الأحد، 15 مايو 2011

رسالة يعقوب الكندي في اللثغة

رسالة يعقوب الكندي في اللثغة الدكتور محمد حسان الطيان جامعة دمشق ------------------------------------------------------------------------------------ ملخص البحث . اللثغة مرض من أمراض الكلام ( Trouble de la parole ) التي عنيت بها الدراسات الطبية والغوية والصوتية الحديثة ، ولعل رسالة الكندي ( 260 هـ ) هذه هي الأقدام فيما وضع في هذا الباب وقد قدم لها صاحبها ( فيلسوف العرب المشهور ) ببيان واف لآلية النطق وعلاقتها بالحروف، وما تحتاجه كل لغة من اللغات السائدة آنذاك واف لآلية النطق وعلاقتها بالحروف، وما تحتاجه كل لغة من اللغات السائدة آنذاك من الحروف ، ثم تكلم على أسباب اللثغة وما يعرض للسان من التشنج أو الاسترخاء ، ووصف مخارج حروف العربية أو هيئات النطق بها وصفا تشريحيا فيزيائيا دقيقا على نحو يختلف عما عهدناه عند اللغويين وعلماء التجويد ، ثم حدد الحروف التي تعتريها اللثغة وحصرها في عشرة أحرف وسمى بعض أعراضها ليختم الكلام بذكر عللها . إن رسالة الكندي هذه أثر نفيس من آثار عناية العرب بالعلوم الطبية واللغوية وقد حققناها عن نسخة خطية فريدة تحتفظ بها المكتبة السليمانية باصطنبول وسيشتمل البحث على دراسة تحليلية لها ، ويختم بمسرد لما ورد فيها من ألقاب اللثغة وأنواعها وبمسرد آخر لأشهر ما ورد فيها من هذه الألقاب مما اشتملت عليه كتب الأدب ومعجمات اللغة والمعاني. المقدمة : أمراض الكلام شعبة من شعب الأمراض التي تصيب الإنسان ، ولكنها شعبة تتصل بأسمى ما يميز الإنسان من سائر المخلوقات وهو الكلام { الرحمن علم القرآن ، خلق الإنسان ، علمه البيان } ولذا فقد تضافرت في الكشف عنها ووصفها وتشخيصها وعلاجها جهود الأطباء واللغويين والحكماء والمهندسين ، كل يسهم في جانب من جوانبها ، فالطبيب يشخص ويعالج ، واللغوي ( اللساني ) يصف المرض ويحدد حروفه ومصطلحاته ، والحكيم يحلل ويعلل مبينا الأسباب الداعية إليه ، والمهندس يرفد العلاج بما يساعد على تمامه من أدوات تقنية وحاسوبية حديثة . وقديما عرفت الحضارة العربية الإسلامية ضروبا من الكتابة والتصنيف في هذا المجال على أنها تناثرت في بطون الكتب وثنايا الموسوعات ككتاب " سيبويه " ، و "كامل المبرد " و "أدب ابن قتيبة " و " مخصص ابن سيده " ( 1 ) ولعل أبرز من توسع فيعرض ظاهر اللثغة وأمراض الكلام الجاحظ في كتابه المشهور " البيان والتبيين " . فقد استهله بذكر العي والحصر ( 2 ) وهما مما يعتري الكلام من العجز وعدم القدرة على النطق ( 3 ) ، ثم بسط الكلام على شواهدهما شعرا ونثرا وقرآنا ، فجره ذلك ‘إلى ذكر ضروب من علل الكلام ، كاللجاج ، والتمتام ، والألثغ ، والفأفاء ، وذي الحبسة والحكلة والرتة ، وذي اللفف والعجلة ( 4 ) ثم مثل بلثغة واصل بن عطاء إمام المعتزلة الذي كان يتحرى اجتناب الراء في منطقه على كثرة دورانها في الكلام ، وعرض لأنواع اللثغة فيها إذ تكون بالغين والذال والياء ( 5 ) وزاد في موضع آخر الظاء ( 6 ) ، ثم أفرد كلاما لذكر الحروف التي تدخلها اللثغة فحصرها في أربعة هي القاف والسن واللام والراء ( 7 ) وراح يمثل لكل ذلك بعبارات و أعلام ،وكان من طريف ما مثل به لثغة رجل يدعى " وشوشى ، صاحب عبد الله بن خالد الأموي فإنه كان يجعل اللام ياء والراء ياء قال مرة : موياي ويي ايي . يريد : مولاي ولي الري " ( 8 ) . ثم فصل ألقاب اللثغة وما يدل عليه كل لقب ( 9 )، واستطرد بذكر بعض أخبار الخطباء والشعراء ليرجع به القول إلى الكلام الأول فيما يعتري اللسان من ضروب الآفات ( 10 ) ، حيث بين أهمية الأسنان في صحة النطق وتمام الحروف وساق أمثلة على ذلك ، ثم ختم بذكر الأمور التي تعتري اللسان فتمنع من البيان مفصلا ذلك في الشيوخ والصبيان ( 11 ) . على أن أول من أفرد لهذا كله رسالة برأسها - فيما نعلم - الكندي فيلسوف العرب المشهور في رسالته التي سنعرض لها في بحثنا هذا ، وهي رسالة اللثغة . ترجمة الكندي ( 12 ) : يعقوب بن إسحاق بن الصباح بن عمران بن إسماعيل الكندي ، أبو يوسف ، ولد بالكوفة، وكان أبوه أميرا عليها في عهد الخليفة العباسي المهدي - والمصادر لا تسعف بذكر سنة مولده ( 13 ) - وقد نشأ في البصرة ، وانتقل منها إلى بغداد ، حيث حصل جل علومه ، فبرع بالطب ، والفلسفة ، والحساب ، والمنطق ، والهندسة ، والفلك ، وغيرها من علوم ذلك العصر ، وحاز مكتبة كبيرة سميت بالكندية ، وصفه ابن النديم بأنه " فاضل دهره ، وواحد عصره في معرفة العلوم القديمة بأسرها ، ويسمى فيلسوف العرب " وبهذا الإسم عرف لدى علماء المشرق والمغرب. أصاب الكندي منزلة عظيمة وإكراما بالغا لدى خلفاء بني العباس المأمون والمعتصم وابنه أحمد ، فعهد إليه المأمون بإدارة بيت الحكمة وترجمة مؤلفات أرسطو وغيره من الفلاسفة ، حتى لقد عده أبو معشر الفلكي في كتابه "المذكرات " من حذاق الترجمة في الإسلام ، وعهد إليه المعتصم بتأديب ابنه أحمد . إلا أنه ابتلي بعد ذلك في عهد المتوكل ، إذ وشي به فضرب وصودرت كتبه ، ثم ردت إليه قبيل وفاة الخليفة نحوا من ثلاثمائة مصنف في شتى صنوف العلم والمعرفة . مخطوط الرسالة ونموذج منها ( 14 ) : تقع رسالة الكندي هذه في مجموع كبير يضم رسائل مختلفة لثابت بن قرة ويعقوب الكندي ، وهو مخطوط في المكتبة السليمانية في إصطنبول تحت رقم ( 4832 ) وتبلغ أوراقه : (232 ) ورقة من القطع المتوسط : ( 22 × 12 ) . تشغل هذه الرسالة الأوراق ( 216 - 218 ) إلا أن نصف الصفحة الأولى منها ممسوح لم يظهر منه سوى عنوان الرسالة تحت البسملة : "رسالة يعقوب الكندي في اللثغة " . أما الخط الذي كتبت به الرسالة فهو قديم يعود إلى المائة الخامسة على وجه التقريب ، فحروفه يابسة والتنقيط قليل وطريقة كتابة الأعداد توحي بقدمه ( 15 ) . تحليل الرسالة : تتبدى لدارس الرسالة الأقسام الرئيسية التالية : 1 - تمهيد عن اللغة والكتابة . 2 - وصف مخارج الحروف وأسباب حدوثها . 3 - الحروف التي تعرض لها اللثغة . 4 - تبيان علل اللثغة . 5 - أنواع اللثغة وألقاب من تعزيهم . وفيما يلي عرض لكل قسم من هذه الأقسام : 1 - تمهيد عن اللغة والكتابة : بداية هذا التمهيد ساقط من الأصل مما عمى المقصود من الفقرة الأولى منه . أما الفقرة الثانية فيتحدث فيها الكندي عن حاجة اللغة إلى الكتابة ، وتتجلى فيها ثقافة الكندي ومعرفته باللغات المجاورة الهندية والفارسية ولغة الزنج والفراعنة ( 16 ) ، ولعل هذا أثر من آثار اشتغاله ببيت الحكمة آنذاك . 2 - وصف مخارج الحروف و أسباب حدوثها : يستعرض الكندي حروف العربية حرفا ليبين فيكل حرف مسببات نطقه ومكان هذا النطق وما يحتاجه من نغمة أو نفس أو همز ... إلخ يقول مثلا عن الألف : " إن الألف تحتاج إلى نغمة وفتحة ورد طرف اللسان إلى صدر الحنك ، وإخراج نفس يسير بين الشفة السفلى والأسنان العليا " ( 17 ) . ويقول عن السين : " احتاج إلى إلزام طرف اللسان مقاديم الأسنان العليا ، وإخراج نفس من بين الأسنان خفي يسير ، فإن زاد ذلك النفس قليلا من المقدار الواجب له لم تجئ منه سين ، ويكون ذلك مع كسرة ورد اللسان إلى الحنك بهمزة " ( 18 ) . ونلاحظ في وصف الكندي هذا أمرين اثنين : الأول : أنه وصف فيزيائي متحرك يختلف عما عهدناه عند سيبويه وخالفيه من النجاة واللغويين الذين يقفون عند حدود الوصف الظاهر والساكن لخرج الحرف ( 19 )، فهو هنا يدخل إلى جوف الجهاز النطقي ليصف لنا ما يعتري كل عضو من حركات في هذا الجهاز لدى إخراج الحرف مع رصد حركة عملية الهوائ المدفع وتقلباته في الحروف . وهذا ما يذكرنا بعمل ابن سينا في رسالته المعروفة " أسباب حدوث الحروف " تناول حروف العربية حرفا مبنيا سبب حدوثها وما يعتري كلا منها من عمليات عضوية تتبدى في دفع الهواء ، وحبسه ، وكيفية هذا الحبس ، والوسط الذي يتردد فيه الهواء المدفوع من رطوبة أو يبوسة أو ما إلى ذلك ( 20 ) . ولعل ابن سينا إنما صدر في رسالته تلك عن عمل الكندي في رسالته هذه ، إلا أن وصف ابن سينا كان أقرب إلى وصف الطبيب المشرح ، في حين برز في وصف الكندي عمل الفيلسوف الفيزيائي ، وفي كل خير . والثاني : أنه مزج الكلام على المخارج بالكلام على صفات كما يصنع علماء الصوت اليوم لا يكاد يفرق بين مخرج الحرف وصفته ، ولعل في مثال ( السين ) السابق ما يوضح ذلك ، ففي قوله : " تحتاج إلى إلزام طرف اللسان مقاديم الأسنان العليا " بيان لمخرج هذا الحرف وتحديد له بطرف اللسان مع مقاديم الأسنان ، وفي قوله : " و إخراج نفس من بين الأسنان خفي يسير ..." بيان لصفة الهمس في هذا الحرف ...وهكذا . 3 - الحروف لتي تعرض لها اللثغة : حصر الكندي الحروف التي تعرض لها اللثغة في عشرة هي : العين والسين والشين والكاف والصاد والجيم والحاء والراء والقاف والزاي ( 21 ) . وهو عدد يتجاوز ما ذكره الجاحظ من قبل ، وابن الأنباري من بعد . فالأول جعلها في أربعة حروف هي : ( القاف والسين واللام والراء ) ( 22 ) . والثاني جعلها في ستة ( السين والقاف والكاف واللام والراء والشين ) ( 23 ) إلا أن الكندي لم يفصل الكلام فيما ينقلب إليه كل حرف من هذه الحروف العشرة وما يعتريه من أنواع اللثغة إلا ما كان من قوله : "فأما التشنج فمثل القائل في موضع الراء اللام ، ومثال ذلك قول القائل في موضع السين والشين " ( 24 ) ، في حين فصل الجاحظ ذلك كما رأينا ، وضرب الأمثلة المتعددة لكل التبدلات التي تطرأ على الحرف الملثوغ به . 4 - تبيان علل اللثغة : وأما العلل التي تسبب اللثغة فقد عرض لها الكندي في غيرما موضع ، إلا أن أغناها ما ختم به رسالته حيث قال : " نريد أن نبين من أي العلل يعرض ذلك . إعلم يا أخي أن هذه تعرض من ثلاثة وجوه : أحدها : تكون لقوى النفس الناطقة فيزول عن الحال الجاري المجرى الطبيعي . الثاني : لضعف النفس الناطقة ، فلا تقدر أن تحرك العضل تحريكا شديدا فيفسد لذلك النطق . والوجه الثالث : يكون إما بزيادة آلة النطق و إما بنقصانه . فأما علة زيادة العضو المنطقي فتكون من البرد والرطوبة ، أو من الحرارة والرطوبة مع سعة مجاري العضو فتدغم آلة الطبيعة أكثر مما يجب له من المقدار فيغلظ العضو ويكبر ، ويفسد النطق لذلك ، وذلك أنه يسترخي . وأما نقصان العضو المنطقي فيكون من برد ويبس ، أو من حر وبيس مفرط ، وتعرض هذه العلة أيضا من جهة أخرى وهو أن العضو المنطقي يغلظ أكثر من المقدار ، ويصغر ويزيد أكثر من المقدار ، فلا يقدر العضو المنطقي أن يستريح على الأماكن الواجبة للنطق فيفسد لذلك المنطق . وهذه العلة والتي قبلها واحدة في الزيادة والنقصان ، وذلك أن العلة الأولى تزيد وتنقص في الطول ، والعلة الثانية تزيد وتنقص في العرض " ( 25 ) . ولو تدبرنا هذه العلل لوجدناها تؤول إلى العلتين اللتين يفسر بهما الباحثون المعاصرون أسباب اضطرابات الكلام ؛ إذ هي عندهم أسباب عضوية ( Organiques ) وأسباب وظيفيةFonctionnels ) ) ( 26 ) . فالعوامل العضوية تعني ما كان من عيب في الجهاز الكلامي أو السمعي كالتلف أو التشوه أو سوء التركيب في أي عضو من أعضاء الجهازين ، مما يؤدي إلى خلل في تأدية هذا العضو ، فيحدث نتيجة لذلك عيب في النطق أو احتباس في الكلام ، ويوافق ما ذكره الكندي في الوجه الثالث من زيادة آلة النطق ونقصانها ، كما يوافق ما أشار إليه في مستهل رسالته بقوله : " إن تعسر اللسان عن الحال الجاري المجرى الطبيعي يكون من عرضين لا زمين إما من تشنج ، و إما لاسترخاء " ( 27 ) . والعوامل الوظيفية لا يلاحظ فيها وجود أي نقص عضوي في الجهاز الكلامي أو السمعي ، و إنما يرجع الضعف فيها إلى علل نفسية ، وهو عين مراد الكندي من قوله "لقوى النفس الناطقة . وضعف النفس الناطقة " . 5 - أنواع اللثغة وألقاب من تعتريهم : ذكر الكندي ضروبا من اللثغة لكل منها لقبه ، وهي تختلف باختلاف الحرف الذي يختص بها أو الآفة التي تصيب جهاز النطق وموضعها فيه ، هذا وقد استغنى الكندي عن ذكر المرض بذكر لقب صاحبه ، على أن هذا اللقب ينبئ غالبا عن المرض فالتأتاء اللاثغ بالتاء ، والفأفاء اللاثغ بالفاء ...وهكذا . وسنسرد فيما يلي ما ذكره الكندي من هذه الألقاب مقرونة بشرحها ، ثم نتبع ذلك بما اجتمع لدينا من ألقاب أخرى لم ينص عليها الكندي ، تداولتها كتب الأدب واللغة والمعاجم : 1 - المتمتم ( 28 ) : التأتاء . قال الأصمعي : " إذا تتعتع اللسان في التاء فهو تمتام"( 29) 2 - المدموم ( 30 ) : اللاثغ بالجيم ( 31 ) . 3 - ذو العقل : اللاثغ بالراء . هذا ما نص عليه الكندي ( 32 ) ، في حين وردت هذه الكلمة في المعجمات وكتب اللغة بالمعنى المطلق للثغة دون تقييد بالراء أو غيرها . قال الجاحظ : " ويقال في لسانه عقلة ، إذا تعقل عليه الكلام " ( 33 ) وقال المبرد : " العقلة التواء اللسان عند إرادة الكلام " ( 34 ) . 4 - المناغي العي : اللاثغ بالغين ( 35 ) . ولم ترد هذه الكلمة أيضا متخصصة بهذا المعنى وإنما هي لمنطق الكلام غير المفهوم . جاء في التهذيب : " أنغى : إذا تكلم بكلام ليفهم" ( 36 ) . 5 - ذو الجبس : اللاثغ بالقاف ( 37 ) . هي كسابقتها من عيوب اللسان غير المقيدة بحرف معين ، قال المبرد : " الحبسة : تعذر الكلام عند إرادته " ( 38 ) وقال ابن سيده : " في لسانه حبسة أي تحبس " ( 39 ) . 6 - الفأفاء : اللاثغ بالفاء ( 40 ) . ولايكاد أحد يخالف عن هذا المعنى ،قال الجاحظ : " وإذا تتعتع في الفاء فهو فأفاء " ( 41 ) . 7 - الأخن : من سبقه النفس إلى الخياشم ( 42 ) . وجاء في اللسان : " الخنة ضرب من الغنة ، كأن الكلام يرجع إلى الخياشم ، يقال امرأة خناء وغناء وفيها مخنة ، ورجل أخن أي أغن مسدود الخياشم " ( 43 ) . 8 - الألكن : العلة في اللكن أن العضل المحركة لعضو النطق لا تطيق حمله وتحركه وتنقله من الأماكن الواجبة للنطق ( 44 ) . قال ابن سيده : " والألكن الذي لا يقيم العربية من عجمة في لسانه والأنثى لكناء وقد لكن لكنا ولكنة ولكونة " ( 45 ) . وقال المبرد : " اللكنة أن تعترض على الكلام اللغة الأعجمية " ( 46 ) هذا ما ذكره الكندي من ألقاب اللثغة ، وفيما يلي مسرد لأشهر ما لم يذكره منسوقا على الترتيب الهجائي ( 47 ) : 1 - البكء : قلة الكلام خلقة ، جاء في اللسان : " وبكأ الرجل بكاءة ، فهو بكيء من قوم بكاء ؛ قل كلامه خلقة " ( 48 ) . 2 - التخيم : حذف صوت من آخر الكلام عده المبرد أحد عيوب الكلام وعرفه بأنه " حذف الكلام " ( 49 ) . 3 - التعتعة : التعتعة في الكلام أن يعيا بكلامه ويتردد من حصر أو عي ، وقد تتعتع في كلامه وتتعتعه العي ، ومنه الحديث : " الذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه " أي يتردد في قراءته ويتبلد فيها لسانه ( 50 ) . 4 - التلعثم : التباطؤ في اللسان ، ومنه الحديث : " ما عرضت الإسلام على أحد إلا كانت فيه كبوة إلا أن أبا بكر ما تلعثم " أي أجاب من ساعته أول ما دعوته ولم ينتظر ولم يتمكث وصدق بالإسلام ولم يتوقف ( 51) . 5 - الجلع : انقلاب غطاء الشفة إلى الشارب ، وسفة جلعاء وجعلت اللثة جلعا ، وهي جلعاء إذا انقلبت الشفة عنها حتى تبدو ، وقيل الجلع ألا تنضم الشفتان عند المنطق بالباء والميم تقلص العليا فيكون الكلام بالسفلى و أطراف الثنايا العليا . ورجل أجلع لا تنضم شفتاه على أسنانه ( 52 ) . 6-الحصر : العي في الكلام ( 53 ) . 7 - الحكلة : غلظ اللسان وتقبضه ، وفي لسانه حكلة أي عجمة ( 54 ) . 8 - الرتة : عجلة في الكلام وقلة أناة فيه ، وقيل هو قلب اللام ، وفي حديث المسور أنه رأى رجلا أرت يؤم الناس فأخره ( 55) . وقال المبرد : " الرتة كالريح تمنع أول الكلام ، فإذا جاء منه شيء اتصل " ( 56 ) . 9 - الضجم : عيب خلقي في الفم ، قال ابن قتيبة : " والضجم ميل يكون في الفم وفيما يليه من الوجه " ( 57 ) . 10-الضزز : عيب خلقي في تركيب الحنكين ، قال ابن قتيبة : " والضزز: لصوق الحنك الأعلى بالحنك الأسفل ، فإذا تكلم تكاد أضراسه العليا تمس السفلى " ( 58 ) . 11 - الطمطمة : العجمة . قال المبرد : " والطمطمة أن يكون الكلام مشبها لكلام العجم " ( 59 ) . ورجل أعجم طمطم وطمطماني وطماطم ( 60 ) . 12 - العجمة : الأعجم الذي لا يبين الكلام من العرب والعجم ، والإسم العجمة ومنه الحديث : " صلاة النهار عجماء " أي تبين فيها القراءة ( 61 ) . 13 - العلم : والعملة : الشق في الشفة العليا ، علم علما فهو أعلم والمرأة علماء ( 62 ). 14 - الفقم : عيب خلقي في الفم . قال ابن قتيبة : " الفقم في الفم وهو أن تتقدم الثنايا السفلى إذا ضم الرجل فاه فلا تقع عليها العليا " ( 63 ) . 15 - الفلح : شق في الشفة السفلى ، واسم ذلك الشق الفلحة مثل القطعة ، رجل أفلح فلحاء ( 64 ) . 16 - الفهه : الفه العي الكليل اللسان ، يقال منه : جئت لحاجة فأفهني عنها حتى فههت أي أنسانيها . وهو الفهفة والفهيه والأنثى فهة على بناء فه وقد فه يفه فهها وفهاهة وفها وفهة ( 65 ) . 17- الجلجلة : ثقل اللسان ونقص الكلام وأن لا يخرج بعضه في إثر بعض ورجل لجلاج وقد لجلج وتلجلج ( 66 ) . 18 - الللفف : إدخال حرف في حرف ( 67 ) . 19 - الليغ : رجوع اللسان إلى الياء ( 68 ) ، ويسمى صاحب هذاالعيب الأليغ . 20 - المقمقمة : التكلم من أقصى الحلق ، قال ابن سيده : " المقامق المتكلم بأقصى حلقه وفيه مقمقمة " ( 69 ) . 21 - الهتهتة : قال الأزهري : الهتهتة والتهتهة أيضا في التواء اللسان عند الكلام ( 70 ) الخاتمة إن ماشهدته العقود الأخيرة من هذا القرن من تطورات هامة في مجالات الإلكترونيات والحواسيب واللسانيات كان له الأثر المباشر في تطور الدراسات حول أمراض الكلام وطرق علاجها وإدخال التقنيات العملية الحديثة في ذلك ، وفي مقدمنها نظم تركيب الكلام Synthése de la parole ) ) ونظم تعرف الكلام ( reconnaissance de la parole ) ونظم التعلم الذاتي بالحاسوب ( L’apprentissage assisté par l’ ordinateur ) التي يمكن أن تسهم في تقويم نطق المصابين ببعض أمراض الكلام وتدريبهم على النطق السليم أو الأدنى إلى السلامة ( 71 ) . على أن ذلك كله لا يغض من شأن تراثنا العريق في هذا المجال - وكل مجال - و إنما هو على العكس من ذلك يشعر بمسيس الحاجة إلى تحقيق هذا التراث بغية جمع أكبر قدر ممكن من مصطلحات هذا العلم لنواجه بها ما استجد من مصطلحات ، ولعل ما أشرنا إليه في هذا المبحث من مصطلحات يكون نواة معجم متخصص في أمراض الكلام لا يقتصر فيه على ألقاب هذه الأمراض بل يجمع له كل ما يتعلق بها من كلام على عللها وأسبابها ووصف لمخارج الحروف وهيئات نطقها وما إلى ذلك . أهم مراجع البحث 1 - ابن قتيبة ، أدب الكتاب ، تحقيق محمد الدالي مؤسسة الرسالة بيروت ، ط 1 ، 1402 هـ/1982 م . 2- ابن منظور ، لسان العرب ، دار صادر ، بيروت . 3 - ابن سيده ، المخصص ، منشورات المكتب التجاري للطباعة والتوزيع والنشر ، بيروت . 4 - ابن سينا ، رسالة أسباب حدوث الحروف ، تحقيق محمد حسان الطيان ويحيى ميرعلم ، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق ، 1403 هـ/ 1983 م . 5 - محمد بن يزيد المبرد ، الكامل ، تحقيق محمد أحمد الدالي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط1 ، 1406 هـ/ 1987 م . 6 - محمد مراياتي ، تقنيات مستقبلية لتعليم الصم ومساعدتهم ، الندوة العلمية الخامسة للاتحاد العربي للهيئات العامة في رعاية الصم ، دمشق 7 - 9 / 11 1993 . 7 - مصطفى فهمي ، أمراض الكلام ، مكتبة مصر للطباعة ، ط 5 . 8 - عمرو بن بحر الجاحظ ، البيان والتبيين ، تحقيق وشرح عبد السلام هارون ، مكتبة الخانجي ، ط 5 ، 1405 هـ/1985 م . 9- رشيد عبد الرحمن العبيدي ، عيوب اللسان واللهجات المذمومة ، مجلة المجمع العراقي،مجلد 56 ، ج 3 ، 1985 م . 10- سيبويه ، الكتاب ، تحقيق وشرح عبد السلام هارون ، عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت . 11 - رسالة يعقوب الكندي في اللثغة ، تحقيق محمد حسان الطيان ، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق ، مجلد 60 ، ج 3 ، 1405 هـ/ 1985 م . ( 1 ) الكتاب ، ج 4 ، ص . 127 - 453 ؛ والكامل، ط الدالي ، ج 3 ،ص . 761 - 765 ؛ وأدب الكاتب،ص . 136 - 137 ؛ والمخصص ، ج 2 ، ص . 118 - 142 . ( 2 ) البيان والتبين ، ج 1 ، ص . 3 . ( 3 ) عيي في المنطق عيا حصر ، والحصر ضرب من العي ، فالكلمتان بمعنى واحد هو العجز وعدم القدرة على الكلام ، وقديما قالوا : نعوذ بالله من العجب والبطر ومن العي والحصر ، انظر لسان العرب ، وأساس البلاغة ( حصصر ، عي ) . ( 4 ) البيان والتبيين ، ج 1 ،ص . 12 . ( 5 ) البيان ، ج 1 ، ص . 14 - 22 . ( 6 ) البيان ، ج 1 ،ص 37 . ( 7 ) البيان ، ج 1 ، ص . 34 . ( 8 ) البيان ، ج 1 ، ص . 36 . ( 9 ) البيان ، ج 1 ، ص . 39 - 40 . ( 10 ) البيان ، ج 1 ، ص . 57 - 66 . ( 11 ) البيان ، ج 1 ، ص 70 . ( 12 ) مصادر ترجمته : الفهرست ، ص . 371 - 379 ؛ طبقات الأطباء والحكماء ، ص . 337 ؛ وعيون الأنباء في طبقات الأطباء ، ص . 285 - 293 ؛ والقفطي ، أخبار الحكماء ، ص . 240 - 247 ، والبغدادي ، هدية العارفين ، ج 1 ، ص . 537 - 544 ؛ وبروكلمان ، تاريخ الأدب العربي ، ج 4 ، ص . 127 - 136 ؛ والزركلي ، الأعلام ، ج 8 ، ص . 195 ؛ والزيات ، " تاريخ الأدب العربي " ، مجلة العربي ، العدد 214 ؛ والأهواني ، الكندي فيلسوف العرب ؛ وكحالة ، معجم المؤلفين ، ج 7 ، ص . 244 - 245 ؛ والدفاع ، نوابغ علماء العرب والمسلمين في الرياضيات ، ص . 88 - 93 . ( 13 ) إلا المصدر الأخير من مصادر ترجمته فقد قدر أن ولادته كانت سنة 185 هـ/801 م . ( 14 ) نشرت رسالة اللثغة للكندي بتحقيق محمد حسان الطيان في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق المجلد 60 ، الجزء 3 ، عام 1985 في الصفحات 515 - 532 منه . ويوجد في آخر هذا المقال نموذج منها يظهر فيه بداية الرسالة وخخطها ورسم بعض الأرقام منها . ( 15 ) هذا تقدير الأستاذ الفاضل عدنان جوهرجي وهو صاحب اختصاص لا ينكر في هذا الباب . ( 16 ) رسالة اللثغة ، ص . 521 - 523 . ( 17 ) رسالة اللثغة ، ص . 524 . ( 18 ) رسالة اللثغة ، ص . 526 . ( 19 ) انظر كتاب سيبويه ، ج 4 ، ص . 433 - 434 . ( 20 ) انظر الفصل الرابع في الأسباب الجزئية لحرف من حروف العرب من رسالة ابن سينا أسباب حدوث الحروف ، ص . 72 - 85 . ( 21 ) رسالة اللثغة ، ص . 529 . ( 22 ) البيان والتبين ، ج 1 ، ص . 34 . ( 23 ) الرافعي ، تاريخ آداب العرب ، ج 1 ، ص . 160 . ( 24 ) رسالة اللثغة ، ص . 523 . ( 25 ) رسالة اللثغة ، ص . 531 - 532 . ( 26 ) أمراض الكلام ،ص . 33 . ( 27 ) رسالة اللثغة ، ص . 523 . ( 28 ) رسالة اللثغة ، ص 530 . ( 29 ) البيان والتبيين ، ج 1 ، ص . 37 ؛ وجاء في الكامل ، ج 3 ، ص . 761 : التمتمة التردد في التاء ؛ وانظر أدب الكاتب ، . 137؛ والمخصص ن ج 2 ، ص . 118 ؛ واللسان ، ( تمم ) . ( 30 ) رسالة اللثغة ، ص . 530 . ( 31 ) لم أعثر على هذا المعنى من معاني المدموم في المعجمات . ( 32 ) رسالة اللثغة ، ص . 530 . ( 33 ) البيان والتنبين ، ج 1 ، ص . 39 . ( 34 ) الكامل ، ج 3 ص . 761 ؛ وانظر : اللسان ومتن اللغة ( عقل ) ؛ والمخصص ، ج 2 ، ص . 118 . ( 35 ) رسالة اللثغة ، ص . 530 . ( 36 ) تهذيب اللغة ، ج 8 ، ص . 204 . ( 37 ) رسالة اللثغة ، ص . 530 . ( 38 ) الكامل ، ج 3 ، ص . 761 . ( 39 ) المخصص ، ج 2 ، ص . 122 . ( 40 ) رسالة اللثغة ، ص . 530 . ( 41 ) البيان والتبين ،ج 1 ، ص . 37 ؛ وانظر : الكامل ، ج 3 ، ص 761 ؛ وأدب الكاتب ، ص . 137 ؛ و المخصص ، ج 2 ،ص 118 ؛ واللسان ( فأفأ ) . ( 42 ) رسالة اللثغة ، ص . 530 . ( 43 ) اللسان ( ختن ) . ( 44 ) رسالة اللثغة ، ص . 530 . ( 45 ) المخصص ، ج 2 ، ص . 118 - 119 . ( 46 ) الكامل ، ج 3 ، ص . 762 . ( 47 ). لم نرم هنا إلى حصر ألقاب أواخر الكلام كلها ، فدون ما ذكرنا ، عشرات الألقاب الأخرى ، ومن شاء التوسع فليعد إلى ابن سيده، المخصص ، ج 2 ، ص . 118 - 142 ، حيث حشد المؤلف نحوا من مائة لقب على أن بعضها يتداخل في بعضها الآخر إما لفظا وإما معنى. ( 48 ) اللسان ( بكأ ) . انظر : عيوب اللسان واللهجات المذمومة ، ص . 245 - 246 . ( 49 ) الكامل ، ج 3 ، ص . 762 . وانظر : عيوب اللسان واللهجات المذمومة ، ص . 248 . ( 50 ) اللسان ( تعع ) ؛ والمخصص ، ج 2 ، ص . 123 ؛ وانظر : عيوب اللسان واللهجات المذمومة ، ص . 249 . ( 51) اللسان ( لعثم ) ؛ وانظر : عيوب اللسان واللهجات المذمومة ، ص . 251 . ( 52 ) اللسان ( ججلع ) ؛ وأدب الكاتب ، ص 149 ؛ وانظر : عيوب اللسان واللهجات المذمومة ، ص . 253 . ( 53 ) اللسان ( حصر ) ؛ وانظر : البيان والتبين ، ج 1 ، ص . 3 وما بعدها ؛ والمخصص ، ج 2 ، ص . 123 - 124 ؛ وعيوب اللسان واللهجات المذمومة ، ص . 254 . ( 54 ) المخصص ، ج 2 ، ص . 122 ؛ وانظر : اللسان (حكل ) ؛ وعيوب اللسان واللهجات المذمومة ، ص . 255 . ( 55) اللسان ( رتت ) ( 56 ) الكامل ، ج 3 ،ص 792 ؛ وانظر : المخصص ، ج 2 ، ص . 118 . ( 57 ) أدب الكاتب ، ص . 137 ؛ وانظر : عيوب اللسان واللهجات المذمومة ، ص . 263 . ( 58 ) أدب الكاتب ؛ وانظر : عيوب اللسان واللهجات المذمومة ، ص . 263 . ( 59 ) الكامل ، ج 3 ، ص . 762 . ( 60 ) المخصص ، ج 2 ، ص 122 ؛ وانظر : اللسان ( طمم ) . ( 61 ) المخصص ، ج 2 ، ص . 119 ؛ وانظر : اللسان ( عجم ) ؛ وعيوب اللسان ، ص . 269 . ( 62 ) اللسان ( علم ) . ( 63 ) أدب الكاتب ، ص . 136 - 137 ؛ وانظر : اللسان ( فقم ) ؛ وعيوب اللسان ، ص . 278 . ( 64 ) اللسان ( فلح ) . ( 65 ) المخصص ، ج 2 ، ص . 122 ؛ وانظر : اللسان ( فهه ) ؛ وعيوب اللسان ، ص . 278 - 279 . ( 66 ) اللسان ، ( لجلج ) ، وانظر : المخصص ، ج 2 ،ص . 122 ؛ وعيوب اللسان ، ص . 284 - 285 ؛ وأمراض الكلام ، ص 330. ( 67 ) الكامل ، ص 330 . ( 68 ) الكامل ، ج 3 ، ص . 762 . وانظر : المخصص ، ج 2 ، ص . 118 ؛ واللسان ( لفف ) ؛ وعيوب اللسان ، ص . 292 -293 ( 69 ) المخصص ، ج 2 ، ص . 119 ؛ وانظر : اللسان ( مقق ) ؛ وعيوب اللسان ، ص . 295 . ( 70 ) تهذيب اللغة ، ج 5 ، ص . 358 ؛ وانظر : اللسان ( هتت) ؛ وعيوب اللسان ، ص . 296 ؛ وأمراض الكلام ، ص . 323 - 324 . ( 71 ) انظر البحث الذي قدمه الدكتور محمد مراياتي في الندوة العلمية الخامسة للاتحاد العربي للهئيات العامة في رعاية الصم ، دمشق ، 7- 9 / 11 / 1993 . ، بعنوان تقنيات مستقبلية لتعليم الصم ومساعدتهم .

هناك تعليقان (2):