الاثنين، 17 ديسمبر 2018

دور التواصل الإلكتروني والبرامج التلفزيونية في تعلّم اللغات عند الطّفل العربي



دور التواصل الإلكتروني والبرامج التلفزيونية في تعلّم اللغات عند الطّفل العربي.

د. مختارية بن قابلية
جامعة عبد الحميد بن باديس (مستغانم)
كلية الآداب والفنون- قسم اللغة الأدب العربي
(الجزائر)
يعيش الطفل العربي اليوم في عالم جديد مليء بالتحديات العلمية والمعلوماتية، حيث تتمازج الحضارات وتتقارب اللغات؛ والأكيد أنّ التكنولوجيا الحديثة قد أثّرت فيه بشكل كبير، فهو ابن هذا العصر، وعملية تأقلمه مع الجديد تمشي بوتيرة سريعة، وهذا ما يُحتّم على الكبار الولوج إلى عالمه ومشاركته في معظم اهتماماته لتسير الأمور في طريقها الصحيح.
والمعروف أنّ الطفل العربي حاليا يتلقى برامجه التلفزيونية من قنوات فضائية عربية مخصّصة له، وهي في معظمها مشرقية، وهذا ما يجعله يمزج بين معاجم لغوية أجنبية عديدة دون أن يدرك ذلك، ولاسيما إذا تعلّق الأمر بالطفل الجزائري أو مَن يقترب منه في مسألة التعدد اللغوي إن لم نسمِّه بالتهجين، فبالإضافة إلى العربية الفصحى واللهجات المحلية والفرنسية نجده يميل أيضا إلى الإنجليزية، فهو يستهلك يوميا رسائل سمعية بصرية من مختلف الثقافات  وبالكثير من اللغات، ومن بين ما يتلقاه تلك البرامج التعليمية الأجنبية التي أصبح لها التأثير القوي على فئة أطفال ما قبل التمدرس؛ كبرنامج “بارني” و”دورا” وبرامج أخرى تستحقّ منا الاهتمام.




وبالإضافة إلى البرامج التلفزيونية؛ يظهر اهتمام آخر لدى الطفل المعاصر، وهو ما يُسمى بالتواصل الإلكتروني أو الدردشة التي تملك الكثير من الإيجابيات مثلما تملك من السلبيات، ولاسيما على مستوى تحصيل وممارسة اللغات نطقا وكتابة. وأمام كلّ هذا الزخم الحضاري يبقى السؤال المطروح هو: ما السبيل إلى إنجاح عملية الاكتساب اللغوي الناجم من تلك الوسائط؟ وما دور الأسرة والمحيط الاجتماعي في تنظيم تلك المكتسبات واستغلالها لخلق تعدد لغوي حقيقي عند الطفل العربي؟ وأسئلة أخرى تحتاج إلى إجابة من خلال الورقة البحثية المعنونة بـ: “دور التواصل الإلكتروني والبرامج التلفزيونية في تعلّم اللغات عند الطّفل العربي”.
تسعى معظم الشعوب اليوم إلى تحقيق تعدّد لغوي ترقى به إلى درجات عليا من التطوّر الاقتصادي والعلمي والسياسي… ولعلّ ذلك واضح بشكل كبير في الدول الساعية نحو التطوّر، وخير دليل على ذلك ما نراه حاليا في معظم الدول العربية، حيث تمشي عملية التعدد بدرجات متفاوتة بحسب الظروف الاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى الموروث التاريخي. فبينما كنّا بالأمس نلاحظ تطوّر هذه الظاهرة في البلدان الحديثة الاستقلال من مثل الجزائر، صِرنا اليوم نراها جليّة في معظم الدول العربية، ولاسيما في دول الخليج التي أصبحت تتلقّى أعدادا هائلة من الأجانب الطالبين للعمل.
أخذ موضوع التعدد اللّغوي ولا يزال يأخذ حيّزا مهمّا من الدرس اللّساني الحديث، ولاسيما بعد تأسيس اللسانيات الجغرافية من قبل فاردينان دو سوسير الذي أشار إلى مسألة التنوع اللغوي الموافق للتنوع الجغرافي، ثم تفطّن إلى ذاك الأمر الذي يخرج عن المعيار، حينما تتعدّد اللغات في نقطة جغرافية واحدة، مثل ما هو الحال في كندا وجنوب إفريقيا وبلدان أخرى عديدة[i]. ويَرُدّ معظم الدارسين أسباب هذه الظاهرة إلى الحملات الاستعمارية التي مسّت مناطق مختلفة من المعمورة. وكذا الاجتياح السلمي لبعض الجماعات. هذا بالإضافة إلى العولمة التي لعبت لعبتها مع الممارسات اللغوية للجيل الجديد، مما جعلنا نختار فئة معيّنة من الأطفال الناطقين بالعربية للدراسة، بحيث يكون محيطهم الجغرافي مشجّعا على التعدد اللغوي (كالجزائر والخليج العربي)، وبشرط أن تكون تلك الفئة من مستعملي التلفاز و/أو الشابكة (الإنترنت)، بحيث نتمكن من رصد كيفية تأثير تلك الوسائط على  الممارسة اللغوية للطفل العربي.
وبالحديث عن التعدد اللغوي[ii]، لا بد من الحديث عن ظاهرة أخرى مشابهة له ظاهريا؛ هي ما يُسمى بالتهجين اللغوي، وكلاهما ناجم عن تكافل بين الاكتساب اللاواعي والاكتساب الواعي، إلا أنّ الأولى تترتب في الغالب عن العملية التعليمية، بينما تُكتسب الثانية من المحيط الاجتماعي. تبدأ مشكلة التهجين اللغوي عند الطفل إذًا من بيئته، وقد تكون البداية متقدمة إذا كانت لغة الأمومة هجينة “ويبدو لنا نحن اليوم أن الأمر أكثر من عادي من أجل اكتساب لغة طبيعية كلغة الأمومة التي تمثل النواة المركزية للغتنا المنطوقة حاليا حتى وإن كان من المستحيل إدراك هذه النواة مادامت أنّها تتم بصورة لا واعية، وبمجرد التفكير فيها نكون قد انتقلنا من اللاوعي إلى الوعي، ومما يزيد هذه المسألة تعقيدا أن تلك النواة المركزية تحولت كلماتها الفطرية إلى مداليل اصطلاحية، وتحولت دوالها الاعتباطية من وحدات صوتية جوفاء إلى رموز ما لبثت أن غدت رموزا عقلية، وكل متكلم في مرحلة من مراحل نموه البيولوجي والعقلي يمر قسرا في صورة لا واعية بالنقطة المركزية لهذه النواة.”[iii] ومن هنا تصبح العادات اللغوية كالأمراض المتمكّنة في ألسنة المتكلّمين لدرجة يصعب فيها العلاج.
يُفترض إذًا أن تكون لغة الأمومة عند الطفل العربي هي اللغة العربية، إلا أنّه ما يلاحظ في الغالب هو دخول الفرنسية أو الإنجليزية بنسب متفاوتة على لغة الاستعمال عنده، وقد نعتقد في هذه الحالة أنّنا أمام ازدواجية أو حتى تعددية في اللغة. وقبل الحكم على صحة هذا الافتراض أو خطئه لابد من تحديد المفاهيم؛ ذلك أنّ: “الفكرة القائلة إنّ الازدواجية اللسانية تعني وجود لسانين لهما نفس الحكم هي فكرة على درجة من الانتشار والرسوخ بحيث إنّ اللسانيين قد اقترحوا مصطلح “ثنائية” للدلالة على حالة تستعمل جماعة وفقا للظروف عرفا جد مألوف وأقل اعتبارا أو عرفا آخر أكثر عملية وأكثر صنعة.”[iv] وفي ذلك يقول مارتيني أيضا: “إنّ الفرنسية والإنجليزية لسانان وطنيان لهما اعتبار كبير ولكننا لا نستطيع القول إنّهما حقيقة متساويان، فهل ينبغي أن نتحدث في مثل هذه الظروف عن ثنائية في إقليم الكبيك؟”[v] أم أنّ الأمر يتعلّق بلغة أولى ولغة ثانية؟.
إنّ الحديث إذن عن ظاهرة التعدد اللغوي أو حتى عن الثنائية اللغوية عند الطفل العربي هو سابق لأوانه نوعا ما، فنحن لا نزال اليوم في مرحلة السعي نحو التعدد، أمّا ما نجده ظاهرا فعلا في مجتمعاتنا فهو التهجين اللغوي، حيث تأخذ اللغة المهجنة النسبة الأكثر من الاستعمال اليومي عند الكثير من المتكلمين العرب الكبار والصغار، ولاسيما عند الجزائريين، وقد يلجأ المثقفون من متعددي الألسن إلى استعمالها في مواقف معينة، خاصة عند خروجهم من إطار الحياة الرسمية إلى الحياة العادية (العائلية خصوصا والاجتماعية عموما). أما عن أسباب استمرار هذه الظاهرة وتفشيها عند المتكلم العربي ولاسيما الطفل فيمكن تلخيص أهمّها فيما هو أتٍ:
  • عدم الاهتمام بالترجمة السريعة للألفاظ الأجنبية الجديدة، ومن ثم فتح المجال لتمكّنها في المعجم الاستعمالي للمجتمع.
  • عدم الاهتمام بظاهرتي التعدد والتهجين اللغويين من قبل الأسرة والمحيط، وكذا عدم التركيز على الفصل بين اللغات أثناء التواصل اليومي بين أفراد المجتمع.
  • التسامح اللغوي: و”يُكتسب هذا التسامح العفوي بطبيعة الحال مع اكتساب العادات اللسانية أي في مرحلة الطفولة المبكرة. إنّ الطفل الذي يتعلم لسانه يتعلمه بمحاكاة محيطه؛ وفي حالة فقدان انسجام لساني كامل في ذلك المحيط يضطر الطفل إلى الاختيار والتوفيق والاعوجاج وسيحصل في نهاية المطاف على نظام ذي تقابلات واضحة، يستعمله فعلا، ولكنه لن يرى في أية سمة لسانية كانت اعترضته أثناء تعلمه أنّها غير عادية سواء أكوّنت جزءا من نظامه الشخصي أم لم تكوّن، وغاية ما هناك أنّه قد تبدو له سمة ما مزعجة فظة أو سوقية أو على عكس ذلك رقيقة مهذبة أو رائعة وفقا للمشاعر التي كان يكنها للأشخاص الذين كانوا يمارسونها في محيطه”[vi].
  • الانبهار بكل ما تقذفه إلينا أمواج العولمة من نافع وضارّ.
  • التكنولوجيا الجديدة: المتمثّلة خاصة في التلفاز (كثرة الفضائيات) والحاسوب وما شابههما من ألعاب إلكترونية ولوحات ذكية وهواتف نقالة…
  • المستوى الاجتماعي والثقافي:[vii] وتلعب فيه الأسرة الدور الأكبر في توريث الطفل عادات لغوية سليمة أو العكس.
ومن أهمّ مصادر وأسباب التهجين اللغوي ما يفِد إلى أطفالنا من التلفاز، حيث تكون ثقافة الصورة أكثر سهولة وجاذبية وسحرا في مجال التحريك[viii]. وهذا ما يجعل الطفل منشَدًّا بشكل كبير نحو هذه الوسيلة الإعلامية. وفي هذا العالم الصغير تصطدم العربية بلغات أخرى كالإنجليزية والفرنسية، أو حتّى باللهجات العربية المحلّية التي كثُر استعمالها في الأناشيد التربوية خاصة، فصار الطفل يردّد كلمات باللهجة السورية أو الفلسطينية أو المصرية… وهو يظنّ أنّها فصيحة، لذلك يُفترض إعطاء أهمية لبرامج الأطفال المعروضة على شاشة التلفزيون، ويكون ذلك باختيارها حسب المستوى العقلي والعمري والانفعالي والشخصي، وكذلك على حسب الخبرات والقدرات التي يتمتع بها كل طفل، إضافة إلى مراعاة اللغة الملائمة للمعجم اللغوي الخاص بكل فئة عمرية[ix]، “فالتلفزيون له أثر على تكوّنها ونموّها عند الطفل، وبخاصة إذا ما عرفنا أنّ النمو اللغوي عند الطفل مرتبط باستماعه إلى كلام الآخرين في المرحلة الأولية من تعلمه اللغة.”[x] ومن هنا يأخذ التلفزيون دوره في تلقين الكلام للصغار فيصبح شريكا للأهل. والمعروف أنّ الطفل في المغرب العربي يختلف عن نظيره في المشرق، حيث تعوّد الأوّل على سماع اللغة الفرنسية كلغة أجنبية أولى، بينما تعوّد الثاني على سماع الإنجليزية، لكّن الظروف اليوم قد تغيّرت كثيرا بوجود القنوات الفضائية المتخصّصة التي وحّدت اهتمامات ونشاطات الطفل العربي، مما جعل المعاجم الأجنبية تتداخل في ذهنه. لكنّ الحقّ يقال؛ إنّ بعض البرامج التعليمية الأجنبية أصبحت ذات تأثير قوي على الطفل في سن ما قبل التمدرس؛ وأذكر من بينها مثلا:
  • برنامج “بارني” الذي يُعَلّم الإنجليزية ابتداء من الألفبائية والأرقام، ومرورا بالألفاظ، وصولا إلى صياغة الجمل، ويستعين في ذلك بعنصري الحوار والأغاني التربوية. ولعل بعض عناوين الأغاني التي سأذكرها كفيلة بتوضيح الهدف الرئيس من البرنامج؛ إنّه التعليم أوّلا، ثم التربية والتدريب في الدرجة الثانية:
 Alphabet Song، B-I-N-G-O، Five Little Butterflies، Everyone Is Special…
  • وكذلك برنامج “دورا” الذي يعلّم الإنجليزية للمتكلم الفرنسي، فيوفر بذلك مادة ثرية للغتين أجنبيتين في الوقت ذاته. وهو متوفّر على شكل أقراص مضغوطة تحمل الكثير من الحلقات التي يستعين بها بعض الأولياء لتحفيز أولادهم على اكتساب أكثر من لغة، بينما نرى أنّ الإقبال على النسخة العربية للبرنامج ضئيل جدا، لأنّ استبدال الفرنسية بالعربية جعل مهمّة البرنامج تتجه نحو تعليم العربية للناطقين بغيرها، أي أنّ الكلمات والجمل التي يسمعها الطفل العربي هي في غاية البساطة، وبإمكانه أن يتعلّمها من خلال تتبع أي نوع من الرسوم المتحركة العادية. ويرجع سرّ نجاح هذه الحلقات في نسختها (الفرنسية/ الإنجليزية) إلى الجوّ التفاعلي الذي يجمع “دورا” وأصدقاءها بالطفل المشاهد، حيث يُطلب منه المشاركة في نطق الكلمات وترديد الجمل لإنجاح مهام المجموعة، كما يُطلب منه ترجمة بعض الكلمات والجمل برفقة “دورا” لمخاطبة بعض الشخصيات الناطقة بالإنجليزية. ولعلّ هذا هو السبب الذي جعل “دورا” محبوبة عند أطفال إقليم “الكيباك” في كندا، لأنّها قرّبت الإنجليزية -باعتبارها اللغة الأولى للقارة الأمريكية- إلى الطفل الكيبيكي الناطق بالفرنسية، ولقد لاحظنا ذلك عندما اقتربنا مباشرة من أطفال جزائريين مقيمين بالكيبيك (مزدوجي الجنسية ومتعدّدي اللغة).
وبالحديث عن هذه العيّنة من الأطفال الجزائريين الكيبيكيين (8 و6 و4 سنوات)، لا بأس من متابعة جوانب من طريقة الاكتساب اللغوي لديهم؛ مع العلم أنّ منهم من تعرّف على العربية الفصحى فقط في المدرسة القرآنية بمونتريال، بينما أخذوا مبادئ الفرنسية من الشارع والمدرسة والتلفزيون، أما الإنجليزية فأخذوا منها القليل فقط بمساعدة بعض القنوات الفضائية الكندية، أضف إلى ذلك أنّهم لم يأخذوا من لغة الأهل سوى جزء بسيط من اللغة الدارجة الهجينة. لكنّ الملاحظ أنّهم فور التحاقهم بالجزائر والمدرسة الجزائرية (في السنّ المذكور أعلاه) عُرّبوا بسهولة فائقة وفي السنة ذاتها، حيث ساعدت دروس المدرسة القرآنية في كندا الطفلين “أ” (8 سنوات) و”ب” (6سنوات) على الاندماج في العالم الجديد، بينما اكتسب الطفل ج (4سنوات) لغة عربية قريبة جدا من الفصحى دون التحاقه بالمدرسة، وذلك بمساعدة قناة “براعم” القَطَرية، وكانت تجربته هي الأنجح بفضل صغر سنّه وقصر مدّة ممارسته للفرنسية الكيبيكية.
ومن خلال تلك المعاينة البسيطة؛ يظهر لنا أنّ فكرة التقليل من أهمية التلفزيون وتأثيره المباشر في الممارسة اللغوية للطفل هي فكرة قاصرة، ولا تعتمد على أدلّة ملموسة، أو لنقل إنّها اعتمدت على أراء الآخرين دون تفحّص وتحرّ، لذلك فنحن لا نتفق كليّا مع صاحب النصّ الذي يقول: “لو أن تلك الآلاف والآلاف من الساعات التي يقضيها الأطفال الصغار في مشاهدة التليفزيون كانت مصدرا للتنبه اللفظي وساعدت في تنمية المراكز اللفظية للدماغ، ولو أنّ جميع تلك الكلمات والعبارات الجميلة الناضجة التي تصدر من جهاز التليفزيون عملت بصورة فعالة كما يعمل الحديث الواقعي والإصغاء، لكان من المؤكد عندئذ أن ينشأ جيل قادر على التعبير عن نفسه بلباقة ووضوح. بيد أنه يبدو أن ذلك لم يحدث. والواقع أنّ دراسة جيدة التحكيم، كان هدفها استجلاء العلاقة بين المشاهدة التليفزيونية ولغة الكلام لدى أطفال ما قبل سن المدرسة، كشفت عن علاقة عكسية بين وقت المشاهدة والأداء في اختبارات النمو اللغوي. ففي تلك الدراسة أظهر الأطفال الذين شاهدوا التليفزيون بكثرة في المنزل مستويات لغوية متدنية”[xi]. والسؤال المطروح هنا: كيف وصل صاحب هذا النص إلى نتيجة كهذه؟ وهل اعتمد فعلا على دراسة ميدانية مكثّفة؟.
  • أنتقل الآن إلى الحديث عن برنامج آخر خاص بأطفال ما قبل التمدرس، وهو “مغامرات نور” الذي بُثّ على قنوات الأطفال العربية بنسختين: العربية والإنجليزية، وهو في رأيي ناجح بكلّ اللغات؛ وذلك لأنّه يخاطب الطفل الذي لم يتجاوز الخامسة بلغة وأفكار تناسبه، فالفتاة “نور” تخاطب الطفل وتتفاعل معه من خلال اللغة اللفظية والإشارية، بحيث أنّها تقوم ببعض المغامرات البسيطة من أجل إنقاذ بعض المواقف، فتحتاج إلى ممارسة الحركات الرياضية قصد الحصول على طاقة لإنجاز المهام، وهنا يأتي دور الطفل المشاهد، لأنّها تحتاج أيضا إلى طاقته؛ فتطلب منه مثلا القفز لعدّة مرّات متتابعة لفظا وإشارة: (اقفز = jump = saute) مع تنفيذ حركة القفز ليقلّدها الطفل، ويكون بذلك قد مارس تمرينا رياضيا وتعلّم كلمة جديدة، والشيء نفسه بالنسبة لـ: اجري معي، دُر، هيا نرقص، قلّد الحيوان… وغيرها من الألفاظ والعبارات. ويأخذ هذا البرنامج بعين الاعتبار أنّ: “شكلا غير لفظي من العمل العقلي يسبق اللفظي في التطور الباكر للأطفال، لأنهم يجب أن يستخدموا شكلا ما من »التفكير« غير اللفظي في حياتهم اليومية قبل وقت طويل من اكتساب اللغة”[xii]، وبالتالي تُصبح لغة الإشارة وسيلة ناجعة لتلقين اللغة اللفظية.
ومن خلال هذه الأمثلة يتضح أنّ هذه البرامج تمتلك من الإيجابيات ما ينسينا البحث عن السلبيات فيها، لكن الأمر لا يُغني عن متابعة الكبار لسير عملية الاكتساب هذه قصد المشاركة والتوضيح ورسم الحدود بين اللغات، وحتى بين العادات والثقافات، فلا يصبح التلفزيون مجرّد وسيلة تسلية تلهي الأطفال وتمنعهم من إزعاجنا بأسئلتهم الكثيرة، وفضولهم الكبير لفهم عالمهم، فالهروب من المسؤولية وإلقاؤها على عاتق التلفزيون غير لائق، وعن ذلك يقول مؤلفا كتاب “الأطفال والإدمان التلفزيوني”: “على خلاف رجال الأعمال المرهقين أو النساء العاملات أو ربات البيوت المنهكات اللائي يشغلن جهاز التليفزيون بقصد »الاسترخاء«، فإن لدى الأطفال الصغار حاجة داخلية إلى النشاط العقلي. إنهم أجهزة تعلّمية، و»عقول ممتصة«، ومخلوقات نهمة للخبرة. ولا يتطلب النمو الأمثل للأطفال، في ثقافة تعتمد على الاستعمال الدقيق والمؤثر للغة الكلام والكتابة، مجرد فرص كافية، بل وافرة للممارسة اليدوية، والتعلم، وتوليف الخبرة. إنهم الآباء، المتعبون من جراء مطالب أبنائهم المتواصلة للتعلم بأوسع ما تعنيه هذه الكلمة (التعلم الذي قد يتضمن العويل، والصراخ، وإلقاء الأشياء، والإزعاج) هم الذين يلتمسون «الاسترخاء» الذي يتيح وضع الصغار أمام شاشة التليفزيون وجعلهم، مرة ثانية، الأسرى المسالمين لإحساساتهم الخاصة مثلما كانوا حين كان التفكير غير اللفظي وسيلتهم الوحيدة للتعلم”[xiii].
يجدر بنا إذا أن نساعد أطفالنا على اختيار برامجهم، ولا بأس من حصر قنواتهم المفضّلة والمناسبة لأعمارهم ضمن قائمة خاصة يلتزمون بالبحث فيها وكأنّها بالنسبة لهم هي كلّ الفضائيات الموجودة على التلفزيون، ونكون بذلك قد سهّلنا على الطفل غير القارئ عملية البحث والاختيار، إذ بعكسه، نجد أنّ الطفل الذي يُحسن القراءة يُحسن البحث بمفرده، حيث أنّ “الطفل القارئ، هو طفل مختلف، لديه القدرة على اختيار ما يريد قراءته من كتب، واختيار ما يشاء رؤيته من برامج التليفزيون، سواء أكانت هذه البرامج تناسب سنه، أم هي أكثر ملاءمة لمن يكبرونه، كما أنّه يختار لعبته، وبرامجه في عالم الكمبيوتر، ومن خلال هذه الاختيارات ستتشكل مواهبه الفنية، أو الثقافية، مهما ظهرت هذه المواهب في مرحلة مبكرة أو متأخّرة”[xiv].
نعود إلى فكرة التهجين اللغوي الذي أصبح يتسرّب إلى الألسنة العربية يوما بعد يوم، لنبيّن أنّه صار في غاية الخطورة، فلِما لا تبذل الأسرة والمدرسة الجهود للتخفيف من سلبيات هذه الظاهرة من جهة، واستثمار إيجابياتها من جهة أخرى؟ ولا يتأتى لنا ذلك إلا بعد معاينة المستويات اللسانية، ومدى خضوعها للقاعدة اللغوية، ولا نقصد هاهنا القياس على الفصحى وحسب، بل حتى على قواعد اللهجات العربية، وبهذه الطريقة فقط نلمس فعلا جوانب ظاهرة التهجين، بل ونتمكّن أيضا من إدراك مدى انتشارها بين المتكلّمين بحسب الفئة العمرية والبقعة الجغرافية. ويعتبر كل هذا اهتماما من بين الاهتمامات الكثيرة للسانيات، وعن ذلك يقول عبد السلام المسدي: “هكذا غدا طبيعيا أن تعكف اللسانيات على قضايا اكتساب اللغة وحصول الكلام فعملت على ربط مراحل هذا الاكتساب لدى الطفل بمراحل نشوء اللغة أصلا، وحلّلت بوادر عمليّة التواصل الكلامي من مستوى الإدراك الشمولي إلى مستوى التقطيع المزدوج، وفسّرت مرور الطفل بالمرحلة العلامية، وهي المرحلة الإشارية السيميائية، قبل بروز العلامة اللسانية، ودقّقت تراكم المخزون الصوتي فالنحوي فالمعجمي.” [xv]
وإن أخذنا الطفل الجزائري كمثال، نجد أنّه يتحدّث بلغة تتداخل فيها القواعد الصوتية والصرفية والنحوية (النكرة والمعرفة، والحركات الإعرابية، وتصريف الأفعال مع الضمائر، وتداخل الصوائت العربية والفرنسية أو الإنجليزية، والتأنيث والتذكير، والمفرد والجمع…). ومن أمثلة ذلك أذكر:
  • قاعدة “تعذر التقاء الساكنين”، وقاعدة “العرب لا تبدأ بساكن”:
مثال: تُسمى “المحفظة المدرسية” في الدارجة الجزائرية غالبا “كرطاب” وهي تسمية مأخوذة من الكلمة الفرنسية cartable التي حُذفت منها اللام ”L“ الساكنة لتفادي التقاء الساكنين على الطريقة العربية. وإذا ابتدأت الكلمة المهجنة بصائت مثل كلمة “école” فإنها تُستعمل معرفة بأداة التعريف الفرنسية “L” وهي ذاتها لام المعرفة في العربية مما لا يسبب أي عائق صوتي، مع العلم أنّها تبقى كذلك حتى إنْ دلّت على النكرة (ليكول)، والسبب أنّ مثل هذه الألفاظ دخلت المعجم الاستعمالي وثبتت فيه هكذا.
  • العدد (الإفراد والجمع): استعمال الجمع للدلالة على المفرد أحيانا أو العكس: كتسمية محفظة الظهر Sacs aux dos بدلا من sac à dos وهو خطأ شائع أقرّه الاستعمال عند هجيني اللغة. أو العكس؛ مثلا: “عاديون” (جمع “عادي”) يُقال عنهم  normal بدلا من normaux وهي من الألفاظ المستعملة يوميا.
  • التداخل المعجمي (مثلا: استعمال ألفاظ فرنسية داخل الجملة ذات الصياغة العربية وهي ظاهرة جد شائعة). وهذا ما يقتضي تداخلا بين القواعد اللسانية كما سبق الذكر. كأن يستعمل المتكلّم كلمة طَابْلَة بدلا من كلمة طاولة تأثّرا بكلمة table الفرنسية، أو قلم (Styloo) الذي يسمى بالدارجة غالبا “ستيلو” وغيرها الكثير…
نعود الآن إلى العمل الميداني لنعاين تجارب الاكتساب اللغوي عند بعض الأطفال، ويُفترض هاهنا أن نلغي تجربتنا نحن كليّا عن هذه الدراسة، حيث يرى البعض إنّه: “من المهم للباحث أن يفصل  تجربته كطفل عن الهويّة الحديثة للطفل العربي، فلا شكّ أنّ العوامل التي أثّرت في أعماق الباحث الطفل ذات يوم، قد تغيّرت تماما الآن، وبالتالي فإنّ طفل اليوم هو (آخر) مختلف تماما عن (الأنا) الطفولية المماثلة في أعماقنا”[xvi]. لكّني أرى شخصيّا: إنّ تجربة الباحث مهمّة جدا في هذه الحالة وإن لم تظهر بقوة على هذه الأسطر، حيث تكمن أهميّتها في اكتشاف جديد جيل اليوم، ولاسيما ما نجم عن التكنولوجيا الحديثة التي لم ننشأ عليها. فحينما نتحدّث اليوم عن تعدّد الفضائيات، والفضائيات المتخصّصة، والدردشة الإكترونية وغيرها؛ فنحن نقوم بموازنة لا شعورية بين جيلين، فأنا إن انتقلت إلى تجربتي الخاصة، سأرى الفرق واضحا، حيث نشأ جيلي في الجزائر -مثلا- على مشاهدة القناة الحكومية الوحيدة، والتي على الرغم من شحّ مادّتها، وقصر فترة بثّها، إلا أنّها لم تحرمنا من البرامج الهادفة، سواء تعلّق الأمر بالبرامج العربية، أو بالبرامج المدبلجة إلى الفرنسية (باعتبارها اللغة الأجنبية الأولى في البلد). لذلك لم نزل نحتفظ في ذاكرتنا بتلك التجارب الجميلة التي عشناها مع: “افتح يا سمسم”، و”مدينة القواعد”، و”المناهل”، و”جهينة”، و”كيف وأخواتها”… وغيرها من البرامج التعليمية والتربوية الهادفة الناطقة بالعربية الفصحى، بالإضافة إلى البرامج الأجنبية المدبلجة إلى الفرنسية، مثل: نادي الموبيت، وعالم دوز، وعالم ديزني… وغيرها. دون أن ننسى فيلم السهرة الأجنبي (المدبلج بالفرنسية) الذي كان يجمع شمل الأسرة، وذلك طبعا بعد مروره على الرقابة التي تهذّبه وتجعله مناسبا لعادات مجتمع محافظ مثل المجتمع الجزائري، وهذه ميزة اختفت بدخول الفضائيات إلى البيوت العربية، مما شتّت شمل العائلة، وفصل الصغير عن الكبير، فلم نعد نسمع كثيرا تلك الأسئلة التي يطرحها الأطفال على الآباء والإخوة الكبار من مثل: ماذا قال؟ هل يقصد “كذا”؟ ماذا يقصد باللفظة الفلانية؟ وما شابه من أسئلة تنبع من رغبة في فهم لغة الآخر وتعلّمها، إنّه الفضول الذي يتمتع به الطفل الذي يحمل استعدادا فطريا لاكتساب اللغات.
هكذا نرى إذن أنّ تجربة الباحث مهمّة جدا لإقامة بحث ميداني كهذا حتّى وإن لم يُصرّح بها، ومن هذا المنطلق ندخل عالم الجيل الجديد، وليكن الهدف من دراستنا أولا هو واقع لغتنا العربية في حياة الطفل العربي، ومن ثمّ إلقاء الضوء على واقع اللغات الأجنبية. فاللغة الأمّ مقوّم أساسي من مقوّمات حضارة أيّ أمّة، فكيف الحال بلغة حملت إلينا الرسالة السماوية، إنّها، بالنسبة لنا إذن لغة الدين والدنيا، لذلك علينا أن نقتنع في البداية بأنّ “اللغة العربية مفتاح العلوم كلّها، وكلما قوي الطفل باللغة كان سببا في قوّته فيما بعد لأيّ علم من العلوم رغب في تعلّمه، وأحبّ أن يكسبه، واللغة العربية لغة القرآن الكريم، والحديث الشريف، رغّب في تعليمها النبي صلى الله عليه وسلّم، واهتمّ بنشوء الأطفال وقد أتقنوها، ومن شدّة اهتمامه بها يقبل فداء أسرى بدر بتعليم كتابتها، وقراءتها لأطفال المسلمين، فكان كل أسير يفدي نفسه بتعليم عشرة من صبيان الصحابة اللغة العربية، وإتقانها”[xvii].
تعتمد تجربتنا -كما سبق أنْ وضّحنا- على تبيين دور التلفزيون والشابكة في تطوير الحسّ اللغوي عند الطفل، ونحن نعلم أنّ هذه الأخيرة قد أخذت حجما كبيرا من اهتمامات الجيل الجديد، ولا ننسى أنّ “القضيّة التي تطرحها شبكات المعلومات قضية حضارية متشابكة لها منطلقاتها التقنية وأصولها الفلسفية ومظاهرها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل وأبعادها اللغوية والتربوية والتعليمية والثقافية والفنية، لكنّه يبرز بينها على وجه الخصوص «المحيط العقلي الجديد» الذي تخلقه لعالمنا”[xviii]. ولا بأس من النظر إلى بعض إيجابيات العالم الإلكتروني الذي أصبح في الكثير من الأحيان يحث الطفل على التمكّن من لغته القومية وامتلاك ثروة لغوية وكتابية في اللغة الإنجليزية [xix] أو الفرنسية، لكن هذا قد يتحوّل أحيانا من تعدد إلى تهجين كما سبق أن وضّحت. ولا ننسى أيضا تأثير الألعاب الإلكترونية على الطفل، وفي ذلك يقول شاكر عبد الحميد: “أما في النشاطات الخاصة بالتفاعل مع عالم الصور خلال ألعاب الفيديو والاستغراق في الإنترنت فإنّ عمليات التنبيه الحسي قد تصل أحيانا إلى حدّها الأعلى، حيث التدفّق المستمرّ للصور المصحوبة بالأصوات المتنوّعة والمفاجئة والمثيرة، وكذلك الموسيقى والكلمات وما شابه ذلك من مثيرات، ومع ذلك فإنّ ما يحدث في الحالتين هو حدوث حالة من الانفصال عن الواقع”[xx].
نواصل تجربتنا الميدانية بالحديث عن الطفلة “د”: جزائرية انتقلت إلى العيش في إحدى الدول الخليجية، أخذت تعليمها من المدرسة الجزائرية، ثم التونسية ثمّ القطرية. وهي تُتقن العربية الفصحى (بالإضافة إلى عدّة لهجات) وعلى دراية لا بأس بها بالفرنسية، وتُتقن اللغة الإنجليزية، وتتعلّم حاليا اليابانية عن طريق الشابكة (الإنترنت). هي الآن في سن الثامنة عشر (18)، إلا أنّها تحكي تجربتها مع عالم الإنترنت ابتداء من سن الثانية عشر (12)، وهو وقت رحيلها من الوطن الأمّ إلى عالم جديد، أو لنقل إلى دولة اجتمع فيها العالم بأجناسه ولغاته وثقافاته.
ترى هذه الطفلة أنّ رسوم الإنمي التي تنتجها اليابان هي الأحسن[xxi]، لذلك تسعى إلى مشاهدة جديدها على الشابكة فور صدوره، فاضطرّت في البداية إلى الاستعانة بالترجمة الإنجليزية المكتوبة المرافقة للشريط، لكنّها بمرور الوقت أصبحت مولعة بتعلّم اللغة اليابانية، بل أصبحت تنقل العدوى إلى صديقاتها وأقاربها على المواقع الاجتماعية (وخاصة الفيسبك)، مما خلق جوّا من المنافسة، ومن هنا جاءتهم الفكرة لفتح مجموعة على الفايسبك يتبادلون فيها الخبرات اللغوية، ونجحت تلك التجربة في بدايتها؛ حيث بدأ الأصدقاء يكتبون دروسا بسيطة تتعلّق معظمها بتركيب الكلمات والجمل الأكثر استعمالا في الحياة اليومية، وبعد الاطّلاع الفعلي على منشورات تلك المجموعة؛ وجدتها تهتمّ في الغالب بالفرنسية واليابانية والإسبانية، بينما تبقى الإنجليزية هي لغة الحوار والشرح، أما العربية فهي الأقلّ استعمالا بالرغم من أنّها اللغة الأصلية لمعظم أعضاء المجموعة، ويرجع ذلك -في رأي الطفلة (د) إلى صعوبة استعمال لوحة المفاتيح العربية[xxii].
أما عن رصيدها المعجمي الياباني فتُخبرنا الطفلة (د) بأنّها تحفظ الكثير من كلمات المجاملة والتحيّة والمدح والذمّ، بالإضافة إلى الكلمات الأكثر استعمالا في الحياة اليومية، وسأذكر هنا فقط الترجمة العربية لبعض الأمثلة، على ألا أذكر الكلمات والجمل اليابانية لأنّي ببساطة لا أمتلك هذه اللغة، مع العلم أنّي قد تأكّدت من المعلومات التي قد تحصّلت عليها من خلال الشابكة وبمساعدة الطفلة ذاتها، وهذه الأمثلة هي: هيا بنا، رائع، غبي أو أبله، شكرا، حقا، اسكت، شكرا على الطعام، مدهش!، آسف، صباح الخير، مساء الخير، تُصبح على خير، أحبّك… وغيرها.
وبالإضافة إلى الرصيد المعجمي؛ سألت الطفلة (د) عن رصيدها النحوي والصرفي، فقالت أنّها على الأقل تُحسن تمييز أسلوب الاستفهام عن باقي الأساليب، لكنيّ أوضحت لها أنّ الاستفهام في غالبه يُعرف عن طريق تنغيم الجملة، ودُهشت حينما قالت أنّها تحفظ الكثير من أدوات الاستفهام، من مثل: ماذا؟ من؟ كيف؟ وبماذا؟… وهذه مؤشرات جيّدة على نجاعة الترجمة المكتوبة المرافقة لأفلام الإنمي والبرامج الأخرى، فنحن لم نتعوّد على مصادفة أطفال عرب يميلون إلى غير اللغات: العربية والإنجليزية والفرنسية، وأحيانا الإسبانية، إلا في حالات خاصة، وهذا ما يُثبت نجاعة التطوّر الذي شهدته صناعة أفلام الإنمي وقدرته على التحبيب في اللغة اليابانية، وحتى الثقافة والعادات اليابانية.
أما عن طريقة اكتساب لغتها الإنجليزية بعد مغادرتها الجزائر (في سن 12)، فتحدّثنا الطفلة (د) عن فائدة معاهد تعليم اللغات أولا، وهذا شيء مفروغ منه، ثم عن فائدة التلفزيون، حيث مثّلت لها الحاشية السينمائية المصاحبة للأفلام الأمريكية المعروضة على القنوات الفضائية العربية فرصة جيّدة للتعلّم،  ثمّ تؤكّد لنا على أنّ الجانب العملي في الحياة الافتراضية على الشابكة هو الذيّ سهّل عليها عملية الاكتساب أكثر وأكثر، حيث كانت البداية متمثّلة في الدخول إلى عالم الألعاب الإلكترونية التي تعتمد في معظمها على اللغة الإنجليزية، وكذا تتبُّع مراحل فتح بريد إلكتروني أو حساب على الفايسبك…، إذ كانت الطفلة (د) هاهنا تستعين بالوالدين من أجل ترجمة المصطلحات، إلى أن اكتشفت المترجم الآلي وصار رفيقا لها في رحلة اكتساب اللغات. وعندما سألناها عن مدى اعتمادها على المعاجم الورقية العادية والمتخصّصة، قالت إنّها لا تميل إلى استعمالها لأنّها تأخذ وقتا وجهدا أكبر. كما أنّ عالم الشابكة هو العالم المفضّل بالنسبة لها وللكثير من أمثالها في الوطن العربي، وفي العالم بأسره.
لا شكّ أنّ فكرة الاعتماد على المترجم الآلي تبدو مخيفة في نظر أهل التخصّص، فالواضح أنّ الآلة لن تصل أبدا إلى مجاراة العقل البشري في قدرته الفائقة على فهم السياقات الداخلية والخارجية للنصوص[xxiii]، لكنّ أبناء الجيل الجديد يعرفون ذلك جيّدا، وقد اكتشفوه عن طريق التجربة، لذلك فهم لا يثقون في الآلة أثناء ترجمتهم للجمل، بل يكتفون فقط بالحصول على الترجمة الآلية للكلمات خارج السياق، وبالتالي الحصول على اقتراحات سياقية مختلفة، مما يُتيح لهم إمكانية الاختيار الصحيـح. وهذا ما تأكّدت منه بعد الحوار مع بعض الأطفال المتعوّدين على استعمـال مترجم قوقل، ومن بينهم الطفلة (د).
تحدّثنا إلى حدّ الآن عن تجربة “الطفلة د” في الفهم ومن ثمّ الكلام، أما عن تجربتها في الكتابة فتخبرنا أنّ اللغة العربية بالنسبة لها هي اللغة الأم التي رافقتها في معظم مراحل الدراسة، وهي تجيد كتابتها بالقلم، لكنها لا تستعملها كثيرا في الحياة الافتراضية على الشابكة لأسباب كثيرة، فهي تعتقد أنّ لوحة المفاتيح العربية صعبة الاستعمال بعكس اللوحة اللاتينية (الأمريكية qwerty أو الفرنسية azerty). ولأنّ هذا السبب غير مقنع بيّنتُ لها أنّ مسألة الصعوبة والسهولة ترجع فقط إلى التعوّد، ومن هنا سألتها عن سبب تعوّدها على الأزرار اللاتينية لتجيبني بإجابة من شقين:
  • شق نفسي: حيث يَعتبر الكثير من شباب اليوم -ولاسيما المراهقين- أنّ الكتابة باللغة العربية الفصحى على مواقع التواصل -وخاصة الفيسبك- تعني الكتابة بلغة الأطفال الصغار، أو لنقل بلغة الرسوم المتحرّكة، لذلك يخجل الكثير من استعمالها، فيستعملون الإنجليزية أو الفرنسية، بل ويستعمل الكثير منهم الحروف اللاتينية لكتابة اللهجة العربية المحَلّية.
  • الشقّ العملي: حيث تُوفّر محرّكات البحث نتائج أكثر وأسرع باللغة الإنجليزية أو الفرنسية، هذا بالإضافة إلى عدم توفر لوحات المفاتيح دائما على حروف الخط العربي.
الطفلة هـ: جزائرية انتقلت إلى العيش في إحدى الدول الخليجية في سنّ الرابعة عشر (14) وتدرس في مدرسة أجنبية (لغة التدريس فيها هي الإنجليزية)، لا تبالي بالتلفزيون كثيرا، وهي تفضّل اللعب ومشاركة الحوار مع صديقاتها في المدرسة والحي والفيسبك. وهي تقول إنّها مضطرّة إلى استعمال الإنجليزية في الدردشة لأنّها لغة الدراسة، كما أنّ صديقاتها من جنسيات مختلفة وتوحّدهنّ اللغة الإنجليزية. وعن ممارستها للعربية نطقا وكتابة تُخبرنا أنّها تجيدها، لكنّها لا تستعملها إلاّ للضرورة، كأن تردّ على تعليق كتب لها بالعربية، أو أن تتخاطب مع قريباتها الصغيرات سنا والمتواجدات في الجزائر، فهي تراعي لغة الحوار المشتركة، وهي هاهنا اللغة العربية، كما أنّها تستعمل أحيانا اللهجة الجزائرية.
وعن الحروف المستعملة لكتابة اللغة العربية تضطرّ “الطفلة هـ” إلى استعمال لوحة المفاتيح العربية التي يصعب استعمالها لعدم التعوّد عليها، ويكون ذلك فقط عند مخاطبة الأطفال الصغار جدّا (من 6 إلى 9 سنوات تقريبا)، أما الأطفال الذين يحسنون نطق الكلمات الفرنسية نسبيا فهي تكتب لهم العربية بحروف لاتينية، وتكون بذلك مجبرة على استبدال رموز بعض الصوامت بالأرقام، مثل: ق = 9، ع = 3، همزة = 2، ح = 7، هـ = 6، خ = 5، وهذا نظام ابتكره الجيل الجديد لظرف يعتقد أنّه ضرورة، وهو كذلك مادمنا لا نشاركه (نحن الكبار) عالمه الجديد.
يبدو لنا من خلال الأنموذجين السابقين أنّ عمليّة التعدد تمشي في الجانب الإيجابي بالنسبة للّغات الأجنبية، بينما تسير في الجانب السلبي إذا ما تعلّق الأمر باللغة الأم (العربية)، ومن هنا نرى إنّ هذه الظاهرة تتطوّر بوتيرة سريعة دون مراقبة من الأهل في الكثير من الأحيان، فلا ننسى أنّ المسؤولية تقع على عاتق الأسرة بالدرجة الأولى، لأنّ استعمال التلفزيون والكمبيوتر يكون عادة داخل المحيط الأسري. والأسرة كما نعلم هي المدرسة الأولى التي يكتسب منها الطفل لغة الأمومة وهي غالبا ما تكون اللغة الأمّ أيضا، وباعتبار أنّ لغة الأمومة هي النواة المركزية؛ وجب على الأولياء جعلها ضمن أولوياتهم، ومن ثمّ يمكن الانتقال إلى مرحلة البحث عن تعدد لغوي لأبنائهم، ويكون  ذلك عن طريق:
  • مشاركة الطفل حياته داخل عالم التلفزيون والشابكة دون التدخّل المبالغ فيه، وتكون المشاركة عن طريق المساعدة على الاختيار، والتفسير والإضافة عند الحاجة، والتصويب عند سماع الأخطاء اللغوية، ولا ننسى الجانب النفسي من هذه العملية، حيث يرى الصغار أنّ عالمهم مهمّ جدا لدرجة أنّه يستقطب الكبار.
  • الحرص على توفير لوحة مفاتيح عربية في أجهزة الحاسوب، أو الاستعانة بملصقات الحروف العربية، وتعويد الطفل على استعمالها بتنبيهه إلى الحروف والرموز الموجودة في الوضعية الثانية من الزرّ مثل: همزة القطع، والشدّة، والحركات، وعلامات الترقيم.
  • التصميم على تكوين علاقة صداقة حقيقية بين الأولياء وأبنائهم في الواقع وعلى شبكات التواصل، ومن ثمّ محاولة إنشاء حوارات شيّقة باللغة العربية الفصحى واستدراج الطفل لاستعمالها في الردود والتعليقات الكتابية لا شعوريا، ومن ثمّ نضمن أنّها لن تكون غريبة عنه قطّ. وقد حث ديننا الحنيف على صحبة الأطفال من خلال سُنّة الرسول صلى الله عليه وسلّم، حيث كان يفعل ذلك “من غير تأفّف ولا استكبار، ومن غير تعجرف، ولا استعلاء، فهذا حقّ الطفل أن يصحب الكبار ليتعلّم منهم، فتتهذّب نفسه، ويتلقّح عقله، وتتحسّن عاداته”[xxiv].
  • تحبيب الطفل في اللغة الأم وتبيين فضلها.
  • عدم إهمال اللغات الأجنبية، على شرط إعطائها المرتبة الثانية دائما. فإن رأينا منافستها للعربية أخذنا الحيطة، فلا ننسى أنّ ديننا شجّعنا على تعلّم لغة الآخر لأغراض معيّنة، ولعلّ أهمّها على الإطلاق الجانب السياسي، وهذا ما نفهمه من قول زيد بن ثابت؛ حيث “روى أبو يعلى، وابن عساكر عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: أُتي بي النبي صلى الله عليه وسلّم مقدمه المدينة، فقالوا: يا رسول الله! هذا غلام من بني النجار، وقد قرأ مما أنزل عليك سبع عشرة سورة، فقرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأعجبه ذلك، قال: «يا زيد! تعلّم لي كتاب يهود، فإنّي والله ما آمن يهود على كتابي»، فتعلمته فما مضى لي نصف شهر حتى حذقته، فكنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا كتب، وأقرأ كتبهم إذا كتبوا إليه…”[xxv].
  • عدم حصر اللغات الأجنبية في اللغة الفرنسية فقط، أو الإنجليزية فقط.
  • الاهتمام بالنطق الجيّد للألفاظ الأجنبية المتداولة في الحياة اليومية، وإعطاء البدائل للألفاظ المهجّنة، ولاسيما في مرحلة التمدرس (مرحلة الاحتكاك بالمجتمع): وهي مرحلة يسعى فيها الطفل إلى تقليد الآخرين لإظهار قدراته، ولإثبات تشابهه مع غيره.
  • وضع الحدود الفاصلة بين اللغات المتداولة (مشافهة وكتابة).
نأخذ الآن أنموذجا آخر للدراسة، لنتعرّف على جوانب أخرى من عملية الاكتساب اللغوي، وقد اخترت هاهنا فئة عمرية أصغر من الأنموذجين (د) من 12 إلى 18 سنة، و(هـ) 14 سنة، إنّها “الطفلة (و) 12 سنة:
الطفلة و: جزائرية تدرس في المدرسة الجزائرية الحكومية (المعرّبة)، مشاهِدة جيّدة لقنوات الأطفال، وتحبّ التواصل مع أقاربها على الفيسبك، كما أنّها تحّب الألعاب المتوفّرة على هذه الشبكة الاجتماعية لأنّها توفّر لها فرصة التنافس مع الأصدقاء. تحبّ العربية كثيرا وتحرص على استعمالها في الكتابة، كما أنّها تميل أحيانا إلى استعمال الفرنسية والإنجليزية بتحفّظ، حيث أنّها تمتلك معجما فقيرا بالرّغم من تفوّقها مدرسيا في كلّ المواد، ومن بينها اللغات. وما لاحظناه أثناء احتكاكنا بالطفلة، هو أنّها تحب الإنجليزية كثيرا لأنّها اعتادت على سماعها في أفلام الأطفال السينمائية، وفي المقابل فهي لا تحبّ مشاهدة البرامج الناطقة بالفرنسية لأنّها لا تفهمها على الرّغم من أنّها تفهم ما تقوله أستاذة الفرنسية جيّدا، تلقى هذه الطفلة تشجيعا من الأهل لاستعمال الفصحى للدردشة، والتخلي عن الدارجة، كما أنّ معظم أصدقائها على الفيسبك هم من عائلتها كبارا وصغارا، ومنهم من يقطن خارج الوطن وفي دول منتشرة عبر أغلب القارات (آسيا، أمريكا، أوربا، إفريقيا).
تنتمي هذه الطفلة إلى الجيل الذي تربى على مشاهدة القنوات الفضائية المشرقية، ولاسيما منها قناة “MBC3″، وهو جيل يختلف تماما عن جيل الآباء الجزائريين (30 سنة فما فوق) الذين تربوا على مشاهدة القناة الجزائرية الوحيدة (سابقا)، والتي تعتمد على العربية والفرنسية فقط.
يبدو لنا جليّا إذا أنّ الطفلة (و) تضع فاصلا بين الجانب التعليمي للغات (في المدرسة)، والجانب التواصلي في الحياة الاجتماعية، وهي ترى إنّ نجاحها في الأوّل لا ينفعها في الثاني، بل هي تسعى إلى تطوير لغتها الإنجليزية بمساعدة التلفزيون والشابكة، بينما لا تبدي اهتماما ملحوظا باللغة الفرنسية التي تُعتبر اللغة الأجنبية الأولى في الجزائر.
سألنا الطفلة (و) -التي درست الإنجليزية لسنة واحدة فقط- عن مصدر رصيدها المعجمي الإنجليزي الذي حصّلته من الوسائط التواصلية، فوجدنا أنّ معظمه مأخوذ من لغة الألعاب الإلكترونية التي أصبحت اليوم بديلة للعب التقليدي عند مرتادي الشابكة، ولاسيما منها تلك الألعاب التفاعلية المتوفرة على الفيسبك، والتي تحافظ على الجانب الاجتماعي والنفسي لمثل هذه النشاطات؛ وهذا مهم جدا لبناء شخصية الطفل إن لم يتجاوز الحدود ليتحوّل إلى مهووس أو مدمن، حيث: تتكشّف خصائص شخصية الطفل وقدراته وميوله ورغباته وتنمو وترتقي خلال النشاطات والسلوكات المختلفة التي يمارسها… والطفل نادرا ما يُمارس نشاطاته بمعزل عن الأطفال الآخرين، بل إنّه غالبا ما ينفّذها معهم وهو يستمتع بهذه الممارسة الجماعية التي تمكّنه من الدخول في علاقات متعددة ومتباينة تتيح له أن يتعرّف على ذاته أولا ثم على ذوات الآخرين الذين يشاركونه في النشاطات ثانيا[xxvi].
طلبنا من الطفلة (و) نطق وكتابة وترجمة بعض الكلمات الإنجليزية التي تعلّمتها من الوسائط التواصلية في وقت قصير، فحصلنا على قائمة اخترت منها ما يلي:
thanks = شكرا، please = أرجوك، cute = ظريف، ok =حسنا، Hello = مرحبا،  fresh = طازج، star = نجم، super = خارق، continue = استمر، start = ابدأ،  adventure = مغامرة، games = ألعاب،  pause= توقّف، play = العب، action = أكشن، الآن = now، رقمك القياسي = your score، ربحت = you win ، حاول مرة أخرى =try again ، انتهت اللعبة = game over… وكلمات أخرى كثيرة، تتناسب معظمها مع نوعية الألعاب الإلكترونية المفضلة عند الفتاة، كتلك التي تنتمي إلى معجم أدوات ولوازم المطبخ وما تعلّق به أيضا من طبخات ومواد غذائية، وتلك التي تنتمي إلى معجم الجمال والتجميل والأزياء…
نلاحظ من خلال هذه الخطوة البسيطة أنّ الفتاة تمكنت من تدوين قائمة لا بأس بها في مُدّة بسيطة، كما أنّها تمكّنت من ترجمتها ترجمة سياقية تتناسب مع عالم الشابكة، مع العلم أنّها لا تستعمل المترجم الآلي عادة في الترجمة، بل تستعين عند الضرورة بالكبار. ونفهم التزامها بالسياق -مثلا- من خلال ذكرها لكلمة pause (توقّف)، حيث كان بإمكانها مثلا ذكر الكلمة الأكثر شيوعا والمتوفّرة في إشارات المرور، وأقصد ههنا الكلمة stop. أما عن كلمة action ففضّلت الطفلة الاحتفاظ بها على أصلها الإنجليزي أثناء الترجمة إلى العربية، لأنّها بالنسبة لها الأنسب للدلالة على نوعية الأفلام والألعاب المعتمدة على الحركة.
نلاحظ من خلال معاينة المعجم البسيط الذي قدّمته لنا الطفلة (و) -والذي أوردنا بعضه فقط- أنّ الكثير من مفرداته هي تلك التي نشرتها العولمة، والتي دخلت حياتنا فتعوّدنا عليها لدرجة أنّها أصبحت شبه ثابتة في المعجم الاستعمالي للمتكلم العربي[xxvii].
وفي الختام أخلُص إلى مجموعة من النقاط التي أوجزها فيما يلي:
  • لم يشكل التهجين يوما خطرا على اللغة الفصحى باعتبارها لغة القرآن واللغة الرسمية، وكذا باعتبارها لغة التحصيل العلمي في معظم المدارس العربية الحكومية، بل هو خطير على اللهجات العربية.
  • قد تساعد اللغة المهجنة على اكتساب الطفل بعد مرحلة التمدرس تعددا لغويا (بعد اكتشاف الأخطاء وتصويبها).
  • لا يجب التهاون في تحويل التهجين إلى تعدد، وفي الوقت ذاته؛ علينا الإقرار بصعوبة المهمة لاعتبار الظاهرة عامة ومتفشية في المجتمع. فالإشكالية هي إشكالية عادات راسخة من زمن الفقر والاستعمار.
لا يجب اعتبار التلفزيون والشابكة عدوا لعملية الاكتساب عند الطفل، بل هي مصدر خصب لتنمية القدرات اللغوية والمهارات عموما، لكنّ الأمر يحتاج منا إلى المشاركة بكل معناها.
[i]  يراجع، محاضرات في الألسنية العامة، فاردينان دو سوسير، ترجمة يوسف غازي ومجيد النصر، المؤسسة الجزائرية للطباعة، 1986م، ص 235.
[ii]  يراجع المزيد عن هذا المصطلح -مثلا- في: اللسانة الاجتماعية، جوليات غارمادي، تعريب: خليل أحمد خليل، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، ط 1، أكتوبر 1990م، ص 115، 116.
[iii]  اللغة والتواصل (اقترابات لسانية للتواصلين: الشفهي والكتابي)، عبد الجليل مرتاض، دار هومة، 2000 م، ص 94.
[iv]  مبادئ في اللسانيات العامة، أندريه مارتينيه، ترجمة سعدي زبير، دار الآفاق، الجزائر، ص 130.
[v]  نفسه، ص 130.
[vi]  نفسه، ص 131، 132.
[vii]  يراجع، مبادئ في اللسانيات العامة، أندريه مارتينيه، ترجمة سعدي زبير، ص 132، 133.
[viii]  هوية ثقافة الطفل في العالم العربي، محمود قاسم، مجلة الطفولة والتنمية، دورية علمية متخصصة محكمة يصدرها المجلس العربي للطفولة والتنمية، العدد 3، خريف 2001م، ص 134.
[ix]  يراجع، أثر وسائل الإعلام على الطفل، عبد الفتاح أبو معال، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان الأردن، الطبعة العربية الأولى، الإصدار الثاني، 1997، ص 45.
[x]  نفسه، ص 62.
[xi]  الأطفال والإدمان التلفزيوني، ماري وين، عبد الفتاح الصبحي، سلسلة عالم المعرفة، سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد 247، يوليو 1999م، ص 61.
[xii]  نفسه، ص 58.
[xiii]  نفسه، ص 65، 66.
[xiv]  هوية ثقافة الطفل في العالم العربي، محمود قاسم، مجلة الطفولة والتنمية، ص 129.
[xv]  مباحث تأسيسية في اللسانيات، عبد السلام المسدي، مؤسسات عبد الكريم بن عبد الله للنشر والتوزيع، تونس، 1997، ص 217.
[xvi]  هوية ثقافة الطفل في العالم العربي، محمود قاسم، مجلة الطفولة والتنمية، ص 127.
[xvii]  منهج التربية النبوية للطفل -مع نماذج تطبيقية من حياة السلف الصالح وأقوال العلماء العاملين، محمد نور عبد الحفيظ سويد، دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، ودمشق – سوريا، ط 4، 1421ه/ 2000م، ص 366.
[xviii]  الإنترنت شبكة العجائب، محمد فتحي، دار اللطائف للنشر والتوزيع، القاهرة، ط 1، 2003م، ص 15.
[xix]  يراجع، وسائل الإعلام والطفولة، باسم علي حوامدة وأحمد رشيد القادري وشاهر ذيب أبو شريخ، دار جرير للنشر والتوزيع، الأردن، ط 1، 1426 هـ – 2006 م، ص 199.
[xx]  عصر الصورة، السلبيات والإيجابيات، شاكر عبد الحميد، سلسلة عالم المعرفة، سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد 311، يناير 2005م، ص 403، 404.
[xxi]  نجحت أفلام الكرتون اليابانية في رأي “محمود قاسم” لأنّها: “رأت إضافة المزيد من الخبط والمؤثرات الصوتية وابتداع شخصية ذات سمات خارقة أكثر قوة”. يراجع، هوية ثقافة الطفل في العالم العربي، محمود قاسم، مجلة الطفولة والتنمية، ص 137.
[xxii]  سنعود إلى هذه النقطة لاحقا.
[xxiii]  يراجع تفاصيل مشاكل الترجمة الآلية -مثلا- في: علم اللغة والترجمة، جورج مونان، ترجمة أحمد زكريا إبراهيم، مراجعة أحمد فؤاد عفيفي، المشروع القومي للترجمة، العدد 290، ط 01، 2002م، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، ص 88 ، 91.
[xxiv]   منهج التربية النبوية للطفل -مع نماذج تطبيقية من حياة السلف الصالح وأقوال العلماء العاملين، محمد نور عبد الحفيظ سويد، ص 126.
[xxv]  رواه أبو داوود والترميذي والحاكم وصحّحه أحمد والفاكهي، منقول عن: منهج التربية النبوية للطفل -مع نماذج تطبيقية من حياة السلف الصالح وأقوال العلماء العاملين، محمد نور عبد الحفيظ سويد، ص 369.
[xxvi]  يراجع، اللعب عند الأطفال، فاضل حنا، ط 01، 1999م، دار مشرق مغرب للخدمات الثقافية والطباعة والنشر، دمشق، سوريا، ص 36.
[xxvii]  يراجع تفصبل ذلك في: اللغة العربية في العصر الحديث – قيم الثبوت وقوى التحول، نهاد الموسى، دار الشروق للطباعة والنشر، عمان، الأردن، ط 1، 1428ه / 2007م، ص 164.
المراجع المعتمدة:
  1. أثر وسائل الإعلام على الطفل، عبد الفتاح أبو معال، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان الأردن، الطبعة العربية الأولى، الإصدار الثاني، 1997م.
  2. الأطفال والإدمان التلفزيوني، ماري وين، عبد الفتاح الصبحي، سلسلة عالم المعرفة، سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد 247، يوليو 1999م.
  3. الإنترنت شبكة العجائب، محمد فتحي، دار اللطائف للنشر والتوزيع، القاهرة، ط 1، 2003م.
  4. عصر الصورة، السلبيات والإيجابيات، شاكر عبد الحميد، سلسلة عالم المعرفة، سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد 311، يناير 2005م.
  5. علم اللغة والترجمة، جورج مونان، ترجمة أحمد زكريا إبراهيم، مراجعة أحمد فؤاد عفيفي، المشروع القومي للترجمة، العدد 290، ط 01، 2002م، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة.
  6. اللسانة الاجتماعية، جوليات غارمادي، تعريب: خليل أحمد خليل، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، ط 1، أكتوبر 1990م.
  7. اللعب عند الأطفال، فاضل حنا، ط 01، 1999م، دار مشرق مغرب للخدمات الثقافية والطباعة والنشر، دمشق، سوريا.
  8. اللغة العربية في العصر الحديث – قيم الثبوت وقوى التحول، نهاد الموسى، دار الشروق للطباعة والنشر، عمان، الأردن، ط 1، 1428ه / 2007م.
  9. اللغة والاقتصاد، فلوريان كولماس، ترجمة أحمد عوض، مراجعة عبد السلام رضوان، سلسلة عالم المعرفة، سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد 263، نوفمبر 2000م.
  10. اللغة والتواصل (اقترابات لسانية للتواصلين: الشفهي والكتابي)، عبد الجليل مرتاض، دار هومة، 2000 م.
  11. مباحث تأسيسية في اللسانيات، عبد السلام المسدي، مؤسسات عبد الكريم بن عبد الله للنشر والتوزيع، تونس، 1997م.
  12. مبادئ في اللسانيات العامة، أندريه مارتينيه، ترجمة سعدي زبير، دار الآفاق، الجزائر.
  13. مجلة الطفولة والتنمية، دورية علمية متخصصة محكمة يصدرها المجلس العربي للطفولة والتنمية، العدد 3، خريف 2001م.
  14. محاضرات في الألسنية العامة، فاردينان دو سوسير، ترجمة يوسف غازي ومجيد النصر، المؤسسة الجزائرية للطباعة، 1986م.
  15. منهج التربية النبوية للطفل -مع نماذج تطبيقية من حياة السلف الصالح وأقوال العلماء العاملين، محمد نور عبد الحفيظ سويد، دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، ودمشق – سوريا، ط 4، 1421ه/ 2000م.
  16. وسائل الإعلام والطفولة، باسم علي حوامدة وأحمد رشيد القادري وشاهر ذيب أبو شريخ، دار جرير للنشر والتوزيع، الأردن،ط 1، 1426هـ – 2006م.
 http://www.isat-al.org/Main_Ar/PDFs/Actes_Colloque/Mokhtaria_ben_Kablia.pdf

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق