الخميس، 14 يوليو 2011

تعددية الـــّلغة : بين الفكرة و الواقع و مستويات التداخل و التنافر الاجتماعيين

تعددية الـــّلغة : بين الفكرة و الواقع و مستويات التداخل و التنافر الاجتماعيين . التعددية اللغوية.Plurilinguisme الباحث : ذ . بادوي مصطفى . ----------------------------------------------------------------------------------- مُدخِل : إن المفاهيم من قبيل "ثنائية اللغة" « bilinguisme » و "تعدد اللغات" « plurilinguisme » هي مفاهيم عامة جدا و شائعة بالمعنى الذي يفيد تشتت معناها ، و غالبا ما تستخدم هذه المفاهيم لتحديد المتغيرات بين دولتين أو أكثر من اللغات الفردية ، أو من قبل مجموعتين أو فئتين أو اكثر من الجماعات الاجتماعية . ثم إن استخدامها لا يمكّْنُنا على سبيل المثال ، من التفريق بين الحالات الشاذة و الخصوصية التي قد تنشأ أو تتواجد في تجمع بشري معين و في حيز جغرافي معين أيضا : حيث قد يحدث أن تكون جماعتين اجتماعيتين مثلا أحادية اللغة "unilingue " ويقع أن تحتوي "côtoie" إحداهما الأخرى عبر وسطاء بشريين أحاديي اللغة بنفس المعنى الذي يورده ستراوس في انماط التبادل البشري التي يقع ضمنها التبادل اللغوي و تبادل النساء و الخيرات ، ومن ثمة يقع التبادل و التماس بين أفراد المجموعتين ، فينتج عن ذلك ان تتحول الجماعتين الى "ثنائية اللغة" « bilinguisme » و لكن مع فروق متباينة من جماعة الى أخرى. ففي الوقت الذي يشير المفهوم " bilingualité " ، إلى الطريقة أو الكيفية التي يكون الفرد بها قادرا على تعلم رامزين مختلفين او لغتين مختلفتين و هو ما يسمى باللغة العربية" الازدواجية اللغوية" وهي تسمية اقترحها بلون و هامرس ، نجد أن المصطلح " diglossie " يشدد على الوضعيات الاجتماعية حيث يوجد نمطـان أو أسلوبان مختلفان من نفس اللغة يستخدمان في مجــتمع واحــد، فــي مجــالات ووظائف مختلفة "اجتماعية " ، مؤسساتية " ؛ واحــد من هذين الأسلوبين يتمتع وبوضعية اجتمـاعية أعلى من الاخر، يطلق على الشكـل الأول بالشكل الراقي" variété haute " شكل الأقل منه باسم الشكل الأدنى " variété basse " ، دون ان ننسى ان هناك عمومـا وضعا تكامليا يسود العلاقة بينهما . و بغض النظر عن هذا الوضع التكاملي ، فهناك اختلاف في الوظائف المحددة لكل لغة فالاولى مثلا تنطوي على قيمة سوسيو-اقتصادية هامة ، و الثانية تنطوي على توسًُّع ٍ شعبي أكثر قوة يمكنها من التأثير بشكل إيجابي أو سلبي في معظم الحالات على كلا النظامين اللغويين . و بهذا الشكل تصبح اللغات حاضرة في كل المواضيع و القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية وحتى الدينية ، وفي الوقت نفسه ، تبدو وكأنها رمز لكل هذه القضايا ، بنفس المعنى التّعدّد اللغوي الثّلاثيّ [ triglossie ] هو اجتماعُ ثلاثِ لغاتٍ بِشكلٍ متَفاوِتٍ في نفسِ الفردِ أو المُجْتمع ، على سبيلِ التّصارُعِ أو الجِدالِ ، مع تفوّقِ لغةٍ أو لغتَيْنِ على الأخرى أو بالنسبة ل [ quadriglossie ] . ويصدقُ التّعريفُ أيضاً على وضْعِ التّعدّدِ اللّغويّ الذي تكونُ عليه أربَعُ لغاتٍ ، فنقول :التّعدّد الرُّباعيّ أو التّعدّد اللغوي الرُّباعيّ هو اجتماعُ أربعِ لغاتٍ بِشكلٍ متَفاوِتٍ في نفسِ الفردِ أو المُجْتمع ، على سبيلِ التّصارُعِ أو الجِدالِ ، مع تفوّقِ لغةٍ أو لغتَيْنِ على الأخرى. تجدر الاشارة الى مناولة موضوع التعدد اللغوي بالدراسة يمكن تلتقي فيه العديد من التخصصات كعلم النفس و السوسيولوجيا و التاريخ و الاقتصاد و حتى القانون . لان اللغة في اخر المطاف تتقاطعها كل العلوم الانسانية . .../إن اللغة اذن تخدم عملية الاتصال كما و أنها تخدم في الآن ذاته المعنى و المعرفة .../ كما ان الخطابات التي تقدم بها اللغة المعنى و المعرفة تقدم نفسها بوصفها سندا اجتماعيا ، حتى أن فعل الحديث في حد ذاته أضحى علامة عن هوية ما ، بل الاكثر من ذلك إن المشاركة في حركة اجتماعية ما هو تعبير في أخر المطاف على ان كل الناطقين توحد هويتهم الاجتماعية اللغة مع وعينا بان الثنائية او حتى الرباعية تكون باعثة على التكامل و ليس وضع الصراع كما الحال في زمن انحسار القوميات المتعددة ابان قيام الاتحاد السوفياتي ... لقد كانت حرب لغة و هوية اكثر مما هي حرب رصاص لان الامر ككل كان يحذو حذو الطمس .. 1 -الاتساق بين اللغات . في هذا المنظور ، يجري التركيز على التأثير المتبادل الذي يمكن أن يكون للغة على أخرى ، وذلك عن طريق الاقتراض المتبادل بينهما ، كما أن التغيرات التي تحدث على مستويات عدة تحاول استخلاص قوانين تعاقٌب أو تتالي من مختلف الدول. و تبين الملاحظات الاعتيادية على ان كل شخص مزدوج اللغة له القدرة في كل الاوقات على التحدث باحدى اللغتين مما يسهل له عملية التواصل مع الآخرين .و عموما فكل لغة تعرف بمقدار محدد تُتَداولُ بمقدار محدد أيضا . 2 - تنوعٌ وتعقدٌ بين اللغات . بغض النظر عن بعض الحالات الاستثنائية الانتقائية ، يؤدي استعمال الفرد للغتين أو أكثر في -رؤية أولية - داخل جماعة واحدة الى التواجد في نظام لغوي معطى بشكل قبلي ،يتكون من وحدات و طرائق تشغيل وترتيب أي نظام لغوي. إن هذا النوع من التفاعل هو ما يمكننا أن نسميه تداخلا لغويا . إن أول تمييز يمكن أن يطرح ضمن هذا التداخل هو الذي يقع بين لحظوية الخطاب و النتائج التي تظهر في تاريخ اللغة "مثلا " شخص ما دخل الى الولايات المتحدة الامريكية منذ وقريب ، و قام باستعمال كلمة "computer" بلغة مفرنسة بينما ينسى بسرعة الكلمة الاصلية في لغته و هي "ordinateur" ، في الوجه المقابل يمكننا ان نرى الاطفال الصغار الفرنسيين يستعملون كلمة "foot" و يعنون بها كرة القدم و الحال ان الكلمة هذه تعني "الرّجل " في اللغة الانجليزية ، و هنا يبدو أنهم اقتبسوا المصطلح من الافراد الذين يكبرونهم سنا عبر عملية التنشئة الاجتماعية . يمكن اذا للتداخل ان يكون مدمجا في اللغة الفرنسية دون ان يكون وجوده مبررا و دون حتى ان يكون هذا التداخل "interférence" مبررا بالمعنى الاجتماعي أيضا . 3 - التعددية اللغوية ، و الوظائف الاجتماعية للّغات . عندما يحدث عادة أن تتداول اللغات و التنوعات اللغوية ضمن لغة واحدة لمجتمع ما ،فإنه يحدث أن تنقسم الوظائف الاجتماعية بينهما ، و لكن بشكل غير ديناميكي أي "ستاتيكي" يجعلها لا تتأثر بالتغير التقني المتنامي و الثقافي الذي يحدث في المجتمع ، حيث يحدث مثلا في دولة الهند ان تكون اربع لغات اساسية قد استمرت قرونا عديدة في التداول العام . يمكننا القول ان هناك محاولات عديدة تم القيام بها من اجل وضع و تحديد وظائف اجتماعية للغة ما ، في وضعيات "تعديية لغوية " و و غير ذلك في مختلف اللغات ، و الحال ان هذه المحاولات تتمايز عن بعضها البعض بالنظر الى اختلاف الخصوصيات المجتمعية ، هذا بالاضافة الى الوظائف الاساسية للغة ما لا يمكنها ان تتحدد الا داخل الانساق من قبيل : "الاسرة " ، " الدين " ، " المدرسة " ، دون اغفال دور وسائل الاتصال ك"الصحافة " "الانترنت " و هذه الاخير تشكل لوحدها ظاهرة قائمة بذاتها سيجري التعرض لها بغيل قليل من التفصيل في دراسات لاحقة .. الى غير ذلك من الانساق الفرعية التي يميز اختفائها وجودها الخفي في المجتمع و هي عادة ما تكون ادورا فرعية لهذه الانساق و لها من فعل التأثير الشيئ الكثير على الجماعات الاجتماعية ... 4 - مفهوم diaglossie يحيل مفهوم diaglossie الى تلك الوضعيات التي يسودها نمطان أو اسلوبان مختلفان من نفس اللغة في مجتمع واحد ، وخصوصا في ما يتعلق بالتنويعات اللغوية او التفرعات التي تكون ضمن اللغة الواحدة . حيث تختص بعض التفرعات اللغوية بالكتابة ، بكونها كتابية و تخصص بالاساس للوظائف الاجتماعية المتعلقة بالكتابة ، كالادب و التدريس ، و الاحتفالات النموذجية في بلد ما ، بينما تستخدم التنويعات الاخرى في صور اللهجة الدارجية . المستعملة في الحياة اليومية من طرف المجتمع . إن الوضعيات التي يسودها في الاغلب نمطان مختلفان من نفس اللغة تؤسس مرحلة تجمع فيها بين الوضعيتين للأحادية اللغوية ، وهذا واضح في بعض المناطق الثقافية ... حيث يجري تداول اللغتين الهنغارية و الالمانية في دولة النمسا ، و كذا اللغة الغالية و الانجليزية في استكتلندا . و الحال انه لحظة ما تتواجد في بقعة جغرافية ما ، ابتداءا من ثلاث اجيال متعاقبة وصولا الى خمسة فأنه اللغة الاصلية المحلية تغادر هذا الفضاء الجغرافي لصالح لغة الدولة . 5 - اللغة والمجتمع . بماأن أولى الازدواجيات اللغوية هي بالأساس معاصرة لأولى للهجرات و أولى أشكل الاتصال بين الشعوب التي تتكلم لغات مختلفة فإنه لا يمكننا التأريخ بدقة لهذه الحقبة التي ينتمي الها هذه الازدواجيات اللغوية . بحيث أنه في أفريقيا مثلا مجتمعات تعرف عادة تداول لغتين أو لغتين أو أكثر و يرجع ذلك لوجود اتحاد (exogamie ) بينهما مثلا او في الاغلب لاسباب تجارية ، فيما كان يبدو في عادتنا ان كل من يتكلم لغة اخرى غير لغته او لغة قوم "أُخَر" يعتبر "بربريا " . في المقابل ساهمت مجموعة من العمليات المختلفة(اقتصادية . سياسية . حروب ، جغرافية ، ديمغرافية ... ) ، في تشكيل مجموعات إنسانية بالمعنى "الذي يتجاوز البربرية " تلك الدعوى الاثنية التي خرجت من بدايات تجذر الانثروبولوجيا كعلم خصوصا مع مالينوفسكي../ مجموعات ذات "ازدواجية لغوية " او تعرف " تعددية لغوية " ، و في مقدمة هذه العمليات نشير في بالاساس الى عملية خلق الدول و الحواضر و مركزتها ، فضلا عن انتشار التعليم وتوسيع شبكات الاتصال ، وبالخصوص عن طريق وسائل الاعلام الكبرى الرئيسية للنشر مثل الصحافة والإذاعة و الراديو و التلفزة . إن معرفة العلاقة بين اللغة والمجتمع ، تعمقت و تطورت في أبتداءا من سنة 1960 في إطار الابحاث السوسيولسانية ، ثم إن التوسع الأخير في هذا المجال من الدراسة اللغوية يرتد الى الحركات الضاغطة الناشئة التي ترفض "اللامساواة الاجتماعية " و هي حركات تعرف تهميشا لغتها الام في اغلب الاحيان . ومن المسلم به الآن أن مثل هذه الحالات اللغوية لا تشكل سوى استثناءا ، سواء تعلق الامربالسود في الولايات المتحدة الامريكية ، اومجموعات اخرى مختلفة من المهاجرين والتي توجد عبر العالم اليوم أوبالنسبة للأقليات الإقليمية في أوروبا وأماكن أخرى. 5 - التعدد اللغوي و السلوك الاجتماعي . يعتبر علم النفس الاجتماعي من بين إحدى المحتذيات التي التحقت بدراسات التعدد اللغوي حول العلاقات بين اللغة و المجتمع و التي سبقت الاشارة لها ، ويشار في هذا الاطار الى أن أعمالا كثيرة متخصصة في مجال علم النفس أبانت عن قوة التحيز و التطرف ضد اللغات .و على سبيل المثال نشير إلى تجربة المقاولة الكندية حيث أعطت المواضيع تقييما إيجابيا حول الأشخاص الذين يسمعون "الاصوات المسجلة " باللغة الانجليزية مقابل تقييم سلبي حول الذين سمعوا" التسجيل الصوتي " باللغة الفرنسية ، حيث كانت اغلب التسجيلات دون علمهم مع الاخذ بعين الاعتبار نفس الأفراد في التجربة. و هنا تجدر الاشارة الى ان التسجيلات الصوتية الفرنسية سيكون لها نفس الصور النمطية السلبية عند جزء من الكنديين الانجليزيين والفرنسيين ،مما يدل على انه في هذه الحالة ،تظل القواعد الاكثر حضورا للمجموعة المسيطرة من الناحية الإحصائية في العمل. فأيًّ فعل للكلام يمكن أن يعتبر فعلا متعلقا بالهوية ، حتى لو كان هو السمة التي لا سيطرة للمتكلم فيها . و قد يحدث أن تتغير اللكنة الاقليمية بتغير المنطقة ، كما و ان اللكنة تعزز الروابط بين الأفراد في جماعة ما و تشكل بالتالي عن هويتهم الجماعية . على اعتبار ان الشخص البالغ الذي يتعلم لغة جديدة يصعب عليه ان يفقد لكنته الاولى ، بسبب بروز أنماط فعل جديدة مكتسبة علاوة على أن اللكنة تترجم بقوة سمات هوية الفرد و انتمائه لجماعة ما . ذ بادوي مصطفى . الهوامش ************************************************** *********************** موسوعة " يونيفارساليس " باللغة الفرنسية . محاضرات في علم المصطلح . http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:reOWqw0GsewJ:www.alfaseeh.com/vb/showthread.php%3F54623-%25CA%25DA%25CF%25CF%25ED%25C9-%25C7%25E1%25E1%25DB%25C9-%25C8%25ED%25E4-%25C7%25E1%25DD%25DF%25D1%25C9-%25E6%25C7%25E1%25E6%25C7%25DE%25DA-%25E6%25E3%25D3%25CA%25E6%25ED%25C7%25CA-%25C7%25E1%25CA%25CF%25C7%25CE%25E1+cache:eykcVE9_Vz0J:membres.multimania.fr/lyceemarocain/phylo/lougha.htm+%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9+%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%88%D8%B9%D8%A7%D8%AA+%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9&cd=9&hl=ar&ct=clnk&source=www.google.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق