الأحد، 15 مايو 2011

مقدمات المعجم التاريخي

مقدمات المعجم التاريخي الأستاذ محمد الأوراغي كلية الآداب - الرباط -------------------------------------------------------------------------------------- تقديم من الثوابت الراسية كون اللغة موضوعا متغيرا ، سواء اعتبرها دارسوها بنية طبيعية لعضو ذهني أو مادة للتحليل التاريخي . وأن تغيير اللغة ، من جهة ، ينفلت للملاحظة ، إذ لا يقع تحت أعين المتلاغين الذين يرصدون تبدل اللغات ويتعقبون أسبابه ، ومن جهة أخرى ، لا يحدث صدفة ، ولا بإرادة المتكلمين . وإنما يناط تحول أي لغة بصنفين من الأسباب . أسباب خارجية مثل الزمان و إن كان من العوامل الضعيفة التأثير إذا لم يربط بالعامل الثاني الذي هو الاستعمال المرتبط بالجماعة التي تمارس العمل اللغوي تكلما ودراسة . وأسباب داخلية ترجع إلى محرك واحد يتمثل في الطابع الوضعي للغة المتحقق بالعلاقة الاعتباطية القائمة بين الرمز ومدلوله . يترتب عن المثبت في الفقرة السابقة أمران . يتمثل أولهما في ضرورة أن يكون لكل لغة ماض وحاضر . وثانيهما في وجوب تفريع البحث اللغوي إلى دراسة مجردة تصطنع سكون اللغة بعزلها عن عوامل التأثير فيها التي تسبب تغيرها . ودراسة تلاحق اللغة المتفاعلة مع أوساطها المتعاقبة عبر الزمان . وفي هذا القسم الأخير يقع بحثنا في معجم اللغة العربية التاريخي . القول بضرورة أن يكون لكل ماض يعكس ما ولى من أوساطها وانقضى ، وحاضر ينطق عن حال أهلها ويصور بيئتهم الراهنة ، فيه شيء من الغلو إذا لم يتم تعيين المكون اللغوي المعني بهذه العبارة . هب أن اللغة نسق وظيفي ؛ تنتظم إذا لم يتم تعيين المكون اللغوي المعنى بهذه العبارة . هب أن اللغة نسق وظيفي ؛ تنتظم به تصويتات في مفردات معجمية والمفردات في مركبات والمركبات في جمل وهلم جرا ، تجد عند البحث أن التغيير الذي يلحق اللغة لا يمس نسقها مباشرة . بل كما سبق أن بينا في موضع آخر( 1 )، يتناول أولا العناصر المنتظمة به . وتأتي في المقدمة أصوات اللغة باعتبار هذا القطاع من أكثر مكونات اللغة قابلية للتغيير غير الإداري . وذلك بسبب ارتباطه القوي بالإنجاز الفردي للغة ، وفيه تنعكس الاستعدادات الطبيعية للمتكلمين باللغة المعنية . إذ يعتبر اختلاف الأمزجة ، وتفاوت أعضاء جهاز التصويت البشري ، وآفات الكلام ، والاختلاط اللغوي عوامل فعالة ، لا يقل بعضها عن بعض في تعريض المكون الصوتي للتغيير المستمر . وبموازاة أصوات اللغة يأتي معجمها من حيث القابلية للتغيير . لكن التغيير في هذه المرة إرادي بحكم ما ينشأ من مؤسسات الترجمة والتعريب من أجل التوسع في مادة المعجم العربي وإثرائه بالجديد من المفردات . ولاشتداد العلاقة بين قطاعي الأصوات والتصريف ، ومن جهة أخرى ، بين المعجم وقطاعي التصريف والتركيب فإن التغيير الذي يمس مفردة معجمية وجهها الصوتي أو وجهها المعنوي فإنه يسبب ، لعلاقة التساند بين مكونات اللغة ، في تسريب التغيير إلى نسق عن طريق التصريف والتركيب . و إذا قلنا للغة ماضيا يعكس ما ولى من أوساطها وانقضى فإن المقصود معجمها ( 2 ) . ولولا قلنا بأن اللغة ماضيا يعكس بمكانة المعجم المركزية لما استحوذ على راسمة اللغة التي تشمل ، بمعناها المصوغ في قولهم " أما حدها فإنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم"( 3 ) ، كلا من الأصوات والمعجم والاشتقاق والتصريف ،والنحو بفرعيه الإعراب والتركيب والبلاغة بفرعيها المعاني والبيان . إذن ، بالنظر إلى خطورة المعجم ومكانته من اللغة صار هذا إياها ، فنال النصيب الأوفر من جهود اللسانيين العرب ، والقدماء منهم خاصة ( 4 ).بل للمعجم على حدة مكانة متميزة ، عبر عنها الدكتور أمجد الطرابلسي بقوله : "المعاجم هي المرجع الذي لا غنى عنه في كل بحث مهما كان نوعه ، بل هي المرجع الذي يستوي في الحاجة إليه الناشئ المتعلم والباحث المنقب ، ولا ريب في أن تنوع المعاجم لدى الأمة وتجددها من حين لآخر ، وذيوع استعمالها بين الأفراد ، دليل على حيوية هذه الأمة وحيوية لغتها " ( 5 ) . وإذا صح أن المعجم يدخر في كلماته ثقافة المجتمع فإن قسما من مادته ، وهو الحافظ لهوية الأمة والضامن لاستمرارها ، لا يناله التغيير ولا يدخل في الماضي المندثر . لأنه ماضي أهل اللغة المستحضر وكيان الأمة المستمر . وهذا أحد المبادئ التي يجب اعتبارها في وضع معجم تاريخي للغة العربية . وهو مبدأ ثابت المعجم ومتغيره . لكلا الفرعين من المعجم بداية ؛ ويزيد المتغير بأن له نهاية ، فصار مصدرا لتكوين مادة الوسط المتروك ، كما كان مستودعا للمستحدث الجديد . يلزم عن المثبت هنا ضرورة إدخال عنصر الزمان من أجل تحديد تاريخ وضع المفردة وتاريخ تركها . وإذا تعذر عمليا ضبط تاريخ ميلاد كل مفردة أو تاريخ وفاتها بالنسبة تعين الانتقال إلى وحدة قياس الزمن الموالية ؛ كالعقد ، والقرن ، والعصر . أو الطفرات والنكسات . وعليه لا مندوحة ، حين وضع المعجم التاريخي ، من مراعاة مبدأ تفتير المفردات التي يقضي بتعيين الفترة التي عاشت فيها مفردات المعجم . يراعي عند إجراء مبدأ التفتير إما وجه المفردة المعنوي ، وهذا الوجه نستعمل هنا اسم " الكلمة " و إما وجهها الصوتي الذي نخصه براسمة " القولة " و إما الجمع بينهما . فيكون المعتبر الكلمة عند استئناف الوضع الحاصل بنقل القولة من كلمة مستعملة إلى كلمة أخرى مستحدثة . كنقل قولة ( الرقن ) من معنى (الاختضاب بالزعفران والحناء أو نقط الكتاب وتزينه ) إلى معنى (النقر على ملامس الآلة الكاتبة ) . وقد يكون المعتبر القولة لا غير ، وذلك في حالة الترك الناتج عن الاحتفاظ بالكلمة والتخلي عن قولتها المعوضة بغيرها . من هدا القبيل الاحتفاظ بأيام الأسبوع مع التخلي عن أسمائها المستعملة في عصر انقضى وولى ( 6 ) . يلزم عن المثبت في هذه الفقرة مبدأ ضرورة الفصل بين القولة والكلمة عند إجراء مبدأ التفتير على المفردات المعجم التاريخي. وإذا صح ما سقناه حول مبدأ ثابت المعجم ومتغيره يلزم أن تكون حركة التبذل في قسم المتغير من المعجم أكثر منها في قسم الثابت منه . ونعني بحركة التبدل ما يلحق المادة المعجمية من عوارض بعضها يطرأ على ثابت المعجم فلا يحصل له غيره ، كتوسيع كلمة أو تقليصها وتشقيقها . محدودية هذا التغيير آتية من السماح في هذا القسم بتعدد القراءة لا غير . إضافة إلى هذا التغييير الطفيف يطرأ أيضا على متغير المعجم تبدلات ، من أهمها "الترك" ، و "النقل " ، و " الخلق " . وهذا الأخير يحصل بإحدى الوسيلتين " التوليد " ، مثل ( صاروخ ) و ( حاسوب) ، أو " الاقتراض " . ويكون الاقتراض عن طريق التعريب ، مثل ( تلفاز ) و ( تلفن ) ، أو عن طريق التعجيم مثل ( تلفون ) و ( تلفزيون ) ، ( وشومسكي لاحقة ) . باعتبار أن العجمة قد تمثل في القولة ، أو أحد المركبات المزجية أو الوصفية أو الإضافية ، كما في المثال المذكور . ويترتب عن محتوى هذه الفقرة أن يراعى عند وضع المجمع التاريخي مبدأ أصول النشأة وطرقها . بإجراء ما سرد من المبادئ ؛ 1 ) ثابت المعجم ومتغيره ، 2 ) تفتير المفردات ، 3 ) الفصل بين القولة والكلمة ، 4 ) أصول النشأة وطرقها ، يتكون معجم تاريخي له من الأدوار ما لا يكون لغيره العام . كما سيتضح من المبحث الآتي . 1 - قيمة المعجم التاريخي قد يتساءل عن جدوى معجم تاريخي ، وعن مجالات استعماله ، وفيما ينتفع به ، وهل يسد ما سد المعجم العام الذي لا يخضع وضعه لما سرد من المبادئ . عن السؤال الأخير يمكن بكل اطمئنان أن نجيب بالإيجاب ، مادام التمثيل الدلالي والصرفي والتركيبي فيهما واحدا. ويزيد عليه التاريخي بمهام ليست للعام ، إذ يكون له استعمالان : أحدهما ذرعي والآخر لغوي . 1- الاستعمال الذرعي للمعجم التاريخي : تناول معجم اللغة من الوجهة التاريخية لا يكون بمعزل عن المجتمع المدخر ثقافته في مفردات المعجم . ويسبب الترابط القوي بينهما تتغير المادة المعجمية بتأثير من مختلف الأنشطة البشرية المتداولة بين أفراد المجتمع ، بحيث يكون معجم اللغة مسايرا للتحولات الاجتماعية المتعاقبة عبر تاريخ الأمة . ويكوون التقطيع المجتمعي والمعجمي واحدا . لتوضيح العبارة بالمثال لا أحد يشك في أن العصر الجاهلي مجتمع مدخر بصورة مجملة في مفردات معجم ، وأن مجيء الإسلام أحدث طفرة إنسانية مدونة بنفس الصورة في مادة معجم جديدة ( 7 ) ، كما أن احتلال البلاد الإسلامية وإخضاع أهلها لثقافة المستعمر سيحدثان نكسة اجتماعية محفوظة كرؤوس أقلام أو عناوين في مفردات معجم النكسة . وهكذا تتعاقب على اللغة المعينة ، كالعربية مثلا ، مواد معجمية متغايرة كتعاقب الأحوال الاجتماعية المتباينة على مسار أهل تلك اللغة ، إلا أن بعضا من الأحوال الاجتماعية تفنى وتضمحل بينما موادها المعجمية تبقى محفوظة ولا تندثر . عن تلكم العلاقة القائمة بين الأحوال المجتمعية والموارد المعجمية يلزم أن ينظر إلى المعجم التاريخي بوصفه وثيقة طبيعية شمولية . فهو وثيقة طبيعية لأنه يمتنع افتعالها ، وشمولية لأنها نغطي كل المجالات والحقول مما عملته أيدي القوم وعقولهم ، أو ورد عليهم بنقلة إلهية أو نكسة بشرية وبذلك يمكن اتخاذ المعجم التاريخي ذريعة ، ووسيلة منهجية للكشف الموضوعي عن البائد من أحوال المجتمع وقارها . وليس أسهل من تحويل الظاهرة المجتمعية المقصودة بالدراسة إلى حقل دلالي ( 8 ) ، بحيث يتأتى للدارس أن يعاين مدى فشو الظاهرة المعينة أو خبوها على مر العصور وذلك من خلال ما يلاحظه من اتساع أو ضيق في الحقل الدلالي المقترن بتلك الظاهرة . ويدخل في الاستعمار الذرعي للمعجم التاريخي دراسة نصوص منتمية إلى أحقاب متغايرة إذ يفتقر إليه الدارس من أجل تأويل سليم لعباراتها ، سواء أكان النص المدروس شرعيا أم تاريخيا أم أدبيا أم علميا . فلفظة ( زعم ) في " موجهات الخطاب العلمي " المعاصر تقترن بمعنى ( الادعاء الذي يكون مظنة للكذب ) . لكنها في " الكتاب " في مثل قول سيبويه ؛ "زعم الخليل ...وقد زعم بعضهم " ، تقترن بمعنى ( عد الأمر كذا واعتبره كذلك) وعليه قول الشاعر : " زعمتني شيخا ولست بشيخ إنما الشيخ من يدب دبيبا " ( 9 ) وبه يتجنب مثل هذا التأويل لقوله تعالى { ختامه مسك } الظاهر في شرحهم لمفردة " الختام : الطين أو الشمع يختم به على الشيء وفي التنزيل العزيز { ختامه مسك } ( 10 ). وقد بين الراغب الاصفهاني فساد هذا التأويل ( 11) . وتستعمل في كلام الناس حاليا بمعنى ( ترك ما يحسن في كل شيء ويجمل إلى خاتمته لإنهائه به ) . وبين الاستعمالين فرق في المعنى كبير. ومما يستعمل حاليا بمعنى مغاير لمعناه في نصوص قديمة نذكر المفردة " كلا " . إذ يغلب على استعمالها الحالي أن تكون بمعنى " لا " في الجواب بالنفي عن سؤال . كما يتضح ذلك من العبارة ( ب ) المجاب بها عن السؤال ( أ ) في مثل الجملتين ( 1 ) . ( 1 ) ( أ ) هل رأيت شخصا يخرج من بيت القتيل . (ب ) كلا ، لأني ظللت في سريري ذلك اليوم . ولهذه المفردة في السابق استعمالات مغايرة لما هي عليه اليوم . فلا تكون بمعنى " لا "في الجواب بالنفي عن استفهام و إن جاءت بعده ، كما في وقله تعالى . ( 2 ، أ ) . لأن الطمع حاصل والدخول ممتنع . وفي الآية ( 2 ، ب ) حيث يكون الجواب بالتعيين لا بالإثبات أو النفي . وهي بمعناها إذا راكبت جملة خبرية منتهية بها . كما في قوله جل شأنه (2 ، ج) ، أو جملة طلبية كما في الآية ( 2 ، د ) . ( 2 ) ( أ) { أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم كلا } ( 70 - 39 ) ( 12 ) . (ب ) { يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لاوزر } ( 75 - 11 ) . ( ج ) { ثم يطمع أن أزيد كلا } ( 74 - 15 ) . ( د) { قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا } ( 23 - 99 ) . " كلا " في هذه الآيات ونحوها من الاستعمالات تكون " زجرا وردا و إنكار لما قبلها ... لأن فيها معنى التهديد والوعيد " ( 13 ) . وهي في صدر الجملة خلو من معنى الإنكار مشحونة بمعنى التوكيد ؛ كانت داخلة على جملة إسمية ، كما في ( 3 ، أ ) أو على جملة فعلية في مثل ( 3 ،ب ) . وقد تأتي بمعنى " ألا " الاستفتاحية ، كما في ( 3 ، ج) . ( 3 ) ( أ ){ كلا إن كتاب الفجار لفي سجين } ( 83 - 7 ) . (ب) { كلا سيعلمون } ( 78 - 4 ) . (ج) { كلا إنها تذكرة } ( 80 - 11 ) . من استعمالات هذه النماذج (زعم ) ، و (ختام)، و(كلا) المنتمية بالتوالي إلى مقولات الفعل والإسم والإدارة نستخلص فرضية مراسية قد لا تتخلف ، ونصوغها في العبارة (4) الموالية . ( 4 ) التأويل السليم لأي نص منتم لفترة مغايرة لفترة الدراسة يلزمه معجم تاريخي . ويجب أن تصدق الفرضية المراسية ( 4 ) على نص من فترة سابقة ، مثاله نصوص الشعر الجاهلي الدروسة حاليا ، صدوقها على نص من فترة لاحقة ، مثاله القرآن الكريم إبان نزوله و الشروع في تفسير معانيه واستنباط أحكامه . إذ جميع معانيه الإسلامية المدخرة في مفرداته تشريعات مستحدثة ، تصير حاضرا بتمثلها والاهتداء بها، وإلا بقيت مستقبلا لم يدرك . 2-الاستعمال اللغوي للمعجم التا ريخي : ثبت في المبحث السابق أن المعجم التاريخي يوفر معلومات يستخدمها الشتغلون بحقول معرفية متعددة ، كالمؤرخ ، والمفسر ، وناقد الأدب ، ودارس المجتمع ، وغير هؤلاء كثير. أما غايتنا من هذا المبحث فتنحصر في الكشف عن حاجة اللغوي إليه . لأن تفسير الملحوظ في ظواهر لغوية أو الإثبات المراسي لفرضية نظرية يحوجان اللسـاني إلى تاريـخ اللغة ، كمـا توضحـه العبـارة "ولو كان بأيدينا تاريخ للغة العربية يرصد مراحل تطورها مرحلة لأمكننا تتبع مسلسل التحجر بكيفية أدق "( 14 ). وبما أن المعجم أحد الفصوص المكونة للغة وجب أن يستقل بقسم من تاريخ استقلال كل من أصواتها و صرفها و تركيبها بما يعنيه من تاريخ اللغة ككل. يشهد لهذا الاستقلال الجزئي طبعا ما سبق إثباته من أن بعض فصوص اللغة أكثر قابلية للتغيير من بعضها الآخر(15) ، و أنه بسبب من مبدأ التساند القائم بين مكونات النسق يتسرب التغيير من فص معرض لعوامله إلى فص ىخر اقل عرضة لأسباب التغيير و عوامله. من المثبت في الفقرة السابقة نخلص إلى أن تاريخ اللغة، يتشكل من مجموع تواريخ فصوصها التي تكونها. و أن للمعجم ، بوصفه أحد فصوصها، تاريخه الخاص ، ينتفع اللساني بجانب منه ففي دراسته اللغوية. و قبل الشروع في الكشف عن هذا الجانب من استعمالات المعجم التاريخي يحسن أن نذكر من جديد بضرورة الفصل بين تاريخ اللغة بوصفه ممارسة علمية تلاحق بنية اللغة و تتعقب تطورها في احد الاتجاهين باعتبارها قابلة للنتقال إلى طور أحسن أو أقبح. ومن جهة اخرى بين تاريخ علم اللغة ؛ (أو تاريخ اللسانيات) الذي يهتم بميلاد أفكار النحاة ونظرياتهم، و يتعقب اطاريحهم و تحاليلهم المقترحة لمختلف الظواهر المبحوثة، و من جهة ثالثة بين تاريخ اللغويين الذي يعنى بالحياة العلمية و الظروف البيئية و الاجتماعية للمشتغلين بالمسألة اللغوية. و ليس للصنف الأخير من التأريخ سوى دور المساعد في إقامة تاريخ لعلم الللغة الذي ينحصر دوره هو الآخر في المساعدة على إنشاء تاريخ للغة ذاتها. و قد ألح أكثر من دارس على مبدأ الفصل بين تارخ العلم و تارخ المشتغلين به ، و هو ما تبين عنه العبارة " و لنذكر هنا أن تارخ النحو يختلف عن تاريخ النجاة. لقد كتب الكثير عن النحويين و القليل عن تاريخ النحو "(16) . و تبين أن التأريخ للنحو أفيد و أنفع من الاشتغال بحياة أصحابه كما توضحه هذه العبارة التي تفاصل بينهما " محاولة تبيان مراحل التطور لهذا العلم. وهذا ماينبغي أن يكون أهم شيء في تاريخ العلوم "(17) إن كان الدكتور محمد المختار قد ععقد العزم في مقدمة كتابه على التأريخ للنحو؛ بمعنى مما يطرحه النحاة من أجهزة وصفية و مايدخل عليها من التعديلات خلال استعمالها في وصف العربية خلال التصدي للموضوع وجد نفسه يؤرخ للنحاة(18)، الشيء الذي يدل على درجة ممنن الصعوبة في فرز الأنظار النحووية المتشابكة ، و بالأأحرى فرز الللغة ذاتها. و إذا تبين أن تاريخ النحاة مختلف عن تاريخ النحو و هما غير تاريخ اللغة المتشكل منن تواريخ فصوصها فإن الذي يهمنا الضرب الأخير قسم المعجم التاريخي خاصة. لأنه يعنينا الآن أن نوضح ما يوفره من المعلومات عن المادة المعجمية ، تمكن اللساني من وصف بنية اللغة في حاضره . فالمطلوب أن نبين كيف يتردد اللساني ، و هو يدرس ظواهر بعينها ، ببين االمعجمية و ححاضر البنية اللغوية .و ينبغي ألا يغيب عنا أن ماضي المعجم الممقصود في هذه المرحلة من البحث يععني االلساني أكثر من غيره ، و أنه لا يهمه إرجاع تلك المادة إلى الماضي بعينها بقدر مما يهمه أن حاضرها يكشف عن أن لها مماصيا مغايرا . من جملة ما يكشف عما للمفردة من الماضي أصل " من التركيب إلى المعجم " (19) المعبر عنه بالصيغة (5 ) الموالية. (5) التركيب المعجم مَعْجَمَة أصل من التركيب إلىكل مفردة خضعت في فترة من التطور اللغوي لعملية المعجمة. من جراء هذه العملية تغادر وحدة لغوية التركيب لتنضم إلى المعجم .و يدل على انضمامها المتأخر إلى تلك المفردات بخاصية التركيب الشاهدة على ماضيها . من هذا القبيل يمكن أن نذكر ما يلي من المركبات . (1) المركبات الوصفية ؛ هذا الصنف من المفردات المعجمية ناتج ، إذا صح تنبؤ بوتيي في مقاله المشار إليه في الطرة (19 ) أسفله ، عن انقلاب تركيب الإسناد " المسيرة خضراء " إلى مركب وصفي " المسيرة الخضراء . إذن ، كل مفردة معجمية بصورة مركب وصفي فإن لها تركيب الإسناد أصلا عنه تتحول ففي مرحلة متأخرة من تكوينها إلى مدخل معجممي ، كما توضح أمثلة المبيان (6) الذي يؤرخ لمختلف المراحل المقطوعة عند نشأة صنف االمركب الوصفي من مفردات المعجم . (6) 1ý. تراكيب الإسناد 1.1. تزمين 1.2. تجريدý 2. مفردات المعجم 1.1. اسود الحجر 1.2. الحجر أسود 2. الحجر الأسود 1.1. طار الصحن 1.2. الصحن طائر 2. الصحن الطائر 1.1. شرعت السلطة 1.2 .السلطة مشرعة 2. السلطة التشريعية أما المركبات الوصفية المعكوسة (وهي مفردات المعجم التي يسبق فيها الوصف الموصوف)،فإن تكوينها يكون في طور ثالث من عملية المعجمة، كما يتضح من أمثلة المبيان (7) الذي يكشف عن انزلاق الموصوف إلى المرتبة الثانية بعد الوصف. (7) موصوف 2 وصف 3. جد عظيم، رفيع العماد، طويل اليد، سليط اللسان. قيد الأوابد. عبر الهواجر، جنوب إفريقيا، شمال المغرب. وبعكس ترتيب العناصر التي تكون المكون الوصفي يتولد "مركب إضافي" صورة لا دلالة. لأن الوصف، وإن أضيف إلى الموصوف المحلى بالمعرف "الى"،فلا يتكتسب بذلك تعريفا، بدليل جواز أن يقع نعتا للنكرة كما في قوله (20) . (8) بمنجرد قيد الاوابد لاحه طراد الهوادي. ويدخل في المفردات المعجمية التي أصلها تركيب الإسناد مركبات خاصة؛ أحد عناصرها الفعل. نذكر من هذا الصنف ما يلي : (II) مركبات مزجية : وهي سبائك تولدت في فترة الاستعمال عن مزج فعل واسم، منه (حبذا) ذكر الأزهري في تأليفه "وإما حبذا فإنه حبّ ذا فإذا وصلت رفعت به فقلت حبذا زيد" (21) وإن الغاية من سبك الفعل (حب) مع الإسم (ذا) تكمن في توليد محمول إسمي؛ من صنف المشتقات، يجوز إثباته وصفا على جهة المدح للموضوع المرفوع بعده، كما في الجملة (9) الموالية : (9) حبذا العدل. وهكذا تكون "جهة المدح" المدلول عليها بسبيكة "حبذا" هي المقتضية لتقديم الخبر (حبذا) على المبتدأ (العدل) في الجملة (9). ويمكن الدلالة أيضا على جهة المدح أو جهة الذم بصيغة محمول إسمي. وذلك عن طريق تسمية الفعلين (نعم) و(بئس) بتسكين عينهما؛ (نعم)، و(بئس)، لأن هذه الخاصية الصرفية؛ (تكسين عين الثلاثي) لا تلحق سوى الاسماء. وفي مرحلة ثالثة من تطور المحمول (حبذا)، كما عليه الاستعمال في عصرنا الحاضر، تحول إلى فعل تام التصرف؛ بعد أن تنوسي اسم الإشارة (ذا) عن طريق إسقاط ألفه، وجعل (ذا) ضمن أحرف الفعل الأصول (حبذا)، وصار يشاكل بمعناه الفعل (فَضَّلَ)، كما هو الحال في الجملة (10) التالية. (10) يحبذ منظمو الندوة أن تكون المحاضرات مكتوبة. ومن المركبات المزجية المنتمية إلى مقولة الأداة المتولدة. في مرحلة ما من تطور اللغة، عن سبك أداتين مستقلتين نسوق ما بإزاء (11) من الأمثلة. (11) (أ) إن + ما إنما الحصرية (ب) إن + لا إلا استثنائية (ج) ك + لا كلا التوكيدية أو الزجرية. يشهد على الماضي المنقضي للأداة المركبة لجوء اللغوي أحيانا إليه من أجل تفسير خاصة بنيوية أو تأويل دلالي. من الأول تفسير نحاة نصب المستثنى بالأداة (إن) المركبة مع (لا) في (إلا) ومن الثاني تبرير البيانين لمعنى الحصر في (إنما) بما اجتمع فيها من الإثبات المقترن بالأداة (إن) والنفي المدلول عليه بالأداة (ما). (III) المركبات المتراصة . يشكل التراص حلقة تقع بين مرحلة تركيبية قبلها وأخرى مزجية بعدها. وهو يضم من المفردات المعجمية ماكان في مرحلة التركيب مؤلفا بالعطف، كما في مثل (الحضارة العربية والإسلامية)، و(إثنان وعشرة) و (اللغات الهندية والأوربية). ثم صار إلى مرحلة التراص بإسقاط العطف؛ (الحضارة العربية الإسلامية)، و(إثنا عشر). ويتهيأ بذلك لأن يصير إلى مرحلة المزج المتميزة بإسقاط بعض خصائص القولتين ليسهل اندماج أحرفهما في مفردة معجمية واحدة، كما في نحو ( الهند أوربية). يشهد على سقوط واو العطف من المركبات المتراصة، كما في اسماء الأعداد من أحد عشر إلى تسعة عشر ونحوها من أسماء الجواهر كالمنظمة الإفريقية الأسيوية، و (إثنان وثلاثون) و ( ثلاثة وأربعون) وهلم جرا. وكذلك استمرارها في الاستعمال على قلته بالنسبة إلى أسماء، كما في (منهج الافتراض والاستنباط). يبين مما تقدم أنه بإسقاط واو العطف تحصل المعجمة بالخروج عن التركيب إلى مرحلة التراص التي ينتقل عنها إلى طور المزج الحاصل بإسقاط بعض خصائص العنصرين الممتزجين في المفردة الواحدة. يعني هذا أن الأسماء المتولدة عن التركيب المزجي قد قطعت فترة التراص. وأن أسماء الأعداد من أحد عشر إلى تسعة عشر مهيأة للمرور إلى طور التركيب المزجي، وقد وصلته في عاميات عربية حيث يقال في النطق بها : (حداش، تناش، تلتاش...) أما وحدات العقود الزائدة على الأعداد (عشرون، ثلاثون، أربعون...) في مثل (واحد وعشرون) فإنها مهيأة لأن تصير إلى طور التراص. وهي في هذا التطور بالنسبة إلى اللغات الأوربية. وللمفردات المعجمية الناتجة عن الجمع بين عنصرين خصائص فارقة تميز أطوارها. ففي طور التركيب يستلم العنصران المؤلفان بالعطف نفس العوارض، من حالة تركيبية وعلامة إعرابية ووظيفية نحوية. وفي مرحلة التراص يستحوذ العنصر الثاني على العوارض، ويلزم حرف الإعراب من العنصر الأول علامة بناء لا تفارقه. أما في طور المزج فإن معالم التركيب تكاد تختفي. إذ يسبك من بعض أحرف العنصرين قولة تتمتع بنفس الخصائص الصرفية التي تكون للموضوع أصلا مفردا. (IV) المركبات الإضافية. تمثل المركبات الإضافية من قيل؛ (سوار الذهب، ورئيس الوزراء، واقتصاد السوق، وفك الاشتباك، وموصل الكهرباء، وفقر الدم، ومحور الأراتيب، ونحوها الكثير)، وآخر الأطوار في عملية المعجمة. ينتقل إليه بعد إسقاط حرف الإضافة (22) الفاصل بين العنصرين المتفاضلين وهما في المرحلة ما قبل النهائية. وقد وصف سيبويه مرحلة "الإضافة بالحرف" بتحليل مثال من حرف إضافة فقال "فإذا قلت : يا لبكر فإنما أردت أن تجعل ما يعمل في المنادى مضافا إلى بكر باللام. وإذا قلت : مررت بزيد، فإنما أضفت المرور إلى زيد بالباء؛ وكذلك هذا لعبد الله. وإذا قلت : أنت كعبد الله فقد أضفت إلى عبد الله الشبه بالكاف. وإذا قلت : أخذته من عبد الله فقد أضفت الأخذ إلى عبد الله بمن. وإذا قلت: مذ زمان، فقد أضفت الأمر إلى وقت من الزمان بمذ. وإذا قلت : أنت في الدار، فقد أضفت كينونتك في الدار إلى الدار بفي ... وإذا قلت رب رجل يقول ذاك فقد أضفت القول إلى الرجل برب. وإذا قلت : بالله، وواللله، فإنما أضفت الحلف إلى الله جل ثناؤه" (23). ويشهد لطور الإضافة بالحرف احتفاظ بعض المفردات المعجمية في الكتب المدرسية بحرف الإضافة الجامع بين عنصرين في مركب إضافي من قبيل "مضاد اللإبالة، وكاره للماء ومسرع للقلب وناقل للأكترونات وباعث للسكر وإدخال في المعدة وفرط في الإماهة ونحوها كثير". وإذا كان الاحتفاظ أحيانا بالحرف مبررا دلاليا، إذ لا يجوز إسقاط (في) مثلا من "إدخال في المعدة" لما يلزم عن "إدخال المعدة" من تغيير ضروري في الحد في مثل (فرط في الإبالة، وناشر للحرارة) ليس له ما يبرره سوى الوقوف بالمفردة المعجمية عند هذه المرحلة الواقعة في الوسط بين التركيب قبلها والمعجم بعدها. كما توضح ذلك سلمية التساند (12) الموالية : (12) دخل الهارب إلى المسجد < دخول إلى المسجد < دخول المسجد. وحرف الإضافة (إلى) ونحوه في مثل الجملة (دخل الهارب إلى المسجد) يعمل عملا داخليا. بمعنى أن حروف الجر يتسلط عملها على اسم معمول بغيرها فتطمس أثر العامل القديم ولا تلغيه. لأنه يستلمه من جديد المركب من حرف الإضافة والإسم المجرور، كما يتضح من خلال المقارنة بين جمل المجموعة (13) التالية : (13) (أ) دخلت القوارض مخبزة. (ب) دخلت القوارض إلى مخبزة. (ج) دخلت القوارض إلى مخبزة ودكانا. يتبين من الجملة (13، أ)، أن المركب الفعلي (دخلت القوارض) عامل يجلب حالة النصب التركيبية، فيسمح لفص الإعراب؛ أحد مكونات النحو العاملي، بأن يعمل الفتحة الظاهرة على الحرف الإعرابي للإسم (مخبزة). وبما أن حروف الإضافة تستمد من "مبدأ الجوار" القدرة على أن تطمس بعملها للجر إعرابا سابقا وهو النصب من غير أن تقوى على إلغائه لوقوعها بدورها في مجال عامل سابق وجب أن يتولد عن اقتران (إلى) بالإسم (مخبزة) في الجملة (13،ب) عمل داخلي، يتمثل في نسخ الفتحة التي هي علامة لحالة النصب المسندة عنذئذ إلى المركب الحرفي (إلى المخبزة) لوقوعه في مجال عامل سابق؛ وهو المركب الفعلي الذي يعمل حالة النصب التركيبية. ويشهد على استلام المركب الحرفي لحالة النصب ظهور الفتحة علامة هذه الحالة على المعطوف (دكانا) في الجملة (13، ج) (24) . وقد ينسخ حرف الإضافة بعمله للجر الضمة المعربة عن حالة الرفع كما تكشف عنه الجملة (14) الموالية : (14) كفى بالكتاب مؤنسا. لكن حرف الباء ونحوه فليس له في مثل الجملة (14) سوى عمل الجر؛ أما وظيفة الإضافة التي يطلع بها كل جار فملغاة إن اقترن الحرف باسم فاعل. لذا وصف النحاة بالزيادة أي حرف جر داخل على الفاعل (25) . لأن الأصل من وضع حروف الإضافة أن تساعد أفعالا ضعيفة لا تقوى بمفردها على تجاوز المرفوع. إذ من الافعال " أفعال ضعفت عن تجاوز الفاعل إلى المفعول فاحثاجت إلى أشياء تستعين بها على تناوله والوصول إليه. وذلك نحو عجبت، ومررت، وذهبت... فلما ضعفت هذه الأفعال عن الوصول إلى الأسماء رفدت بحروف الإضافة" (26) . ومما أوردناه حول وظيفة حرف الإضافة وعمله الداخلي نستخلص جملة من الفرضيات المراسية. ومن أهمها : أولا، من عوامل الإعراب ما يكون عمله داخليا؛ كأن يجلب لمعموله علامة ينسخ بها إعرابه السابق، ويشكل معه مركبا يتلقى الإعراب المطموس إذا دخل الناسخ ومعموله في مجال عامل آخر. وكل عامل يطمس بعمله إعرابا سابقا فهو ناسخ لإعراب أصلي. ثانيا، نواسخ الإعراب الأصلي قسمان. أحدهما يضم نواسخ تجلب فتحة لمعمولاتها فتطمس بها إعراب الرفع الذي كان لها. ويضم هذا القسم ثلاثة أضرب : 1- ما ينسخ إعراب المبتدأ ولا يتناول الخبر لاحتفاظه بإعرابه الأصلي. من هذا الضرب (إن) في نحو ( إن الفقر مذلة). و 2 - ما ينسخ إعراب الخبر ولا يتناول المبتدأ، مثل (كان) في قوله تعالى { كان الناس أمة واحدة}.و 3- ما ينسخ إعراب المبتدأ وخبره معا. منه الأفعال الموجهة من قبيل (علم، وظن، وزعم) في مثل (تحسب العفيف غنيا). وتتميز النواسخ الفعلية، كانت ناقصة أو تامة، بكونها لا تشكل مع معمولها مركبا واقعا في مجال عامل آخر، بخلاف ذلك النواسخ الحرفية. كما يؤذن بذلك العطف على محل المركب في قوله تعالى { إن الله بريء من المشركين ورسوله}. أما القسم الثاني من النواسخ فإنه يضم حروف الإضافة التي تجلب الكسر لمعمولها فتطمس به إعراب النصب الذي كان له. لكنه يطرد في حرف الجر أن يؤلف مع معموله مركبا واقعا في مجال عامل النصب. وقد تخلع وظيفة الإضافة عن حرف الجر إن هو طمس بعمله إعراب الفاعل. كما في قوله عز وجل { وما تسقط من ورقة} و {ما تخرج من ثمرات} و{ كفى بالله شهيدا}. ثالثا ، كون حروف الإضافة وضعت أصلا لتقوية غير المتعدي على تجاوز المرفوع وإيصال معناه إلى المفعول يدل على أن إضافة المصادر إلى المفعول . كما في مثل قولهم : "فقر الدم ، وهلاك الجيش ، وشتم الأبرياء ، وقتل الأنبياء ، وصلة الرحم ، ومحبة الله ، وعبادة الرب " . إلا أن تدقيق العبارة في مسألة إضافة المصدر تقتضي التفصيل في فعله . مقولة الفعل ، كما سبق تعريفها في موضع آخر ( 27 ) ، تتناول أصناف : 1 -الفعل القاصر ؛ ( كل فعل يراكب اسما حالته التركيبية الرفع ووظيفته النحوية المفعولية)،مصدره لا يضاف قطعا إلى الفاعل . منه " سقوط الفاكهة ، ورسوب المتهاون، وهلاك الظالم " . 2 - الفعل اللازم ؛ ( كل فعل يعمله مراكبه بنفسه ، فتكون له حالفة الرفع ووظيفة الفاعل ) ، مصدره لا يضاف قطعا إلى المفعول . ومن أمثلته " هروب الجبان ، وقدوم الحاج ، وإقلاع الطائرة " . 3 - الفعل المتعدي ؛ ( وهو كل فعل يعمله مراكبه بغيره) مصدره يضاف أصلا إلى المفعول كما في ( زيارة الأهل ؛ وحبك نار ، واحترام الجار ) ، وقد يضاف عرضا إلى الفاعل إن أمن اللبس بوجود ما يعرب عن ذلك ؛ كظهور المفعول في مثل { وأكلهم السحت } وكون المصدر كفعله ينتقي الاسم فاعلا لا مفعولا في نحو {وكذلك أخذ ربك} . وتحصل الإضافة بغير حرف الجر إذا أضيفت مصادر الأفعال الثلاثة ؛ القاصر ، واللازم ، والمتعدي ، إلى المفعول أو الفاعل ، كل بحسب اختصاصه وشروطه ، وإلا رفد بحرفها إذا كان المصدر مضافا إلى الظرف ، كما في نحو ( سقوط في البئر ) ، و(خروج من السجن ) ، و { وصد عن سبيل الله } ، و ( إدخال في المعدة ) . وإذا توسع في استعمال الفعل اللازم ( 28 ) بتعديه إلى الظرف بغير الحرف ؛ كما في مثل ( تمرون الديار ) ، و(تصعدون الجبال ) و( تدخلون الجنان ) . من ظوابط إضافة المصدر المذكور يمكن أن نستخلص مقدمة مراسية تخص تاريخ المركب الإضافي ، وأن نصوغها بالعبارة ( 15 ) الموالية. ( 15 ) معجمة المركب الإضافي تحصل أولا بخروجه من تركيب الإسناد إلى شبهه ؛ حيث يلاحظ في هذه المرحلة ، الوظيفة النحوية ؛ ( كالإضافة إلى الفاعل ، أو المفعول ، أو الظرف ) ، أو يكون تحقيق الإضافة قد حصل بواسطة حرفها ولو في قسم المعنوية ( 29 ) منها؛ (وهي التي يضاف فيها اسم الجوهر إلى مثله بغير حرف الجر أو به ، كما في مثل رئيس للوزراء أو رئيس الوزراء ، ومعطف من الجلد أو معطف الجلد ، وسمك في النهر أو سمك النهر ) . وثانيا بمغادرة شبه الإسناد إلى الإضافة المعجمية المتميزة بالتجريد صوريا من حرف الجر ودلاليا من ملاحظة الوظيفة النحوية . كما في مثل ؛ ( عبد الرحمان ،و فضل الله ، وديوان العرب ، وقوس النصر ، وامرؤ القيس ) . ( V) المركبات النسبية ؛ مفردات معجمية تولدت في فترة من التطور اللغة عن طريق إلحاق ياء مشددة تتحول إلى حرف إعرابي للمفردات ما لم تلحقها هاء الوحدة في مثل (الخوارزمية ) . ومن خصائص ياء النسبة أن تخرج ما تلحقه إلى مقولة غيره . فقد تزاد في آخر المصدر ، وهو اسم معنى فيصير اسم عين . من هذا القبيل إلحاقها بالمصدر ( كرس ) ( 30 ) للحصول على ( كرسي ) وهو اسم ذات المقعد من الخشب . وكذلك ( الخيري ) اسم نبات من ( الخير ) اسم لمعنى العطف والميل . و( البردي ) نبات مائي من ( البرد ) الذي هو خلاف الحر . ومن هذا الضرب أمثلة كثيرة . وقد تلحق ياء النسبة اسم عين فتحوله إلى صفة . منه زيادتها في ( عاد ) قبيلة هود لتوليد ( عادي ) الدال على كل مألوف اعتاده الناس منذ زمان غابر . ومنه ( الكتابي ) الذي يوصف به النصراني أو اليهودي . كما تزاد ياء النسبة في المفردات تلحق الجمل أيضا لإنشاء مركب نسبي صفة . وهي تختص بلحوق جملة فعلية فعلها ما ض مسند إلى المتكلم ، فتكون الياء المشددة قد اقترنت بتافعلتُ، في مثل ( كنبتي ( 31 ) لوصف الشيخ الذي يحدث بما كان له من الصفات الجسمية . فيقول كنا كذا ، وكان كذا ، وكنت كذا . وعليه قول الشاعر : ( 16 ) وما أنا كنتي ولا أنا عاجن وشر الرجال الكنتي وعاجن ويلحق به ( قلتي ) لوصف شخص يحدث بما قال أو كتب . وقد يلحق ياء النسبة الفعل الماضي المسند إلى الغائب في مثل ( كاني ) وهو الشخص الذي يحدث بما كان له من الصفات الخلقية . كما في اللسان " الكنتي في الجسم والكاني في الخلق " . ويلحق بالكاني الرحلي لوصف الشخص الذي يحدث بما مضى من رحلاته . مما سبق من أمثلة المركبات النسبية يتضح أن لهذا الصنف من مفردات المعجم تاريخا يتمثل في انتقال مركبات ، خلال مراحل التكوين ، من مقولة ‘إلى أخرى ، كمرور الجملة إلى مقولة الإسم الصفة ، ومغادرة مفردة لمقولة فرعية إلى مثلها . منه انتقال الإسم المحض إلى اسم صفة وبالعكس . وهكذا يصير التغيير المقولي مادة للمعجم التاريخي . (VI) تغير المقولة . يعنى في مسألة تغيير المقولة بتتبع حركة العناصر المعجمية التي غيرت انتماءها إلى مقولة بعينها فانعكس ذلك على بنيتها الصرفية أو التركيبية . وقد يحدث التغيير داخل مقولة أصل ؛ كانتقال عناصر من مقولة فرعية إلى مقولة فرعية أخرى . من هذا القبيل انتقال فعل قاصر إلى فعل لازم ، واللازم إلى فعل متعد ، والمتعدي إلى فعل متخط ( 32 ) وبالعكس . وتكون البنية التركيبية للفعل هي مسؤولية عن الكشف عن تغيير عنصر لمقولته الفرعية . ويلحق به ما تغيرت وسائل التعليق به ، و إن كان هذا الصنف الأخير أدخل في تاريخ التركيب منه في تاريخ المعجم . كما أن تغيير لبنته الصرفية أدخل في تاريخ المكون الصرفي من اللغة ، كأن يتخلى فعل عن بنائه للفاعل للتمسك الجزئي أو النهائي ببنائه للمفعول . من ذلك ( قحط ، وقعي ، وقعم ، وزكم ، وعني ، وجن ) . وقد يحدث التحول بتغيير الانتماء إلى المقولة الأصل ؛ كانتقال أفعال تامة إلى أفعال ناقصة إلى أدوات . كما ذكره الدكتور أحمد المتوكل في مسلسل التحجر ( 33) . ويشهد على تغيير وسيلة التعليق بالفعل ، وتغيير مقولته الفرعية أمثلة من عربية معربين معاصرين و أخرى من العامية المغربية . كما في مجموعة الجمل ( 17 ) الموالية : ( 17 ) ( أ ) استبدلت سيارتي القديمة بأخرى جديدة . (ب) وهب محمد هندا دارا . ( ج) هاد التلميذ جاب نتائج حسنة . تكشف الجملة ( 17 . أ ) عن تغيير وسيلة التعليق بالفعل . إذ يكثر حاليا استعمال ( استبدل ) متعديا بنفسها إلى المفعول المتروك ، وبحرف الإضافة إلى العوض ، وهو على خلاف ذلك في العربية كما في قوله تعالى : { أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير}.ويلاحظ أن (وهب ) في مثل الجملة ( 17 . ب ) صار فعلا متخطيا . وهو في العربية متعد بنفسه إلى المفعول وبحرف الإضافة إلى المستفيد كما في مثل قوله تعالى { فوهب لي ربي حكما } . ونحوه أربع وعشرين آية . ويعتبر الفعل ( وهب ) الذي منع سيبويه تعديته إلى المستفيد بغير حرف الإضافة شاهدا على أن الأصل في جميع الأفعال المتخطية التعدي إلى منصوب واحد لا غير ، وهو ما عبر عنه ضراحة إذ قال " فهذه الحروف كان أصلها في الاستعمال بحروف الإضافة ، وليس كل فعل يفعل به هذا " ( 34 ) . أما الجملة ( 17 . ج ) فإن فعلها قد تحول من اللزوم ، كما في قوله تعالى { فجاء بعجل سمين } ، إلى التعدي وقد أدمج باء بالإضافة في بنيته الصرفية فصارت ( جاب ) بدل ( جاء به ) في العربية الفصحى . إلى جانب استبدال الفعل لمقولته الفرعية قد يغادر مقولته الأصل للانتماء إلى الأدوات، إن استوفى مراحل التحجر التي جعلها الدكتور أحمد المتوكل أربعا ( 35 ) من أمثلة الأفعال التي قطعت كل المراحل في مسلسل التحجير فانقلبت أدوات ذكر : ( ليس ، وعيسى، وغدا ، وراح ) ونحوها مما تستعمله العاميات العربية ، كما في قول المغربي : " صاحبك عاد اخرج " . حيث يعتبر العنصر ( عاد ) مجرد أداة تقترن بالفعل الماضي لتقريبه من الحاضر . نستخلص من مسائل المبحث ( 1 . 2 ) المعقود للاستعمال اللغوي للمعجم التاريخي أن قسما من هذا الأخير مرتبط بتاريخ باللغة ككل . يكشف عن هذه العلاقة أمران . أحدهما أن تاريخ يتشكل من تواريخ فصوصها التي تكونها . وثانيهما كون مفردات من المجمع تنشأ وتتغير نسقيا مما يوفر إمكانية التنبؤ بالأطوار التي مرت بها مفردات هذا القسم من غير أن تربط تلك الأطوار بفترات معينة كما اتضح من تناول مراحل تكوين مركبات ؛ كالمركب الوصفي المعكوس خاصة ، والمركب الإضافي ، إلخ . بجانب هذا القسم من تاريخ المعجم المتميز بخاصية التنبؤ يقوم قسم ثان يتميز بتحقيب مواده ، ويكون ذلك بربط ولادة مفرداته بطفرة أو بنكسة ، وكذلك فناؤه الدلالي أو اللفظي. ويجتهد داخل إحدى هاتين الفترتين على أن يقرن نشوء كل مفردة أو انقراضها بسنة بعينها ، ويفعل ذلك بثابت المعجم ومتغيره كما سيتضح في باقي المباحث من هذا المقال . مصادر البحث ابن جني ، الخصائص ، دار الكتب ، القاهرة ، 1371 . ابن حيان الأندلسي ، البحر المحيط ، مطابع النصر ، الرياض . ابن سيده ، المخصص ، المكتب التجاري ، بيروت . ابن فارس ، الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها . ابن منظور ، لسان العرب ، دار صادر ، بيروت . الأزهري ، تهذيب اللغة ، الدار المصرية للتأليف والترجمة ، القاهرة . الأنباري ، نزهة الألباء في طبقات الأدباء ، القاهرة ، 1386 . الأنباري ، إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل ، مجمع اللغة ، دمشق، 1391 . الأوزاغي ، اللغويات التاريخية والتاريخ اللغوي ، ضمن مجلة التاريخ العربي ، العدد الأول . الخليل ، معجم العين ، مكتبة الهلال ، بيروت . الراغب الأصفهاني ، المفردات في غريب القرآن ، دار المعرفة بيروت . الرضي ، شرح الكافية . السكاكي ، مفتاح العلوم ، القاهرة ، 1356 . السيوطي ، المزهر في علوم العربية ، القاهرة . الطرابلسي أمجد ، حركة التأليف عند العرب ، مكتبة الفتح ، دمشق 1391 . الفارابي ، إحصاء العلوم ، القاهرة 1967 . الفيروزابادي ، القاموس المحيط ، دار المامون ، دمشق ، 1398 . المتوكل أحمد ، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية ، دار الأمان ، الرباط ، 1996 . سيبويه ، الكتاب ، مكتبة المثنى ، بغداد 1316 . ولده أباه محمد المختار ، تاريخ النحو العربية في المشرق والمغرب ، إيسيسكو ، 1417 ( 1 ) انظر محمد الأوزاغي ، " اللغويات التاريخية والتاريخ اللغوي " ، ضمن مجلة التاريخ العربي ، العدد الأول ، ص . 179 - 207 . ( 2 ) لأهمية المعجم بالقياس إلى باقي المكونات كان القدماء يستعملون اللغة بمعنى المعجم ، ويصفون باللغوي صاحب معجم . وبهذا المعنى تظهر من خلال تعاريفها وتعريف علمها . منها قولهم : " حد اللغة كل لفظ وضع لمعنى ... واللغات عبارة عن الألفاظ الموضوعة للمعاني"السيوطي ، المزهر ، ج 1 ،ص . 8 . وقولهم في تعريف علم اللغة وتحديد موضوعه : " و أما حد الفن فهو علم يبحث فيه عن مفردات الألفاظ الموضوعة ، وقد علم بذلك أن موضوع اللغة المفرد الحقيقي ...وعلم اللغة علم الأوضاع الشخصية للمفردات " . الفيروزابادي ، القاموس المحيط ، ج 1 ، ص . 2 . وتكون اللغة مستعملة بمعنى المعجم عند ظهورها بجانب التصريف والنحو في أي تصنيف لعلوم اللسان أو الأدب ، كما فعل السكاكي ، مفتاح العلوم ، ص . 3 ، والفارابي ، إحصاء العلوم ، ص . 59 . والأنباري ، نزهة الألباب في طبقات الأدباء ، ص . 89 . وكذلك تكون حيث يقارن السيوطي بين موضوعي النحو واللغة ، المزهر ، ج 1 ، ص .43 ( 3 ) ابن جني ، الخصائص ، ج 1 ، ص . 33. ( 4 ) للوقوف على مراحل تكوين المعجم العربي انظر الدكتور أمجد الطرابلسي ، حركة التأليف عند العرب . ( 5 ) الدكتور أمجد الطرابلسي ، حركة التأليف عند العرب ،ص . 9 . ( 6 ) ذكر السيوطي أن العرب في الجاهلية كانت تسمي الأحد الأول والإثنين ، الأهون ، بعضهم يقول الأهود ، والثلاثاء جبارا ، والأربعاء دبارا ، والخميس مؤنسا ، والجمعة العروبة ، وبعضهم يقول عروبة فلا يعرفها ، والسبت شيارا ، المزهر ، ج 1 ، ص . 459 . ( 7 ) عن المثبت أعلاه يعبر ابن فارس بقوله : " كانت العرب في جاهليتها على إرث من إرث آبائهم في لغاتهم وآدابهن ونسائهم وقرابينهم فلما جاء الله جل ثناؤه بالإسلام حالت أحوال ، ونسخت ديانات ، وأبطلت أمور ، ونقلت من اللغة ألفاظا من مواضع إلى مواضع أخرى بزيادات وشرائع شرعت ، وشرائط شرطت . فعفى الآخر الأول " ، الصاجبي ، ص . 78 . وفي الموضوع نفسه انظر أيضا السيوطي ، المزهر ، ج 1 ، ص . 294 . ( 8 ) المقصود بالحقل الدلالي مفردات المعجم المرتبطة دلاليا بمحور معين ؛ كما تجمعت في معاجم المعاني من قبيل المخصص ، لابن سيده ، وفقه اللغة للثعالبي . ( 9 ) انظر الخليل ، محجم العين ، مادة ( زعم ) . ( 10 ) انظر : المعجم الوسيط ، مادة ( ختم ) . ( 11) قال الأصفهاني في شرح الآية { ختامه مسك } : " معناه منقطعه ، وخاتمة شربه ؛ أي سؤره في الطيب مسك . وقول من قال : يختم بالمسك أي يطبع فليس بشيء . لأن الشراب يجب أن يطيبفي نفسه . فأماختمه بالطيب فليس مما يفيده . ولا ينفعه طيب خاتمه مالم يطب في نفسه '" مفردات غربي القرأن . وذكر الأنباري في كتابه إيضاح الوقوف والابتداء أن ( ختامهه ) معناه خلطه . ( 12 ) العدد الأول رقم السورة والثاني رقم الآية . ( 13 ) القيسي ، شرح كلا وبلى ونععم ، ص . 23 . ( 14 ) الدكتور أحمد المتوكل ، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية ، ج2 ، ص.43 . (15) انظر محمد الاوراغي ، " اللغويات التاريخية و التاريخ اللغوي "، ضمن مجلة التاريخ العربي ، العدد الأول . (16) الذكتور محمد المختار ولد أباه ، تاريخ النحو العربي في المشرق و المغرب ، ص. 22. (17) نفسه، ص. 23. (18) ننبه المؤلف إلى ما بين المشروع و تنفيذه فختم كتابه بقوله : " هنا أنهي هذا الكتاب و إن لم أنجزه كما كنت أتصوره ... و ذلك أننني أولا ساورني الطموح أن أكتب تاريخاا للنحو لا للنجاه " ، تاريخ النحو العربي ، ص. 575. (19) للمزيد من التفصييل فيما يخص أصل المعجمة المصوغ في العبارة (5) أعلاه انظر مقال : bernard pottier , l ‘incidence et le procès d’inversion des hiérachies sémantiques , in la linguistiques génétique. (20) أنظر سيبويه، الكاتب، ج1، ص. 211. (21) الأزهري، تهذيب اللغة، مادة (حب) وذكر ابن منظور في تأليف هذه الكلمة فقال : "حبذا كلمتان جعلتا شيئا واحدا، ولم تغير في تثنية ولا جمع ولا تأنيث، ورفع بها الإسم. تقول : حبذا زيد، وحبذا الزيدان، وحبذا الزيدون، وحبذا أنت، وأنتما وحبذا يبتدأ بها... لأن حبذا كلمة مدح يبتدأ بها لأنها جواب...أجربتها على ذكر شيئ سمعته... وحبذا في الحقيقة فعل واسم (حب) بمنزلة (نعم) و (ذا) فاعل بمنزلة ("الرجل"). أنظر لسان العرب" مادتي (حب) و (حبذا). (22) مثل الأحرف؛ ( عن، إلى، من، في، على...) ونحوها يسميها سيوبه حروف الإضافة باعتبار وظيفتها التي هي "إضافة معاني الأفعال قبلها إلى الأسماء بعدها"، وتسمى أيضا باعتبار عملها "حروف الجر"، لأنها تجر ما بعدها من الأسماء، أي تخفضها. وهي متساوية في إيصال الأفعال إلى ما بعدها وعمل الخفض وإن اختلفت معانيها في أنفسها". ابن يعيش، شرح المفصل"، ج8، ص 7. أنظر أيضا سيوبيه، الكتاب،ج1، ص.209. (23) سيويه ، الكاتب، ج1،ص .209. (24) كون المركب الحرفي يستلم حالة النصب ذكره النحاة وعبر عنه ابن يعيش إذ قال : "قد تنصب ما عظفته على الجار والمجرور نجو قولك مررت بزيد وعمرا، وإن شئت (وعمرو) بالخفض على اللفظ، والنصب على الموضع... فهذا يؤذن بأن الجار والمجرور في موضع نصب ولذلك قال سيبويه إنك إذا قلت مررت بزيد فكأنك قلت مررت زيدا. يريد أنه لو كان مما يجوز ان يستعمل بغير حرف جر لكان منصوبا. وجملة الأمر أن حرف الجر ينزل منزلة جزء من الاسم من حيث كان وما بعده في موضع نصب"، شرح المفصل، ج8،ص.10. (25) للتوسع في مواضع زيادة حرف الجر أنظر ابن هشام، مغني البيب،ص. 112. (26) ابن يعيش، شرح المفصل، ج8، ص.8. ( 27 ) انظر محمد الأوزاغي ، اكتساب اللغة في الفكر العربي القديم ، الباب الأول من القسم الثاني . ( 28 ) اشترط في إضافة المصدر إلى الظف التوسع في فعله دون تقييده باللازم أو غيره . ذكره ابن حيان الأندلسي في تفسير قوله : { تربص أربعة أشهر } فقال " هذا من باب إضافة المصدر إلى ما هو ظرف زمان في الأصل ، لكنه اتسع فيه فصير مفعولا به ، ولذلك صحت الإضافة إليه . وكان الأصل ؛ ( تربصهم أربعة أشهر ) . وليست الإضافة إلى الظرف من غير اتساع ، وتكون الإضافة على تقدير في " ، البحر المحيط ، ج 2 ، ص . 182 . وقد كرر ابن حيان شرط الاتساع في الفعل في مواضع من تفسيره . كقوله في تحليل الآية { فصيام ثلاثة أيام } . إن " المصدر مضاف للثلاثة بعد الاتساع ، ولو أبقى على الظرفية لم تجز الإضافة " ، نفسه ، ص . 78 . ( 29 ) فرع نحاة العربية الإضافة إلى : 1 - إضافة لفظية قيل في تعريفها : " هي كون المضاف صفة مضافة إلى معمولها " . و 2 - إضافة معنوية . وهي التي " لا يكون المضاف صفة مضافة إلى معمولها " . للمزيد من التفصيل انظر الرضي ، شرح الكافية ، ج 1 ، ص .273 . ( 30 ) قال ابن فارس في مادة ( كرس ) ومعناها : " الكاف والراء والسين أصل صحيح يدل على تلبد شيء فوق شيءء وتجمعه " ، معجم مقاييس اللغة . ( 31 ) كنتي من شواهد النحاة المتكررة في كتبهم على أن الفعل وفاعله يشكلان مركبا فعليا واحدا . للتوسع في الموضوع انظر الأنباري ، أسرار العربية والإنصاف في مسائل الخلاف ؛ وابن يعيش ، شرح المفصل ؛ انظر أيضا ابن منظور ، لسان العرب ، مادة ( كون ) . ( 32 ) أثبتنا في عمل آخر سيظهر قريبا إنشاء الله أن طائفة من الأفعال المتعدية متميزة بخاصية الإشراب . إذ تشترك أفعال كل زمرة من هذه الطائفة في تضمين معنى فعل آخر . كاشترك زمرة الفعل ( أعطى ) في تضمن . معنى ( التملك ) واقتضاء معنى ( الأخذ ) . من أفعال هذه الزمرة ( وهب ، ومنح ، وزوج ، ووعد وكسا ) . واشترك زمرة الفعل ( منع ) في تضمن معنى ( الحرمان ) واقتضاء معنى ( التجريد). من أفعالها نذكر على سبيل التمثيل ( منع ، وسلب ، وحرم ، وسرق ) . وللفعل المتخطي خصائص مميزة أخرى يطول الحديث بذكرها . ( 33) انظر د . المتوكل ، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية ، ج 2 ، ص . 27 . ( 34 ) سيبويه ، الكتاب ، ج 1 ، ص . 17 . ( 35 ) مما ذكره الدكتور المتوكل في التحجر ومراحله نقتطع قوله : " من المعلوم أن المفردات غالبا ما تتعرض عبر تطور اللغة لظاهرة ما يسمى " التحجير " ... ويمكن رصد تحجر الأفعال المحمولات بالشكل التالي : 1 - يفقد الفعل يالتدريج فحواه العجمي ...2 - يكسب ==دورا آخر يكون غالبا الدلالة على سمات صرفية ...3 - يفقد كذلك بعضا من الخصائص الصرفية - التركيبية ...4 - يبلغ التحجر منتهاه فتنقلب هذه الأفعال إلى أدوات " . للمزيد من التفصيل انظر كتابه اللغة العربية واللسانيات الوظيفية ، ج 2 ، ص . 27 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق