الثلاثاء، 12 يوليو 2011

المعلم التداولي

● ـ المعلم التداولي . ● ـ جمعان عبدالله الزهراني . ----------------------------------------------------------------------------------- * ـ ما التداول ؟ ومن هو المعلم التداولي ؟ وكيف يكون المعلم تداولياً ؟ كما هي مفاهيم الفلسفة والعلم والحياة يعاد باستمرار ابتكارها، كذلك مفهومنا للمعلم يحتاج إلى إعادة ابتكار دائمة، ففي هذا الابتكار ضمانة حياة متجددة، وليس مثل مفهوم المعلم بحاجة إلى الحياة الدائمة المتجددة، فهو عبر هذا الابتكار يمكنه أن يعلم الحياة ويفتحنا عليها .. من هنا نقترح مفهوم المعلم التداولي، كي نسهم في تجديد مفهوم المعلم وتجديد شخص المعلم نفسه .. فالشخص تتجدد حياته متى تجددت مفاهيمه، ولعل هذه المهمة هي من أولى أولويات المؤتمرات التربوية السنوية . * ـ يحيل المعجم إلى المعاني التالية للتداول : § يقال صار الفيء بينهم يتداولونه مرة لهذا ومرة لهذا . § الدولة بالضم، اسم للشيء الذي يتداول به بعينه . § الدولة اسم الشيء الذي يتداول . § الدولة الفعل والانتقال من حال إلى حال . § تداولته الأيدي : أخذته هذه مرة وهذه مرة . § دال الثوب يدول أي بلي . التداول يعني وفق هذه المعطيات اللغوية، الانتقال والأخذ والعطاء والدوران والاتصال والحركة وتغير الحال والبلاء .. إنها معاني الحياة، فالحياة عمليات مستمرة من الحركة والانتقال والاتصال والتغير والانتقال، هذا يعني أن التداول هو الحياة في أوج فاعليتها، ومتى تمثل الإنسان هذه المعاني في فعله وسلوكه وذهنه صار تداولياً أي صار حياً . - إذن المعلم التداولي، هو المعلم الذي يجعل من التعليم حياة تضج بالحركة والاتصال . - هو الذي يخلق فينا مساحة اتصال ننتقل فيها من حال إلى حال ونعطي فيها بقدر ما نأخذ منها فنتغير ونغير . - المعلم التداولي هو من يمكننا من أن نتصل بالحياة اتصالا يُرينا جمالها ويقوينا على مصاعبها ويمكننا من فهم نظامها ومعناها . - هو من يجعل من الحياة ممكنة مهما كانت الصعاب . - هو من يفتح إمكاناتنا فيتيح لنا أن نصيَّر المعرفة حياة . - المعلم التداولي هو من يجعل الحياة عيشاً مشتركاً يتداول فيه الناس حركة وجودهم . لذلك كان المعلم اليوناني بروتاجارس يقول "لا يمكن للمدن أن توجد إذا ما شارك فيها قلة من الناس فحسب" المعلم التداولي هو من يُكثِّر القلة فيجعلها كثرة، وذلك حين يُمكِّنها من أن تشارك في حياة المدينة، وهي لن تتمكن من المشاركة إلا حين تستطيع أن تتداول، أي تستطيع أن تتحرك وتنتقل وتتصل بما تملكه من معرفة .. والمعلم التداولي هو من يُمكّنها من ذلك . - المعلم التداولي بهذه المهمة يجعل المجتمع تداولياً، وذلك بأن يجعل من الناس فاعلين اجتماعيين مؤثرين في حركة بيئاتهم واتصال مجتمعاتهم وتغيرها وتنقلها .. وحين يغيب هذا المعلم، يكون المجتمع مجتمعاً غير تداولي، أي يتكون من كثرة تُطيع وقلة تأمر . * ـ الفرد في المجتمع التداولي : • فاعل لغوي : بقدر ما يفهم ويؤول . • فاعل اجتماعي : بانخراطه في أنشطة التبادل والتواصل . • فاعل سياسي : بطريقة تعامله مع الشأن العام ومدى حضوره الإيجابي في المشهد، وممارسته لمواطنيته . • فاعل ثقافي : بقدر ما يسهم في إنتاج المعنى أو نسخه أو إعادة إنتاجه . * ـ هكذا يتكون لدينا أنواع مختلفة من التبادلات : § تداول سياسي : التعامل مع السلطة بما هي إدارة لشأن المجتمع وتنظيم لشؤونه العامة، وتحقيق لأمنه واستقراره . § تداول خلقي : التمرس بلغة الحوار والوساطة، يسهم في الاعتراف بالآخر بوصفه مختلفاً ومساوياً . § تداول ثقافي : تبادل الخبرات والمعارف بين الجماعات البشرية، يسهم في انفتاح الهويات وثرائها . § تداول لغوي : الانخراط في المحادثة بين المتكلمين يشكل بيئة التواصل المجتمعي .. يتيح للأفكار أن تنتقل وتنتشر لكي تحيا . * ـ بقدر ما يتداول المعلم، يتحول ويتطور وينتقل من مستوى إلى مستوى، ولعل التدرجات التي يحملها كادر المعلمين تعبر إدارياً عن أفق هذا التداول .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق