الخميس، 18 ديسمبر 2014

بلاغة الأنساق الاتصالية ووظائفها.. في نهج البلاغة



نهج البلاغة 001
زينب فخري
بعد أن تجلت هيمنة البلاغة في كتاب “نهج البلاغة” للإمام علي (عليه السلام) كمهيمن اسلوبي ولساني وعبر فنوناللغة وبعد أن أخذت نصوص الكتاب أثراً تفاعلياً اتصالياً بليغاًأشركت المتلقي معها في دائرة الفعل الاتصالي والتأثير ومنحته دفقاً شعورياً ثراً مكنته من حفظ أقوال الإمام ونصوص كتابه، دخلالكتاب ساحة التداول الاجتماعي وعبر حقب وأجيال،ولم يزل كتاب نهج البلاغة ذلك السفر الخالد لرجل من طراز خاص يحظى بالدراسات.. لعل آخرها كتاب صدر حديثاً موسوماً ب”نهج البلاغة: بلاغة الأنساق الاتصالية ووظائفها” للباحث محمد السيد جاسم.
يقول الباحث في مقدمتهإنّ بحثاً يليق بخصوصية كتاب مثل نهج البلاغة من حيث الثراء اللغوي والمعرفي واكتنازاته الفكرية وعلو أهدافه ومراميه واتساع مساحته البلاغية والمعرفية، وبلاغة الاتصال والوظيفة فيه يتطلب جهداً علمياً وبحثياً استثنائياً لسبر أغوار هذا السفر.
ويقع الكتاب في أربعة فصول: جاء الفصل الأوّل تحت عنوان “الاتصال والوظائف الاتصالية”. تناول فيه ماهية الاتصال والعملية الاتصالية، إذ أكد هي الطريقة التي تنتقل بها الأفكار والمعلومات بين الناس بطرق عدّة منها: النصوص المتكونة من المفردات والجمل وهو ما يطلق عليه الاتساق. أما وظائف الاتصال فهي عديدة، منها: توجيهية وتثقيفية وتعليمية وترفيهية وإدارية واجتماعية.
أما الفصل الثاني: فكان بعنوان “الاسلوب مهيمنات البلاغة وعملية الاتصال”، وتطرق الباحث فيه إلى الاسلوب وصفاته العامة التي يجب أن تتوافر فيه شعراً كان أم نثراً، أما الاسلوبية فهو مصطلح يطلق على منهج تحليلي للأعمال الأدبية.فيما كُرس الفصل الثالث ل ” المهيمنات الوظيفية الاتصالية في نهج البلاغة”، وفيه يشير الباحث إلى جملة من التأثيرات الوظيفية منها البعيدة التي تلامس البناء التحتي الاجتماعي ومنها ما هو قريب يضرب على وتر النفس داخل المتلقي ويأخذ مداه التربوي والأخلاقي عبر مشاركة فاعلة للمرسل. وحمل الفصل الرابع عنوان “اتساقات الجمال وأثرها الاتصالي”، وفيه يتناول الخصائص الفنية الجمالية لنهج البلاغة والتي لم تنفصل عن مضمون الكتاب الفكري الواسع كما وأن القوة التعبيرية تكشف لنا عن ذلك العمق العاطفي والشعوري في اللغة كنسق اتصالي، ويؤكد المضمون الاتصاليالاجتماعي بقوة.
وجاء في خاتمة البحث أن كتاب “نهج البلاغة” أسس لوعي اتصالي عالٍ اكسب “النهج” سعة الانتشار والتأصيل كما وتؤشر لمعرفة اتصالية فائقة لعلم الاتصال لدى العرب قبل غيرهم.
ويذكر أنّ مؤلف الكتاب محمد السيد جاسم من مواليد ذي قار1961، وهو أديب وإعلامي، حاصل على شهادة الماجستير في الإعلام، عمل في الصحافة الثقافية منذ ثمانينات القرن الماضي، صدرت له مجموعتان شعريتان: (أتيتك مثخناً بالحب – 2001م) و(البرق يبتكر المفاجآت – 2012)، وله تحت الطبع مجموعة شعرية ثالثة.
أما “نهج البلاغة”..فهو اسم وضعه محمد بن الحسين بن موسى المعروف بالشريف الرضي (المتوفى 406هـ)،لكتاب جمع فيه المختار من كلام الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وجعله يدور على أقطاب ثلاثة:الخطب والمواعظ، والعهود والرسائل، والحكم والآداب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق