاري، أي عشري نسبة إلى عشرة (مصر والمغرب). امتا، أي متى (ويقال أيضاً يمتى في المغرب وميته بالإمالة في الصعيد المصري). انفضح، بمعنى افتضح في مصر؛ ويحتفظ المغرب باللفظ الفصيح وهو افتضح، لأن المغرب لا يستعمل صيغة انفعل إلا لمعنى المطاوعة. أور عينيه (مصر)، قلعهما أو عورهما؛ ويقال خور عينه بالمغرب. ولعل الكلمتين من قار يقور قوراً، بمعنى العور. ايس لغة في يئس، وهي مستعملة في البلدين. ايش، بمعنى أي شيء. خفف منه. نص عليه ابن السيد في "شرح أدب الكاتب" وصرحوا بأنه سمع من العرب (شفاء الغليل، »ايش«، ص. 15). ـ ب ـ باب الفتوح: إحدى أبواب القاهرة وفاس. بابوج: بابوش (كلمة فارسية): حذاء. باس: قبل، والبوس التقبيل (يقال بأنه فارسي معرب) (شفاء الغليل). باسل: فلان باسل أو كلامه باسل، أي ثقيل لا معنى له. الباع: مقياس يمتد من طرف أصابع اليد إلى طرف أصابع الأخرى. وتقول العامة في مصر والمغرب: »فلان باعه طويل«، أي له قدرة ونفوذ. بتاع: هذا الشيء بتاع فلان، أي متاعه أو في ملكه (متاع في المغرب). بحلق بعينيه: أي حدق النظر وحملق. برا: أي في الخارج، ومنه براني، أي غريب وأجنبي. البربر: لفظ يطلقه المصريون على سكان النوبة لبربرتهم، أي كثرة كلامهم وجلبة لسانهم ويطلقه العرب في المغرب على سكانه الأصليين للسبب نفسه. برطم: تكلم بكلام غير مفهوم (بركَم في المغرب). برمكي: معناه في مصر فاقد الغيرة، ذو أعمال جنسية شائنة. أما في المغرب، فمعناه الكريم نظراً لكون البرامكة كانوا في عهد الرشيد موصوفين بذلك. بريمة: مثقب (لعلها مشتقة من الإيطالية Barrena). البزبوز: القصبة أو القضيب المجوف، ويطلقه المغاربة على أنبوب الصنوبر. بسبس: دعوة الهر إلى الطعام، يقال له بس بس بس (بفتح الباء في المغرب وكسرها بمصر). البشماط: المرادف العربي للبشماط هو الكبنة، أي الخبز اليابس )المخصص(، (البقسماط في مصر). بشويش (بفتح الباء في المغرب): أي بتؤدة وهدوء. يقال: »تكلم بشويش«. البصارة: تصنع من الفول المطبوخ بماء وتوابل وبصل وسمن. بصبص الكلب بذنبه، حركه. بطال: عاطل من العمل، تعطل الأجير فهو بطال. بطنطة: ضريبة التجارة. البعبع: ما يخوف به الصبيان (بعو بالمغرب). البعصوص: أي العظم الصغير الذي بين إليتي الإنسان. ويستعمل عامة المغرب الكلمة الفصحى. بعيد: يقال: »هو البعيد«، أي الأجنبي. بغل: »فلان بغل«، أي غبي. ومن العادات المشتركة بين مصر والمغرب أن البلغة إذا حملت وولدت، فهذا دليل على انتهاء عمر الدنيا. البقال: حسب "القاموس" ـ بمعـنى »بياع الأطعمة« عامية، والصحيح »البدال«. وقد ورد في "فقه اللغة" أن البقال بمعنى بائع البقول معربة عن الفارسية (المغرب ومصر). بكرج: وعاء القهوة، ويسمى في المغرب بقرج ومقرج، وهي كلمة تركية معناها: غلاية. البلغة: حذاء من جلد أصفر »ويظهر أن أصله من فاس في المغرب، لأنهم ينادون علهيا البلغة الفاسية« (أحمد أمين، قاموس العادات، إلخ، ص. 95). بندير: آلة للطرب كالدف ولعل أصلها إسباني (bondera). بنديره: العلم، وهي إيطالية (bandiera). بهدله: أي احتقره واستخف به (الشعراني، لطائف المنن، ج 1، ص. 175). البوري: سمك ينسب إلى قرية بساحل مصر قرب دمياط، وذلك حسب ياقوت (شفاء الغليل، ص. 46). بوغاز: أي مضيق. كلمة تركية عربيها الزقاق كغراب، وهو مجاز البحر مثل ما بين طنجة والجزيرة الخضراء (المغرب ومصر). بونية: عربيها جمع الكف (القاموس)، وهي فرنسية الأصل (المغرب ومصر). يباع: أي بائع مثل بياع الرؤوس (عربيها الرءاس) وبياع الزجاج (عربيها الزجاجي) (مصر والمغرب). تأفف: أي قلق وغضب، فكأنه يقول لمن يخاطبه: »أف بك«!. ـ ت ـ تبهر: أي عجب من أبهر، أي جاء بالعجب. وأصل انبهر تأثر بأشعة الشمس ووهجها. وقد اقتبس العامة في مصر المعنى نفسه من كلمة عربية أخرى هي وهر، فيقولون: انوهر، أي انبهر وعجب. إذ الوهر توهج الشمس، ويستعمل المغاربة أيضاً تفهر بالفاء. التربيعة: مكان بالقاهرة تباع في البضاعات المغربية من بلغ وبطاطين (أحمد أمين، قاموس العادات، ص. 96)، وكذلك العنبر المحلول وعطر الورد والزهر (ص. 115). والتريبعة ـ بالتصغير بتقديم الياء ـ تفيد في المغرب المعنى نفسه. ترزي: الخياط، وهو من الدرز، أي الثوب بالفارسية وبنو درز: الخياطون، ويقال الدراز بالمغرب، وهي من الطَّرًّاز، أي صاحب الطراز. تعبان: أي متعب. ولم يعرف عند العرب على ما يظهر (مصر والمغرب)، عدا ألفاظ قلائل مثل غضبان. تعنطز فلان: تكبر وتجنب الناس، ويسمي المغاربة العبيد وأولاد الإماء العناطيز، لأنهم يعيشون عادة معزولين عن الناس. تفرج على لعبة: تفكه بالنظر إليها. تفرشح: جلس وفرج ما بين رجليه. ويقال في المغرب: تفرشخ (بالخاء بدل الحاء المهملة) بمعنى جلس ماداً رجليه (ولها في المغرب معنى آخر يقال تفرشخ البطيخ بمعنى تكسر). وتستعمل لفظتا فسخ وقشح في مصر بهذا المعنى. تفنطز: كلمة يونانية معناها تريض (phantasia). وتوجد في العامية المغربية، ولعلها اقتبست من الكلمة الفرنسية fantasia لألعاب الفروسية التي كانت تسمى قبل بالتبوريدة (أي اللعب بالبارود). تكابوا على الشيء: بمعنى ازدحموا عليه واشتهرت في مصر خاصة اتكببوا (بكسر الباء الأولى وتشديدها). تكَرع: تجشأ، ويقال تبعج في الشام. ولعلها من تجرع الماء إذا بلعه. فالجشاء من لوازم تجرع الماء. تمسخر ومسخرة: فلان يتمسخر بك (بيتمسخر في مصر، أي يهزأ بك). تندة: مقتبسة من tente الفرنسية بمعنى ظلة أو خباء، وعربيها الزفن، وهو حسب "القاموس" ظلة تتخذ فوق السطوح تقي من حر البحر ونداه. تنهد: أي تنفس الصعداء، وعربيها تنفس وزفر. ـ ج ـ جَابْ الشيء: جاء به. جاحم: أي دفع نفسه وسط آخرين. وقد لاحظ الدكتور أحمد عيسى في "محكمـ"ـه أنها من الجحيم. ويظهر أنها من زاحم مزاحمة، بمعنى مدافعة الناس. جرجر: أي جر وجذب. ويقال إنها سريانية الأصل. وقد اقتسبها المغاربة من العربية الفصحى لا من السريانية التي لم تؤثر في العامية المغربية، نظراً لانعدام كل صلة بين المغاربة والسريانيين تاريخياً. الجعيدي: الجعد من الرجال المجتمع المتداخل المدمج. ويطلق في مصر على من قل ذوقه وكياسته، وفي المغرب على الضعيف البنية كأن أجزاء جسمه تندمج في بعضها. جلبية: جلباب أو قميص (جلابية بالمغرب). جليطة: بتسكين اللام في مصر وتشديدها في المغرب، معناها الخلط وعدم الإتقان. تقول: »فلان جليط عمله«، إذا لم يتقنه (جلط في المغرب ومنها الإتباع المغربي: خلط جلط). جواني: براني. الجوخ: نوع من النسيج. والجوخة كلمة فارسية معناها: الكساء من الصوف. الجوق: فرقة تقوم بعمل واحد كالجوق الموسيقي ويقال بأنها تركية الأصل. ـ ح ـ حاف: خبز حاف، أي من غير إدام. حب الرشاد: عربيها الحرف ("المخصص")، ويستعمل عامة المغرب الكلمتين وخاصة »الحرف«. الحجاب: الحرز اشتهر باستعماله المصريون، ويعمله المغاربة للتحصن، ويطلق عليه في كل من المغرب ومصر لفظ »الحرز«. الحرقة: ما يجده الإنسان عندما يطعم شيئاً محرقاً، أي حاراً أو دسماً يثير نوعاً من التخمة في معدته. الحريرة: دقيق يطبخ بلبن أو دسم ("القاموس") (مصر والمغرب). الحريف: الزبون، وحريفك: معاملك في حرفتك. والزبون مولد (القاموس)، ويستعمل عامة مصر لفظة »زبون« المولدة وعامة المغرب كلمة »حريف«. الحشيش: الكيف القديم. ولعل منه اسم الحشاشين، أي القرامطة شرابي الحشيش. حط: بمعنى وضع. اشتهرت في عامية مصر والمغرب، وتستعمل في الفصحى في مثل العبارة التالية: حط الله عنه الوزر، أي وضعه عنه. الحفا: عدم لبس شيء في الرجل. حمص القهوة: قلاها على النار، وهي عربية حسب الأزهري (حب محمص أي مقلو). حوائج: ما يلزم الإنسان من ملابس وغيرها. ـ خ ـ الخازوق: الخشبة كانت تستعمل قديماً لإعدام المجرمين، وهي من الخزق، أي الطعن بالرمح. وقد دخلت إلى مصر عن طريق التركية ولا ندري كيف تسربت إلى المغرب. فهل تم ذلك في عهد السعديين بسبب تسرب العناصر التركية إلى المغرب أو عن طريق التجار المغاربة الذين استقر منهم عدة آلاف بمصر، ولا سيما في عهد العلويين؟ خربشة: خدشة وخمشة. خربق عمله: أفسده (تستبدل العامة في مصر بالقاف الألف فتقول: خربأ). خرخش: أي صوت، وتستعمل بالمغرب لصوت الآلة، وفي مصر لأزيز الصدر. خردة: قطع الحديد المستعمل، وهي كلمة فارسية مقتبسة من الخرثى الفصحى على ما يظهر. الخس: بقل عريض الورق يؤكل نيئاً (مصر والمغرب). خلاه: خلاه في المحل، أي تركه. يقال: »خله في المحل، أي اتركه حتى تعود إليه«. خمسة وخميسة: عبارة عن كف فيها خمسة أصابع يزعمون أنها تدفع العين (أحمد أمين، قاموس، ص. 195). وقد عرفت في إفريقيا الشمالية منذ عهد القرطاجنيين، وتوجد صوره لها في متحف باردو بتونس؛ ويقال في المغرب: »خمسة الخمامس« بدل »خمسة وخميسة« في مصر ويسميها الفرنسيون »يد فاطمة«. الخنفسة: أي غير الجميلة. وفي المثل المصري: »الخنفسة عند أمها عروسة« ويقابله المثل المغربي: »كل خنفوس عند مو غزال«، أي كل خنفسة لدى أمها غزالة. الخوا: بكسر الخاء (وتسكينها بالمغرب)، أي الفراغ. يقال: »شربت على الخوا«، أي على الريق، والخواء فراغ المعدة من الطعام. خواجه: كانت تطلق في الأصل على الأعيان والتجار، ثم أطلقت على الأجنبي بمصر، ولكن المغرب احتفظ بمعناها الأصيل، وهي لفظة فارسية معناها سيد (مصر والمغرب والشام). خوخ الفاكهة: فهي مخوخة، أي فارغة القلب لا لب فيها. الخوخة: تطلق غالباً على الباب الصغير في قلب الباب الكبير، وعربيها حسب "القاموس" هو »الخادعة«. وقد ورد: »سدوا كل خوخة إلا خوخة أبي بكر«. ـ د ـ الدادة: المربية، ودادا كلمة فارسية معناها خادم ومربية. دحدح فلان: مشى على مهل أو تقارب خطوه مع سرعة، والدحداح في المغرب: القصير، وتلك هي صفة سير كل من قصر جسمه. درابزين: الحاجز الحامي في السطح أو الدرج (دربوز بالمغرب). دربكة: الطبل الصغير، وهي فارسية. عربيها »الكوبة« التي أشار إليها صاحب "القاموس". الدرفة: درفة الباب، أي مصراعها. وهو من الدفة، بمعنى الجنب. ويستعمل العامة في المغرب لفظة »دفة« بدل »درفة« في مصر. درويش: فقير. كلمة فارسية ("البرهان الجامع") (مصر والمغرب). الدشيش: دشيش الفول طحينه، وهي من جش الحب إذا دقه. ويقال »الدشيشة« في المغرب (الطحين المدقوق). دغري: مشى الرجل دغري، أي قدماً لا يلوي على شيء. ويقال بأنها من »طغرو« الفارسية بمعنى مستقيم أو »طوغري« التركية. الدمغة: الطابع والتنبر. ويقال أيضاً »التمغة« بالمغرب، وهي فارسية (من التمغ أو الطمخ). دندن: غنى بصوت أو آلة موسيقية. دهست السيارة الرجل: أي داسته ودعسته. وتستعمل العامة بالمغرب »معس« بهذا المعنى مستبدلة الدال ميماً. الدوار: معروف في ريف مصر، بمعنى مكان يضم عناصر اجتماعية كالأمير والمدير والمعلم وغيرهم. فهي نواة حضرية، وأصلها فارسي (دوارا) وهي بمعنى »القرية« بالمغرب. ـ ر ـ رأس مشعنن: أي منتفش الشعر، أشعث. الرزمة من الثياب: ما شد في ثوب واحد. رغرغت عينه بالدمع: أي اغرورقت (غرغرت بالمغرب). الرقاق: الخبز الرقيق واحدتها رقاقة (رقاقة بالمغرب). الرقعة: عربية معناها البطاقة استعيرت لرقعة الشطرنج، وهي دخيلة حسب "شفاء الغليل". ومن أدواتها المعروفة كذلك في عامية مصر والمغرب: البيدق والرخ والفرز والفرس والشاه. ـ ز ـ الزريبة: المكان الذي تنام به البهائم، وهي فصحى. زعأ: صاح من الزعق. (زعق بالمغرب). زعلوك: أي صعلوك. وقد ورد »زعلوك« ـ بضم الزاي ـ بمعنى القصير المجتمع العضل. ويطلق بالمغرب خاصة على شديد المراس وصعب الطبع (مصر والمغرب). زغرتت النساء في الأفراح: من الزغردة، وهي هدير الفحل يخرج من حلقه، فاستعير منه صوت النساء يتردد بين ألسنتهن وأصابعهن. زفر: ريحه زفرة، أي منتنة، وهي رائحة بعض الأطعمة كاللحم والجبن وهو من الذفر، أي شدة رائحة الطيب أو النتن. زلأ: أي زلق (زلق بالمغرب). الزلط: يقول المصريون: »فلان رأسه زلط فيه«. في الجزائر: »فلان زلط من فار الجامع«، وهو المدلول المغربي للزلط بمعنى الفقر. الزمت: شدة الحر ووقوف الريح، وهي من زمته إذا خنقه. زنبيل: وعاء من خوص. هو المعنى العربي الأصيل، ويطلق في المغرب خاصة على وعاء من نحاس. الزواق: النقش بالألوان، وهو من الزاووق، أي الزئبق. ويسمى الزئبق بالمغرب: الزواق. ـ س ـ السبوع: اليوم السابع من ولادة الطفل والسبوع لغة في الأسبوع. السبيل: صهريج يخزن فيه الماء لشرب الناس في قارعة الطريق. ولعله من السبل بحركتين، أي المطر الهاطل والسبيل، أي الطريق. ستف: رتب، وهي من صفه أو صفصفه فاصطف وهو مصطف (مستف). سطل: بمعنى بقرج، ولكن له عروة خاصة، وهو ستل بالفارسية (situla) باللاتينية. السقاء والسقا: موزع الماء على البيوت (مصر)، وهو المسمى »القراب« بالمغرب لحمله القربة على ظهره، و»القربة« هي السقاء (بكسر السين). سك الباب: سدها. ويقال في المغرب أيضاً: »سكرها«، وهي سريانية. وفي مصر: »سنكر« بزيادة النون. السميد: لون من ألوان الدقيق، وهو معرب عن الفارسية ("فقه اللغة") واستعمله الحريري في "مقاماتـ"ـه. ويقال السميد بالمغرب، والسميط بمصر. السوة (بكسر السين في مصر وفتحها في المغرب): أسفل البطن، وهي من السوأة بمعنى الفرج، ولكنها أطلقت خاصة على الدبر. سيأ الأرض: غسلها (سيق بالمغرب)، وهي من »صيأ رأسه« إذا غسله فلم ينقه ("متن اللغة"). السيفون: مجرى خاص للماء أصله siphon (مصر والمغرب). ـ ش ـ شاف: أي تطاول ونظر. شألب: أي سقلب، بمعنى صرع؛ وأصلها قلب، وهي شائعة أيضاً في الشام (شقلب بالمغرب). الشايط: الطعام الذي يحترق على النار، فيسوء طعمه وتفسد رائحته فيرمى. والشايط في المغرب هو كل ما يرمى. الشربات: الماء يذاب فيه السكر مع ماء الورد للمناسبات المفرحة. الشربة: الحساء الذي يقدم قبل الطعام. ومقابلها التركي »جوربا«. شرشر الماء: أي خرّ، بمعنى اشتدَّ سيله. شرمط: مزق (اشرمط في مصر). وذكر الدكتور أحمد عيسى في "المحكم في أصول الكلمات العامية" أنه من اثرنمط السقاء إذا انفتح والاثرنماط اطمحرار السقاء إذا راتب ورغا. ففي ذلك معنى التمزق. »ويظهر لي أن أصل شرمط شرم فهو أشرم إذا انشق وتنزق وتشرم، أي تمزق. وأصل تشرمط تشرمت (تاء التأنيث)، وقد تكون من الشرط بمعنى الشق فتكون الميم زائدة«. شقافة: أي شظية الخزف، والشقف الخزف المكسر (شقفة بتسكين القاف في المغرب). الشكال: أي رباط العقال للفرس، ولعلها فارسية دخيلة في الفصحى. شكم الدابة: شد فمها بالشكيمة. الشنطة: الوعاء من الجلد تحفظ فيه الملابس (ويطلق في المغرب على الحقيبة) وأصلها تركي على ما يظهر (جنته). شوشة: شعر قمة الرأس، ومعناها بالسريانية كبة القطن. وتطلق في المغرب على أزرار الحرير السوداء المتدلية من الطربوش. شوية: أعطني شوية، أي شيئاً يسيراً. الشياط: رائحة الاحتراق. الشيت: نوع من القماش (أصلها هندي). الشين: علامة النفي في اللهجتين مثلاً: »فلان ما جاش«، أي لم يات (أصلها »لم يأت شيء«). وما كلتش: أي لم آكل شيئاً و»أخذتش حاجة؟«، أي هل أخذت شيئاً؟ (وأضيفت »حاجة« لزيادة البيان). ـ ص ـ صرصع: صاح بصوت عال، وهي من »صرصر«. وتستبدل العين حاء بالمغرب فيقال: صرصح. صنارة: حديدة الصيد. صنايعي: نسبة إلى الجمع وهو صنائع (على خلاف القاعدة الغالبة) وجمعه »صنايعية« بمصر والمغرب. صينية: طبق يجهز فيه الطعام ويطلق في المغرب على طبق من نحاس تصف فيه كؤوس الشراب، وهو منسوب منذ العهد الجاهلي إلى الصين التي يستورد منها. ـ ط ـ طابور: صف العساكر (التابور تركية). طاجن: وعاء للطبخ (كلمة يونانية). الطار: محرف على »إطار« الأعجمية وعربته الدف وقد دخل في عامية مصر والمغرب وغيرهما (ويقول عامة المغرب »طر«). طاقة: كوة. طاقية: ما يلبس على الرأس، ولعلها مشتقة من تقية، أي وقاية الرأس من الحر والقر. طبطب على الولد: ربته. طربوش: قبعة تركية (»سربوش« بمعنى غطاء الرأس كلمة فارسية)، أشار إليها ابن دحية في تفسير حديث »يلبسون الشعر«، أي السرابيش. طز: كلمة يقولها الإنسان إذا شاهد شيئاً رديئاً أو قبيحاً، فتكون بمعنى السخرية (»دز«، بالفارسية و»طاز« بالتركية وقد عربت). الطقس: حال الجو من حر أو برد. طنجرة: وعاء للقلي أو الطبخ (تتجرة أو طنجرة تركيتان)، والطنجير بالمغرب معناه الطنجرة الكبرى. ـ ع ـ عافر الرجل: بذل جهده ليقوم بعمل (تعافر بالمغرب). عبد اللاوي: نسبة إلى عبد الله، ومنه البطيخ العبدلاوي. عربية أو عربة: عاميتان مرادفهما »عجلة«، وأطلق على مركب في عجل تجره الخيل، و»العربية« هي الشائعة عند عامة مصر والمغرب. عرقان: فصيحة بمعنى »عرق« ("المصباح"). يقال: »عرقان« في مصر والمغرب. العرقسوس: عرق نباتي حلو يمتص. عيان: مريض. ومدلوله الأصيل في الفصحى من الإعياء في الأمر والشيء لا في المرض (القاموس) (مصر والمغرب). عيط: نادى، والعيطة في المغرب نوع من السماع يضرب فيه على الدفوف. العينة: النموذج من السلع (العينة بتسكين الياء في المغرب). ـ غ ـ غامق: لون أسود غامض، أي شديد السواد؛ ومقابله »فاتح« إذا خف لونه. غرقان في الدين: أي فيه بحيث لا يستطيع أداءه. الغريبة: نوع من الكعك يصنع من دقيق وسمن وسكر ويكثر فيه السمن (أحمد أمين، ص. 299). ـ ف ـ فتافيت: ما تبقى من قطع الخبز على المائدة، من فته إذا دقه (»فتايت« بالمغرب). الفدان: وحدة المقاييس المصرية أو الممرات وهو لفظ نبطي ("شفاء الغليل")، ويطلق الفدان بالمغرب على الحقل الزراعي. الفرت (بكسر الفاء): الكرش، وأصله الفرت (وهو بفتح الفاء في المغرب). فرتك: قطع ومزق مثل الذر. فرجية: ما يلبسه العلماء فوق ملابسهم. ويقال إن أصلها يوناني وإن الأتراك اقتبسوها، وتطلق في المغرب على لباس يجعل فوق الثياب للرجال والنساء وهو منفرج من الأمام. لذلك لا يبعد أن يكون أصلها عربياً. فرحان: فرح ("القاموس"). يقال »فرحان« بمصر والمغرب. فرم: أي قطع وكسر، وهي سريانية الأصل على ما يقال. ولعلها دخلت إلى المغرب عن طريق الفصحى، نظراً لانعدام التأثيرات السريانية في اللهجة المغربية، وهي تطلق في المغرب على الكسر الجزئي كفرم الأسنان أو الكأس. فش: أي فتح. ويقال في المغرب: »فش الوطب«، أي أفرغه من الهواء. وفي المثل: »فشه فش الوطب«، أي أزال نفخته وكبرياءه. الفشار: الكذاب المغالي في كلامه. فقس الطائر البيضة: فضخها. الفقي (بالهمزة وكسر الفاء): الفقيه. الفلقة: الآلة تمسك بها الأقدام في الكتَّاب لضرب الصبيان. ويقال بأنها يونانية، واقتبس منها الفرنسيون palanque. فلوكة: سفينة صغيرة، وهي من الفلك، أي المركب. فلصو: أي زيف وزائف. »درهم فلصو«، أي زائف. وأصلها إسباني (falso) أو إنجليزي (false) (مصر وشمال المغرب). ويمكن مقارنتها بكلمة »فلس وإفلاس« العربية. فميلية: أسرة. وعاميتها »عائلة« بمصر والمغرب، وهي من اللفظ الفرنسي famille. الفنطزية: نوع من اللعب بالبارود على صهوة الخيل. وهي يونانية أخذ منها الغربيون fantazia. ـ ق ـ قارب: سفينة صغيرة، وهي يونانية ـ على ما قيل ـ عربت. القراع: مرض جلد الرأس، وأصله القرع بحركتين، أي بثر يخرج بالرأس (القرعة بتسكين الراء في المغرب). قرنص من البرد: تقبض، ويقال في المغرب: »حنية مقرنصة أو مقربصة« (بالباء)، أي متقبضة النقش والترقيم ((stalactie. القرينة: الجنية تكون من الشخص. القصرية: الوعاء يتبول فيه. وأصلها من اللاتينية gastrum. ومعناها إناء مجوف، وتطلق في المغرب على وعاء مجوف لعجن الخبز. قطع اللبن أو لبن قاطع: بمعنى حامض (و»انقطع الحليب« في المغرب أو »تقطع«، أي لم يصلح لأن يغلى أو يروب نظراً لعدم طراوته، ولعلها من قطع الخمرة بالماء: مزجها) (متن اللغة). القفطان: من الملابس الخاصة بالرجال في مصر ويلبسها حتى النساء بالمغرب، وأصلها »قفتان« التركية المقتبسة هي أيضاً من »خفتان« الفارسية. قفقف من البرد: ارتعش، وهي فصيحة. تستعمل في مصر والمغرب. قلع ملابسه: أي خلعها وهي بحركتين في مصر؛ إلا أنها مشددة اللام بالمغرب، حيث تستعمل بمعنى الانتزاع كقلع الأسنان أو تقليع الحجارة من الأرض. وهو معنى فصيح. القهاوي: المقاهي. قورمة: مأخوذة من» قارومة« التركية، وهي لحم يطبخ بالبصل (المغرب ومصر). ـ ك ـ كاكي: تقول: »كاكت الدجاجة«، أي صوتت عند البيض. وأصلها »قاقت«. وتستعمل العامة بالمغرب هذا اللفظ فتقول: »الدجاجة تقاقي«. كاني ماني: يقال بأنها تركية. ومعناها »كيت وكيت«، بمعنى الإكثار من الكلام عن طريق التلميح والكناية. ويقول العامة في المغرب: »كيني ميني«. وأكد الدكتور أحمد أمين أنهما كلمتان قبطيتان. فـ»كاني« معناها السمن، والثانية العسل. وهي في الأصل خلط السمن بالعسل، ثم استعمل في خلط صحيح الكلام بفاسده، ثم في الكلام غير المفهوم (قاموس العادات، إلخ. ص. 333). كاوح أو أوح: في مصر من كافح، أي قاتل وناضل. وتستعمل في المغرب »المكابرة«، وتروج عند عامة المغرب كلمة »كافح« الفصحى في المعنى نفسه. الكباب: قطع صغيرة من اللحم تشوى في السفافيد، ويظن أنه فارسي عربه المولدون (شفاء الغليل، ص. 174). كح: سعل (كحكح بالمغرب، وهي ترديد للمحاكاة أو على نسق جرجر بدل جر). كرنفال: مسخرة. أصلها فرنسي Carnaval (مصر والمغرب). الكسكس: طعام معروف بالمغرب خاصة ـ يكس، أي يدق ـ من القمح. فهو مكسوس ومكسكس، ويسمى الكسكس بالمغرب. كش كش (بكسر الكاف): زجر الكلب ونحوه. وهو في المغرب بضم الكاف. الكفتة (بضم الكاف في مصر وفتحها بالمغرب): اللحم المهرم، أي المقطع قطعاً صغاراً (ويقال في عامية مصر والشام »المقروم«). ويقال بأن اللفظ فارسي دخل إلى التركية، ومنها إلى بعض العاميات العربية كالمصرية والمغربية. كفى القدر: أي قلبها (»كفحها« بالمغرب). الكمنجة: بمعنى الرباب. معرب حسب "شفاء الغليل". الكوارع: الكراع مستدق الساق عند البقر والغنم وجمعه أكراع وأكارع، وتجمعه العامة بمصر والمغرب على كوارع. كورجة: باع كورجة، أي بلا وزن ولا عد. وهي تركية معناها العمى. ووجه الشبه ظاهر بين هذه الآفة والبيع الأعمى بلا تبصر. الكيب: في مصر هو الحصير من ألياف البردي، وهي من اللفظة التركية كيب. ومعناها غطاء. وتستعملها العامة في المغرب (الباء والميم) بمعنى غطاء من خشب يجعل فوق الدكاكين على نسق الإفريز. والاستعمال المغربي أقرب إلى الأصل التركي. الكوشة: موقد الحمام. وعربيها »الأتون«. وتستعمل الكوشة عند عامة مصر والمغرب خاصة لأتون الآجر، وهو بيت يطبخ فيه الآجر. كومبانية: شركة (compagnie) (مصر والمغرب). الكيف: بعض أنواع التبغ (يقال له في مصر »حسن كيف«). ـ ل ـ لبارح ـ البارحة: أي الليلة الماضية، ويقال في مصر »امبارح« باستبدال »أم« من »أل« على لغة حمير لقوله عليه السلام: »ليس من امبر امصيام في امسفر«. اللبخة: دواء كالمرهم يوضع حاراً أو بارداً فوق العضو الألم (اللبخة). الألثغ: من في لسانه عسر في نطق بعض الحروف كإبدال الراء غيناً بوجه خاص (وهو كثير بفاس)، وتقول العامة بمصر »الدغ« بإبدال الثاء دالاً. لهط الرجل في الأكل: أي ازدرد اللقم الكبرى دون مضغ. وتستعمل في المغرب خاصة للتعبير عن إظهار التلهف في الطعام. ولفظة »لهف« جارية أيضاً بهذا المعنى في البلدين. ليلة الحنة: هي التي تسبق عادة الزواج وللحمام والحناء فيها أهمية، وليلة الدخلة الزفاف والبناء. ـ م ـ مبلم (بكسر الميم في مصر وبتسكينها في المغرب)، أي ساكت لا ينبس ببنت شفة. المتختـخ: أي المسترخي من كثرة الماء (بكسر الميم في مصر وبتسكينها في المغرب)، المترد: وعاء اللبن والثريد، وأصله المثرد. أمخروع: ضعيف لا يقدر على العمل. مخطوف: لون مخطوف، أي أصفر. مخوخ: فارغ اللب. مدغس: عين مدغسة، أي ضعيفة البصر. يستعمل عامة المغرب خاصة »مدعمس« بالعين المهملة. مزنجر: أي يعلوه الصدأ أو الزنجار. مسوكر: جواب مسوجر أو مسوكر، أي مؤمن عليه أو مضمون (assicurare). المضربة: النجاد المخيطة بالقطن ("المصباح") (ويقال: »مضربية« في مصر). المعجون: خليط لتخدير الأعصاب. الملابطة: المصارعة (»الملاكطة« بالمغرب). »ملط« في مصر و»أملط« في المغرب: أي أملط لا شعر على جسده. الميت: يتقارب المثلان المصري والمغربي: »الضرب في الميت حرام« (مصر)؛ »البكاء على الميت خسارة« (المغرب). الميضة: المرحاض. ـ ن ـ نخشوش (بالنون في مصر) وتخشوش (بالتاء في المغرب): إذا دخل الماء في خيشومه، فأثار قلقه واضطرابه. نش الذباب: أي طرده. نغز: أي حرض. و»نغزه بإبرة«، أي وخزه. وفي الفصحى: »نخس«. نقر (»نكَر« في المغرب) بالكاف المفخم، أي أكثر من الكلام المؤلف. »نكَر عليه«، أي لمزه بالكلام المؤلم. ننه: تغنى للطفل لإغرائه بالنوم. ويسمى غناء الأطفال بالتركية: »نيني«. والمهد بالفارسية »نانون«. نونو: الطفل الحديث الولادة (مصر). وهو من الكلمة الفارسية »نو«. ويقال في المغرب: »نينو«، لكل جديد في لغة الأطفال. نينة: معناها أم جدة. وأصلها »ننة« الفارسية. وقد اقتبسها الأتراك ثم العرب. ويستعمل عامة المغرب »نانة« (التي ترخم »نه«). وكثيراً ما يصف المغاربة الجدة بـ: حنينة، فيقولون: »جدتي الحنينة«. ولا يبعد أن تكون »نينة« مرخمة عنها بحذف الحرف الأول على غير قياس تسهيلاً. ـ هـ ـ هبهب الكلب: نبح. هجالة: عزب ويقال عزباء (الأزهري). وتستعمل في الغرب خاصة بمعنى الأرملة. هطل فلان (بتشديد الطاء في مصر وتخفيفها في المغرب): استرخى. الهمج: الطبقات الوضيعة من الناس. وأصله البعوض في العربية، ثم أطلق على كل رذيل من القوم. هيه: زجراً للطفل إذا استعملت ياؤها ممدودة، هاه: هي كلمة وعيد حتى للكبار بمعنى حذار حذار! ـ و ـ الوحش (بفتح الواو في المغرب وكسرها في مصر): أي الرذيل من الناس. ورديان: أي الحارس. أصلها بالإيطالية gardiano، أو الفرنسية gardien، أو الإنجليزية warden. وقد اشتق منها المصريون والمغاربة »الوردية«. واستعمل عامة المغرب كلمة »وردن« للتدليل على عمل حراس الجمارك. ـ ي ـ يوغورت: اللبن الرائب في التركية. وقد دخلت إلى المغرب أخيراً عن طريق الكلمة الفرنسية yagourt. تلك نماذج تبرز مدى تفاعل اللهجة الدارجة في مصر والمغرب. ([1]) وكذلك الأندلسيون الربطيون الذين ثاروا على الأمير الأموي الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل ووصل بعضهم على رأس المئتي هجرية إلى الإسكندرية. وكان فيهم علماء (نفح الطيب، ج 1، ص. 318). تاريخ ابن خلدون، ج 4، ص. 275/1؛ مجلة السيراء، ج 1، ص. 44، ط. 1963.

مقدمة لدراسة الملابس المغربية ـ الأندلسية في العصر الإسلامي من خلال المصادر التاريخية والأثرية

مقدمة لدراسة الملابس المغربية ـ الأندلسية في العصر الإسلامي من خلال المصادر التاريخية والأثرية الدكتور صالح يوسف بن قربة قسم الآثار بكلية العلوم الإنسانية جامعة الجزائر ------------------------------------------------------------------------------------ تمهيد يعتبر موضوع الملابس أو الأزياء المغربية الإسلامية، بنوعيها المدني والعسكري، من الموضوعات الأثرية الهامة في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، جدة وطرافة في هذا المجال، لأن الملابس عامة تشكل عنصراً تراثياً هاماً من بين عناصر تراثنا المادي والفني، لا يقل أهمية عن بحث ودراسة أي أثر تراثي آخر مهما بلغت قيمته الفنية والفكرية معا. ودراسة الملابس الإسلامية من ناحيتي الزمان والمكان تمثل مصدراً أثرياً أصيلاً يميط اللثام عن جوانب اجتماعية وثقافية مفيدة نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر تطور الذوق الاجتماعي، والأصناف والميول الفردية، وكذا الفروق الاجتماعية والمادية في المجتمع الإسلامي في جده وهزله، في فترات ازدهاره وذبوله واضمحلاله. هذا، فضلاً عن أن الملابس نفسها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعادات والتقاليد، خصوصاً أوقات المناسبات والأعياد والاحتفالات المختلفة، التي تحدد لنا طريقة ارتدائها، وتنوع ألوانها واختلافها. ومع ذلك، وبالرغم من أهميتها القصوى، فإنها لم تلق العناية اللاّئقة بها من قبل الباحثين والمؤرخين وعلماء الآثار والمشتغلين بالدراسات الاجتماعية الأخرى باستثناء بعض البحوث والدراسات القليلة المتفرقة هنا وهناك. ومما لاشك فيه أنّ معلوماتنا عن الملابس عامة، والعسكرية منها على الخصوص، لا تزال في بدايتها. فمادتها متناثرة في المصادر التاريخية وكتب الرحالة والجغرافيين العرب، وهي لا تسعف الباحث في هذا المجال، لذلك نلجأ إلى الدراسات الأثرية التي تعد الحجر الأساسيّ في كشف أشكال الثقافة المادية، حيث تمكن الباحثون والعلماء بفضل الدراسات الدقيقة من استخلاص أشكال ومضامين شفاهية غير مسجلة من عادات الإنسان وتقاليده منذ العصور القديمة، وهو ما نبه الأثريين إلى تطبيق الدراسات الأثرية على التراث في جانبيه التاريخي والفني. والمصادر الأثرية متنوعة يأتي في مقدمتها المخطوطات المزوقة([1])، والخزف والنسيج والجص والعاج وغيرها لاستكمال النقص وبالتالي رسم صورة واقعية عن الملبوسات. وباعتبار أن هذا التراث ما هو إلاّ نِتَاجٌ حضاري معاصر للفترة أو الحقبة التي أنجز فيها، وبالنظر إلى كونه يفيد في معرفة التواصل الحضاري في مجال التراث المادي، ورغبة منا في خدمة هذا الموضوع، ارتأينا أن نساهم بهذه الدراسة المتواضعة عن الملابس والأزياء المغربية في العصر الإسلامي من الناحية التاريخية والاجتماعية والحربية (العسكرية)، وذلك حسبما يتوافر لدينا من أدوات البحث المتعلقة بهذا الجانب الهام. وانطلاقاً من هذا المفهوم، سوف نتناول دراسة الملابس المغربية من جانبين رئيسين هما: 1 ـ جانب نظري. 2 ـ جانب عملي تطبيقي. أما الجانب النظري، فيهتم بالناحية التاريخية لإثبات أصالة الملبوسات المغربية، وبالتالي يحاول اكتشاف المادة التراثية وتفحصها ومقارنتها، ثم ملاحظة توظيفها في المجتمع الإسلامي آنذاك. أما الجانب العملي التطبيقي، فيأخذ في الاعتبار كل ما تيسر من مواد الملابس والأزياء في بلاد المغرب ومخلفاتها وموادها الخام، إذا أمكن الحصول عليها. هذا، فضلاً عن مصادرها كتجارة الأقمشة والخيوط لبيان المؤثرات عليها. ويخلص هذا الجانب إلى تقسيم الملابس إلى مجموعات حسب طريقة استعمالاتها، ولا سيما الناحية الاجتماعية لاقتصارها على وظيفة معينة أو فترة محددة. وتهدف الدراسة الميدانية إلى بيان أصالتها وتتبع جذورها من حيث كونها ملابس مغربية إسلامية متوارثة ترجع في أصولها وتقاليدها إلى القرون الأولى للهجرة. وهنا لابد من الإشارة إلى أن هذا الاتجاه لا يتحقق إلا بالقيام بدراسة مقارنة تستند إلى الأدلة الأثرية والنصوص التاريخية، والتي تستحق التحليل الدقيق المقارن لمضامينها، علماً بأن المصادر التاريخية من جهة وكتب الجغرافية والرحلات والفقه والنوازل والمعاجم اللغوية من جهة ثانية، كلها تحتوي على العديد من الألفاظ والأسماء والصفات لمختلف أنواع الأزياء. ومن الأمثلة على ذلك ما نكتشفه في كتب التراث مثل كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني و"مروج الذهب" للمسعودي و"العقد الفريد" لابن عبد ربه و"البيان" لابن عذاري و"المعجب" لعبد الواحد المراكشي و"الإحاطة في أخبار غرناطة" للسان الدين بن الخطيب و"الحلة السيراء" لابن الأبار. وبالإضافة إلى ذلك، فهناك كتب المسالك والممالك مثل كتاب "المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب" للبكري و"نوازل" ابن رشد. أما المعاجم اللغوية، فقد أمدتنا بالكثير من المعلومات القيمة التي يتطلبها البحث، خصوصاً فيما يتعلق بأصول المفردات واشتقاق المصطلحات. وهنا لابد من الإشارة إلى أن استعمالنا لاصطلاح اللباس أو الزي العسكري للدلالة على عدة الجيش (الجند) وفي طليعته الخليفة أو الأمير والقائد والجندي المقاتل في المغرب الإسلامي شيء مبالغ فيه إلى حد ما، بل هو غير وارد تاريخياً البتة، لأن المغاربة المسلمين في مرحلة الفتح وصدر الإسلام وردحٍ من العصر الأموي، لم يعرفوا الجيش المنظم الدائم بمفهومه العسكري؛ كما أن المؤسسة العسكرية الإسلامية لم تتبلور وتأخذ أبعادها وسماتها الحقيقية إلا في العصر العباسي([2]) في حالة المشرق، والعصر الفاطمي في حالة المغرب. وحين جاء الإسلام، غدت الأمة كلها مقاتلة، وهذا يعني أن كل القادرين على حمل السلاح من الرجال ينفرون للحرب عند الحاجة([3]). وهكذا، حين بدأت حركة الفتح العربي الإسلامي، اشترك فيها المقاتلة من مختلف القبائل. ومع ذلك، فهؤلاء المقاتلة لم يشكلوا جيشاً نظامياً بمعنى الكلمة، وبالتالي لم تكن هناك شارة أو لباس يميزهم، بل ظلوا على أزيائهم العادية ولباسهم الفضفاض الذي لا يعوق حركة أجسامهم ولا يقلقها عند الالتحام: »خفاف بسيطة وسراويل فوقها البرانس وجباب الصوف«([4]). ومع ذلك، فإننا غالباً ما نجد أزياءهم متعددة الألوان، ولكن لم تكن للألبسة شارة أو رمز معين. وهذا يدل فعلاً على أن المسلمين في هذه الفترة المبكرة من تاريخ الإسلام تميزوا بالبساطة. فالمسلمون جميعاً مجاهدون في سبيل الله يلبون النداء، ويركبون إلى الغزو بلباسهم العادي وأسلحتهم التي كانت بحوزتهم، واستعملوا بالإضافة إلى ذلك أغطية الرأس مثل العمائم. ويمكن القـول ـ في ضـوء ما سبـق ـ بأن بحث ودراسـة الملابس (الأزياء) العسكرية المغربية والأندلسية في العصر الإسلامي، يطرح إشكالية معالجتها ودراستها دراسة تحليلية مقارنة كما وردت في المصادر التاريخية والأثرية، لندرة ما وصلنا بشأنها. ومما يزيد في صعوبة البحث أننا كلما حاولنا جمع شتات المادة التاريخية، نجد أنفسنا في بحر لجي بسبب ندرة الأخبار والأوصاف المتعلقة بها كما سبق أن ذكرنا؛ وحتى إن وجدت، فهي قليلة وشحيحة جداً لا تدلنا على شكل ثابت لها. ومن ثم فهي لا تسعف الباحثين المتخصصين في هذا المجال. وهذا لا يعني بطبيعـة الحال خلو المصادر التاريخية من المادة نفسها فحسب، بل هي قليلة جداً لا تعدو مجرد إشارات وتلميحات متناثرة هنا وهناك. وبالرغم من قلتها، فهي مهمة لما تضمنته من معلومات دقيقة، ولا سيما فيما يخص أنواع الملبوسات، وكذا التسميات التي عرفت بها وطريقة ارتدائها وطرزها وتنوع أصنافها. هذا، فضلاً عن المناسبات التي استعملت فيها آنذاك، حيث تميز كل فصل من فصول السنة بزي خاص. وانطلاقاً من المعلومات التي تضمنتها، فهي تفيد في دراسة الملبوسات العامة والخاصة التي ارتبطت بفئات وطبقات معينة في المجتمع المدني؛ كما تساعد أيضاً في التعرف بشكل صحيح على المواد الخام التي صنعت منها تلك الملبوسات. نذكر من بينها ما حفلت به مؤلفات الإدريسي([5])وابن حيان([6]) والمقري([7]) من أخبار عن أهل قرطبة حاضرة الخلافة الأموية، الذين اشتهروا بحسن الزي في الملابس والمراكب([8]). ويأتي في مقدمة هؤلاء المؤرخين الرحالة والجغرافي العربي ابن حوقل الذي تحدث عن أنواع الملابس المفضلة عند أهل الأندلس، فذكر منها »اللبود المغربية الثمينة والحرير، وما يؤثرونه من ألوان الخز والقز«([9]). [وكان] يجلب منها الديباج ولم يساومهم في أعمال لبودهم أهل بلد على وجه الأرض. وربما عمل لسلطانهم لبود ثلاثية، يقوم اللبد منها بالخمسين والستين ديناراً... فهي من محاسن الفرش، ويعمل عندهم من الخز السكب والسفيق ما يزيد ما استعمل منه للسلطان على ما بالعراق ويكون منه المشمع فيمنع المطر من أن يصل إلى لابسه ([10]). يتبين من كلام ابن حوقل الذي لم يحدد فيه منطقة أو جهة معينة أنه قصد مدينة قرطبة نفسها، ولا نستبعد أن تكون الملابس نفسها قد استعملها أهل المغرب بحكم عامل التأثير والتأثر والامتزاج الحضاري. ونستخلص مما أورده المقري في مؤلفه "نفح الطيب" نقلاً عن ابن سعيد المغربي من أن ما كان يجري بالأندلس، كان يجري بقرطبة([11]). والغالب على سكانها ترك العمائم وانهم كثيراً ما كانوا يرتدون غفائر الصوف الحمر والخضر. أما الغفائر الصفر، فكانت "مخصوصة لليهود"، وأكثرهم لا يمشي »دون طيلسان، إلا أنه لا يضعه على رأسه منهم إلا الأشياخ المعظمون« ([12]). أما عن ابن عذاري المراكشي، فيلقي أضواء كاشفة حول الملابس الأندلسية بشكل خاص، فيعطينا ثبتاً كاملاً بأصناف الملبوسات الممتازة وتسمياتها، التي شاع استعمالها من قبل الأندلسيين خلال القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي ـ كما يفهم من عبارته التي يشير فيها إلى أنه من بين أصناف الأكسية: »... الخز الطرازي، وصوف البحر والكساء العنبري، والسقلاطون، والمريشات وأنماط الديباج، والديباج الرومي والفروي الفنك«([13]). ومما يؤثر على أهل الأندلس ما سنه الفنان زرياب لسكان قرطبة من لبس البياض وترك الملابس الملونة في فصل الصيف، بينما يعودون إليها »ويلبسون بقية السنة الثياب الملونة«. وجعلهم يلبسون في الفصل الذي بين الحر والبرد »جباب الخز والملحم والمحرر والدراريع التي لا بطائن لها«([14]). أما في بداية الفصل الذي بين البرد والحر، وهو ما يطلق عليه المقري اسم الخريف، فكانوا يلبسون فيه »المحاشي والمروية والثياب المصمتة وما شاكلها من خفائف الثياب الملونة ذوات الحشو والبطائن الكثيفة«. وفي فصل الشتاء، فقد نصحهم زرياب أن يستظهروا من تحت ثيابهم »صوف الفراء«([15]). وإذا كانت هذه حال الملابس الأندلسية كما كشفت عنها أوصاف المؤرخين والجغرافيين العرب، فماذا عن الملابس المغربية خلال العصر الإسلامي؟ فهل نالت هي أيضاً عناية واهتمام هؤلاء الكتاب والمؤرخين أو أنها ظلت بعيدة عن ذلك؟ والغريب أن ما ذكره المؤرخون بخصوص هذا الموضوع أكدت جزءاً كبيراً منه الآثار الإسلامية. ومهما يكن من أمر، فالذي لا جدال فيه أن ما نملكه من نصوص تاريخية عن أصناف الملابس المغربية قليل لا يفي بالمطلوب ولا يسعف الباحث في هذا الحقل من الدراسات الأثرية. ومع ذلك، فاستناداً إلى الإشارات المقتضبة التي وردت عنها في كتب المؤرخين والجغرافيين، نستطيع رسم صورة حقيقية عنها. من ذلك مثلاً ما ذكره المقدسي حول »الرساتيق ـ الأقاليم ـ كانوا يرتدون أكسية« وأن عامة سكان المغرب من البربر الذين أطلق عليهم السوقة، كانوا يرتدون المناديل، والمنديـل ـ كما هو معروف ـ لباس من صوف يغطي الرأس ويتدلى على الكتفين والظهر، وليس ببعيد أن يكون هذا المنديل بمثابة عمامة أو زناراً يتمنطقون به، كما يستشف من الأخبار التاريخية أن لبس الجبة كان من الصوف، فهذا اللباس البسيط انتشر بشكل خاص في مدينة تاهرت حاضرة الدولة الرستمية في المغرب الأوسط، وهو ما أكده ابن الصغير في معرض كلامه عن عبد الرحمن بن رستم الذي كان يكثر من شراء هذا النوع من الملبوسات، »فاشترى أكسية صوفاً وجباباً صوفاً وفراء«([16]). ويتضح من عبارة ابن الصغير أن الصوف والفراء كانا يشكلان أهم الأقمشة التي لقيت إقبالاً شديداً بين الناس. هذا، بالإضافة إلى أن الجبة أو الجباب اعتبرت أيضاً من الأزياء المحببة لدى الأمراء. ومع ذلك، فالغموض وشحة الوثائق لدى المؤرخين القدامى قد امتدت عدواها إلى الباحثين المحدثين، فجاءت كتاباتهم وأبحاثهم في هذا الصدد مختلفة وغير ثابتة على حد تعبير أحد الباحثين العرب الذين اشتغلوا بموضوع الملابس([17]). ومهما يكن من شيء، فالذي لاشك فيه أن لباس الصوف كان يعد لباساً عاماً شاع استعماله في بلاد المغربين الأدنى والأوسط حيث ارتداه الزعماء والقادة والخلفاء والأمراء. يدل على ذلك أن أبا يزيد مخلد بن كيداد حين فجر ثورته في وجه الفاطميين الشيعة كان لباسه الصوف([18]). وفي ضوء المعطيات السابقة، يمكن القول إن لبس الجبة كان يشكل أيضاً لباساً رسمياً عند الخلفاء الفاطميين الذين كانوا يظهرون البساطة والتقشف في حياتهم السياسية. فقد روي عن الخليفة المعز لدين الله أنه استدعى ذات يوم أشياخاً من كتامة في يوم شتاء بارد، فدخلوا عليه في مجلس قد »فرش باللبود، وعليه جبة« ([19]). والجبـة ـ كما هـو معـروف من أوصاف المعاجم اللغوية ـ كانت عبارة عن لباس طويل تتدلى إلى الركبة، وقد تزيد، لأنها تستر ما تحتها. والحقيقة أن دراسة هذا النوع من الملابس الإسلامية ما زال يكتنفه الغموض، بسبب ندرة المعلومات من جهة، وقلة الرسوم والصور التي حفظتها الآثار من جهة أخرى. البرنس استعمل أهل المغرب، في العصرين القديم والإسلامي، البرنس ثوباً خارجياً. والبرنس كما عرفه ابن سيدة هو »كل ثوب رأسه منه متصل به سواء أكان دراعة أم ممطراً أو جبة«([20]). وحسب المقدسي، فإن سكان هذه البلاد من البربر كانوا جميعاً يرتدون البرانس البيضاء والسوداء على حد سواء. وكما هو معروف، فالبرنس لباسٌ صوفي كان يستعمل في فصل الشتاء للوقاية من البرد والمطر، كما استعمل في بعض المناطق في كل الفصول أو على مدار السنة. ومن المرجـح جداً أن لبس البرنـس في القديم كان يعد شارة أو علامة مميزة لطوائف من البربر، عرفوا تبعاً لذلك باسم "البرانس"، كانوا يمتهنون التجارة والزراعة، وتشربوا لثقافة اللاتينية. فهؤلاء تميزوا عن جيرانهم بلبس برنسٍ له غطاء رأس، بينما عرف الصنف الآخر من البربر باسم "البتر"، لارتدائهم برنساً مبتور الرأس، أي دون غطاء الرأس، وهؤلاء كانوا بدواً بعيدين عن تأثير الثقافة اللاّتينية. وأما تفسير "البتر" بأنهم سموا كذلك لتجردهم من زي معين يعرف بالبرنس([21])، فهو تفسير لغوي لا يستند إلى أساس علمي قوي([22]). وعلى الرغم من تسليمنا بعدم صحة هذا التقسيم لسكان المغرب، فإن البرنس لباس خارجيّ كان يشكل زياً شعبياً منذ القديم في بلاد المغرب توارثته الأجيال وتواصل لبسه حتى اليوم. ولعل لباس البرنس هذا هو الذي أشار إليه ابن الصغير في معرض حديثه عن عبد الرحمن بن رستم حينما قال: »... اشترى أكسية صوفاً«([23]) ووزعها على المحتاجين من أهل مملكته؛ ومن المحتمل جداً أنها كانت ألبسة صوفية غير مفصلة يلتحف بها كالحايك دون غطاء الرأس. وفي هذا الصدد يقول دوزي: »إن كلمة البرنس قد عنيت في الأزمنة القديمة طاقية، إلا أنها تشير إشارة في العصور الحديثة إلى معطف ضخم له قلنسوة«([24]). والجدير بالملاحظة أن لبس البرنس لم يقتصر على سكان المغرب فحسب، بل امتد وانتشر إلى حد ما في المشرق في العصر العباسي، حيث اتخذ لباساً مميزاً للذين يشهرون بهم من الخارجين على الدولة. وجرت العادة في مثل هذه الحالة أن يلبسوا الخوارج برانس، ويطوفوا بهم على هذه الشاكلة في الشوارع والدروب([25]). وبالإضافة إلى ما سبق، كان البرنس أيضاَ يشكل لباساً خاصاً عند اليهود وأطلق عليه اسم "براطيل"، كما شاع لبسه من قبل النصارى حسبما ذكره متز([26]). وأكد المسعودي ظاهرة استعمال البرنس في العصر العباسي بقوله: »... ودخل المعتضد وبدر الكبير مدينة السلام، وبين أيديهما وصيف الخادم على جمل فالج وعليه دراعة ديباج وبرنس وخلفه جماعته وقد لبسوا الدراريع من الحرير الأحمر وعلى رؤوسهم البرانس« ([27]). والمتأمل في النصوص السابقة يلاحظ أن وصف البرنس لا يدل على أنها متصلة بالرأس بلباس آخر مثل الدراعة، وإنما تدل على أنه غطاء للرأس فحسب. والبرنس المشرقي بهذه الكيفية يختلف تمام الاختلاف عمّا عرفناه عن البرنس الإفريقي أو المغربي الذي يتميز بمواصفات خاصة. ولا يزال البرنس يستعمل في بلدان المغرب العربي حتى اليوم؛ ويحمل الاسم نفسه، ولكننا حينما نحاول البحث عن صورته التاريخية في الآثار الإسلامية المغربية، فإنه يكون صعب المنال، بسبب زوال معظم الفنون التطبيقية التي كانت تحمل صوراً حية من المجتمع المغربي في العصر الإسلامي. وفيما يخص البرنس المشرقي، فالأمر يختلف تماماً من هذه الناحية، حيث لا تزال بعض الآثار تحتفظ بصوره. من ذلك مثلاً نذكر أن أقدم صورة ما زالت تحتفظ بشكل البرنس على الآثار المشرقية، تلك التصويرة الواردة في مخطوط كتاب "كليلة ودمنة"([28])، وهي تمثل قصة "الناسك وابن الثعبان"، حيث نشاهد الناسك في الصورة وقد أسند ظهره إلى عمود داخل البيت، بينما وقف أمامه ابنه. ويظهر الناسك في برنس مؤلف من قطعة واحدة يغطي الجسم والرأس معاً، والجزء الذي يغطي البدن أقرب ما يكون إلى الدراعة، وهو متصل من أعلى بغطاء للرأس على شكل قلنسوة عالية([29]). ونحب الإشارة هنا إلى أن البرنس، سواء كان مصنوعاً من الصوف أو الوبر، يعتبر من أهم الأزياء المحلية في المغرب الإسلامي. ومما لاشك فيه أن الصوف كانت تشكل المادة الأولية في لباس القادة والخلفاء والأمراء. ويؤثر عن زعيم الموحدين الروحي المهدي ابن تومرت أنه يظهر التقشف والبساطة في لباسه، حيث اقتصر على لبس »ثياب الصوف من قميص ومن سراويل ومن جبة تواضعاً« ([30]). وأصبح "البرنس" ولبسه من الأمور التي تحرص عليها كل طوائف المجتمع المغربي في العصر الإسلامي، يستوي في ذلك الرجل العادي والجندي والفقيه والعالم والسلطان، ولكن بدرجات متباينة يراعى فيها اللون والشكل والمادة، وهو ما أشار إليه القلقشندي في كلامه عن »لبس السلطان بالمغرب«، خصوصاً يوم الاحتفال أو يوم التمييز وهو: »يوم عرضهم (الجند) على السلطان، ويختص السلطان بلبس البرنس الأبيض الرفيع لا يلبسه ذو سيف غيره«([31]). ومنذ ذلك الوقت صار هذا العمل تقليداً متبعاً في كل بلدان المغرب الإسلامي. أما الفقهاء، فقد لبسوا البرنس الأبيض شأنهم في هذا شأن السلطان، على حين كان »العلماء وأهل الصلاح لا حرج عليهم في ذلك، ولا حرج في غير الملون مثل الأبيض من البرانس«([32]). ويستشف من الإشارات التاريخية أن البرنس المغربي كان يعد من الأشياء الثمينة التي تهدى للملوك والسلاطين بالمشرق. فقد أهدى السلطان أبو الحسن المريني لدولة المماليك بمصر »الحلل المرقومة المذهبة والأنساق والقنع والمحررات المختمة والبرانس المصنوعة من الحرير المشفف وأحاريم الصدف«([33]). يتبين من الأوصاف السابقة المتعلقة بهذا النوع من الملابس الشعبية أننا نستطيع أن نتمثل صورته الواضحة. وقد ارتداه السلطان المريني والزياني وغيرهما من القادة والجند، إذ لا غنى لأحد عنه لأهميته التاريخية في المناسبات والاحتفالات الرسمية والحياة اليومية([34]). السروال إن المعلومات التي انتهت إلينا بخصوص هذا اللباس ضئيلة جداً. ويبدو أن سبب إحجام الكتاب والمؤرخين عن ذكره يرجع بالدرجة الأولى إلى عدم شيوعه بين الناس من جهة، وإلى كونه لباساً محدود الاستعمال من جهة ثانية([35]). ونحب، قبل أن نفصل القول في هذا اللباس، أن نشير إلى أصل السروال اللغوي والتاريخي، لأن ذلك يساعدنا على فهم أهميته باعتباره لباس البدن الداخلي. وعليه، فالسروال مؤنثة، وتجمع على سراويل وسراويلات([36]). وإذا كانت الكلمة عربية، فإن السروال في الأصـل ليس عربيـاً. ومن المرجـح أنه انتقل إلى العرب من بـلاد فارس، وهي مشتقـة من الفارسية القديمة "زرد أرد"([37]). وتحدث الجاحـظ عن القميص والسروال في عهده، فقال([38]): »إن القميص والسروال هما الشعار، وسائر الثياب الدثار«. أما عن شكل السروال، فيتألف من حجرة وساقين([39]). وتتميز بأنها تستر من الجسم أسفله، وتكون مفصلة ومخيطة. وهي على أنواع، منها سراويل أسماط، أي غير محشوة([40])، وسراويل مخرفجة ومفرسخة، وهي السراويل الواسعة([41]). كان السروال من ملابس المجتمع المغربي القديم، كما كان لباساً مهماً شاع بين طبقات المجتمع المغربي في العصر الإسلامي من الخلفاء والسلاطين والحكام. ويعتبر السروال بالإضافة إلى ذلك من لباس الكتاب([42]) والفقهاء والقضاة وقادة الجيش والجند. وكان الأغنياء من التجار يلبسون القمصان والأردية فوق السراويل([43]). ولما كان السروال لباساً عاماً، لبسه أعاظم الناس وأصاغرهم. وهي لذلك، لابد أنها كانت تختلف في شكلها ونوعها ولونها من فئة إلى أخرى، لأنها اتخذت من قِبَلِ مختلف الطبقات التي تتفاوت في المركز الاجتماعي والمادي. من ذلك مثلاً أن سراويل الإمام يعقوب بن أفلح الرستمي كانت تمتاز بعرضها الفضفاض حتى بلغت »حجرة سراويله في جنبه«([44]). وكانت السراويل تتخذ من القماش، أي الكتان([45]). ويبدو أنها كانت أيضاً من طبقة الأثرياء. فقد ذكر الغبريني في ترجمته للتجيـبـي([46]): أنه كان يوماً يسير إلى باب البحر (ببجاية) ومعه بعض خواصه، وإذا بشخص يتمايل سكراً، فألقى يده الشيخ فقال له: يا سيدي ارفع ما أتم به هذه السكرة. فانتهره الناس، فقال لهم: لا عليكم، دعوه! فتركوه. فأخذ سرواله ودفعه إليه لأنه لم يكن عنده، فانفصل الرجل والسروال بيده. كان السروال في بلاد المغرب الإسلامي ذا أهمية خاصة عندما أصبح يشكل زياً رسمياً لرجال الدولة، بالإضافة إلى أزياء أخرى استعملت معه. ومع ذلك، فينبغي أن نأخذ في الاعتبار أن كل طبقة من الطبقات التي سبقت الإشارة إليها كانت تختلف سراويلها من حيث شكلها ولونها ومناسبات لبسها. فقد جرت العادة في بلاد المغرب على أن الجند المقاتل وخصوصاً فرقة المشاة، كانوا يرتدون "جبا دولي" الأحمر أو الأخضر، ومن لباسهم أيضاً السروال الأزرق، والصدرية والعمامة أو الطربوش وكلاهما أحمر([47]). أما سراويل الجند والفرسان، فالمعلومات والإشارات الواردة بشأنها ضئيلة جداً ومقتضبة وغامضة، وأحياناً متناقضة؛ كما أن المصادر التي نستقي منها معلوماتنا عن الملبوسات المغربية قلما تذكر طول الملبوس وطريقة تفصيله وخياطته أو طريقة ارتدائه أو الألبسة التي تلبس مجتمعة معا([48]). وفي هذه الحالة، نلجأ إلى المصادر المادية الأثرية، والتي لا يزال بعضها يحتفظ برسومها أو صورها. ومن الأمثلة على ذلك، نذكر أن السروال المصور على الآثار المغربية والأندلسية، جاءت بأشكال وأنماط متباينة في تفصيلها وخياطتها تبعاً للمناسبة التي اتخذت فيها. وفضلاً عن ذلك، فإننا نستدل على صورة هذه السراويل من العلب العاجية التي كانت تصنع في الأندلس. وقد وصلت إلينا مجموعة طيبة من صناديق مستطيلة الشكل غطاؤها على هيئة هرم مسطح وعلب أسطوانية الشكل، وجميعها كانت تتخذ لحفظ العطور والعنبر والمسك([49]). تبين من رسوم هذه العلب أن الفرسان من الصيادين يرتدون سراويل تصل حتى الأقدام وتكاد تلتصق بالسيقان بحيث تبدو كما لو كانت جوارب([50]). ومن المرجح جداً أن تلك السراويل هي اللباس نفسه الذي أطلق عليه المقري اسم: »الأشكر لاط« ([51]). وعلى العموم، ومهما يكن من شكل هذه السراويل، فليس بين أيدينا في الحقيقة رسم مصور واضح للسروال الأندلسي بعد القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر ميلادي. وفيما يخص بلاد المغرب الإسلامي، فالإشكال يظل مطروحاً بسبب إحجام المؤرخين من جهة، وغياب الفنون والصنائع التي قد تساهم برسومها في حل هذا الإشكال من جهة ثانية؛ وحتى إن وجدت، فنادراً ما تحمل بين زخارفها رسوماً آدمية. ([1]) يأتي في طليعة المصادر الأثرية: مقامات الحريري التي رسمها الواسطي والمحفوظة بالمكتبة الأهلية بباريس. ([2]) فاروق عمر فوزي، »الجند الأموي والجيش العباسي ـ دراسة في تطور المؤسسات العسكرية في العصرين الأموي والعباسي«، مجلة المورد، عدد خاص، المجلد الثامن، العدد 4، 1979 م، ص. 234. ([3]) المقال نفسه، ص. 234. ([4]) المسعودي، مروج الذهب، على هامش الكامل في التاريخ لابن الأثير، ج 5، ص. 127. ([5]) كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق. ([6]) المقتبس من تاريخ الأندلس. ([7]) نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب. ([8]) د. أحمد فكري، قرطبة في العصر الإسلامي. ([9]) أطلق المسلمون على الحرير كلمة "القز" قبل غزله، ولكنه عندما يخلط مع الصوف يسمونه "الخز". (انظر ابن سيدة، المخصص). ([10]) ابن حوقل، صورة الأرض، القسم الأول، ص ص. 110 ـ 114. ([11]) د. أحمد فكري، قرطبة في العصر الإسلا مي، ص. 259. ([12]) المقري، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، ج 1، ص ص. 207 ـ 208. ([13]) ابن عذاري، البيان المغرب، ج 1، ص. 297. ([14]) المقري، نفح الطيب، ج 1، ص ص. 207 ـ 208. ([15]) المصدر نفسه، ص. 208. ([16]) ابن الصغير، أخبار الأئمة الرستميين، تحقيق محمد ناصر وإبراهيم بحاز، بيروت، ط. دار الغرب الإسلامي، 1986 ، ص. 4. ([17]) د. صلاح العبيدي، الملابس العربية الإسلامية في العصر العباسي، ط. دار الرشيد للنشر، بغداد، 1980، ص. 91. ([18]) ابن أبي الضياف، إتحاف أهل الزمان، تونس، الدار التونسية للنشر، 1976 م، ص. 157. ([19]) المرجع نفسه، ص. 159. ([20]) ابن سيدة، المخصص، ج 4، ص. 81. ([21]) انظر عبد الحميد العبادي، المجمل في تاريخ الأندلس، القاهرة، 1958 م، ص. 32. ([22]) د. عبد العزيز سالم، المغرب الكبير في العصر الإسلامي، ج 2، القاهرة، الدار القومية للطباعة والنشر، 1966 م، ص. 136. ([23]) ابن الصغير، أخبار الأئمة الرستميين، ص. 41. ([24]) دوزي، المعجم المفصل بأسماء الملابس عند العرب، ترجمة د. أكرم فاضل، بغداد، طبعة وزارة الإعلام العراقية، 1971 م، ص. 66. ([25]) د. صلاح العبيدي، الملابس العربية الإسلامية، ص. 234. ([26]) آدم متز، الحضارة الإسلامية، ج 1، ص. 94. ([27]) المسعودي، مروج الذهب، ج 4، ص ص. 267 ـ 268. ([28]) د. خالد الجادر، المخطوطات العراقية المرسومة في العصر العباسي، بغداد، طبعة وزارة الإعلام، 1972 م، ص ص. 38 ـ 39. ([29]) د. صلاح العبيدي، الملابس العربية، ص ص. 235 ـ 236. ([30]) ابن القطان، نظم الجمان، تحقيق محمود علي مكي، طبعة تطوان، ص. 132. ([31]) القـلقشنـدي، صبـح الأعشـى في صناعـة الإنشـا، القاهـرة، الطـبعة الأميريــة، 1915 م، ج 5، ص. 204. ([32]) المصدر والصفحة نفسهما. ([33]) ابن مرزوق، المسند الصحيح الحسن، ص ص. 452 ـ 453. ([34]) أشار الإدريسي في معرض كلامه عن مدينة "نول لمطة" المغربية إلى شهرتها ببيع الأكسية المسماة »بالسفسارية والبرانس التي يساوي الزوج منها خمسين درهماً ديناراً وأقل وأكثر«. (المغرب العربي من كتاب نزهة المشتاق، تحقيق وتعجيم محمد حاج صادق، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 1983، ص. 75). ([35]) د. صلاح حسين العبيدي، الملابس العربية، ص ص. 195 ـ 196. ([36]) أبو هلال العسكري، كتاب التلخيص في معرفة أسماء الأشياء، تحقيق د. عزت حسن، دمشق، مطبوعات مجمع اللغة العربية، 1389 هـ، ج 1، ص. 214. ([37]) ابن سيدة، المخصص، ج 4، ص. 83، ويعرف في الفارسية الحديثة باسم "شلوار". ([38]) الجاحظ، التاج في أخلاق الملوك، تحقيق أحمد زكي، 1914 م، ص. 154. ([39]) ابن منظور، لسان العرب، ج 10، ص. 152. ([40]) ابن سيدة، المصدر السابق، ج 4، ص. 83. ([41]) المصدر والصفحة نفسهما. ([42]) الخالديان، التحف والهدايا، تحقيق سامي الدهان، القاهرة، طبعة دار المعارف بمصر، 1956 م، ص. 157. ([43]) القرطبي، صلة تاريخ الطبري، أبريل 1897، ص. 79. ([44]) ابن الصغير، سيرة الأئمة...، ص. 113. ويروي في هذا الشأن عن الإمام نفسه أنه »كانت له أخلاق في لباسه وركوبه يخرج عن طبع البشر، حجرة سراويله في جنبه«. ([45]) وكانت السراويل تتخذ من القماش الأبيض والأسود والأزرق. ([46]) الغبريني، عنوان الدراية، تحقيق رابح بونار، الجزائر، ط. الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، 1970 م، ص. 152. ([47]) عبد العزيز بنعبد الله، مظاهر الحضارة المغربية، القسم الثالث، الرباط، نشر دار المسلمين، 1958 م، ص. 43. ([48]) صبيحة رشيد رشدي، الملابس العربية وتطورها في العهود الإسلامية، بغداد، نشر مؤسسة المعاهد الفنية، ط 1، 1980 م، ص. 5. ([49]) عن هذه الرسوم وأوصافها، انظر: José Ferrandis, Marfiles Arabes de occidente, Tomo 1 - 2, Madrid, 1935, T. 2, Figure 26, pp. 26-27. ([50]) د. محمد عبد العزيز مرزوق، الفنون الزخرفية الإسلامية في المغرب والأندلس، بيروت، طبعة دار الثقافة، دون تاريخ، ص ص. 179 ـ 192. ([51]) المقري، نفح الطيب، ج 1، ص. 207.