الخميس، 21 أبريل 2022

 


الدكتورة: أم السعد حياة
جامعة الجزائر2
 

لم تعد الدراسات اللسانية بعد تفتحها على مجالات من طبيعة تحاقلية Interdisciplinaires قادرة على رؤية النص في حدوده الضيقة، لقد طورت بذلك الكثير من مقولاتها مع الدراسات التداولية والدراسات العرفانية، التي فتحت العديد من العوالم الممكنة باستحضار مقولة الوظيفة والآخر والممكن، أي الاستعمال والتفاعل والبنيات المعرفية، لأن الظاهرة النصية أصبحت تُرى في كليتها، وما موادها الأساسية إلا مكونات لا مفر من استخدامها، لأنها ليست الوحيدة لبناء النص، فالنص أكبر من المواد التي تكونه، النص هو الملقي والمتلقي، هو سيرورات من الحوارات والتفاعلات والوظائف والبنيات الذهنية والاجتماعية والثقافية التي تسهم في إنتاجه، لتصبح بذلك المعطيات النحوية جزءا من المعرفة القابعة في لا وعينا نستخدمها في حدود استعمالاتنا التلفظية، أي في التحويل  الذي ينتاب تجاربنا وآراءنا المحملة بأبعاد وظيفية وتواصلية ومعرفية. 



طفت على السطح، من هذا المنطلق، مقولات مركزية كبلت مجالات معرفية متنوعة إلى مركز واحد يكمن في ضرورة الاهتمام بالإنسان في أبعاده المتعددة: الاجتماعية والثقافية والمعرفية، في ممارساته وليس في إنتاجاته القولية الثابتة التي ينقلها مكتوبة فيفقدها روحها وبعضا من دلالاتها. مالت الدراسات اللسانية التداولية المعاصرة إلى الكلام والتأدية الفردية التي من خلالها نصل إلى أفكار المتكلم، إلى طبيعة تعاملاته مع الآخر ومقاصده، إلى تنوع  إنتاجاته التلفظية المرتبطة بسياقات تعددت بتعدد وظائف  استعمالها.
إن الأسئلة التي تطرحها هذه الورقة وتناقشها وتفتح بها مجالا للمساءلة والبحث هي:
-      كيف استفادت تعليمية اللغات من التطور المعرفي الحاصل في التداولية والعلوم المعرفية؟
-       ما الذي نُعلمه من اللغة العربية للناطقين بغيرها؟ هل القواعد النحوية، أم أسس التحاور والتواصل والتفاعل؟ كيف نتجنب السقوط في سوء الفهم le malentendu في تعليمنا لهذه اللغة لآخر يختلف عنا في بنائه الثقافي والجمالي والاجتماعي والمعرفي؟
-      ما هي القفزة النوعية التي سيحققها تعلم وتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها باعتمادها على أسس التحليل التداولي والمعرفي؟
إن التطور الحاصل في مجال اللسانيات تنوعت منابعه ومجالاته؛ فهو أشد تعقيدا مما نعلم، لأنه لمس وفكك العديد من المقولات المركزية والثابتة في اللسانيات السوسيرية، فلو عدنا إلى البدايات للاحظنا، في مجال تحليل الخطاب والدراسات التداولية، أن ميخائيل باختين Mikhaïl Bakhtine أشار مبكرا، أي سنة 1924، إلى النقائص التي تعتور الدرس اللساني السوسيري1، حينما وجه نقدا لما سماه الموضوعية المجردة، وأبرز ضرورة تجاوزها مقدما البديل المتمثل في الدراسة عبر اللسانية la translinguistique، التي يتم من خلالها الاهتمام بمختلف مكونات الخطاب، مركزا على البعد الاجتماعي وبالتالي الحواري، لأن العلامة في حد ذاتها كيان اجتماعي إيديولوجي بامتياز، كما أعاد إلى السطح مقولات الأنا في حواره مع الآخر كجزء فاعل في توليد خطاباتنا وفهمها وتأويلها، واستفاد عدد غير قليل من الباحثين في مجال تعليم وتعلم اللغات2 من جهود هذا الباحث الفذ، خاصة فيما يتعلق بالحوار وأسسه، وأهمية الآخر، والتعدد اللغوي، وسياق التلفظ، ومقولة التفاعل القولي، ليكون باختين بذلك من التداوليين الأوائل الذين أدخلوا الجانب الإستعمالي والسياقي لفهم الظاهرة النصية.
 نضيف إلى باختين جهودا معرفية أخرى أثرت الساحة التعليمية مستجيبة لسؤال لا مناص من طرحه حينما يتعلق الأمر بتعليم وتعلم لغة أجنبية: ما الذي يجب تعلمه من اللغة الثانية؟
تعكس الإجابة عن هذا السؤال اختلاف المنظور المنطلق منه في رؤية اللغة. فهناك من ينظر إلى اللغة باعتبارها كائنا Est، هذا يصدق على المنظور النحوي3، وهناك من ينظر إليها باعتبارها فعلا Fait، هذا يصدق على المنظور التداولي الوظيفي والتفاعلي4.
استمد المنظور التفاعلي أسسه من المجال التداولي، تتبين قواعد هذا المنظور من خلال مفهوم الملكة التواصلية كما شرحها هايمس5 Hymes واستفادت منها كربرات لسنّ قواعد المحادثة المستلهمة عند التعليميين لوضع استراتيجيات التعلم وتطوير وفتح مجال اكتساب اللغة الثانية، انطلاقا من ضرورة معرفة السياقات الاجتماعية والتنوعات الثقافية، التي قد يتسبب جهلها أو إبعادها عن الحيز التَعَلُمي والتعليمي الكثير من سوء الفهمLe malentendu ، فهذه السياقات قد تكون حبلى بالمضمرات الثقافية   les implicites culturel.

نظرا لأهمية المحادثة في المجال التعليمي والتعلُمي سنجلي في العنصر اللاحق قواعدها ومقوماتها، انطلاقا مما قدمته كاترين كربرات أركيوني Catherine Kerbrat-Orecchioni  في كتابها الذي غذى أرضية خصبة بالعودة إلى أعمال باختين وكذا هايمس، وباستحضارها للمقولات التداولية وربطها بين المتحدثين وسياقاتهم الثقافية والمعرفية مركزة على المقولة التفاعلية.
    1- قواعد المحادثة واستراتيجيات التعلم والتعليم:
لا يزال مجال تعليم وتعلم لغة أجنبية يحفه الكثير من التعقيد، ما يفسر تواجد بعض المساحات المظلمة التي يجري بحث دؤوب لسبر أغوارها في العصر الحالي، الذي تولدت فيه تصنيفات متعددة لاستراتيجيات التعلم بعدما تم الانتقال من قطب التعليم إلى قطب التعلم. وهي: إستراتيجية معرفية، وإستراتيجية ميتا معرفية، وإستراتيجية اجتماعية، إستراتيجية انفعالية وإستراتيجية تعاونية 6.
كل هذه الاستراتيجيات طورها الاشتغال على المجال التفاعلي والمعرفي وما قدمته التداولية اللسانية من مقولات استثمرت لسَن أسس جد متطورة في مجال تعلم وتعليم اللغات الأجنبية، وكان طبعا ما قدمه باختين وهايمس وكثير من الدارسين الأثر الكبير في توسيع هذا المجال وفتح أفاق دراسات جديدة تهتم بالملقي والمتلقي وحوارهما معا، في إطار زماني ومكاني من أجل تعلم ناجح.
من بين الذين استفادوا من هذا الطرح وطوروا مجال التعليم والتعلم نجد الباحثة الفرنسية كاترين كربرات أركيوني Catherine Kerbrat-Orecchioni ، قدمت الباحثة طرحها لتوطين قواعد مضبوطة للمحادثة، وعدتها من بين أهم أسس تعلم وتعليم اللغات الأجنبية. في كتابها المهم7 La Conversation سنعرض النقاط المهمة الواردة فيه، خاصة أنه استفيد منه كثيرا لضبط استراتيجيات التعلم والتعليم مع دارسين آخرين.
 تركز كربرات أركيوني على أهمية التفاعل فـ "أن تتكلم هو أن تتبادل وهو أن تتغير وأنت تتبادل" فتظهر الحياة في المجتمع  كأنها عمل متواصل لبناء هوية اجتماعية، فلا معنى للجمل المجردة في اللسانيات الحديثة لأن الحضور أصبح للخطابات المتزامنة في مواضع وسياقات تواصلية محددة؛ لتوضيح مجمل هذه الفكرة افتتحت الباحثة نصها بثلاثة أقوال مهمة، تلخص من خلالها جوهر عملها الذي ينطلق من التواصل الذي تركز فيه على نوع من أنواعه وهو التفاعل، يعد الحوار جوهره، والمحادثة شكلا له، هذه الأقوال مهمة جدا تلخص مسار الكتاب:
"لا يمكننا أن لا نتواصل" Watzlawick. فالزلفيك
"أردت ذلك أم لا فقد أُخذت في دائرة  تفاعلية" بارت.
 "الحوار، تبادل للكلمات، وهو الشكل الأكثر طبيعية للغة" باختين.
  سيقف هذا الكتاب عند أهمية التواصل والتفاعل والحوار وتحديدا المحادثة التي هي الشكل المباشر للحوار.



 تنطلق الباحثة مُجلية ما تريد دراسته: الموهبة التواصلية للغة اللفظية، la vocation communicative du langage verbal التي تتم وفق أسس ثلاثة حسبها: الحضور الفزيائي، والتبادل الحواري والتفاعل قصد التأثير والتأثر، هذه عناصر مهمة في التواصل القولي توظفها كأساسيات في تعليم اللغات تستحضر ضمنها الملقي والمتلقي والسياق كعناصر أساسية لصحة المحادثة، تتحدث لتفصل مقولة التفاعل ومقولة التحادث وقوانين المحادثة كأساسيات مهمة لنجاعة التواصل.
أ- المقاربة التفاعلية ومقولة المحادثة:
 تركز الباحثة في تحديدها لـمقولة التفاعل La notion d’interaction، على أهمية التناوب بين متكلمين، يكون مشروطا بتوليد علامات خاصة بالتبادل، فلكي نصل إلى المصادقة التخاطبية la validation interlocutoire لا بد من توفر عوامل مهمة وأساسية تتعلق بـالملقي l'émetteur والمستقبلle récepteur  والتزمين التفاعلي la synchronisation interactionnelle .
 يتوجب على الملقي، بالإضافة إلى كلامه، أن تظهر عليه علامات كأن يوظف جسده، ليتبين أنه يتحدث إلى شخص، أن ينظر إليه، أن يوظف بعض الكلمات التي تجلب اهتمام متلقيه مثلا، أتسمعني،  قلت لك، أليس صحيحا.... وهي ما تضمن تتبع المتلقي لما يقوله المتكلم. على المتلقي بدوره أن ينتج بعض العلامات الدالة ليبين أنه على تواصل بما يقوله المتكلم بطريقة قولية أو غير قولية، كأن يهز رأسه، أن يقوس حاجبيه...أو أن يقول نعم، أوافقك، أخالفك....هذه العلامات جد مهمة من أجل ممارسة جيدة للتبادل اللفظي وغيابها يطرح العديد من المشاكل التواصلية 8.
يعد التزمين التفاعلي la synchronisation interactionnelle مجموع الميكانيزمات المضبوطة التي تظهر في كل التفاعلات الحاصلة بين المتخاطبين وترجع أهميته لتعلقه: باشتغال التناوب على الكلام والسلوكات الجسدية أثناء التبادل، وفي اختيار الموضوعات وأسلوب التبادل، وسجل اللغة، والألفاظ المستعملة، وحتى المواد الخطابية المنتجة أثناء التفاعل التي يمكن أن تكون موضوع تفاوض صريح أو مضمر.
فأثناء تفاعل مباشر تتم عملية الاشتراك في إنتاج coproduit الخطاب وفق مبدإ الكلية، لأنه ثمرة عمل تعاوني متواصل ودائم ومستمر، حينما نصل إلى هذا المستوى فنحن أمام فكرة المقاربة التفاعلية للإنتاجات اللغوية التي لا مناص فيها من استحضار قطبي التحادث المساهمين معا في إنتاج المحادثة بشروطها الخاصة المعتمدة على التناوب ضمن تزمين تفاعلي يتحكم في سير المحادثة.
إلا أن أركيوني تحدد مقولة المحادثة la notion de conversation كنوع من أنواع التفاعلات التواصلية (القولية وغير القولية)  التي تختلف قواعدها  بحسب السياق المحدد بـ: طبيعة الإطار المكاني والزماني، وطبيعة المشاركين، والهدف من التفاعل، ودرجة الاهتمام بالشكليات، والأسلوب،(جاد، متساهل، فيه نزاع أو تصالح...).
تضم المحادثة عددا محدودا من المتحدثين، لهم حقوق وواجبات، لديهم مدة للتبادل، وترتيب للتناوب، يتم هذا وكأنه بطريقة عفوية وحرة. إلا أن المحادثات مهما كانت حتى تلك التي تبدو الأكثر فوضوية تخضع لبعض قواعد الإنتاج، وتترك للمتخاطبين هامشا من الحرية أكثر من أشكال أخرى من التواصلات اللفظية. فالمحادثات نوع خاص من أنواع التفاعل اللفظي، المنتمي إلى التفاعلات الاجتماعية.
ب-القواعد المحادثاتية: les règles conversationnelles
ترى الباحثة أن الهدف من التحليل المحادثاتي "استخراج القواعد والمبادئ التي تتحكم في اشتغال أو صياغة المحادثة وكل أنواع التبادلات التواصلية الملاحظة في الحياة اليومية"9، إلا أن هذه القواعد ليست كونية أو عالمية بل تختلف من مجتمع إلى آخر حتى داخل المجتمع نفسه، تضرب أمثلة من ثقافات مختلفة في طريقة البيع والشراء، فتتحكم في المحادثة البيئة والثقافة والسياقات، فعلى التاجر مثلا أن ينوع في طريقة محادثته لزبائنه من أجل كسبهم لشراء المنتوج، كما عليه أن يعرف من أين هم ليحدد طريقة وطبيعة الكلام الذي سيوجهه لهم.
         إن كانت أركيوني في إشارتها لأهمية الأبعاد الاجتماعية والثقافية في التواصلات القولية وغير القولية التي تغذي ملكة التواصل المهمة جدا في هذه التبادلات، إلا أنها تشير في نفس السياق إلى أهمية الملكة اللسانية التي لا تتعارض مع الملكة التواصلية بل هي مكملة لها، لأن نجاح الكفاءة التواصلية يتم أيضا بمعرفة السجل التركيبي للمتكلم..10، لكن هذا لا يكفي، فلو كانت المحادثات مكونة من كلمات فهي أيضا تنبيرات وحركات تختلف دلالتها من بيئة اجتماعية لأخرى11.
توقفت كربرات عند هذه الاختلافات، عند سرعة التخاطب، فالإيطاليون مثلا أسرع في حديثهم من الفرنسيين، هناك أيضا احترام المسافة بين المتحدثين...حتى نوع الحركات ومعناها يختلف في المحادثات من مجتمع لآخر، وربما هذا الذي يجب أن يطرح في صياغة المحادثات لتعليم العربية للناطقين بغيرها، علينا معرفة البيئة التي ينحدر منها المتعلم لتفادي مشاكل المحادثة، حتى طريقة الضحك والابتسامة ونظرات العينين كلما تختلف من مجتمع إلى آخر...12
         لهذه الأسباب تتنوع قواعد المحادثة وتختلف طبيعتها، لأن المحادثات أشياء objets معقدة تشتغل على مستويات متعددة، بعض قواعد المحادثات يتماشى مع كل نماذج التفاعلات، وبعضها خاص بجنس محدد. تعقد قواعد المحادثات علاقات وشيجة بالسياق الذي يلعب دورا مركزيا في فهم وسوء فهم المحادثات، التي تتنوع بحسب المجتمعات والثقافات، فتكون نسبيا مرنة، أكثر ليونة من القواعد النحوية التي تحكم الجملة. تصبح للإنسان خبرة في قواعد المحادثة بطريقة لا واعية لأنها تتطور فينا من البداية، دون أن نتعلمها بآلية.
يهدف التحليل المحادثاتي استظهار القواعد التي تتحكم في اشتغال التبادلات التواصلية وتوجيه تصرفات المشاركين في هذه التبادلات البوليفونية المعقدة، لأن الأمر يتعلق بمسار التحادث المتنوع بحسب المجتمعات والثقافات. هنا تستفيد كربرات من إتنوغرافيا التواصل التي بينت ضرورة الاهتمام بما تحظى به ظاهرة تنوع السنن في المجتمعات وانتشار اللهجات، حتى ضمن نفس الجماعة، فلا يمكننا الحديث عن جماعة منسجمة، هذا ما لا تراه اتنوغرافيا التواصل عيبا، فبرهنت انطلاقا من عدت دراسات لهذه المجتمعات أن اختلاف الأساليب واللهجات وحتى اللغات المستعملة يعد أمرا إيجابيا فـ: "تنوع الأنظمة التواصلية لا يمكن أن يرى فقط من الناحية السلبية، لأنه يلعب دورا جد إيجابي في تحديد هوية المتكلم، وبناء علاقة بين الأشخاص(بينية شخصية) interpersonnelle "13.
من ثمة يتوجب الاهتمام بسياق المحادثة لاكتشاف قواعدها التي لا يمكن سنها ما لم نعرف إطار التشاركle cadre participatif   الذي تحدد كربرات من خلاله:
1- الأدوار التخاطبية Les rôles interlocutifs الأساسية، ففي كل تبادل تواصلي يشترط حضور متكلم أو ملقي، واحد أو مجموعة من المتلقيين المستقبلين الذين يتناوبون على التبادل اللفظي، وتختلف طبعا نماذج المتلقين، استعانت كربرات هنا بتقسيم قوفمان Goffman14: -أولا: المشاركون المؤيدون  ينتمون إلى المجموعة المتحادثة، نجد المستقبلين المباشرين أو المخاطَبين، وهناك عدد من المؤشرات الدالة عليهم، سواء القولية غير القولية، كما نجد المستقبلين غير المباشرين، تسميهم كربرات المستقبلين المميزين والمستقبلين الثانويين. -ثانيا: المشاهدون البسطاء، شاهدون على المحادثة ولا يشاركون فيها فهم خارجون عنها.
         2- المجاز التواصلي::le trope communicationnel يعتمد أيضا سن قواعد المحادثات على طبيعة هذه المحادثات خاصة ما يطال أبعادها الاستعارية، فبعض المحادثات نخال ظاهريا أن الخطاب موجه إلى مخاطب مباشر، لكن الحقيقة أن ذلك الخطاب يوجه إلى المخاطَب غير المباشر، فما يظهر على سطح المحادثة شيء والواقع شيء آخر،لأن الخطاب يكون موجها إلى شخص ثان حاضر والمتكلم لا يظهر أن الحديث موجه له. فكثيرة هي المحادثات التي تظهر أنها توجه الخطاب لمتلق ظاهر والأصل أنها توجهه لمتلق آخر.
3-الأدوار التفاعلية: تتعلق بنماذج التفاعلات، فتلعب المكانة الاجتماعية دورا مهما في التفاعل، وإن صح التعبير هناك دائما ميثاق تواصلي يخضع له المتحاوران في إطار محادثة محددة يلعب فيها دائما السياق دورا مهما.
توقُف أركيوني عند سياق المحادثة وأهميته مكنها من اكتشاف أدواره التي ترتبط بسيرورتين مهمتين: سيرورة إنتاج و وسيرورة تأويل، فيما يتعلق بـالإنتاج، يحدد السياق مجموع الاختيارات الخطابية  التي على المتكلم تحقيقها: اختيار الموضوعات، أشكال توجيه الخطابformes d’adresse، مستوى اللغة، أفعال اللغة...أما ما يتعلق بسيرورة ـتأويل الملفوظات من قبل المتلقي فهي مهمة لإيضاح المعنى المضمر للخطاب الموجه. لهذا لا بد للتحليل من العودة إلى المعطيات السياقية الكلية، لأن العلاقة بين السياق والنص المحادثاتي هي علاقة جدلية فـ "الخطاب هو نشاط مشروط من جهة بالسياق، ومحول من جهة أخرى بهذا السياق"15، ففي افتتاحية التفاعل يكون السياق معطى، ثم  يبنى أثناء التفاعل، فإن كان محددا في البداية، فيعاد تحديده حسب الوضعية وما يجري فيها من أحداث محادثاتية.
 يحكم سير المحادثة نظام أدوار الكلام Système des tours de parole . فـ "كل الممارسات الخطابية والمحادثاتية هي قنوات منتظمة، تجري وفق مخططات مقررة سلفا، تخضع لبعض القواعد الإجرائية 16 les règles de procédure" كما أن طبيعة القواعد التي تسير التفاعلات القولية مختلفة، أشارت الباحثة إلى ثلاثة منها:
-قواعد تسمح بتسيير تناوبات أدوار الكلام.
-قواعد تسير الانتظام البنائي للتفاعل.
-قواعد تحضر في مستوى العلاقة بين-الشخصية interpersonnelle.
تخلق هذه القواعد عند المتفاعلين نظام الحق والواجب، أي نظام انتظار، قد يحدث الرضى أو السخط بينهم، ففي بعض التفاعلات القولية تحدث انتهاكات تؤدي إلى تسيير سيئ للمحادثة بالخروج عن القواعد التي يتحكم فيها:
 أولا: مبدأ التناوب: متضمن في التعاون المحادثاتي، يفرضه وجود متخاطبين يتكلمان بتبادل الأدوار، يخضعان لنظام الحق والواجب، هناك نوع من التفاوض في أخذ الكلمة، تفاوض صريح وآخر ضمني. حين يتخلل الصمت المحادثة يأخذ متكلم واحد زمام المبادرة والتكلم، هذا ما يجعل وجود تباعد تناوب الأدوار. لكن لا يمكن الحديث عن قواعد التناوب الصارمة لأنها ذات طبيعة احتمالية، خاضعة للمفاوضات التي تتم بين المتحادثين.
ثانيا: التنظيم البنيوي للمحادثات: تعرف المحادثة من خلال ما قدم سابقا باعتبارها تتاليا من أدوار الكلام، هذا التتالي لا يحتكم فقط لقواعد التناوب لكن أيضا إلى بعض مبادئ الانسجام الداخلية التي تقننها قواعد، دلالية، وتركيبية، وتداولية، كما تنسجها العلاقات القائمة بين المتحدثين المشروطة بنظام انتظار ردود الأقوال: فـ "من أجل الحديث عن حوار حقيقي، لا يشترط فقط وجود متحاورين... لكن أن تكون ملفوظاتهم المتبادلة محددة، فالمحادثة بمثابة نص منتج جماعيا"17. تنتظم كل محادثة وفق مستويين: كلي ومحلي:
 -الكلي: بمثابة سيناريو يضم كل المحادثة.
- المحلي: تتبع طريقة المحادثة جزئياتها مع مختلف مكونات الخطاب، هذا الحوار يخلق مستويين صريح وضمني، فالاعتماد على الضمني يعيننا على الفهم.
ثالثا: العلاقات بين-الشخصية تتعلق بالأنا والآخر أثناء تواصل مباشر، فكل تفاعل قولي يحدث في إطار معين، له شخصيات محددة بخصائص، تكون لها بعض نماذج العلاقات السوسيو-انفعالية socio-affective، تحدث بينهم مفاوضات أثناء المحادثة، من أجل الهيمنة أو فرض الرأي، كما أن الباحثة اشتغلت على نموذج من التفاعلات القولية المجسدة في المحادثات اليومية التي من خلالها تحدد العلاقات بين-الشخصية ومدى تأزم بعض المحادثات الذي يعود سببه إلى سوء استخدام أشكال اللباقة la politesse وهو ما يهدد التفاعل بين-الشخصي.
لهذا ترى الباحثة أنه من الضروري اكتشاف التمظهرات اللسانية والتداولية للباقة لتقليص شدة التوترات الحاصلة في المحادثات اليومية، فعادة ما يكون سبب الفتن فيها لغويا محادثاتيا أكثر منه مقصديا، للإخلال بأسس المحادثة واللباقة، لعدم استعمال الملينات: "من فضلك لا تدخن هنا...هل ترى ذلك الشيء هناك أحضره من فضلك...أريد فقط أن أسألك إذا أمكن.
         كما أن الباحثة، حينما تبحث في ما تصنعه أشكال اللباقة السلبية والإيجابية من تأزمات لا تعود فقط إلى البناء اللساني بل الإستعمالي والثقافي أيضا، فما نعده لبقا في ثقافتنا هو في ثقافة الآخرين فض18، لذا تركز الدراسات اللسانية التداولية الحديثة على أشكال اللباقة في المحادثة بحثا عن سبل اشتغالها في سياقاتها المختلفة، لأن "اللباقة هي ظاهرة ملائمة لسانيا"19، نظّر لها كل من قوفمان ولابوف وبراون ولفيسون. ترتبط هذه الظاهرة بالعناصر القولية وغير القولية، ستهتم باللباقة اللسانية، وتشرح نموذج براون وليفيسون Brown et Levinson للباقة الإيجابية والسلبية.
         فأن تحترم قواعد اللباقة هو أن تعطي للتفاعل حظا من النجاح، دون لباقة تصبح الحياة مستحيلة فهي قانون كوني، كما أن أغلب الصراعات العالمية ليست دائما بسبب القوة والانتصار لكن هناك عوامل تعود إلى الاستعمالات القولية، كاللباقة التي لها أوجه جد مختلفة، لذا جدير في تعلم وتعليم لغة أجنبية الاهتمام بـالتنوع الثقافي للمعلم والمتعلم والبيئة التي يكونان فيها.
 لم تقف الباحثة عند المظاهر الثقافية العامة المؤدية للتنوع في الرؤية والحكم والقيمة بل توقفت عند مظاهر أخرى للتنوع الثقافي في استعمال الضمائر، في ترتيب الابتداء بالاسم أو اللقب، حتى في الأفعال الموظفة، وفي تقاليد الافتتاح أي افتتاح المحادثة فتختلف من مجتمع لآخر، التحية مثلا يمكنها أن تجر إلى سوء تفاهم بسبب استخدامها بمعزل عن تنوعات ثقافية جد ضرورية في سياقات ما20.
إن التفكير في شروط اللباقة أدى بكربرات أركيوني إلى التفكير في سوء التفاهم أثناء التواصلات بين-الثقافية، لتبين ضرورة نزع المركزية في اعتبار آداب المحادثة قانونا عاما بل يختلف من مجتمع إلى آخر، استنادا على هذا أصبح الاهتمام الآن في مجالات تعليم اللغات الأجنبية يركز على أهمية وخطورة ما يمكن أن يجره سوء الفهم le malentendu جراء الاختلافات الثقافية، كما أن حضور سوء الفهم في تعليم اللغة الأجنبية رهيب أكثر من حضوره في نوع آخر من التفاعلات، مولداه هما اللسانيات والثقافة.

2-  سوء الفهم والمضمرات الثقافية:
 يحضر سوء الفهم بشكل قوي في استعمالاتنا اللغوية لذا علينا استخدامه واستغلاله من أجل بناء المعارف، ومعرفة التعلم، ومعرفة كينونة المتعلمين في اللغات. فاللغات ليست شفافة وملفوظاتنا لا تتطابق مع معانيها لهذا يحدث سوء الفهم، وسوء الفهم في تعلم اللغة الأجنبية ناجم:
 1-عن نقص في الملكة اللسانية، أي سوء السماع le mal entendu21، ينطبق هذا على المراحل التعليمية الأولى، لكن الأمر سيزداد تعقيدا لأنه لا يتعلق فقط بالملكة اللسانية.
2- الملكة التواصلية وأبعادها التداولية، سيصبح سوء الفهم خطيرا حين يدخل المتعلم في التواصلات والتفاعلات والمحادثات الاجتماعية وبين-الثقافية، يجمع الباحثون المعاصرون في مجال الاشتغال في تعليم اللغات الأجنبية مهما كانت مشاربهم، على ضرورة تكثيف الدراسات المتعلقة بـالمضمرات، التي على العموم، تعد دوما منبع سوء الفهم في التواصل بين الأفراد من ثقافات أخرى22:
 ما هي خصائص المضمر ذي الطبيعة الثقافية أثناء التواصل بين الثقافات؟ ما هي مكانته في تعليم وتعلم لغة أجنبية؟
يلعب توظيف المضمر23 في حياتنا اليومية دورا أساسيا في الحفاظ على العلاقات الاجتماعية، فالناس مثلا لا يعبرون في كثير من الأحيان بطريقة صريحة وواضحة، بل يعتري الغموض الكثير من كلامهم، من أجل مراعاة شعور المخاطبين، من باب اللباقة "التي يعدها براون Brown ولفيسونLevison  وسيلة من وسائل المواساة لحفظ الشعور المتبادل لمراعاة ماء الوجه وعدم جرح الآخرين"24، لأن الكثير من أفعال اللغة فيها كمون يهدد هذه العلاقات، فتصبح اللباقة كما أشارت أركيوني وهؤلاء الباحثون، من بين أهم الوسائل التي تبني استراتيجيات لهدف تواصلي (قول ما نريد قوله)، ولتحقيق هدف اجتماعي، ومن أجل عدم جرح المتلقي توظف اللباقة إذا باعتبارها مضمرا واعيا.
بالنسبة للمضمر غير الواعي، لا يكون للمتكلم قصد لإخفاء شيء ما فينجز خطابه بشفافية وصراحة، لكن كلامه هذا قد يحمل في سياقات تواصلية ثقافية معينة معنى لم يقصده المتكلم ذاته، يضرب بو زيهونغ مثالا من اللغة الصينية حين يسأل المتكلم مخاطبه: إلى أين أنت ذاهب؟ أو هل أكلت؟ فيُفهم من كلامه مباشرة ضمن ثقافته وكأنه يقول صباح الخير، فلا يحتاج الصيني شرح معنى ما يقول، ولا يَفهم غير هذا المعنى حين يتلفظ بهذين السؤالين. لكن إذا كان المتلقي مثلا فرنسيا لا يعرف السنن الثقافي الصيني فسيحس حين يُسأل هذا السؤال أو ذاك أن هذا تعد على خصوصياته، ونوع من الجوسسة أن يُسأل إلى أين هو ذاهب، فيصبح الخطاب مليئا بالمضمر، وإن كان المتكلم لم يحمل خطابه بهذا الإضمار، فيسمى المضمر اللاواعي.
حسب الكاتب بو زيهونغ يحدث المضمر غير الواعي في الهابتوس25 أي العادات المبنية ضمن بيئة اجتماعية وثقافية محددة، فتؤثر العوامل الاجتماعية والثقافية لهذه البيئة على المتكلم، تولد لديه أبيتوسا/ عادة، يوظف المتكلم هذه العادات بطريقة طبيعية غير مفكر فيها، متوقعا أن محاوره سيفهم بشفافية وتطابق ما يقوله، لكن لا يمكن لمتلقيين من ثقافة أخرى ربط هذه الملفوظات بدلالتها الثقافية، لهذا قد لا يفهمون الخطاب، أو يسيئون فهمه.
فحين يتلقى المتلقي رسالة شفهية كانت أو كتابية يفك شفراتها بحسب اللغة وبحسب المعايير الاجتماعية والثقافية والتواصلية التي يملكها، وفق سجله اللساني والثقافي، لكشف معنى الرسالة ومقصد مرسلها، متى يقع الإشكال؟ حين لا يفهم المتلقي معنى الرسالة التي لم يجد في سجله ما يوضحها، ينتقل عندئذ إلى المضمر لأنه لم يفهم، هنا يتبدى الإشكال لأنه سيلجأ إلى الاستدلال L’interférence  فيتولد سوء الفهم Le malentendu.
انطلاقا من تجربة الباحث المذكور أعلاه في تعليم اللغة الفرنسية للأجانب وصل إلى أن الإشكال الذي وجده مع المتعلمين: "لا يتعلق بمعرفة الصيغ اللسانية، لكن المضمر في هذه الصيغ وتنوعها وفق الموقف التواصلي والسياق الثقافي، لهذا يدعو بعد تقديم أمثلة إلى ضرورة الاهتمام بتعليم المضمر أيضا، كهدف في عملية التعلم والاكتساب، اكتساب نظام مرجعي ثقافي ينظم ويُبَنْيِنُ المعرفة المضمرة المكتسبة أثناء التعلم اللساني والثقافي، المنظمة للحاجات الخاصة بالمتعلم في مواقف تفاعلية مع الأصليين في اللغة الأجنبية"26.
اقترح الباحث طريقة لتعليم المضمر:
أولا ضرورة توعية المتعلمين بأهمية المضمر في تعلمهم للغة أجنبية.
ثانيا تحسيسهم بالمعنى الحرفي في التواصلات وأيضا بالمعنى المضمر، وبمقاصد المتخاطبين.
ثالثا ضرورة إفهامهم بأن معرفة وفهم نظام الدلالات لا يمنحهم سوى وجه واحد من أوجه المنطق، لأن أهمية المدلولات هو محتواها الإيديولوجي والانفعالي، فيمكن أن نصل إلى قيم المجتمعات بدراسات هذه المعاني التحتية.
من خلال ما تقدم تصبح دراسة المضمرات الثقافية ضرورية في تعليم اللغات الأجنبية، والتركيز على اللاوعي الثقافي، باستخراج البنيات الثقافية للغة الهدف، كما يجب تدريس اللسان ضمن السياق الثقافي والتواصلي: "كل كلام باللغة الأم لا يمكن أن يكون كما هو في لغة أجنبية، فلا يجد معنى إلا في الدينامية التواصلية التي سجل فيها"27، إن لم يكن الأمر كذلك قد يحمّل بدلالات تصل إلى حد التناقض.
يرى صاحب المقال أن تعليم اللغة الأجنبية يلزمنا ضرورة توعية المعلم والمتعلم بالثقافة الغيرية، عليه أن يكتسبها لاكتشاف المضمرات الثقافية، فهل يا ترى نعلم اللغة العربية للناطقين بغيرها انطلاقا من سياقاتها الثقافية والتواصلية وبمضمراتها ومقاصدها؟ فكثير من المعلمين مثلا يعلمون اللغة العربية في فرنسا وهم أصلا لم يقيموا في بلد عربي، معرفتهم باللغة العربية مثلا مستمدة من الكتب فقط أو من الإعلام، لديهم هم أنفسهم مشكل في اكتشاف الدلالات المتخفية، الحفر في المقاصد الحقيقية للمتخاطبين، وهنا يصبح دور المعلم أساسيا من أجل نجاح توجيه عملية التعلم.

كخلاصة مهمة علينا تطوير عاداتنا التعليمية وفتحها على الأبعاد الثقافية والمعرفية والتفاعلية، والاهتمام بسياقات المتعلم ومكان تعلمه، لأن "اللغة موضوع اجتماعي قبل كل شيء"28 فما يكون واضحا في ثقافاتنا ولا يطرح إشكالا في تواصلاتنا اليومية قد يشكل عائقا في الفهم عند متعلم أجنبي يريد اكتساب لغتنا، هذا ما يولد لديه سوء فهم ويشكل عائقا في التفاعلات الثقافية، فلأجل تكوين ملكة صحيحة عند متعلم اللغة الأجنبية من المهم الأخذ بعين الاعتبار المضمر أثناء التعليم والتعلم، لتفادي سوء الفهم في المحادثات المباشرة ومختلف التواصلات اليومية باللغة الأجنبية.
إن البحوث المتعلقة باكتساب اللغات الأجنبية مازالت مفتوحة الآفاق باختلاف التصورات والمنطلقات، لكن يمكن الإقرار والجزم: "باستحالة فهم مسألة استراتيجيات التواصل والتعلم خارج منظور محادثاتي ومعرفي"29، لأن اكتساب وتعلم لغات أخرى يختلف بتنوع سياقات وسيرورات امتلاك اللغات الأجنبية، هذا ما يدعو إلى إدراك ديناميكي ومتطور لمفهوم المتعلم أو الذات المتعلمة ضمن تعقد وتنوع اتصالاتها باللغة الأجنبية، كما أن مفهوم التعلم تطور الآن، لأن المتعلم أصبح ضمن فعل التعلم، يتحكم في مستويات جديدة في اكتسابه للغة الأجنبية داخل التفاعل، هناك دراسات خرجت من التعليم إلى المتعلم وبنياته الذهنية والإدراكية التي لن يسمح لنا المسار المخطط لهذه الورقة الخوض فيها، لكن يمكن الرجوع إلى كتاب أندرسون Anderson معمارية المعرفة  The Architecture of Cognition30، أين توقف عند البعد المعرفي ودوره في تعلم اللغات الأجنبية. في هذا السياق لا ننكر دور المعلم الأساسي والمركزي في علاقته الانفعالية والتفاعلية بعناصر الدورة التعليمية للغة الأجنبية المكونة من: المعلم، المتعلم، النص التعليمي، السياقات الثقافية والمعرفية التي تحفهم، اللغة الأم، مكان التعلم، القصد من التعلم.

الهوامش :
1  Voir Mikhail Bakhtine: Marxisme et philosophie du langage: Essai d'application de la méthode sociologique en linguistique, Traduit du russe et présenté par Marina Yaguello, les éditions de minuit;1977.
2 ينظر أم السعد حياة: أهمية النص والحوارية والبوليفونية في المجال التعليمي، انطلاقا من تنظيرات ميخائبل باختين، مجلة تعليميات، مخبر تعليمية اللغة والنصوص، العدد الثاني، ديسمبر، 2012. 
3 يهتم النحو التوليدي La grammaire générative  بالاكتساب المتدرج للميكانيزمات أو للآليات المورفوتركيبية morphosyntaxiques  على مستوى الجملة، فامتلاك اللغة في هذا التوجه يعتمد على المسار الذي يسلكه المتعلم في استيعاب التمثيلات التركيبية المتتالية التي تضعها هذه النظرية، وبالتوجه نحو استيعاب الحدث النحوي فقط يقزم هذا المنظور ظواهر أخرى للتعلم واكتساب اللغة.

4 يدخل المنظور التفاعلي ضمن المفهوم الحواري الذي يبين التشارك في بناء الخطاب la co-construction du discours ، حيث يصبح للتركيب فهما حواريا، فتنتقل أهمية النحو هنا من كونها مهمة في البناء الصحيح للمعلومة المراد إيصالها بشكل صحيح (كما يعتقد بذلك الوظيفيون) لكن في الوقت نفسه مهمة في ربط الأفعال القولية  بالأفعال القولية للآخر، هذا يختلف طبعا عما تقدمه المقاربة النحوية، لأن الإجابة عن السؤال المطروح: ماذا علينا أن نتعلم من اللغة الثاني ل2؟ تجيب اللسانيات التفاعلية: تعلم ربط الأفعال القولية مع الآخر بواسطة الوسائل التركيبية للغة الثانية ل2 ، هذا ما يفرض ضرورة بناء أدوات لسانية أخرى لا تلك المستعملة من قبل الوظيفيين أو النحويين. للمزيد من الإضافات العودة إلى المقال التالي:
Marinette Matthey et Daniel Véronique, « Trois approches de l’acquisition des langues étrangères : enjeux et perspectives », Acquisition et interaction en langue étrangère[En ligne], 21 | 2004, mis en ligne le 01 mars 2007,consulté le 19 janvier 2016. URL : http://aile.revues.org.
5 Brigitte Juanals, Jean-Max Noyer. D. H. Hymes, vers une pragmatique et une anthropologie communicationnelle (version longue). HERMES CNRS, 2007.
طبعا لم يكن هايمس سباقا في دراسة اللغة في علاقاتها بالمجتمع، بل هناك العديد من الباحثين من ركز على هذه الأساسية ، في فرنسا نجد دوركايم، في أمريكا فرانس بووا وإدوارد سابيير، في انجلترا مالينوفسكي، كل هذه الأعمال كانت تعتمد العلاقة بين البنية ووظائف اللغة.
6 كما يصنفها صاحب المقال، ينظر:
Giséle Holtzer: Stratégie d’apprentissage une notion en mouvement; université de Franche-comté; in Didactique comparée des langues et etudes terminologiques; Actes du 2eme colloque du R D E; Francfort; 2000.p89 .
7Catherine Kerbrat-Orecchioni ; La Conversation; Seuil ;1996.
8مشاكل أغلبها يتعلق بسوء الفهم Le malentendu الذي ينجر منه العديد من الانتهاكات ويسبب قطع التواصلات ونفي الآخر، هناك مقال مهم يتعلق أصلا بسوء الفهم في العملية التواصلية والتعليمية، خاصة حين يكون المتكلمان من بيئة لغوية وثقافية واجتماعية مختلفة، ينظر:
Nathalie Auger, Des malentendus constructifs en didactique des langues-cultures, In Le malentendu-Actes du colloque du Département de français, Texte réunis par, Jacqueline Bacha, Guy Larroux, Amor Souad, Sousse 2004.
9 Catherine Kerbrat-Orecchioni ; La Conversation; P65.
10في هذا السياق تطرح كربرات سؤالا مهما : ما هي أهمية تكوين جمل جد صحيحة نحويا لكنها تهرب من انتباه المتلقي؟ أو لا تستحوذ على انتباهه؟ لتبرر أهمية الملكة التواصلية انظر : Catherine Kerbrat-Orecchioni ; La Conversation; p25
11لهذا خصصت المؤلفة فصلا كاملا اهتمت فيه لا بالكلام لكن بالصمت الذي يعقب الكلام أثناء المحادثات، فالصمت هو تنغيمات، وإشارات، ومحاكاة، فالمحادثة توظف العديد من الأنظمة السميائية.
12 Catherine Kerbrat-Orecchioni ; La Conversation; p69 , 70. 71.
3 1Catherine Kerbrat-Orecchioni ; La Conversation; p 12.
14 Voir Ibid: p17,18
15 Catherine Kerbrat-Orecchioni : P22.
16 Ibid: p28;
17 Ibid: p35
18تتحدث هنا عن نظام تفضيل التبادلات l’organisation préférentielle des échanges و قانون التواضع la loi de modestie كما تتناول وظائف اللباقة، وتتحدث عن اللباقة في علاقتها بالإخلاص والصدق، ما بين احترام الآخر وصدق الأنا، قضية الأنانية والغيرية، وتستحضر كربرات مقولة شوبنهاور" أن الأنانية فظيعة لذا أبدعنا اللباقة من أجل إخفائها" ومن أجل تخفيف أضرار المحادثات وتفادي صدامات ينظر:
 Catherine Kerbrat-Orecchioni ; La Conversation; p64
19 Catherine Kerbrat-Orecchioni ; La Conversation; p50;
20 Voir:Ibid : p90
أخذت الكاتبة نصين لشابتين اسبانية وكورية وكيف تلقتا التحية في فرنسا بكل استغراب، لأن الأولى لاحظت أن الفرنسيين يستعملون كثيرا، أعطني الملح من فضلك... يستعملون عبارات اللباقة في كل موضع، فإن هي فعلت هذا في مجتمعها سيسخرون منها... لهذا ما نقوم به من عادات تواصلية نعتقده الأنسب الآخرون لا يرونه كذلك، وما نعده قاعدة للباقة قد يعده الآخرون تافها... والمثال الثاني بين كيف يمكن لسوء التفاهم أن ينجم بسبب مكان التواصل المتداخل ثقافيا.

21Nathalie Auger, Des malentendus constructifs en didactique des langues-cultures, In Le malentendu-Actes du colloque du Département de français, Texte réunis par, Jacqueline Bacha, Guy Larroux, Amor Souad, Sousse 2004. P286.
22 ينظر مثلا هذا البحث الجاد لصاحبه الذي انطلق من مفاهيم المضمر التي وضعتها أركيوني، وطبقها على الصعوبات الموجودة في تعليم اللغات الأجنبية واستند إلى أمثلة جد مهمة مابين الثقافة الفرنسية والصينية وما تحدثه المضمرات الواعية واللاواعية من سوء فهم عند المتلقي الأجنبي، ينظر:
Pu Zhihong; L’implicite culturel et sa place dans l’enseignement d’une langue étrangère. In Synergies Chine N.03; 2008; p 164.
23  ألفت كربرات مؤلفا ضخما عنوانه "المضمر" L'implicite; Armand Colin; 1998.  ترجمته إلى اللغة العربية، ريتا خاطر، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت، 2008. تجدون ضمنه مختلف قوانين الخطاب وجدوى المضمر.
24  Pu Zhihong; L’implicite culturel et sa place dans l’enseignement d’une langue étrangère: p161.
25 الهابتوس مصطلح نحته السوسيولوحي المشهور بيار يورديو وهو مجموع الاستعدادات التي تحث  الأفراد الفاعلة على التعبير أو العمل بذريعة معينة، ينظر:
Pierre Bourdieu: Langage et pouvoir symbolique; Eedition Fayard; 1982;preface, John B. Thompsem; p24.
26 Voir: Pu Zhihong; L’implicite culturel et sa place dans l’enseignement d’une langue étrangère: p165.
27 IBid; p165.
28 Michel Pendanx: Les activités d'apprentissage en classe de langue; Hachette F.L.E.; 1998; p10.
29Giséle Holtzer: Stratégie d’apprentissage une notion en mouvement; p92.
30 ينظر المقال المهم الذي عرض بجدية مفهوم معمارية المعرفة لأندرسون لـ:
Peter Griggs, Rita Carol , et Pierre Bange :La dimension cognitive dans ’apprentissage des langues étrangères ; paris Revue française de linguistique appliquée ; 2002 Vol7 .

المراجع :
-               أم السعد حياة: أهمية النص والحوارية والبوليفونية في المجال التعليمي، انطلاقا من تنظيرات ميخائبل باختين، مجلة تعليميات، مخبر تعليمية اللغة والنصوص، العدد الثاني، ديسمبر، 2012. 
-                Brigitte Juanals , Jean-Max Noyer. D. H. Hymes, vers une pragmatique et une anthropologie communicationnelle (version longue). HERMES CNRS, 2007.
-        Catherine Kerbrat-Orecchioni ; La Conversation; Seuil ;1996.
-                Giséle Holtzer: Stratégie d’apprentissage une notion en mouvement; in Didactique comparée des langues et etudes terminologiques; Actes du 2eme colloque du R D E; Francfort; 2000.
-                Marinette Matthey et Daniel Véronique, « Trois approches de l’acquisition des langues étrangères : enjeux et perspectives », Acquisition et interaction en langue étrangère[En ligne], 21 | 2004, mis en ligne le 01 mars 2007,consulté le 19 janvier 2016. URL : http://aile.revues.org
-                Michel Pendanx: Les activités d'apprentissage en classe de langue; Hachette F.L.E.; 1998;
-                Mikhail Bakhtine: Marxisme et philosophie du langage: Essai d'application de la méthode sociologique en linguistique, Traduit du russe et présenté par Marina Yaguello, les éditions de minuit;1977.
-        Nathalie Auger, Des malentendus constructifs en didactique des langues-cultures, In Le malentendu-Actes du colloque du Département de français, Texte réunis par, Jacqueline Bacha, Guy Larroux, Amor Souad, Sousse 2004.
-        Peter Griggs, Rita Carol , et Pierre Bange :La dimension cognitive dans ’apprentissage des langues étrangères ; paris Revue française de linguistique appliquée ; Vol7; 2002 .
-                Pierre Bourdieu: Langage et pouvoir symbolique; Eedition Fayard; 1982.
-                Pu Zhihong; L’implicite culturel et sa place dans l’enseignement d’une langue étrangère. In Synergies Chine N.03; 2008.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق